إله المجــد والقــوّة
“فَيُعْلَنُ مَجْـدُ الـرَّبِّ وَيَـرَاهُ كُلُّ بَشَرٍ جَمِيعًاً” (إش ٤٠ : ٥)
“وَنَحْنُ جَمِيعًا نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا في مِرْآةٍ، نَتَغَيَّرُ إِلَى تِلْكَ الصُّورَةِ عَيْنِهَا، مِنْ مَجْدٍ إِلَى مَجْدٍ، كَمَا مِنَ الرَّبِّ الرُّوحِ” (٢كو ٣: ١٨)
[السماء والأرض مملوءتان من مجدك الأقـدس] (من صلوات وألحان القـدّاس الإلهي.)
[عمانوئيل إلهنا في وسطنا الآن بمجد أبيه والـروح القـدس] (ختام الثيئوطوكيات الآدام).
[ليكن للنفس مذبح في وسط القلب عليه تقـدم ذبائح الصلاة ومحروقات الرحمة فتذبح فوقه ثيران الكبرياء بسكين الـوداعة وتُقبَل عليه كباش الغضب وماعز التنعم والشهوات لتعـرف النفس كيف تقيم داخلها في قـدس أقـداس قلبها منارة تضئ بغير انقطاع] (العلامة أوريجانوس)[1]
شــواهــد القــراءات
(إش ٢: ١١-١٩)، (زك ٨ : ١٨)-الخ)، (مز١٣: ١-٢)، (لو ٨: ٢٢-٢٥)، (١كو ٤: ١٦) – الخ و(ص ٥: ١-٩)، (١يو ١: ٨) و(ص٢:١-١١)، (أع ٨: ٣-١٣)، (مز١١٧: ١٣-١٨)، (مر٤: ٢١-٢٩).
شــرح القـــراءات
تتكلّم قـراءات الْيَـوْمَ عن إستعلان مجـد الله وقوته.
تبدأ نبوءة إشعياء بالحديث عن مجـد قـوة الله فـوق كل تشامخ البشر وتعاليهم وفـوق كل العبادات الباطلة والكاذبة. “ويتعالى الـرب وحده في ذلك اليوم، وسيوضع تشامخ البشر ويحط ترافع الانسان ويتعالى الـرب وحـده في ذلك اليـوم وتزول الأصنام بتمامها ويدخلـون في المغائر وشقـوق الصخـور وحفائرالتـراب من أمام هيبة الـرب ومن مجـد قـوته”.
وتُوضّح نبوءة زكريا إشتياق الشعوب لوجه الله وجاذبية حضوره للبشر من كل مكان.
“ستأتي شعـوب كثيرة أيضاً وسكّان مدن كثيرة تجتمع، قائلين لنسير ونطلب وجه الـرب الضابط الكل وأنا أيضاً أسير فتأتي شعوب كثيرة وأمم أقوياء ليطلبوا وجه رب الجنود في أورشليم واستعطاف وجه الـرب”
كما يعلن مزمـور باكــر خضوع كل الأرض الخليقة والبشر لله.
“للرب الأرض وكمالها المسكونة وجميع الساكنين فيها هـو على البحار أسسها وعلى الانهار هيأهـا”
وفي إنجيل باكر جاءت معجزة إنتهار الريح وهـدوء البحر لتؤكد على سلطان الـرب على الخليقة وقـوّته الإلهية.
“فقـام وانتهـر الريح وتموج الماء فسكـن وصار هــدوء عظيم ثـم قـال لهم أين إيمانكم فخافـوا وتعجبـوا قائلين بعضهم لبعض تــري من هــو هــذا فإنه يأمر الــريـاح والمياه فتطيعه”
ويحذّر البولس من تشامخ البشر الذي يحسب لا شئ أمام قـوة الله.
“ولكني سآتيكم سريعـاً إن شاء الـرب فسأعـرف لا كلام المتشامخيـن بل قـوتهم لأن ملكوت الله ليس هو بكلام بل بقـوة”
كما يعلن مجـد وقـوة سلطان الكنيسة المجتمعة بإسمه، والواحدة فيه للتنقية وفرز الخمير العتيق الفاسد من العجين الجديد وفطير الطهارة والبر.
“باسم ربنا يسوع المسيح إذ أنتم وروحي معاً مجتمعـون وقـوة ربنا يسوع المسيح، يسلم مثل هذا إلى الشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الـروح في يوم ربنا يسوع المسيح، إذا نقـوا منكم الخمير العتيق لتكونوا عجيناً جديداً كما أنكم فطير”
كما يظهر الكاثوليكون عِظم مجـد الآب في فاعلية خلاص وشفاعة إبنه لأجل العالـم كلّه.
“يا أولادي أكتب إليكم بهذا لكي لا تخطئوا، وان أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهـو كفارة عن خطايانا وليس عن خطايانا فقط بل عن خطايا العالم كله أيضاً”
كما يعلـن مجـد سلـوك أولاد الله في العهـد الجــديــد.
“وأيضاً وصية جـديـدة أكتب إليكم ما هـو حـق فيه وفيكم أن الظلمة قـد مضت والنـور الحقيقي الآن يضئ”.
أما الإبركسيس فيعلن مجـد الله في الكنيسة المقـدسـة.
“لأن كثيرين من الـذيـن كانت بهم الأرواح النجسة كانت تخرج منهم صارخة بصوت عظيم وكثيرون مُخلَّعـون وعُـرج كان يشفيهم وصار فـرح عظيـم في تلك المدينة”.
ورغــم إنخـداع البعض بقوة السحر والشيطان لكن أمام قـوة ومجـد حضور الله في كارزيه خضع الكل حتى الساحر نفسه وقبلــوا خلاص الإيمان عـن إنبهار السحر الكاذب.
“وكان ساحراً فحول أمة السامرة كلهّا مدّعياً أنه شئ عظيم فأصغوا إليه جميعهم من صغيرهم إلى كبيرهم قائلين هـذه هى قـوة الله التي تدعى عظيمة فلما آمنوا إذ بشرهم فيلبس بملكوت الله واسم يسوع المسيح اعتمدوا رجالاً ونساءً وسيمون نفسه أيضاً آمن واعتمد وكان ملازماً لفيلبس وإذ رأي الآيات والقـوات العظيمة الصائرة منه تعجب”.
وتعلن النفس في مزمور القـدّاس مجدها وفرحها وقـوّتها بالـرب وخلاصه. “قـوتي وتسبحتى هـو الـرب وقـد صار لي خلاصاً”.
ويختـم إنجيـل القـدّاس بضرورة وأهمّية إعلان مجـد الله في حياتنا وخطورة أن يختفي تحت المكيال (البيع والشراء ومشغوليات العالم) أو السريـر (الكسل ومحبّة الـراحة)
“ثم قال لهم هل يوقـد سراج ليوضع تحت المكيال أو تحت السريـر أليس ليوضع على المنارة”.
كما أن مجـد الله وفعله في القلـوب لا يأتي بمراقبة بل هو فعل سرّي داخل كل نفس إلى أن تنمو وتثمر في حياتها.
“هكذا ملكوت الله كمثل إنسان يلقي بذاره على الأرض وينام ويقـوم ليلاً ونهاراً والـزرع ينمو ويطول وهـو لايعلم لأن الأرض من ذاتها تعطي ثمراً أولاً عشباً ثم سنبلاً ثم يمتليء ما في السنبل”.
ملخّص القــراءات
نبـوءة إشعياء | مجد الله يرتفع فوق كل تعالي البشر وتشامخهم |
نبـوءة زكريا | جاذبية مجد الله في الشعوب الغريبة |
مزمور وإنجيل باكر | خضوع كل الخليقة له وسلطانه عليها |
البــولس | تشامخ البشر يحسب لا شئ أمام قـوة الله |
البــولس | سلطان الكنيسة الواحدة في تنقية الفطير من الخميـر |
الكاثوليكـون | مجـد الآب في شفاعة إبنه الوحيد لخلاص العالـم |
الإبركسيس | مجد الآب في الكنيسة في شفاء الموجوعين والمتألّمين |
الإبركسيس | قوة ومجد الإيمان المسيحي أمام سحر العالم وزيف قوته |
مزمور القـدّاس | الـرب هو مجد النفس وتسبيحها وخلاصها وبهجتها |
إنجيل القـدّاس | خطورة طمس مجد الله بسبب الإنشغـال والكسـل |
إنجيل القـدّاس | مجد الله في النفوس فعل سرّي تظهر مع الوقت ثماره |
الكنيسة في قــراءات اليــوم
سفر إشعياء | يــوم الـدينـونــة |
البولس | سلطان الكنيسة ( الِحّل والـربط ) |
الكاثوليكون | أهميّة حفظ الوصيّة وليس مجرد الإيمان الشكلي |
الإبركسيس | الإيمـان والمعموديــة |
عظات آبائية :
ليس احد يوقد سراجًا للقديس كيرلس الاسكندري
ماذا كان القصد بالنسبة لهذه الكلمات ؟ إنه يقاوم اليهود باعتراض مأخوذه من غبائهم وجهلهم ، لأنهم قالوا إنه يعمل معجزات لا ليؤمن به الناس أكثر ، ولكن لكي يصير له اتباع كثيرون ، ويحصل علي ثناء وتصفيق أولئك الذين ينظرون أعماله الخارقة. والرب يدحض هذا الافتراض باستخدام السراج كمثل ، فهو يقول ان السراج يكون دائمًا مرفوعاًوموضوعاً علي المناره ، فيكون نافعاً لمن يبصرونه . ولنتأمل الان النتيجه التي يشير إليها هذا الكلام. فقبل مجيءمخلصنا ،كان الشيطان — أب الظلمه — قد أظلم العالم ،وجعل كل الاشياء سوداء بقتام عقلي ، ولكن وبينما العالم فيهذه الحاله ، فإن الآب أعطي ابنه ليكون نوراً للعالم ، ليسطع علينا بنور الهي ، ولينقذنا من الظلمه الشيطانيه . ولكن أيها اليهودي ، ان كنت تلوم السراج لأنه غير مخفي ، ولكن علي العكس هو موضوع علي مناره ، وهو يعطي نوره لمن ينظرون ، عندئذ يمكن ان تلوم المسيح لأنه لا يريد أن يكون مختفيًا ، بل علي العكس أن يراه الجميع ، منيرًا أولئك الذي نفي الظلمه ، وليفيض عليهم بنور معرفه الله الحقيقيه . فهو يصنع معجزاته لا لكي يعجب به الناس ، ولا يسعي بواسطتها إلي الشهره ، بل بالحري لكي نؤمن أنه بينما هو الله بالطبيعه ، إلا أنه صار إنساًنا لأجلنا ، دون ان يكف عن أن يكون كما كان ( اي الهاً ). ومن فوق الكنيسة المقدسه كمناره تشع بالتعاليم التي ينادي بها هو ، فإنه يعطي نورًا لأذهان الجميع بأن يملأهم بالمعرفه الالهيه .[2]
السراج هو الايمان للقديس امبروسيوس
ليسلِّط رئيس الكهنة النور على عظائم اللاهوت الملوكي، فلا يخنقها ظل الناموس. قديمًا كان رئيس الكهنة يوقد الأسرجة حسب الطقوس اليهوديَّة بانتظام صباحًا ومساءً، لكنها قد انطفأت، لأنها وُضعت تحت مكيال الناموس، واختفت أورشليم الأرضيَّة التي قتلت الأنبياء (مت٢٣: ٣٧)، أما أورشليم السماويَّة فقبلت إيماننا ووضعته على أعلى قمم الجبال أي على المسيح، لذلك أقول أنه لا يمكن للكنيسة أن تخفيها الظلمة ولا ظلال هذا العالم إنما تشع ببهاء الشمس الأبديَّة وتضيء علينا بأشعَّة نعمة الروح[3]
عظات آباء وخدام معاصرون :
يوم الخميس من الأسبوع الأول لقداسة البابا تواضروس الثاني
- قصة
يجب أن تلاحظ هذه العملية التدريجية في النمو، هذا الصوم صوم للتوبة ولا بد أن تضع أمامـك هـدفـاً هـو أن تكـون سـراجاً لأسرتك ولخدمتك ولكنيستك ولمكان عملك ومكان دراستك، اطلب من ربنا أن يجعل حياتك دائماً سراجاً ، كالذي يوضع علـى المنـارة ، وإن كـان هـذا السـراج فـي حاجـة إلى بعـض الإصلاحات أو التعديلات ، فالصوم فرصة أنك تراجع نفسك وتجدد حياتك مثلما تصلي كل يوم ونقول :”قلباً نقياً اخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدده في أحشائي “.[4]
المراجع
[1]– مجـلة مـرقس – ص 25- عـدد مـايـو 1986.
[2] – تفسير انجيل لوقا للقديس كيرلس الاسكندري – ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد