شرح القراءات
“الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ” (٢تي ١: ٩)
[الذي من قبل صلاحك دعوت بولس هذا الذي كان طاردًا زمانًا إناءًا مختارًا] (سر البولس).
[ليته لا يهمل أحد في مقابلة الملك لئلا يُطرد من حجال العريس. ليته لا يوجد بيننا من يستقبله بكآبة، لئلا يُدان كمواطنٍ شرير يرفض استقباله كملكٍ عليه. لنأتِ إليه معًا ببهجة، ولنستقبله بفرح، ونتمسك بوليمتنا بكل أمانة] (الأب ميثوديوس)[1]
شرح القراءات
تتكلّم قراءات هذا اليوم عن المدعوّين وعن دعوة الله الآب لكل البشر في كل مكان وزمان لأجل خلاصهم كما تبرز القراءات طبيعة المدعوّين وإتّساع قلب الآب للكل.
تبدأ القراءات بسفر التكوين الذي نرى فيه إحدي صفات المدعوّين الذين يبحثون عن البركة ويقدّرون قيمتها لأجل هذه رُفِضٓت دعوة عيسو وقُبِلٓت دعوة يعقوب لأن الأول إستهان بها والثاني صارع لأجلها.
“ها هى رائحة ثياب ابني كرائحة حقل قد باركه الرب يعطيك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض وكثرة حنطة وخمر”.
ويعلن سفر إشعياء عن طبيعة المدعوّين.
“وسيرعى أبكار البائسين والمساكين من الناس يستريحون بسلام إن الرب قد أسس صهيون وبها يعتصم بائسو شعبه”.
ويستنجد أيوب بالله الساكن في الأعالي الذي ينتظر منه وحده قضاؤه.
“والآن لي شاهداً في السماء ومحاكماً عني في الأعالي تبلغ إلى الله طلبتي ودمع عيناي تفيض أمامه وتكون محاكمة الانسان أمام الله ولابن بشر أمام خليله”.
ويظهر برّ الآب في مزمور باكر في إنصاته لصلواتنا وإستجابته لتضرعاتنا.
“انصت يا الله لصلاتي ولا تغفل عن تضرعي ارحمني واستجب لي فإن لك قال قلبي”.
ويعلن إنجيل باكر المدعوّين الحقيقيين من يختاروا بإرادتهم الحرّة ومسرّتهم المُتّكأ الأخير.
“ولكن إذا دُعيت فامضِ واتكئ في المكان الأخير حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك … ارتفع إلى فوق فحينئذ يكون لك مجد أمام كل المتّكئين معك”.
كما أن المدعوّين أيضاً هم من يخدمون أصحاب المُتّكأ الأخير والضعفاء والمُهْمٓلين.
“لكن إذا صنعت وليمة فادعُ المساكين والضعفاء والعرج والعميان فتصير مغبوطاً إذ ليس لهم مايكافئونك به لأنك ستعطي المكافأة عنهم في قيامة الأبرار”.
ويوضّح البولس أن الدعوة للتبنّي للآب هى شهادة الروح فينا وأنين النفس والمدعوّين الحقيقيين هم من ينقادون بروح الله.
“فإن الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب والروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله بل نحن الذين لنا باكورة الروح نحن أيضاً نئن في أنفسنا منتظرين التبني فداء أجسادنا”.
ويتكلّم الكاثوليكون عن المدعوّين للرعاية والخدمة.
“اعترفوا بعضكم لبعض بخطاياكم وصلوا بعضكم لأجل بعض لكيما تعافوا فإنه توجد قوة عظيمة فعالة في طلبة البار”.
وعن المدعوّين للتوبة والإفتقاد الإلهي. “يا إخوتي إن ضلّ أحدكم عن طريق الحق فرده أحد فليعلم أن من يرد خاطئاً عن ضلال طريقه فإنه يخلص نفسه من الموت ويستر كثرة من الخطايا”.
وتتّسع الحظيرة في الإبركسيس لتشمل كل الشعوب والأمم.
“فإن كان الله قد أعطى مساواة الموهبة للذين آمنوا بالرب يسوع المسيح مثلنا فمن أنا حتى أمنع الله، فلما سمعوا ذلك سكتوا وكانوا يمجدون الله قائلين إذاً قد أعطي الله الأمم أيضاً التوبة للحياة”.
وتعلن النفس في مزمور القدّاس يقينها من محبة الآب وبرّه الإلهي في إستجابة الصلاة.
“أنا صرخت إلى الله والرب استجاب لي كلامي أقوله فيسمع صوتي”.
ويختم إنجيل القدّاس بمثل وكيل الظلم الذي يظهر فيه الذين نالوا الرحمة وتخفيف الديون عنهم حتى لو كانت نتيجة حكمة وكيل الظلم ومصلحته الخاصّة لكن إستحق هذا التصرف المدح من صاحب الوكالة، فرحمة الآخرين وتخفيف أوجاعهم يمكن أن يجعل المديونيين أصدقاء أمام الله لمن رحمهم ويكونوا هم أيضا واسطة خلاصه وعلّة رحمته.
“فدعى كل واحد من مديوني سيده وقال للأول كم عليك لسيدي فقال مئة بث زيت، فقال له خذ صكك واجلس عاجلاً واكتب بخمسين، فمدح السيد وكيل الظلم لأنه صنع بحكمة لأن أبناء هذا الدهر أحكم من أبناء النور في جيلهم وأنا أيضاً أقول لكم اجعلوا لكم أصدقاء من مال الظلم حتى إذا أدرككم الإضمحلال يقبلونكم في المظال الأبدية”.
ملخّص القراءات
سفر التكوين | من يصارع من أجل البركة ومن يستهين بها. |
سفر إشعياء | البائسين والمساكين هم المدعوّين للراحة. |
سفر أيوب | الساكن في الأعالي هو نجدة وملجأ المدعوّين. |
مزمور باكر والقدّاس | يقين النفس من برّ الآب في إستجابته صلواتها وتضرعاتها. |
البولس | الدعوة للتبنّي يشهد لها الروح وتئن من أجلها النفس البشرية. |
الكاثوليكون | المدعوّين للرعاية ينشغلون بالمدعوين للإفتقاد الإلهي من ضلال العالم. |
الإبركسيس | الحظيرة تتّسع لكل الشعوب والأمم. |
إنجيل القدّاس | أعمال الرحمة حتى لو كانت لأجل الناس يمكن أن تجعلهم علّة رحمتنا وإفتقاد الله لنا. |
الكنيسة في قراءات اليوم
إنجيل باكر والقدّاس | المكافأة للأبرار والمظال الأبديّة |
البولس | التبنّي للآب |
الكاثوليكون | سر التوبة والإعتراف |
الإبركسيس | قبول الأمم |
عظات آبائية :
شرح مثل وكيل الظلم - القديس كيرلس الإسكندري
” المعلمون الاكثر خبرة و امتيازا عندما يرغبون في تثبيت اي تعليم هام في عمق اذهان تلاميذهم فانهم لا يغفلون اي نوع من التفكير يستطيع ان يلقي ضوءا علي الغرض الرئيسي لافكارهم
فمرة ينسجون الحجج معا ومرة اخري يستخدمون امثلة مناسبة و هكذا يجمعون من كل حدب وصوب اي شئ يخدم غرضهم
وهذا ما نجد ان المسيح ايضا يفعله في اماكن كثيرة وهو الذي يعطينا كل حكمة
لانه كثيرا ما يكرر نفس الحجج بعينها حول الموضوع ايا كان لكي ما يرشد ذهن سامعيه الي الفهم لكلماته بدقة
لذا اتوسل اليكم ان تنظروا ثانية الي مغزي الدروس الموضوعة امامنا لانه هكذا ستجدون ان كلماتنا صحيحة وهو يقول ” الامين في القليل ايضا في الكثير والظالم في القليل ايضا في الكثير”
لكن قبل ان استرسل اعتقد انه من المفيد ان نتامل في ما هي مناسبة مثل هذا الحديث ومن اي اصل نشا لان بهذا سيصير معني الكلام واضحا جدا
كان المسيح انذاك يعلم الاغنياء ان يشعروا ببهجة خاصة في اظهار الشفقة والعطف نحو الفقراء وفي مد يد العون لكل من هم في احتياج وهكذا يكنزون لهم كنوزا في السماء ويتفكرون مقدما في الغني المدخر لهم لانه قال : “اصنعوا لكم اصدقاء بمال الظلم حتي اذا فنيتم يقبلونكم في المظال الابدية” (لو ١٦ : ٩)
لكن اذ هو اله بالطبيعة فهو يعرف جيدا كسل الذهن البشري من جهة كل عمل جاد وصالح ولم يغب عن معرفته ان البشر في طمعهم في المال والثروة يسلمون ذهنهم لحب الربح واذ تتسلط عليهم هذه الشهوة فانهم يصيرون قساة القلوب ولا يبدون مشاركة وجدانية في الالم ولا يظهرون اي شفقة ايا كانت للفقراء رغم انهم قد كدسوا ثروات كثيرة في خزائنهم .
لذلك فاولئك الذين يتفكرون هكذا ليس لهم نصيب في هبات الله الروحية وهذا ما يظهره الرب بامثلة واضحة جدا اذ يقول : ” الامين في القليل امين ايضا في الكثير والظالم في القليل ظالم ايضا في الكثير”
يا رب اشرح لنا المعني وافتح عين قلبنا . لذلك انصتوا اليه بينما هو يشرح بوضوح ودقة ما قاله : ” ان لم تكونوا امناء في مال الظلم فمن ياتمنكم علي الحق ؟ “(لو ١٦ : ١١)
فالقليل اذا هو مال الظلم اي الثروة الدنيوية التي جمعت في الغالب بالابتزاز والطمع. اما من يعرفون كيف يعيشون بالتقوي ويعطشون الي الرجاء المكنوز لهم ويسحبون ذهنهم من الارضيات ويفكرون بالاحري في الامور التي فوق فانهم يزدرون تماما بالغني الارضي لانه لا يمنح شيئا سوي الملذات والفجور والشهوات الجسدانية الوضيعة و الابهة التي لا تنفع بل هي ابهة مؤقتة وباطلة وهكذا يعلمنا يوحنا الرسول قائلا : ” لان كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ” (١يو ٢ : ١٦)
لكن مثل هذه الاشياء هي لا شئ بالمرة لمن يحيون حياة رزينة وتقية لانها اشياء تافهة ومؤقتة ومملؤة بالنجاسة وتؤدي الي النار و الدينونة ونادرا ما تستمر الي نهاية حياة الجسد وحتي ان استمرت فانها تزول علي غير توقع عندما يحل اي خطر باولئك الذين يمتلكونها
لذلك يوبخ يعقوب الرسول الاغنياء بقوله : “هلم الان ايها الاغنياء ابكوا مولولين علي شقاوتكم القادمة غناكم قد تهرا وثيابكم قد اكلها العث ذهبكم وفضتكم قد صدئا وصداهما يكون شهادة عليكم “
(يع ٥ : ١ -٣)
فكيف صدا الذهب والفضة ؟ بكونهما مخزونين بكميات هائلة وهذا بعينة هو شهادة ضدهم امام منبر الدينونة الالهي لكونهم غير رحومين لانهم جمعوا في كنوزهم كميات كبيرة لا يحتاجون اليها ولم يعملوا اي اعتبار لمن كانوا في احتياج مع انه كان في استطاعتهم – لو هم رغبوا – ان يصنعوا خيرا بسهولة لكثيرين ولكنهم لم يكونوا امناء في القليل .
لكن باي طريقة يمكن للناس ان يصيروا امناء ؟
هذا ما علمنا اياه المخلص نفسه بعد ذلك ………
طلب احد الفريسيين منه ان ياكل خبزا عنده في يوم السبت وقبل المسيح دعوته ولما مضي الي هناك جلس لياكل وكان كثيرون اخرون ايضا مدعوين معه ولم يكن احد منهم تظهر عليه سمات الفقر بل علي العكس كانوا كلهم من الوجهاء وعلية القوم ومحبين للمجالس الاولي ومتعطشين للمجد الباطل كما لو كانوا متسربلين بكبرياء الغني . فماذا قال السيد المسيح لمن دعاه : “إِذَا صَنَعْتَ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً فَلاَ تَدْعُ أَصْدِقَاءَكَ وَلاَ إِخْوَتَكَ وَلاَ أَقْرِبَاءَكَ وَلاَ الْجِيرَانَ الأَغْنِيَاءَ، لِئَلاَّ يَدْعُوكَ هُمْ أَيْضًا، فَتَكُونَ لَكَ مُكَافَاةٌ.
بَلْ إِذَا صَنَعْتَ ضِيَافَةً فَادْعُ: الْمَسَاكِينَ، الْجُدْعَ، الْعُرْجَ، الْعُمْيَ،
” (لو ١٤ : ١٢ - ١٤) فَيَكُونَ لَكَ الطُّوبَى إِذْ لَيْسَ لَهُمْ حَتَّى يُكَافُوكَ، لأَنَّكَ تُكَافَى فِي قِيَامَةِ الأَبْرَار
هذا هو اذا ما اعتقد انه معني ان يكون الانسان امينا في القليل اي ان تكون له شفقة علي من هم في احتياج ويوزع مساعدة مما لديه لمن هم في ضيق شديد
لكن نحن بازدرائنا بالطريق المجيد والذي له مجازاة اكيدة فاننا نختار طريقا معيبا وبلا مكافاة وذلك بان نعامل باحتقار من هم في فقر مدقع بل ونرفض احيانا ان نسمح لكلماتهم ان تدخل اذاننا بينما نحن من ناحية اخري نقيم وليمة مكلفة وببذخ شديد اما لاصدقاء يعيشون في رغد او لمن اعتادوا ان يمدحوا او يداهنوا جاعلين كرمنا فرصه لاشباع حبنا للمديح
لكن هذا لم يكن هو قصد الله من سماحه لنا ان نمتلك ثروة
لذلك فان كنا غير امناء في القليل بعدم تكييف انفسنا وفقا لمشيئة الله وباعطاء افضل قسم من انفسنا لملذاتنا وافتخاراتنا فكيف يمكننا ان ننال منه ما هو حق ؟ ( او ما هو حقيقي ) وماذا يكون هذا الحق ؟ هو الانعام الفائض لتلك العطايا الالهية التي تزين نفس الانسان وتجعل فيها جمالا شبيها بالجمال الالهي .
هذا هو الغني الروحي وليس الغني الذي يسمن الجسد الممسك بالموت بل هو بالاحري ذلك الغني الذي يخلص النفس ويجعلها جديرة بان يقتدي بها ومكرمة امام الله والذي يكسبها مدحا وامجاد حقيقية .
لذلك فمن واجبنا ان نكون امناء لله و انقياء القلب رحومين وشفوقين ابرارا وقديسين لان هذه الامور تطبع فينا ملامح صورة الله وتكملنا كورثة للحياة الابدية وهذا اذن هو ” الحق “
وكون ان هذا هو مغزي ومقصد كلمات المخلص فهذا هو ما يمكن لاي شخص ان يعرفه بسهولة مما يلي لانه يقول ” ان لم تكونوا امناء فيما هو للغير فمن يعطيكم ما هو لكم ؟ “.
وايضا نحن نقول ان ” ما هو للغير ” هو الغني الذي نمتلكه لاننا لم نولد اغنياء بل علي العكس فقد ولدنا عراة ويمكننا ان نؤكد هذا عن حق بكلمات الكتاب : “لاننا لم ندخل العالم بشئ وواضح اننا لا نقدر ان نخرج منه بشئ “(١تي ٦ : ٧) لان ايوب الصبور قد قال ايضا شيئا من هذا القبيل :” عريانا خرجت من بطن امي وعريانا اعود الي هناك “(اي ١ : ٢١) .
لذلك فلا يملك اي انسان بمقتضي الطبيعة ان يكون غنيا وان يحيا في غني وفير بل ان الغني هو شئ مضاف عليه من خارجه فهو مجرد امكانية ( اي يمكن ان يوجد او لا يوجد ) فلو باد الغني وضاع فهذا امر لا يخل بخصائص الطبيعة البشرية فانه ليس بسبب الغني نكون كائنات عاقلة وماهرين في كل عمل صالح بل ان هذه هي خاصية للطبيعة البشرية ان نتمكن من عمل هذه الاشياء
لذاك كما قلت فان ” ما هو للغير ” لا يدخل ضمن خصائص طبيعتنا بل علي العكس فمن الواضح ان الغني انما هو مضاف الينا من الخارج .
ولكن ماهو لنا وخاص بالطبيعة البشرية هو ان نكون مؤهلين لكل عمل صالح كما يكتب الطوباوي بولس : ” قد خلقنا لاعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكي نسلك فيها ” (اف ٢ : ١٠)
لذلك فعندما يكون البعض غير امناء ” فيما هو للغير ” اي في تلك الاشياء التي هي مضافة اليهم من الخارج فكيف سينالون ما هو لهم ؟ كيف سيصيرون شركاء الخيرات التي يعطيها الله والتي تزين نفس الانسان وتطبع فيه جمالا الهيا يتشكل فيها روحيا بواسطة البر والقداسة وبتلك الاعمال المستقيمة التي تعمل في مخافة الله .
لذلك ليت من يمتلكون منا ثروة ارضية يفتحون قلوبهم لاولئك الذين هم في احتياج وعوز ولنظهر انفسنا امناء ومطيعين لوصية الله وتابعين لمشيئة ربنا في تلك الاشياء التي هي من خارج وليست هي لنا لكي ما ننال ما هو لنا الذي هو ذلك الجمال المقدس والعجيب الذي يشكله الله في نفوس الناس اذ يصوغهم علي مثاله بحسب ما كنا عليه في الاصل .
اما انه شئ مستحيل لشخص واحد بعينه ان يقسم ذاته بين متناقضات ويمكنه مع ذلك ان يحيا حياة بلا لوم فالرب يوضح هذا بقوله ” لا يقدر خادم ان يخدم سيدين لانه اما ان يبغض الواحد ويحب الاخر او يكرم الواحد ويحتقر الاخر ” (لو ١٦ : ١٣)
وهذا في الواقع مثال واضح وصريح ومناسب جدا لشرح الموضوع الذي امامنا لان الذي يترتب علي هذا هو خلاصة المناقشة كلها ” لانكم لا تقدرون ان تخدموا الله والمال ” وهو يقول : لانه لو كان لانسان ان يكون خادما لسيدين لهما مشيئتان مختلفتان ومتضادتان وفكر كل واحد منهما غير قابل للتصالح مع الاخر فكيف يمكنه ان يرضيهما كليهما ؟ لانه بسبب كونه منقسما في سعيه ان يعمل ما يوافق عليه كل منهما يكون هو في نفسه تعارض مع مشيئتيهما معا وهكذا فان نفس الشخص يلزمه حتما ان يظهر انه شرير وصالح ولذلك يقول الرب انه لو قرر انه ان يكون امينا للواحد فانه سيبغض الاخر وهكذا سيعتبره طبعا كلا شئ لذلك يستحيل ان نخدم الله والمال .
فمال الظلم الذي يقصد به الغني هو شئ يسلم للشهوانية وهو معرض لكل لوم ويولد الافتخار ومحبة اللذه ويجعل الناس غلاظ الرقبة واصدقاء للاشرار ومتكبرين نعم اية رذيلة دنيئة لا يسببها في اولئك الذين يمتلكونه ؟
لكن مسرة الله الصالحة تجعل الناس لطفاء هادئيين متواضعين في افكارهم طويلي الاناة رحومين ولهم صبر نموذخي غير محبين للربح غير راغبين في الغني وقانعين بالقوت والكسوة فقط ويهربون علي الاخص من محبة المال الذي هو اصل لكل الشرور (١تي ٦ : ١٠) ويباشرون بفرح الاتعاب لاجل التقوي ويهربون من محبة اللذة ويتحاشون باجتهاد كل شعور بالتعب والكلل في الاعمال الصالحه ودائما يقدرون السعي الي الحياة باستقامة وممارسة كل اعتدال باعتبار ان هذه الاشياء هي التي تربح لهم المكافاة .
هذا هو ” ما هو لنا ” وما “هو الحق ” هذا هو ما سيصبغه الله علي من يحبون الفقر ويعرفون كيف يوزعون - علي من هم في احتياج – ” ماهو للغير ” وياتي من الخارج اي غناهم الذي يعرف ايضا باسم المال .
فليته يكون بعيدا عن ذهن كل واحد منا ان نكون عبيدا له ( المال ) لكي بهذا يمكننا بحرية وبدون عائق ان نحني عنق ذهننا للمسيح مخلصنا كلنا الذي به ومعه لله الاب يحق التسبيح والسلطان مع الروح القدس الي ابد الابدين امين
تفسير إنجيل لوقا للقديس كيرلس الأسكندري ( صفحة ٥٣٠ ) - ترجمة د. نصحي عبد الشهيد
المظال الأبدية للقديس يوحنا ذهبي الفم :
لأنه من حيث أن الرسول بولس ، لم ينل بعد إكليله ، ولا أي أحد آخر من أولئك الذين أرضوا الله بأعمالهم الصالحة منذ البداية ، ولن يأخذه أحد ، حتى يصل جميع العتيدين أن ينالوا هذا الإكليل ، إسمع ماذا قال الرسول بولس نفسه ، يقول : ” قد جاهدت الجهاد الحسن ، أكملت السعي حفظت الإيمان ، وأخيراً قد وضع لى إكليل البر ، الذى يهبه لى في ذلك اليوم ، الرب الديان العادل ، وليس لى فقط ، بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً ” . وفى موضع آخر أيضاً ، يثبت بأن خيرات الدهر الآتى ستعطى لكل من أرضى الله بشكل مشترك ، إذ يقول : ” إذ هو عادل عند الله أن الذين يضايقونكم يجازيهم ضيقاً ، وإياكم الذين تتضايقون راحة معنا ، عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته ” . وأيضاً : ” إننا نحن الأحياء الباقين إلى مجئ الرب ، لا نسبق الراقدين ” . هكذا يعلن الرسول بولس من خلال كل هذا ، كيف أنه ينبغي للجميع معاً أن يتمتعوا بالكرامة السمائية. هذا ومن ناحية آخرى ، يفرح أولئك الذين سبقوا ورحلوا إلى الحياة الأبدية ، طالما أنهم سيتمتعوا بهذه الخيرات التي لا يعبر عنها مع أخصائهم . لأنه عندما يشارك الأب الجسدى في مائدة عامرة بالأطعمة الفاخرة ، سيكون أكثر فرحاً ، عندما يشاركونه أبناؤه التمتع بهذه المائدة . هكذا الرسول بولس ، وكل الذين تمثلوا به ، سيشعرون بالفرح أكثر ، عندما يتمتعون بخيرات الدهر الآتى مع أعضاء الجسد الواحد. لأن الآباء لا يظهرون حنو تجاه أبناءهم ، بقدر الاهتمام الذى يبدونه الذين رحلوا لمن حققوا نفس الإنجازات معهم . إذاً لكى نصير نحن أيضاً بين صفوف الذين سيتمجدون لنحرص على أن نصل إلى مستوى أولئك القديسين . وكيف نصل إليهم ؟ ومن سيرينا الطريق الذى سيقود إلى هناك (الحياة الأبدية ) ؟ الرب نفسه ، الذى يعلمنا ليس فقط ، كيف سنحلق بهم ، بل أيضاً كيف سنصبح مرافقين لهم في سكناهم ” اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلمة ، حتى إذا فنيتم يقبلونكم في المظال الأبدية ” . وحسناً قال المظال الأبدية لأنه حتى وإن كان لديك بيتاً فاخراً وباهراً ، إلا أنه لا يزول مع مرور الزمن . بل ويمكن حتى قبل أن يزول بفعل الزمن ، أن ينهى الموت حياتك ، ويخرجك خارج هذا البيت المشرق . ومن ناحية أخرى في مرات عديدة ، حتى قبل أن يداهمك الموت ، فإن ظروف صعبغفى الحياة ، مثل حملات النميمة والوشاية ، والإتهام بالباطل ، يلقى بك خارج هذا البيت الفاخر . أما في الحياة الأبدية فلا شيء من كل هذا ، يمكن أن يخيف المرء ، لا فساد الطبيعة ، ولا موت ولا الكوارث ، ولا شرور النمامين ، ولا أي شيء آخر مشابه لذلك ، لأن السكن ثابت ، والسكنى خالدة. لذلك دعاها ” بالمظال الأبدية ” . يقول : ” إصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم ” . وانتبهوا إلى المحبة الفائقة والرافة التي للرب نحو البشر ، لأنه لم يضع هذه الإضافة ( مال الظلم ) ، هكذا مصادفة ، لأن أغنياء كثيرون قد جمعوا أموالهم بالسرقة ، والطمع . يقول : لقد صنعت بذلك شراً ، وما كان ينبغي أن تلجأ إلى هذه الطريقة ، لكن بعدما تكون قد جمعتها توقف عن السرقة ، والطمع ، وإستخدم مالك كما ينبغي. أنا لا أقول لك أن تسرق ، حتى تصنع إحساناً للغير ، بل لتترك الطمع ، وتدير ثروتك بما يتفق مع عمل الخير ، والبر بالفقراء . لكن حتى وإن وضع الغنى أموالاً لا حصر لها في أيدى فارغة أي في أيدى المحتاجين ، بينما هو لا يزال يسرق ، فإن الله يعتبر مثل هذا الإنسان ، شبيه بمن يمارس الإجرام . لذلك يجب أولاً أن يترك الطمع ، وبعد ذلك يحسن إلى الفقراء . لأن قوة الإحسان وفعل الخير ، هي عظيمة جداً ، وقد حدثتكم عنها في إجتماعنا السابق ، والآن سأكلمكم عنها مرة أخرى . لكن لا يجب أن يتصور أحد ، أن هذه التذكرة المستمرة تشكل إتهاماً للسامعين . إذ أن المشاهدين في المنافسات الرياضية ، يقومون بتشجيع العدائين الذين يرونهم يقتربون أكثر من الحصول على الجائزة ، ولديهم رجاء كبير بالفوز النهائي . ولأنني أراكم دوماً تريدون أن تستمعوا لكلام عن عمل الخير والإحسان برغبة متميزة ، لذلك فأنا بإستمرار ، أحثكم على ذلك .
المرجع : كتاب الحقيقة والظلال للقديس يوحنا ذهبي الفم ( صفحة ٨٨ ) - ترجمة دكتور سعيد حكيم يعقوب
عظات آباء وخدام معاصرون :
ما الذى أسمعه عنك ؟ البابا تواضروس الثاني
يوم الأثنين من الأسبوع الرابع لقداسة البابا تواضروس الثاني لو ( ١٦ : ١ – ٩ )
ما الذى أسمعه عنك ؟
السؤال الذي يقوله السيد والمرموز له بالله في هذا المثل هو : ” ما الذي أسمعه عنك ؟ أعط حساب وكالتك “، وهذا السؤال من الأسئلة الحياتية لشخص الإنسان في حياته على الأرض ، وكأن السيد المسيح يسأله لك في كل حين ، ويعتبر هذا السؤال وقفة لكي ما يعيد الإنسان النظر في نفسه ويصلح من ذاته .
القصة باختصار في هذا المثل أنه يوجد سيد له وكيل ، وهذا الوكيل هو الذي يقوم بأعماله ، والمفترض في الوكيل ان تكون أمانته مئة في المئة ، فالأمانة لا تتجزأ .
هذا الوكيل وصلت أخبار عنه أنه لا يقوم بمسئوليته جيداً ، وكانت النتيجة أن دعاه سيده وطلب منه إنهاء هذه الوكالة ، فبدأ الوكيل يفكر ماذا يفعل بعد أن يترك الوكالة وليس له أي مكان يعمل فيه بعد ذلك ؟! وبدأ يخطط للمستقبل ، فقام ودعا مديوني سيده وأخذ يخفض في صك المديونية ، فمن عليه مئة بث زيت يكتبه خمسين ، ومن عليه مئة كر قمح يكتبه ثمانين ، لقد فكر في عمل ذلك بحيث أن هؤلاء المديونين يقبلون بعدما يطرد من الوكالة .
* معنى الوكيل :
الوكيل هو شخص يؤتمن على جزء من ثروة سيده أو ما يملكه سيده ، والمفترض أن يتحلى بالأمانة المطلقة فهو لا يملك لكنه يدير ، ويعرف تماماً من أين تأتي الثروة ، ولا بد أن يعرف أنه ذات يوم سوف يقدم حساباً عن هذا الوكالة . بهذه الصورة تصير الوكالة مسئولية ، فالشخص الوكيل في أي عمل سوف يقف أمام الله ويسأل ماذا فعلت ؟
وكل البشر الذين خلقهم الله على وجه الأرض أعطى الله لكل واحد فيهم شكل من أشكال الوكالة ، فمن هذه الوكالة تكون المسئولية ، وعن الوكالة تصير الأمانة هي المقياس لحياة البشر.
* صور الوكالة :
١ - في نطاق الأسرة : قد يكون الزوج هو الوكيل عن أسرته وهو المسئول عنها ، وبالمثل تكون الزوجة لها مسئولية ودور في أسرتها ، وسوف يسأل عنها الإنسان أمام الله ، ولذلك في تكوين الأسرة أو في اختيار شريك الحياة لا يجب أن تكون هذه المسئولية خاضعة للعواطف فقط ؛ لأنه سيأتي يوم من الأيام سوف تقف فيه أمام الله وتسأل عن هذا الاختيار .
٢ في نطاق الدراسة : الطالب أو الطالبة وكيل على ما يدرسه ، فالدراسة تُوضع في إطارنظامي حتى أنهم يقولون ” سنة دراسية أو سنة جامعية “، والطالب وكيل عن هذه الدراسة ومسئول عنها ، ويأتي يوم الامتحان ويتقدم فيه الطالب ويسأل عما تم دراسته طوال العام .
٣ - في نطاق التربية : الأب والأم في البيت لهما وكالة عن أبنائهم ، فعن مسئولية التربية يقول أحد النساك : ” إن إكليل تربية إنسان يساوي إكليل نسك راهب “، فإذا أهمل الأب أوالأم في أية صورة من صور التربية تكون وكالته غير أمينة وبالتالي يسأل أمام الله . في بعض الدول المتقدمة عندما يوجد الأب أو الأم في حالة استهتار من ناحية تربية أولادهم يتم سحب هذه المسئولية منهم ثم تتولى الدولة تربيتهم ورعايتهم في بيوت خاصة بذلك .
٤- في نطاق الخدمة : نجد الشماس والكاهن والأسقف في الكنيسة هو وكيل عن خدمته ، فالشماس مسئول عن شماسيته وهذه مسئولية شخصية ، أما الأب الكاهن وكذلك الأسقف مسئول عن رعايته لأبنائه ومسئول عن كنيسته وعن إيبارشيته وعن خدمته . هذه الوكالة منحها الله للإنسان ويعطي معها إمكانية هذا العمل ، ولكن سيأتي اليوم الذي يقف فيه الإنسان ويسمع هذا السؤال : ” ما هذا الذي أسمعه عنك ؟ اعطنى حساب وكالتى ” .
٥- في نطاق الاقتصاد : ينطبق هذا الكلام على التجار والعمال والصناع وعلى كل من هم في دوائر العمل ، وتوجد نوعيات من الوكالة ذات نطاق أوسع وأشمل مما سبق ذكره.
* أنماط الوكالة المتعددة :
+ الإنسان وكيل عن وقته ومسئول عن العمر الذي أعطاه له الله ، فكل إنسان في كل صباح يأخذ ٢٤ ساعة جديدة سواء كنت خادماً أو خادمة أو كنت تخدم في دائرة الكنيسة بأي شكل من أشكال الخدمة أو في التكريس أو في أي عمل ، كيف تستغل وقتك ؟ الوقت عطية لا تعوض وإن مرت دقيقة لا يمكن إعادتها مرة أخرى ، ولذلك الإنسان الوكيل على وقته أو المسئول عن وقته أو الأمين عن وقته ، لا بد أن يكون في منتهى التدقيق ومنتهى الالتزام ، فمن علامات تقدم الشعوب الالتزام بالوقت، الله يعطيك الوقت ويجعلك وكيلا عليه ويعطيك العمر ويجعلك وكيلا عليه .
+ كذلك كل إنسان مسئول عن صحته ، فالصحة عطية سامية ، ولذلك نجد كثير من الدول تبذل جهداً كبيراً وأموالا كثيرة كي تكافح عادات رديئة مثل الإدمان ؛ لأن الإدمان يجعل الإنسان غير أمين على صحته ، وعندما يتعلم الإنسان عادة من العادات الرديئة ويمارسها ، فقد صار غير أمين ويستحق أن يسمع السؤال : ” ما هذا الذي أسمعه عنك ؟ أعطني حساب وكالتك “. ويصبح هذا الإنسان غير فعال في المجتمع ، فالصحة تحتاج لمن يصونها ويحفظها .
كذلك الإنسان وكيل على حواسه ، فأنت وكيل عما تراه وعما تسمعه ، لذلك خلق الله لعيني الإنسان جفون يغلقهما كي لا يرى ما لا يريد رؤيته . كذلك الأذن فقد يمكن أن أسمع شيئا ما لكنه لا يستقر في أعماقي ، لذلك خلق الله الأذنين أمام بعضهما ، فعندما أسمع الشيء يقوم العقل بتحليله فإذا كانت مفيدة يختزنها ، أما إذا كانت غير مفيدة فتخرج وتنتهي ، أذنك وسمعك وكالة .
+ أيضاً أنت وكيل ومسئول عن فكرك وعقلك ، هل تشبع عقلك بما يفيد ، أحياناً نقول : ” فلان عقله فارغ “، وهناك من هو عقله شبعان ومثقف وقارئ وعارف ومحاور …
هل تحفظ نقاوة عقلك ؟ هل فكرك معتدل ؟ هل تستفيد من تجارب الآخرين ، ومن تجارب الشعوب ؟ هل أنت صاحب الفكر الواسع؟ + هناك أيضاً وكالة عن المال ، وهي بيت القصيد في هذا المثل ، وأريدك أن تعرف أن الكتاب المقدس فيه أكثر من ألفين آية تتكلم عن موضوعات مرتبطة بالمال ، وقد اهتم السيد المسيح بهذا الموضوع لأنه قد يسقط كثيرين ، فلا يستطيع أحد أن يعبد سيدين إما الله أو المال ، وصارت دائرة المال تتحكم في حياة الإنسان بكل شكل ممكن .
+ هناك أيضا مسئولية وكالة عن الوطن ، عندما يعيش الإنسان في وطنه يكون مسئولا عنه ، ومن هنا يظهر حق المواطن في الشعوب وفي إدارة الدول ، فقد ظهر ما يسمى بحق المواطنة ، وصار المواطن في دولة ما له حقوق وعليه واجبات ، لذلك عندما تحدث جرائم خيانة الوطن فهي تستوجب أشد العقوبات ، لأن الشخص المجرم لم يكن أمينا على وطنه .
+ هناك وكالة عن البيئة التي نعيشها والطبيعة التي أوجدها الله ، فلا بد من المحافظة عليها ، فعلى سبيل المثال في مصرنا نتباهى بنهر النيل وبعظمة تاريخه ، ولذلك نحن المصريين نحب أن نعيش حول النيل ، فالنيل شريان الحياة وتكون المأساة عندما يسقط الإنسان في هذه الأمانة ويلوث النهر الذي نرتوي منه وهو سبب الحياة على الأرض ، فهل أنت أيها الإنسان أمين على هذه العطية ” البيئة “، وما نقوله على البيئة يقال على الطبيعة وثرواتها بصفة عامة . عندما دخل العالم في الثورة الصناعية وبدأ يشيد مصانع كثيرة كانت سبباً في تلوث الهواء وكانت الغازات المحملة بثاني أكسيد الكربون سبباً في التأثير على الغلاف الجوي الذي ترتب عليه ” ثقب الأوزون ” وبدأ يؤثر على حرارة الجو مما ترتب عليه ضعف النباتات والمزروعات .
+ أيضا الإنسان مسئول ووكيل عن جمال الطبيعة التي نقول عنها أحياناً ” البيئة النظيفة “، فجمال الطبيعة يعني أنك مسئول عن جمال الشارع وجمال البيت وجمال الكنيسة ، الخليقة الجميلة التي أوجدها الله ، فيجب أن تدرب عينيك على ذلك فأنت مسئول عنها، يقولون : ” الله خلق الريف ، والإنسان صنع المدينة “، الله خلق الريف بجماله حيث تشعر بالراحة الداخلية وتشعر بالأمان وتنطلق أفكارك ، أما البيئة المزدحمة والممتلئة بالضوضاء والتلوث ستشعر وكأنك في سجن كبير مقيد ، فأنت مسئول عن ذلك ، ومن الأمور الجميلة أنه في بعض المدن سواء خارج مصر أو داخلها نجدهم يزينون الشرفات بالزرع ليحسن من جمال الصورة التي يراها من يعيش أمامه ، أنت وكيل ومسئول .
+ كذلك الأم مسئولة ووكيلة عن البيت فهي باستطاعتها أن تجعل هذا البيت جنة ، كما تكون تربيتها لأبنائها تربية حسنة.
الحديث عن وكالة الإنسان لهو أمر واسع جدا ، ولذلك أعود للسؤال : ما هذا الذي اسمعه عنك ؟
وكيل الظلم
+ خطاياه :
۱- مبذر لأموال سيده :
من المفترض أن الوكيل يتحلى بصفة الأمانة ، ولكن نجد أن وكيل هذا المثل مبذر لأموال سيده ، قد يكون الشخص مبذر في المال أو في أي شيء آخر مثل الطاقة أو المياه .
۲- تواطئ مع مديوني سيده :
لقد تواطئ وكيل الظلم مع المزارعين العاملين في كرم سيده ” فدعا كل واحد من مديوني سيده وقال للأول : كم عليك لسيدي ؟ فقال : مئة بث زيت. فقال له : خذ صكك واجلس عاجلاً واكتب خمسين . ثم قال لآخر: وأنت كم عليك ؟ فقال : مئة كر قمح. فقال له : خذ صكك واكثب ثمانين ” (لو ١٦ : ٥ ٧) وهذا يتنافى مع الأمانة ،
٣- خطية التزوير :
لقد وقع في خطية التزوير، فقد بدل المئة إلى خمسين في ورق ما ، وفي ورق آخر بدل المئة لثمانين ، وهذه مجرد أمثلة ، هذا الإنسان الوكيل كان إنساناً ظالماً مزوراً مبذراً ، وتنطبق عليه عبارة : ” محبة المال أصل لكل الشرور ” (١ تي ٦ : ١٠).
+ لماذا مدحه سيده ؟
ما يثير دهشتنا هو أن السيد مدحه وأثنى عليه ؛ لأن هذا الوكيل فعل أموراً تجعله ينال هذا المديح من المسيح :
ا۔ نظر للمستقبل :
هذا الرجل له نظرة للمستقبل ، فهو كان يفكر بصورة جيدة فقال : ” ماذا أفعل ؟ لأن سيدي يأخذ مني الوكالة . لست أستطيع أن أنقب وأستحي أن أستعطي ” (لو ١٦ : ٣ ) .
٢- تصرفه إدارياً : تصرف هذا الرجل كان بطريقة إدارية ، وإن كان بلا أخلاق ، فالسيد مدحه على تصرفه الإداري ولم يمدحه من الناحية الأخلاقية لأنه لص ، فعندما نمدح شخصاً لشجاعته فنأخذ من الأسد صفة الشجاعة فقط ونقول يا ( فلان ) أنت مثل الأسد في شجاعته فقط على اعتبار أن الأسد فيه صفات أخرى وحشية .
٣- أظهر ذكاءه :
أعجب السيد بذكاء هذا الوكيل بالرغم من استعماله بصورة خاطئة ، لكن لديه نوع من الذكاء .
خلاصة الأمر….
إن سلامة حياة الإنسان تحكمها الاستقامة والعطاء والأمانة ، وعليه يكون الإنسان وكيلا أميناً ، وعندما يأتي السيد المسيح ويقول لك : ” أعطني حساب وكالتك “، تقول له : ” اتفضل يا سيد “، فتسمع إجابة جميلة جدا : ” كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير ، ادخل إلى فرح سيدك “، وليس هناك مكافأة ولا جائزة أفضل من إنك تسمع هذه الكلمات من المسيح شخصياً ، ما أجملها هذه الدعوة فهي من فم المسيح لتنال المكافأة الأسمى وهي الدخول إلى الملكوت ، وشعورك الداخلي إنك وجدت في هذا المكان بدعوة السيد نفسه ، فأي فخر وأي راحة وأي فرح وأي سلام …. أما الإنسان الذي يهمل في وكالته وينحرف فهو يعيش في خطايا الطمع والأنانية والاستهتار .
أمثلة
١ - يوسف الصديق :
كان إنساناً وكيلاً ناجحا تعرض لمتاعب كثيرة ، من إخوته مرة ، ومن الإسماعيليين مرة ، وفي بيت فوطيفار مرة ثانية ، وأيضاً في السجن ، لكنه ظل وكيلاً أمينا ، وعندما تعرض للتجربة القاسية من امرأة فوطيفار كانت إجابته رائعة ” كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله ؟” (تك ٣٩ : ٩ ). فيوسف كان وكيلاً وأميناً على نفسه وعلى طهارة قلبة ، ففي عبارات قصيدة البابا شنودة الرائعة : ” هوذا الثوب خذيه ، إن قلبي ليس فيه ” فقد يوجد فيها تعبير أدبي بالغ العذوبة عن هذه الوكالة ، ولذلك نسمع عن يوسف الصديق أنه كان رجلاً ناجحاً لأن الله كان معه ، ويوسف الصديق هو الذي حمل الخير والبركة والعظمة في تاريخ مصر وفي سنوات المجاعة.
٢- يوحنا الحبيب :
السيد المسيح وهو على الصليب أوكل ليوحنا الحبيب السيدة العذراء ” ثم قال للتلميذ : هوذا أمك . ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته ” (يو ۱۹ : ۲۷). وهنا يوحنا يأخذ هذه الوكالة بمنتهى الأمانة ، فهو الذي حمل قلباً ممتلئاً حناناً ، وقد أعطاه الله نعمة كتابة ” سفر الرؤيا “؛ ولأنه كان وكيلا أميناً فأعطاه الله أن يرى رؤيا ويسجل ما رآه في الجزيرة التي نُفى إليها .
۳۔ سفر الرؤيا :
نقرأ في بداية الأصحاح الثانى من سفر الرؤيا عن ملائكة الكنائس السبع :
“أفسس - سميرنا برغامس ثياتيرا ساردس فيلادلفيا لاودكية “، ونقرأ عبارة قالها الله لملاك كنيسة أفسس : ” أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك ،… لكن عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى ” (رؤ ٢ : ٢، ٤). فقد بدأت وكيلا أميناً ، وبدأت خدمتك بكل جدية ، وكان أول عملك ملتهبا بالروح ، ولكن تركت محبتك الأولى ! أين ذهبت حرارتك الروحية ؟ أين نشاطك وجهادك ؟ إلى متى تظل في انحرافك ؟
٤ الغني الغبي :
الغني الغبي أعطاه الله أموالاً كثيرة ، ووكله على هذه الأموال ، لكنه سقط في خطايا الأنانية والطمع ، وكانت النتيجة أنه يريد أن يهدم ويبني مخازن أعظم منها ، وفي ليلة واحدة…
الخلاصة يا أحبائي إن المال يمكن أن يكون مصدر بركة وحياة للبشر ، وليس المهم في المال كثرته أو قلته ، لكنه قد يكون وسيلة للحياة الناجحة أو يكون مصدر فخ وهلاك للإنسان .
إحدى مبادئ الحياة الرهبانية ” الفقر الاختياري “، وإن كسر الراهب هذا الشرط انكسرت رهبنته مهما تبرر بأية صورة من الصور ، وقد يكون هذا فخ تتضح صورته وإن كانت تحت أي مسمى ، لكن المال في يده فخ يهلكه ويسقطه ويضيع نصيبه الأبدي مهما كان يرتدي أي زي ، ومهما ظهر أمام الناس ، ولذلك يجب على الإنسان أن يتخذ حذره وهو يتعامل مع المال ، وهذا هو القصد من مثل وكيل الظلم فهو لا يقصد كثيراً أو قليلا ، لكنه يقصد مقدار الأمانة الموجودة بصفة عامة .
يقول الكتاب المقدس في نهاية المثل : ” أنا أقول لكم : اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم ” (لو ١٦ : ٩ ). هذا المال الذي يجب أن تخدم به ، وأن تفيد به ، وألا تسقط في خطية الأنانية أو الطمع أو الاكتناز ، لذلك تُصلي في الصوم الكبير ” طوبى للرحما على المساكين “، فطوبى للإنسان الذي يمتلك القلب الرحيم على الإنسان المسكين بكل صور الاحتياج .
تدريب
اقرأ (لو ١٦)، وضعه أمامك كمقياس ، وفكر في الأشياء التي استودعك الله إياها ، والتي أعطاها ربنا لك مثل المال أو غيره من النعم ، كالأسرة أو العمل أو الخدمة أو الصحة أو العلم أو المسئولية … وضع أمامك هذا السؤال : ” ما الذي أسمعه عنك ؟” وانتبه لطريقك لكي يكون واضحاً أمامك وليس منحرفاً مثل طريق وكيل الظلم. اجعل هذا السؤال ” ما الذي أسمعه عنك ؟” يتردد دائماً في قلبك وفي أذنك ، وقبل ما تسمعه من شخص السيد المسيح ، اسمعه أنت من نفسك ، وانظر لعملك أوخدمتك أو مسئوليتك التي أعطاها الله لك وانتبه لها ، وإن كان هناك تقصير أو انحراف بأية صورة من الصور فانتبه إليه لكي ما تصلح ذاتك وتكون إنساناً وكيلاً أميناً ، لتستحق سماع ذلك الصوت القائل : ” كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير . ادخل إلى فرح سيدك ” (مت ٢٥ : ٢١).
لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد … آمين.
المرجع : كتاب إختبرني يا الله صفحة ١٩٤ - قداسة البابا تواضروس
مثل وكيل الظلم للمتنيح الأنبا لوكاس أسقف منفلوط
+ تفسير أصحاح ١٦ من بشارة لوقا
+ معني ” فمدح السيد وكيل الظلم “
+ معني ” أصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم “!
+ هذا المثل الذي ورد في بشارة معلمنا لوقا (ص١٦) يهدف إلي الإقتداء بوكيل الظلم في حكمة التصرف في الحاضر لضمان المستقبل والإقتداء بحكمته يشبه الإقتداء بحكمة (الحية) ” كونوا حكماء كالحيات “(مت ١٠: ١٦) مع لؤم وخسة ودناءة سجايا كل من هما - أما وكيل الظلم فلأن تصرفه مشوب بالخيانة لسيده لتآمره مع المديونين ضد سيده لإختلاس حقوقه ” كذلك الحية فإن الخبث من سجاياها حتي صارت كناية عن الأشرار أيها الحيات أولاد الأفاعي …” (مت ٣٣: ٢٢) . إلا أن وجهة الإقتداء بحكمتها تنصب علي الحكمة في التخلص من التورط في إيجاد المنفذ للنجاة من الخطر وفي انتهاز الفرصة السائحة والحرص علي عدم ضياعها لئلا يندم الإنسان حيث لا ينفع الندم ، هذا من ناحية الإقتداء بوكيل الظلم ، أمًا الحية فلأنها ساعة الخطر تفدي رأسها بجسمها الملتف ستراً لها ووقاية لها لأن مقتلها في رأسها بتهشيمه وسحقه ” هو يسحق رأسك “(تك ٣: ١٥) وأي إبطاء منها في هذا الألتفاف حول رأسها يضيع عليها فرصة قد لا تعود إليها : إذ قد يبادرها عدوها بضربة قاضية علي أم رأسها ، وقد تندم ولكن تأت ساعة مندم ؟
+ كذلك وكيل الظلم فإنه قد تحكم في إنتهاز الفرصة السائحة قبل طرده وقبل ضياع إمكانيات تصرفه لضمان مستقبله ، فبادر إلي إكتساب ثقة مديوني سيده قائلاً لكل منهم …” خذ صكك وأجلس عاجلاً وأكتب …”(لو ١٦: ٦) خشية مبادرة سيده إلي تضييق الخناق عليه للحيلولة دون أي تصرف يؤدي إلي ضياع ثروته وحينئذ تضيع علي وكيله الفرص السانحة .
+ المثل ليس فيه أي مدح لخيانة وكيل الظلم لسيده المسيح ،كما أن السيد المسيح لم يمدح خبث الحية ، بل إنما ينحصر الحض عليها الإقتداء بهما في مجرَّد الحكمة وإنتهاز الفرصة لضمان المستقبل .
+ كما أن في المثل توبيخاً لاذعاً لأبناء النور الذين قد يشوب تصرفاتهم الروحية الفتور والإبطاء والتلكؤ والشكوك في مستقبل أبديتهم . كما أن فيه الفاتاً لنظرهم إلي ثبات عزم الأشرار وتركيز حواسهم وتسخير جميع إمكانياتهم في أرتكاب شرورهم ، مع الفرق الكبير بين قيمتي أهداف الطرفين . فأهداف أبناءً النور هي حقائق السعادة الخالدة في الحياة الأبدية . أما الأشرار فأباطيل أهوائهم الحمقاء ودناءة ملذاتهم الفانية .
+ من العار علي أبناءً النور أن يشكوا في حقائق الخلود كما لو كانوا هازلين غير جادين فيتباطأون في جهادهم ” كفاكم قعود في هذا الجيل …” (تث ١: ٦) في حين يتوطد يقين الأشرار في أباطيل الفناء جادين غير هازلين ؟
+ كما أنه من العار علي أبناءً النور أن يتغافلوا عن إمكانية قوتهم الروحية الموهوبة لهم من الله (أف ٦: ١- ١٧) فيستسلمون للفتور ، في حين بطلان إمكانيات الأشرار التي يعتز بها هؤلاء الأشرار ” لأن ليس كصخرنا صخرهم “(تث ٣٢: ٣١).وفي نطاق المعاني آنفة الذكر يقول الرسول ” إذا اعتقتم من الخطية صرتم عبيداً للبر ، أتكلم إنسانياً من أجل ضعف جسدكم ، لأنه كما قدمتم أعضاءكم عبيداً للنجاسة والإثم هكذا الآن قوموا أعضاءكم عبيداً للبر للقداسة “(رو ٦: ١٩)
+ وكان أحد القديسين في صلاته يقول ” يارب أعطني قوة علي محبتك كما أحببت الخطية ؟” يشير بهذا إلي أنصباب الخاطيء علي شرب الخطية كالماء وملازمتها بكل الفكر والقلب لدرجة التضحية بكل مرتخص وغال في سبيل الخطية ؟ ولكن عند عمل الفضيلة يكفهر أمامه الجو فيكون الفتور والتواني والعرج علي الجنبين … وما ذلك إلا لأن الروح في نشاطها يعرقلها الجسد في ضعفه وتثاقله ” فأسهروا وصلوا … أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف “(مت ٢٦: ٤١) فمن العار أن تستسلم الروح النشيطة لضعفات الجسد فيفلت الزمام من يدها وتمسي القيادة لأهواء الجسد ” وإذا كان الغراب دليل قوم يمر بهم علي جيف الكلاب ؟”
+ ولتطبيق المثل بوجه عام ، نفهم من قول السيد المسيح ” أصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم ” إن مال الظلم كناية عن كل ماتقتنيه في الحياة الدنيا من مال وعقار ومقتنيات ، وأن أدعاءنا ملكية هذه المقتنيات - والحال أنها ملك للخالق أنعم بها علينا - هو الذي شابها بسمة الظلم ،لأنه إدعاء باطل ظالم ضمن أباطيل الإنسان وأكاذيبه علي الحق ، وما مثل عقود الملكية المزعومة إلا مثل بطاقات التموين ، لتنظيم مقتنيات الحياة الدنيا ولتحديدها مافوض به لكل إنسان للتصرف فيه طبقاً لإرادة الله في نطاق نواميسه الكونية وكافة شرائعه الإلهية .
+ أما الإنسان فإنه لم يكتف بهذا الإدعاء الظالم الذي نطاقه أساء التصرف في هذه المقتنيات بل تمادي في إدعاءاته فزعم أحقيته في العشور الإلهية فسلب لنفسه هذه العشور ، وتوالت بذلك مظالمه وأكاذيبه واعتدائه علي حقوق الله والقريب “… فقلتم بم سلبناك ، في العشور والتقدمة لقد لعنتم لعناً وأياي أنتم سالبون هاتوا جميع العشور إلي الخزنة ليكون في بيتي طعام وجربوني بهذا قال رب الجنود إن كنت لا أفتح لكم كوي السموات وأفيض عليكم بركة حتي لا توسع “(ملا ٣: ٨-١٠) وهكذا تكدس الظلم علي الظلم وتغلغلت المظالم في صميم أموال العالم فصارت بحق “مال الظلم ” .
+ وفي نطاق المعني آنف الذكر يقول المرنم ” أنا قلت في حيرتي كل إنسان كاذب ماذا أرد للرب من أجل حسناته لي . كأس الخلاص أتناول وباسم الرب أدعو ، أوفي نذوري للرب مقابل كل شعبه “(مز ١١٦: ١١-١٤) وكأنه في انذهاله وتحيره من أكاذيب الإنسان وأباطيله ، يصف العلاج لتنكر الإنسان الجاحد لصنيع الله معه وهو ” بماذا أجاري الرب عن كل حسناته لي… وباسم الرب أدعو ” أي أنه هو الإقرار بأن للرب الأرض بكمالها وأن الأرض أعطاها الله لبني البشر وأن الله هو المالك لكل مقتنيات الإنسان وما علي الإنسان إلا الإقرار بحسنات الرب بأن يتصرف فيها لمجد الرب .
+ وبهذا العلاج الذي وصفه المرنم تعود الأمور إلي نصابها فيقر الإنسان بأن كل ما يزعم ملكيته إن هو إلا ملك لله أعطاه إياه الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير (يع ١: ٥) وأن يشكره علي نعمه وإحساناته ، والشكر علي النعم يزيدها .
ولفيض كرم الرب وإحساناته لم يطلب منا إلا العشور فقط ، أما تسعة الأعشار فتركها لنا ؟ أما نحن فلفرط جشعنا وتنكرنا لجميله فقد سلبنا عشوره وتصرفنا في هذه وتلك بما يتنافي وكرامة الله ” الابن يكرم أباه والعبد يكرم سيده، فإن كنت أباً فأين كرامتي وإن كنت سيداً فأين هيبتي “(ملا ١: ٦) .
+ بعد ما تحدد في ذهننا عن معني (مال الظلم) بحسب الإيضاح السابق نستطيع أن نفهم كيف نصنع لنا ” أصدقاء بمال الظلم ” وذلك بأن نحرص علي إعطاء كل ذي حق مفروض له من الله حقه في هذا المال ، فلا نعتدي علي حقوق بيت الرب ولا علي حقوق الفقراء ولا علي حقوقنا نحن بالذات المعطاة والمقررة لنا من الله فلا نشوهها بمظالمنا وبتلويثها وتسميمها بالمحرمات التي نمزجها بها ” قد أخطأ إسرائيل بل تعدوا عهدي الذي أمرتهم به بل أخذوا من الحرام بل أنكروا بل وضعوا في أمتعتهم ، فلم يتمكن بنو إسرائيل للثبوت أمام أعدائهم ، لأنهم محرومون ولا أعود أكون معكم إن لم تبيدوا الحرام من وسطكم … لأنه هكذا قال الرب حرام في وسطك يا إسرائيل “(يش ٧: ١١- ١٣) لأنها ما دامت ملوثة بالمحرمات التي نمزجها بها فكل تصرفاتنا فيها مرفوضة من الله. وغير مقبولة أمامه .
+ فإذا استقامت أوضاع تصرفاتنا في خيرات الله الموهوبة لنا بالوصف آنف الذكر ، رحبت بنا الملائكة في السماء(لو ١٥: ١٠) تقديراً لحرصنا علي حقوق خالقهم والفقراء تقديراً لعواطفنا من نحوهم وعلي رأس هؤلاء المرحبين بنا يرحب بنا الرب نفسه ” تعالوا إليَّ يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم …”(مت ٢٥: ٣٤) .
+ ومن قوله له المجد ” فإن لم تكونوا أمناء في مال الظلم فمن يأتمنكم علي الحق ” نفهم أن النفس البشرية التي أستجابت لمظالم الحياة الدنيا فاستعذبت الظلم والإعتداء . أمسي الحق في فمها أمر من الحنطل فكيف نستطيع أن تتلذذ به في حياة الأبد ؟
+ ومن قوله له المجد ” أن لم تكونوا أمناء فيما هو للغير فمن يعطيكم ماهو لكم ” نفهم أن عطاياه الزمنية لنا ليس لها خلود وذلك لفنائنا نحن بالذات وعدم خلودنا في الحياة الزمنية . فهي عطايا مؤقتة ليس لبقائها معنا ضمان علي الإطلاق … وكثيرًا ما تصنع لها أجنحة وتطير فننظر يميناً ويساراً لنبحث عنها فلا نجدها (أم ٣٣: ٥) من هنا قيل عن مقتنيات العالم الزمنية إنها (مال الغير) لأننا لا نضمن بقاءها معنا بالرغم من أدعائنا ملكيتها ! فإن لم نكن أمناء في خيرات العالم الزمنية وهي الثروة المتنقلة التي إنما قد أعطيت لنا لنتدرب في نطاقها الزمني علي الحصول علي أمانة القلب وما إليها من سجايا كريمة وكافة كمالات حياة الأبد . فقد خسرنا نهائياً خيرات الحياة الأبدية التي أعدها الله لنا منذ تأسيس العالم (مت ٢٥:٣٤) والتي لا يفوز بها إلا الأمناء .” نعماً أيها العبد الصالح والأمين كنت أميناً في القليل فأقيمك علي الكثير أدخل علي فرح سيدك “(مت ٢٥: ٢١) .
وعلي ضوء ما تقدم ما تحقق أعماق مكنونات الحكمة السيدية في المثل ” الأمين في القليل .( أي في خيرات الدنيا الفانية) أمين أيضاً في الكثير (أي خيرات الحياة الأبدية ) والظالم في القليل ظالم أيضاً في الكثير ” .
المرجع : كتاب التحفة اللوكاسية للعلَّامة الأنبا لوكاس مطران كرسي منفلوط وأبنوب ( الكتاب الأول صفحة ٣١ - ٣٦ )
مدح وكيل الظلم للمتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي
سؤال : عندما تحدث الرب يسوع فى مثله عن السيد الغنى الذى أراد أن يعاقب وكيله الذى بَذّر أمواله بطرده ، ذكر أن هذا الوكيل تنازل لمديونى سيده عن بعض دينهم ، حتى اذا عُزلَ من الوكالة يقبلونه فى بيوتهم ، ومدح السيد الغنى وكيل الظلم اذ بحكمة فعل ، فكيف يكون المديح لعمل يتسم بعدم الأمانة من هذا الوكيل ؟ وما المفهوم الحقيقى لقول الرب يسوع : اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم حتى اذا فنيتم يقبلونكم فى المظال الآبدية ؟
الجواب :
هذا السؤال يوجه الينا كثيراً ، يقول الكتاب المقدس : فمدح السيد وكيل الظلم لأنه بحكمة صنع ؟ فأكيد أن هذا المدح ليس موجه الى العمل الشرير الذى عمله هذا الوكيل ، المدح موجه الى حكمة الرجل باهتمامه بالحياة الأخرى ، الرجل وقد عرف أن سيده سيطرده من الوكالة ، فكر فيما بعد هذه الحالة وأهتم بالاستعداد لها ، لم يقنع بأن يصدر عليه هذا الحكم وأن يقبع فى داره وأن يموت ، انما فكر فى كيف يتغلب على الصعوبة التى ستعترض حياته ، وكيف يحول هذا الشر الى خير بالنسبة له ، وكيف ينتصر على الموقف بما يؤول لصالحه
فالمدح هنا ليس موجه الى عمل السرقة ولكن الى مهارة الرجل والى حسن تصرفه ، من حيث أنه اهتم بمستقبل الأيام ، وهذا المنهج فى أن يوجه المدح الى بعض تصرفات الانسان الشرير منهج معهود ، ففى بعض الأحيان قد يُعجب الانسان أو قد يُعجب المجتمع بلص ، ويتحدث الناس عن هذا اللص حديث الاعجاب ، لا لأنه قد سرق ولكن للمهارة التى أظهرها فى عملية السرقة اذن المدح أو اعجاب الناس ليس موجه الى فعل السرقة فى ذاته ، ففعل السرقة دائماً مذموم ومكروه ، وانما موجه الى المهارة لأنه فى بعض الأحيان بعض اللصوص يستخدموا أنواعاً من الذكاء والمهارة والحيلة فى كيفية السرقة ، بحيث أنهم أنتزعوا اعجاب الناس ، والناس يظلوا مبهورين ومعجبين بمهارة هؤلاء اللصوص وبالطريقة التى ابتكروها
الواقع أن الاعجاب غير موجه الى الجرائم أو الأخطاء التى ارتكبت ، ولكن موجه الى المهارة والى الذكاء الذى أظهر فى هذه التصرفات ، وهذا يحدث فى الحياة كلها ، لدرجة أنه معروف فى الألواح الاثنى عشر للقانون الرومانى ، وهو يُعد من أقدم ما فى التراث الانسانى من قوانين ، أن المجرم اذا استطاع أن يخفى جريمته يُعفى من العقوبة ، ومعنى هذا الاعفاء مكافأة ، لكن هذه المكافأة فى واقع الأمر للذين يدرسون علم الاجتماع ليس لأن هذا الرجل أخطأ أو لأنه سرق ، ولكن لأنه ظهرت فيه موهبة وجد الرومان أنه من الخسارة أن يُحكم عليها بالاعدام فهذا الاعفاء وهذه البراءة ليست موجهة الى الجريمة ولكن موجهة الى اكتشاف موهبة فى هذا الانسان ، أو صفة ظهرت فى هذا الانسان وأبرزت موهبة معينة ، ومثل هذه الموهبة تستحق أن يٌعجب الانسان بها
فهكذا نقدر أن نقول على نفس الفكر أن المدح الذى وجه الى الرجل وكيل الظلم ، غير موجه اليه لأنه ظالم أو أنه سرق أو أنه غير أمين ، وطبعاً يكفى أن الكتاب سماه وكيل الظلم ، وهذا معناه أن الرجل منظور اليه على أنه انسان ظالم ، وفى المثل نفسه أن سيده طرده ، هذا الطرد نفسه عقوبة ودليل على عدم ارتياح للعمل الذى عمله ، انما نفس السيد الذى طرده هو السيد الذى مدحه ، طرده لأنه غير أمين ، لكن مع هذا مدحه لأنه رأى فيه فضيلة أخرى أو صفة أخرى من الصفات التى يمدحه من أجلها ، وهو أن الرجل أهتم بمستقبل حياته ، فهو لم يقنع بمصيره ولكنه أراد أن يتغلب على هذا المصير ، بأنه يبتكر طريقة يعيش بها ، ويعرف كيف تمتد حياته دون أن يستعطى أو يشحذ0
والسيد المسيح له المجد قال هذا المثل على أساس أن الناس اذا كانوا غير أمناء فيما يتصل بمسئولياتهم الخاضرة فى الحياة الحاضرة ، انما ممكن أن يوجهوا اهتمامهم للحياة الأخرى والمصير الأبدى ، وكلمة أصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم ، وأصل الكلمة باليونانية معناه ” المال غير الحق ” أو الذى لا يحق لكم 0
فمثلاً على سبيل المثال العشور عند الانسان ليس ماله لأن هذه العشور هى حق الله 0 فمادام أصبحت حق الله فكونى أحتفظ بها لنفسى كأنى أظلم أو أسرق ، كما قال الله فى سفر ملاخى : ” أيسلب الانسان منكم الله ، قلتم بما سلبناك ، قلت فى العشور وفى التقدمة ، لذلك لُعنت لعناً هذه الأمة كلها ، هاتوا العشور الى الخزنة ليكون فى بيتى طعام ، هاتوا العشور وجربونى بهذا ، ان كنت لا أفتح لكم كوى السماء حتى لا توسع ” 0
فكون الانسان لا يعطى العشور لله من دخوله فهذه سرقة ، على الرغم من أنه يبدو له أن المال ماله ، وأنه لم يعتدِ على مال انسان آخر ، لكن فى نظر الله كونه لا يعطى العشور لله وهى حق الله عليه ، فهنا سرقه ، وهنا تعد ، وهنا سلب ، وهنا مال لا يحق لك ، مال ليس من حقك أنت ، فأنت فى هذه الحالة تعد بمثابة وكيل الظلم ، أنت وكيل على هذا المال ، لكنك أغتصبت ما لا يحل لك ، ففى هذه الحالة أنت مثل وكيل الظلم تماماً 0 ولكن أصنعوا لكم أصدقاء بهذا المال الذى لا يحق لكم ، الذى ليس من حقكم ، بمعنى أصرفوه من أجل الله ، أنفقوه على الغير ، أو على القريب ، أو على المحتاجين ، أو على الشئون العامة أو على الصالح العام ، أنفقوه فانه متى أنتهت حياتكم على الأرض تقبلون فى المظال الآبدية ، لأن هذا العمل وهذا المال أو هذا العطاء الذى أعطى من أجل الله ، يسبقكم الى هناك وحينئذ يكون زاداً لكم وكنزاً لكم هناك ، تجدونه حينما تذهبون الى العالم الآخر 0
ليس المقصود بمال الظلم أنك تسرق من واحد وتعطى لله ، لا طبعاً ، مستحيل هذا ، وحتى فى قوانين الكنيسة هذا مرفوض تماماً ، انما المقصود هنا المال الذى لا يحق لك ومن ضمنه العشور ، وأيضاً ليس معنى السرقة أنك تقتحم شقة أو بيت وتغتصب وتسرق ، بل هناك طرق أخرى يعملها الانسان من دون أن يسلب الآخرين بطريقة القفز على البيوت ويأخذ المال الذى لا يحق له ، فأنت رب بيت ومرتبك من حق زوجتك وأولادك أن يشاركوك فيه ، فكونك تأخذ المرتب وتنفقه على التدخين وعلى الخمر أو على شهواتك الخاصة ، وتُهمل زوجتك وأولادك فهذا اغتصاب حقوق الآخرين 0 أنا أعتبر أن هذا الرجل هو السارق ، وهو المغتصب ، لأنه يأخذ حق زوجته وحق أولاده ويصرفه على الخمر ويصرفه على التدخين ويصرفه على شهواته الخاصة ويترك زوجته تتضور جوعاً أو تتلوى من الألم ومن العذاب 0
فلو كنت أنت أب من هذا القبيل تعد أنت سارق ومغتصب ، وطبعاً بالمثل يقال على المرأة التى تصنع ذلك ، ولو أنه نادر جداً لو عملت المرأة ذلك ، لكن يوجد بعض النساء تعمل هذا 0
أيضاً عندما تكون رئيس عمل وتظلم العمال ولا تعطى للعامل حقه كما قال الرسول يعقوب : ” هوذا أجرة الفعلة الذين حصدوا حقولكم المبخوسة منكم تصرخ ، وصراخ الحصادين صعد الى أذنى رب الجنود “0 فهنا ظلم يقع من رئيس العمل على العمال والفعلة ، سواء كان فى الحقل أو فى مصنع ، مثل هذا الرئيس المحترم فى المجتمع يُعد أمام الله سارق لأنه يغتصب حق العمال وحق الموظفين0
فعموماً النقود التى فى جيبك قد يكون فيها مال ظلم ، هى حقوق آخرين أو أنت أخذت حق غيرك ، بمعنى فيها مال لا يحق لك ، أى نوع من المال ليس من حقك يكون فى جيبك هو مال ظلم ، فلو أنت مثلاً استغليت مركزك فى عملك ، كما يحدث فى بعض الأحيان انسان يستغل الأدوات الخاصة بالوظيفة ، ان كان ورق أو كان حبر أو أى امتيازات تأخذها لنفسك هى لا تعطى لك بحق الوظيفة ولكن أنت تنتزعها لنفسك ، ومعتمد على أنك رئيس العمل 0 ففى هذه الحالة يكون الذى فى جيبك ليس لك ، أنت مغتصب سواء تغتصب حق الحكومة أو تغتصب حق الآخرين أو تغتصب حق الوظيفة ، هناك أكثر من سبيل وأكثر من طريقة ممكن للانسان أن يعتبر المال الذى يتحصل عليه ليس ماله أو مختلط به مال آخرين أو مال لا يحق له 0
الله يريدنا أولاً أن نهتم بالحياة الأخرى ويكون عندنا نظرة الى الأبدية ، وأيضاً نستفيد من وجودنا فى الزمن الحاضر بما يكفل لنا أو يساعدنا على أننا نربح الحياة الأخرى ، وأن يكون لنا فيها مكان 0
الأمر الثانى : أننا نستفيد أو نورد من الحياة الدنيا ما يكون لنا زاداً فى الحياة الأخرى ،
والأمر الثالث : كل مال لا يحق لنا لابد فوراً أن نبعده عنا ونعطيه لله سواء أكان بالطريق المباشر أو بالطريق غير المباشر ، نعطية للكنيسة أو نعطيه للفقراء وأيضاً أصحاب الحق ، كما قال زكا : ” ها أنا أعطى نصف أموالى للمساكين وان كنت أغتصبت أحداً أرد له أربعة أضعاف ” ما لله يعطى لله 0 ولكن ما للغير يعطى للغير ، لأن هذا الغير مظلوم ومضطهد ومغبون فلابد أن يرد له الشىء المسروق والشىء المغبون به 0 ” ان كنت قد غبنت أحداً ” ان كنت قد ظلمت أحد ، أرد له ، لا أرد لله ، لا أعطيه هو لأنى أنا ظلمته 0
هذه هى المعانى التى من المفروض أن يستفاد بها من هذا المثال الذى قاله سيدنا له المجد
المرجع : كتاب موسوعة الأنبا غريغوريوس ( الجزء الخامس صفحة ٣٠٠ - ٣٠٣ ) - إعداد الإكليريكي منير عطية
مثل وكيل الظلم للمتنيح أنبا كاراس الأسقف العام
اسهروا ،
وكيف تنام أيها الوكيل ؟ ألا تعلم أنك لا تملك شيئا قط مما هو عندك ، وستقدم أيضا عنه حسابًا يوم الدين بل ومعه ربح ؟!
ما هذا الذي اسمعه عنك ، أعط وكالتك ؟ (لو ٢:١٦)
لعل الله قد غرس الأذن فينا ، لكي نسمع هذه العبارة المقدسة مئات المرات في اليوم الواحد ، لننشغل بها ، ولنعلم أيضا قدر المسئولية الملقاة علينا تجاه ما هو بين أيدينا .
لأننا بالطبع سنسأل عن الأولاد الذين يسمون في عرف هذه الحياة أبنائنا ، وإن كانت هذه التسمية قد جانبها الصواب كثيرا ؛ حيث أنهم أولاد الله ، وما نحن إلا وكلاء على نعمة الله فقط وعطاياه . ” البنون ميراثًا من الرب وثمرة البطن عطية منه “ (مز ١٢٧ : ٣) .
فابنك هذا الذي يسهر كثيرًا ، لكن بعيدا عن الجو المقدس والوسط الروحي والمناخ الصحي ، أين أب اعترافه ، أين أشبينه ، متى أيضا وكيف أحزن ملاكه الحارس ؟
إسأل يا سيدي عن كل هؤلاء وأين ابنك من الجميع ؟
وماذا تعرفين أنت أيضا عن إبنتك ، والتي هي جالسة الآن أمام الانترنت والقنوات البعيدة ؟ ساعات وساعات والباب عليها مغلق ، سكون وسكوت وظلام من كل ناحية .
ترى ماذا تفعل هناك ، تقول ، ومع من هي تتحدث بينما الذئاب الخاطفة تملأ الهواء وكل المكان ؟ ليتك تتذكرين أيتها الأم الفاضلة قول الكتاب ” أعط حساب وكالتك “ .
وللعلم … أن كثرة خصوصيات الأبناء ، واختباءهم في خنادق مظلمة ، تأتي حينما يمرض الود ويموت الحوار في الأسرة ، وينشغل كل بنفسه . إن الأبناء الآن يحتاجون إلى قدر كبير من المصارحة والمصالحة ، يحتاجون إلى قدوة ومثال وليس لعظات وأمثال ، يحتاجون أيضا ( وهذا في غاية الأهمية ) إلى تواصل وفتح باب للحوار ، وطريق للعودة ومجال للود ، مرات ومرات حتى يعودوا إلى الرشد والمنزل . نعم ليس هم غرباء عنه ، لكنهم أيضا متغربون عنا !!
ليتنا نتفهم نحن هذا الأمر ، ونعي أيضا أننا في زمن يختلف كثيرًا عن زماننا والماضي كله .
عموما قس على ذلك أيضا كل ما هو عندك ، مواهبك ، صحتك ، مالك ، وقتك ، تذكر دائما هذه العبارة المقدسة ” أعط حساب وكالتك ‘ ‘ .
اسهروا ،
وكيف تنام ولمن يا ترى تترك المكافأة والتطويب ؟! إذ يقول الكتاب طوبى لأولئك العبيد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين ، الحق أقول لكم أنه يتمنطق ويتكئهم ويقوم فيخدمهم (لو ۳۷:١٢) ، قام القدوس ليخدم التراب ، ورئيس الحياة يهب الأموات قيامة .
ما هذا أيها الفادي ؟
ترى ما هو السهر الذي يؤدي إلى تلك المكافأة العظيمة ؟
” … يتمنطق و يتكئهم ويقوم فيخدمهم ” ، أي أعين تغمض بعد ، وأي أجفان تنام ، وبأي مآقي ننعس ، بينما السيد يقف ليفعل بنا هكذا ؟ وما هو السهر ، وهل المطلوب ثقيل وليس في متناول أيدينا ؟
لقد أختزل السيد المسيح جميع الوصايا وكل الناموس في عبارة مقدسة واحدة ” تحب الرب إلهك وقريبك كنفسك ‘ ‘
والتطبيق العملي لهذا إن السيد الرب لا يحتاج منك سوى مزود بقر فقط ،
ولقريبك
فلسي الأرملة ،
كأس ماء بارد ،
خبزة شعير ،
ذاك يزيد .
..صحيح إن أبناء هذا الدهر أحكم من أبناء أي النور في جيلهم ، إن الله يقدر الجانب الإيجابي
التصرف الحسن في هذا المثل ( وكيل الظلم ) ، لا يمتدح العمل بل الفكر والفكرة ، وفي عجالة أعرض قصة الملك الصغير ربما توضح القصد في هذا الأمر .
… وبعد إلحاح كثير قبل الشاب الصغير أن يملك على مدينته ، وهو يعلم تماما أن هذا الملك لن يدم أكثر من عام واحد ، وبعد يطرح في مكان قفر ، لا تراه شمس في وضح النهار ، وبعد أن أعلن تتويجه ملگا ، قام مباشرة يسأل مشيريه عن المكان الذي سيذهب إليه بعد نهاية ملكه وأيام خدمته ، وهناك رأى ما تقشعر له الأبدان ، حيث عظام الملوك سابقيه وجماجم لا حصر لها ، ورائحة الموت تحيط بكل المكان ، غربان وجرذان كثيرة محتشدة لاستقباله ، حيات وأفاعي ، شيء مرعب ينبئ بمستقبل مؤلم وموت مبكر ، نزل من هناك يلهث ويسأل عن خزائن وموارد مدينة ملكه ، وبدأ يخزن لزمن الجوع وللسنين العجاف ، لقد ذهب بكل شيء إلى هناك ، إلى الجبل والقفر ، إلى مكان الموت وقبور الملوك ، حيث المستقبل الذي ينتظره ، وبنى هناك وغرس جنات وفراديس ، لقد عمل كل ما يتطلبه عصره ورقي المدينة آنذاك ، لكنه لم يتخيل أبدا ذلك وكأنه فوجئ بانتهاء العام وسنة ملكه ومدة خدمته ، غير مصدق قط ، وتساءل في غرابة شديدة ، وهل بالفعل انقض المدة وانتهى العام منذ توليتي المسئولية أول أمس ؟ وهكذا قال معبرًا عن سرعة زوال العمر وانتهاء أيام الحياة وهذا الدهر كله ، وقام وذهب إلى هناك سريعًا غير آسف ولا أسيف ، ذهب إلى المدينة الباقية والمستقبل الأبدي !!
وليفهم القارئ
المرجع : كتاب قد إقترب منكم ملكوت الله ( صفحة ٢٦ - ٣١ ) - الراهب متياس الصموئيلي ( المتنيح الأنبا كاراس الأسقف العام ) - إصدار مطرانية قوص ونقادة للأقباط الأرثوذكس
مثل وكيل الظلم للأب القمص يوسف حنا جاد
١-حول مثل وكيل الظلم :
مقدمة :
سألنى البعض لماذا أنت مهتم بهذا المثل
ج. هذا المثل تسبب في اثارة تساؤلات عديدة ولزمان طويل نفكر كيف أن السيد المسيح يمدح وكيلا في نظر البعض أنه يخدع سيده والواقع أن هذا الوكيل قلبه وضميره صالحين والذي يؤكد ذلك أن السيد المسيح فاحص القلوب ومختبر الكلى يمدح سلوك هذا الانسان أما نحن البشر (المحدودين في الفهم والمعرفة) ننظر للوهله الأولى لهذا الانسان أنه غير امين .. وقد ندينه .. فكيف ندين انسان لم يدينه الرب ؟ (عدد ۲۳: ۸)
فما هي أوجه الحكمة التي ظهرت وامتدحها السيد المسيح في هذا الانسان؟ ١-أنه وكيل أمين في وكالته اذ لما رأى مديونى سیده - تعثروا في السداد رحمهم وخفف الدين عليهم بالقدر الذي يسمح به عقد الوكالة.
٢-من حق الوكيل أن يعمل اوكازيون وهو بيع بعض المنتجات بأقل من اسعارها (المعلنه) مع الاكتفاء بالحد الادنى للربح.. وهذا ما نراه في المحلات التجارية من أن لآخر.. وربما يعمل الاوكازيون حتى لا تمضى فترة الصلاحية وتصبح المنتجات في حكم التالف بسبب انتهاء صلاحيتها فمن واجبه التخلص منها بأى سعر.
٣- من حق الوكيل (ربان المركب) اثناء تعرض المركب للخطر أن يلقى بالحموله ولو كلها في عرض البحر من أجل انقاذ الركاب كما حدث مع أهل السفينه ويونان وحدث أيضاً مع أهل السفينه وبولس الرسول.
٤- وهذا الاتلاف المسموح به هو من ضمن بنود عقد الوكالة.. فمن واجب الوكيل ان يضحى بأى شئ في سبيل انقاذ الركاب ولا يعد هذا اتلافاً او تدميراً لرأسمال صاحب الوكالة ثم من قال أن الواشون على حق.. اليس هناك شهود الزور من أيام موسى النبي ودائما الواشون والنمامون من أهل السوء لأنهم لو كانوا ابرار ما اساءوا إلى غيرهم اذ ليس لأحد الحق
أن يدين الأخرين مهما كان تبعا للأية « لا تدينوا ..» الم تأتى ايزابيل الشريره بشهود زور لكى تقتل نابوت اليزرعيلى وتستولى على الحقل.
٥- لو أن هذا الانسان سئ النيه فلماذا لم يبلع المبالغ كلها اليس في سلطانه أن يمزق الصكوك واهی خربانه خربانه.. واليس في سلطانه أن يسرق الجمل بما حمل كما يفعل البعض اليوم في وكالاتهم.
٦- أنه كان أميناً في وكالته فلم يستغل إلا السلطات الممنوحه له وهى أن ال ١٠٠ تبقى ٨٠ وال ٨٠ تبقى ۵۰ فهو امين إلى النفس الاخير في وكالته ولا يريد أن يتعدى السلطات الممنوحه له في حق تخفيف الديون على الناس..
٧- حتى في احكام القضاء هناك مستويات (احكام) متعدده في القضية الواحدة وعلى القاضي أن يختار المستوى أو الحكم الذي يراه ضميره وعقله والمستندات المقدمه له وهو رغم انه صائب في حكمه إلا أن النيابة اوالمتهم من حقهما الاستئناف فتصدر احکام اخرى مغايره لما سبق وتكون المحكمة أيضاً صائبه في حكمها. فرغم أن السلعة لها ثمن معين إلا أن من حق الوكيل أن يجرى بعض التسهيلات أما لمصلحة المديونين أو لمصلحة صاحب الوكالة تبعا لما ينص عليه عقد الوكالة ويتفق مع ضميره..
٨- الوكيل وحده هو الذي يكون اكثر امانه على مال موكله اكثر من الواشون لأن في معظم الحالات الواشون اصحاب مصلحه (خاصه بهم) فان لم يلبي الوكيل مصالحهم صار غير مرغوب فيه كالسيد المسيح حينما تعارضت مصالحهم (رؤساء الكهنه) مع (الحق) وشوا بالسيد المسيح نسبوا إليه وشايات ليست صحيحه ولكن لأن الناس مصالح في مصالح نجحت الوشايه وصدر الامر لصالحهم حتى لا يهتز كرسى بيلاطس فإن أنت اطلقت هذا فلست محباً لقيصر مع الملاحظة بان الواشون لم بتهمونه بانه سارقا او خائنا انما مبذرا. ما هي السلع التي كانت في حوذة وكيل الظلم؟ لو ١٦/ ١السلع هي القمح والزيت (ضرورات الحياة) ويبدو انه كان يبيع للناس شكك نظرا للحالة الاقتصادية ولما تعثر البلطجية عن السداد وشوا به لدى السيد العظيم - ولعل ابليس هو صاحب الفضل في الوشايات والشكاوى ضد وكلاء (الله) على الأرض.. الم يشى بأيوب الصديق واثار غضب الله (هيج الله ضده ای ٢/ ٣ ) ولذلك يسميه الوحى الالهى بالمشتكى على اولاد الله.
٩- حكمة هذا الانسان تجلت في أنه :
١-لم يتهرب من المسئولية وذلك بأن يسجن مديوني سيده ويخرب بيتهم لعدم سدادهم ديونهم .
٢- أنه لم يتجاوز نسبة الخصم الذي من حقه أن يمارسه مع المديونين.
٣- أنه فكر واجهد تفكيره .. في السؤال ماذا بعد أن تنتهى هذه الوكالة وهي الحياة فأى أبدية تعدها لذاتك يا أخى المؤمن .
هل مع العذارى الحكيمات أم العذاري الجاهلات ؟
٤- أنه ادرك أن المديونين لصاحب الوكالة هم أخوته وان سيده العظيم سيترك لهم الديون كلها سواء كانت كبيره أم صغيره وتذكر قصة يوسف الصديق وكيف أنه رد ثمن البضاعة ( القمح ) لاخوته في عدالهم المرة الأولى والمرة الثانية ولم يعتبر فرعون ان يوسف مختلساً لثروة مصر بل كان حكيماً في نظر فرعون مصر.. (تك ٤٢)
لقب الوكيل في هذا المثل بوكيل الظلم لا لأنه ظلم سيده بل لأنه يحيا في عالم الظلمة وارض الخطية تماما. كما لقب الابن الضال بالابن الشاطر لا لأنه رجع إلى بيت ابيه بل لأنه شطر (قسم) ثروة ابيه إلى نصفين ولا يخفى أن هناك مثل اخر وهو قاضى الظلم ذلك لأنه يعيش في عالم الظلمة وليس لأنه يظلم الناس في احكامه لأن رسالة القاضي هو ارساء العدل بين المتنازعين في أي عصرمهما كان فكره أو لونه .
لماذا مدح السيد المسبح هذا الوكيل ؟ لأنه بحكمة صنع
١-صنع توازن بين وفائه لسيده فهو حافظ على أصل رأس ماله ولم يبدده .
٢- كان صاحب وفاء مع مديوني سيده فجعل الصكوك بحقيقتها وليس بالارباح او الفائدة التي تضعها البنوك على
كاهل العملاء.
٣- فكر في نفسه - و هل من العيب ان يفكر الانسان في نفسه و يخطط مستقبله أليس التفكير في امر الغد هو الفارق الوحيد بين الانسان و الحيوان فالكل يأكل و الكل يشرب و الكل يتكاثر - لكن الانسان هو الوحيد من بين المخلوقات الذي جعله الله يفكر في كيف يؤمن مستقبله الزمني و الابدي و دعاه بقوله كونوا حكماء كالحيات ( اذ تحمي نفسها عند وقوع الخطر ) و بسطاء كالحمام .
سؤال من هو السيد في هذا المثل ؟
هو صاحب الوكالة … فياتري ما هو موقفه من وكيله الذي وشي به و لما اراد ان يطرده تحقق من حكمته فمدحه . هل سيطرده بسبب الوشاية ام يستفيد بحكمته هذا يتوقف علي كيف يفكر هذا السيد فهناك من بقول ان الزن علي الودان اقوي من السحر فهناك فوطيفار الذي استجابه لنداء ووشاية زوجته و هناك من السادة من يبقي علي حكمائه و مشيريه حتي لو كان يكرهم الاخرون - او المحيطون بهذا السيد.
٢ - أهل الظلمة (العالم )وأبناء النور
من يسلك بحسب الوصية الانجيلية هو من ابناء النور .. ومن يسلك بحسب سلوك اهل العالم فهو من ابناء الظلمة وبارادتك تتأرجح بين ابناء النور أو ابناء الظلمة فأبراهيم حينما اطاع الله كان من ابناء النور ولكن لما خاف وادعى أن ساره اخته كان دبلوماسياً وسلك سلوك أهل الظلمة (بحسب حكمة هذا الدهر) ويعقوب كان من ابناء النور ولكن حينما خدع اباه بقوله أنا بكرك عيسو سلك سلوك اهل الظلمة من أجل (مصلحته الخاصه). وكان داود النبي من ابناء النور لكنه حينما اخطأ وسلك سلوك أهل هذا الدهر وبدأ يفكر تفكير شيطاني (من سلطان الظلمة) في كيف يغطى جريمته ويقتل زوجها في الحرب. فبولس الرسول يدعو ابناء الله إلى أن يكونوا ابناء النور وليس ابناء الظلمة أي يسلكوا بحسب الوصية الانجيلية المسيحية ” أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة “.
أما أن يكون الانسان مولود في النعمة ويسلك سلوك أهل العالم فهو بارادته يترك النور ويسير في الظلمة تماماً كديماس الذي تركنى (بولس الرسول) اذ أحب العالم الحاضر فصارت له أبدية أهل العالم وهي الظلمة الخارجية والبكاء وصرير الاسنان لقد بدأ في النور لكنه انتهى بالظلمة أما موسى الاسود فبدأ من أهل الظلمة لكنه اتبع وسلك كأبناء النور فصار قديسا مشهودا له. ومما يؤسف له أن ابناء هذا العالم احياناً يكونون احكم في الخطط الشريرة. فلماذا لايتمثل بهم ابناء النور ولكن في الخطط الروحية لخلاص انفسهم. ولكي تقتنى الحكمة لابد أن تفكر وتجتهد في التفكير.
الفرق بين الجاهل والحكيم أن الجاهل يفكر كيف يعيش يومه بيومه أما الحكيم فيفكر في نهاية مشواره في الحياه وكيف يجب أن يكون وعليه أن يبدأ من اليوم لتحقيق نهاية المشوار.
الجاهل الذي يريد أن يبني بيت يبنيه على الرمال - أي السطحية في التفكير وبدون دراسة بل ودراسة كثيفه أما الحكيم فيستعين بخبراء التربة ويدرسون نوعية الارض وخبراء الهندسة يحددون له عمق الاساس وارتفاع العمارة ويبدأ في تدبير النفقات لهذا الامر. الجاهل والحكيم يعيشون معاً في أرض الظلمة (العالم) أرض الشقاء كالعذاري الحكيمات والجاهلات كلاهما يعيشون لهم نفس الشكل (الخارجي) أما الضمير والاعمال الصالحة لا يعملها إلا الله . وطالما أن العريس مبطئ في قدومه فنحن طال بنا الزمان أو قل سوف تأتى ساعة وننام فيها منتظرين قدوم العريس هل منتصف الليل أم الهزيع الرابع من المساء؟. وعندما يأتي العريس ويبدأ النور الحقيقي في تبديد الظلام (الحقيقي) عندئذ فان الحكماء سيضيئون مصابيحهم أما الجاهلون (بالامر) فمصابيحهم سوف تنطفئ وهذا المثل ..
هو دعوه من الله لابنائه أن يتعاملوا مع حياتهم الارضيه بحكمة يقتنون بها حياتهم الابدية. وأن تكون حياتهم الارضية هي الجذر الذي ينبت لهم ساق شجرة اعمالهم الصالحة التي يتمتعون بظلها في الأبدية الاكيده. فالأبدية هي الاكيده لكن الارضية هي التي سوف نتركها شئنا أم لم نشأ. والمسئولية تقع على كل فرد تبعا لإيمانه وثقافته ومحبته وحجم وكالته ولكن من المعروف أن من يقدر أن يعمل حسنا ( أي رحمة بالاخرين ) ولا يعمل فهذه خطية والحكيم في وكالته المؤتمن عليها يجب ان يستغل كل مواهبه وامكانياته فما الفائده في وكالة يكسب فيها الوكيل من بعض عناصرها ويخسر من عناصر اخرى الواجب عليه أن يتخلى عن العناصر التي تسبب له الخساره بأي ثمن حتى لا تزيد الخساره وتضيع الارباح التي حصل عليها فان كان الخير الذي تقوم به كبير جدا لكن تعثرك عينك فاقلعها والقها عنك خير لك أن تدخل الحياه (الابدية) اعور من ان تعيش بهذه العين التي تتسبب في غرق الجسم كله في جهنم النار الابدية. كالشاب الغني الذي تمسك بأمواله وكانت امواله هي السبب في هلاكه وحذف اسمه من سفر الحياة الابدية.
عزیزی أنت مصری لأنك مولود في مصر بدون اراده وبارادتك تحصل على جنسية اخرى فتصبح مزدوج الجنسية ستفقد بعض الحقوق وستكتسب حقوق اخرى. كذلك أنت مولود في عالم الظلمة (الارض) بدون اراده - وبارادتك تحصل على جنسية اولاد النور فستخسر بعض الحقوق .. وستكتسب حقوق اخرى ولك وحدك ان تختار.
٣ – الوكيل والأجير
الاجير هو انسان لا يملك شئ لكنه يعمل لدى صاحب العمل ويأخذ اجرا اخر اليوم أو الاسبوع أو الشهر حسب نوع الايجاره. أما الوكيل فجرت العادة أن يعمل لدى موكل ولا يكون له اجر بل نسبه في الارباح قد تصل إلى ٢٠٪ من الارباح اخر السنة.
- ولما كان صاحبنا هذا سيترك الوكالة بسبب الوشابه أنه (مبذر) وقد تنتهى المشكله بأنه يخرج صفر اليدين. وربما صدر له الامر من الموكل فعلاً بأنه سوف يأتى اليوم فلا يريد أن يجده بالوكالة فكيف يأخذ حقه وهو ال ٢٠٪. نعم هو لن يأخذ شيئاً من متعلقاته الارضية (وكالته) - فالكفن بدون جيوب والحكمة تقتضى ان ننتهز الفرصة وتصنع لك اصدقاء بالامكانيات المتاحه لك من الله والتي لم تدفع فيها شيئاً لانك اصلا لا تملك شيئاً اذ عريانا خرجت من بطن امك وعرياناً تدخل بطن القبر.. لذلك قال في نفسه بأن حقى لدى صاحب الوكالة بسبب الوشاية لن احصل عليه لكننى لو اودعته لدى المديونين فلن يضيع لذلك اختار هذا الطريق وهو ايداع حقه المشروع (حسب عقد الوكالة) لدى المديونين بدل ما يضيع عليه خالص وطبعاً هذا الحق لم يكن خاص به بل هو حق اولاده واسرته. الم يقل الرب لبنى اسرائيل عند خروجهم من ارض مصر (اسلبوا المصريين) , ولم يكن هذا تشجيعاً على السلب والنهب بل كان أن بني اسرائيل عملوا لدى المصريين ٤٣٠ سنة ولم يأخذوا اجرا منهم بل كانوا مستعبدين في البناء وبالكرباج فأذن الله لهم أن يأخذوا ولو جزءاً من مستحقاتهم لدى المصريين.
أحبائي هذا المثل يحث على الحكمة والحكمة معناها أن تحمى نفسك من ايذاء الاخرين ومن ايذاء الزمن والتجارب. وأن تقتني لنفسك ابدية سعيده لك ولاسرتك ولكل من يرتبط بك وأنت حر الاراده ويبقى السؤال واضح امامك وهو استعد للقاء الهك لتعط حساب الوكالة فان كان هذا الوكيل حكيماً فالسيد المسيح هو أقنوم الحكمة.النظرة السطحية لهذا المثل تبين لنا أن الوكيل مخطئ لكن السيد المسيح يدعو كنيسته إلى الدخول إلى العمق لكى نصطاد سمكاً كثيراً فكلمة الله عميقة وكل من ينزل إلى اعماقها يجد كثيرا من التعاليم التي لاتراها ونحن نقف على شط البحيرة فهناك فرق بين أن يبحث الانسان في كلمة الله ويتذوقها وبين أن يقف الانسان كمتفرج على كلمة الله والأن كيف يتحول الانسان الوكيل في عالم الظلمة إلى وكيل في عالم النور
لقد خلقك الله في ارض الشقاء ارض الظلمة بدون ارادة وبأرادتك أن تنتقل إلى عالم النور كوصية المسيح سيروا في النور مادام لكم النور لئلا يدرككم الظلام.
١) الخطوة الأولى من لا يعتمد من الماء والروح لن يعاين ملكوت الله النور الحقيقي الذي يضئ لكل انسان اتيا إلى العالم. والمعمودية هي ثياب العرس القانونية .
٢) تسلك كما يليق بأنجيل المسيح لأنه قد احب الناس العالم (بظلمته) أكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة.٣
٣) أن تكون ثيابك (سلوكك) بيضاء لكى ينعكس عليك نور المسيح فتضئ للأخرين كما يقول اذ يرى الناس اعمالكم الحسنة فيمجدون اباكم الذي في السموات.
٤) الذي يجعلك تضئ اكثر من الآخرين هو اعمال المحبة والرحمة كالعذاري الحكيمات والسامرى الصالح – فنجماً يمتاز عن نجم في السمائيات تبعاً لمقدار المحبة الكامنة في قلبه.
٥) أن تتحد بالله من خلال سر (التوبة والاعتراف) وسر التناول باستمرار لكي تكون الاضاءة النابعه من داخلك – اضاءة مستمرة متزايده.
٦) الصوم والصلاة هما الوسائط الروحية التي من خلالها نكون صالحين لنقل النور الحقيقي إلى الآخرين فاهمال الصوم والصلاة في حياة المؤمن اشبه بالعازل الذي يحجب النور والكهرباء عن الآخرين.
٧) أن تعرف حجمك وقدرتك وقدر وكالتك ولا تتعداه وأن تضع الله امامك في كل قرار أو نظرة أو كلمة وتردد مع يوسف الصديق كيف اصنع هذا الشر العظيم واخطئ إلى الله.
عندئذ حتى وان كنت تعيش في ارض الظلمة لكنك ستكون وكيلاً في عالم النور وليس وكيلاً في عالم الظلمة. وعندما يأتي القرار الالهي بأنتهاء الوكالة سيكون مصيرك كمصير اليعازر المسكين. مات اليعازر المسكين حملته الملائكة إلى احضان ابونا ابراهيم (عالم الاحياء) أما الغني فمات ودفن واسدل التراب عليه إلى الابد (عالم الاموات). - ابناء النور مصيرهم الابدى رثوا الملك المعد لكم منذ انشاء العالم. ابناء الظلمة مصيرهم الابدى الظلمة الخارجية والبكاء وصرير الاسنان.
٤- المال في ثلاثة امثال للسيد المسيح
مثال الابن الضال (لو ۱٥- ۱۱: ۲۵) (المثل الاول)
للسيدالمسيح كان أنسان له ابنان قال اصغرهم لابيه يا أبي اعطيني القسم الذي يصيبنى من المال .. وبعد ايام جمع ماله وسافر إلى كورة بعيده وبذر ماله بعيش مسرف فلما انفق كل شئ .. ابتدأ يحتاج .. ثم رجع إلى نفسه وقرر أن يرجع إلى بيت أبيه مرة اخرى كعبد وليس كأبن المال هنا مال الأب ولكن لما اخذه الابن صار ماله الخاص - فالابن في حقيقة امره لا يملك شئ لأنه عريان خرج من بطن امه وعريان يعود إلى هناك. الابن لا يملك شئ لكنه صار وارثا ولو بصفه غير قانونية لأن ابيه مازال حيا وكان يمكن لأب اخر أن يرفض طلب ابنه (الخارج عن حدود اللياقة والقانون والذوق) بل ومن حق الاب أن يطرد ابنه صفر اليدين طالما أنه كامل السن ولكن هذا المثل يوضح أو يشرح لنا على لسان السيد المسيح أن السيد المسيح (إله العهد الجديد) لا يعاقب الابن رغم تهوره واندفاعه وخطأه (بالقانون) بل أنه التي تغفر لاسبع مرات بل سبعين مرة يعامله بمحبته سبع مرات .. فهذا المثل يركز على قبول الله للخطاه وليس لكى نتعلم
قلة الذوق أو التبجح في علاقة الابن بأبيه حينما طلب وقال يا ابی اعطني نصيبي من الميراث. ملخص المثل مرة ثانية في نقط بسيطه .. المال مال الاب .. (الله) لما أخذه الابن (الخاطى) صار ماله ولو أنه بدون وجه حق ..
الهدف من المثل ان الله والسماء تفرح بخاطئ تائب عاد إلى رشده وعقله أكثر من مائة بار لا يحتاجون إلى توبه (الابن الكبير).
المثل الثاني (لو ١٦: ١ - ٩) وكيل الظلم ..
قال السيد المسيح انسان له وكيل وشى به بأنه يبذر امواله فدعاه وقال له اعط حساب الوكالة.. فقال الوكيل ماذا افعل بعد أن يطردني سيدى استحي أن استعطى ولا استطيع أن انقب … فذهب إلى مدیونی سيده وصنع منهم اصدقاء بحسب ما ورد في المثل.. وكان التعليق أن السيد المسيح مدح هذا الانسان لماذا لأنه بحكمة صنع .. واوصانا بقوله اصنعوا لكم اصدقاء بمال الظلم حتى اذا فنيتم يقبلونكم في المظال الابدية..
وللوهلة الاولى نقول ان السيد المسيح في هذا المثل يشجع على السمسره أو السرقة حاشا لله.. تماماً كمن ينظر إلى السيد المسيح حينما يدعونا كونوا حكماء كالحيات يعنى نقرص من تحت لتحت أو كما يسخر اعداء المسيح من قول يوحنا المعمدان عن السيد المسيح أنه حمل الله الذي يرفع خطية العالم يعني أن السيد المسيح خروف؟ وقلنا وسنقول أن كل مثل له جانب واحد ولا
يحتمل أكثر من هذا الجانب أن احسنا التفسير اما أن يكون الانسان قصيرا في قامته الروحيه ويفترض اشياء في غير مجالها يبقى هو حر ..
أن يكون الانسان قصيرا في قامته لا مانع أن يستعين بالاخرين ولو بجميزة لكي يرى الحكمة التي في كلمات الرب يسوع. مثل وكيل الظلم هو الانسان الذي لايملك أي شئ وهو عريان خرج من بطن امه وعريان يعود إلى هناك. السيد هنا هو السيد المسيح الاله الخالق غير المحوى غير المدرك الذي من محبته للأنسان خلقه في احسن صوره على صورته ومثاله واعطاه السلطان على جميع المخلوقات التي تعنى الوكالة واحسن شئ منحه الله للأنسان هو الحرية - ولكن الحرية لابد أن يكون لها اطار لا تتعداه فكانت الوصية بحيث لا يعتدى لا على الكرامة الالهيه ولا على كرامة اخيه الانسان. وجوهر الوصية هو حب الرب الهك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك وقريبك مثل نفسك ..
ولكن هذا الانسان استغل هذه الحرية (الوكالة) واستحق الموت والطرد إلى این..؟ قال الرب لادم انزل إلى ارض الشقاء ارض الالم والدموع شوكاً وحسكاً تنبت لك الارض - وقال ايوب مولود المرأة قليل الايام شبعان تعباً هذه هي الوكالة التي يعمل فيها الانسان وهي الحياة الدنيا الباطلة قال عنها المسيح انتم (یا اولادی الاحباء) لستم من هذا العالم انتم غرباء أنتم سفراء كقول بولس الرسول. ولذلك أينما حل روح الله في أي مكان يقول (ليكن نور) أما المكان الذي لا يحل فيه روح الله فهو ظلمة.
عزيزى الوكيل .. هل انت ستظل وكيل على طول لا بل ستنخلع من هذا العالم فما هو مصيرك بعد ان تنخلع من هذا العالم هل ستعيش مع الناس الذين يأكلون ويشربون لانهم غداً يموتون أم انك تطمع أن يكون لك شركة العذارى الحكيمات مع العريس في الأبدية ؟؟.
المثل المذكور يتلخص في العدد (٤) ماذا افعل حتى اذا عزلت عن الوكالة يقبلوني في بيوتهم. فصنع له اصدقاء من مديوني سيده.. وليسوا مدينون له شخصيا لأنه لا يملك شئ.
+ من هم مدیونی سیده
+ هم الفقراء والمساكين وقال عنهم السيد المسيح اذا عملت وليمه ادعى الفقراء الذين ليس لهم أن يكافئوك. هم الكنيسة الذين قال عنهم السيد المسيح من يكرمكم يكرمني ومن يكرمنى يكرم الذي ارسلني.
+ هم البشر عموما من أي لون من أي جنس اذ ان الجميع هم خليفة الله وصورته ومثاله ولذلك امتدح السيد المسيح السامري الصالح وايضا مدح العذارى الحكيمات بقوله كنت جوعان فاطعمتوني وعطشان سقيتموني ومريضا زرتموني فقيل له متى رأيناك بهذه الصورة فقال ما فعلتموه بأخوتى الاصاغر (مديوني سيده) فبى قد فعلتم.
في مثل وكيل الظلم كل انسان هو وكيل على وزنات كثرت ام قلت لا فضل له في ذلك ابن ملك ابن وزير ابن فقير لا شأن لك بحجم الوكالة. الوكالة ليست دائمه بل موقته وعليك ان تصنع لك اصدقاء بحكمتك (التي لا تتعارض) مع حكمة الله اصدقاء يقبلونك يوم الحكم العظيم - وان تقتني لك زيت يضيئ مصباحك امام العدل الالهى.
المثل الثالث (لو ١٦ : ١٩ - ٣١)
مثل الغنى واليعازر ويبدو أن هذا المثل يكمله مثل الغنى الغبي لو ١٢: ۱۹ مشكلة الغني الغبي أنه قال اهدم مخازنى وابنى اوسع منها واقول لنفسی کلی واشربى وتنعمى لان لك خيرات كثيره لسنين عديده ومشكلة الغنى هنا أنه كان يلبس الارجوان والبز ويتنعم كل يوم مترفها.. متناسياً اليعازر المسكين مشكلته أنه كان يظن ان الوكالة مخازني دائمة إلى الابد ولم يدرى أنها مؤقته وأيام غربه طالت أو قصرت هي أيام وأنه غريب فالغنى لقبه الوحى الالهي بالغبي لأنه ظن أن وكالته دائمة سنين عديده ووكيل الظلم لقبه السيد بالحكيم لأنه فكر في مستقبله ماذا بعد أن اترك الوكالة الارضيه واقف امام منصة العدل الالهي اعطى حساب الوكالة.
- الغنى الغبي ظن أن حياته في ماله ونسي انه عريان خرج من بطن امه وعريان يعود إلى هناك اما الوكيل الظلم ففكر والحكمة تقتضى التفكير في أي مشروع قبل أن تبدأ اول خطوه .. اول خطوه عليها اساس كبير في سلامة المشروع
فإن كانت سليمه يبقى المشروع سوف يكتمل أما اذا كانت اول خطوه (الاساس) غير صحيحه فالبناء كله معرض للانهيار.. وهي دعوة إلى حساب النفقه فماذا افعل بعد ان يطردني سيدي من الوكالة هذه الفكره هي اساس ان يعد الانسان لنفسه ابدية سعيدة مع الله فالابن الضال قال ان العبودية في بيت ابي افضل بكثير من الشقاء مع اهل العالم. وهكذا يوسف الصديق قال في نفسه ان السجن الله ارحم بكثير من بيت فوطيفار الذي يعاني من الجوع الروحي والعطش الالهى. ومعلمنا بولس يبدأ رسائله إلى الكنائس بقوله بولس عبد يسوع المسيح. الابن الضال رجع بمزاجه إلى بيت ابيه ويوسف الصديق هرب بمزاجه من بيت الخطية .. وبولس الرسول قبل الدعوة وقال ماذا تريد يارب أن افعل؟.
الغنى الغبي احتفظ (بمواهب الله) لنفسه وكنزها لنفسه وبخل على الاخرين (اليعازر المسكين) بعطائه فاستحق العذاب واللهيب يوم الدينونة. والشاب الغنى ظن أن امواله تمنحه الحياة الابدية لكنه خسر كل شئ بارادته وقراره. الوكيل الظلم هو حلقة اتصال بين الابن الضال .. والغنى الغبي. فالابن الضال بدد ماله (اعتبر المال ماله) بعيش مسرف. والغنى الغبى کنز امواله وحفظها لنفسه وليس لله مانحه الحياة.. أما وكيل الظلم .. فلم يدعى أنه صاحب المال بل لو كان باستطاعته أن يعيد الاموال لسيده لفعل لكن المشكلة ان مديوني سيده تعثروا في السداد نظرا للحالة الاقتصادية وربما نظر الوكيل إلى سيده الغنى (جداً جداً) على أنه سوف يتنازل عن حقوقه لدى المديونين ويعتبر حقوقه لديهم (كديون معدومه) فان قل الدين أو زاد فهو لن يحصل منهم شيئاً.. لأن المديونين حالتهم دون المستوى.. وهو يثق في ان سيده واسع الثراء جدا.. (لانه الله) معطى الجميع خيرات بسخاء ولا يعير. فظهرت فراسة الوكيل أنه رغم انه لا يملك شئ وانه عريان خرج من بطن امه وعريان يعود إلى هناك إلا انه صار صاحب فضل علی مدیونی سیده فبدل ما كانوا مديونين بمائة صاروا مديونين بثمانين وعموما هو خفض لهم الدين. وصار له كرامة في نظرهم لأنه استغل (سلطانه) لصالحهم مما يدل على أنه يشاركهم مشاكلهم واما السيد الكبير والغنى فإنه سوف يسامح مديونيه وسواء كان الدين كبير أم صغير.. فلن يهمه هذا الامر كثيرا.. لأنه ذو قلب ملآن محبة كبيرة. الم يغفر للمرأة صاحبة الخمسة ازواج الم يغفر للص اليمين في التو واللحظة التي سأله فيها الغفران وهناك نقطة لابد من ذكرها وهو أن الجميع ينظرون إلى هذه الامثال على أنها وكالة على اموال وبالانجليزية money لكن هذه الامثال تنطبق على كل ما للانسان من نعم ومواهب وبركات وصحه منحها الله لك ولم تدفع فيها شيئاً.. والواجب أن تستخدمها فيما يمجد الله عندئذ يرى الناس اعمالكم - الحسنة فيمجدون اباكم الذي في السموات.. أما أن اسأت استخدامها فسوف يجدف على الله بسببكم. فهناك من استخدم عقله في تدمير البشر بالقنبلة الذرية وهناك من سخر الذرة من أجل العلاج .
امثله لاستخدام العقل في الشر
ا- أن يفكر الانسان (آدم) في أن يؤله ذاته.. والرب يقول انا هو الرب إلهك لا يكن لك الهه اخرى امامی.
٢- عبادة الأوثان يقع فيها الانسان بسوء تفكيره وقلة عقله الم يبخر سليمان لأوثان نسائه..
٣- استخدام عينيك في الشر كداود وزوجة اوريا الحثي.
٤- أن تكره اخوك الانسان (الذي هو صورة الله ومثاله وتعمل على ازالته من طريقك) كقايين قاتل هابيل واخاب قاتل نابوت وداود قاتل اوريا وانا وأنت حينما ندين او نكره الاخرين.
٥- حينما يسلم الانسان ذاته للشيطان كفرعون يحارب رجال وشعب الله. وكهيرودس يحاول أن يقتل يسوع في طفولته والاباطره الذين قتلوا شهداء الكنيسة على مر العصور والازمان والاجيال..
عزيزى
أن السيد المسيح في تجسده اراد أن يعلمنا وصار المعلم الصالح - وقال تعلموا منى هكذا علم بحياته وامثاله واقواله ودعى الكل لكى يتعلم علم البسطاء بالامثال وعلم الفلاسفة بالحكمة وقال من له اذنان للسمع فليسمع ثم قال أن هناك من لهم أعين ولكنها لا تبصر ومن لهم اذان ولكن لا تسمع عزيزي أن قساوة القلب هي التي تعمل غشاوه على العينين فلا ترى وهذه الغشاوه نزلت من على عيني شاول حينما اعتمد وصار بولس الرسول -
رؤساء الشعب حينما رأوا المعجزه العظيمة وهي تفتيح عيني المولود اعمى ماذا قالوا عن يسوع قالوا أنه خاطئ لأنه لم يحفظ السبت؟. لذلك قال لهم السيد لو كنتم عميان ما لكم خطية ولكن لأنكم مبصرين فخطيتكم باقية ولان عيونهم عيون عميان فحينما رأوا معجزة اليعازر الذي قام بعد اربع ايام من موته قالوا في انفسهم هلم نقتل يسوع ونقتل اليعازر ايضا.. لئلا ينفض الناس من حولنا.. ويفقدون مجدهم الارضى وكرامتهم لدى الرومان.. وكانت المحصله لهذا الزوغان الروحي والقلبي هوذا بيتكم يترك لكم خراب .
٥ الوجه الآخر في مثل وكيل الظلم
ماذا لو أن هذا الوكيل عندما سمع أن سيده سيأخذ منه الوكالة. ولكي يثبت براءته عمل قضايا على مديونی سیده واستخرج لهم احكام بالحبس وجاء سيده يوم أن تفتح الاسفار وجد هذا الوكيل يدين جميع مدیونی سیده وخارب بيتهم ومشردهم كما يفعل أهل العالم اليوم.. هل سيقول له السيد برافوا.. أم سيقول له يا أخى خلى عندك رحمه أما سامحتك في العشرة الاف التي عندك فبالاولى كنت تتمهل على أولئك العبيد رفقاؤك في الحالة الاقتصادية السيئه والتي يعاني منها الجميع؟؟ (مت ۱۸: ۳۱) أنه مما يدل على الحالة الاقتصادية السيئه في زمن المسيح مثل العبيد الذين اتوا في الساعة الخامسة مساءا وظلوا طول النهار بطالين لأنه لم يستأجرهم أحد .. ومن سماحة السيد أنه اعطاهم كالذين عملوا معه من اول النهار (مت ۲۰: ۷)
ان هذا الوكيل (وكيل الظلم) كان حكيماً لأنه فهم اسلوب وإرادة سيده في ادارة وكالاته المتعدده لذلك كان جريئا في اتخاذ هذا القرار وهو تخفيف الديون التي على عبید سیده لأنهم أحباء وأخوة لسيده الكبير. الم يقل ما فعلتموه بأخوتى الاصاغر فبي قد فعلتم عزيزى أن الوكيل الامين هو الذي يفهم ارادة وطبيعة سيده ويعمل على تنفيذها بكل امانه وبكل قوة وبكل سرعة بدون تباطؤ. عزيزى أن الشاب الغني سمع من السيد المسيح شخصياً بع مالك واعطه للفقراء فاغتم ولم يسمع ولم ينفذ بل مضى حزيناً..
عزيزى ليس انسان بلا خطية .. ولا سيد بلا غفران .. هذه هي التسبحه التي نرددها في الكنيسة كل يوم .. والأن ارجوك ان تحكم بنفسك على المرأة التي امسكت في ذات الفعل ستقول أنا وانت انها تستحق أن ترجم اما السيد الكبير فيقول بل ترحم
ماذا تقول عن اللص اليمين نقول انه مستحق الموت لكن السيد قال بل يستحق الفردوس.
والان سؤال نتقدم به إلى كل قارئ ما علاقتك بهذا المثل؟ وهل ينطبق عليك؟ وما هي حدود وكالتك؟ وما هي علاقتك بمديوني سيدك؟ هل سترحمهم وتخفف الديون عنهم بتقليل ادانتك لهم؟ ام ستكون عادلا وتحولهم إلى القضاء بل وتحكم عليهم احيانا.. وهل ستقف امام الله وفي كل قداس إلهى وتصرخ كرحمتك يارب كما رحمت مديونيك.. أم تقول له يارب بل عاملنا حسب عدلك..
قصة عن القديس توما الرسول
ذهب يكرز ببلاد الهند وباع نفسه كعبد لملك الهند الذي اعطاه مالا يبنى له قصرا به. اما توما الرسول فوزع هذه الاموال على الفقراء وبعد فترة عاد الملك إلى القديس توما يساله عن القصر والاموال فقال له توما انها في بطون هؤلاء الجائعين فقبض عليه ووضعه في السجن. وذات ليله حلم الملك أنه في الابدية وأن احد الملائكة يتجول به وسط الفردوس فرأى قصراً بهيجاً فسأل الملاك لمن هذا القصر؟ فقال له الملاك أنه لجلالتكم اذ ان توما الرسول اشتراه لكم. عندئذ استيقظ الملك من حلمه وعفا عن توما الرسول واعطاه حرية الكرازة في بلاد الهند. أنه نموذج حي لهذا الوكيل الظالم في نظر الناس لكنه حكيماً لدى الله. كذلك الم يكن الانبا ابرام أسقف الفيوم المشهور بالعطاء وشى به انه يبذر اموال المطرانية لدى الفقراء اخوة السيد المسيح. وصار الآن مضرب الامثال في كيف يجب ان يكون العطاء والغفران للآخرين وبلا حدود. والان يتساءل بلعام النبي (السابق) وصاحب الضلاله كما ورد في رسالة يهوذا بقوله كيف نلعن (أو ندين) انسان لم يلعنه الرب (عد ۸:۲۳) . ويتساءل بولس الرسول بقوله كيف ندين انساناً مدحه الرب .
فطوبي لمن يكون مدحه من الرب (رو ٢: ٢٩) أو نشهر به مع أن الله مدحه من أنت يا من تدين غيرك فان كان فاحص القلوب ومختبر الكلى قال عنه أنه بحكمة صنع فمن أنت يا من تدينه؟ ليتك تخرج أولا الخشبة التي في عينك عندئذ تبصر جيداً محاسن غيرك. نعم هو انسان وشى به.. لكنه لم يدافع عن نفسه فهو مظلوم - حكم الله عليه بأنه بحكمة صنع ذكرني ذلك بالسيدة العذراء التي نظر إليها يوسف النجار نظرة شك لكنها لم تدافع عن نفسها بل جعلت السماء تدافع عنها فطوبي لمن يدافع عنه الله بذاته.
محاسن وكيل الظلم .. أي فضائل
١-أنه لم يختلس شيئاً لنفسه لكى نسئ الظن به بل هو خفف الديون لمديوني سيده..
٢- انه لم يضع شيئا في جيوبه من اموال موكله بل هي مودعه طرف بطون مديوني سيده.
٣- أنه رقيق الاحساس ويرثى للذين في الشدائد أي مديوني سیده
٤- انه بذل نفسه وسمعته لكى يسعد الآخرين ان وكيل الظلم يدعونا ان نخفف الديون على الآخرين فان كان الله قد دعانا بقوله ان اعثرتك عينك فاقلعها.. وحينما يقلع سمعان الخراز عينه فهو الحكيم والوحيد الذي يستطيع ان ينقل جبل المقطم.. فهل بقوله ان اعثرتك عينك فاقلعها هل هو نداء الهى لكى يكون المؤمن اعور بل انها دعوة للكمال.. وبذل كل المستحيل والمستطاع لنوال ملكوت الله.. ورثوا الملك المعد لكم منذ انشاء العالم.. ورثوا ايضاً الاكاليل المعده لمن يستحقها. وكما نعمل على تخفيف ديون الاخرين سيرفع الرب عنا دينونته في اليوم الأخير تأكيدا لقوله لا تدينوا لكي لا تدانوا.. وبالكيل الذي تکیلون به يکال لكم.. فان كانت الرحمة بالآخرين (المديونين لسيدنا) هي شعارنا.. فهي ايضاً ستكون اكليلنا الذي سنتوج به رؤوسنا يوم ان تفتح الاسفار.. وبعد انه نداء للجميع فهل هناك من يستوعب هذا النداء !!!
٦- مثل وكيل الظلم والعشور
نقول ان العشور كانت الوصية للعهد القديم والعهد القديم هو عهد الأمور الارضية الارض التي تفيض لبناً وعسلاً.. ولكن في العهد الجديد قال السيد المسيح ان لم يزد بركم عن الكتبة والفريسين فلن تدخلوا ملكوت السموات.. حقاً أن السيد المسيح لم ينقض روح العهد القديم بل أكمله ففي القديم قال الرب “اعطوني العشور وجربوني” أما في العهد الجديد فقالها بصراحه.. “بيعوا ما لكم (كله) واعطوا صدقه وقالها للشاب الغنى بع مالك (كله) واعطه للفقراء - مدح المرأة ذات الفلسين لأنها اعطت (كل) ما عندها ولقد كانت العشور قديماً فقط لأن قلبهم كان متعلق بالارض والارضيات.. أما العهد الجديد فالقلب يجب أن يتعلق بالسماء والسمائيات..
واعتبر (الكمال المسيحي) في عطاء القلب وليس عطاء اليدين فالوصية تقول يا أبني اعطيني قلبك (كل القلب) - والوصية الالهيه هي حب الرب الهك من كل قلبك كل فكرك كل قدرتك وقريبك مثل نفسك وبولس الرسول يعتبر أن من أخطأ في واحدة صار مجرماً في الكل. أن وكيل الظلم ياعزيزى يدعوك إلى أن تفهم ارادة سيدك في العهد الجديد فهو يريد رحمة وليس ذبيحة.. وليس معنى ذلك أن تهمل الذبيحة. وهو لا يتعامل معك بالحسابات بل بمراحمه ولذلك ليس هناك علاقة بين وكيل الظلم ومن يستخسر ولو العشور من أجل الفقير والارملة فمن يزرع بالشح بالشح يحصد ومن يزرع بالبركات فبالبركات يحصد ومن يستخسر العشور في الله يكون كاسر للوصية التي تقول لا تسرق حقوق الله وكاسر للوصية لا تشتهى (ما لله) وهو بذلك يكون قد طمع فيما لله إن اله العهد الجديد برر العشار الذي نظر إلى ذاته وأخطائه وقرع صدره وقال اللهم ارحمنى أنا الخاطئ. اما ذلك المؤمن بروح العهد القديم اصوم يومين واعشركل مالى فلم ينال التبرير لأنه نظر بأذدراء إلى العشار وقال أنه ليس مثل هذا العشار الخاطئ عزيزى وكيل الظلم ينصحك ويقول أن العطاء في العهد الجديد لا ينحصر في العشور فقط بل من يقدر أن يعمل حسناً (أو يدفع اكثر) ولا يعمل فهذا خطية.
يامن تبخل على الله بعشورك تعالى نتحاسب:
+ ادفع ثمن عينيك واسأل في سوق العيون بكام تساوى العين؟
+ ادفع ثمن قلبك أو كلاويك أو رئتيك أو اسنانك.
+ عزیزی كم تساوى الحياة في نظرك؟ وهل سمعت الكبد كم يساوی؟
+ وكم تساوى نعمة العقل والأبناء؟
+ هل تعرف ياعزيزي كيف تثمن لي ثمن شبكة الاعصاب التي يحويها جسدك..
+ ياعزيزي انصحك نصيحه اخوية والرزق على الله ان قدمت كل ما تملك وحياتك ايضاً كلها قرباناً وعشوراً لله - فلن تفى الله حقه ثم من أنت يامن تبخل على الله بعطائك.
ولا تنسى يا عزیزی ان الله هو الكل في الكل في حياتك - وانت بما تملك بدون الله لا تساوى شئ. وان ظننت أنك شئ بعلمك أو ثقافتك فالوحى الالهى يقول لك لا تنسى انك تراب وإلى التراب تعود.
٧- السيد المسيح وامثال الكتاب المقدس
ما من مثل ذكره السيد المسيح إلا وكان يريد أن يشير أما لنفسه أو لكنيستة أو اسرار الكنيسة وكلمة الله أو عمل النعمه الالهيه في القلوب. ففي مثل الراعي الصالح كان السيد المسيح هو الراعي الصالح الذي يترك ال ٩٩ ويبحث عن الضال. - وفي مثل الدرهم المفقود كانت الكنيسة (جسد المسيح) هي المرأة التي فتشت واجتهدت وبحثت عن الدرهم المفقود ولما وجدته فرحت به ودعت الجيران يفرحوا معها .
- وفي مثل الابنين كان السيد المسيح هو الآب الذي جاء للابن الضال (الامم) ولا ينسى ان يدعو الابن الكبير (اليهود) للايمان به.
وفي مثل الخميرة التي خمرت العجين كله ما هذا إلا عمل الروح القدس والاسرار في نفوس المؤمنين ودخولهم إلى الايمان كما بطرس في سفر اعمال الرسل اذ امن ثلاثة آلاف نفس بعظة واحدة..
- وفي مثل يشبه ملكوت السموات شبکه جامعه من كل الانواع فما ذلك إلا الكنيسة التي تحب كل البشر وتدعوهم للايمان بالمسيح. - ولم يكن مثل السامري الصالح إلا دليلاً واشاره إلى السيد المسيح الذي احب الكل حتى مبغضيه اذ صنع معهم رحمه لا نهائيه حتى غفر لهم على الصليب. وكان مثل الكرم والكرامين الاردياء اشارة إلى نزع كهنوت الله من الامة اليهودية وتأسيس كهنوت جديد مبنى على اساس الخدمة والعطاء اللانهائي بل وغسل اقدام الآخرين كما كان اشارة إلى التخلص من السيد المسيح هذا هو الوارث الوحيد هلم نقتله الامر الذي جعل اليهود يفهمون أنه يقصدهم شخصياً والان ما هي الاشارات التي كان يريد السيد المسيح ان يلفت النظر إليها من خلال هذا المثل وهو وكيل الظلم.
٨- الكنز المخفى في مثل وكيل الظلم
على جبل التجلي ظهر بريق من بهاء السيد المسيح فسقط التلاميذ على وجوههم وقال بطرس جيد يارب أن نكون ها هنا وامرهم السيد ان لا يتحدثوا عن هذا الامر إلا بعد القيامة وكلمة السيد المسيح هي غذاء للقلوب وهي اشبه بالقمح فكل من يتأمل فيها يجد متعة ويجد فيها لذة ومذاق خاص كتلك المرأة التي من عجينة واحدة تصنع الخبز والجاتوه والكنافة والجلاش حقاً انها عجينة واحدة - لكن المنتجات مختلفة وكل منها له مذاق خاص وطعم يختلف عن الآخر.. وكلها مفيدة للجسم بل وضرورية.. ومنها المالح والحلو فما هي الجوانب المخفاة في مثل وكيل الظلم.
في مثل وكيل الظلم هناك ٣ شخصيات:
١- صاحب الوكالة
٢- الوكيل
٣- المديونين
١-صاحب الوكالة: هو الآب الخالق الذي هو المصدر الوحيد للحياة لكل الخليفة التي نراها والتي لا نراها وهو له مطلق الحرية في أن يذل من يشاء ويرفع من يشاء كما شهد بذلك نبوخذنصر في سفر دانيال أما المديونون فهم الخليقة ولعل تاج الخليقة هو ادم وكل ذريته.. فهم المدينون والمحكوم عليهم بالموت لأنهم اكلوا من الشجرة المنهى عنها بكامل ارادتهم وحريتهم لذلك استحقوا الموت بكافة اشكاله وانواعه.. ولكن هناك اشكال وهو أن صاحب الوكالة يحب مديونية محبة كاملة عميقة واحبهم إلى المنتهى برغم رداءتهم. «اذ هكذا احب الله العالم» فماذا يعمل صاحب الوكالة؟ لقد قرر أن يبذل ابنه الحبيب لكي لا يهلك كل من يؤمن به تكون له الحياة الابدية فمن هو ابنه الحبيب.
٢- الوكيل: الابن أي حلقة الاتصال بين صاحب الوكالة (الآب) والمديونين (الخليقة) جاء يعلم ويرشد ويهدى ويكمل الناموس ولكن العالم (الشرير) وشى به أنه كاسر للسبت ويريد أن يمنع الجزية عن الدولة ورغم أنه مولود بلا خطية وشهد لنفسه بقوله من منكم يبكتنى على خطية إلا أنهم حكموا أصلبه أصلبه أصلبه.. ونجحت الوشاية في القضاء على هذا الوكيل وصدر الحكم بصلبه. لقد قام ملوك الأرض وتأمر الرؤساء معاً على الرب وعلى مسيحه ومع كل الوشايات التي قدمت ضد هذا الوكيل إلا أنه على الصليب غفر للواشين به ولجميع المديونين (حمل الدين عنهم) وارتضى أن يصير لعنة لأنه علق على خشبة مع إنه البار وأرتضى أن يكون المهان والمجروح لأجل اثامنا - رغم أنه بلا خطية وبار.
أحبائي هناك من يرى في المسيح أنه كاسر السبت وأنه ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشيطان ولكن ماذا ترى فيه أنت !
انه سدد الديون عنا. رفع عقاب خطايانا وصرنا ابرياء. وبدمه ننجو من قبضة الجحيم. وبالايمان به تكتب لنا الحياة الأبدية ونغلب العالم. هل يمكن أن يكون السيد المسيح ، هو الوكيل في هذا المثل ، هو الله في صورة انسان جاء إلينا على الأرض (الظلمة) وعاش في عالم الظلمة (هذه ساعتكم وسلطان الظلمة) وشابهنا في كل شئ ماعدا الخطية.
ورغم انه الله القدوس إلا أنه ارتضى بالاهانة وصار لعنة لأجلنا لأنه ملعون كل من يعلق على خشبة. وكان يجول يصنع خيراً في شعبه واعظاً اياهم أنهم غرباء عن هذا العالم (المظلم) وأنهم نور للعالم وانهم ملح الأرض ويؤكد هذا المعنى بولس الرسول بقوله اننا شعب الله سفراء له على الأرض كأن الله يعظ بنا ، وأننا نحيا في العالم كشهود عليه ليوم الدينونة وفي مجئ السيد المسيح عاش حياتنا بالكامل ودعانا تمثلوا بي ودعانا إلى حمل الصليب وقبول الضيقة التي لأجل اسمه طوبي لكم اذا طردوكم وعيروكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم. عاش في دروب الظلام والظلمة وقال أن رئيس هذا العالم يأتي وليس له في شئ لأنه كان بارا برا مطلقا فمن منكم يبكتنى على خطية حتى الخطية الجدية التي نتوارثها ومع انه البار إلا أنهم أي رؤساء الشعب وشوا به وقالوا أنه مستحق للموت وقد تحقق لهم ماارادوه وهكذا تحققت اردة الآب وهي! هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به. فمدح السيد (الآب) وكيل الظلم (الابن) اذ بحكمة فعل لأن الآب سر بأن يسحقه. الأبن هنا صار مجروحاً لأجل احبائه ومسحوق لأجل اثام (مدیونی سيده)..
أحبائي طالما أن السيد المسيح تجسد أي نزل إلى الأرض (عالم الظلمة) وطالما أن له رسالة على الأرض فهو وكيل في أرض الظلمة.
أحبائي هل تدرك الان الكنز المخفي في هذا المثل وان كان التصديق صعب.. فهناك أيضاً من لا يصدق ويتساءل كيف يصير الاله انسان (بالتجسد) ان الله الاب سر بان يسحق (الابن) ابن محبته لكي يعتق البشرية من الموت الحقيقى وهو يؤكد بقوله لذاتي في بنی آدم وان حرركم الابن من ديونكم نحو الاب السماوي فبالحقيقة تصيرون احرار.
٩- لحة الاتهامات الزور (وشايه) التي قدمت في حق السيد المسيح وهو في ثياب (وكيل الظلم)
(يو ١٨ : ٣٠) . خير ان يموت انسان ولا تهلك الامه كلها (يو ١١ : ٥٠). لو لم يكن فاعل شر لما كنا سلمناه لك
١-أنه مستوجب الموت لانه قد جدف مت (مت ٢٦: ٦٦ )
٢- انقض هذا الهيكل وفي ثلاثة ايام ابنيه (مر ١٤ : ٦٠)
٣- يفسد الامه ويمنع ان تعطى الجزية لقيصر (٢٣ : ٢)
٤-هناك من قالوا انه يضل الشعب (يو٧ : ١٢)
٥- انه سامری وبه شيطان (يو ٨ : ٤٨)
٦- هذا الانسان ليس من الله لانه لا يحفظ السبت (يو ٩ : ١٥)
٧- نحن نعلم أن هذا الانسان خاطئ (يو ٩ : ٢٤)
٨- خير أن يموت الأنسان ولا يهلك الأمه كلها (يو ١١ : ٥٠)
٩- لو لم يكن فاعل شر لما كنا سلمناه لك (يو ١٨ : ٣٠)
يقول الكتاب يشبه ملكوت السموات كنزاً مخفى في حقل - وها نحن نكشف عن الكنز المخفى في هذا المثل. فليس كل الحقل كنزا بل الكنز يحتل مقدار محدد فقط في الحقل.
لكن هذا المثل يؤكد أن الحياة الأرضية هي أرض ظلمة وهي ليست دائمة بل مؤقته وطوبى لمن يفكر في مستقبله الأبدى بعد هذه الحياة الأرضية ولعل الرحمة والعمل الصالح هما خير استثمار في هذه الحياة… فمن يفكر ويخطط ويقتنى ويكنز سيضئ مصباحه في اليوم الأخير أما يتغافل ويتناسى ولا يهتم ويرددها أنا ماض إلى الموت فلماذا لى بكورية فلا أبدية سعيدة له .
احبائي يعلنها بولس الرسول صراحة اذ لسنا بعد ابناء الظلمة بل نحن ابناء النور - فالظلام هو العالم وأهل الظلمة هم أهل العالم ولذلك ففي بدء الخليقة قال الله ليكن نور فكان نور لقد احب الناس (اهل العالم) الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شريره.
وانت ياعزيزى ماذا تحب وكيف تريد أن تسلك؟ أنت لك الحرية ان سلكت كأهل العالم - وعشت للعالم وقلت ها أنا ماض إلى الموت فلماذا لى بكورية فسيحترمك العالم - لكن ستحذف اسمك من سفر الحياة كهيرودس وبيلاطس.
ما سلكت بمفاهيم السماء وابناء النور واقتنيت الحياة الابدية فستنال اكليل الحياة الذي اعده الله للذين يحبونه حسب تعبك وجهادك. حدد هدفك من على الارض وابديتك واعلم ان الارض بكل ما فيها ستنحل وستحترق وكل ما في الارض باطل وتأكد ياعزيزي أن وكالتك (رسالتك) في الحياة سوف تنتهى سواء شئت أم لم تشاء وستقف امام الله يوماً ما تعطى حساب الوكالة ليس هناك اعذار.. فأنت بلا عذر ايها الانسان.. وليس هناك محاباه لكن البشر نوعان فهناك فريق يفهم ما يقوله الله للكنائس فيتوب وهناك فريق بلا عقل لا يفهم للتوبة معنى وكما قال المزمور ٤٩: ٢٠ انسان لايفهم يشبه البهائم التي تباد فيحكم على نفسه بالزوال.
* وبعد نداء .. احترسوا من الواشون فمن هم الواشون؟.. فالواشي الاكبر هو الشيطان الذي يريد أن يشتكى على مختارى الله.
* الواشى قد يكون رؤساء الشعب على السيد المسيح.
* الواشى قد يكون الأخ الأكبر في مثل الابن الضال.
* الواشى قد يكون يهوذا ضد المرأة ساكبة الطيب.
* الواشى قد يكون سمعان الابرص الذي يدين المسيح ( لو كان هذا نبياً ويدين الخاطئه أيضاً ..
فالوشاية قد تكون من (الخارجين على الايمان) وقد تكون من حراس الشريعة بل وقد تكون من أهل البيت اذ يقول السيد المسيح جرحت في بيت احبائي. وقد يكون الواشون اصحاب الساعة الاولى ضد اصحاب الساعة الحادية عشر. عزيزى إحذر لئلا تكون أنت أحد الواشيين على الوكلاء فلا تدينوا لكي لا تدانوا ولا تشوا بأحد لئلا يحكم عليكم..
عزيزي يامن تعيش في عصر الظلمة وزمن العولمة وهو سمات كل عصر لا تهتم كثيراً بكلام الناس.. ولا تسعى لأن يمدحوك لأن الناس سريعو التغير والتحول فالذين صرخوا أحد السعف أوصنا لابن داود اوصنا في الاعالي هذا هو ملك اسرائيل. هم بذاتهم وبذات اللسان قالوا يوم الجمعة اصلبه اصلبه دمه علينا وعلى اولادنا وليس لنا ملك إلا قيصر.
ولذلك طوب الكتاب الانسان الذي يكون مدحه من الله وليس من الناس. وبعد ياعزيزي في تفسير هذا المثل وكيل الظلم (لو ١٦) لابد ان تدرك هذه الامور وتضعها في حساباتك.
١)ان المثل شئ والواقع شئ اخر اذ ان العالم بكل ما فيه من قارات وبحار يمكن أن يوضع في لوحة ٢م في ١ام في حجرة الجغرافيا بالمدارس. فالصورة شئ والأصل شئ ولكن هناك مقياس رسم قد يكون اسم: الاف الكيلومترات.
٢) مديوني السيد (صاحب الوكالة) هم اخوته وهم مدينون له شخصياً وليس مدينون للوكيل (شخصياً) والوكيل ما هو إلا حلقة الاتصال بين السيد (الذي لا يرى) والمديونين البائسي الحال قاطنى الأرض.
٣) الوكيل بين فكي رحى الاول اذ هكذا احب الله العالم - والحجر الثاني هو الديون الثقيلة على (الخليقة) ادم وكل ذريته وعدم قدرتهم على الوفاء بديونهم وكان ان (بذل) ابنه الوحيد (الوكيل) اذ بذل سمعته وكرامته (ابی اعظم منی) بل وبذل مشيئته (لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك) والكأس التي اعطاني الآب الا اشربها وان كنا نقول ان المثل شئ والواقع شئ فالمثل عن انسان (محدود في وكالته) وتنتهى وكالته (حياته) بالموت الجسدى أما السيد المسيح فهو الغير محدود في وكالته وهو الديان وهو وحده الذي له ان يمحو صك خطايانا. ووكالته لن تنتهى لأنه الله في صورة انسان (عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد).
أحبائي لقد كان اسحق ابن ابراهيم رمزاً للسيد المسيح في طاعته لأبيه. وكما حمل اسحق حطب المحرقة هكذا المسيح حمل خشبة الصليب. وكما رجع اسحق حياً هكذا المسيح قام من بين الاموات . لقد كان اسحق مثلاً للسيد المسيح في طاعته لأبيه وحمله حطب المحرقة ورجوعه حياً من بعد موته (بالنيه) بيد ابيه ابراهيم .
حقاً ان المثل شئ ولكن ما يشير إليه المثل شئ اخر..
۱۰- تعليق
طول عمرنا نعتبر ان هذا وكيل الظلم انسان (شرير) لذلك صعب أن نصدق أو نلقى بظل هذا المثل على شخص السيد وللامانه تقول أن السيد المسيح شابهنا في كل شئ ماعدا الخطية ولان هذا المثل (وكيل الظلم) ينطبق على كل البشر وينطبق على كل انسان حي وله وكالة في عالم الظلمة اذن فمن هذا المنطلق فهذا المثل ينطبق على شخص السيد المسيح الذي شابهنا في كل شئ ماعدا الخطية - وحدها - فعلى كل انسان أن يغفر للآخرين بقدر وكالته ووزناته أما السيد المسيح فغفرانه بلا حدود وهذا الوكيل كانت سلطانه لا تتعدى غفران أكثر من ٢٠٪ أما المسيح فغفرانه بلا حدود ۱۰۰٪ .
وكما ان الوكيل كانت حياته (وكالته) محدوده بقدر سنی حياته أما السيد المسيح فهو ابدى ازلی دائم سلطانه بلا حدود ولو كان هذا المثل لا ينطبق على شخص السيد المسيح لكان الوحي الالهي سجل هذا الموقف بقوله أن السيد المسيح شابهنا في كل شئ ماعدا الخطية ومثل وكيل الظلم.
نعم ان الوكيل خفض الديون للذين احبوه فقط وبالطبع لم يخفض للذين وشوا به لأن الانسان محدود في محبته للاخرين.. نعم لقد سامح يوسف الصديق زوجة فوطيفار واخوته الذين باعوه. ونعم لقد سامح داود شاولا ولم يقتله بقوله كيف آمد يدى إلى مسيح الرب. ولكن ليس كل الوكلاء في عالم الظلمة في درجة روحية كيوسف الصديق وداود النبي أما السيد المسيح الله الذي في صورة انسان فانه احب خليقته كلها منذ آدم إلى آخر الدهور ولذا اعطاها غفران كاملا ودائما لمن يؤمن به١٠٠ ٪ free
وربما يتساءل البعض هل وكيل الظلم انسان شرير سئ ام انه بار مظلوم؟ وللاجابة نقول نحن البشر محدودي الفهم ظلمناه اما فاحص القلوب فمدحه بأنه حكيم.. والحكيم هو الذي يحمى نفسه واسرته من المخاطر وهذا امر منطقي وطبيعي.. وحكمته تظهر لأنه فكر في مستقبله الابدى بعد أن تنتهى حياته بالجسد.. ولو كان هذا الوكيل شريرا خبيثاً لكان السيد المسيح اعطاه الويلات كما اعطاها للكتبة والفريسين المرأوون - ولو كان هذا الوكيل غير اميناً في وكالته لكان قد مزق الصكوك وقال في نفسه اهی خربانه خربانه.. ولو كان هذا الوكيل غير اميناً في وكالته أو خائناً لسيده . لكان الوحى الالهي قد لقبه.. كما لقب يهوذا بأنه كان سارقاً للصندوق وكان يأخذ كل ما يلقى به بل وأكثر من هذا فان يهوذا لم يكن سارقاً للصندوق فقط بل وخائناً لسيده الامر الذي جعله يبيع سيده بثلاثين من الفضة ونؤكدها فنقول
يا أحبائي نحن امام مثل والمثل شئ والتأمل فيه شئ اخر فان كانت اصابع اليد الواحده تختلف فيها البصمات من اصبع لاخر فبلاشك ان المثل شئ والواقع شئ آخر ونحن لا ندعى المعرفة لكن نريد أن نزيح بعض الظلم الذي وقع على كاهل هذا الوكيل منذ زمان بعيد بسبب ضعف بصيرتنا الروحية فيا ترى هل افلحنا أو نجحنا أم أن النظرة السطحية ستظل هي المسيطرة على مستقبل هذا الوكيل والموشى به من اصحاب المصالح المختلفة عندئذ نكون اشبه بأولئك الذين الصقوا تهمة بواحد فلما ثبتت براءته بذاته عز عليهم رفع التهمة عنه وهذا هو حال الدنيا. لذلك سألت وكيل الظلم «المظلوم» حدثني لماذا تمثال العدالة دائماً يرسم على شكل إمرأة معصوبة العينين؟. فأجاب في البلاد التي يحكمها قانون (النور) تكون العدالة معصوبة العينين لتحكم بالحق فلا ترى إلا الحق الحق وحده دون النظر إلى الشخصيات أو الخواطر أو المحسوبيات التي تحكم لهم.. أما في البلاد التي يحكمها قانون (الظلمة) تكون العدالة معصوبة العينين لكي لا ترى الحق فيظل الظالم ظالماً إلى أن تنتهى وكالته ويظل المظلوم مظلوماً إلى ان تنتهى وكالته وعندما يلتقيان الظالم والمظلوم امام العدل الالهى عندئذ ينطق العدل الالهي بالحكم النهائي فيقول مات الظالم ودفن.. ومات المظلوم وحملته الملائكة إلى احضان ابونا ابراهيم.. وعجبي.
وجاء نا الان تعليق على التعليق السابق
قد يكون السيد المسيح لقب المثل بوكيل الظلم ربما لان الواشون ظلموه هو دون ذنب جناه الم يقل الوحى الالهى عن السيد المسيح انه ظلم واما هو فلم يفتح فاه وان الذي بلا خطية صار لعنة لاجلنا لانه ملعون كل من يعلق على خشبة وايضاً جرحت في بيت احبائى.. واللا ايه وكيل الظلم - مثل حي في حياتنا في المدرسة اثناء الامتحانات هناك لجان رأفة الهدف منها تنظر إلى الراسبين خصوصاً في ثلاث مواد لكى ترفع الراسب في احدى هذه المواد وينجح بتعويض مادتين ولا يرسب ويضيع عليه العام كله.
في المستشفيات واللوكاندات هناك فواتير تصل إلى الحسابات مكتوبة عليها Free ذلك لانها انفقت على اناس يهموا صاحب المنشأة أو يقومون بعمل تسهيلات ما وتختلف السلطة التي توقع على المستند حسب قيمته ومديوني السيد هم اخوته. فهناك سلطة للوكيل بأن يصنع تخفيض نسبه ما وهناك وكيل أعلى بسلطة اعلى و Free اكثر فوكيل الظلم كانت سلطاته ان ال ١٠٠ تصبح ٨٠ وال ٨٠ تصبح ۵۰.
أما السيد المسيح (الديان) فسلطته ان يمنح ال Free لصاحب الدين ۵۰۰ دينار والاخر ۵۰ دينار اذ لم يكن لهما ما يوفيان فسامحهما أي اعطاهما Freeوان حرركم الابن بالحقيقة تصيرون احرار كما في حادثة سمعان الفريسي والمرأة الخاطئة.
ما معنى غفران الخطية..
معناها أنك انسان خاطئ بطبيعتك (بالخطية ولدتني امي) وأنك مديون ولا تستطيع ان تسدد الديون عنك وان ثمن الخطية هو الموت موتاً تموت ولأنك انسان عريان لاتملك شئ لذلك كان التدبير الالهي ان الله الذي خلقك بدون ارادتك وهب لك الخلاص مجاناً بشروط معينه هو أن تحبه محبة كاملة من كل القلب دون غيره وتؤمن بابنه وان تلتزم بوصاياه فتحب الاخرين وتغفر لهم بل وتغسل اقدامهم فمن يقبل اليه بهذه الشروط فهو مستعد ان يحمل الدين عنك.. ويعطيك شيكاً إلهياً مكتوباً بدمه لسداد كافة ديونك وديون كل من يؤمن به فمن يقبل إلى لا اطرده خارجاً أما الذين لا يلتزمون بالوصية والذين لا يؤمنون بهذا الوكيل وظهور الله الجسد بل ويتنكرون له فديونهم باقيه ولن يروا الأبدية السعيدة إلا بعد ما يوفون الفلس الاخير ولن يوفونه طالما سيظلوا متمسكين بوشاياتهم نحو هذا الوكيل - فمن يجدف على الابن ثم يتوب يغفر له أما من سيظل على تجديفه حتى الموت بدون توبة فلن يغفر له لا في هذا الدهر ولا الاتى كشاول الطرسوسى الذي كان مجدفا على الابن ثم تاب فصار بولس الرسول الكارز العظيم وصاحب اكليل البر في ملكوت الله. وقبل ان ننتهى من حوارنا مع وكيل الظلم الذي هو حكيم في نظر الله سألناه ثلاث اسئلة :
١- من هو الحكيم؟
فقال هو الذي يراعي ضميره في مصلحته الخاصة واسرته ووطنه وعلاقته بالله ولا يكسر وصية الله تحت أي امر مهما كان كموسى النبي الذي هو أول من استلم لوحى الشريعة من الله لكنه للاسف كسرهما..
۲. من هو الخبيث؟
هو الثعلب المكار الذي يرعى مصالحه ويدوس على مصالح الآخرين. فلا يرحم الآخرين ولا يترك الله يرحمهم لانه انانی.
۳. من هو الغبي؟
هو الذي ينسى ابديته ويتلاهي في ملذات الدنيا كالغنى الغبي.
وما هي نصيحتك لكل قارئ لهذا المثل.. وكيل الظلم ان الحياة الارضية بدون حكمة = ضياع للحياة الابدية اقتنى الحكمة اقتنى الفهم فهما القلادة التي تتألق بها يوم الدينونة كالعذاري الحكيمات. على قدر طاقتكم (وكالتكم) سالموا جميع الناس واغفروا لهم.
الحكيم والاحكم - حكمةهذا الدهر
+ من هو الحكيم هو الذي يعمل على ان ينجى نفسه ويهرب من طوفان الشر كالحية حينما تشعر بالخطر تهرب.
+ ودعانا السيد المسيح ان نكون حكماء كالحيات.. من هو الاحكم هو الحكيم ويستطيع ان يعلم غيره الحكمة أو هو الذي يفهم إرادة سيده وينفذها فورا.
+ من هو الشرير هو الذي يصنع الشر اما الاكثر شراً هو الذي يشجع غيره على الشر. كأهل العالم رو١/٣٣
حكمة هذا الدهر وحكمة ابناء النور
في عالم الظلمة مفاهيم تتعارض مع مفاهيم ابناء النور فالغني الذي قال اهدم مخازنی حكيم في نظر العالم لكنه غبي في نظر الله. أما الذي ينفق امواله لأجل الملكوت كانطونيوس فهو الحكيم في نظر الله. المرأة ساكبة الطيب في نظر يهوذا (اهل العالم) اتلاف أما في نظر السيد المسيح فهو تكفين للسيد المسيح وحينما يكرز بهذا الانجيل يذكر ما فعلته هذه المرأة تذكارا لها لكى نقتدى بها ونسير على منوالها. الذي يحفظ نفسه في نظر العالم هو الحكيم أما الذي يهلك نفسه لأجل الانجيل ولأجل المسيح فهو الذي سيربح ابديته في ملكوت السموات .
احبائي لقد أوفينا هذا المثل حقه بقدر الامكانيات المتاحة لنا فهل مازال هناك غموض حول هذا المثل فكل املنا ان نحسن صورة هذا الوكيل ولعلنا نجحنا.
١١- حقائق مره اكتشفها لنا مثل وكيل الظلم
١)الكثيرين والكثيرين جداً لا يقرأون الكتاب المقدس.. ولذلك فان كان السيد المسيح ينصحنا بقوله سيروا في النور.. إلا أننا بأرادتنا نترك النور(المجاني) والذي هو هبه من الله ونسعى نستقى المعرفه من ابار مشققه لا تضبط ماء لذلك نحن نشعر بالعطش الدائم .
كل البيوت فيها أناجيل لكن لا تفتح لأن القلب مغلق عن سماع صوت الله وهذه مسئولية شخصيه لكل واحد.. ووصية السيد المسيح لنا فتشوا الكتب فهى تشهد لي.
٢) حتى النبذات والوريقات يأخذونها ولكن سرعة الحياة تعطلهم عن فتحها أو الالتفات إلى ما فيها من انباء أو انذارات.. لذلك يتأسف الوحى الالهي بقوله أنه عند المجئ الثاني للرب يسوع العله يجد الايمان على الارض؟ يقصد الايمان العملي نعم الايمان في الكتب والنبذات والنشرات لكنه مهمل لأننا في عصر الموبايلات والتيك اوای Take away فمحدش فاضي والعقل صار فارغاً إلا من بعض الأمور السطحية اليومية التي تطفو على سطح الفكر وهي قضايا يومية الاكل والشرب والمواصلات والموضة واخر ما وصلت إليه القنوات الفضائية من فرقات..
٣) لم تعد الناس تفكر في ابديتها بل لا تفكر إلا في الامور الحياتية اليومية ورغم أن الله خلق الانسان حيوانا مفكراً إلا أنه اكتفى بالصفة الاولى فقط وجعل الصفة الثانية (مفكراً) من اختصاص بعض الناس وبهذا فقد الانسان صفة التفكير أو المحاوله للتفكير والمنطق يقول يفكر ليه طالما أن هناك من يفكر له ويقوده مثل ال.. وكلمة نقولها للحق ورزقنا على الله ويزعل اللي يزعل انسان لا يفكر يشبه البهائم التي تباد (مز٤٩: ٢٠) انسان لا يفكر لا ابدية سعيدة له لأن الابدية مرتبطه بالفكر وحساب النفقة وهذا هو جوهر المثل وكيل الظلم - ماذا افعل لكي يقبلوني في المظال الابدية وعبد المظال هو عيد يهودي كان يستمر لمدة اسبوع يجتمعون في اورشليم اشارة إلى التواجد في الحضرة الالهيه وطبعاً بعد أن تنتهى حياتنا فسوف يعيش الابرار في الحضرة الالهيه وإلى الأبد. نقولها للاسف غابت فكرة الابدية من فكرنا كمسيحين وشابهنا الناس في كل شئ كلامهم حياتهم خطاياهم بل حتى ملابسهم وتسليتهم. لقد كانت التحية بين المسيحين زمان ایام البركة هي الرب ات ماران اثا أما تحية اليوم فصارت هالو وبای بای. أن الوكيل في عالم الظلم يدعونا ان نعود إلى رشدنا ونستيقظ من غفلتنا وسكرتنا وهموم الحياة.. فنأخذ حذرنا.. فالرب ات لا محاله ووكالتنا على الارض ستنتهي حتماً فماذا نحن فاعلون لكى نستحق المراحم الالهيه.. أنت بلا عذر ايها الانسان لقد خلقك الله في أحسن صورة على صورته ومثاله ووضعك في احسن مكان في الجنة.. لكنك يا آدم بارادتك احببت العصيان والتمرد ولما كان الموت هو النتيجة الطبيعية كثمرة للخطية.. رأت الحكمة الالهيه ان يتجسد الله الكلمة ويرفع عقاب خطايانا فنحن الذين اخطأنا وهو الذي دفع الديون عنا وأعطانا البراءة الكاملة أن امنا به وقبلناه رباً وفادياً ومخلصاً.. فلماذا نجد التمرد من قساه القلوب لماذا نجد التمرد من فاقدى المعرفة والفهم الروحي لقد سقط يهوذا التلميذ في فخ محبة المال وسقط بلعام النبي في نفس المصيدة.. وخرب الله بيت عالي الكاهن لأنه اهمل في تربية اولاده كما يليق كأولاد الله فالى متى نتغافل أنه نداء من وكيل الظلم إلى الاحياء بالجسد لعلهم يحيون بالروح ويفهمون ما يقوله الروح للكنيسة أنه نداء دائم لك ياعزيزى قبل أن تسمع الصوت الالهى اعط حساب الوكالة ولكي تحذر سماع الحكم «اذهبوا عني» فتلقى خارج الملكوت.
١٢- همسة عتاب لشباب اليوم
أنه لا يعرف كيف يفكر.. تسأله تأكل ايه يقولك أي حاجة.. وغالباً يرسي الأمر انه ينام خفيف يسأل طالب ثانوى هتدخل علمى وللا ادبى يقولك مش عارف بل اكثر من كده تقول لواحد عاوز تتجوز وللا لا يقولك أي حاجة. لذلك لا تنشأ المشاكل من فراغ.. فالله كما يقول وكيل الظلم غير مجرب بالشرور ولكن الانسان صاحب المشكلة له على الاقل ٧٥٪ من المشكلة يعنى هو السبب فيها فمثلاً مشكلة البطالة مين السبب فيها تلاقي الشاب نفسه ليه لأنه دخل كلية سوف يتخرج منها لا يجد عملاً فلو كان قد فكر قبل دخول الكلية وسأل نفسه ما المستقبل وما هو العمل الذي ينتظرني ما حدثت مشكلة البطالة. البلد دلوقتى محتاجة مؤهل فنى متوسط تجد اعلانات تملأ الجرائد كل يوم ومع هذا لا احد يعمل والكل بيبحث عن وظيفة تناسبه على مزاجه لا ياحبيبي أنت الواجب عليك أن تتكيف حسب حاجة العمل وليس العمل هو الذي يتكيف حسب مزاجك.
العمل اليدوى عمل مقدس لقد عمل المسيح نجاراً يقوت نفسه ويقوت والدته ولا يعيش عاله على المجتمع. لذلك كان من حكمة اليهود ان يعلموا اولادهم مع الحياة المدرسية عمل يدوى يقوته فلذلك كان بولس الرسول فيلسوف لكن لما الفلسفة لم تطعمه خبزا عمل خياماً وقال حاجتي وحاجات الذين معى خدمتها هاتان اليدان.. ان كان الكتاب يقول من لا يعمل لا يأكل.. فوكيل الظلم الحكيم ينصحنا من لا يفكر صح لحياته ومستقبله لا يحاول ان يقتنى السعادة التي يحلم بها بل يكتفى بما يلقى إليه من السعداء الذين فكروا صح ونجحوا وحققوا ذواتهم.
وكيل الظلم ينصحنا ان نكون حكماء مائة في المائة لأن الحكمة المنقوصه تجلب على صاحبها المتاعب فسألناه كيف؟
قال ما رأيكم في السامري الصالح - قلنا انسان يحب الخير للكل.. حتى الاعداء. قال لكنه لم يسلم من الاذى؟ قلنا له كيف قال بعد أن اودع مريضه المستشفى ودفع له دينارين اتعمل محضر ولكن اليهودى وشى بالسامري الصالح وادعى انه هو الذي سرقه وانه هو الذي ضربه.. ونسى عمل الرحمة اللى عمله فيه وتحول المحضر إلى النيابة التي امرت بالقبض على السامري الصالح وحكمت بصلبه يوم الجمعة الحزينة بسبب الوشايات التي قدمت ضده ولعدم وجود شهود اثبات وأدى حال الدنيا.
فالحكمة تعنى الحذر مع الجميع ولا تنسى ان اصدقاء اليوم قد يتحولون إلى اعداء وساعتها يستخدمون كل مالديهم من مستندات للشر.. لذلك جاءت الحكمة القائلة اللهم نجيني من اصدقائي أما اعدائي فأنا كفيل بيهم. والحكمة ضرورية في كل فضيلة فأى فضيلة تمارسها بدون حكمة قد تنقلب إلى ضدها ولا تنسى أن راس الحكمة هو مخافة الله.
عزيزي صاحب الوكالة تقول للوكيل (لو ١٦) ما هذا الذي أسمع عنك … ثم اصدرت أحكامك بإنهاء وكالة الوكيل أن الذي يأخذ بالسمع فقط يظلم الأخرين - لذلك عليك أن تتحقق بنفسك يا صاحب الوكالة . لا سيما أن الذين وشوا به هم أصحاب مصلحة.
عزيزي حينما تسمع / عليك ان تتحقق ثم ان تتاكد حتى يكون حكمك صائبا بقدر اهتمامك بالامر . لذلك اشترط المشرع الالهى ان لا يحكم في اي قضية الابناء على الشهود … و يجب ان يكون الشهود ليس لهم مصلحة ولا خائفين من امر ما بشأن هذه القضية – و لا مرتشين لان الرشوة تعوج القضاء
ولا من شريبي الخمر المتلفين لاتزان العقل .. حتى القاضي الامين حينما يستشعر بعدم الارتياح في قضية ما فأنه يعتذر عنها حتى لا يشوب الحكم اي خلل و حتى في القضاء هناك مراحل و استئناف و العرض امام محكمة عليا و هكذا كل هذه الامور لكي تظهر الحقيقة الكاملة و ليكون ايضا الحكم صحيحا لان العدل الحقيقي يمثل الحضور الالهي لله .
والفرق بين القضاء الأرضى والقضاء الإلهى ان القضاء الأرضى يحتاج إلى أوراق ومستندات وهناك الواشون الذي بسلطانهم ان يقدموا للقضاء أوراق أو مستندات مزورة .. فالقاضى برئ وحسن النية في حكمه حسب الأوراق المقدمة له أما القضاء الإلهى فإن الله ينظر إلى القلب وخفياته فالله يقرأ فكر الناس ويحاسب الناس على أفكارهم وليس سلوكياتهم
فالفرسين مثلا كانوا يطيلون الصلوات و السجود امام الهيكل .. و مع هذا يقول لهم السيد المسيح ويل لكم و لماذا .. هل الصلاة حرام .. يقول الوحي الالهى لانهم تمسكوا بالشكل الخارجي دون الجوهر . سمعان الفرسي يعمل وليمة (امام الناس ) يظهر انه رجل مضياف و کریم و مفيش بعد كدة مع هذا فان السيد المسيح يرفض هذه الوليمة الملائة رياء - لانها وليمة شكلية و ليست قلبية ولذلك يقول الوحي الالهى يا بنى اعطيني قلبك .. و ليس مالك او وقتك .. فالله يهتم بعطاء القلب و ليس عطاء اليدين - الخالي من الحب الحقيقي - في يوم احد السعف استقبلت الجموع السيد المسيح بالسعف و هذا اليهود - اوصانا في الاعالي .. و مع هذا فان السيد المسيح يبكي ؟ تبكي علي ماذا يا سيد ؟
ابكي لانها اي اورشليم لم تعرف زمان افتقادها - لم تقدم توبة قلبية - لم تدرك حقيقة المسيح الملك - انه ملك سمائي و ليس ارضي -انه ملك علي القلوب و ليس على العروش و للاسف حينما ادركت اورشليم الحقيقة - لم تستمر في خداعها طويلا بل صرخت بكل صراحة ليس لنا ملك الا قيصر حتى لو كان الثمن خراب الهيكل .. فالانسان دائما ينظر الى العينين اما الله فينظر الى القلب احيانا الانسان الروحاني يعمل تصرفات في نظر البعض (غلط) كما كان نوح حينما يبني الفلك .. او ابراهيم حينما يقدم ابنه اسحق كذبيحة – او حينما يدير المؤمن خده الاخر
لكن السؤال الذي يدور بالذهن يجب ان يكون ماذا يقول الله عنى الله وليس الناس .
المرجع : كتاب وكيل الظلم ( صفحة ١٠ - ٤٧) - الأب القمص يوسف حنا جاد - كنيسة الشهيد أبي سيفين بالمهندسين
[1]- تفسير انجيل لوقا (١٩: ٢٧) - القمص تادرس يعقوب ملطي.