قراءة هذا اليوم ( نياحة أليشع النبي ) مُحوَّلة علي قراءة يوم ثامن توت ( نياحة موسي النبي )
شخصية إليشع النبي عند القديس يعقوب السروجي
إعالة أرملة وإبنيها
كان ذاك المسكين يستعمل هذه الثروات، لأنه لم يقتنِ على الأرض مع الله ذهبًا وفضةً.
لم يكن له شيء، لكنه كان غنيًا في كل شيءٍ، وكل ما طُلب منه وهبه للمحتاجين، فأغناهم.
كانت أرملة يضايقها المدينون، عرضت عليه طلبها بالدموع بسبب حاجتها.
ضايقها صاحب الدين، فركضت عند أليشع، ليقوم محل رجلها في حاجتها.
الرب هو رجل الأرملة، وبدل الرب كان (أليشع) يُطالب بأن يفرج عن المُعوزة.
بدل الله تمسكت به، ليحل محل الرجل، لئلا يمزقها الدائنون.
عرفت أنه وكيل بيت الله، لهذا طلبت منه أن ينقذها من صاحب دَينها.
عند من تذهب الأرملة عندما تتضايق، إلا عند الله وحده الذي هو رجلها؟
ولما كان أليشع وكيله، أمسكت به ليخلّص يتيميها من عبودية صاحب الدين.
أسرعت لتودع أمورهما إلى أب الأيتام، كما وعد بأنه يسند المظلومين، الذين مات أبوهم.
وإذ ارتفع صوتها، صرخت أمامه بقوةٍ، ليفي دَينها، وينقذ ابنيها من العبودية.
قالت له الذكية: عبدك بعلي مات، وها صاحب الدَين يمسك اليتيمين ليستعبدهما.
وأنت تعلم بأن عبدك كان يخاف الرب. قم مكانه، لأجل الرب الذي كان يخافه.
عرضت الذكية قضيتها بحكمة، حتى يُلزَم النبي ويقوم لكي يتمم مهمتها.
قالت له مات بعلها، وكان يخاف الرب، حتى يهتم بها بسبب كلا الأمرين.
أجبرته ليقف مثل رجلها، وأن يخلص ابنيّ خائف الرب من العبودية.
عرفت أنه نبي، ذاك الذي وعد بأنه يجازي الأصدقاء مجازاة حسنة إلى ألف جيلٍ.
وطلبت من النبي أن يقوم مقام الله، استنادًا إلى ذلك الوعد المستودع عندها كرهينة.
قام النبي أيضًا مثل مُطالب بالعدالة ليسدد كل ديونها بدل الله.
طُلب منه كأنما اسمه موجود في الصك، فأعطى بفرحٍ ليخلِّص اليتيمين.
وقف بدل الله مع الأرملة المحتاجة، وحلَّ محل رجلها في عوزها
سألها ماذا يوجد معها في بيتها؟ أجابته: إن لها زيتًا في قارورة.
لماذا إذًا سأل النبي المختار واستفسر من الأرملة (قائلاً): ماذا لكِ في البيت؟
حرَّك نفسه ليصنع آية في بيت الأرملة، ويُكثِّره لها ما لها، وتغتني به.
بالروح الذي أخذه من الله، كان قد تسلط حتى يُكثِرَ الخليقة ويُقللها ويُبدِّلها.
لهذا سألها ماذا لديكِ، حتى يكثِّر ذلك الشيء الموجود عندها.
لو كان يوجد في بيتها شيء آخر، لأكثره، وكان يثريها مما لها.
إذ أعلمته بأنها تملك زيتًا، صمم أن يملأ كل بيتها زيتًا، فتغتني به.
أخذ أليشع مفتاح إيليا العظيم ليفتح الخلائق ويغلقها مثل رب بيتٍ.
بهذه القوة التي بها تدفق القرن في بيت الأرملة، بُوركت القارورة وكثر الزيت.
معلّمه لقّنه، والرب وهب له أن يأمر الخلائق، فتخدمه بطبائعها.
ولهذا سأل ماذا يوجد في بيت الأرملة، ليدعو الخليقة المجيدة فتقوم.
وإذ وجد هناك زيتًا، أمر الزيتَ ففاض، وسُدَّ حاجة المعوزة.
ما أن عرف بأنها تملك في بيتها زيتًا، قال لها أن تطلب من جيرانها آنية فارغة.
وتدخل إلى بيتها هي وابناها وتغلق بابها، وتملأ الآنية ماءً ، وفعلت هكذا.
والآنية التي طلبتها ملأتها ماء وفاض الزيت واغتنى بيت المعوزة بمعجزةٍ حدثت
من يعطني عينًا صافية ترى الأسرار، وفمًا صاحب سلطان على الخفايا فأتكلم عنها.
ونفسًا مملوءة من حبّ الرب، وإيمانًا، وكلمة جلية تُحرِّك التمييز.
وأذنًا مملوءة حبًا عظيمًا، وعطشًا لسماع جمال الأسرار، عندما توصف بأشكالها؟
هذه الأرملة التي اشتكت لدى أليشع، مصوّر بها السرّ بوضوح لمن ينظر إليها.
كان النبي يستطيع أن يدفع دَينها بدون زيت، لو أَمَرَ صاحب الدَين أن يتركه لها.
كان يُقدَّم له وزنات وثياب ولم يأخذها، أما كان قادرًا أن يفي دَين تلك المشتكية؟
سأل الشونمية ماذا يُصنَع لها، وكان مُستعِدًا أن يقول كلمة للملك لأجلها.
ذاك الذي كان يسهل عليه أن يأمر الملوكَ، لماذا لم يأمر صاحبَ دَين هذه الأرملة؟
أدخلها وأغلق الباب عليها وعلى ولدَيها، لأجل الأسرار التي تمَّت فيها بوضوح.
ربنا هو نسمة نفس النبوة، ولا توجد فرصة نهائيًا، بأن تحيا بدون أسراره…
بتلك الأرملة التي دخلت وأغلقت الباب على نفسها صوَّر أليشع سرّ الكنيسة وخلاصنا…
أغلقت أبوابها وأوفت دَينها، وبها رُسمت الكنيسة التي هي أيضًا تغلق أبوابها لغفران الذنوب…
كان السرّ محفوظًا عن الذين في الخارج ولم يعرفوه، عندما صنعت فعلها بينها وبين ولدَيها داخل أبوابها.
أرسل أليشعُ صاحبُ السرِّ الروح،َ ورفرف هناك في بيت الأرملة داخل أبوابها
داخل الأبواب المُغلَقة تكلم ثلاثة بالسرّ، وصبُّوا، وملأوا الأوعية الفارغة غنى عظيمًا.
الأوعية الفارغة تدل على البشر الذين كانوا فارغين من الحياة ومن موهبة اللاهوت.
في داخل الكنيسة، يسكب الثالوث الحياة، ويملأ الجميع من موهبته صاحبة الكنوز.
هذه الأسرار التي تمت داخل الكنيسة، موجودة في كل العمل الذي صار في بيت الأرملة…
طلب النبي من المرأة أن تسأل الأوعية حتى من السوق ومن جيرانها لتملأها.
هذا يرسم أن تأخذ الكنيسة من جميع الشعوب أناسًا فارغين، وتملأهم إيمانًا.
قال لها: اطلبي من السوق ومن جيرانك، كما تأخذ الكنيسة من الشعوب والأمم
المرأة الشونمية
غِنَى العالم يُحمّل من يقتنيه ثقلاً، بك يا رب أَغتني، لأن غناك حياة لمن يحبك.
كل مُقتنَى يقتنيه المرء خارجًا عنك هو فخ عظيم، يخنق من يقتنيه.
ربي نقتنيك، لأنك الغِنَى الذي لا يُسلَبْ، وغناك يُكسب الحياة، والتطويب لمن يتعلق.
إذ يتغير الغنى ويعبر عن قانيه، فلماذا يفرح به، لأنه قد ركب العجلة وغيَّر المكان؟
هذا هو الغنى عندما يغتني الإنسان من داخله، وكل غناه يسير معه حيثما سار.
عبيد الرب كانوا أغنياء في الرب فقط، وكانوا فقراء في كل ما وُجد في العالم.
كانوا فقراء في مقتنيات الوقت القصير، لكنهم كانوا أغنياء في الله وفي مواهبه.
هذا هو الغِنَى: غنى كل يوم لمن يعرفه، الغنى الذي يثبت بدون تغيير لدى مقتنيه.
من أجل هذا اقتناه الأبرار عوض كل شيءٍ، لأن منه ينبع كل غنى بدون تغيير
مال إلى بيت الشونمية المملوءة بالتمييز، لأنها استحقت أن تستقبله بحبٍ إيمانٍها.
كان يتقيد بوصية ربنا الجديدة منذ بداية سيرته حسب (العهد) القديم.
أمر ربنا الرسلَ عندما يدخلون إلى المدن أن يسألوا: من يستحق (ليقيموا عنده).
وبما أن روح الأولين والآخِرِين واحد، فبه كان يتصرف أليشع باستنارة.
رأى أن الشونمية كانت مستحقة ليُقِيم عندها، وكان يزورها دائمًا حين يَعبُرُ.
أنت تفهم أنها كانت تستحقه بفضل تمييزها، وكلامها مع رَجلها بخصوص أليشع.
قالت الذكية لرجلها بخصوص أليشع: أنا أعرف أن نبي الرب قديس.
لم تكن تستقبله بدون تمييز، لكن بحركات الإيمان المملوء حبًا.
ولهذا قالت: أعرف أنه قديس، فتجلى جمال إيمانها وتميَّز
صوّرت (المرأة الشونمية) للنساء صورة مُحبَّبة ومملوءة جمالاً، لينظرن إليها، ويتشبهن بها مع رجالهن.
يسهل على المرأة أن تحث بعلَها على ما هو جميل، وبإيمانها تصير لبيتها سبَب صلاح.
طبيعة النساء لا تنقصها المعرفة، فإن أردن، يكن حكيمات جدًا في أعمالهن.
أنزلت عادات التراخي ومحبة العالم الباطلة (بعض) النساء من معرفة الله.
بدون ذلك طبيعة الرجل وطبيعة المرأة متساويتان في خلقتهما: الفكر والعقل والتمييز وكل فهمٍ.
يسهل على المرأة أن تفهم كل شيءٍ بوضوح، ما لم تُنزلها العادة إلى الرخاوة.
لاحظها عندما تصلي لتحب شيئًا، فإنه ليس ما يمنعها، فتشغف نفسها كلها بمحبته بشدةٍ.
إنها مستنيرة كثيرًا بأمور تخصها، وما تود أن تصنعه تفعله كما الرجل.
حينما تحب، تكون بليغة جدًا في المدح، وحينما تبغض تكون ماهرة جدًا في اللعنات…
إن أرادت فهي نشيطة في كل هذا، ومستنيرة في التعليم الإلهي.
اُنظر تمييز الشونمية وتَعلَّم منها، فإنه يلزم على جميع النساء أن ينظرن إليها.
ويمارسن تعليم البرّ، ويرتبطن بفكر القداسة.
ويصرن سبب خيرٍ لرجالهن، ويظهرن كمُعلِّمات في منازلهن.
وتصدر من أفواههن نصائح صالحة داخل بيوتهن لرجالهن ولأشخاصهن.
مثل هذه المرأة التي صارت مثالاً لكل ما هو نافع، بمشورتها الصالحة تبارك بيتها كله
بإيمانها أظهرت لزوجها الطريق، وصنعت لذلك القديس (أليشع) مسكنًا مقدسًا في بيتها.
بنفسها المُحبة التي كانت ساكنة لدى الله، قالت لزوجها: إن نبي الرب قديس.
ونظرًا لوجود التمييز والإيمان فيها، أمكنها أن تعرف ذلك القديس كما هو.
وأعطت النصيحة، وسمع الرجل للمؤمنة، وأعدَّا مكانًا ليحل النبي عندما يَعبُرُ.
كان النبي أيضًا فطنًا مثل الله، وقد أراد أن يكافئ الصالحين على أفعالهم الصالحة.
رأى العلّية التي أتقناها له حسب إرادته بفقرٍ وتجردٍ وعفافٍ.
واستعد ليجازيهم خيرًا كما يجازي الله أعمال أحبائه الصالحة.
ولئلا ينكر النبي تعب الإيمان، طلب أن يكافئ محبتها التي بها أُكرم.
دعاها النبي ليستفهم منها ماذا يعطيها، لتقول له ماذا تطلب منه فيعطيها.
هكذا يعطي الله أيضًا من يطلب منه، ويريد أن يستجيب كل سؤال من السائلين.
بنفس الفكر استعد نبي الرب ليعطيها ما تسأله، لأنها خدمته.
استفهم منها: هل تطلب منه بأن يقول عنها كلمة للملك أو لقائد الجيش فتنال مساعدة
أراد النبي أن يعطيها ابنًا دون أن تطلبه، إذ لم تسأل ولدًا تناله من الله.
عرف البهيّ بأنها كانت عاقرًا، وزوجها شيخ، فحارب الأمرين وقهرهما.
صارع مع العقم والشيخوخة، وجنى النبي العظيم ثمرة من كليهما…
كانت كلمة الرب في فم ذلك القديس، وكان يسهل عليه أن يصنع أبناء من الحجارة.
ولهذا وعد أن يعطي المرأة العاقر والرجل الشيخ ثمرة، ويبهجهما.
أشرقت من بين شفتيه قوة فاعلة، فلم تقدر الطبيعة أن تعصيه في ما يأمرها.
بثقةٍ وعد المرأة المقفرة، وكما وعد تمَّم الرب، وأعطاها ثمرة.
شبعت العاقر، وفرحت المعوزة بالثمرة، واغتنى البيت بوارثٍ محبوبٍ، وابتهج سكانه.
انتصر أليشع حين أمر، فأثمر الحضن العاقر، وابتهجت الشونمية بابن تحتضنه
أراد الرب أن ينتصر عبدُه المختار، ويعظم اسمه بالعجائب التي تُصنَع.
أرسل الموتَ، فقطف الثمرة المحبوبة التي نمت، والكرمة العاقر التي تحمله لبست الحِداد.
وهبه وأخذه ليُظهِرَ قدرته العظيمة، لأن حياة العالم كله وموته موضوعان في يديه
تدبير الله سام جدًا، ولا يوجد خطأ في أعماله الحكيمة.
كل (أعماله) تُذهل المميّزين، ولا تُدرَك إلا بمحبة الإيمان.
حتى عندما يأخذ الرب شيئًا من إنسانٍ، فكأنه ينال بالنسبة لمن يعرف أن يتأمل فيه.
عندما وهب ابنًا للعاقر كان ذلك موهبة، وحين أخذه أيضًا كان يتعامل بنعمته نفسها.
أراد أن يُعظِّم موهبته ويزيِّنها، لتصير محبوبة ونامية جدًا لدى آخذيها.
وهب ولدًا للمرأة العاقر ولكن فقدته، ثم عاد وأعطاها من الميت حيًا لكي تفرح به.
ضاعف هذه الموهبة المحبوبة التي أعطاها، ليكثر جمالها، ويُمدَح بها النبي العظيم.
وهبه القوة أن يُعطي أبناء للعواقر، وأضاف له أيضًا أن يُعِيدَ الموتى من الموت.
بنبوتِّه جعل البطن العاقر والهاوية يثمران، وأظهر قدرته بالحضنَين اللذين كانا مُقفريْن.
ولكي ينتصر جبروته (الله) في العالم كله، أمات الرب حينئذ ابن الشونمية.
نظر الله إلى إيمانها كم كان عظيمًا، وكانت تطلب منه دون ارتياب أن يُحيي الميتَ.
لهذا أخذ (الله) هذا المحبوبَ الذي سُلب، لتهتم أمه وتطلب حياة الموتى من المختار.
عرف بأنها لن تترك ذلك القديس حتى يقيمه، لهذا أخذه منها بالموت.
حكيم القلب أرسل الموتَ إلى العاقر، وجرَّد مسكنها الذي عرف الأمان بحبيبها (ابنها)
مات حبيبها ولم تفتح قبرًا يدخل فيه، بل وضعته في العلية التي تُنبع الحياة.
عرفتْ من يحل في ذلك البيت، وكانت واثقة أنه سيأتي حالاً، وسيشرق الحياة.
وضعت الصبي في بيت أليشع، وأغلقت عليه، ليأتي النبي ويطرد الموت من خدره.
وضعت الجثمان على سرير الرجل الإلهي، ليأتي ويسحق الموت الذي سحق مضجعه.
أدخلت الميت إلى عرين الأسد، وأغلقت الباب، ليزأر على الموت ويطرده بسرعة
وضعت الميت وسلكت طريقها إلى أليشع، ليأتي ويرد سبيًا أخذه الموت منها.
مضت لتدعو الطبيب الذي يعرف أن يحيي ميتًا، ليأتي ويشفي الصبي الميت ويقوم حيًّا.
بإيمانها أدركت كيف أن قوته قادرة، وطلبت منه ما يسهل عليه فعله مثل الجبار.
توجهت وصعدت إلى جبله لتأتي به، فينزل ويُصعد الميت من حفرة الموتى.
أخفت الذكية السرّ عن زوجها لئلا يتذمر، إلى أن يحيا الصبي، ثم تكشفه له
لماذا إذًا يا تُرَى أخفى الرب موت الصبي عن أليشع، ولم يشعر به عندما مات؟
لو شعر، لكان قد منع الموت عنه، وبدعائه كان يزجره، فلا يقترب منه.
شعوره بالصبي وطرد الأذى منه ليس عظيمًا كما أقامه وأعطاه لأمه
المرأة المُحِبَّة قالت لرجل الروح هذه الأمور، وبطلبها أجبرته ليعمل حسب إرادتها.
أرسل جيحزي، وأعطاه عصا كما قلنا، وأمر الخادم بأن يسكت ولا يتكلم في الطريق.
قال له: لو التقى بك رجل في الطريق، لا تُبَاركه، ولو باركك لا تردّ عليه.
هذا ما قاله أيضًا ربنا لتلاميذه: لا يُسَلِّموا أبدًا على أحدٍ في الطريق.
العبارتان إذًا قيلتا بروح واحدٍ، لأن ربنا وهب الأنبياء روحًا منه
أخذ العصا واجتاز أمامه كما أمره، فوصل إلى الميت، ووضع العصا عليه كما قال له.
لم يتحرَّك الموتُ ويهرب من التلميذ، ولم يترك الجثة وينتقل، لأنها كانت مغلقة.
لم تكن للعصا الضعيفة القوة لتحيي الميت، بل كان حاملها فارغًا ومجردًا من الأعجوبة.
تابوت العهد الذي شطَر البحر، وحطَّم السور، وصنع القوات على يديّ يشوع الكاهن العظيم.
من جهة ثانية سُبيَ سبيًا، وقُتل شعبه، وأُذل مع المسبيين.
لم ينتصر بأيدي كهنة طماعين حملوه، وهكذا لم تشتهر العصا بيديّ جيحزي.
حمل الضعيف عصا قوية ولم يصنع بها آية، كالتابوت الذي لم ينتصر بالطماعين الذين حملوه
نعمان السرياني
كان البهي مملوءًا بالروح القدس، كاشف الأسرار.
استند على إعلانات النبوة، وكان يجتر القداسة والنقاء ويمضغهما.
سهل عليه أن يداوي الأمراض، ويصنع القوات، ويواسي الضعفاء، ويفرّج عن المجروحين.
كان اسم جبروته مشهورًا بين العبرانيين، وأخباره الحسنة أقلقت أرض الأراميين.
قوة الشفاء صارت كالينبوع، فجرى وسقى الإسرائيليين، وفاض ليسقي الأراميين
سمع نعمان الأبرص قائد جيش بني عيسو بخبره، أنه يسهل عليه شفاء البرص.
أشرق اسمه في البلاد كالشمس، وتجمع كل المرضى من كل الجهات عند بابه.
أتى نعمان الأرامي مع الكثيرين، لينزع عنه قميص البرَص بواسطة أليشع.
أتى قائد الجيش اللابس البرَص، ووقف على بابه، وتوسل ليشفيه أليشع.
أرسل النبي العجيب، وقال له: اغتسلْ في الأردن سبع مرات فتطهر.
غضب نعمان، واحتقر الكلمة التي سمعها، وخرج غاضبًا ومنتقدًا، ثم غادر الموضع.
كان منتقدًا، قال: لماذا لم يخرج إليّ ويشفي مرضي؟
لا تنقص الأنهار في أرض أرام، لو كان الأمر هكذا، أمضى وأَغتسل فأطهر
v ذهب واغتسل سبع مرات كما أُمر، ونُزع برصه، وصار طاهرًا بقوة عظمى.
لماذا أمره أن يغتسل سبع مرات، مع أن القوة واحدة لا تخضع للتعداد؟…
قامت الخلائق وتخومها في ستة أيام، وفي اليوم السابع استراح من أعماله البديعة.
ولهذا كُرِّم السبتُ على السبعة أيام، لأنه الإكليل الذي به خُتمت كل الخلائق.
بنت الحكمة لها بيتًا عظيمًا مملوءًا جمالاً، وسندته بسبعة أعمدة ليقوم بها.
في سبعة أيام يسرع العالم نحو التغييرات، وهي تدور فيه كل يوم وتقيمه.
أيام الأسبوع السبعة التي بها يقوم العالم كله، تقف مثل أعمدة وتحمله.
ولهذا علَّم النبي الأرامي سرّ السبت، فيغتسل سبع مرات ويطهر.
فإن طُرح سؤال عن هذا التعداد يأتي سرّ السبت ويدخل ويظهر نفسه.
ومن التوراة ظهر جمال هذا العدد الذي به أقام الخالق العوالم وإبداعها.
تطهير الأرامي كان أعجوبة، ومع الأعجوبة كان يلزم التعليم.
وضع النبي عدد الأيام السبعة، ليصير نافعًا للأراميين ويفيدهم.
فحين يستفسرون عن عدد المرات السبع يعرفون القوة من التوراة صاحبة الكنوز.
ظهر خبر القدرة الخالقة والإبداع، والخالق الذي أقام العوالم في سبعة أيام
اغتسل نعمان، فهرب برصه، وتعافَى جسده، واقتنى جسمًا جديدًا يشبه جسم الصبي.
حين سمع الكلمة احتقرها لكونها ناقصة، ولما تحققت خاف من العجب بسبب عظمته.
قامت هذه القدرة العظيمة التي رافقت النبوة في النهر، وتعافَى الجسم الذي كان فاسدًا.
القدرة الخالقة التي أنجزت العالم في سبعة أيام، غيّرت الجسم بسباحة نعمان سبع مرات.
تعافى جسمه، وخاف من العجب، وفرح قلبه، وامتلأت نفسه بإيمان الله.
هرب برصه، وهربت الشكوك من فكره، ورأى العجب، فتحرَّك ليُسبِّح بسبب الأعجوبة.
عاد فرحًا إلى باب رجل الله ليُسبَح، لأجل الأعجوبة العُظمَى التي شاهدها.
اعترف بأنه لا يوجد إله في كل الأرض إلا في إسرائيل، وله يسجد.
هذا هو الذي أقام العالم في سبعة أيام، وهو صاحب سلطان على الخلائق ليُغيِّرَها
أتى الأرامي بالفضة، وأعطاها لأليشع، وتوسل إليه أن يأخذها منه كقربانٍ.
تعارك الغِنَى والفقر على باب بيت ذلك المسكين الإلهي.
داس الغِنى البغيض والبعيد عن الله، ولم يمد يده ليأخذ الفضة التي قُدِّمت له.
كان عيبًا على ذاك الذي صرخ في البرص فهرب، أن يحني يده مثل شقيّ إلى المال.
ٍكانت بغيضة في عينيه فضة الأرامي وبرصه، وبصدق طرد كليهما من عتبته.
أزال برصَه ورذل فضته المساوية له، واحتقر البرص والفضة، ورذل كليهما.
ألحّ عليه كثيرًا ليأخذ منه، فلم يتنازل، لأنه احتقر كل كنوز السلاطين.
كان الإيمان مضطرمًا في نفس نعمان، والتهبت فيه محبة الرب كاللهيب.
اشتهي أن يعطي الفضة بكثرة، والرجل الذي أبغض اقتناء الغنى لم يقبل.
كان هروب برص نعمان من عند الله، واحتقار النبي للمال كان من عنده.
جمال نفسه هو أنه هرب من المال، واحتقر الغنى الذي يحرق الكثيرين بناره.
محبة المال التي تقتل مرارًا حتى القديسين، قتلها النبي، وأخرجها، وداسها خارج بابه.
بتطهير نعمان غلبت فيه قوة الله، ونصرة النبي تعني أنه غلب محبة الذهب…
الوصية التي أعطاها ابن الله لرسله كانت موضوعة في نفسه ليبغض الذهب مثل التلميذ.
بعين النبوة السامية رأى طريق الرسل، فسار فيه بدون المقتنيات
محبة الفضة التي غُلبت من قبل أليشع، صنعت كمينًا لتُهلك التلميذَ المتكاسل.
وبما أن المعلم غلبها، عادت إلى التلميذ، وإذ وجدته متراخيًا داسته وأذلته.
النار التي انطفأت عند أليشع، اضطرمت وشبّت في جيحزي، ليحترق بها بدل مُعلّمه.
الخطيئة التي غلبها هذا المُعلِّم العظيم المملوء بهاء، عادت إلى التلميذ المملوء طمعاً.
رأى مُعلِّمه الذي رذل مال الأراميين، فذمّه واحتقره، لأنه سكر بمحبة الذهب.
قذفته شهوة الغنى بسهمٍ، فطُعن وسقط، ودفعته ليخرج ويصبح أيضًا سارقًا.
لم ينتظر أن يقتني فقط ما يعطونه، لكنه أسرع ليسرق مثل إنسانٍ نشيطٍ.
بدل المقتني صار بجسارته سارقًا، بعد أن اتقدت فيه محبة المال واضطرمت.
ذمّ مُعلِّمَه، قائلاً: لماذا رفض الأرامي، ولم يأخذ منه المال حين شُفي؟…
بما أنه سكر بشهوة محبة الذهب البغيضة، كان تمييز مُعلِّمه العظيم بغيضًا في عينيه.
وإذ ظن بأنه يملأ نقص مُعلِّمه، ركض السارق وراء نعمان، وقال له:
أتى أناس محتاجون عند مُعلِّمنا ليسندهم، وطلب منه أن يعطيه وزنة فضة لهؤلاء المحتاجين.
أعطاه قائد الجيش وزنة وثيابًا بقلبٍ صالحٍ وهو مسرور كما طلب هذا السارق.
أعطاه ضعفًا فأخذه، وعاد مسرعًا، أخفاه وطمره وبحكمة رتَّبه
جيحزي الجاهل، إما أنه نسي من هو مُعلِّمه، أو سَكَرَ بمحبة الذهب، وفقد عقله.
يا جيحزي، ماذا يُخفَى عن أليشع؟ ومتى لم يتطلع إلى الخفايا فيراها؟
أي سرّ اختفى يومًا ما عن أليشع، حتى تخفي فضتك عنه، فلا يدري بها؟
تحجب الشهوة وجه النفس وتغطيه مثل ستارٍ، وتُغَطِّيها لئلا ترى العمل الشرير.
لو أن ضمير المرء يدينه قبل أن يخطئ، لأظهر له أن خطيئته بغيضة، فما كان يخطئ.
لكن إن تحركت الشهوة وركضت إلى العملٍ، تُبطل الشهوة حُكم الضمير اللائق.
خطفت شهوة الفضة جيحزي، ولم يفهم أن لمُعلِّمه عينًا خفية ترى الأسرار
حفر وطمر، وظنَّ أن (مُعلِّمه) لا يدري، وبما أنه سكر، أظلمت نفسه ولم تفهم.
حاول بحيلة وطمر فضته، وأتى ووقف أمام أليشع مثل وديع.
هذا المُعَلِّم الذي امتلأت نفسه بروح الإعلانات يسأل: من أين أتى جيحزي؟
(تكلّم) بكذبٍ يتعلق بالسرقة، وقال الجاهل: عبدك لم يحِد إلى هنا ولا إلى هناك.
بدأ النبي يوبخه ويزجره ويفضحه ويُظهر له ما عمل في الطريق.
أظهرَ لي قلبي أن رجلاً نزل من المركبة للقائك، وأعطاك فضة، فأتيت وخبأتها.
كان قلب هذا النبي العجيب مرآة مملوءة نورًا، ترى الأسرار روحيًا.
وهو في بيته رأى نعمانَ وراء الجبل، عندما صرّ الوزنة، وأعطاها لجيحزي السارق
كُشف له السرّ كما لو كان معه بقربه، ووبَّخه وأخزاه، لأنه عُري أمام الكثيرين.
نعم أيها التلميذ، من علَّمك إن كنت قد تعلمتَ؟ ومتى وأين تعاملنا مع محبة الذهب؟
لماذا يا جيحزي هذا العمل الجديد، الذي لم تشاهده فيَّ، فأنت مثل سارق وطماع عظيم؟
لماذا المقتنيات؟ ولماذا الكروم؟ ولماذا الزيتون، والغنى الفاسد الذي لا يدوم في عالم شرير؟
أمرتك عندما أرسلتك لتُحيي ميتًا، ألا تُبارَك ولا تبارِك من يلتقي بك.
أمرتك أن تصمت وتُسرع في طريق النبوة العظمى، والآن لقد ملأتها بالسرقة.
ليلتصق بك برص نعمان الأرامي، والذي أخذت فضته، فخذ برصَه واقتنِه لك.
اقتنِ لك البرص والفضة، لأن هذا وتلك بغيضان، اقتنِ كليهما، وكن سخرية في العالم كله.
تحققت كلمة ذلك القديس بسرعةٍ إلهية، وألبست جيحزي الطماع قميص البرص.
مع كلمته تم الفعل بقوة عظمى، ولبس جيحزي النجاسة، واقتنى العار.
القميص الذي خلعه نعمان لبسه جيحزي، وأظهر النبي العظيم قوته بكليهما.
بكلمة فمه نزعه عن واحدٍ وألبس آخر، لأن قوة عظيمة كانت توجد في كلمته…
طهَّر نعمان، وأعطى الدنس لهذا الطماع، ووقفت شهوة الذهب والسرقة في خجلٍ.
احتقر الغنى وأعطى النصرة للفقر، وجعل من الطمع عارًا في العالم كله.
وبما أن جيحزي اشتهى الثياب واقتناها، أعطاه النبي ثوب البرص، فلبسه وخزي.
جُعل هذا مثل مرآة لمحبِّي الغنى، وجعل السارق مثلاً في العالم كله.
صوَّر النبي صورة العار لهذا السارق، ووضعها في كتابه، وهوذا كل الخليقة تنظر إليه.
بها يتعلم المرء أن محبة المال نجاسة، وبرَص خفي، وبغيضة جدًا لمن يقتنيها…
إكليل النصرة لذاك الذي أبغض اقتناء الذهب!
مبارك من وهب (أليشع) اسمًا جميلاً في العالم كله!
الحرب بين الإسرائيلين والأراميين
طبيعة النفس سامية في خلقتها، ومملوءة جمالاً، وتحمل صورة اللاهوت العُظمَى.
عندما تتنقَّى من الأعمال العالمية، وعندما لا تتنجس بالشهوات الغريبة؛
عندما تكون سيدة للجسد فلا يأمرها؛ تدبره بالقداسة، ولا يعصاها؛
عندما تتطهر من كل الحركات الجسدية، تنظر وترى روحيًا العوالمَ الخفية.
إن اجتاز ملاك أمامها لا يُخفَى عنها، وترى الأبالسة والملائكة وجهًا لوجهٍ.
هذه القوات المستترة ليست خفية عنها، لأنها تنظر وترى أفواجها بوضوح.
كل قديس يمرّن نفسه بالروحانية، يرى بوضوح كل ما يوجد على الأرض.
جميع القديسين يرون مثل ملائكة الرب، ولا يوجد شيء عند الله مُستتر عنهم
كان يرى بوضوح كمائن الملوك التي كانت تُعمَل سرًا، عندما كانت تُدبَّر.
عندما كانوا يتكلمون بأسرار خفية في (أرام)، كان أليشع يفضحها في أرض اليهودية.
دارت حرب بين الأراميين والإسرائيليين، وشبّ خطر الدم المثير للخصام والداعي إلى الحرب.
بينما كان أليشع يقيم مع العبرانيين، فضح الكمائن التي صنعها الأراميون.
عندما فكَّر ملك أرام أن يفعل شيئًا، كان يبطل التنفيذ قبل أن ينفذ كلمته.
عندما كان يهيئ كمينًا ليصنعه سرًا، كان يكشفه أليشع كاشف الأسرار.
كان ملك أرام يُحِيك الأسرار في خدره، وحالاً تنتشر بوضوح بين العبرانيين.
كانت أفكار الأراميين ومؤامراتهم وكل أسرارهم يُفضحها أليشع.
وهو في بيته، كان ينظر ويرى أيضًا كل ما هو خفي في منازل الأراميين.
عندما كان ينظر، لم تكن بُعد المسافات الموجودة بين البلدَين تخفي عنه شيئًا.
كان لهذا الرجل رؤية صافية مملوءة نورًا، بها يرى كل الخفايا بدون غطاء.
وعندما أراد الأراميون أن يغيِّروا الخطط، كان ذاك العبراني يراها ويفضحها.
لأنه كانت له عين ترى روحيًا كل أسرار الأراميين التي كان يفضحها.
تذمر ملك أرام واضطرب، لأن كل خفاياه كانت تُكشَف بين العبرانيين.
صنع كمينًا بخدعة وحيلة عُظمَى، ونصب فخًا ليوقع العبرانيين في الشَرَك.
كشف أليشع كل الخدعة وكل السرّ، وانكسر قلب الأرامي لأنه انفضح.
ظن الملك بأن أحدًا من أتباعه يكشف أسراره للإسرائيليين، ويُبطل خطط نصرته.
بدأ الرجل يشتكي، ويقول لعبيده: واحد من أتباعنا يكشف سرِّنا لإسرائيل.
فأعلنوا حالاً لملك أرام بأن أليشع يفضح خططهم وكمائنهم
كانت الملائكة تحرس أليشع، وحيثما ذهب كانت تسير معه القوات.
جيش خدام الله يحيط بخائفيه، وينجيهم من الأضرار.
كان مستيقظو النار يحيطون به من كل الجهات، ولم يكن يقترب منه الخطر أو التهديد.
خاف تلميذه الذي رأى الخيول والقوة العظيمة مثل صبي، ارتعب من الأفواج القوية.
خاف وعاد إلى أليشع وهو يرتعب، وقال: آه يا سيدي، كيف نعبر من الفرسان؟
أما أليشع فلم يَخَف من الأفواج، ولم يكن يحسب بأس الملوك شيئًا.
أحاطت به قوات بيت الله، التي كانت أكثر من الجموع المحيطة به
لما خاف التلميذ من غبار الجيش الذي رآه، شجَّعه مُعَلِّمُه لئلا يرتجف من الكثيرين.
القوات الموجودة معنا هي أكثر من قوات الأراميين المُحيطة بنا.
صلَّى البهي من أجل التلميذ لكي يراها، وفتح الربُ عينَي الخادم كما طلب له.
رأى الفرسان وخيول النار المملوء منها الجبل. إنه منظر مخيف ومُرعِب لمن يشاهده
رجل واحد قاد كل الجيش بدون قتال، وهم أضعف وأوهن من أن يتخلصوا منه.
عرقل نظرهم، وربط أعينهم، واقتادهم إلى حيث شاء، وأذلهم.
أُرسلوا ليصطادوه مثل الجبابرة، فاصطادهم هو، وجلبهم مثل الضعفاء.
جلب ثوب الضلالة وبسطه على وجوههم، واقتادهم مثل عميان حتى يخزيهم.
ذهبوا معه وهم ينظرون إليه دون أن يروه ليصيروا سخرية بجنونهم على من تجاسروا.
ضُرِبَ الأشقياء من قبل ملائكة الله التابعين له، وهرب نور وجوههم
قادهم وأدخلهم إلى قلب السامرة، ودعا الرب، ففتح عيونهم المُغلَقة.
رفع عنهم الضلالة التي لبسوها، فاستناروا وعرفوا أين هم؟ وكيف أتوا؟
عرفوا أيضا أنه الرجل الذي كانوا يطلبونه، فخافوا واضطربوا، كيف لم يعرفوه في الطريق.
فهموا أنه أليشع، وأنهم كانوا يبحثون عنه، وهو يتكلم معهم في الطريق ولم يعرفوه.
أضحى الأشقياء مُلامين وضعفاء ومملوءين خوفًا، ومحتقرين، وجهلة، وتحت الموت الذي أفزعهم.
نظروا إلى رجل الله كيف هو، واحتقروا الملك الذي أرسلهم
أتى بهم كأعداء لملك السامرة مثل الضعفاء، وأقامهم أمام وجهه…
رآهم الملك وتحرك مثل الجبار ليقتلهم، وكأنه هو الذي انتصر وأتى بهم وحبسهم.
طلب أن يرفع يده ويبيدهم بالسيف، أما رجل الرب فمنعه من أن يصنع بهم شرًا.
أيها الملك، إنك لم تُضعفهم في حربٍ، فلا تضربهم بقوسك ولا بسيفك.
لا تفتخر بنصرة ليست هي نصرتك، أطعمهم واسقهم واِجعلهم يدهشون.
تغلّب على الشر بالخير الذي سيصير للأراميين…
يليق بقديس الله أن يُطعِمَ الرجال الذين أتوا ليصطادوه.
بالأعجوبة العظمى التي صنع أفزعهم، وملأهم دهشة عظمى، ثم أرسلهم.
صنع سلامًا بين الجانبين بدون قتال، مبارك هذا الذي أعطاه القوة والبأس والجبروت
ماذا أقول عن تلك المجاعة التي حدثت هناك، حتى أكلت النساء أبناءهن بسبب الضيق؟
إنه خبر مُخيف تهرب منه الأذن، ورعدة عظيمة أن تأكل النساء أحباءهن.
أفسد الجوع أرحام النساء الوالدات، لئلا يُشفقن على أولادهن عندما يقتلونهم.
بدل أمهات صرن حيوانات مفترسة، وبسبب الضيق أكلن لحم أحبائهن.
طرد الجوع شفقة الأم وهزمها، لئلا تعود إلى الابن الذي يهلك.
طعن سهم الجوع المُرضِعة، وركعت وسقطت، وشرعت تأكل من حبيبها لكي تحيا.
يا للهول العظيم! أمسكت بالوارث لتقتله، وهربت محبة الأمهات بسبب المجاعة التي حدثت.
لم تخَف عندما صرخ الطفل تحت السكين، ولم ترتعب حين سبَحَتْ يداها في دمه
ارتجف الملك من الخبر المُخيف الذي ذُكِرَ، ومزَّق ثوبه وولول وصرخ بسبب ما سمعه.
أقسم وهدد أليشع الإلهي بقطع رأسه، بسبب الخبر المريع الذي سمعه.
أيها الملك، بماذا أذنبَ إليك نبي الرب؟ إنه صامت في بيته، وهو مُحاصَر مثلك في المدينة؟
إن أكلت النساء أبناءهن، فما شأنه وبنات السامرة اللواتي قتلن وأكلن أحباءهن؟
إن كان يضايقك الأراميون، فما شأنه؟ لأنه ليس له رئيس فوج، ولا قائد جيش، فماذا يصنع لك؟
بماذا أخطأ إليك هذا الرجل النبي، حتى تهدد بقطع رأسه كأنه أرامي؟
لك السلاح، ولك قادة الجيوش، اخرج وحارب، وألا لا تهدد أليشع…
عرف ملك السامرة من هو الرجل، وكان واثقًا من أنه إن أراد يصنع الخلاص…
فكر بأنه إن صلى… تخرج صلاته، وتهلك آلاف الأراميين.
إن دعا النار تنزل على الذين في الخارج، وإن أمر الأرض بإشارة لابتلعتهم.
إن أرسل كلمته تخرج على صفوفهم، ويهزمهم بلا قتال، ويبيدهم.
كان الملك مُحاصرًا في المدينة، صامتًا عن ضيقٍ، ولا يحزن على النساء لأنهن أكلن أحباءهن.
هذا الملك هو ابن إيزابل المتعطشة إلى الدم، وقد تهيأ ليجدد ما صنعته أمه.
عرف بأن لدى أليشع القوة، فلماذا لم يتوسل قبل أن يهدده ليقوم بعملٍ ما؟
المدينة محاصَرة بسبب خطايا بني الشعب، والجاهل يهدد بقطع رأس هذا القديس
شعر أليشع وهو جالس في بيته أن الملك عزم فأرسل لقطع رأسه.
رأى ببصيرته الروحية الرسول الذي خرج ليأتي للتنفيذ.
مع أنه كان بعيدًا، رأى عن قُرْب العمل البغيض، وكشف للشيوخ الجالسين عنده عن الرسول.
طلبوا منه أن يصنع الأمان وكأنه الحاكم، وأن يزجر الأراميين فيهربون.
وأن يصنع الرخاء في السامرة المتضايقة، ويعطي كل الخيرات للشعب المُحاصَر…
لتهزمِ الأراميين أو تموت، وطالبوه بالأمان والشبع العظيم[1]
٩- المرجع : تفسير سفر الملوك الثاني ( الإصحاح الرابع والخامس والسادس ) – القمص تادرس يعقوب ملطي