شرح قراءات الصوم الكبير للمتنيح الأرشيدياكون بانوب عبده

 

موضوع القراءات

قسمت الكنيسة الصوم الكبير إلى سبعة أسابيع ، عدا أسبوع البصخة الذي يليه مباشرة ، يبدأ كل منها بيوم الاثنين وينتهى يوم الأحد ؛ وجعلت القراءات فيه تدور كلها حول موضوع واحد هو « الجهاد الروحي » الذي يجب أن يكون طابع الحياة المسيحية الصحيحة . ثم عادت فقسمته إلى قسمين كبيرين أولها أسبوع الاستعداد والأسابيع الثلاثة التي تليه ، وثانيهما الأسابيع الثلاثة الأخيرة ؛ والدليل على هذا التقسيم أن الأحد الرابع وهو آخر أيام القسم الأول يعرف في الكنيسة باسم ” أحد النصف ” ؛ وكان كل من هذين القسمين ينسخ قديما في مجلد واحد على حدة ؛ وتدور قراءات القسم الأول حول « مظاهر الجهـاد » وقراءات القسم الثاني حول « ثماره » .

 عمدت الكنيسة بعد ذلك إلى جعل قراءات كل أسبوع تدور حول موضوع واحد هو بمثابة حلقة السبع التي يتألف من الموضوع العام للصوم كله . وهذه الحلقات هي ١- الاستعداد للجهاد ٢- طبيعة الجهاد ٣-  طهارة الجهاد ٤- دستور الجهاد ٥- هدف الجهاد ٦- صبغة الجهاد٧- خلاص الجهاد . ثم قسمت كلا من هذه الحلقات الكبيرة إلى سبع.حلقات أخرى أصغر منها تتلى كل منها بترتيبها في يوم من أيام الأسبوع ابتداء من يوم الاثنين إلى نهاية الأحد .

وسيجدها القارئ مذكورة بعد . نجد بعد ذلك أن الكنيسة قسمت أيام كل أسبوع إلى قسمين أولها الأيام الخمسة الأولى التي تصام انقطاعيا ، وثانيهما يوما السبت والأحد اللذان لا يصامان انقطاعيا لأنهما عيدان للرب كما يتضح من العهدين القديم والجديد . والقراءات الموضوعة لكل من هذين القسمين وحدة قائمة بذاتها ، رغم ما بينها جميعاً من ارتباط باعتبارها سبع حلقات لموضوع واحد . فقراءات الأيام الخمسة على مدى الصوم تمثل الجهاد الروحي الذي يطالب به الشعب ، وقراءات السبوت والآحاد تمثل نعمة المخلص التي يفيضها عليه متى أكمل هذا الجهاد ؛ وقراءات السبوت مرتبطة بقراءات الآحاد وتابعة لها.

ويلاحظ صوم الأربعين المقدسة يبدأ يوم الاثنين الذي يلي أسبوع الاستعداد مباشرة وينتهى يوم جمعة « ختام الصوم » ؛ ثم يصام يوم « سبت لعازر » الذي يليها ، ويبدأ بعد ذلك صوم أسبوع الآلام وأوله أحد الشعانين . وتختلف قراءات أيام الصوم الانقطاعي الخمسة عن قراءات السبوت والآحاد في أن الأولى لا تبدأ ببخور العشية في المساء السابق بل بالنبوات في الصباح مباشرة ، يليها إنجيل باكر فالرسائل فأنجيل القداس ، في حين أن قراءات الآحاد تبدأ برفع بخور العشية يليه إنجيل باكر في الصباح دون أن تسبقه نبوات ، ثم تعقبه الرسائل فأنجيل القداس .

وتمتاز أيام الآحاد وحدها بميزة جديدة هي الصلاة المسائية التي تقام في عصاريها ويتلى فيها إنجيل المساء . هذه هي أهم المميزات من حيث الموضوع ؛ وثمة كلمة على نظام النبوات.

نظام النبوات: 

إن نظام النبوات الذي يتبع لأول مرة في قراءات الصوم المقدس يستدعى بعض التفصيل ؛ فكنيستنا المقدسة المرتشدة من الروح القدس ، رغبة منها في بناء شعبها « على أساس الرسل والأنبياء ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية » كما قال بولس في رسالته إلى أهل أفسس (أف ٢ : ٢٠) ، رأت أن تبين لبنيها أن رسالة إنجيل القداس التي تذيعها عليهم في كل يوم من أيام الصوم المقدس سبقت بالإشارة إليها رموز أو نبوات في العهد القديم ، وأيدتها تمام التأييد رسائل رسل المخلص في العهد الجديد فهو هو أمس واليوم وإلى الأبد « ليس عنده تغيير ولا ظل دوران » (يع ١ : ۱۷) . وعلى هذا الأساس نجد أن النبوة الأولى وإنجيل القداس ورسالة البولس تدور ثلاثتها حول الموضوع العام الذي هو محور قراءات كل يوم من أيام الصوم وبقية النبوات تتمم معنی النبوة الأولى ، وبقية الأناجيل تتمم معنى إنجيل القداس ، وبقية الرسائل تتمم معنى رسالة البولس ؛ هذا هو النظام المطرد طوال أيام الصوم ، ونظرة إلى قراءات أي يوم منه تثبت ذلك تماماً .

وقد رأت الكنيسة أن تختار فصول النبوات من الأسفار القانونية الأولى والثانية ، والثانية هي الأسفار المحذوفة طبعة بيروت للكتاب المقدس ، وتعتبرها الكنائس الرسولية قانونية وقد دونت هذه النبوات المختارة بنصيها القبطى والعربي في قطمارسات الصوم القديمة منذ وضعها لأول مرة .

ويظهر أن الكنيسة بعد ذلك ، وفي غضون القرون الوسطى ، رأت أن حلقات النبوات في بعض أيام الصوم تنقصها حلقة لإتمام المعنى فأضافتها ولسبب من الأسباب لم نهتد إليه ، أضافتها بنصها العربي فقط في القطمارس العربي ، دون إثبات نصها القبطى في القطمارس القبطى ؛ واستمرت القطمارسات بنوعيها تنسخ أولا ثم تطبع على هذا النظام منذ القرون الوسطى حتى عام ١٩٥٣ م . 

وفى هذا العام رؤى إعادة طبع قطارس الصوم بعد أن نفدت نسخه التي طبعت عام ١٩٢٢م . ولكن مما يؤسف له كثيرا أنه حذفت من نصه العربي تلك النبوات التي أضيفت في القرون الوسطى بحجة عدم وجود ما يقابلها في القطمارس القبطى . وإلى القارئ هذه النبوات التي حذفت :

رقم       الأسبوع        اليوم             النبوة                   فصل النبوة 

١         الثانى          الأربعاء           الثالثة               ملا ١ : ٦ – ٣ كله 

٢        الثالث          الثلاثاء             الثالثة               يش ٧ : ١ – ٢٦ 

٣           ”            الخميس            الأولى              تك ١٨ : ١٧ – ١٩ : ١ – ٢٩ 

٤        الرابع          الثلاثاء             الرابعة              يش بن شيراخ ٨ : ١ – ١٠ : ١     *

٥        الخامس        الأربعاء           السادسة            ١صم ١ : ١ – ٢ : ١ – ٢١ 

٦          ”              الخميس           الرابعة             ١صم ٣ : ١ – ٢٠ 

٧       السادس          الثلاثاء            الرابعة             ٢مل ٥ كله 

٨         ”               الأربعاء           الخامسة             يش بن شيراخ ١٠ : ١ – ٣٣       *

٩         ”               الخميس             ”                   يش بن شيراخ ١١ : ١ – ١٠       *

١٠       ”               الجمعة              ”                   سفر طوبيا كله                        *

١١      السابع           الثلاثاء             الرابعة             يش بن شيراخ ٥ : ١ – ١٨         *

١٢       ”               الخميس             ”                   ٢مل ٦ : ٨ – ٧ : ١ – ٢٠

 هذه العلامة تدل على أن النبوة مأخوذة من الأسفار القانونية الثانية وأهم هذه النبوات المحذوفة هو سفر طوبيا بأكمله ، وهو من الأسفار القانونية الثانية المحذوفة من طبعة ببروت ، وهو يتلى في يوم الجمعة من الأسبوع السادس الذي هو أسبوع المعمودية ، نظرا لأنه يتضمن إشارات صريحة كثيرة إلى هذا السر الجليل كما أثبتنا ذلك في قراءات هذا اليوم

ويحز في نفسنا كثيراً أن نقول إن قرار الحذف الذي اتخذ ، ، رغم صدوره بحسن نية ، كان يقصد به تلافی نقص شكلي بحت لا يشعر به أحد، ولا يترتب عليه ضرر البتة ، إلا أنه أحدث في نظام القراءات السائد في كافة كنائس الكرازة المرقسية اضطرابا كثيرا ما كان أغنانا عنه ! ذلك أن الكنائس التي درجت على استعمال القطمارس القديم المطبوع عام ۱۹۲۲ م تستمر على تلاوة ما فيه من النبوات المحذوفة ، في حين لا تتلوها الكنائس التي تستعمل القطمارس الجديد ، وفي هذا من المساس بوحدة القراءات ومن بلبلة الأفكار والخواطر ما فيه !

وعز علينا أن مر هذا الحادث دون يتخذ حياله إجراء ما ، فرفعنا أمره إلى الرئاسة الدينية العليا عقب حدوثه مباشرة ، ولكنها سكتت كأنه غير جدير  بعنايتها ! ! وهكذا نفذ السهم ! ومع أن كتب القراءات الكنسية هي سجلات الكنيسة ، وتراثها المجيد الذي لا يجب أن ، يمس وأن أي تعديل فيها يجب صدور قرار به من مجمع مقدس بعد عرضه على هيئة من العلماء لدراسته ، فأن أسلم طريق لتنبيه الأذهان إلى ما قد يكون بين القطمارسين العربي والقبطى من خلاف كان بأبقاء الحالة على ما هي عليه ، مع تدوين ما يرى تدوينه من ملاحظات على الهامش تشير إلى هذا الخلاف ، كما حدث فعلا عند طبع القطمارس العربي للصوم عام ١٩٢٢ م ،

ولكن شيئا من ذلك لم يحصل ! ورغم أن النبوات المحذوفة قد وجدت مدونة في نسخة قديمة صغيرة للقطمارس العربي طبعتها إحدى الجمعيات القبطية ، وكذلك أثبتها الدلال الوارد بكتاب ” اللؤلؤة البهية “، فقد كان من الأصوب اثبات ترجمتها في القطمارس القبطى

مع تدوين ملاحظة بذلك بدلا من القطمارس العربي ! ونحن لا نملك أمام هذا الأمر الواقع إلا أن نرجو مراعاة ذلك مستقبلا ، كما نرجو أن تنشط لمثل هذه الحالة تلك الهيئة التي يقال إنها قائمة في الكنيسة للأشراف على ما يطبع من الكتب الدينية وبخاصة الكنسية منها ! 

نظام المزامير و الأناجيل :

أما نظام المزامير والأناجيل في الصوم المقدس فهو بعينه السائد في القراءات الكنسية على مدار السنة كما أوضحناه في الجزء الأول من «كنوز النعمة»

وخلاصته أن المزمور يستدل منه على الحكمة في اختيار فصل الأنجيل الذي يليه ، وأن إنجيل القداس هو رسالة الكنيسة الأساسية إلى شعبها ، وأن أناجيل العشية وباكر والمساء تتمم معنى أنجيل القداس .

نظام الرسائل :

كذلك الحال في نظام الرسائل ، فرسالة البولس تدور حول نفس الموضوع الذي يدور حوله أنجيل القداس ، ورسالتا الكاثوليكون والأبركسيس تتممان الموضوع الذي تتحدث فيه رسالة البولس . والآن و قد بسطنا نظام القراءات من جهة موضوعاتها على النحو السابق : فقد بقى علينا أن نوضح الحكمة في اختيار الكنيسة لهذه الموضوعات بالذات  لتذيعها على بنيها في فترة هذا الصوم الجليل .

أولا ـ الموضوع العام للصوم المقدس

الجهاد الروحى : 

 إن الكنيسة المجيدة رغبة منها في ترويض بنيها على محبة الفضيلة ، وبالتالى النمو في الحياة الروحية الصالحة ، والتمتع بفوائدها الجليلة ، رتبت أن القراءات التي تتلوها عليهم في خلال الصوم المقدس كله حول موضوع واحد هو ” الجهاد الروحي” ذلك الجهاد الذي ترسم به لهم الطريق الموصل لتحقيق غرضها النبيل ، إذ هي ترى مع بولس الرسول أنهم « لم يقاوموا بعد حتى الدم مجاهدين ضد الخطية » (عب ١٢ : ٤) ، ولذلك فهى تهيب بنا على لسان هذا الرسول العظيم أن « نطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلى رئيس الأيمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي فجلس في يمين عرش الله » (عب ۱۲ : ۱ – ۲) . وهي تناشد كلا منا أن يجاهد ، كما ناشد هو تلميذه تيموثاؤس قائلا « جاهد جهاد الأيمان الحسن وامسك بالحياة الأبدية التي إليها دعيت أيضاً واعترفت الاعتراف الحسن أمام شهود كثيرين » (١تى ٦ : ١٢) . 

ولا شك أننا إذا جاهدنا هذا الجهاد استطعنا أن نقول في النهاية كما قال و قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعى حفظت الأيمان وأخيراً وضع لى اكليل العدل الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضا » ( ۲ تی ٤ : ۷ – ۸) ، وبذلك تكون الكنيسة قد حققت غرضها المنشود . هذا هو الموضوع العام الذي تدور حوله قراءات الصوم المقدس ؛ أما الموضوعات العامة لأسابيعه فلها غاية أخرى نبينها فيما يلى :

ثانيا ـ الموضوعات العامة لأسابيع الصوم

إن المتأمل في نظام القراءات الموضوعة للصوم المقدس يرى أن الكنيسة قسمت الأربعين المقدسة إلى ستة أسابيع يبدأ كل منها بيوم الاثنين وينتهى بيوم الأحد ، وأضافت في أولها أسبوعاً سابعاً قيل إنه كان في الأصل أسبوع هرقل كما مر بنا سابقا ، وأنها لم تلغه بعد مرور الأربعين سنة التي اتفق على بقائه فيها ، كما ألغته سائر الكنائس الأخرى ، بل أبقته واعتبرته مقدمة واستعدادا للصوم . ثم جعلت جميع القراءات التي تتلى في أيام كل أسبوع من هذه الأسابيع السبعة تدور حول موضوع واحد، يعتبر حلقة من حلقات الموضوع العام للصوم أشرنا إليه في البند السابق .

وباستقراء هذه الموضوعات العامة السبعة يتضح أنها مرتبة ترتيباً منطقيا محكماً ، ويستند كل منها ، شأنه شأن سائر تعاليم الكنيسة وترتيباتها ، إلى آيات صريحة في الكتاب المقدس أثبتناها في دراستنا لتتجلى للباحث روعة هذه القراءات وقدسيتها . ويهمنا الإشارة إلى أن هذا البحث الخاص بقراءات الصوم المقدس لم يسبق إليه أحد منذ قامت الكنيسة في مصر حتى الآن ، إذ هو نتيجة لدراسة مستفيضة ومقارنات مضنية استغرقت بضع سنوات حتى انكشف نظامها العجيب الذي نثبته هنا في عرض موجز سريع تتجلى من خلاله مقومات الروحانية التي تدعو إليها الكنيسة ..

الأسبوع الأول : ( أسبوع الاستعداد )الاستعداد للجهاد : إن هذا الأسبوع الأول الذي قيل إنه كان في الأصل أسبوع هرقل كما مر بنا هو استعداد للصوم ؛ وباستقراء القراءات الموضوعة لأيامه يتضح أنها تدور حول و الاستعداد للجهاد » ؛ وأكبر دليل على أنه أسبوع استعداد أننا لو استبعدنا قراءاته من اعتبارنا لبقيت موضوعات الأسابيع الستة الباقية قائمة بذاتها ، متصلة حلقاتها ، محكمة في ترتيبها المنطقي الذي يبدو واضحاً للعيان ، ونظرة إلى هذه الموضوعات تؤيد ذلك .

الأسبوع الثاني : ( أسبوع الجهاد )

طبيعة الجهاد : إن هذا الأسبوع هو أول أسابيع الأربعين المقدسة ، والقراءات التي وضعتها الكنيسة له تريد بها أن توجه أنظار بنيها في مستهل فرصة هذا الجهاد الروحي إلى أهم مقوماته . فالحياة الروحية التي تنشدها الكنيسة وتريد أن تعد بنيها لها هي الجهاد الذي أشرنا إليه وتكلم عنه بولس الرسول بقوله « لذلك نحن أيضاً … لنطرح كل ثقل والخطية المحيطة بنا بسهولة ولنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلى رئيس الأيمان ومكمله ، (عب ۱۲ : ۱ – ۲) ؛ وقد أوصى أهل كورنثوس من جهته قائلا ، وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شئ ، (١ کو ۹ : ٢٥) ، ثم بين لتلميذه نوع الجهاد الذي يفوز بالأكليل بقوله « وأيضاً إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا » (٢ تی ٢ : ٥) .

وعلى هذا الأساس وضعت الكنيسة لبنيها في هذا الأسبوع عناصر الجهاد كما سنبينها فيما بعد .

الأسبوع الثالث : ( أسبوع التوبة )

طهارة الجهاد : وغير خاف أن نداء التوبة كان وما زال رسالة الله على لسان أنبيائه ورسله وخدامه إلى جميع الشعوب في كل زمان ومكان ؛ فأشعياء قال”أطلبوا الرب ما دام يوجد . أدعوه وهو قريب . ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره . وليتب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران ” (إش ٥٥ : ٦ – ٧) ؛ وأهل نينوى تابوا بمناداة يونان (مت ۱۲ : ٤١) ؛ ولما ظهر يوحنا المعمدان كان يعمد في البرية « ويكرز معمودية التوبة لمغفرة الخطايا » (مر ١ : ٤)، وكان ينادى قائلا « توبوا لأنه قد اقترب ملكوت الله » (مت ۳ : ۲ ) ، بل كان يطالب بثار التوبة إذ قال للفريسيين والصدوقيين « فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة (مت ٣ : ٨) ؛ ورب المجد نفسه لم يأت ليدعو أبراراً بل خطاة إلى التوبة (لو ه : ٣٢) ، وكان ينذر الناس قائلا « إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون ، (لو ۱۳ : ۳) ؛ وحينما أرسل تلاميذه الاثنى عشر للكرازة خرجوا “وصاروا يكرزون أن يتوبوا ” (مر ٦ : ١٢) .

وبعد صعوده انتشر رسله يكرزون بالتوبة ، فبولس في خطابه قال” فالله الآن يأمرجميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا عن أزمنة الجهل ” (أع ۱۷ : ٣٠) ، وكان يهيب بمن يتباطأ عن التوبة قائلا له « أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة ؛ »(رو ٢ : ٤) وكذلك بطرس الرسول يبين محبة الله في خلاص الخطاة بقوله إنه « لا يشاء أن “يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة ” (٢ بط ۳ : ۹). فإذا كان هذا نداء الله على لسان أنبيائه وخدامه ورسله فليس بغريب أن تتمثل بهم الكنيسة فترسل نداءها عالياً إلى شعبها ، بعد وجهت أنظارهم إلى عناصر الجهاد الروحي في الأسبوع السابق ، أن يقبلوا على التوبة ويقلعوا عن شرورهم كأول مستلزمات الجهاد . ولهذا سنرى أن قراءات هذا الأسبوع السبع تدور حول موضوع واحد هو طهارة الجهاد أى التوبة . 

الأسبوع الرابع : ( أسبوع الأنجيل ) 

 دستور الجهاد : كان السيد المسيح في كرازته يخاطب مستمعيه قائلا « فتوبوا وآمنوا بالأنجيل ، (مر ١ : ١٥) ، لأن الأيمان بالأنجيل هو الوجهة الوحيدة الصحيحة التي يجب أن يتجه إليها كل من يتوب . على أن الأيمان بهذا الأنجيل يستلزم وجود من يكرز به أولا ، ودليل ذلك أولا قول بولس الرسول « وكيف يؤمنون بمن لم يسمعوا به وكيف يسمعون بلا كارز » ( رو ١٠: ١٤) ، وثانياً ما صنعه المخلص نفسه حين أرسل تلاميذه إذ قال لهم « اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالأنجيل للخليقة كلها » (مر ١٦ : ١٥) وبناء على هذا رتبت الكنيسة أن تدور قراءات هذا الأسبوع من الصوم حول موضوع واحد هو دستور الجهاد أي الأنجيل الذي بغير التزام حدوده لا يكلل جهادنا ، وذلك طبقا لقول الرسول و إن كان أحد يجاهد لا يكلل إن لم يجاهد قانونيا » (۲ تی ٢ : ٥) ؛ وسنرى فيما بعد عناصر هذا الدستور الذي يسير بموجبه جهادنا الروحي في هذه الحياة .

الأسبوع الخامس : ( أسبوع الإيمان )

 هدف الجهاد : ولما كان هدف الذين يكرزون بالأنجيل هو أن يؤمن الناس به ، فرب المجد مثلا كرز به بين أهل السامره فآمنوا (يو ٤ : ٣٩) ، وكرز به للمولود أعمى فآمن (يو ٩ : ٣٦) ، وللذين شاهدوا قيامة لعازر فآمنوا (یو ١١ : ٤٥) ، وغيرهم كثير ، وكذلك كرز به الرسل فآمن على أيديهم كثيرون ، فبطرس ويوحنا مثلا بعد شفاء الأعرج ألقيا خطابهما فآمن به الذين سمعوه (أع ٤ : ٤) ، وبولس ألقى خطابه في كورنثوس فآمن به سامعوه واعتمدوا (أع ١٨ : ۸) . لكل هذا رتبت الكنيسة أن تدور القراءات في الأسبوع الخامس حول موضوع واحد هو الأيمان بالأنجيل الذي هو هدف المجاهدين في نشره ، وسنشير إلى عناصر هذا الموضوع فيما بعد .

الأسبوع السادس : ( أسبوع المعمودية )

صبغة الجهاد : وبما أن المعمودية هي الطريق الوحيد المرسوم الذي به يصبح الأنسان عضواً في كنيسة المسيح ، ويستطيع حينئذ أن يتمتع ببركات هذه العضوية طبقاً لقول المخلص « من آمن واعتمد خلص » (مر ١٦ : ١٦) ؛ وبما أنه له المجد أمر تلاميذه أن يكرزوا بالأنجيل أولا ثم يعمدوا من يقبلون الأيمان ثانياً ودليل ذلك قوله لهم « اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الأب والابن والروح القدس » (مت ۲۸ : ۱۹) ؛ وحيث أن الرسل امتثلوا هذا الأمر كما يتضح أولا من أيمان ثلاثة آلاف نفس واعتمادهم على أثر خطاب بطرس (أع ٢ : ٤١) ، وثانياً من إيمان كثيرين من أهل كورنثوس واعتمادهم بعد تبشير بولس بينهم (أع ۱۸ : ۸) ، فلكل هذه الأسباب نرى الكنيسة قد رتبت أن تدور قراءات هذا الأسبوع من الصوم حول موضوع واحد هو « صبغة الجهاد » أي صبغة المعمودية المقدسة ، وهو الموضوع الطبيعي الذي يترتب على الكرازة بالأنجيل والإيمان به كما مر بنا في الأسبوعين السابقين ، وسنذكر عناصر صبغة الجهاد فيها بعد .

الأسبوع السابع : ( أسبوع الخلاص )

خلاص الجهاد : ومن حيث أن جزاء من يؤمن ويعتمد أن يخلص (مر ١٦ : ١٦) ، وبما أن رسل سيدنا من بعده نادوا مثله بهذا المبدأ ، فحارس السجن مثلا طلب من بولس وسيلا قائلا « ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص فقالا له آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك » (أع ١٦ : ٣١) ، وبطرس نفسه أيد ذلك في رسالته حيث قال « نائلين غاية إيمانكم خلاص نفوسكم ) »(۱بط ۱ : ۹) ، لكل هذا رتبت الكنيسة أن تختم قراءات الصوم بجعلها تدور في الأسبوع الأخير حول موضوع واحد هو « خلاص الجهاد » أي الخلاص الذي يفوز به من يجاهدون جهاد الأيمان .

ثالثاً – الموضوعات العامة لايام الصوم

أيام الاسبوع الاول :

مر بنا أن القراءات في الاسبوع الاول هي بمثابة استعداد لفترة الجهاد الروحي ،وتعالج الكنيسة هذا الاستعداد من نواحي ثلاث أولها واجب المؤمنين من نحو الله إذ تهيب بهم أن يطرحوا عنهم كل شر وأنيلتصقوا بالخير (رو ۱۲ : ٩) ؛ وثانيها واجبهم من نحو الآخرين بأن يسلكوا معهم بمحبة أخوية (١تس ٤: ٩) ؛ وثالها واجبهم من نحو أنفسهم بأن ينموا نمواً روحياً في النعمة (٢بط ٣ : ١٨) ، وأن يتكلوا عليهوحده لا على أموالهم (مر ١٠ : ٢٤) أو أنفسهم (٢كو ۱ : ۹) ، وأن يسلكوا بالكمال كما أمرهم المخلص (مت ٥ : ٤٨) . ومتى فعلوا كل هذا فهو كفيل بأن يهديهم الي ملكوته ويره كما وعد بذلك في (مت ٦ : ٣٣) . وعلى هذا فموضوعات الأيام السبعة لهذا الأسبوع تسير على الترتيب الآتى : ۱. ترك الشر ٢ . الالتصاق بالخير ٣. محبة الآخرين ٤ ـ النمو الروحي ٥ . الاتكال على الله ٦ . السلوك بالكمال ٧ . الهداية إلىملكوت الله .

أيام الأسبوع الثاني :

 وإذ قد أعدت الكنيسة نفوس بنيها للجهاد الروحي على النحو السابق فهي تشرع في هذا الأسبوع في بيان طبيعة هذا الجهاد المطلوب منهم ؛ وأول مظاهره بعد الصوم أن يصلوا بلا انقطاع كما أمر الرسول(١تس ٥ : ١٧) ، وثانيها أن تقترن صلواتهم بالصدقة حتى تقبل (أع ١٠ : ٤) ؛ ثم تناشدهم أن تكون هذه المظاهر بأمانة أي بلا رياء كما أوصى المخلص عن الصدقة في (مت ٢:٦) وعن الصلاة في (مت ٦ : ٥) وعن الصوم في ( مت ٦ : ١٦) ، واتباعاً لأمر الرسول القائل أن يفعلوا بالأمانة كل ما يصنعونه (٣يو ٥ ) .

ثم تعمد بعد ذلك الكنيسة إلى بيان الدستور الذي يجب أن يسير بمقتضاه جهادهم وهو الإنجيل ، إذ أن من يجاهد “لا يكلل إن لم يجاهد قانونياً ” (٢تی ٢ : ٥) ؛ وتبين أنهم إن عملوا طبقاً لنصوص هذا الدستورفسوف لا يتزعزعون في الضيقات بل يكونون ثابتين ثبات البيت المبنى على الصخر (مت ٧: ٢٤) ؛ ثم هي لاتخفى عنهم أن العمل بالأنجيل محفوف دائماً بالضيقات طبقا لقول المخلص “ما أضيق الباب وأكربالطريق الذي يؤدي إلى الحياة ” ( مت٧: ١٤) ، وقول الرسول ” إنه بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله “(أع ١٤: ٢٢)، واننا موضوعون لهذه الضيقات (١تس٣:٣) ؛ وأخيراً تعدهم بأن يقودهم المخلص فيموكب نصرته على تجارب هذه الحياة (٢كو ٢ : ١٤) ، كما انتصر هو على تجارب الشيطان (مت ٤: ١- ۱۱) . فالقراءات إذا في هذا الأسبوع تسير على هذا الترتيب : ١. صلاة الجهاد ٢ . صدقة الجهاد ٣ . أمانة الجهاد ٤ . دستور الجهاد ٥ . ثبات الجهاد ٦. ضيفات الجهاد ٧. نصرة الجهاد .

أيام الأسبوع الثالث :

وحيث قد بينت الكنيسة لبنيها في الأسبوع السابق طبيعة الجهاد المطلوب منهم ، فهي تعمد في هذا الأسبوع إلى بيان حقيقة جوهرية وهي أن هذا الجهاد الروحي يجب أن يكون منها بطهارة القلب والنفس عنطريق التوبة الحقيقية ، ولهذا فهي تحدثهم هنا عن التوبة وضرورتها ؛ فتبين لهم شرطها الأساسي الأول وهو الاعتراف الدائم بالخطايا كما كان يفعل داود ( مز ٣٢ : ٥ ) ، وكما فعل اليهود مع المعمدان (مر ١ : ٥) ؛ ومتى اعترفوا بخطاياهم تبرروا مجانا بنعمة المخلص كما قال الرسول في (رو ٣ : ٢٤) ، لأن الهبة هي ” من جرى خطايا كثيرة لتبرير ” (رو ٥ : ١٦) . ثم تمضى فتبين لهم أن حياة القداسة التي يحيونها منشأنها أن تقترن دائماً بالضيقات إذ أن “جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يسوع يضطهدون ” ( تی ۳ : ١٢) ؛ وتصرح يدينونة من يتهاون في أمر توبته كما أعلن ذلك المخلص (يو ١٢ : ٤٨) ،أما الذي يمارس التوبة دائماً فيحيا في سلام دائم لأن ملكوت الله هو ” بر سلام وفرح في الروح ” (رو ١٤ : ۱۷) .

ولما كان من واجب من تغفر له ذنوبه أن يغفر لغيره أيضاً ، فالكنيسة هنا تناشد التائبين أن يغفروا إن كان لهم على أحد شئ (مر ١١ : ٢٥) ، وكما غفر لهم المسيح هكذا هم أيضاً (كو ٣ :١٣) ؛ وأخيراً متىاعترفوا وتابوا وغفروا لغيرهم فتوبتهم تقبل كما قبلت توبة الابن الضال (لو ١٥ : ٢٠) . وهكذا تسير موضوعات أيام هذا الأسبوع على الترتيب الآتي : ١. اعتراف التوية ٢. بر التوبة ٣. تجارب التوبة ٤. دينونةالتوبة ٥ . أمان التوية ٦ . مغفرة التوبة ٧ . قبول التوبة .

أيام الأسبوع الرابع :

وتدور قراءات هذا الأسبوع كما مر بنا سابقاً حول دستور الجهاد الذي هو الأنجيل المقدس ، ولذلك فالكنيسة تعالج هذا الموضوع هنا من النواحي الآتية : فهي تبين لبنيهاا أولا أهمية روح الأنجيل الذي يجب أنيكون طابع الديانة النقية كقول الرسول “لا الحرف بل الروح” (٢کو ۳ : ٦) ، ثم بعد ذلك ضرورة الكرازة به كما أوصى المخلص (مر ١٦: ١٥) . ومتى نودي به ساد السلام الذي تحدث عنه الرسول حين أوصىالمؤمنين قائلا ” حاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام ” (أف ٦ : ١٥) ، ويلى السلام الانارة التي أشار إليها في (٢کو ٤ : ٤) ، ويترتب على المناداة بالأنجيل واجب الأيمان به كما قال البشير في . (مر١ : ١٥).

 ثم تهيب الكنيسة بشعبها ألا يكونوا سامعين للكلمة ناسين بل عاملين بها كما أوصى يعقوب (يع ١ : ٢٥) ، والعمل بها تترتب عليه عزتهم بارتواء نفوسهم كقول السيد ” من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا فلنيعطش إلى الأبد ” (يو ٤ : ١٤) . وهكذا تسير موضوعات أيام هذا الأسبوع على الترتيب الآتى : ١ . روح الأنجيل ٢ . الكرازة بالأنجيل ٣ . سلام الأنجيل ٤ . إنارة الأنجيل ٥ . الأيمان بالأنجيل ٦. العمل بالأنجيل٧. عزة الأنجيل .

أيام الأسبوع الخامس :

ونظراً لأن الهدف من الكرازة بالأنجيل هو أن يؤمن به سامعوه، فالكنيسة تعالج موضوع الإيمان به هنا من النواحي الآتية : فأولا توجه أنظار بنيها إلى أن الأيمان الحقيقي يستلزم ألا يتكلوا على أنفسهم بل على الله (٢کو ۹:۱) كما يؤيد ذلك الرسول بقوله ” لأننا نحن الختان الذين نعبد الله بالروح ونفتخر في المسيح يسوع ولا نتكل على الجسد، (في ۳:۳) ، وثانيا تحضهم على الاجتهاد لأجل هذا الأمان كما أوصى يهوذا ( يه ۳ ) ، وذلك يستدعى خدمته بلا انقطاع كما قال بولس عن نفسه (أف ٣ : ٧ ) ، ثم تمضي فتبين لهم ان “من الايمان نتوقع رجاء”كما قال الرسول(غل٥:٥)، اي أننا يجب ان نحيا “منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله”(تى ٢: ١٣).وفوق رجاءالأيمان فهناك فعله في تحرير النفوس كما قال مخلصنا لليهود الذين آمنوا إنهم إن ثبتوا على الأيمان فالحق يحررهم ( يو ٨ : ٣٢ ) . ولم يفت الكنيسة أن تشير إلى الذي ينتظر رافضي الأيمان كما قال المخلص إن ” من لم يؤمن يدن ” (مر ١٦ : ١٦) ، ثم توضح أن من واجب المؤمنين هداية غيرهم عملا بوصية الرسول القائلة ” إن من رد خاطئاً عن ضلال طريقه يخلص نفساً من الموت ويستر كثرة من الخطايا”(يع ٥ : ٢٠) . وأخيراً تثبت أن الأيمان يشدد القوى الروحية كما شددت كلمة المخلص قوى الرجل المخلع المطروح عند البركة ( يو ٥ : ٨) . وعلى ذلك فموضوعات أيام هذا الأسبوع تسير على الترتيب الآتى : ۱ . اتکال الأيمان ٢ . خدمة الأيمان ٣ . رجاء الأيمان ٤ . تحرير الأيمان ٥ . قصاص الأيمان ٦ . هداية الأيمان ٧ . تشديد الأيمان .

أيام الأسبوع السادس :

 وبما أن العضوية في كنيسة المسيح لاتتم لمن يؤمن إلا إذا نالسر المعمودية ،فقد رتبت الكنيسة أن توزع أبحاثها في هذا السر على أيام هذا الأسبوع على ضوء عقيدتها فيه والطقس المتبع في إتمامه . فهي تطالب من يتقدم للعماد بالتوبة أو بعبارة أدق بجحد الشيطان وكل أفعاله طبقاً لقول الرسول إنه ” قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ” ( في ٢ : ١١-١٢).

 بعد ذلك يطالب المتقدم للعاد بالاعتراف بالسيد المسيح وبكل نواميسه كما اعترف بطرس بأيمانه قائلا ” أنت المسيح ابن الله ” (مت ١٦ : ١٦) ؛ ثم تمضى فتبين دينونة من يرفضون العمل بالأيمان الذين اعترفوا به ، وحياة وقيامة من يعملون به طبقاً لقول المخلص ، “فأنه تأتى ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة ” ( يو٥ : ٢٨-٢٩) . وتحرص الكنيسة على أن توضح ضرورة المعمودية للخلاص عملا بقول السيد ” إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله ” (يو ٣ : ٥) ، وقوله أيضا ” من آمن واعتمد خلص ” ( مر١٦: ١٦) ؛ وتختم الموضوع ببيان إنارة المعمودية لبصيرة المعتمدين كما صرح بذلك يسوع حين قال بعد أن فتح عينى المولود أعمى “لدينونة أتيت إلى هذا العالم حتى يبصر الذين لا يبصرون ويعمى الذين يبصرون ” ( يو ٩ : ٣٩ ) ؛ فموضوعات الأيام في هذا الأسبوع هي إذاً على هذا الترتيب :

١. توبة المعمودية ٢. اعتراف المعمودية ٣. دينونة المعمودية ٤ . حياة المعمودية ٥ . قيامة المعمودية ٦ . خلاص المعمودية ٧. إنارة المعمودية .

 أيام الأسبوع السابع:

 ولما كان الخلاص هو حظ الذين يتوبون ، ويؤمنون بالأنجيل ، ويعتمدون ، كما مر بنا في الأسابيع السابقة ، فقد رتبت الكنيسة أن تبحث في موضوع الخلاص هنا ممثلا في شخص يسوع من النواحي الآتية : فهي أولا تذكر لبنيها الشهود الذين يشهدون له بأنه المخلص وهم يوحنا المعمدان ، وشهادة الأعمال ، وشهادة الآب ، وشهادة الكتب كما أشار إليها رب المجد نفسه في ( يو ٥ : ٣١ – ٤٧) ؛ ثم تحرضهم على الاعتراف به بهذه الصفة طبقاً لقول الرسول , لأنك ان اعترفت يفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت لأن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص » (رو ۱۰ : ۱۰ – ۱۱) . وبعد تحريضهم على الاعتراف تحثهم على الأيمان به كما جاء بالآية المذكورة ؛ ثم تمضى فتبين لهم ثواب اعترافهم وإيمانهم به وهو قيامتهم إلى الحياة ( يو ٥ : ٢٩ ) ، ودينونة من يرفضونه كما رفضه اليهود فصدر عليهم الحكم بخراب مدينتهم (لو ١٣ : ٣٥) ، وهو الموضوع الذي يتلى يوم جمعة ختام الصوم .

أما يوما السبت والأحد فأولها يتكلم عن بركة المخلص للمؤمنين كما أفاضها على لعازر بأقامته من الموت ، وثانيهما عن افتدائه لهم كما دخل أورشليم للمرة الأخيرة لهذا الغرض . وعلى ذلك فموضوعات هذا الأسبوع تسير على الترتيب الآتي:١. شهود المخلص ٢ . الاعتراف بالمخلص ٣ . الأيمان بالمخلص ٤. قيامة المخلص ٥. دينونة المخلص ٦ . بركة المخلص ٧ . فداء المخلص .

على النحو السابق تسير الموضوعات طوال أيام الصوم ، ويلاحظ أنه ما كان يمكن استنباطها إلا بعد دراسة الموضوعات الخاصة

المختلفة لفصول العهدين القديم والجديد الموضوعة لكل يوم من أيام هذا الصوم وهي المفصلة فيما يلى :

الصوم المقدس ( الجهاد الروحى )

موضوعات الأيام.                                                          الأيام العادية

الاسبوع    موضوعه                                                                    الجهاد الروحي

                                        الإثنين            الثلاثاء                 الاربعاء               الخميس                الجمعة

١-        الاستعداد للجهاد     ترك الشر          الالتصاق بالخير       محبة الاخرين        النمو الروحي            الاتكال علي الله

٢-          طبيعة الجهاد        صلاة الجهاد        صدقة الجهاد          امانة الجهاد           دستور الجهاد         ثبات الجهاد

٣-          طهارة الجهاد        اعتراف التوبة      بر التوبة                 تجارب التوبة           دينونة التوبة.           امان التوبة

٤-         دستور الجهاد       روح الانجيل        المناداة بالانجيل       سلام الانجيل          انارة الانجيل            الايمان بالانجيل

٥-         هدف الجهاد         اتكال الايمان      خدمة الايمان           رجاء الايمان           تحرير الايمان           قصاص الايمان

٦-          صبغة الجهاد        توبة المعمودية     اعتراف المعمودية       دينونة المعمودية       حياة المعمودية           قيامة المعمودية

٧-          خلاص الجهاد       شهود المخلص    الاعتراف بالمخلص    الايمان بالمخلص       قيامة المخلص           دينونة المخلص

موضوعات الايام                                                            السبوت والآحاد

الاسبوع      موضوعة                                                        نعمة المخلص

                                                                     السبت                                                الاحد

١-          الاستعداد للجهاد                               السلوك بالكمال.                                      الهداية للملكوت

٢-           طبيعة الجهاد                                   ضيقات الجهاد.                                       نصرة الجهاد

٣-           طهارة الجهاد                                   غفران التوبة.                                          قبول التوبة

٤-           دستور الجهاد                                  العمل بالانجيل.                                        عزة الانجيل

٥-           هدف الجهاد                                    هداية الايمان.                                         تشديد الايمان

٦-          صبغة الجهاد                                  خلاص المعمودية.                                      إنارة المعمودية

٧-          خلاص الجهاد                                  بركة المخلص.                                         فداء المخلص

المرجع :

كتاب كنوز النعمة لمعونة خدام الكلمة ( الجزء الرابع من صفحة ٢٧ إلي ٤٢ ) – الأرشيدياكون بانوب عبده