من البصخة المقدسة
“إن الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر، ولا تحل في الجسد المسترق للخطية” (حك ٤:١).
[وأنا أيضاً الخاطئ، يا سيدي، علمني، أن أصنع توبة.
لأنك لا تشاء، موت الخاطئ، مثل أن يرجع، وتحيا نفسه] (ختام الثيئوطوكيات الآدام).
[طوبى لمن يضبطون أنفسهم،
طوبى لمن يحفظون معموديتهم نقية،
طوبى لمن يسهرون ويصلون،
طوبى لمن يترقبون الآتي ليدين الأحياء والأموات] (القديس إفرام السرياني)[1]
شرح القراءات
تدور قراءات الساعات الخمس لهذه الليلة عن المدخل الأساسي للخلاص وهو التوبة.
وأيضاً تُحذِّر القراءات من:
غياب التوبة
والحرمان من حضور الله ورؤيته،
لذلك تتكرر كلمات مثل:
لست أعرفكم. (أنجيل الساعة الأولى).
أنكم لا ترونني. (أنجيل الساعة الثالثة).
تقفوا أمام ابن الإنسان. (أنجيل الساعة السادسة).
نعم أقول لكم إنه يطلب من هذا الجيل (إنجيل الساعة التاسعة).
لئلا يأتي بغتة فيجدكم نياماً (إنجيل الساعة الحادية عشر).
والتوبة في قراءات الخمس ساعات لها :
جهاد واجتهاد. (الساعة الأولي).
وإرادة إلهية لخلاصنا. (الساعة الثالثة).
وموقف واضح من الجسد والعالم. (الساعة السادسة).
وحذر وحرص من الشكل دون الجوهر. (الساعة التاسعة).
وعدم انحصار في مواعيد وأزمنة بل سهر دائم . (الساعة الحادية عشر).
الساعة الأولى من ليلة الثلاثاء
قراءات هذه الساعة تتكلَّم عن جهاد واجتهاد توبتنا ويمكن تركيزها في ثلاث كلمات :
ارجعـــوا (النبوَّة)
اشبعــــوا (المزمور)
اجتهــدوا (الأنجيل)
النبوَّة (زك ١ : ١-٦)
يُوضِّح النبي هنا جوهر التوبة في الرجوع إلي الله من كل القلب أي رجوع عن الطرق الرديئة والأعمال الشريرة.
“هكذا ما يقوله الرب الضابط الكل ارجعوا إليّ وأنا أيضاً أرجع إليكم … ارجعوا عن طرقكم الرديئة وعن أعمالكم الشريرة”.
وهذا هو ما ينظر إليه دائماً الرب فبالرغم من انسحاق أهل نينوى وأيضاً الملك والعظماء في التراب والصوم الشديد حتي للحيوانات لكن يقول الكتاب: “فلما رأى الله أعمالهم أنهم رجعوا عن طريقهم الرديئة، ندم الله على الشر الذي تكلم أن يصنعه بهم، فلم يصنعه” (يون ١٠:٣)
لذلك يقول النبي: “ومزقوا قلوبكم لا ثيابكم ” (يؤ ١٣:٢).
المزمور (٦١: ٤، ١)
“خلاصي ومجدي هما بإلهي إله معونتي ورجائي. هو بالله لأنه إلهي ومخلصي ناصري فلا أتزعزع أبداً”.
ينتقل بنا المزمور إلى جوهر اجتهاد وجهاد التوبة، وهو الشبع بالله والاغتناء به والفرح بخلاصه، أي أن الجانب السلبي من التوبة هو الابتعاد والاحتراس من الخطية، وهو لازم لكل إنسان، ولكن الأهم والأعظم هو الجانب الإيجابي وهو الشبع بالله والهذي في كلمته والحديث الذي لا ينقطع معه:
أي أن التوبة الحقيقية أن نختبر أن الله مجدنا وخلاصنا ورجاؤنا وناصرنا وثباتنا.
لذلك رغم أننا نُجاهد حتي الدم ضد الخطية، لكن جهادنا يجب أن يُلازمه على الدوام النظر الدائم إلى رئيس الإيمان ومُكمِّله الرب يسوع (عب١٢: ٤،٢)، وأيضاً يجب أن نُجاهد الجهاد القانوني، وهو أن نتقوى بالنعمة التي في المسيح يسوع (٢تي ٢: ٥، ١)، ورغم أن الخطية مُحيطة بنا (عب١٢: 1) إلَّا أننا محصورين في محبّته (٢كو٥: ١٤).
[وهذا ما أوضحه آبائنا القديسين: القديس باسيليوس الكبير، والقديس غريغوريوس أسقف نيصص، في تفسيرهم لهذا المزمور:
يرى القديس باسيليوس الكبير أن كلمة “خلاص” هنا تعني السيد المسيح نفسه، وذلك كقول سمعان الشيخ حين حمل الطفل يسوع: “إن عيني قد أبصرتا خلاصك.
من أجل هذا وأسرار أخرى شبيهة به ترغب العروس أن تكون داخل البيت الذي يحوي سرّ الخمر. وبعدما دخلته، ابتدأت في القفز إلى أعلى لكي تصل إلى ما هو أعظم، لأنها كانت تبحث لكي تقع في الحب. وتبعا للقديس يوحنا “الله محبة” (١يو ٤: ٨). إن خضوع النفس لله هو الخلاص، كما يشير داود (مز ٦٢: ١). “أدخلني إلى بيت الخمر، وعَلَمُه فوقي محبة”. تقول العروس إنه وضع حبه فوقي، إني خاضعة لحبه؛ فكلا العبارتين لهما نفس المعنى][2].
أي أن هذه الآية هي ختام مزمور خلاص الله لشعبه، وختام مجموعة مزامير خلاص الله في الكنيسة، وهو غاية تدبيره من كنيسته وبيته المُقدَّس التي هي موضوع إنجيل الساعة.
الرابط بين المزمور والأنجيل (القمص لوقا سيداروس)[3]
خلاصي ومجدى هما بإلهى …
فالخلاص في المزمور هو بالله ليس جهداً بشرياً ولا براً إنسانياً ولكن يسوع “المخلص” هو خلاصنا.
وهو أعطانا جسده ودمه لنحيا بهما. قد صار هو خلاصنا وهو مجدنا وهو معونتنا، وهو رجائنا وهو ناصرنا فلا نتزعزع.
فالخلاص هو قبول يسوع والاتحاد به في جسده والاجتهاد المتواتر من أجل الدخول اليومي في هذا الباب “الرب يسوع” والسير اليومي في طريق “الرب يسوع”.
حينئذ يكون للنفس قبول أمام الله “بالمسيح” وتصير لها دالة عندما تقف للدينونة ليس بذاتها ولكن بالله نفسه الذى صار لنا براً وفداءً ونعمةً وغفراناً للخطايا.
الأنجيل (لو ١٣ : ٢٣-٣٠)
يأتي تحذير الأنجيل ليس للأشرار فقط بل لمن يكتفي ببرِّه ويظن أنه الأوَّل ويتكل على شكل العبادة والأمور النفسية والتعلُّق الشخصي النفسي بقادة روحيين دون تغيير واضح وتوبة صادقة ودون نمو في النعمة.
“حينئذ تبتدئون أن تقولوا أكلنا قدامك وشربنا وعلَّمت في شوارعنا، فيقول لكم: إني لا أعرفكم … فهوذا آخرون يكونون أولين وأولون يكونوا آخرين”.
الساعة الثالثة من ليلة الثلاثاء
في قراءات هذه الساعة نرى في التوبة:
مُبادرة الله بالحب (النبوَّة)
وبهجة الخلاص (المزمور)
وإرادة الله لأولاده (الأنجيل)
النبوَّة (ملا ١: ١-٩)
تبدأ النبوَّة بدعوة الحب الإلهي والمبادرة الإلهية انتظارا لاستجابة الإنسان، وهذا هو الفرق الكبير بين المسيحية وأي ديانة أو عقيدة أخرى في أن الله هو المُبادر والواقف على أبوابنا يقرع:
“بدء كلام الرب لإسرائيل على يد ملاكه: ضعوا في قلوبكم أني أحببتكم يقول الرب”.
ويعاتب الله شعبه وقادته الذين لا يخافون اسمه ولا يُعلنون مجده باستهانتهم بالعبادة والذبائح واحتقارهم مائدة الرب:
“الابن يكرم أباه والعبد سيده، فإن كنت أنا أباً فأين كرامتي؟ وإن كنت سيداً فأين مهابتي؟، قال الرب الضابط الكل، وأنتم أيها الكهنة والمحتقرون إسمي وقلتم بم احتقرنا اسمك … بقولكم إن مائدة الرب حقيرة هي وحقيرة هي الأطعمة الموضوعة عليها”
المزمور (مز ١٢: ٦،٤)
“أنظر واستجب لي يا ربي وإلهي أنر عيني لئلا أنام في الموت. أما أنا فعلى رحمتك توكلت يبتهج قلبي بخلاصك”.
الجزء الأوَّل من هذا المزمور مُكرَّر في مزمور الساعة الحادية عشر ليوم الأثنين.
والجزء الثاني يُعْلِن فيه المزمور بهجة الخلاص.
والمزمور كله هو رحلة توبة من حيرة الإنسان بعدم إحساسه بحضور الله،
لذلك بدأ المزمور بسؤال: “إلى متى يا رب تنساني”، وتكرَّرت كلمة “إلى متى” ثلاث مرّات،
وتنتقل المشاعر تدريجيا مع حضور النعمة وافتقادها لضعفنا وحيرتنا إلى بهجة الخلاص في نهاية المزمور، لذلك طلب المُرنِّم في مزمور التوبة الشهير (مز٥٠ أو ٥١ بالأجبية) قائلاً: إمنحني بهجة خلاصك.
ويقول البعض أنها ربما أيَّام عاشها داود مُنْتَقِلاً من الحزن والحيرة إلى بهجة الخلاص وتسبيح وتمجيد الله:
[يقول Stuhlmueller من الصعب أن ندلل على سبب هذا التحول المفاجئ: هل تعافى المرتل بسرعة؟، من المحتمل أن المزمور قد نُظم عبر ليالِ طويلة من الأرق، والآلام المُرّة والصلوات اليائسة، والذكريات القاسية، كل هذا تطور تدريجيًا لينشئ سلامًا، حتى عند الموت يتحول غضب الإنسان أو كآبته إلى سلام داخلي وحب راسخ][4]
الرابط بين المزمور والأنجيل (القمص لوقا سيداروس)[5]
انظر واستجب لي يا ربي وإلهي …
عندما يهدد هيرودس بقتل يسوع يرسم لنا المزمور طريق مواجهة هذا التهديد بالالتجاء إلى الآب قائلين: “انظر واستجب”.
أليس هذا هو عين ما صنعته الكنيسة، عندما هدد رؤساء الكهنة التلميذين وأطلقوهما، رفعت الكنيسة صلاة بنفس واحدة بكلمات هذا المزمور قائلة: “انظر إلى تهديداتهم …”.
أنر عيني لئلا أنام في الموت…
يجدر بنا أن نتأمل أورشليم التي يخاطبها الرب في هذه الساعة وكيف أخفى عن عينيها فلم تنظر إلى عريسها…. وكيف أخفى عن عينيها، فلم تعرف ما هو لخلاصها.
لقد نامت اورشليم في خطاياها ولم تعرف زمان افتقادها، ولكن الرب يفتح عيون العميان ويشفى اليوم وغداً … و … طلبة المزمور هي طلبة النفس التي تسعى إلى خلاصها في أسهار لئلا يدركها نوم الغفلة والعمى الروحي الذى لف أورشليم قديماً.
أما أنا فعلى رحمتك توكلت…
حكم الرب في هذه الساعة بعدله على أورشليم الرافضة خلاص نفسها قائلاً: “بيتكم يترك لكم خراباً”
والمزمور أمام أحكام العدل الإلهي يهيب بنا إلى الاتكال على الرحمة.. وهكذا يتحول سماعنا لإنجيل هذه الساعة إلى الصلاة لطلب المراحم لئلا يصير مصيرنا كأورشليم التي رفضت المخلص وأغلقت قلبها دونه.
يبتهج قلبي بخلاصك …
الفرح بالخلاص يأتي نتيجة لاستنارة “أنر عيني”، والاتكال على مراحم الرب “على رحمتك توكلت” فتصل النفس إلى أن تستقبل الرب بذات الفرح قائلة” “مبارك الآتي باسم الرب”.
الأنجيل (لو ١٣ : ٣١)- الخ
ويُخْتَم بالإنجيل الذي يُعْلِن رسالة ابن الله الدائمة في تجسّده الشفاء الإلهي للبشر، من أعمال الشيطان وإتمام الخلاص بموته وقيامته وإرادته في كل زمان نحو شعبه وكنيسته وتحذير نهائي من عاقبة رفض إرادته الإلهية ويداه الممدودتان فتتحول البيوت إلى خراب نتيجة غياب حضوره الإلهي:
“هأنذا أخرج الشياطين وأتمم الشفاء اليوم وغداً وفِي اليوم الثالث أكمل … كم من مرة أردت أن أجمع بنيك كما يجمع الطائر فراخه تحت جناحيه فلم تريدوا هوذا بيتكم يترك لكم خراباً”.
الساعة السادسة من ليلة الثلاثاء
تدور قراءات هذه الساعة عن النجاة بالتوبة من كل الأخطار والحروب والضيقات:
وتُحذِّر القادة من أن يكونوا فخاً لشعبهم عوضاً أن يسعوا إلى نجاتهم (النبوة).
وتصرخ النفس لله لينجِّيها من فخ الصياد أي الشيطان (المزمور).
وينصحنا الله بالصلاة والسهر وصلب العالم والجسد للنجاة من الدينونة العتيدة (الأنجيل).
النبوَّة (هو ٤: ١٥- ٥: 1- ٧)
تحمل هذه النبوَّة تحذيراً لقادة الشعب من أن لا يساعدوا الناس على التوبة والأصعب أن يكونواً فخاً وشركاً لهم أي يكونوا سبب عثرة في طريق خلاصهم:
“اسمعوا لهذا أيها الكهنة وأنصتوا يا بيت إسرائيل واصغوا يا بيت الملك لأن الحكم موضوع قبالتكم إذاً قد صرتم فخاً للمحرس وكالشبكة المنصوبة على تابور”.
والطبيعي أنهم عندما يحتاجون الله لمصالحهم الخاصة لا يجدونه وذلك لأنهم لا يطلبونه من قلوبهم ولا لأجل خلاصهم:
“لأن روح الزني فيها والرب لم يعرفوه … ويذهبون بغنمٍ وثيران ليطلبوا الرب فلا يجدونه لأنه قد تنحي عنهم”.
المزمور (مز ١٢١: ٤)
“ملجأي إلهي فأتكل عليه لأنه ينجيني من فخ الصياد ومن كلمة مقلقة”.
هنا تصرخ النفس لنجاتها من الفخاخ الكثيرة المُحيطة والتي ينصبها الشيطان وأعوانه والتي رآها الأنبا أنطونيوس وتنهَّد لأجل نجاة الناس وجاءه صوت أن المتواضعين سينجون،
وكما يقول القديس جيروم: [“اتكل عليه، لأنه ينجيني من فخ الصياد”. في هذا الدهر يوجد صيادون كثيرون يرغبون في اصطياد نفوسنا. وكما يقول النبي: “انفلتت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين” (مز ١٢٤: ٧)، نلاحظ في مرات كثيرة أن في الكتاب المقدس يلعب الصيادون دورًا معاديًا. كمثال نمرود العملاق الذي كان دائمًا متمردًا على الله، كان صيادًا. وأيضًا هكذا كان عيسو… نقرأ في سفر الأمثال: “عيني الزانية شبكة الخاطئ” راجع (أم ٦: ٢٥). من ينظر إلى امرأة بشهوةٍ يرتكب زنا في قلبه (مت ٥: ٢٨). توجد شباك كثيرة حيث توجد خطايا كثيرة؛ وحيث يوجد صيادون كثيرون توجد شباك. تعاليم الهراطقة هي مصائد الموت].[6]
الرابط بين المزمور والإنجيل (القمص لوقا سيداروس)[7]
ملجأي إلهى فأتكل عليه لأنه ينجيني…
المتوكلون على الله يعبرون عن اطمئنانهم ونجاتهم من فخ إبليس والموت، لأن المسيح كسر بآلامه شوكة الموت “الفخ انكسر ونحن نجونا”، ووصية الرب لتلاميذه بالسهر والتضرعات كل حين يحولها المزمور إلى صلاة دائمة “ملجأي إلهي فأتكل عليه”.
من فخ الصياد …
يوم الرب يحسب كالفخ لأولئك الذين تثقلت قلوبهم بخمر وسكر هذا العالم، ويباغتهم يوم الرب كفخ فيستيقظون من خمر هذا العالم فإذا هم في الجحيم مثل الغني الغبي “يا غبي الليلة تطلب نفسك”،
ويوم الرب يحسب كالفخ للكسالى النائمين مثل العذارى الخمس الجاهلات وللمشغولين بأمور هذا العالم.. كما كان في أيام نوح وفى سدوم أيضاً للمنغمسين في الشهوات والسكارى بتلذذات الجسد .
الكلمة مقلقة …
هي كلمة الدينونة “ابعدوا عني يا جميع فاعلي الإثم” (مز ٦: ٨). والرب ينجينا من هذه الكلمة المقلقة ويفرحنا بسماع صوته المفرح القائل لنا: “تعالوا يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم” (مت ٢٥: ٣٤).
الأنجيل (لو ٢١: ٣٤)– الخ
يلفت النظر في الأنجيل هنا لأهمية الاستعداد والسهر بتضرُّع لأجل النجاة من المزمع أن يكون، حسب ترجمة أخرى: “لكي تحسبوا أهلاً للنجاة من جميع هذا المزمع أن يكون”.
والسهر هنا دائم لكل إنسان لأنه لا يعرف موعد انطلاقه، وسهر الكنيسة كلها لأجل الضيقة العظيمة (رؤ ١٤:٧) المُزمعة أن تكون قبل نهاية العالم.
والتحذير من الغفلة والانغماس فيما هو للعالم والجسد:
“فاحترزوا لأنفسكم لئلا تثقل قلوبكم من الشبع والسكر والهموم الدنيوية … إسهروا إذاً متضرعين في كل حين لكي تقووا على الهرب من هذه الأمور المزمعة أن تصير وتقفوا أمام ابن الإنسان”.
الساعة التاسعة من ليلة الثلاثاء
تتحدَّث قراءات هذه الساعة عن:
نقاوة التوبة واستنارتها بنور معرفة الله (النبوَّة).
ورفض فكر العالم الذي يُمْكِن أن يصل بنا لأن نصلب المسيح من جديد (المزمور).
والأمانة في مسؤولية المعرفة والتعليم (الأنجيل).
النبوَّة (هو ١٠: ١٢- ١١: ١-٢)
يدعو الرب أولاده في هذه النبوَّة أن يزرعوا البر ويستنيروا بنور معرفته وأن يبتعدوا عن النفاق والظلم والكذب وأن لا يرفضوا دعوته:
“إزرعوا لأنفسكم براً اجنوا ثمرة الحياة استنيروا بنور المعرفة وأطلبوا الرب حتي يأتيكم ثمرة البر لماذا سكتم على النفاق الذي فيكم وحفظتم ظلمكم وأكلتم ثمرة الكذب؟ … فكما دعوتهم هكذا ذهبوا عن وجهي”.
المزمور (مز ٣٢: ١١،١٠)
“الرب يشتت آراء الأمم ويرذل أفكار الشعوب ويرفض مؤامرة الرؤساء وأما مشورة الرب فكائنة إلى الأبد وأفكار قلبه من جيل إلى جيل”.
والكلام هنا عن الصليب المُزْمَع أن يأتي بآراء الأمم (الرومان) وأفكار الشعوب (اليهود) ومؤامرة الرؤساء (رؤساء الكهنة) ولكن تدبير الله سيتجاوز ويحتوي ويُحوِّل كل مشورات وتدبيرات الشرِّير لأجل خِطّة الخلاص لجميع البشر.
الرابط بين المزمور والإنجيل (القمص لوقا سيداروس)[8]
الرب يشتت آراء الأمم…
الأمم يفكرون بطريقة عالمية، ويطلبون مخلصاً حسب آرائهم وفلسفاتهم، والرب شتت أراءهم بالصليب “…الصليب لليونانيين جهالة …” لقد خلص الله العالم بجهالة الكرازة، واختار الضعفاء ليخزي بهم الأقوياء، والجهلاء ليخزي بهم الحكماء.
والرب هنا يتكلم عن البحث عن الحكمة الحقيقية كما فعلت ملكة التيمن التي أتت من بعيد، فهي تحكم على هذا الجيل الذى يبغض النور ويرفض الحكمة التي هي للمسيح نفسه.
ويرذل أفكار الشعوب…
الشعوب هم شعوب إسرائيل ، وأفكارهم قد تلوثت باختلاطهم بالأمم وصاروا يطلبون مخلصاً أرضياً زمنياً ، وأصبحت وظيفة المخلص فيفكرهم هي الإنقاذ من الظلم الأرضي بقوة السلاح والحرب . والرب يرذل أفكارهم ويذكرهم بيونان الذى صار آية بوجوده في بطن الحوت ،وأن الرب سيخلص بطريقته وفكره الخاص وتدبيره الذى قصده في نفسه قبل الدهور .
ويرفض مؤامرات الرؤساء…
والرؤساء هم الكتبة والفريسيون المعتبرون رؤساء الشعب، والمسيح يقول لهم أخذتم مفاتيح المعرفة، ولكن الرب رفض مؤامراتهم وفضح رياءهم.
وأما رأى الرب فهو يكون إلى الأبد..
ما أبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء لأنه من عرف فكر الرب. ورأي الرب وفكره واحد لا يتغير كما في أيام يونان كذلك أيضاً، وكما في أيام ملكة التيمن كذلك أيضاً، وكما في الرمز هكذا تكون الحقيقة التي هي موت المسيح وقبره ثلاثة أيام في بطن الأرض وحكمة الكرازة بصليبه.
أفكار قلبه من جيل إلى جيل…
كما رحم المدينة الشريرة نينوى عندما تابت في المسوح والرماد وغمرها بعطف أبوي وشفقة فائقة، وكانت أفكار قلبه من نحوها واضحة، هكذا بالأكثر يكشف المزمور عن أفكار قلب السيد وهو يكلم جماعة اليهود عن ريائهم أن السيد المسيح الرب أضمر في قلبه خلاصاً أبدياً وصفح عن خطايا العالم كله.
الأنجيل (لو ١١: ٣٧-٥٢)
هنا يُبكِّت الرب الفريسيين لعبوديتهم للحرف والشكل دون الجوهر ويُبكِّت أيضاً الناموسيين الذين إدّعوا المعرفة ولم تنفعهم معرفتهم لأنها كانت دون حياة وكانت سبباً في عثرة كثيرين:
“أنتم الآن معشر الفريسيين تطهرون خارج الكأس والصحفة وأما داخلها فمملوء إختطافاً وخبثاً أيها الجهال أليس الذي صنع الخارج صنع الداخل أيضاً … الويل لكم أيها الناموسيين لأنكم أخذتم مفاتيح المعرفة فما دخلتم أنتم والداخلون منعتموهم”.
الساعة الحادية عشر من ليلة الثلاثاء
تُحذِّر هذه القراءة من الظلم والكذب والنفاق التي يُمكنها أن تصل بنا إلي صلب المسيح (النبوَّة).
وتُحذِّر أيضاً من الانحصار في المواعيد وحسابات الأزمنة التي جعلها الآب في سلطانه (الأنجيل).
وتدعو قراءات هذه الساعة إلي سهر التوبة ويقظة المسيحي يومياً ووضوح هدفه في رسالته وعمله (الأنجيل).
مع حياة التسبيح والعبادة النقيَّة (المزمور).
النبوَّة (عا ٥: ٦-١٤)
وكأن عاموس النبي مُرافقاً للرب في آلامه في الأيَّام الأخيرة قبل الصليب ورأى رؤساء الكهنة والكتبة يُبغضون الرب الذي وبَّخهم (مت ٢٣) واستهانوا بكلمته المُقدَّسة وتحذيراته “لقد أبغضوا الموبخ في الأبواب، ونجسوا الكلام الطاهر”.
كما أنه ربما كان يرى كثرة نفاقهم للرومان لأجل أن يصلبوا الرب “فإني عالم بنفاقكم الكثير وخطاياكم المتجددة”.
وكيف حكموا على البار وقدَّموا رشوة لأجل ذلك “تدوسون البار وتأخذون الرشوة”.
المزمور (مز ١٢1: ٤)
“لأنه هناك صعدت القبائل قبائل الرب شهادة لإسرائيل يعترفون لأسم الرب”.
هنا يُظْهِر المزمور إحدى علامات صدق التوبة العبادة بنقاوة لأجل مجد الله وتسبيح اسمه والاعتراف له.
الرابط بين المزمور والإنجيل (القمص لوقا سيداروس)[9]
لأن هناك صعدت القبائل…
يشير المزمور إلى أن أولاد الرب في يوم مجيئه الثاني يصعدون إلى أورشليم العليا التي هي أمنا جميعاً .. يصعدون قبائل قبائل .. كل حسب السلطان المعطى له .. وحسبما قسم الله لكل واحد نصيب من الإيمان. قبائل الشهداء وقبائل المعترفين وقبائل الصديقين، وقبائل الذين عاشوا في طهارة وسكنوا الجبال وتغربوا عن كل ما في العالم من أجل محبتهم في الملك المسيح .. ألوف ألوف وربوات ربوات. “جمع كثير لم يستطع أحد أن يعده” (رؤ٧: ٩) .
شهادة لإسرائيل …
هذه القبائل الصاعدة تشهد لإسرائيل الجديد .. للخلاص الذى عمله المسيح على الصليب وشهادة ضد العالم، فالأطهار شهدوا ضد نجاسة العالم، والنساك شهدوا ضد الذين أغراهم واجتذبهم العالم بمباهجه وملذاته.
يعترفون لاسم الرب …
هذه هي تسبحة المختارين الذين شهدوا للرب أمام العالم .. وتظل شهادتهم قائمة حتى مجيء الرب يسوع ويعترفون باسمه أنه صالح وأن إلى الأبد رحمته.
الأنجيل (مر ١٣: ٣٢- ١٤: ٢،١)
يُخْتَم الأنجيل بالتأكيد علي السهر في الصلاة والأمانة في الرسالة:
“أنظروا واسهروا وصلوا لأنكم لا تعلمون متي يكون الزمان، كمثل إنسان مسافر فترك بيته وأعطى عبيده السلطان كل واحد وواحد في عمله وأوصى البواب بالسهر”.
كما يكشف عن مؤامرات الرؤساء الذين أرادوا أن يدوسوا البار ويأخذون الرشوة كما في النبوَّة:
“وكان رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يمسكونه بمكر ليقتلوه”.
من وحي قراءات ليلة الثلاثاء
“وما أقوله لكم أقوله للجميع اسهروا” (إنجيل الحادية عشر من ليلة الثلاثاء)
وصية الرب علي الدوام للكنيسة كلها رعاة ورعية (أو رعاة قبل الرعية) اسهروا.
ما أجمل أن يستقبل الكاهن والراعي رسالة الخلاص التي يُقدمها للآخرين أنها موجهه له أيضاً شخصياً.
وما أصعب أن أعتبر الكلام عن التوبة والاستعداد والسهر خاص بالناس وليس أولاً لي.
وما أخطر أن يتسرب إليَّ مع الوقت إحساس أن التوبة عمل المُبتدئين وليس حياة أولاد وخدام الله.
لذلك كان نداء التوبة في القديم خاص بالجميع دون استثناء (يؤ ٢: ١٧).
وعندما يكون للراعي على الدوام وقفة مُستمرِّة مع نفسه يُجدِّد عمل التوبة في حياته.
وتَكْمُل التوبة بانتظام الراعي على الاعتراف مع أب روحي مختبر.
فلا يأتي كلام المنبر من فوق أو من إحساس بالتميُّز على الآخرين.
وما أجمل قول القديس بولس أنه صار مثالاً لكل تائب في قبوله الإيمان (١تي ١: ١٥، ١٦).
وصار شعار حياته وخدمته أن يفحص نفسه كل يوم ليكون له ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس (أع ٢٤: ١٦).
أفكار مقترحة لعظات ليلة الثلاثاء
شجرة التين
“فلم يجد فيها شيئا الا ورقًا فقط” (متي ١٩:٢١).
شجرة التين يمكن أن تكون:
(١) أنفسنا ..
(٢) بيوتنا ..
(٣) خدمتنا.
ما هي أوراق شجرة حياتنا؟:
الصوم – الصلاة – العشور – الخ
ما هي الثمار؟
(غِل ٢٢:٥): محبة – فرح – سلام – طول أناة ….. الخ
الله لا ينظر إلى كثرة أوراقنا بل إلى نضج وطعم ثمارنا.
لكن في نفس الوقت لا تأتي الثمار الناضجة والشهية بدون الأوراق، فثمار الروح تأتي من وسائط النعمة.
آيات وشواهد:
“ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات، بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السموات” (مت٢١:٧).
“لأن هذا الشعب قد اقترب إلي بفمه وأكرمني بشفتيه وأما قلبه فأبعده عني” (أش ١٣:٢٩).
إشعياء ص١ كله.
ما هي أوراق شجرة بيوتنا دون ثمر؟
أسرة لها شكل التدين والعبادة والمواظبة على الكنيسة، ولكن يغيب عنها الحب داخل الأسرة بين أعضائها، أو تعيش منازعات مع الآخرين، أو تسلك بطرق ملتوية في العمل والحياة اليومية.
شواهد:
“يدبر بيته حسناً له أولاد في الخضوع بكل وقار” (1تي ٣: ٤).
المرأة الفاضلة (أمثال ٣١)
ما هي أوراق شجرة خدمتنا دون ثمر ؟
خدمة مملوءة أنشطة دون محبة، وخدام موهوبين دون شركة، وتعليم دون قدوة.
شواهد:
“كن قدوة للمؤمنين في الكلام في التصرف” (١تي ٤: ١٢).
“إن كنت أتكلم بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن أو صنجا يرن” (١كو ١٣).
عظات آبائية – ليلة الثلاثاء من البصخة المقدسة
خطورة الشجرة دون ثمر – عند القديس كيرلس الإسكندري[10]
في تعليقه على (لو ١٣: ٦- ٩).
(لو ١٣: ٦- ٩)
وَقَالَ هذَا الْمَثَلَ: «كَانَتْ لِوَاحِدٍ شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ، فَأَتَى يَطْلُبُ فِيهَا ثَمَرًا وَلَمْ يَجِدْ فَقَالَ لِلْكَرَّامِ: هُوَذَا ثَلاَثُ سِنِينَ آتِي أَطْلُبُ ثَمَرًا فِي هذِهِ التِّينَةِ وَلَمْ أَجِدْ. اِقْطَعْهَا! لِمَاذَا تُبَطِّلُ الأَرْضَ أَيْضًــــــا؟. فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّدُ، اتْرُكْهَا هذِهِ السَّنَةَ أَيْضًا، حَتَّى أَنْقُبَ حَوْلَهَا وَأَضَعَ زِبْلًا فَإِنْ صَنَعَتْ ثَمَرًاً فَفِيمَا بَعْدُ تَقْطَعُهَا”.
يُظهِر المرنِّم اللطف الفائق للمسيح مخلِّصنا كلنا بهذه الكلمات: “يا رب من هو الإنسان حتى تذكره وابن آدم حتى تفتقده” ( مز ٨: ٤). لأن الإنسان من جهة طبيعته الجسدية هو تراب ورماد، ليس من جهة هيئته الجسدية بل بالأحرى بسبب أنه يستطيع أن يكون باراً وصالحًا ولائقًا لكل فضيلة. لذلك يعتني به الخالق لكونه خليقته وكي يُزَيِّن به الأرض لأنه كما يقول إشعياء النبي: “لم يخلقها باطلًا (بل) للسكن صوَّرها” (إش 18:54)، فهي مسكونة بالطبع بكائن حي عاقل يمكنه بعيني الذهن أن يدرك خالق الكون وصانعه وأن يُمجِّده مثل الأرواح العلوية، ولكن بسبب أنه انحرف بعيدًا نحو الشر بسبب حيل الحية الخادعة، وبسبب أنه قُيِّدَ بسلاسل الخطية وابتعد تماما عن الله، فالمسيح لكي يُمَكِّنَه أن يرتفع مرة ثانية إلى فوق؛ جاء لكي يبحث عنه ويشكله من جديد على الصورة التي كان عليها في الأول، ومنحه التوبة كطريق يقوده للخلاص.
لذلك فهو يقدم مثلاً حكيمًا، لكن ينبغي علينا أولاً ان نشرح ما هي المناسبات التي أدت إلى ذلك، أو ما هي الضرورة التي دعت الرب أن يقدم هذا المثل، فقد كان هناك البعض الذين اخبروا المسيح مخلصنا كلنا أن بيلاطس قتل — بطريقة وحشية وبلا شفقة – بعض الجليلين وخلط دمهم بذبائحهم. وآخرون أخبروا عن برج سلوام الذى سقط وقتل ثمانية عشر شخصا تحت أنقاضه. ويشير المسيح بعد ذلك لهذه الأشياء بقوله لسامعيه: “الحق أقول لكم إنكم إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون” هذا هو أساس وأصل المثل الحالي، وما يهدف إليه.
والآن فالمعنى الظاهري لهذه الفقرة لا يحتاج إلى كلمة واحدة لتفسيره، لكن عندما نفحص في المغزى الداخلي والخفي، فإننا نؤكد ما يلي؛
كان حقاً على الإسرائيليين بعد صلب مخلصنا أن يقعوا في البلايا التي يستحقونها، فحوصرت أورشليم وذبح السكان بسيف العدو ولم يهلكوا هكذا فقط، بل أحرقت بيوتهم بالنار، وحتى هيكل الرب قد دُمِرَ.
لذلك فمن المحتمل أن الرب يشبه مجمع اليهود بشجرة تين، لأن الأسفار المقدسة تشبههم أيضا بنباتات مختلفة، مثلاً بالكرمة وبالزيتونة وحتى الغابة، لأن هوشع النبي يقول مرة عن أورشليم أو بالأحرى عن سكانها: “إسرائيل كرمة ممتدة” (هو ٠ ١:١)، ويقول إرميا النبي أيضا: “زيتونة خضراء ذات ثمر جميل الصورة دعا الرب أسمك، بصوت ضجة عظيمة، أوقد ناراً عليها فانكسرت أغصانها” (إر ١١: ١٦) ويقارنها أحد الأنبياء القديسين بجبل لبنان فيتكلم هكذا: “افتح أبوابك يا لبنان فتأكل النار أرزك” (زك ١١: ١)،
لأن الغابة التي كانت في أورشليم والناس الذين كانوا هناك وكانت أعدادهم كبيرة أُبِيدوا كما بنار. لذلك فكما قلت، فإن الرب يأخذ شجرة التين التي تكلم عنها في المثل كرمز للمجمع اليهودي أي للإسرائيليين. ويقول: “هوذا ثلاث سنين آتي أطلب ثمراً في هذه التينة فلم أجد” وأنا أرى أن الرب يشير لنا بهذه الثلاث سنوات إلى ثلاث فتزات متعاقبة لم يأت أثناءها المجمع اليهودي بأية ثمار. ربما يمكن للمرء أن يقول أن:
الفترة الأولى منها كانت تلك التي عاش فيها موسى وهارون وأبناؤه، الذين خدموا الرب متقلدين وظيفة الكهنوت بحسب الناموس.
الفترة الثانية كانت فترة يشوع ابن نون والقضاة الذين جاءوا من بعده،
والفترة الثالثة كانت تلك التي ازدهر فيها الأنبياء المباركون إلى زمن مجيء يوحنا المعمدان. أثناء تلك الفترة لم تأت إسرائيل بأي ثمر.
ولكنني أتخيل أن البعض يعترضون على هذا قائلين: “ولكن أنظر، فإنها قد أكملت الخدمة التي أمر بها الناموس وقدمت الذبائح التي هي عبارة عن دم الضحايا وحرق البخور” ولكن على هذا نجيب: أنه في كتابات موسى كان هناك فقط ظل للحق (وليس الحق ذاته)، وخدمة مادية وبدائية. لم تكن هناك بعد خدمة بسيطة نقية وروحية مثل التي نؤكد أن الرب يحبها أصلاً والتي تعلَّمناها من المسيح الذي قال: “الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا” (يو ٢٤:٤). لذلك، فإن ما يعتبر أنه المشيئة الحسنة للآب، التي هي أيضا مشيئة الابن، فإن العبادة التي كانت تتكون من ظلال ورموز هي غير مقبولة وخالية تماماً من الثمر من جهة ما يختص بالرائحة الروحانية الحلوة، ولذلك رُفضت هذه الخدمة، لأن المخلِّص يعلِّمنا هكذا عندما يقول لله الآب في السماء: “بذبيحة وتَقدُمة لم تُسَرَّ ، محرقة وذبيحة خطية لم تطلب” (مز ٣٩: ٦).
وايضاً يقول الرب نفسه بفم إشعياء لمن كانوا يريدون إتمام الذبائح: “لأن من طلب هذا من أيديكم؟ لا تدوسوا دوري بعد، لا تعودوا تأتون بتقدمة باطلة، البخور هو مكرهة لي” (إش ١: ١٢، ١٣) لذلك هو يقول : “هوذا ثلاث سنين آتى أطلب ثمراً في هذه التينة ولم أجد، أقطعها، لماذا تبطل الأرض أيضًا” (لو ١٣: ٧)، كما لو كان يود أن يقول: دع موضع شجرة التين العقيمة فارغًا، لأنه سيزرع مكانها فيما بعد أشجار أخرى، وهذا أيضا قد تم لأن جموع الأمميين قد دُعوا ليحلوا محلهم ويمتلكوا ميراث الإسرائيليين، إنهم صاروا شعب الله، زرع الفردوس ، نبتة صالحة ومكرَّمة تعرف كيف تثمر ثمراً ليس في ظلال ورموز، بل بالأحرى بخدمة طاهرة وكاملة بلا عيب، أي تلك التي تُقَدَم بالروح وبالحق لله الذي هو كائن غير مادي.
لذلك قال صاحب الأرض إن شجرة التين التي لم تأت بثمر على مدى فترة طويلة يلزم أن تُقطَع، لكن الكرام توسل إليه قائلاً: يا سيد أتركها هذه السنة أيضًا حتى أنقب حولها وأضع زبلاً، فإن صنعت ثمراً وإلا ففيما بعد تقطعها. (لو ١٣: ٨، ٩) يحق لنا أن نتساءل الآن: من يكون الكرَّام؟ إن قال أحد إنه الملاك الذي عينه الرب كحارس لمجمع اليهود، فإنه لن يكون قد جانب التفسير المناسب، لأننا نتذكر أن زكريا النبي كتب أن أحد الملائكة القديسين وقف يقدم توسلات لأجل أورشليم فقال: “يا رب الجنود إلى متى أنت لا ترحم أورشليم ومدن يهوذا التي غضبت عليها هذه السبعين سنة؟” (زك ١: ١٢)، ومكتوب ايضا في سفر الخروج أنه عندما كان فرعون ملك مصر وجنوده يُسرِعون في أثر الإسرائيليين وكانوا على وشك الالتحام معهم في معركة؛ أن ملاك الرب وقف بين معسكر الاسرائيليين ومعسكر المصريين ولم يقترب أحدهما من الآخر طوال الليل. لذلك لا يوجد ما يمنع أن نفترض هنا أن الملاك المقدس الذي كان حارساً للمجمع اليهودي قدم توسلات لأجله وطلب مهلة، فربما يأتي المجمع بثمار لو أنه أذعن و خضع للرب.
لكن لو كان لأحد أن يقول إن الكرام هو الابن ، فوجهة النظر هذه لها ما يبررها، لأنه هو شفيعنا لدى الآب أنظر (١يو ٢: ١)، أي “كفارتنا “، وراعي نفوسنا الذي يشذب نفوسنا دائما مما يضرنا، ويملأنا ببذار عقلية ومقدَّسة لكي نأتِ له بثمر وهكذا تكلم عن نفسه قائلاً: “خرج الزارع ليزرع زرعه” (لو ٨: ٥).
ولا ينقص من مجد الابن أنه يتخذ صفة الكرام، لأن الآب نفسه أخذ هذه الصفة أيضا دون أن يتعرض لأي لوم بسبب ذلك، لأن الابن قال للرسل القديسين: “أنا الكرمة وأنتم الأغصان، وأبى الكرَّام” انظر (يو ١٥: ١) لأنه يلزم استخدام التعبير اللفظي من حين لآخر لكي يتمشى مع الافتراضات الموضوعة.
لذلك، فلنعتقد أنه هو الشفيع لأجلنا وهو يقول: “أتركها هذه السنة أيضاً حتى أنقب حولها وأضع زبلاً”
فما هو المقصود إذن بهذه السنة؟ من الواضح إن هذه السنة الرابعة هي الزمن الذي يأتي بعد تلك الفترات السابقة أي هي تلك التي فيها صار كلمة الله الوحيد إنسانًا، يستحث بنصائحه الروحية الإسرائيليين الذين ذبلوا بالخطية، وينقب حولهم ويدفئهم ليجعلهم حارين في الروح، لأنه توعدهم مراراً بالخراب والدمار والحروب والمذابح والحرائق والأَسر والسخط الذي لا يخمد، بينما من الناحية الأخرى، فقد وعد أنهم إن آمنوا به وصاروا في النهاية أشجارًا مثمرة فسوف يعطيهم الحياة والمجد ونعمة التبني، وشركة الروح القدس وملكوت السموات. لكن إسرائيل كان عاجزًا عن أن يتعلم حتى من هذا أيضاً. لقد ظل شجرة تين عقيمة ويستمر هكذا. لذلك قُطعت الشجرة لكي لا تُشغِل الأرض باطلاً ونبت عوضا عنها – كنبات خصيب- كنيسة الأمم الجميلة وحاملة الثمار والمتأصلة بعمق، والتي لا يمكن أن تتزعزع لأنهم قد حسبوا كأولاد إبراهيم، وطعموا في شجرة الزيتون الجيدة الأصل، لأن الأصل قد حُفِظ، وإسرائيل لم يهلك تمامًا.
أما كونها استحقت القطع لأجل عقمها التام، فهذا أعلنه أيضا يوحنا المعمدان بهذه الكلمات: “والآن قد وضعت الفأس على أصل الشجر ،فكل شجرة لا تصنع ثمراً تقطع وتلقى في النار” (لو ٣: ٩).
شجرة التين – عند القديس أغسطينوس[11]
وفي اليوم التالي (مر ١١: ١٢)
مِن جهته فإن مرقس قد دَوَّن عن أحداث اليوم الثاني ما لم يذكره مِن أحداث لليوم الأول، تلك التي وقعت فيه بالحقيقة، وبالتحديد واقعة إبعاد مَن كانوا يبيعون ويشترون وطردهم مِن الهيكل. ومن ناحية أخرى، فإن متّى رغم أنه أورد ما قد تم حدوثه في اليوم الثاني، وبخاصة لعنه للتينة في طريق عودته للمدينة مِن بيت عنيا في الصباح، إلا أنه قد حَذَف ذكر أحداث بعينها عَرَض لها مرقس، منها مجيئه إلى المدينة وخروجه منها في المساء، والدهشة التي أعرب عنها التلاميذ متى وجدوا الشجرة وقت مرورهم بها في الصباح، وإذا بها قد جفت. ثم ألحق ما حدث في اليوم الثاني، وهو اليوم الذي فيه حلت على الشجرة اللعنة – بما وقع في اليوم الثالث مِن أحداث؛ وبالتحديد دهشة التلاميذ مِن رؤية ما صار عليه حال الشجرة وما اعتراها مِن ذبول؛ وكذلك الكلام الذي سمعوه مِن الرب بشأن قوة الإيمان”.
لم يكن هذا أوان التين (مر١١: ١٣)
إن بعض الذين شهدوا معجزات المسيح لم يفهموا ما المقصود بها، ولا كيف أنها خاطبت كل مَن أدركوا أن لكل منها مغزاه الخاص. بلْ هم بُهِتوا مِن المعجزات في حد ذاتها، ليس إلا، أما الآخرون، فكما تعجّبوا مِن تلك المعجزات، استطاعوا معرفة المقصود مسبقًا معرفة شبه تامة. ونحن مِن أجْل هذا علينا أنْ نلجأ لمدرسة المسيح نفسه. إن مَن يتشبّثون بظاهر الأنجيل فقط يميلون لمجرد التركيز على المعجزة مِن أجْل أنها معجزة، وبالتالي فربما تبلغ بهم سذاجتهم لاستنتاج أن يسوع نفسه لم يكن على علم بالوقت مِن العام؛ وهو الأمر الذي يمكن لأي فلاح بسيط معرفته، فإنه لم يكن بعد قد حان وقت الشجرة كي تثمر. ولكنه رغم هذا، ولأنه جاع، طفق يبحث عن ثمرٍ في تلك الشجرة. فهل هذا يعني أن المسيح كان يعرف عن هذا الأمر اليسير أقل مما يعرفه أي فلّاح؟ قَطْعًا لا.
ألعلّكم لا تظنّون أن الذي جبل التينة يعرف ما يعرفه أي بستاني بكل بساطة؟ فهو إذ كان جائعًا، نظر ليبحث عن ثمرة في الشجرة – لكنه على ما يبدو كان يبحث في الشجرة تلك عما هو أكثر. قد لاحظ أن الشجرة لا تحمل ثمارًا، لكنها ملأى بالأوراق؛ فلما رآها هكذا لعنها، فذبلت وجفّت. إذن، فأي جُرم فعلته هذه الشجرة المسكينة غير أنها فقط لم تثمر؟ وهل يُعقَل أنْ تكون الشجرة مذنبة لأنها غير مثمرة؟ كَلّا. لكن القضية هي إصرار البشر بكامل إرادتهم على عدم الإثمار. وفي هذه الحالة فإن المنتفعين مِن الناموس هم المحتاجون؛ هم هؤلاء الذين كان ينبغي أنْ يحملوا ثمارًا، لكنهم لم يؤتوا منه ثمارًا ليظهروها؛ ولكنْ كل ما نما فيهم هو الأوراق فقط (الناموس)، لكنهم لم يأتوا بأي ثمر (أعمال رحمة).
الوجود لمجرَّد الوجود، دون أية ثمار، ليس هو الغرض الذي مِن أجْله مُنِحَت الحياة للبشر (القديس أوغسطينوس).
ثمار الروح القدس الصالحة – عند القديس مقاريوس الكبير
ويلٌ لنفسٍ لا يسكن فيها المسيح الذي يفلحها باعتناءٍ لتقدر أن تأتي بثمار الروح القدس الصالحة – عند القديس مقاريوس الكبير.[12]
كما أنَّه لمَّا غضِب اللهُ قديماً علي اليهود، أَسْلَمَ أورشليمَ جِهاراً إلى الأعداء، “وَتَسَلَّطَ عَلَيْهمْ مٰبْغضُوهُمْ”، وما عاد هناك لا عيدٌ ولا تقدمةٌ، هكذا أيضاً حين غضِب علي النَّفس بسبب تعدّيها الوصيَّة، أسلمها إلى الأعداء، أي الشَّياطين والشَّهوات، وهكذا بعدما أضَلُّوها بالتَّمام أهلكوها، وما عاد هناك لا عيدٌ ولا بَخورٌ ولا تقدمةٌ مرفوعةٌ من قِبَلها إلى الله، وامتلأَت مداركُها بالوحوش الرَّابضة في الطُّرق، وقَبَعَت فيها زحَّافاتُ الأرواح الشِرّيّرة. وكما أنَّ بيتاً لا يسكنه سيّدُه تُخَيّم عليه الظُّلمة والذّلَّةُ والبَوَارُ ويمتلئ دنَساً ونُفايةً، هكذا أيضاً النَّفس الَّتي لا تقتني سيّدَها محتفِلاً فيها مع ملائكته، تمتلئ من ظلمة الخطيئة وخزي الشَّهوات وكلّ مَذَلّة .
فَوَيْلٌ لطريقٍ لا يسلك فيها أَحدٌ ولا يُسمَع فيها صوتُ إنسانٍ، فإنَّها تُمْسِي مأوَى للوحوش، وويْلٌ لنفسٍ لا “يجتاز” فيها الرَّبُّ ومن صوته تَفِرُّ منها وحوش الشَّرّ الرُّوحية! ويلٌ لبيتٍ لا يسكن فيه سيّدُه، وويلٌ لأرضٍ لا يكون لها فلَّاحٌ يَفْلَحُها! ويلٌ لسَّفينةٍ لا رُبَّانَ لها، فإنَّها تُحمَل من أمواج البحر ولُجَجه وتَهلك، وويلٌ لنفسٍ لا تقتني فيها المسيحَ، الرُّبّانَ الحقيقيّ، لأنَّها توجد في بحر مرارة الظُّلمة وتَطْمُو فوقها لُجَجُ الأهواء وتُكابِد عواصفَ الأرواح الشِرّيرة، وفِي النِهّاية تَجلُب على نفسها الهلاك! ويلٌ لنفسٍ لا يكون لها المسيح الَّذِي يَفْلَحُها باعتناءٍ لتقدر أن تأتِيَ بثمار الرُّوح القدس الصَّالحة، لأنَّها تكون قفراً ومملوءةً شوكاً وحسكاً وفِي النِهّاية تَحصُد لنفسها ناراً مُحرِقة! ويلٌ لنفس لا تقتني سيّدَها المسيح ساكناً فيها، لأنَّها تكون خَرِبَةً وممتلئةً من نتن الأهواء ومَباءةً للشَّرّ!
فكما أنَّ الفلَّاح حين يذهب ليَفْلَحَ الأرض، يأخذ ما يَلزم لفِلاحته من أدواتٍ وثياب، هكذا أيضاً المسيح، الملك السَّمائيّ والفلَّاح الحقيقيّ، حين جاء إلى البشريَّة الَّتي أجدبَت جرَّاء الشَّرّ، لابساً الجسد وحاملاً الصَّليبَ أداةً ، فَلَحَ النَّفسَ المجدِبة ونَزَعَ منها شَوْكَ الأرواح الشِرّيّرة وحَسَكَها، واقتلع زوانَ الخطيئة، وأحرق كلَّ عشبِ خطاياها بنارٍ، وهكذا بعد أن فَلَحَها بخشبة الصَّليب، غَرَسَ فيها فِردَوْسَ الرُّوح القدسِ ذا الجمال الكامل، الحامل لله سيِدّها كلَّ ثمرةٍ حُلوة ومُشتهاة.
الرَّبَ يتراءى روحيا للنفس الأمينة
وكما أنَّه في مصر، حين صارت ثلاثةُ أيامِ الظُّلمة، ما كان الابنُ يرى أباه، ولا الأخُ أخاه، ولا الصَّديقُ صديقَه المخْلِص، لأنَّ الظلمة كانت تَلُفُّهم، هكذا حين تعدَّي آدمُ الوصيَّة وسقط من مجده الأوَّل، وبات رازحاً تحت وطأة روح العالم، وانسدل على نفسِه برقعُ الظُّلمة، منذُ ذاك وحتَّي آدم الأخير، أي الرَّبّ، ما كان الإنسانُ يرى أباه الحقيقيّ السَّمائيّ، ولا أمَّه الصَّالحة الرَّؤوم، أي نعمةَ الرُّوح القدس، ولا أخاه الحُلو المُشتهَي، أي الرَّبّ، ولا أصدقاءه المخْلصين له، أي الملائكة القدّيسين، الَّذين كان يفرح معهم محتفِلاً ومُعَيَّداً. وليس فقط حتَّي آدم الأخير، بل الآن أيضاً أولئك الَّذين لم يشرق عليهم المسيح، شمسُ البِرّ، ولم تنفتح عيون نفوسهم كي يستنيروا بالنُّور الحقيقيّ، ما ينفكُّون تحت الظُّلمة عيِنها، ظلمةِ الخطيئة، ولهم فِعْلُ اللَّذَّاتِ نفسُه، ورازحين تحت القِصاص ذاتِه، ولا أعينَ لهم بعدُ تنظر الآب.
فينبغي لكلّ واحدٍ أن يعرف أنَّ ثَمَّة عيوناً أكثر إيغالاً من هذه الأعين، وسمْعاً أكثر إيغالاً من هذا السَّمْع. وكما أنَّ هذه الأعين تنظر على نحوٍ محسوس وتدرك وجهَ الصَّديقِ أو الحبيبِ، هكذا أيضاً أعين النَّفس المستحِقَّة الأمينة، إذ تستنير على نحوٍ روحانّي بنورٍ إلهي، تنظر وتدرك الحبيبَ الحقيقيّ، الخَتَنَ الأحلى والمُشتهى جداً، الَّذِي هو الرَّبّ، لأنَّ النَّفس يشرق عليها الرَّوحُ القدس المسجود له. وهكذا حين تنظر عقليّاً الحُسْنَ المُشتهَى الوحيد الَّذِي لا يُنطَق به، تنجرح بالعشق الإلهيّ وتُقاد بالرُّوح القدس نحو جميع الفضائل، وهكذا تقتني حبَّاً لا يُحَدّ ولا يَنْضٌبُ نحو الرَّبّ مشتهاها.
عما يبحث عنه المسيح في النفس – للقديس أغسطينوس[13]
“إن بعض الذين شهدوا معجزات المسيح لم يفهموا ما المقصود بها، ولا كيف أنها خاطبت كل مَن أدركوا أن لكل منها مغزاه الخاص. بلْ هم بُهِتوا مِن المعجزات في حد ذاتها، ليس إلا. أما الآخرون، فكما تعجّبوا مِن تلك المعجزات، استطاعوا معرفة المقصود مسبقا معرفة شبه تامة. ونحن مِن أجْل هذا علينا أنْ نلجأ لمدرسة المسيح نفسه. إن مَن يتشبّثون بظاهر الإنجيل فقط يميلون لمجرد التركيز على المعجزة مِن أجْل أنها معجزة. وبالتالي فربما تبلغ بهم سذاجتهم لاستنتاج أن يسوع نفسه لم يكن على علم بالوقت مِن العام؛ وهو الأمر الذي يمكن لأي فلاح بسيط معرفته. فإنه لم يكن بعد قد حان وقت الشجرة كي تثمر. ولكنه رغم هذا، ولأنه جاع، طفق يبحث عن ثمرٍ في تلك الشجرة. فهل هذا يعني أن المسيح كان يعرف عن هذا الأمر اليسير أقل مما يعرفه أي فلّاح؟ قَطْعًا لا.”
“ألعلّكم لا تظنّون أن الذي جبل التينة يعرف ما يعرفه أي بستاني بكل بساطة؟ فهو إذ كان جائعًا، نظر ليبحث عن ثمرة في الشجرة – لكنه على ما يبدو كان يبحث في الشجرة تلك عما هو أكثر. قد لاحظ أن الشجرة لا تحمل ثمارًا، لكنها ملأى بالأوراق؛ فلما رآها هكذا لعنها، فذبلت وجفّت. إذن، فأي جُرم فعلته هذه الشجرة المسكينة غير أنها فقط لم تثمر؟ وهل يُعقَل أنْ تكون الشجرة مذنبة لأنها غير مثمرة؟ كَلّا. لكن القضية هي إصرار البشر بكامل إرادتهم على عدم الإثمار. وفي هذه الحالة فإن المنتفعين مِن الناموس هم المحتاجون؛ هم هؤلاء الذين كان ينبغي أنْ يحملوا ثمارًا، لكنهم لم يؤتوا منه ثمارًا ليظهروها؛ ولكنْ كل ما نما فيهم هو الأوراق فقط (الناموس)، لكنهم لم يأتوا بأي ثمر (أعمال رحمة)” .
شجرة التين رمز وإشارة لإعلان قوة لاهوته – مار إفرام السرياني [14]
“هكذا تكون طبيعة شجرة التين: فهي إنْ اقتُلِعَت، فبسبب نضارتها تحتاج إلى عدة أشهر حتى تجف. لهذا فإن سيدنا يجعل منها رمزًا ليعلن مِن خلالها قدر قوته. واضح أن شجرة التين تصير رطبة غضة في وقت هو أقل مما تحتاج له بقية الأشجار. مِن أجْل هذا قال ربنا: “فمِن شجرة التين تعلّموا المثل. متى صار غصنها رخصًا وأخرجت أوراقًا، تعْلمون أن الصيف قريب” فلْتعْلموا أنه بها يقصد غرضًا؛ لأنها رَخصة، سريعة الإثمار.
“صاحب شجرة التين لم يُطِع الناموس، بلْ ازدرى به. لما جاء ربنا إليها و”لم يجد شيئا” فيها؛ حينئذ لعنها، كي لا يأكل منها صاحبها هذا مرة أخرى؛ لأنه لم يترك بها شيئًا لليتامى والأرامل.
لَعَن شجرة التين فذبلت، مظهراً لهم قوة لاهوته، لكي يحق لهم إذ عاينوا هذا الصنيع عن قرب، أنْ يؤمنوا بالآتي. لأن أورشليم لم تقبل الناموس، لعن شجرة التين، لكي لا يخرج منها فيما بعد ثمر حسب طبيعتها… لقد بَحَث عن ثمارٍ شجرة التين في غير أوان الإثمار؛ هكذا لتكون رمزًا لمن يُخفي بالخداع ثمار الناموس وقت نضوجها.
لأنه لو كان يبحث فيها عن ثمر وقت النضوج، لَمَا أدرك أحد أن في هذا مغزى وإشارة. هكذا، فبدلاً مِن شجرة التين، قد أوضح بإعلان أن أورشليم هي تلك التي كان يقصدها بالتوبيخ؛ فبينما كان يبحث عن محبة فيها كانت هي تبغض ثمار التوبة.
إذن، فما الذي دعا مَن هو صالح ووديع، مَن في كل موضع يُظهِر مِن الصغائر عظائم، ومِن عدم الكمال أوجد الكمال… ما الذي دعاه لأنْ يأمر شجرة التين أنْ تجف – وهو الذي قد شفى كل مَن كان تحت الآلام، وحوّل الماء خمرًا، وجعل كفايةً ووفرة مِن خبزات قليلة، وفتح أعين العميان، وطهّر البرَّص وأقام الموتى للحياة؟ لكن هذه التينة وحدها هي التي جعلها تيبس!.. لأن وقت آلامه كان يقترب، ولئلّا يظن أحد أنه أُمسِك لأنه لم يستطع أنْ يحرر نفسه، فقد لعن شجرة التين كي تصير لأحبّائه آية، ولأعدائه معجزة.
هكذا لكي بكلمته يتقوّى التلاميذ، ويُبهَت الآخرون مِن قوة سلطانه. لأنه فَعَل كل شيء حسن، وقد اقترب وقته ليتألم، يمكن أنْ يكون هناك بعض الظن – والذي قد كان قائمًا بالفعل – في أنه قد أُمسِك لأنه لم يكن ذا قوة. لذلك فإنه قد سبق فأظهر بنبتة حية جعلها يابسة، أنه كان يقدر أنْ يهلك صالبيه بكلمةٍ مِن فيه.”
عظات آباء وخدام معاصرون – ليلة الثلاثاء من البصخة المقدسة
شجرة التين – للمتنيح البابا شنودة الثالث[15]
جاع في الطريق
في عودة المسيح من بيت عنيا إلى أورشليم، يقول الكتاب: “وفي الصباح، إذ كان راجعاً إلى المدينة جاع” (مت٢١: ١٨)
لقد تعجبت عندما قرأت هذه العبارة، إذ يمكن أن يجوع الأنسان في الليل، إن صام طول النهار. ولكن ما معنى أن المسيح يجوع “في الصباح”؟!.. لا يوجد تفسير إلا تفسير واحد، وهو أنه قضي اليوم السابق كله صائماً، وربما عدة أيام أخرى أيضاً، ولم يأكل في المساء، فأصبح جائعاً، ونفهم من هذا أنه لما ذهب إلى بيت مريم ومرثا، لم يأكل هناك.
ربما انفرد بنفسه، وقضي الليل كله في التأمل، وربما قضي الوقت في الجبل (لو ٢١: ٣٧)، أو ربما قضي وقتاً ينصح فيه هذه البقية المخلصة كيف تعيش بعد صلبه … ربما تكون مرثا قد أعدت طعاماً للمسيح، ولكنه في ذلك الوقت لم يكن راغباً في الأكل، كانت هناك أمور كثيرة تشغل ذهنه …
حينما يكون الإنسان حزيناً، لا يستطيع أن يأكل. وحينما يكون منشغل الفكر بأمور خطيرة ، لا يتركها ليأكل، بل يجد أن الأكل يعطله … ولا يشك أن السيد المسيح في تلك الأيام ، كان منشغل الفكر في كيف يخلص العالم من عقوبة خطاياه، ويخلص حتي المتآمرين عليه … والذين سيهتفون بعد أيام “أصلبه أصلبه” … لذلك في الصباح إذ كان راجعاً إلى المدينة جاع .
أو لعله كان في بيت عنيا، يتغذي بمحبة القلوب المخلصة له، ولما تركها واقترب من أورشليم الخائنة التي تتآمر عليه جاع، ونحن نتعجب من عبارة “جاع” ونقول:
لولا أنه أخلى ذاته وصار مثلنا، ما جاع ! وما عطش على الصليب !
شجرة التين
لما جاع نظر شجرة تين محملة بالأوراق، فجاء إليها لعله يجد فيها ثمراً، فلم يجد شيئا، مجرد أوراق، منظر جميل من الخارج، ومن الداخل لا شيء .
شجرة التين تذكرنا بخطية أبينا آدم، الذي حاول أن يغطي عريه بورق التين.
ولعل السيد المسيح قد جاء يقدم له الخلاص، قبيل الموعد الذي ارتكب فيه خطيته، أعني موعد ظهور ورق التين. أتى إلى شجرة التين، لعلها تكون قد غيرت سلوكها القديم، ولم تعد تذكر بالخطية، ولكنه وجدها على نفس الحال.
إن ورق التين رمز لتغطية الخطية دون علاجها .
إنه دليل على الرياء … فآدم غطي عريه بورق التين، وظهر من الخارج مستوراً ومغطى، ولكنه كان في حقيقته من الداخل قد فقد نقاوته وبساطته، لقد اهتم آدم بالمظهر الخارجي، دون علاج الداخل، ومن ذلك أصبح ورق التين الذي غطى على عري آدم وحواء، رمزاً للرياء، وللإهتمام بالمظاهر، ولتغطية الخطية دون علاجها .
نفس الرياء كان في شجرة التين، أوراق بلا ثمر .
مظهر خارجي براق، وفراغ من الداخل، أوراق لا تغطي ثمراً، إنما تغطي عرياً، تماماً كما في قصة آدم وحواء … ولما لم يجد فيها ثمراً بل ورقاً، لعنها “فيبست في الحال” (متي ٢١: ١٩).
وبلعنه للتينة، لعن المظاهر الخارجية والرياء.
نفس المظاهر التي وجدها في المرائين في أيامه… القبور المبيضة من الخارج … الكأس الذي ينظفونه من الخارج فقط، الذين يهتمون كثيرًا بغسل أيديهم، بينما أيديهم ملآنة دماً. إنه الورق الذي يعطي منظراً خداعاً، والحقيقة لا ثمر …
رأي الرب في التينة صورة الكتبة والفريسيين.
لقد كانوا مثلها، أشجاراً مورقة، بلا ثمر … فأخجلهم بلعن التينة .
ولذلك نجده بعد ذلك بقليل يقول “ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون” (متي ٢٣)، شارحاً أمثلة عديدة من ريائهم وحبهم للمظاهر الخارجية.
رأي الرب في التينة صورة لرياء عصره كله.
رآها صورة للكهنة الذين وضعهم الله ليقودوا الناس في الخير، فإذا بهم يقودون يهوذا إلى الخيانة، والشهود الى شهادة الزور، وحراس القبر إلى الكذب وأخذ الرشوة، كما يقودون الشعب إلى التآمر والضلال … فقال عنهم مثل الكرامين الأردياء (متي ٢١: ٣٣- ٤٣). ورأى في التينة أيضاً صورة الهيكل الذي جعل للعبادة، وهو من الداخل “جعلوه مغارة للصوص” (متي ٢١: ١٣).
لقد وضع خطايا العالم أمامه في هذا الأسبوع .
ألم يكن مزمعاً في هذه الأيام أن يحملها جميعاً، لذلك تأملها جميعاً وامتلأت نفسه مرارة بسببها، رأى أمامه الرياء حتي في أوساط المعلمين والكهنة، لم يجد ثمراً في الكرمة التي غرسها (إش ٥)، ولا في الكرامين، ولا في الهيكل، ولا في القادة العميان … لذلك جاع أخيراً إذ لم يجد شيئاً يتغذى به، ولكن ماذا نقول عن كل هذا الرياء والفساد الذي رآه؟ لقد لعنه وأدانه حقاً، ولكنه :
سيحمل كل هذا على صليبه، ليغفره للتائبين.
وهذه القبور المبيضة من الخارج، كل من آمن وتاب منها، حمل المسيح كل ما في داخله من عظام نتنة، ودفع عنه دينه للعدل الإلهي من فوق الصليب …
وأنت يا أخي، أنظر إلى نفسك وافحصها في هذا الأسبوع :
أترى أنت أيضاً شجرة مورقة بلا ثمر؟!
ألك خدمة ونشاط، وشهرة في الكنيسة وأسم وسمعة، وقلبك خالٍ من ثمار الروح القدس، خال من محبة الله ومعرفته؟
هل أنت تغطي خطاياك بأوراق التين فلا تظهر .
وقد تكون أوراق التين هذه:
أعذاراً وتبريرات تحاول أن تغطي بها نفسك،
أو قد تكون أسباباً بعيدة عن الحقيقة، تعرف في داخلك عدم صدقها،
أو قد تغطي خطية بخطية أخرى،
أو تلصق خطاياك بغيرك وتحمله المسئولية …
اسأل نفسك: هل حياتك ورق أم ثمر؟
قل: ما هو الثمر في حياتي؟
ما هي ثمار الروح عندي كما شرحها الرَّسول (غل ٥: ٢٢)؟
وما هي ثماري في الخدمة وفي بناء ملكوت الله؟
وعملك الذي بلا ثمر ما أسباب عدم إثماره؟
هل الدوافع خاطئة؟
هل الوسائل خاطئة؟
هل تعمله بتراخ و تهاون؟.
الثمر في حياة الانسان – لقداسة البابا تواضروس الثاني[16]
المعنى الحقيقي للثمر: هو ” الخصب ” مثل ثمرة البطن.
المعنى المجازي للثمر: هو ما ينتجه المخلوق.
وفكرة الثمر تتعلق أساساً بالشجر، ومن الشجر أٌخِذَت “شجرة الصليب”، ومن ثم هناك بُعدان:
الخليقة الحية: واجبة الإثمار حتى تستمر.
الله سيد الحياة: فكل شيء يرجع إلى الله، ولذلك توجد وصية تقديم البكور لله مثلاً.
ماذا نحتاج لكي نُثمر ؟
ماء: النعمة، عمل الروح القدس، حضور المسيح معنا، ونعمل دائماً بلا انقطاع.
أرض: تمثَّل حياة الإنسان (حياته وإرادته)، والأرض بدون ماء عقيمة، والإنسان بدون المسيح في ظلامٍ مثل المولود أعمى.
جَهد: اختيار الأرض والعناية بها، عمل التنقية، جهاد الفضيلة، تعب بلا كسل، مثل زكا فكان لديه اشتياق وعمل عملاً.
وقت: الانتظار، الصبر، الاستعداد، الاهتمام، وافتداء الوقت مثل نيقوديموس .
متى لا نثمر؟
الإعتماد على الذات، الانغلاق على الذات، تأكيد الذات، الكبرياء، والتعظُم، والشيطان هو صاحب مشورة الاستقلال عن الله ومحبته. مثل: حواء وآدم وشجرة معرفة الخير والشر .
التهاون، الكسل، والإهمال: وهذه آفة الحياة الروحية، مثل: العبد صاحب الوزنة الواحدة – شمشون وإهماله أمام دليلة الغريبة .
اعتياد الشكليات وحب المظهريات: من يختار مجد الناس وينسى مجد الله. أي أصحاب الصورة الخارجية. مثل: يهوذا – الكتبة والفريسيين.
أنواع من الثمر؟
ثمرة الأعمال: حُبَّاً في المسيح.
ثمرة البطن: يوحنا المعمدان – إسحق…
ثمرة الروح: الفضائل
ثمرة التربية : تيموثاوس- أثناسيوس…
ثمرة التعب : أنبا بيشوي وتعبه … حمل المسيح.
إذن الثمر: مُفرِح، مُعزِّي، دلالة على حياة، فيه تواصل، وفيه قيمة ومعنى.
العظة الثالثة لآباء وخدام معاصرون – ليلة الثلاثاء
شجرة التين – (1978) – لأبونا بيشوي كامل[17]
بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين.
يوم الأثنين المبارك من البَصخة المقدَّسة أمضاها ربنا يسوع كعادته في أورشليم ..أورشليم المحبوبة التي قال عنها بنفسه، إنها مدينة الملك العظيم.. مضي اليوم في أورشليم وفِي الليل رجع لجبل الزيتون، لبيت عنيا، من أشهر الأحداث التي تمت هذا اليوم شجرة التين اللي ربنا يسوع وهو ماشي لقي شجرة التين، وطلب إن هو يجد فيها ثمر، فلما لم يجد فيها ثمر لعنها وقال: “لا يكون فيك ثمر إلى الأبد”. لما رجعوا وجدوا أن الشجرة قد جفت من أصلها ، ودي الحادثة المشهورة النهاردة .
لكن لو دققنا في الواقع ها نجد كل القراءات بتاعتنا كلها بتدور حول هذا الموضوع ، فالمسيح مخلصنا يحذرنا من الرياء والراجل الفريسي اللي دخل علشان يأكل عنده، تعجب الفريسي إن يسوع يأكل قبل أن يغسل إيده، وهكذا تلاميذه فقال له أنتم أيها الفريسيون تطهرون خارج الصحفة .. وابتدأ يكلمه على أن هو الإنسان في حياته في اهتماماته الخارجية يبقي زي القبر المبيض من بره، ومن داخل مملوء عظام.
واتكلم ربنا أيضاً عن خمر وسكر وهموم هذا العالم، دي حاجات ممكن تلهي ظاهرياً عن حياته الداخلية فيأتي ذلك اليوم بغتة، فاحترسوا لأنفسكم .
وبعدين أيضاً من قراءات الصبح (الصباح) حتي في قراءات العهد القديم كلها كانت تدور حول شجرة التين.
نبوة من إشعياء النبي بيتكلم عن الكرمة بيقول “لأنشدن عن حبيبي نشيد محبي لكرمه، كان لحبيبي كرم وغرسه كرم سورق (نوع ممتاز) علي أكمة عالية، وأرض خصبة، نقي حجارته، ونقر فيه معصرة، وبني برجاً، وانتظر أن يصنع عنباً جيداً، فصنع عنباً ردياً، فربنا بيقول ما الذي كان يمكن أن يصنع لكرمي وأنا لم أصنعه، أنا عملت كل حاجة ممكنة للكرم … أنت تفتكر اللي بيزرع زرعة مش عاوز يأخد منها ثمر في الآخر؟ واحد يروح يصطاد ويرجع، ماجبتش سمك؟ يقول لك لا ..يبقي ماعملش حاجة. واحد بيزرع زرعة ويستنى تطلع ماتطلعش يبقي ماجبش حاجة، بالعكس يبقي جاب عنب رديء يعني حاجة مخالفة.
فربنا بيقول أعمل إيه للكرم بتاعي ده؟ ها أهدم أسواره، وأجعله للرعي وأوصي المطر أن لا يمطر عليه، وهاوصي الوحوش اللي في البرية علشان تدوسه، أتكلم كلام صعب قوي، لأن ده كرم هو زرعه وتعب فيه .. هذا هو كرم رب الجنود.
أما سفر التكوين ففكرنا بالحادثة الأولي التي حدثت لأبينا آدم، أيه الحادثة الأولانية دي؟
الحادثة الأولي بيقول إن هو خلقهم في الفردوس ليعملوا ويثمروا فيه، وخلق كل شيء صالح وحسن جداً، وبعدين ابتدأوا .. وقع آدم وحواء في خطية الانفصال عن الله وحب الذات، وقال لهم إن انتم لو أكلتوا من الشجرة تصيران مثل الله عارفين الخير والشر ، فأكلوا من الشجرة .. وفِي الحال اتعروا .. لما اتعروا انفضحوا .. فراحوا برضوا لشجرة التين وقطعوا منها ورق علشان يغطوا بيها الفضيحة اللي هم عاشوا فيها .. فشجرة التين كما يكلمنا مخلصنا عنها في هذا اليوم .. يهييء لي .. ليها صلة بالشجرة الأولانية اللي قطعوا منها الورق علشان يغطوا بيهم العري اللي كانوا عايشينه .
لأن الإنسان الذي ليس فيه نعمة ربنا من الداخل هو إنسان عريان، كل اللي بيقدر يعمله الإنسان إيه؟ إنه بيجيب شوية ورق ويخيطه ويزخرفه ويبقي شخص مظهره كويس، لكن من الداخل مافيش ثمر.
ربنا يكره هذا المنظر جداً، يا أحبائي علشان كده موضوع شجرة التين النهاردة وإن كان هي أولاً تشير إلى الأمة اليهودية وإلى أورشليم التي رفضت مخلصها ورفضت إن هي تسير في وصايا الله .. فمكانش في حياتها فيه ثمر، فالشجرة بتؤكد أنها دي نهايتها، المسيح ده عمل كل حاجة، لكن دي النهاية بتاعة الشجرة بتاعة أورشليم، ها يلعنها ويحكم عليها بالنهاية.
لكن أيضاً الكنيسة بتقرأ لنا النهاردة، علشان خاطر كل واحد مننا شجرة مغروسة في الفردوس كما يقول أنبا شنودة رئيس المتوحدين، إن الكنيسة هي الفردوس بتاع ربنا، وده مغروس فيه شجر صالح ولازم يجيب ثمر، لكن إذا الشجر ده ما جابش ثمر ما ينفعش ده يبقي اسمه فردوس؟!!!.
فشجرة التين لعنها ربنا لأن هي عبارة عن ورق خارجي، من داخل ما فيهاش ثمر.. عريانة .. وثاني يوم لقوا الشجرة جفت من أصلها، ابتدأ بقى منظرها يبان على أصله، الورق الأخضر وقع ففضل شوية خشب، شجرة خشب عريانة مفضوحة .. هو ده .. أنا، وكل إنسان يتهاون في حياته الداخلية، لأنه بيبقي عبارة عن زينة من برة .. شوية ورق، وإذا الورق ده نشف يبتدي يتفضح الانسان ده، لغاية دلوقت ربنا ساتر وسايب شوية ورق كثير لحياتنا الخارجية، مديانا المظهر بتاع المسيحيين وسايب الكنيسة برضه المظهر بتاعها .. والعبادة بتاعتها .. لكن القدِّيس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين يقول: “إزاي”؟ إزاي يكون الفردوس اللي زرعه الله من الأشجار الصَّالحة يكون زي الأرض اللي بره؟ طب يبقي إيه الفرق بين الكنيسة وبين العالم؟! إذا كان الناس اللي في العالم آهم كده عيشتهم، إذا كنت أنا اللي جوة الكنيسة حياتي من الداخل لا تفترق أبداً عن الحياة الخارجية ..
ربنا لعن الشجرة وتفتكر كمان إيه؟ ربنا لعن الأرض كلها بسبب الخطية بتاعة آدم .. فتعري آدم .. والأرض طلعت شوك .. واللعنة سارية في حياة البشر، وفِي حياة الحيوان، وفِي حياة النبات وفِي الأرض كلها، حتي إنه كان لازم إن الأرض تشرب من الدَّم الطاهر اللي نازل من صليب ربنا يسوع المسيح لكي تتطهر من لعنتها. الأرض كمان اتلعنت، وكان كل ما نأخذه أيضاً من الأرض ملعون فكانت حياتنا كلها فيها لعنة .
لكن لما جه ربنا وسفك دمه .. فغسل اللعنة بتاعتنا وغسل لعنة الأرض وأصبح النبات اللي بناكل منه الخُبز والعيش والحاجات اللي بتطلع من الأرض .. الأرض ديه مروية بالدم بتاع المسيح، احنا بناكل دلوقت أطعمة مقدسة مش ملعونة لكن الأطعمة الأولي كانت ملعونة.
لو إنت عملت مقارنة لطيفة بين اللي حصل لآدم الأول وبعدين انطرد من الفردوس وبين اللي حصل لشجرة التين مرة ثانية .. وبين اللي ممكن يحصل لأي إنسان مرة ثالثة .. تجد هو واحد، لعنة، شجرة فيها ورق ومن جوة مافيهاش ثمرة، ويلعنها ربنا فتبقي تتفضح ويقع منها الورق الأخضر وتبان علي حقيقتها، وكل شيء يبقي حواليها ملعون، هو ده اللي بتحطه الكنيسة قدام عينينا في يوم الأثنين من شجرة التين والحياةالداخلية .
ابتدأ الأنجيل يركز على الحياة الداخلية بيقول له أنت ما بتغسلش إيدك ليه؟ قبل الأكل، قال له إنت عاوز إيه؟ تطهر الداخل ولا الخارج؟ إن كنت عاوز تطهر الداخل إعط صدقة فيصير لك كل شيء طاهر، إن كنت بتفكر في الطهارة الداخلية فاعمل صدقة. فيتطهر ليك اللي في الداخل، وبيقول له ويل لكم أيها الناموسيون لأنكم تعشرون النعنع والشبت والكمون، يعني إذا كان عندك شوية كمون ولا شبت ولا حاجة يعدهم بالعود، ويأخذ العشور بتاعتهم ويعطيه لربنا، وتركتم أهم الوصايا: العدل والرحمة والإيمان، وكان ينبغي أن تفعلوا هذه ولا تتركوا تلك. لازم حياتكم من جوه ما تبقاش فاضية لازم يكون فيها ثمر لأن الورق اللي من بره في يوم من الأيام ها يقع.
لما نأخذها على المدى اللي أكثر من هذا، يقول معلمنا يوحنا في سفر الرؤيا: “طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن يستريحون من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم، طب والجسد راح فين؟ قالوا الجسد ها يروح التراب ويبقي الورق الخارجي ده هو لا يساوي شيء أكثر من إنه هو ورق ها يجي الخريف عليه وها يتساقط كله، لكن المهم أن يكون فيه أعمال تصحب أعمال حياة الإنسان.
علاوة على كده طبعاً إن الشجرة ديه .. المسيح أعطى منها التلاميذ درس قوي جداً في الإيمان، وده سجلها لنا معلمنا مرقس في إنجيله إن ربنا ومخلصنا قال: “إن لو إنتم ليكم إيمان زي حبة الخردل تقولوا للشجرة دية، وتقولوا للجبل انقلع وانتقل في البحر فيكون لكم”.
نرجع لموضوعنا اللي هو الشجرة .. اللي هي لازم يكون فيها ثمر من الداخل، زي ما قلت إن فيه فرق بين المسيحي والإنسان العالمي.
المسيحي اهتمامه ببناء حياته الداخلية، مش هو كان بيقول لهم أنتم بتهتموا بالقبور المبيضة، بتبيضوا القبر من بره وأنتم عارفين إيه اللي جواهم، أصل تعرف الحديث ده، الوقت ده بالذات في الأيام الأخيرة ده كان التلاميذ بيوروا المسيح أبنية الهيكل ويقولوا له شوف الفخامة بتاعة الهيكل بتاعنا، هيكل إسرائيل .. شوف العظمة ما فيش هيكل في العالم زيه .. قال لهم إيه يعني الحجارة .. سوف لا يترك فيها حجر على حجر إلا وينقض .. الحجارة مش ها تقعد، فالهيكل بتاع الإنسان هو عبارة عن حجارة .. الحجارة دي ها تنهدم في يوم من الأيام، هتفضل حياته الداخلية، فربنا بيبص للحياة الداخلية بتاعتي وبتاعتك.
أولاً: إحنا ما نقدرش نقول إن ربنا قصر في حقنا، زي ما قلت لك إن إشعياء قال إن هو غرس الكرم وعلى أكمة خصبة وعمل فيه معصرة، وبني فيه برج، وزرعه نوع ممتاز، كان لازم يعمل حاجة … الكنيسة أيضاً اللي هو أنا وأنت .. إحنا هياكل لله، لأن بولس بيقول أنتم هياكل الله وروح الله ساكن فيكم، روح ربنا ساكن جوانا، طب إيه النتيجة؟ أنت قلت لأورشليم كمان إنه لا يترك فيك حجر على حجر إلا وينقض .. قلت للهيكل .. ليه قلت للهيكل كده؟ قال أنا قلت للهيكل كده لأني دخلت لقيت الناس ..طقوس الصلاة ماشية بالثانية وبالدقيقة ومافيش تقصير لا في الصلاة ولا في اللحن ولا في العبادة ولا في أي حاجة، لكن جوه فيه حاجات مش كويسة، فأنا جيت قالب كل ده وقلت أنتم عملتموه مغارة لصوص، بولس الرسول بالنعمة يقول أنتم الهيكل بتاع ربنا وروح الله ساكن فيكم، من يفسد هيكل الله فسيفسده الله لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو ..
نفس الكلام اللي اتقال على الشجرة ها يتقال عليّ وعليك لأن ده الهيكل بتاع ربنا والروح القدس ساكن جواه، فده هيكل مقدس “من يفسد هيكل الله فسيفسده الله”، ربنا بيفسد؟ قال آه ها يفسد “يفسده الله” لأنه هيكل مقدس .. زي هيكل الله مقدس الذي أنتم هو .
فحتي في حياتنا الخاصة بيقول معلمنا بولس في رسالته لتسالونيكي، “ليقتن كل إنسان إناءه بكرامة” ويقول ليكن هذا السر مقدس مكرم عندكم، ويرجع يقول كدة ثاني لأن الناس اللي بتغلط (قال عليهم) في نجاسة الطمع، محبة المال الذي هو عبادة الأوثان كل دي بتضر الهيكل بتاع ربنا، وبعدين رجع يقول إيه؟ لأن من يرذل .. من يرذل لا يرذل إنساناً بل الله الذي أعطانا روحه القدوس، لأن اللي بيهين مش بيهين إنسان، أو اللي بيهين جسده مش بيهين جسده، أو اللي بيسيء لجسد آخر ده مش بيسيء لجسد آخر ، لأن من يرذل لا يرذل إنساناً بل الله .. ليه كده، ليه يا بولس أنت قلت الكلام ده .. قال الله أعطانا روحه القدوس فأنا ابن المسيح وروح ربنا ساكن فيّ يبقي حياتي اللي من جوه لها قيمة ثانية .. لها منظر ثاني، أنما تبقي زي شجرة التين ورق هايش على الفاضي، لا ما يصحش كده يا أحبائي لأن ده لا يليق بالفردوس، وده اللي خلى ربنا يطرد آدم، اللعنة جات على آدم، وقال له مش عاوز أشوفك يا رب .. تصور .. هذا المنظر سيتكرر مرة أخرى .. قالوا للمسيح أخرج النهاردة!! قالوا له كده … وهو بيقول لهم طهروا اللي جوه .. واعملوا ثمر كويس .. فقالوا له إنت تشتمنا ..أنت جاي علشان تشتمنا هنا اطلع بره .
وفِي اليوم الأخير أيضاً سيقولوا للجبال غطينا وللآكام اسقطي علينا من وجه الجالس على العرش. آدم وحواء قالوا مش عايزين نشوفك يا رب، نحن أجرمنا في حقك، أنت ما عملتش لينا حاجة وحشة، إنت خلقتنا على صورتك وخلقت لنا الجنة، وراحوا برضه لشجرة التين إياها دي اللي نفسي ما تنسهاش في حياتك أبداً، وقطعوا منها ورق وحبوا يغطوا العري بتاعهم .. ما هم انفضحوا خلاص، الفضيحة يا أحبائي مش منظرنا قدام الناس، لكن منظرنا قدام ربنا، لأنه في سفر حزقيال يقول له تعال يا حزقيال .. هو حزقيال يعني عايز يعاتب ربنا ويقول له يا ربي أنت قاسي شوية على كهنة إسرائيل والى الشعب ده، يعني بالراحة شوية، قال له تعال أريك اللي بيعملوه في الخفاء في الظُّلمة … وراه له ثقب في الهيكل، وشاف كل النجاسات جوه، قال له إيه ده .. قال له هذا ما يفعله كهنة إسرائيل .. وراه منظر أبشع من كده، وراه الكهنة واقفين قدام الهيكل بيرفعوا بخور وظهره لأيه؟ للمذبح، دي إيه معناها دي.. قال له إيه ده أنا عمري ما شفتش كاهن في الكنيسة واقف بيصلي طول القُدَّاس مثلاً بعيد عننا وظهره للهيكل ظهره للمذبح، قال له آهم دول كهنة إسرائيل، هذا الشعب يعبدني بشفتيه أما قلبه فمبتعد بعيداً جداً..
هذه الحياة الغالية، الحياة الداخلية التي أعطاها لينا ربنا يسوع المسيح .. هذا الجسد المقدس .. هذا الهيكل اللي هو جه وسكن فيه .. بأي وقار وبأي احترام نقدسه، ده أنا عايز أقول له حتي الأكله اللي بآكلها إن ما كانش آكله مقدسة … فالحاجة اللي ألاقيها تضرني جسدياً تبقي ضارة .. هذا الجسد لابد أن أحترمه وأقدسه لأنه هيكل لروح ربنا “روح الله ساكن فيه، ومن يفسد هيكل الله سيفسده الله لأن هيكل الله مقدس” إيه موقفنا النهاردة من العالم الخارجي؟
العالم الخارجي يا أحبائي لا يهتم بتاتاً بالثمر الداخلي .. بتاتاً .. لا يهتم بتاتاً بالثمر الداخلي، أمال يهتم بإيه؟ قال يهتم بالمظهر الخارجي: الموضات بتطلع باستمرار والظهور .. وحاجات كثيرة خالص .. أمال إحنا عملنا إيه في الكنيسة؟ قال بقي إحنا دلوقت مضطرين بصراحة كده مضطرين كنايس عايشين في العالم نعمل الأثنين نأخذ المظهر جوه الكنيسة كويس كده .. من جوه يبقي للعالم ربنا قال لا .. أنا عاوز العكس، وفِي الإكليل .. الإكليل حتي اسمه إكليل مقدس يعني جواز .. لكن إحنا في الكنيسة بتاعتنا بنسميه إكليل، ونسميه سر مقدس بيحل الروح القدس، وبعدين خلص الإكليل، وواحد ثاني يوم يقول لي كده تعرف كنّا فين إمبارح بعد الإكليل ده؟ قلت له فين، قال كنّا في الحتة الفلانية وحفلة راقصة وواحدة رقاصة عريانة لغاية الصبح .. من الإكليل المقدس أمام المذبح إلى حفلة راقصة للصبح طب عايز ربنا يقول علينا إيه في الأيام ديه؟ والمهم إن إحنا بنقلد بعضنا، واحد وراء الثاني .. واحد وراء الثاني .. لأن مادام الناس الكبار عملوا كده يبقى الكل حتي لو يروح يستلف، يبقي إحنا بندي ربنا إيه .. مظهر خارجي. ومن إكليل .. إكليل وخلاص .. ومن جوه مش مهم بقى .. ما هو لازم نبقي شكل العالم .. والشاب برضه يقول كده أنا بروح برضه الكنيسة برضه وبآخذ بركة .. وبآخذ على الكنيسة وليّ مظهر المسيحية الكويس.. والقلب من جوه مملوء من الشر ومن الدنس الموجود في العالم. والشابة كذلك إن ما عاشتش النهاردة وتلحق الدور بتاعها في وسط العالم وتبتدي مش مهم .. نسيتوا إن ده الهيكل بتاع ربنا؟!!
أكيد هي ناسية .. أكيد هي نسيت إن ربنا قال إن من يفسد هذا الهيكل فسأفسده. لأن هيكل الله مقدس، الموضوع مش موضوع لعنة ربنا.. ماذا يستفيد الإنسان لو ربنا تخلي عنه؟ ده ربنا في إنجيل النهاردة بيقول مرة ثانية إن أنا هاسيب أورشليم واترك بيتكم لكم خراباً. وداود النبي يقول “روحك القدوس يا رب لا تنزعه مني” ما تسيبهوش مني.
النهاردة يا أحبائي فيه طريقين: المسيح وهو داخل أورشليم، كان داخل بمنتهي الوضوح وبصراحة .. داخل ملك راكب على أتان وجحش ابن اتان .. وداخل يقول كده .. رياء ممنوع .. مظهرية ممكن تكون كده عبادة شكلية ما ينفعش .. البخور بتاعكم صار مكرهة أمامي .. البيت بتاعي ده جعلتموه مغارة لصوص .. فيه لصوص جوه .. قال آه طبعاً، فيه لصوص .. فيه بيع وشراء .. وفيه كذب وفيه نصب .. وفيه حاجات كثيرة .. فيه لصوصية جوه في القلب .. فيه لصوصية .. فيه سرقة ..فيه اغتصاب حق ربنا .. فيه اعتداء على وصايا الأنجيل .. ها عمل إيه ما هو أنا أصلي في العالم .. لدرجة إن أنا ما أقدرش أفرق دلوقت بين جوه الكنيسة .. وبين برة الكنيسة؟ لكن المسيح مصرّ يقول لا ماينفعش الورق الخارجي ده .. لازم من جوه يكون .. أنا عملت كل حاجة .. أعطيتكم دمي وأعطيتكم روحي القدس، وخليتكم أعضاء في جسدي .. فلازم تجيبوا ثمر، وإن اللي مش هيجيب ثمر هالعنه .. واللي مش هيجيب ثمر هأعمل فيه عمايل مش كويسة خالص .. أكثر من اللعنة كمان .
لأجل هذا يا أحبائي نحن مطالبين بحياة واحدة لأننا لنا عمر واحد .. حياة واحدة .. لي الحياة هي المسيح والموت ربح .. معلمنا بولس الرسول في رسالته لكولوسي يقول “لأنكم قد قمتم مع المسيح وحياتكم مستترة مع المسيح في الله”. لما تروح كده في كولوسي ثلاثة أظن .. إبقى اقراها تلاقي فيه تعبير دقيق جداً “حياتكم مستترة مع المسيح في الله” نحن بقينا في المسيح، دخلنا فيه، وبعدين حياتنا استترت في الله .. حتي عندما يظهر، اظهر المسيح، الذي هو حياتنا، نظهر نحن أيضاً معه في المجد، فمين اللي ها يظهر في السماء .. ده المسيح اللي ها يظهر وأنا حياتي مع المسيح ومستترة جوه ربنا ..
إحنا لازم نفوق كويس قوي، ونعرف إيه هي حياتنا ..اللي النهاردة المسيح بيقول أنا عاوز ثمر منكم. آه طبعاً ليه حق يطلب .. تعب في الشجرة .. وقدامنا أمثلة يا أحبائي عندنا أمثلة.. عندنا: آدم.. علي طول عرّاه، مانفعهوش ورق التين أبداً .. عندنا الشجرة أهي إتلعنت … وعندنا الدينونة الأخيرة .. مش هايشفق أبداً، رغم إن هو الرحوم الشفوق المحب لأولاده.
لابد أن تكون لنا حياة متميزة عن حياة العالم، لازم، لازم، يا إخوتي .. الحياة دي عاوزة منك جدية .. وعايزة منك إيمان .. ومحبة لربنا ، إنت مسيحي تبقي مخلص للمسيح، يسوع في قراءات الصبح بيقول أنا رفضتكم لأن أنتم لكم قلبين قلب معايا وقلب مع العالم، انا عاوز قلب واحد بس، قلب واحد بس، أنا أخشى أن أنا أتكلم في تفاصيل، لكن صدقني طريق القداسة مفتوح قدامنا .. والثمر سهل جداً، هو أنا لما أقول بيتك يبقي مقدس .. أنا قصدت إن أنت تعيش أقل من الناس اللي في العالم، ها تعيش يعني في عشة .. ما أنت ها تعيش في بيتك، بس بدل الصور الوحشة ها تبقي صورة حلوة، بدل التليفزيون اللي بيتفتح والأفلام الوحشة الخليعة بتاعة العالم ها يبقى الأنجيل بيتقري، بدل ما أنت تهتم بس بنجاح أولادك مادياً وهم يأخذوا شهادتهم وتقول فلان ابني بقي كذا ومركزه كذا، اهتم قبل كده باللي ينفع ابنك .. مش ها تنفعه وظيفته ولا حاجة ..
قصة واقعية
مرة واحد وإحنا زمان في مدارس الأحد صغيرين وكنا نروح نفتقد ابنه.. وإحنا بنفتقد ابنه مرة وإحنا طلبة فطلع الأب وشخط فينا شخطة وكرشنا (نزلنا)، وقال أنتم مش فاهمين مستقبلكم روحوا ذاكروا ولما تتخرجوا وتبقوا موظفين ابقوا افتقدوا. ومرت الأيام، طبعاً إحنا نزلنا خايفين، ومرت الأيام والأب دخل وإحنا قاعدين في حوش الكنيسة (كنيسة السيدة العذراء في محرم بك) وبيصرخ وبيقول “ألحقوا ابني، قلت له ماله ابنك، قال بقي دكتور بس إتلم على واحدة ممرضة ومش مسيحية وحالتي حالة مش عارف أفصله، قعد يبكي بدموع بس كان الوقت عدي .. لأن حضرته كان يهمه قوي إيه القبر اللي من خارج، إن ابنه يكون دكتور.
كنيستنا أيضاً يا أحبائي وخدامها لازم يأخذوا بالهم من نفسيهم، اللي واقف على المذبح يكون عينه للمسيح بس، ما يروحش هنا ولا هنا، ده أنا بأقول لو إحنا بالصلوات اللي بنقولها في الكنيسة دي، نقولها من قلبنا، كانت تبقي حياتنا من جوه مملوءة بركات كبيرة، ده الأنجيل بيتقري وفلان بيمشي وفلان مش سامع، مع إن الشماس بيقول قفوا بخوف من الله، وانصتوا لسماع الأنجيل المقدس .. ده معناه عدم وعي إن إحنا مش عارفين حياتنا الداخلية، ده المذبح الهيكل ده، الباب ده اسمه باب الملك ما يخشه ويخرج منه غير الكاهن، علشان مش داخل وطالع، داخل وطالع زي الشماس فرحان إنه حافظ شوية مردات وطالع وداخل، ده مذبح الله يقف قدّامه، ده الشاروبيم والسيرافيم يغطون وجوههم من أجل بهاء عظمة مجده، ده التناول يقول لك كده فأخذ جمرة من على المذبح بملقط ووضعها في فمه وقال إن هذه مست شفتيك تنزع آثامك وتطهر من خطاياك .. مش ساعة أبونا لما يبتدي يناول تبتدي الناس تنصرف وبتاع، مع أن الجسد موجود على المذبح بأي رهبة، وبأي خشوع، أنا صدقني يا عزيزي اتكلم عن نفسي قبل ما أتكلم عنك، إحنا مقصرين جداً جداً في هيبتنا وإحترامنا لبيت ربنا، إحنا مش حاسين إن هو موجود، إحنا بنؤدي طقوس كنسية كعادة أو كروتين ولكن الله اللي اتكلم النهاردة عن شجرة التين بيديني إنذار وبيديك إنذار إنتبه لازم تكون فيه حياة مثمرة ده بيت ربنا .
ووقف على باب الهيكل النهاردة الإثنين ولم يدع أحد يدخل بمتاع، كل واحد جايب حاجة معاه امشي اطلع بره، شوف بقى، امشي اطلع بره، لم يدع أحد يدخل بمتاع، فما بالك الهيكل بتاعنا، اللي هو هيكل ربنا، الهيكل المقدس ده أنتم هياكل الله وروح الله يسكن فيكم .
نقطة ثانية يا عزيزي إن الله يطلب ثمر. إحنا اتكلمنا عن طهارة الهيكل وقداسته، ولكن علاوة على كده الله عاوز ثمر في حياتي، تفتكر ربنا يديك عمر على الأرض كده علشان تعيشه أي عيشة، يعني مثلاً ها تبقي دكتور أو ها تبقي مدرس أو ها تبقى محامي، أو ها تبقى راجل مهندس أو ليكم شأن في المجتمع، أو أي حاجة علشان تكون كده، تقول لا يا أبونا ما هو إن شاء الله ها نهندس وها نبني كنيسة كبيرة، وها أبقي دكتور نعالج الفقراء اللي في الكنيسة، وأنا مدرس برضه أدي دروس خصوصية للتلاميذ بتوع الكنيسة أو أي خدمة، ولكننا برضه لازم نخدم الكنيسة بتاعتنا، وربنا يقول لك أنا عاوز الثمر اللي من جواك اللي جوه من جوه، ده مش الثمر اللي طالبه ربنا .
الشجرة تطلع ثمر من طبيعتنا من جوه، يقول إيه على الثمر؟ بيقول معلمنا بولس الرسول ثمر إيه .. ثمر الروح القدس محبة فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، طهارة، أنا عاوز الثمار دية من جوه .. أنتم مالكم شردتم وافتكرتم إن الثمر هو الحركة العضلية اللي بيعملها الإنسان من خارج ..
أنا عاوز المحبة، عاوز المحبة، وعاوز السلام الداخلي، عاوز الصلاح وحياة الصلاة، وعاوز وداعة اللي هي صفة المسيح، وعاوز الطهارة وأنا أساعدك.
هل يا عزيزي ترضى، ترضى لا سمح الله إن عمرك ينتهي من على الأرض ما يكونش فيه حاجات مخزنها جوه وثمر؟ بيقول النهاردة في الأنجيل اللي إتقرى علينا مش عارف في الساعة السادسة يقول إجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيق قبل أن يغلق الباب، ها يجي ناس كثير يريدون أن يدخلوا ويقولون .. ها يقولوا إيه بقي؟ تفتكر ها يقولوا إيه؟ يقولوا له بإسمك أخرجنا شياطين .. ياه .. عايز خدمة أكتر من كده، وكنا باسمك بنعمل كذا وكذا ..ويقول لهم إبعدوا لا أعرفكم .. ده أنا بأطلع شياطين كمان في الكنيسة بتاعتك، وتقول لي ما اعرفكش، أمال تعرف مين؟ قال لا، ما اعرفكش، قال أنا أعرف المرأة صاحبة الفلسين اللي حطتهم من أعوازها .. دي أعرفها .. أعرف المرأة الخاطئة اللي إدت دموع من جوه وعاشت حياة طهارة، أعرف الناس اللي قضوا حياتهم في محبة وعبادة وصلاة، دول أعرفهم بس
أنا طالب الثمر الداخلي .. ربنا يعينك ويعينني علشان ما يعديش العمر مننا اللي بيعدي يوم بعد يوم ، والمسيح النهاردة بيقول كده ، فالخمر، سكر، وهموم، يعني الإنسان النهاردة فيه هموم في الأيام دي كثيرة، والمسيح نبهنا عارف، وبعدين بعديها يقول احترزوا لأنفسكم، لأن ذلك اليوم سيأتي كالفخ، ها يجي كالفخ، ممكن تعمل إيه يا عزيزي؟
الله يعينك ويعيننا كلنا أنك تبتدي بجدية على الأقل في الأسبوع ده يكون فيه ثمرة جديدة في حياتك، واخذ بالك، على الأقل في الأسبوع ده لازم تطلع بثمرة جديدة في حياتك، على الأقل علشان تيجي تعيد مع المسيح وتقول له آدي ثمرة حلوة كده، ما يعديش على شجرة التين ويبقي جعان، علي الأقل لازم تقتني ليك حاجة جديدة جوه تفرح المسيح، مش تفرح الناس، وتبتدي تفتكر إن عبادتك مش ها تكون للناس، لكن ها تكون لأبيك الذي يرى في الخفاء، أبوك الذي يرى في الخفاء هو اللي ها يتفاهم معاك وها يعاملك وها يديك حصيد ثمرك ..
ترضى ..ترضى ..ترضى يا عزيزي تروح السماء وما معاكش ثمر .. أوعى، حرام، حرام خالص، أمال تعمل إيه، تجتهد بكل قوتك، وبكل طاقتك، وبكل شطارتك إذا كنت شاطر قوي تبقي حياتك من جوه مليانة زيت، مليانة ثمر، مالكش دعوة بأحد أبداً أبداً، أوعي تقع في دينونة إنسان. ولا تفكر في إنسان فكر في نفسك وفِي حياتك المثمرة، وعلى فكرة الإنسان اللي حياته تبقي مثمرة بيفيد غيره، يعني زي اللي بيبني في الكنيسة، لأن غيره بيأكل من الثمر اللي فيه .. الإنسان عايش في حياة طهارة .. أنا بأكلم واحد النهاردة وبأقول له شفت فلان شوف هو إزاي عايش في إخلاص مع ربنا .. قال لي أيوة صحيح .. ممكن الشاب يعيش بإخلاص مع ربنا .
يعني أنا ما اقدرش أقول له إن ممكن الشاب يعيش بإخلاص مع ربنا وهو بيناقشني طول العام، لكن لما أقول له شفت فلان، وأول لما قلت له شفت فلان؟ اللي من سنة قال لي: أه ممكن فعلاً، فالشخص اللي حياته مثمرة ريحتها بتطلع، الثمرة بتاعته بتغير الكنيسة،
إحنا مطلوب إن حياتنا تكون كلها ثمر، نحط إيدينا في إيدين بعض النهاردة ونقول ياللا نبني في كنيستنا، نبني في كنيستنا إيه .. ها نروق فيها، لا، ها نبني من جوة، كل واحد ها يبني في الهيكل بتاعه لكي يكون هيكل مقدس .
ربِنَا يسوع في آخر حياة كل واحد مننا ها يقول لقيت ثمر شجرة شهية كالشجرة المغروسة على مجاري المياه التي تعطي ثمرها في حينه، ليس كذلك الأشرار، ليس كذلك لكنهم كا إيه؟ زي الورق اللي واقع من الشجرة .. كالهباء الذي تذريه الريح، هو كده طالع في الهواء، فلما شجرة حياتنا يكون فيها ثمر تفرح المسيح، وهو نفسه قال تعبير لذيذ جداً إن وهو مارر جاع ..جاع .. يعني إيه جاع؟ يعني يسوع مُصِّر إن هو من الزرعة اللي زرعها يأخذ منها ثمر ويأكله، ويقول: “نزل حبيبي إلى جنته وأكل من ثمره النفيس” نزل إلى إيه؟ جنته .. جنته هو أنا أبقى الجنة بتاعة ربنا .. قال آه، نزل إلى جنته في سفر النشيد يقول كده وأكل من ثمره إيه؟ النفيس .. فيه ثمر جوه .. وبعدين بعدما أكل من ثمره النفيس .. قال تعالوا أيها الأصحاب.. تعالوا كلوا واشربوا، تعالوا كلوا واشربوا من الثمر النفيس ده ..يا سلام على الكنيسة المثمرة الحلوة، اللي فيها رائحة المسيح التي تفترق عن العالم الخارجي، ديه ربنا يفرح بيها ويعيش فيها.
لألهنا المجد دائماً أبدياً آمين .
شجرة التين – للمتنيح القمص لوقا سيداروس[18]
رجعنا إلى بيت عنيا وأمضينا الليل هناك، وفي يوم الاثنين في الصباح الباكر قام فنهضنا وتبعناه. عاد إلى أورشليم إلى الهيكل.
وفي الطريق قال: أنا جوعان.. أصابتنا دهشة عجيبة. كيف أن هذا الذي صام أربعين نهاراً وأربعين ليلة يجوع في الصباح الباكر؟ هل هذا معقول؟! سكتنا لأننا نعرف أن كل كلمة وكل فعل يحمل من المعاني ما يعسر على عقل البشر استيعابه.
أشار إلى شجرة تين مورقة وتوجه إليها على الفور، ثم قلب أغصانها لكي يرى هل فيها ثمر فلم يجد. كنا واقفين حوله. إنه ليس أوان الثمر، وهذه التينة وجدها مملوءة من الورق. مظهرها ينبئ بوجود ثمر ولكن الحقيقة غير ذلك.
كنا ننظر معه نفتش عن ثمرة فلم نجد.
أخيراً خرجت من فمه كلمة لم نسمعها مدى حياتنا معه.. لعن التينة.
وقال لها: “لا يأكل أحد منك ثمراً بعد إلى الأبد!” مشينا خلفه ونحن متعجبين ترى ما هو أمر هذه التينة؟
وفي صباح اليوم التالي مررنا بها فوجدتها كحطبة محروقة ناشفة يابسة تماماً. لقد يبست من جذورها.. من أصولها.
قلت له.. يا سيدي هذه هي التينة التي لعنتها قد يبست.. قال.. ليكن لكم إيمان.
أدركت فيما بعد أننا قد تحصلنا على هذه النعمة.. أن ننكر الرياء ونبغض المظاهر الكاذبة ونستطيع أن نفعل بهذه التينة كما فعل هو.
نميتها ولا نأكل من ثمرها لأن الأكل من الثمرة المنهي عنها كان علة سقوط آدم الأول أما آدم الثاني فقد أقام سقوط البشرية التي أكلت من الثمرة وتعدت الوصية.
ها هو يعيد لنا رتبتنا الأولى. وما سقط فيه آدم الأول أقامه آدم الثاني.
وإن كنا في آدم متنا بالخطية والمخالفة ففي آدم الثاني قمنا واستقمنا.
يوم الأثنين من البصخة المقدسة – للمتنيح القمص تادرس البراموسي [19]
بركتها على جميعنا آمين.
خرج الرب يسوع له المجد من بيت عنيا متجهاً إلى مدينة أورشليم وهى تبعد خمسة عشر غلوه من مدينة أورشليم وكان هذ الأسبوع الذى تسميه الكنيسة أسبوع الآلام وكان يصرف نهاره في الهيكل وفى المساء يرجع إلى بيت عنيا ليبيت هناك كما قال معلمنا لوقا الأنجيلى ورأى الشعب كل تعزياته في الرب يسوع فكانوا يبكرون إلى الهيكل كل يوم ليسمعوه وفى يوم الأثنين من البصخة المقدسة الذى مر فيه ووجد شجرة التين ولم يجد فيها ثمرة فلعنها لذلك أشتهر هذا اليوم بشجرة التين الغير المثمرة (مر11: ١٢– ١٩) لعن الرب يسوع شجرة التين لما رأها مورقة وغير مثمرة وفى العادة يظهر الثمر مع الورق وينضح أحياناً بعض الثمر قبل الآخر ولما رأى يسوع تلك الشجرة العقيمة لم يكن وقت التين كان أذن لا يوجد فيها ورق. فوجود الورق قبل حينه يعطى للناظر أنها مثمرة وهى ليست كذلك لأنه لا يوجد فيها شيء من الثمر الفج أو الثمر الناضج ولا علامة أنها تثمر فيما بعد فتلك الشجرة الكثيرة الورق والخالية الثمر كانت تمثل الأمة اليهودية التي تدعى أنها الأمة المنفردة بالقداسة. لأنه كان لها الشريعة والشعائر الدينية والأصوام والأعياد والذبائح ومع ذلك فقد خلت من الأيمان والمحبة والقداسة والتواضع والاستعداد لقبول الرب يسوع الابن الكلمة وأطاعة أوامر بكونها شعب الله المختار رفضت الابن الوحيد الذي أرسله الله الأب وقد تنبأ عنه الأنبياء لذلك أعطاهم الرب يسوع له المجد الويل قائلاً الويل لكم أيها الكتبه والفريسين المرائين لأنكم تشبهون القبور المبيضة التي تظهر من الخارج جميلة وهى من الداخل مملوءه عظام أموات وكل نجاسة فهكذا كانوا يظهرون من الداخل شكل ومن الخارج بشكل أخر كما قال متى الرسول لهم صورة التقوى لكنهم منكرين قوتها.
من الواقع يا أحبائى أننا نتكل على الآخرين ونحن أكثر منهم كلنا عيوب وقد نتظاهر بالتقوى والقداسة والعفة والقناعة والمحبة والوداعة والعطف والأحسان والاستقامة وحفظ الوصايا ولم نعمل منها بواحدة ليس هذا كذب ونفاق ورياء وغرور النفس.
قد مر علينا الصوم الكبير صوم التوبة وطلب المغفرة ماذا عملنا فيه وأى توبة قدمناها. هل تصالحنا مع أخواتنا هل اشتركنا في احتياج الفقراء. أليس بأعمالنا نريد أن نصلب أبن الله مرة ثانية. والآن قد وضعت الفاس على أصل الشجرة فكل شجرة لم تصنع ثمر جيد تقطع وتلقى في النار. فهذا إنذار من الله لكل إنسان وفى كل مكان وزمان . فالرب يسوع لعن التينة ليس لأنها بلا ثمر بل لكثرة أوراقها كأنها تدعى الأثمار كذباً. هكذا يعامل الله الإنسان الغيرمثمر ويبكته على أفعاله الذميمه ولم يقدم توبة. دخل الرب يسوع الهيكل وابتدأ يطهره مما فيه من الباعة ولم يدعو أحد يجتاز الهيكل بمتاع. وإذا كان الوقت قد أمسى خرج إلى بيت عنيا وبات هناك، هذه حوادث يوم الأثنين وفى الصباح اليوم التالى لما أتى من بيت عنيا إلى أورشليم حدث ما كان من أمر التينة. وقد ظهر الرب يسوع له المجد أن صراخ الباعة وأصوات البهائم في الهيكل لا يليق ببيت الله بل جعلوه مغارة لصوص يقسمون فيه المسروقات بالسب واللعن والخصام قال لهم دنستم بيتى بالتجارة فيه حتى صار مغارة لصوص وذلك لأنهم سلبوا الله حقه بجعلهم المكان المقدس سوقاً للكسب وسلبوا العباد الفرصة التي أغتنموها للعبادة وأن يرفعوا قلوبهم للرب بالصلاة والتعبد وتطهير الجسد والروح ويثمروا في كل عمل صالح.
العظة الأولى
أ – جاع فشبع الجياع وروى العطاش.
ب – طلب حكيم من اللئيم ورده فارغاً.
ج – من بارك الجموع لعن من ليس فيه ثمرة.
د – يبست التينة ورفضت الأمة اليهودي.
هـ – سوط من حبال وحرر الأجيال.
و – حرر الأقداس وطرد الأنجاس.
ذ – منبع الطهارة جعلوه للتجارة.
ح – تشاور الأشرارلهلاك البار.
ط – تعجب الجميع من تصرفه البديع.
ى – أرتعبوا وخافوا ومن الداخل أبغضوه.
ل – الأيمان بالأمور يبعث السرور.
م – الطلب المستجاب يفتح السرور.
ن – كلمهم بالمكتوب وأظهر لهم العيوب.
العظة الثانية
أ – بيت عنيا المنام. ولعازر المقام .
ب – وجوده في الهيكل والتفاف الشعب حوله.
ج – تبكير الشعب وأتمام المكتوب.
د – شجرة التين والخاطئ الحزين.
هـ – التظاهر بالقداسة وعدم الثمر.
و – حالة الأمة اليهودية قبل المسيح وبعده.
ذ – تمسك إسرائيل بالناموس وخلوه من الفضيلة.
ح – نبوات الأنبياء وكبرياء الكهنة والرعاة.
ط – الافتخار بأصل العائلة وفى الفضيلة بلا طائلة.
ك – الويل للمتمردين وعن الحق بعيدين.
ل – رياء المتعبدين وبعدهم عن اليقين.
م – ترك الحقيقة والبحث عن الشر.
ن – وضع الناس على الأصول والثمار تدهش العقول.
العظة الثالثة
أ – أدعاء القداسة وتضليل الآخرين.
ب – عدم القدرة غيوم بلا ماء.
ج – رياء الكتبة أشجار خريفية بلا ثمر.
د – نجوم تأئهة حياة قتام وظلام.
هـ – غيرة ألهية وتنظيم رباني.
و – ترتيب وتنظيم وأوامر ألهية.
ذ – توبيخ اليهود – كسر العهود.
ح – الإنسان الحقود سلامة مفقود.
ط – التآمر البغيض والغيرة العمياء.
ى – تبديل الحق بالباطل وأنتهاز الفرص.
ل – تدنيس الأقداس وروح الأفلاس.
م – التينة والأوراق وكل أبن عاق.
ن – شجرة التين ورياء المتدينين.
العظة الرابعة
أ – طلب الثمر ممن ليس فيه ثمر.
ب – الكلمة القاطعة والشمس الساطعة.
ج – التينة والخطاة وجزاء العصاة.
د – لعنة الله على من يرفض وصاياه.
هـ – ثمرة الأيمان وتبديد الأحزان.
و – ثقتنا بالاجمال تنقل الجبال.
ذ – العيشة مع يسوع تشبع الجموع.
ح – البعدعن الشكوك يجعلنا ملوك.
ط – طلبة الأبرار تنقذ من لهيب النار.
ى – حب النظام والسير إلى الأمام.
ل – السلطان الجبار ينزع عنا الخزي والعار.
م – بالأيمان والجهاد نرث الأمجاد.
ن – كونوا مستعدين قرب مجئ الأمين.
ورق التين – للأب انتوني م. كونيارس (من الكنيسة الروسية)[20]
في صباح يوم الاثنين من الأسبوع الأخير في حياة الرب يسوع على الأرض، خرج مـن بيت عنيا ذاهبا إلى الهيكل، ثم نظر إلى شجرة تين على الطريق، فجاء يطلب ثمرا فوجـدها مملوءة ورقا ولم يجد فيها ثمرا، فكانت مستوجبة اللعنة؛ وعندما لعنت يبست التينة في الحال.
كانت هذه التينة التي لا تحوي سوى الورق فقط رمزا إلى الأمة اليهودية التي خدعت النـاس بمظهرها الكاذب، حيث يظن الناظر إليها أن بها ثمرا روحيا كثيرا نظرا لما تتمتع به من شـريعة إلهية وشعائر طقوس وعبادة وذبائح بلا عدد، ولكن لم يكن لها ثمن حقيقي؛ أي ثمـر القداسـة والمحبة والاتضاع والإيمان بالمسيا، فكانت تلك الأمة مثل شجرة التين كثيرة الورق عديمة الثمر، فأوجبت على نفسها اللعنة.
وكان في ذلك درس روحي ووسيلة إيضاح عملية لتحذير كل إنسان كثيـر الـورق مـن الخارج، لكنه من الداخل خال من الثمر الروحي الذي يمجد الله.
بعد الثورة الروسية مباشرة كان صديق للفيلسوف الأرثوذكسي الروسي نيكولاي بردييـف Nicholas Berdyaev مترددا ينتابه تساؤل حول ما إذا كان بمقدوره دخول الكنيسة الأرثوذكسية أم لا، فقال: “إن حياتي الروحية سيئة جداً، وأشعر أنه ينبغي علينا أن نأتي إلى الكنيسة بمهر، فعلينا أن نحضر شيئاً للكنيسة”، فقال له بردييف: “لا، بل ينبغي عليك أن تأتي إلى الكنيسة عريانا”. هي بالضبط الطريقة التي ندخل بها المعمودية كما تمارس في الكنيسة الأرثوذكسية دون أن نغطى بأردية برنا الذاتي، بل عراة طالبين أن نغطي برداء نعمة الله. حينما أكل آدم وحواء من الثمرة المحرمة وعصيا الله، فقدا براءتهما، وقبل ذلك نقرأ فـي (سفر التكوين ٢: ٢٥): «وكان كلاهما عريانين، آدم وامرأته، وهما لا يخجلان». تحتل هذه الآية موقعا مهما في الكتاب المقدس، فهي تفصل بين الجنة والعالم الساقط، حيث إنها الجملة الأخيرة لقصة الخليقة قبيل ذكر قصة سقوط آدم.
عريانان وهما لا يخجلان :
إن الكلمة المترجمة “عريانين” لا ينبغي أن تفسر في سياق المعنى المادي فحسب، حيـث إنها تعني أن تقف أمام الآخر مجرداً ومنكشفاً، بدون غرور أو إخفاء أي شـيء، وأن تـرى الآخر على طبيعته، وأن تظهر نفسك على طبيعتك دون أن تخجل.
هذه كانت حال العلاقة التي تمتع بها آدم وحواء مع الله، قبل أن يسقطا في الخطية، لقـد كانـا منكشفين بالتمام أمام الله وأمام بعضهما البعض، ولم يكن لديهما ما يخفيانه: “عريانين… وهمـا لا يخجلان” .
قال القديس كيرلس الأسكندرى ذات مرة : [يا لجمال حالة الوجود؛ عندما نكون عراة ولا نخجل، لأننا نشبه بذلك آدم الإنسان الأول الذي كان عريانا في الجنة وهو لا يخجل].
هذه هي العلاقة الحميمة التي كنا نستمتع بها ذات مرة مع الله، ونحن الآن مـدعوون لأن نستعيدها من خلال مخلصنا.
عريانان وهما لا يخجلان :
لقد تغيرت هذه الحالة بعد أن أخطأ آدم وحواء، وابتدأا يشعران بالخجل نتيجة عريهما، وحاولا أن يغطيا أنفسهما: «فخلطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر، وسمعا صوت الرب الإله ماشيا في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شـجر الجنـة. فنادى الرب الإله آدم وقال له: “أين أنت؟” فقال: “سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريـان فاختبأت”» (تك۳: ۷-۱۰).
فبمجرد أن أخطأ آدم وحواء شعرا أنهما عريانان في حضرة الله، وجلبت خطيئتاهمـا معهـا الخوف والارتباك والخجل، فلم يرد آدم أن تراه حواء؛ كما لم ترد حواء أن يراها آدم، لهذا صـنعا لأنفسهما مآزر من أوراق تين… كما لو كان لسان حالهما هو: “يحق لك أن ترى هـذه المـآزر الخارجية، لكن لا يحق لك أن تراني على طبيعتي”. وكان من وراء هذا التصرف، الاعتراف غير المعلن عنه وهو أن الأشياء لم تعد صحيحة في الداخل، وأن الشعور بالخجل قد حل محل الشعور بالبراءة المذكورة في (سفر التكوين ٢: ٢٥) «عريانين… وهما لا يخجلان»، وصارا الآن عريانين وخجلين جدا.
التستر وراء أوراق تين :
لقد استعمل آدم وحواء أوراق تين لكي يخفيا عن الله خجل خطيتهما.
ترى ألا نفعل ذات الأمر اليوم؟ قد يكون ما نختبئ وراءه ليس أوراق تين، لكن ألا تخدم نفس الغرض؟ فقد يكون شيئا نضعه أمام الناس ونقول لهم: “أنظروا هذه الملابس الجميلة، أو انظروا هذا القناع الذي أرتديـه، أنـتم لا تستطيعون رؤيتي… لا تستطيعون أن تروا حقيقة حالي مـن الـداخل”.
إن أوراق التـيـن التـي استخدمها آدم وحواء هي نوع من الملابس المزيفة والقابلة للسقوط، والمؤكد أنها لا تدوم، ونحـن نكسو أنفسنا بـ “أوراق تين” في كل مرة نتمنى أن نظهر فيها على هيئة غير طبيعتنا أمام أعين الله أو الإنسان.
لكن ترى ما هي “أوراق التين” الممجدة في الوقت الحاضر والتي نحاول أن نختبئ وراءهـا؟.. اليك بعضها: المال والممتلكات والمنصب والشهادات الجامعية والنفوذ. كم من الناس يحـاولون أن يخفوا عريهم وفراغهم الداخلي وراء أوراق تين المنصب، أو النفوذ، أو الملابس الغالية الثمن؟
قال أحدهم: “لم أر من قبل ملابس كثيرة غالية الثمن، يرتديها أشخاص كثيرون رخاص الثمن وتافهون مثلما نرى في يومنا هذا”.
أليست الأقنعة الكثيرة التي نرتديها لكي نخدع نواتنا والآخرين تمدح “أوراق التين” عندما تكون وسط الإطار الروحي؟
مثلاً: قناع التقوى، قناع عضوية الكنيسة، فنحن نخدع أنفسنا حينما نفكر أن علاقتنا مع الله على ما يرام فقط لأننا نواظب على حضور الكنيسة، في حين لا يوجد التزام حقيقي من وراء هذا على الإطلاق. كذلك أليست كل الأعذار التي نختلقها للتغيب عن حـضور الكنيسة والانشغال لدرجة أنه لا يكون لدينا وقت للصلاة أو قراءة الكلمة، أليست كل هذه الأعـذار هـي أوراق تين واهية؟ فنحن بذلك نحاول كآدم أن نخفي عرينا الروحي عن طريق انتزاع أيـة أوراق تين في حوزتنا والتي يتوافر منها الكثير جدًا، لكن جميعها لا تتعدى كونها أوراق تــين لا تخفـي شيئا، بل تتركنا ويتملكنا شعور داخلي بالعري والرغبة لأن نلبس شيئا يمنحنـا الأمـان الحقيقـي والدائم.
لذا ففي كل مرة ننظر فيها ملابسنا التي نرتديها، يطلب منا القديس يوحنا ذهبي الفـم St. John Chrysostorm أن نتذكر الجنة التي فقدناها، فيقول: إن الملابس التي نرتديها تشبه أوراق التين التي تحاول أن تستر عري الخطيـة وخجلهـا، فهي يجب أن تذكرنا بعرينا الروحي في محضر الله واحتياجنا لمخلص ليسترنا ويلبسنا رداء بـر الله وغفرانه.
يقول القديس غريغوريوس النيصي St Gregory of Nyssa في هذا الصدد :لوكان آدم لا يزال يحيا بداخلنا، فنرى طبيعتنا المستترة بثياب الجلد والأوراق المتساقطة لهذه الحياة الأرضية، الثياب التي صنعناها لأنفسنا عندما نزع عنا أردية النور، ولبسنا غرور الجـسد وأمجاده وشبعه الفاني بدلاً من الثياب الإلهية. وفي الغالب في سعينا لحجب الحقيقة عن ذواتنا نغطي أنفسنا بطبقات كثيرة جـذا مـن أوراق التين، إلى أن نضطر في النهاية للذهاب إلى طبيب نفسي يحاول أن ينـزعها واحدة بعد الأخـرى ليساعدنا لكي نرى حقيقة أنفسنا التي غطيناها جيداً.
ذات مرة قال طبيب نفسي لراع: [إن دورنا ينحصر في تجريد الشخص حتى نعريه تماماً فنراه على طبيعته، وحتى حين نفعل ذلك نكتشف أنه عبارة عن كتلة سيئة، لكننا لا نستطيع فعـل أي شيء حياله وعندئذ يأتي دوركم”. فرد عليه الراعي قائلاً: “أرجوك، ليس أنا بل ربي! فهو الوحيد الذي يجدد طبيعتنا الساقطة الشريرة ويلبسنا ثوب بره الرائع].
كلنا عراة أمام الله
تتحدث “الفيلوكاليا Philokalia” عن حالة العري أمام الله دون خجل والتي كانت في الجنة قبـل السقوط «عريانين… وهما لا يخجلان»، وتشجعنا على أن نجتهد لبلوغ هذا النوع من العري أمام الله اليوم فتقول: [إذا أردنا أن نسر الله الحقيقي وأن نكون أحباء، وفي أسمى علاقة حب مباركة، دعونا نقدم أرواحنا عارية لله، وألا ننغمس في أي شيء ينتسب لهذا العالم، لا فن تبرير الـذات، ولا مكـر العالم ولا عقليته، بالرغم من أننا قد نمتلك كل حكمة هذا العالم”.
قال القديس ثينوفان الناسك Theophan the Recluse في حديثه عن عرينا أمام الله :[إن الطريق إلى الكمال هو من خلال إدراك حقيقة أننا عميان وفقراء وعراة، فهذا الـشعور بالعري له صلة وثيقة بالتوبة الدائمة عندما ننسكب أمام الله بكل حزن وأسـى علـى نجاسـتنا. فالتوبة ما هي إلا إزالة كل الأعذار وطرح كل أوراق التين وأن نقول لله: “ربـي، أقـف أمامـك عرياناً دون أن أخفي شيئا عنك… لترحمني”].
إن كوننا عراة أمام الله يعني إدراكنا لحقيقة أننا لا يمكننا أن نجلب شيئاً مزيفاً لنستتر بـه فـي محضره، فلا يكون لدينا شيء نفتخر به… لا شيء يمكن أن ندعي أنه ملكنا؛ لا ألقاب أو شهادات علمية أو أعمال صالحة. حتى لو قمنا بأعمال صالحة، فلا يمكننا أن نستحق عنها أي مكافأة حيث قال الرب يسوع: «لأننا إنما عملنا ما كان يجب علينا» (لو۱۷: ۱۰). عراة دخلنا إلى العالم وعراة نعود إلى الله. كذلك كوننا عراة أمام الله يعني حسب الكلمات الواردة في رسالة العبـرانيين: «… وليـست خليقة غير ظاهرة قدامه، بل كل شيء عريان ومكشوف أمام ذلك الذي معه أمرنـا» (عـب٤: ۱۳). اللحظة التي نحاول فيها أن نخفي شيئاً عن الله هي اللحظة التي نكون فيها في مشكلة.
في طرفة عين أمام الله :
العري أمام الله يعني أنه في أية لحظة، في طرفة عين، في وقت لا يمكن قياسه، في أي مكان يمكن أن يتوقف فجأة القلب البشري عن النبض، ونجد نفوسنا بعد ذلك في إحدى الحالتين: عـراة أمام الله ونحن لا نخجل، أو غراة ونحن نخجل، اعتماداً على حالتنا الروحية فـي دخولنـا إلـى محضر الله: هل نحن لابسون بره أم لابسون برنا الذاتي؟!.. وتلك اللحظة قد تعني بالنسبة لنا قضاء الأبدية إما في السماء أو الجحيم. كما أن العري أمام الله يعني أن نكون أمناء بالكامل أمامه، وأن نزيل كل أوراق تين المجـد الذاتي التي نستخدمها لنستر بها خطايانا، وأن نرى ذواتنا في مرآة الله كما نحن على حقيقتنا، فـلا يمكننا أن ننال عطية النعمة إلا عندما نخضع ذواتنا عراة أمام الله، وأن نتحلى بالأمانة الكاملة.
والعري أمام الله هو أن يكون لنا نوعية العلاقة الشخصية مع الله، التي تصفها مريان إيفـانس Marian Evans بقولها: “يالها من راحة… راحة لا يمكن التعبير عنها عند الشعور بالأمان مع شخص، دون التفكـر مليا، أو ترتيب الكلمات، إنما تخرجها كلها كما هي، الحبوب مع القشرة معاً، عالماً أن يدًا أمينـة تأخذها وتمحصها، وتحتفظ بما يمكن الاحتفاظ به، ثم وبنسمة رقيقة تنفخ الباقي جانبا”. هي نوعية العلاقة الحميمة التي يمكن أن يتمتع بها المؤمن مع مخلصه: “عريان… وهو لا يخجل”، مكشوف بالكامل، لا يزن تفكيره أو كلماته، إنما يسكبها كلها أمامه في ثقة وإيمان كاملين.
مكشوفون بالكامل قدام الله :
إن كوننا عراة أمام الله يعني أن ندرك الراحة التي نكون عليها عندما نكشف ذواتنـا بالكامـل لشخصه، نستطيع أمامه أن نلقي بأقنعتنا ونتوقف عن التظاهر. وهذا يعني كذلك أن نعرف أن ذاك الذي: «لأنه ونحن بعد خطاة مات لأجلنا» (رو٥: ٨) سوف يغفر لنا خطايانا، ويقبلنا ويحررنـا لندرك الإمكانية المؤكدة لنصبح شركاء الطبيعة الإلهية (بط١: ٤). لكن هناك أوقات تجردنا فيها ظروف الحياة وتجعلنا عراة رغما عنا أمـام الله. فعلـى سـبيل المثال، ألا يفعل المرض والموت هذا الأمر مراراً وتكراراً؟ يكتـب مايكل بـوردو Michael Bourdeaux فيقول: [سيكتب يوما ما كتاب عن الدين في معسكرات السجون السوفيتية، وسيبدو جليـاً أنـه عندما يحرم الكائن البشري على نحو منهجي من كل شيء يعتبره حقه الطبيعي كالأسرة والبيت والعمل والغذاء الأساسي، عندئذ يصبح تأثير الإيمان المسيحي في أكثر فاعلياته. واحـدة من معجزات القرن العشرين، والتي سنتطرق لاحقاً لوصفها بالتفصيل، هي الطريقة التي نجحت فيها الكنيسة المسيحية والتي كانت قد اختفت تماما عن المشهد العام في الاتحاد السوفيتي فـي أواخر العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين، نجحت ليس فقط في البقاء تحت الأرض إنما في النهوض أيضا].
والكنيسة في الاتحاد السوفيتي والتي جردت بالعري من خلال سني الاضطهاد، وقضي علـى الجزء الأعظم فيها عن طريق مقتل سبعين مليون شخص منها في معسكرات التعذيب منـذ عـام ۱۹۱۷م، لم تمت إلى الآن إنما تواصل نهضتها.
المراجع
[1] شرح آحاد السنة التوتية – شهر هاتور – ص ١٩ – للدكتور جوزيف موريس فلتس.
[2] تفسير المزمور – القمص تادرس يعقوب ملطي.
[3] تأملات في مزامير الآلام – صفحة 41 – القمص لوقا سيداروس.
[4] تفسير المزمور – القمص تادرس يعقوب ملطي.
[5] تأملات في مزامير الآلام – صفحة 43 – القمص لوقا سيداروس.
[6] تفسير المزمور – القمص تادرس يعقوب ملطي.
[7] تأملات في مزامير الآلام – صفحة 46 – القمص لوقا سيداروس.
[8] تأملات في مزامير الآلام – صفحة 36 – القمص لوقا سيداروس.
[9] تأملات في مزامير الآلام – صفحة 39 – القمص لوقا سيداروس.
[10] كتاب تفسير إنجيل لوقا – للقديس كيرلس السكندري – عظة ٩٦ صفحة ٤٦٠ – ترجمة دكتور نصحي عبد الشهيد.
[11] Oden, T.C. & Hall, C.A. (1998). Mark (The Ancient Christian Commentary on Scripture, New testament part II). Illinois (USA) : Intervarsity press. Page 149 , 150 ترجمة: الأخت إيفيت منير – كنيسة مار مرقس ببني سويف .
[12] الأعمال الكاملة للقديس أنبا مقار (العظات الخمسون) صفحة ٤٤٥ – ترجمة الراهب يونان المقاري.
[13] Oden, T.C. & Hall, C.A. (1998). Mark (The Ancient Christian Commentary on Scripture, New testament part II ). Illinois ( USA ) : Intervarsity press. Page 150 , 151. ترجمة: الأخت إيفيت منير – كنيسة مار مرقس ببني سويف.
[14] Oden, T.C. & Hall, C.A. (1998). Mark (The Ancient Christian Commentary on Scripture, New testament part II ). Illinois ( USA ) : Intervarsity press. Page 150 , 151. ترجمة: الأخت إيفيت منير – كنيسة مار مرقس ببني سويف.
[15] كتاب تأملات في أسبوع الآلام – صفحة ٦٨ – البابا شنودة الثالث.
[16] كتاب المنجلية القبطية الأرثوذكسية – صفحة ٣٤٥ – البابا تواضروس الثاني.
[17] كتاب عظات مضيئة معاشة للقمص بيشوي كامل – صفحة ٢٧٤ – إصدار مطرانية ملوي وأنصنا والأشمونين.
[18] كتاب القديس بطرس الرسول يعلمني صفحة 59 – القمص لوقا سيداروس.
[19] كتاب تاملات وعناصر روحية في احاد وايام السنة التوتية – الجزء الاول صفحة 118 – اعداد القمص تادرس البراموسي.
[20] مجلة مدارس الاحد عدد ابريل لسنة 2114.