قراءات يوم الإثنين من الأسبوع الرابع من الصوم الكبير،

 

 

“الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ” (٢تي ١: ٩)

[الذي من قبل صلاحك دعوت بولس هذا الذي كان طاردًا زمانًا إناءًا مختارًا] (سر البولس).

[ليته لا يهمل أحد في مقابلة الملك لئلا يُطرد من حجال العريس. ليته لا يوجد بيننا من يستقبله بكآبة، لئلا يُدان كمواطنٍ شريـر يـرفض استقباله كملكٍ عليه. لنأتِ إليه معًا ببهجة، ولنستقبله بفرح، ونتمسك بوليمتنا بكل أمانة] (الأب ميثـوديـوس)[1]

 

 

شواهد القراءات

(تك٢٧: ١- ٤١)، (أش١٤: ٢٤)، (أي ص ١٧،١٦)، (مز٥٤: ١) (مز ٢٦: ١١)، (لو١٤: ٧- ١٥)، (رو٨: ١٢- ٢٦)، (يع٥: ١٦) (أع ١١: ٢- ١٨)، (مز٥٤: ١٥-١٤)، (لو١٦: ١- ٩)

 

 

شــرح القـــراءات

تتكلّم قـراءات هـذا اليـوم عن المدعـوّيـن وعـن دعـوة الله الآب لكل البشر في كل مكان وزمان لأجل خلاصهم كما تبرز القـراءات طبيعة المدعـوّيـن وإتّساع قلب الآب للكل.

تبدأ القـراءات بسفر التكـويـن الذي نرى فيه إحدي صفات المدعـوّيـن الـذيـن يبحثـون عن البركة ويقـدّرون قيمتها لأجل هـذه رُفِضٓت دعـوة عيسو وقُبِلٓت دعـوة يعقـوب لأن الأول استهان بها والثاني صارع لأجلهـا.

“ها هى رائحة ثياب ابني كـرائحة حقل قـد باركه الـرب يعطيك الله من ندى السماء ومن دسم الأرض وكثرة حنطة وخمر”.

ويعلن سفر إشعياء عن طبيعة المدعـوّيـن.

“وسيرعى أبكار البائسين والمساكين من الناس يستريحـون بسلام إن الـرب قـد أسس صهيون وبها يعتصم بائسو شعبه”.

ويستنجـد أيـوب بالله الساكن في الأعالي الذي ينتظر منه وحده قضاؤه.

“والآن لي شاهـداً في السماء ومحاكماً عني في الأعالي تبلغ إلى الله طلبتي ودمع عيناي تفيض أمامه وتكون محاكمة الانسان أمام الله ولابن بشر أمام خليله”.

ويظهـر بـرّ الآب في مزمور باكر في إنصاته لصلواتنا وإستجابته لتضرعـاتنا.

“انصت يا الله لصلاتي ولا تغفل عن تضرعي ارحمني واستجب لي فإن لك قال قلبي”.

ويعلـن إنجيل باكر المدعـوّيـن الحقيقيين من يختاروا بإرادتهم الحـرّة ومسرّتهم المُتّكأ الأخير.

“ولكن إذا دُعيت فامضِ واتكئ في المكان الأخير حتى إذا جاء الذي دعاك يقـول لك … ارتفع إلى فـوق فحينئذ يكون لك مجـد أمام كل المتّكئين معك”.

كما أن المدعـوّيـن أيضاً هم من يخدمون أصحاب المُتّكأ الأخير والضعفاء والمُهْمٓلين.

“لكن إذا صنعت وليمة فادعُ المساكين والضعفاء والعـرج والعميان فتصير مغبوطاً إذ ليس لهم ما يكافئونك به لأنك ستعطي المكافأة عنهم في قيامة الأبــرار”.

ويـوضّح البـولس أن الـدعـوة للتبنّي للآب هى شهادة الـروح فينا وأنين النفس والمدعـوّيـن الحقيقـيـيـن هم من ينقـادون بـروح الله.

“فإن الذين ينقادون بـروح الله فأولئك هم أبناء الله إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب والـروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله بل نحن الذين لنا باكورة الـروح نحن أيضاً نئن في أنفسنا منتظرين التبني فداء أجسادنا”.

ويتكلّم الكاثوليكـون عـن المدعـوّيــن للرعايــة والخدمـة.

“اعترفــوا بعضـكم لبعـض بخطاياكم وصلوا بعضكم لأجل بعض لكيما تعافـوا فإنه توجد قـوة عظيمة فعالة في طلبة البار”.

وعـن المدعـوّيـن للتوبة والإفتقـاد الإلهي. “يا إخوتي إن ضلّ أحدكم عن طريق الحق فـرده أحد فليعلم أن من يرد خاطئاً عن ضلال طريقه فإنه يخلص نفسه من الموت ويستر كثرة من الخطايا”.

وتتّسع الحظيرة في الإبركسيس لتشمل كل الشعوب والأمم.

“فإن كان الله قـد أعطى مساواة الموهبة للذين آمنوا بالـرب يسوع المسيح مثلنا فمن أنا حتى أمنع الله، فلما سمعوا ذلك سكتوا وكانوا يمجـدون الله قائلين إذاً قـد أعطي الله الأمم أيضاً التوبة للحياة”.

وتعلـن النفس في مزمور القـدّاس يقينها من محبة الآب وبـرّه الإلهي في استجابة الصلاة.

“أنا صرخت إلى الله والـرب استجاب لي كلامي أقـوله فيسمع صوتي”.

ويختم إنجيـل القـدّاس بمثل وكيل الظلم الذي يظهر فيه الذين نالوا الرحمة وتخفيف الديـون عنهم حتى لو كانت نتيجة حكمة وكيل الظلم ومصلحته الخاصّة لكن إستحق هـذا التصرف المدح من صاحب الوكالة، فـرحمة الآخرين وتخفيف أوجاعهم يمكن أن يجعل المديونيين أصدقاء أمام الله لمن رحمهم ويكونوا هم أيضا واسطة خلاصه وعلّة رحمته.

“فدعى كل واحد من مديوني سيده وقال للأول كم عليك لسيدي فقال مئة بث زيت، فقال له خذ صكك واجلس عاجلاً واكتب بخمسين، فمدح السيد وكيل الظلم لأنه صنع بحكمة لأن أبناء هـذا الدهـر أحكم من أبناء النور في جيلهم وأنا أيضاً أقـول لكم اجعلـوا لكم أصدقاء من مال الظلم حتى إذا أدرككم الإضمحلال يقبلونكم في المظال الأبديــة”.

 

 

ملخّص القــراءات

سفر التكويـن من يصارع من أجل البركة ومن يستهين بها.
سفر إشعيــاء البائسين والمساكين هم المدعـوّين للراحة.
سفر أيــــوب الساكن في الأعالي هـو نجدة وملجأ المدعـوّيـن.
مزمور بـاكر والقـــــــدّاس يقين النفس من بـرّ الآب في إستجابته صلواتها وتضرعاتهــا.
البـولــــــــس الـدعـوة للتبنّي يشهد لها الـروح وتئن من أجلها النفس البشرية.
الكاثـوليكـون المدعوّين للرعاية ينشغلون بالمدعويـن للإفتقاد الإلهي من ضلال العالم.
الإبـركسيـس الحظيرة تتّسع لكل الشعوب والأمم.
إنجيل القدّاس أعمال الرحمة حتى لو كانت لأجل الناس يمكن أن تجعلهم علّة رحمتنا وإفتقاد الله لنا.

 

 

الكنيسة في قــراءات اليـوم

إنجيل باكـر والقــــدّاس المكافـأة للأبـرار والمظال الأبـديّــة
البـولـــــس التبنّي للآب
الكاثوليكون سر التـوبـة والإعتـراف
الإبركسيس قبـول الأمــم

 

 

 

عظات آبائية :

 

شرح مثل وكيل الظلم – القديس كيرلس الإسكندري

” المعلمون الاكثر خبرة و امتيازا عندما يرغبون في تثبيت اي تعليم هام في عمق اذهان تلاميذهم فانهم لا يغفلون اي نوع من التفكير يستطيع ان يلقي ضوءا علي الغرض الرئيسي لافكارهم

فمرة ينسجون الحجج معا ومرة اخري يستخدمون امثلة مناسبة و هكذا يجمعون من كل حدب وصوب اي شئ يخدم غرضهم

وهذا ما نجد ان المسيح ايضا يفعله في اماكن كثيرة وهو الذي يعطينا كل حكمة

لانه كثيرا ما يكرر نفس الحجج بعينها حول الموضوع ايا كان لكي ما يرشد ذهن سامعيه الي الفهم لكلماته بدقة

لذا اتوسل اليكم ان تنظروا ثانية الي مغزي الدروس الموضوعة امامنا لانه هكذا ستجدون ان كلماتنا صحيحة وهو يقول ” الامين في القليل ايضا في الكثير والظالم في القليل ايضا في الكثير”

لكن قبل ان استرسل اعتقد انه من المفيد ان نتامل في ما هي مناسبة مثل هذا الحديث ومن اي اصل نشا لان بهذا سيصير معني الكلام واضحا جدا

كان المسيح انذاك يعلم الاغنياء ان يشعروا ببهجة خاصة في اظهار الشفقة والعطف نحو الفقراء وفي مد يد العون لكل من هم في احتياج وهكذا يكنزون لهم كنوزا في السماء ويتفكرون مقدما في الغني المدخر لهم لانه قال : “اصنعوا لكم اصدقاء بمال الظلم حتي اذا فنيتم يقبلونكم في المظال الابدية” (لو ١٦ : ٩)

لكن اذ هو اله بالطبيعة فهو يعرف جيدا كسل الذهن البشري من جهة كل عمل جاد وصالح ولم يغب عن معرفته ان البشر في طمعهم في المال والثروة يسلمون ذهنهم لحب الربح واذ تتسلط عليهم هذه الشهوة فانهم يصيرون قساة القلوب ولا يبدون مشاركة وجدانية في الالم ولا يظهرون اي شفقة ايا كانت للفقراء رغم انهم قد كدسوا ثروات كثيرة في خزائنهم .

لذلك فاولئك الذين يتفكرون هكذا ليس لهم نصيب في هبات الله الروحية وهذا ما يظهره الرب بامثلة واضحة جدا اذ يقول :   ” الامين في القليل امين ايضا في الكثير والظالم في القليل ظالم ايضا في الكثير”

يا رب اشرح لنا المعني وافتح عين قلبنا . لذلك انصتوا اليه بينما هو يشرح بوضوح ودقة ما قاله : ” ان لم تكونوا امناء في مال الظلم فمن ياتمنكم علي الحق ؟ “(لو ١٦ : ١١)

فالقليل اذا هو مال الظلم اي الثروة الدنيوية التي جمعت في الغالب بالابتزاز والطمع. اما من يعرفون كيف يعيشون بالتقوي ويعطشون الي الرجاء المكنوز لهم ويسحبون ذهنهم من الارضيات ويفكرون بالاحري في الامور التي فوق فانهم يزدرون تماما بالغني الارضي لانه لا يمنح شيئا سوي الملذات والفجور والشهوات الجسدانية الوضيعة و الابهة التي لا تنفع بل هي ابهة مؤقتة وباطلة وهكذا يعلمنا يوحنا الرسول قائلا : ” لان كل ما في العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ” (١يو٢ : ١٦)

لكن مثل هذه الاشياء هي لا شئ بالمرة لمن يحيون حياة رزينة وتقية لانها اشياء تافهة ومؤقتة ومملؤة بالنجاسة وتؤدي الي النار و الدينونة ونادرا ما تستمر الي نهاية حياة الجسد وحتي ان استمرت فانها تزول علي غير توقع عندما يحل اي خطر باولئك الذين يمتلكونها

لذلك يوبخ يعقوب الرسول الاغنياء بقوله : “هلم الان ايها الاغنياء ابكوا مولولين علي شقاوتكم القادمة غناكم قد تهرا وثيابكم قد اكلها العث ذهبكم وفضتكم قد صدئا وصداهما يكون شهادة عليكم ”

(يع ٥ : ١ -٣)

فكيف صدا الذهب والفضة ؟ بكونهما مخزونين بكميات هائلة وهذا بعينة هو شهادة ضدهم امام منبر الدينونة الالهي لكونهم  غير رحومين لانهم جمعوا في كنوزهم كميات كبيرة لا يحتاجون اليها ولم يعملوا اي اعتبار لمن كانوا في احتياج مع انه كان في استطاعتهم – لو هم رغبوا – ان يصنعوا خيرا بسهولة لكثيرين ولكنهم لم يكونوا امناء في القليل .

لكن باي طريقة يمكن للناس ان يصيروا امناء ؟

هذا ما علمنا اياه المخلص نفسه بعد ذلك ………

طلب احد الفريسيين منه ان ياكل خبزا عنده في يوم السبت وقبل المسيح دعوته ولما مضي الي هناك جلس لياكل وكان كثيرون اخرون ايضا مدعوين معه ولم يكن احد منهم تظهر عليه سمات الفقر بل علي العكس كانوا كلهم من الوجهاء وعلية القوم  ومحبين للمجالس الاولي ومتعطشين للمجد الباطل كما لو كانوا متسربلين بكبرياء الغني . فماذا قال السيد المسيح لمن دعاه : “إِذَا صَنَعْتَ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً فَلاَ تَدْعُ أَصْدِقَاءَكَ وَلاَ إِخْوَتَكَ وَلاَ أَقْرِبَاءَكَ وَلاَ الْجِيرَانَ الأَغْنِيَاءَ، لِئَلاَّ يَدْعُوكَ هُمْ أَيْضًا، فَتَكُونَ لَكَ مُكَافَاةٌ.
بَلْ إِذَا صَنَعْتَ ضِيَافَةً فَادْعُ: الْمَسَاكِينَ، الْجُدْعَ، الْعُرْجَ، الْعُمْيَ،
” (لو ١٤ : ١٢ – ١٤) فَيَكُونَ لَكَ الطُّوبَى إِذْ لَيْسَ لَهُمْ حَتَّى يُكَافُوكَ، لأَنَّكَ تُكَافَى فِي قِيَامَةِ الأَبْرَار

هذا هو اذا ما اعتقد انه معني ان يكون الانسان امينا في القليل اي ان تكون له شفقة علي من هم في احتياج ويوزع مساعدة مما لديه لمن هم في ضيق شديد

لكن نحن بازدرائنا بالطريق المجيد والذي له مجازاة اكيدة فاننا نختار طريقا معيبا وبلا مكافاة وذلك بان نعامل باحتقار من هم في فقر مدقع بل ونرفض احيانا ان نسمح لكلماتهم ان تدخل اذاننا بينما نحن من ناحية اخري نقيم وليمة مكلفة وببذخ شديد اما لاصدقاء يعيشون في رغد او لمن اعتادوا ان يمدحوا او يداهنوا جاعلين كرمنا فرصه لاشباع حبنا للمديح

لكن هذا لم يكن هو قصد الله من سماحه لنا ان نمتلك ثروة

لذلك فان كنا غير امناء في القليل بعدم تكييف انفسنا وفقا لمشيئة الله وباعطاء افضل قسم من انفسنا لملذاتنا وافتخاراتنا  فكيف يمكننا ان ننال منه ما هو حق ؟ ( او ما هو حقيقي ) وماذا يكون هذا الحق ؟ هو الانعام الفائض لتلك العطايا الالهية التي تزين نفس الانسان وتجعل فيها جمالا شبيها بالجمال الالهي .

هذا هو الغني الروحي وليس الغني الذي يسمن الجسد الممسك بالموت بل هو بالاحري ذلك الغني الذي يخلص النفس  ويجعلها جديرة بان يقتدي بها ومكرمة امام الله والذي يكسبها مدحا وامجاد حقيقية .

لذلك فمن واجبنا ان نكون امناء لله و انقياء القلب رحومين وشفوقين ابرارا وقديسين لان هذه الامور تطبع فينا ملامح صورة الله وتكملنا كورثة للحياة الابدية وهذا اذن هو ” الحق ”

وكون ان هذا هو مغزي ومقصد كلمات المخلص فهذا هو ما يمكن لاي شخص ان يعرفه بسهولة مما يلي لانه يقول ” ان لم  تكونوا امناء فيما هو للغير  فمن يعطيكم ما هو لكم ؟ “.

وايضا نحن نقول ان ” ما هو للغير ” هو الغني الذي نمتلكه لاننا لم نولد اغنياء بل علي العكس فقد ولدنا عراة ويمكننا ان نؤكد  هذا عن حق بكلمات الكتاب : “لاننا لم ندخل العالم بشئ وواضح اننا لا نقدر ان نخرج منه بشئ “(١تي ٦ : ٧) لان ايوب الصبور قد قال ايضا شيئا من هذا القبيل :” عريانا خرجت من بطن امي وعريانا اعود الي هناك “(اي ١ : ٢١) .

لذلك فلا يملك اي انسان بمقتضي الطبيعة ان يكون غنيا وان يحيا في غني وفير بل ان الغني هو شئ مضاف عليه من خارجه فهو مجرد امكانية ( اي يمكن ان يوجد او لا يوجد ) فلو باد الغني وضاع فهذا امر لا يخل بخصائص الطبيعة البشرية فانه ليس  بسبب الغني نكون كائنات عاقلة وماهرين في كل عمل صالح بل ان هذه هي خاصية للطبيعة البشرية ان نتمكن من عمل هذه الاشياء

لذاك كما قلت فان ” ما هو للغير ” لا يدخل ضمن خصائص طبيعتنا بل علي العكس فمن الواضح ان الغني انما هو مضاف الينا  من الخارج .

ولكن ماهو لنا وخاص بالطبيعة البشرية هو ان نكون مؤهلين لكل عمل صالح كما يكتب الطوباوي  بولس : ” قد خلقنا لاعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكي نسلك فيها ” (اف ٢ : ١٠)

لذلك فعندما يكون البعض غير امناء ” فيما هو للغير ” اي في تلك الاشياء التي هي مضافة اليهم من الخارج فكيف سينالون ما هو لهم ؟ كيف سيصيرون شركاء الخيرات التي يعطيها الله والتي تزين نفس الانسان وتطبع فيه جمالا الهيا يتشكل فيها روحيا بواسطة البر والقداسة وبتلك الاعمال المستقيمة التي تعمل في مخافة الله .

لذلك ليت من يمتلكون منا ثروة ارضية يفتحون قلوبهم لاولئك الذين هم في احتياج وعوز ولنظهر انفسنا امناء ومطيعين لوصية الله وتابعين لمشيئة ربنا في تلك الاشياء التي هي من خارج وليست هي لنا لكي ما ننال ما هو لنا الذي هو ذلك الجمال  المقدس والعجيب الذي يشكله الله في نفوس الناس اذ يصوغهم علي مثاله بحسب ما كنا عليه في الاصل .

اما انه شئ مستحيل لشخص واحد بعينه ان يقسم ذاته بين متناقضات ويمكنه مع ذلك ان يحيا حياة بلا لوم فالرب يوضح هذا  بقوله ” لا يقدر خادم ان يخدم سيدين لانه اما ان يبغض الواحد ويحب الاخر او يكرم الواحد ويحتقر الاخر ” (لو ١٦: ١٣)

وهذا في الواقع مثال واضح وصريح ومناسب جدا لشرح الموضوع الذي امامنا لان الذي يترتب علي هذا هو خلاصة المناقشة  كلها ” لانكم لا تقدرون ان تخدموا الله والمال ” وهو يقول : لانه لو كان لانسان ان يكون خادما لسيدين لهما مشيئتان مختلفتان ومتضادتان وفكر كل واحد منهما غير قابل للتصالح مع الاخر فكيف يمكنه ان يرضيهما كليهما ؟ لانه بسبب كونه منقسما في سعيه ان يعمل ما يوافق عليه كل منهما يكون هو في نفسه تعارض مع مشيئتيهما معا وهكذا فان نفس الشخص يلزمه حتما ان يظهر انه شرير وصالح ولذلك يقول الرب انه لو قرر انه ان يكون امينا للواحد فانه سيبغض الاخر وهكذا سيعتبره طبعا كلا شئ لذلك يستحيل ان نخدم الله والمال .

فمال الظلم الذي يقصد به الغني هو شئ يسلم للشهوانية وهو معرض لكل لوم ويولد الافتخار ومحبة اللذه ويجعل الناس  غلاظ الرقبة واصدقاء للاشرار ومتكبرين نعم اية رذيلة دنيئة لا يسببها في اولئك الذين يمتلكونه ؟

لكن مسرة الله الصالحة تجعل الناس لطفاء هادئيين متواضعين في افكارهم طويلي الاناة رحومين ولهم صبر نموذجي غير محبين للربح غير راغبين في الغني وقانعين بالقوت والكسوة فقط ويهربون علي الاخص من محبة المال الذي هو اصل لكل الشرور

(١تي ٦ : ١٠) ويباشرون بفرح الاتعاب لأجل التقوي ويهربون من محبة اللذة ويتحاشون باجتهاد كل شعور بالتعب والكلل في الاعمال الصالحة ودائما يقدرون السعي الي الحياة باستقامة وممارسة كل اعتدال باعتبار ان هذه الاشياء هي التي تربح لهم المكافاة . هذا هو ” ما هو لنا ” وما “هو الحق ”  هذا هو ما سيصبغه الله علي من يحبون الفقر ويعرفون كيف يوزعون  – علي من هم في احتياج – ” ما هو للغير ” ويأتي من الخارج اي غناهم الذي يعرف ايضا باسم المال .

فليته يكون بعيدا عن ذهن كل واحد منا ان نكون عبيدا له ( المال ) لكي بهذا يمكننا بحرية وبدون عائق ان نحني عنق ذهننا  للمسيح مخلصنا كلنا الذي به ومعه لله الاب يحق التسبيح والسلطان مع الروح القدس الي ابد الابدين امين[2] 

 

 

المظال الأبدية للقديس يوحنا ذهبي الفم :

لأنه من حيث أن الرسول بولس ، لم ينل بعد إكليله ، ولا أي أحد آخر من أولئك الذين أرضوا الله بأعمالهم الصالحة منذ البداية ، ولن يأخذه أحد ، حتى يصل جميع العتيدين أن ينالوا هذا الإكليل ، اسمع ماذا قال الرسول بولس نفسه ، يقول : ” قد جاهدت الجهاد الحسن ، أكملت السعي   حفظت الإيمان ، وأخيراً قد وضع لي إكليل البر ، الذى يهبه لي في ذلك اليوم ، الرب الديان العادل ، وليس لي فقط ، بل لجميع الذين يحبون ظهوره أيضاً ” . وفى موضع آخر أيضاً ، يثبت بأن خيرات الدهر الآتي ستعطى لكل من أرضى الله بشكل مشترك ، إذ يقول : ” إذ هو عادل عند الله أن الذين يضايقونكم يجازيهم ضيقاً ، وإياكم الذين تتضايقون راحة معنا ، عند استعلان الرب يسوع من السماء مع ملائكة قوته ” . وأيضاً : ” إننا نحن الأحياء الباقين إلى مجيء الرب ، لا نسبق الراقدين ” . هكذا يعلن الرسول بولس من خلال كل هذا ، كيف أنه ينبغي للجميع معاً أن يتمتعوا بالكرامة السمائية. هذا ومن ناحية آخري ، يفرح أولئك الذين سبقوا ورحلوا إلى الحياة الأبدية ، طالما أنهم سيتمتعوا بهذه الخيرات التي لا يعبر عنها مع أخصائهم . لأنه عندما يشارك الأب الجسدي في مائدة عامرة بالأطعمة الفاخرة ، سيكون أكثر فرحاً ، عندما يشاركونه أبناؤه التمتع بهذه المائدة . هكذا الرسول بولس ، وكل الذين تمثلوا به ، سيشعرون بالفرح أكثر ، عندما يتمتعون بخيرات الدهر الآتي مع أعضاء الجسد الواحد. لأن الآباء لا يظهرون حنو تجاه أبناءهم ، بقدر الاهتمام الذى يبدونه الذين رحلوا لمن حققوا نفس الإنجازات معهم . إذاً لكى نصير نحن أيضاً بين صفوف الذين سيتمجدون لنحرص على أن نصل إلى مستوى أولئك القديسين . وكيف نصل إليهم ؟ ومن سيرينا الطريق الذى سيقود إلى هناك (الحياة الأبدية  ) ؟ الرب نفسه ، الذى يعلمنا ليس فقط ، كيف سنحلق بهم ، بل أيضاً كيف سنصبح مرافقين لهم في سكناهم ” اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلمة ، حتى إذا فنيتم يقبلونكم في المظال الأبدية ” . وحسناً قال المظال الأبدية لأنه حتى وإن كان لديك بيتاً فاخراً وباهراً ، إلا أنه لا يزول مع مرور الزمن . بل ويمكن حتى قبل أن يزول بفعل الزمن ، أن ينهى الموت حياتك ، ويخرجك خارج هذا البيت المشرق . ومن ناحية أخرى في مرات عديدة ، حتى قبل أن يداهمك الموت ، فإن ظروف صعب غفى الحياة ، مثل حملات النميمة والوشاية ، والإتهام بالباطل ، يلقى بك خارج هذا البيت الفاخر . أما في الحياة الأبدية فلا شيء من كل هذا ، يمكن أن يخيف المرء ، لا فساد الطبيعة ، ولا موت ولا الكوارث ، ولا شرور النمامين ، ولا أي شيء آخر مشابه لذلك ، لأن السكن ثابت ، والسكنى خالدة. لذلك دعاها ” بالمظال الأبدية ” . يقول : ” اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم ” . وانتبهوا إلى المحبة الفائقة والرافة التي للرب نحو البشر ، لأنه لم يضع هذه الإضافة ( مال الظلم ) ، هكذا مصادفة ، لأن أغنياء كثيرون قد جمعوا أموالهم بالسرقة ، والطمع . يقول : لقد صنعت بذلك شراً ، وما كان ينبغي أن تلجأ إلى هذه الطريقة ، لكن بعدما تكون قد جمعتها توقف عن السرقة ، والطمع ، واستخدم مالك كما ينبغي. أنا لا أقول لك أن تسرق ، حتى تصنع إحساناً للغير ، بل لتترك الطمع ، وتدير ثروتك بما يتفق مع عمل الخير ، والبر بالفقراء . لكن حتى وإن وضع الغنى أموالاً لا حصر لها في أيدى فارغة أي في أيدى المحتاجين ، بينما هو لا يزال يسرق ، فإن الله يعتبر مثل هذا الإنسان ، شبيه بمن يمارس الإجرام . لذلك يجب أولاً أن يترك الطمع ، وبعد ذلك يحسن إلى الفقراء . لأن قوة الإحسان وفعل الخير ، هي عظيمة جداً ، وقد حدثتكم عنها في اجتماعنا السابق ، والآن سأكلمكم عنها مرة أخرى . لكن لا يجب أن يتصور أحد ، أن هذه التذكرة المستمرة تشكل إتهاماً للسامعين . إذ أن المشاهدين في المنافسات الرياضية ، يقومون بتشجيع العدائين الذين يرونهم يقتربون أكثر من الحصول على الجائزة ، ولديهم رجاء كبير بالفوز النهائي . ولأنني أراكم دوماً تريدون أن تستمعوا لكلام عن عمل الخير والإحسان برغبة متميزة ، لذلك فأنا بإستمرار ، أحثكم على ذلك .[3]

 

 

 

عظات آباء وخدام معاصرون :

 

ما الذى أسمعه عنك ؟ البابا تواضروس الثاني

يوم الأثنين من الأسبوع الرابع لقداسة البابا تواضروس الثاني (لو١٦ : ١ – ٩)

ما الذى أسمعه عنك ؟

السؤال الذي يقوله السيد والمرمـوز لـه باللـه فـي هـذا المثـل هـو : ” مـا الـذي أسمعه عنك ؟ أعط حساب وكالتك “، وهذا السؤال من الأسئلة الحياتية لشخص الإنسان فـي حياتـه عـلـى الأرض ، وكأن السيد المسيح يسأله لـك فـي كـل حـين ، ويعتبر هذا السؤال وقفة لكي ما يعيد الإنسان النظر في نفسه ويصلح من ذاته .

القصة باختصار في هذا المثل أنه يوجد سيد له وكيل ، وهذا الوكيل هو الذي يقوم بأعماله ، والمفترض فـي الوكيل ان تكون أمانته مئة في المئة ، فالأمانة لا تتجزأ .

هذا الوكيل وصلت أخبار عنه أنه لا يقوم بمسئوليته جيداً ، وكانت النتيجة أن دعاه سيده وطلب منه إنهاء هذه الوكالة ، فبدأ الوكيل يفكر ماذا يفعل بعد أن يترك الوكالـة ولـيـس لـه أي مكـان يعمـل فيـه  بعـد ذلـك ؟! وبـدأ يخطط للمستقبل ، فقـام ودعـا مـديوني سيده وأخـذ يخفـض فـي صك المديونية ، فمـن عليـه مـئـة بـث زيـت يكتبـه خمسين ، ومـن عليـه مـئـة كر قمح يكتبه ثمانين ، لقد فكـر فـي عمـل ذلك بحيث أن هؤلاء المديونين يقبلون بعدما يطرد من الوكالة .

* معنى الوكيل :

الوكيل هو شخص يؤتمن على جزء مـن ثـروة سيده أو ما يملكه سيده ، والمفترض أن يتحلى بالأمانة المطلقة فهو لا يملك لكنه يدير ، ويعرف تماماً مـن أيـن تأتي الثروة ، ولا بد أن يعرف أنه ذات يوم سوف يقدم حساباً عن هذا الوكالة . بهذه الصورة تصير الوكالة مسئولية ، فالشخص الوكيل في أي عمل سوف يقف أمام الله ويسأل ماذا فعلت ؟

وكل البشر الذين خلقهم الله على وجه الأرض أعطى الله لكل واحد فيهم شكل من أشكال الوكالة ، فمن هذه الوكالة تكون المسئولية ، وعن الوكالة تصير الأمانة هي المقياس لحياة البشر.

* صور الوكالة :

١ – في نطاق الأسرة : قد يكون الزوج هو الوكيـل عـن أسرته وهو المسئول عنها ، وبالمثل تكون الزوجة لها مسئولية ودور فـي أسـرتها ، وسوف يسأل عنها الإنسان أمام الله ، ولذلك فـي تـكـويـن الأسـرة أو فـي اختيـار شـريك الحياة لا يجـب أن تكـون هـذه المسئولية خاضعة للعواطف فقط ؛ لأنه سيأتي يوم من الأيام سوف تقف فيه أمام الله وتسأل عن هذا الاختيار .

٢ـ في نطاق الدراسة : الطالب أو الطالبة وكيل على ما يدرسه ، فالدراسة تُوضع فـي إطارنظامي حتى أنهم يقولون ” سنة دراسية أو سنة جامعية “، والطالب وكيل عن هذه الدراسة ومسئول عنها ، ويأتي يوم الامتحان ويتقدم فيه الطالب ويسأل عما تم دراسته طوال العام .

٣ – في نطاق التربية : الأب والأم في البيت لهما وكالة عن أبنائهم ، فعن مسئولية التربية يقول أحد النساك : ” إن إكليل تربية إنسان يساوي إكليل نسك راهب “، فإذا أهمل الأب أوالأم في أية صورة من صور التربية تكون وكالته غير أمينة وبالتالي يسأل أمام الله . في بعض الدول المتقدمة عندما يوجد الأب أو الأم في حالة استهتار من ناحية تربية أولادهم يتم سحب هذه المسئولية منهم ثم تتولى الدولة تربيتهم ورعايتهم فـي بيـوت خاصة بذلك .

٤- في نطاق الخدمة : نجد الشماس والكاهن والأسقف في الكنيسة هو وكيل عن خدمته ، فالشماس مسئول عن شماسيته وهذه مسئولية شخصية ، أما الأب الكاهن وكذلك الأسقف مسئول عن رعايته لأبنائه ومسئول عن كنيسته وعن إيبارشيته وعن خدمته . هذه الوكالة منحها الله للإنسان ويعطي معها إمكانية هذا العمل ، ولكن سيأتي اليـوم الـذي يقـف فـيـه الإنسان ويسمع هذا السؤال : ” مـا هـذا الـذي أسمعـه عنـك ؟ اعطنى حساب وكالتى ” .

٥- في نطاق الاقتصاد : ينطبق هذا الكلام على التجار والعمال والصناع وعلى كل من هم في دوائر العمل ، وتوجد نوعيات من الوكالة ذات نطاق أوسع وأشمل مما سبق ذكره.

* أنماط الوكالة المتعددة :

+ الإنسان وكيل عن وقته ومسئول عن العمر الذي أعطاه له الله ، فكل إنسان فـي كـل صباح يأخذ ٢٤ ساعة جديدة سواء كنت خادماً أو خادمة أو كنت تخـدم فـي دائـرة الكنيسة بأي شكل من أشكال الخدمة أو في التكريس أو في أي عمل ، كيف تستغل وقتك ؟ الوقـت عطيـة لا تعـوض وإن مـرت دقيقـة لا يمكن إعادتهـا مـرة أخـرى ، ولذلك الإنسان الوكيـل عـلـى وقـتـه أو المسئول عـن وقـتـه أو الأمين عـن وقـتـه ، لا بد أن يكـون فـي منتهى التدقيق ومنتهى الالتزام ، فمن علامات تقدم الشعوب الالتزام بالوقـت، اللـه يعطيـك الوقـت ويجعلـك وكيلا عليـه ويعطيك العمر ويجعلك وكيلا عليه .

+ كذلك كل إنسان مسئول عن صحته ، فالصحة عطية سامية ، ولذلك نجد كثير من الدول تبذل جهداً كبيراً وأموالا كثيرة كي تكافح عادات رديئة مثل الإدمان ؛ لأن الإدمان يجعل الإنسان غير أمين على صحته ، وعندما يتعلم الإنسان عادة من العادات الرديئة ويمارسها ، فقـد صـار غير أمين ويستحق أن يسمع السـؤال : ” مـا هـذا الـذي أسمعه عنك ؟ أعطني حساب وكالتك “. ويصبح هذا الإنسان غير فعال في المجتمع ، فالصحة تحتاج لمن يصونها ويحفظها .

كذلك الإنسان وكيل على حواسه ، فأنت وكيل عما تراه وعما تسمعه ، لذلك خلق الله لعيني الإنسان جفون يغلقهما كي لا يرى ما لا يريد رؤيته . كذلك الأذن فقد يمكن أن أسمع شيئا ما لكنه لا يستقر في أعماقي ، لذلك خلق الله الأذنين أمام بعضهما ، فعندما أسمع الشيء يقـوم العقـل بتحليلـه فـإذا كانت مفيدة يختزنها ، أما إذا كانت غير مفيدة فتخرج وتنتهي ، أذنك وسمعك وكالة .

+ أيضاً أنـت وكيـل ومسئول عن فكرك وعقلك ، هل تشبع عقلك بما يفيد ، أحياناً نقول : ” فلان عقله فارغ “، وهناك من هو عقله شبعان ومثقف وقـارئ وعارف ومحاور …

هل تحفظ نقاوة عقلك ؟ هل فكرك معتدل ؟ هل تستفيد من تجارب الآخرين ، ومـن تجارب الشعوب ؟ هل أنت صاحب الفكر الواسع؟ + هناك أيضاً وكالة عن المال ، وهي بيت القصيد فـي هـذا المثل ، وأريدك أن تعرف أن الكتاب المقدس فيه أكثر من ألفين آية تتكلم عن موضوعات مرتبطة بالمال ، وقد اهتم السيد المسيح بهذا الموضوع لأنـه قـد يسقط كثيرين ، فلا يستطيع أحد أن يعبـد سيدين إما الله أو المال ، وصارت دائرة المال تتحكم في حياة الإنسان بكل شكل ممكن .

+ هناك أيضا مسئولية وكالة عن الوطن ، عندما يعيش الإنسان في وطنه يكون مسئولا عنه ، ومن هنا يظهـر حـق المواطن فـي الشعوب وفـي إدارة الدول ، فقد ظهـر مـا يسمى بحق المواطنة ، وصار المواطن في دولة ما له حقوق وعليه واجبات ، لذلك عندما تحدث جرائم خيانة الوطن فهي تستوجب أشد العقوبات ، لأن الشخص المجرم لم يكن أمينا على وطنه .

+ هناك وكالة عن البيئة التي نعيشها والطبيعة التي أوجدها الله ، فلا بد من المحافظة عليها ، فعلى سبيل المثال في مصرنا نتباهى بنهر النيل وبعظمة تاريخه ، ولذلك نحن المصريين نحب أن نعيش حول النيل ، فالنيل شريان الحياة وتكون المأساة عندما يسقط الإنسان في هذه الأمانة ويلوث النهر الذي نرتوي منه وهو سبب الحياة على الأرض ، فهل أنت أيها الإنسان أمين على هذه العطية ” البيئة “، وما نقوله على البيئة يقال على الطبيعة وثرواتها بصفة عامة . عندما دخل العالم في الثورة الصناعية وبدأ يشيد مصانع كثيرة كانت سبباً في تلوث الهواء وكانت الغازات المحملة بثاني أكسيد الكربون سبباً في التأثير على الغلاف الجوي الذي ترتب عليه ” ثقب الأوزون ” وبدأ يؤثر على حرارة الجو مما ترتب عليه ضعف النباتات والمزروعات .

+ أيضا الإنسان مسئول ووكيـل عـن جمال الطبيعة التي نقول عنها أحياناً ” البيئة النظيفة “، فجمال الطبيعة يعني أنك مسئول عن جمال الشارع وجمال البيت وجمال الكنيسة ، الخليقة الجميلة التي أوجدها الله ، فيجب أن تدرب عينيـك علـى ذلك فأنـت مسئول عنها، يقولون : ” الله خلق الريف ، والإنسـان صـنع المدينة “، اللـه خـلـق الريف بجمالـه حيـث تشعر بالراحة الداخلية وتشعر بالأمان وتنطلـق أفكـارك ، أما البيئة المزدحمة والممتلئة بالضوضاء والتلوث ستشعر وكأنك في سجن كبير مقيد ، فأنت مسئول عن ذلك ، ومن الأمور الجميلة أنه في بعض المدن سـواء خارج مصر أو داخلها نجـدهم يزينون الشرفات بالزرع ليحسـن مـن جمـال الصورة التي يراهـا مـن يعيش أمامه ، أنت وكيل ومسئول .

+ كذلك الأم مسئولة ووكيلة عن البيت فهي باستطاعتها أن تجعل هذا البيت جنة ، كما تكون تربيتها لأبنائها تربية حسنة.

الحديث عن وكالة الإنسان لهو أمر واسع جدا ، ولذلك أعود للسؤال : ما هذا الذي اسمعه عنك ؟

وكيل الظلم

+ خطـايـاه :

۱- مبذر لأموال سيده :

من المفترض أن الوكيل يتحلى بصفة الأمانة ، ولكن نجد أن وكيل هذا المثل مبذر لأموال سيده ، قد يكون الشخص مبذر في المال أو في أي شيء آخر مثل الطاقة أو المياه .

۲- تواطئ مع مديوني سيده :

لقد تواطئ وكيل الظلم مع المزارعين العاملين فـي كـرم سيده ” فدعا كل واحد من مديوني سيده وقال للأول : كم عليك لسيدي ؟ فقال : مئة بث زيت. فقال له : خذ صكك واجلس عاجلاً واكتب خمسين . ثم قال لآخر: وأنـت كـم عليـك ؟ فقال : مئة كر قمح. فقال له : خذ صكك واكثب ثمانين ” (لو ١٦ : ٥ ـ ٧) وهذا يتنافى مع الأمانة ،

٣- خطية التزوير :

لقد وقع في خطية التزوير، فقد بدل المئة إلى خمسين فـي ورق مـا ، وفـي ورق آخـر بدل المئة لثمانين ، وهذه مجرد أمثلة ، هذا الإنسان الوكيـل كـان إنساناً ظالماً مزوراً مبذراً ، وتنطبق عليه عبارة : ” محبة المال أصل لكل الشرور ” (١تي ٦ : ١٠).

+ لماذا مدحه سيده ؟

ما يثير دهشـتـنـا هـو أن السيد مدحـه وأثنـى عـلـيـه ؛ لأن هـذا الـوكـيـل فـعـل أمـوراً تجعله ينال هذا المديح من المسيح :

ا۔ نظر للمستقبل :

هذا الرجل له نظرة للمستقبل ، فهو كان يفكر بصورة جيدة فقال : ” ماذا أفعل ؟ لأن سيدي يأخذ مني الوكالة . لست أستطيع أن أنقب وأستحي أن أستعطي ” (لو ١٦ : ٣) .

٢- تصرفه إدارياً : تصرف هذا الرجل كان بطريقة إدارية ، وإن كان بلا أخلاق ، فالسيد مدحه على تصرفه الإداري ولم يمدحـه مـن الناحية الأخلاقيـة لأنـه لـص ، فعنـدمـا نمـدح شخصاً لشجاعته فنأخذ من الأسد صفة الشجاعة فقط ونقول يا ( فلان ) أنت مثل الأسـد فـي شجاعته فقط على اعتبار أن الأسد فيه صفات أخرى وحشية .

٣- أظهر ذكاءه :

أعجب السيد بذكاء هذا الوكيل بالرغم من استعماله بصورة خاطئة ، لكن لديه نوع من الذكاء .

خلاصة الأمر….

إن سلامة حياة الإنسان تحكمها الاستقامة والعطاء والأمانة ، وعليه يكون الإنسان وكيلا أميناً ، وعندما يأتي السيد المسيح ويقول لك : ” أعطني حساب وكالتك “، تقول له : ” اتفضل يا سيد “، فتسمع إجابة جميلة جدا : ” كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير ، ادخل إلى فرح سيدك “، وليس هناك مكافأة ولا جائزة أفضل من إنك تسمع هذه الكلمات من المسيح شخصياً ، ما أجملها هذه الدعوة فهـي مـن فـم المسيح لتنال المكافأة الأسمى وهي الدخول إلى الملكوت ، وشعورك الداخلي إنك وجدت فـي هـذا المكان بدعوة السيد نفسه ، فأي فخر وأي راحة وأي فرح وأي سلام …. أمـا الإنسـان الـذي يـهـمـل فـي وكالتـه وينحـرف فهـو يـعـيـش فـي خطايـا الطمع والأنانية والاستهتار .

أمثلة

١ – يوسف الصديق :

كـان إنسـاناً وكيلاً ناجحـا تعـرض لمتاعـب كـثيرة ، مـن إخوتـه مـرة ، ومـن الإسماعيليين مرة ، وفي بيت فوطيفار مرة ثانية ، وأيضاً في السجن ، لكنه ظل وكيلاً أمينا ، وعندما تعرض للتجربة القاسية من امرأة فوطيفار كانت إجابته رائعة ” كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله ؟” (تك ٣٩ : ٩ ). فيوسف كان وكيلاً وأميناً على نفسه وعلى طهارة قلبة ، ففي عبارات قصيدة البابا شنودة الرائعة : ” هوذا الثوب خذيه ، إن قلبي ليس فيه ” فقـد يوجد فيها تعبير أدبي بالغ العذوبة عن هذه الوكالة ، ولذلك نسمع عن يوسف الصديق أنه كان رجلاً ناجحاً لأن الله كان معه ، ويوسف الصديق هو الذي حمل الخير والبركة والعظمة في تاريخ مصر وفي سنوات المجاعة.

٢- يوحنا الحبيب :

السيد المسيح وهو على الصليب أوكل ليوحنا الحبيب السيدة العذراء ” ثم قال للتلميذ : هـوذا أمك . ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته ” (يو ۱۹: ۲۷). وهنـا يوحنا يأخـذ هذه الوكالة بمنتهى الأمانة ، فهـو الـذي حمـل قلبـاً ممتلئاً حناناً ، وقـد أعطاه الله نعمة كتابة ” سفر الرؤيا “؛ ولأنه كان وكيلا أميناً فأعطاه الله أن يرى رؤيا ويسجل ما رآه في الجزيرة التي نُفى إليها .

۳۔ سفر الرؤيا :

نقرأ في بداية الأصحاح الثانى من سفر الرؤيا عن ملائكة الكنائس السبع :

“أفسس – سميرنا ـ برغامس ـ ثياتيرا ـ ساردس ـ فيلادلفيا ـ لاودكية “، ونقرأ عبـارة قالها الله لملاك كنيسة أفسس : ” أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك ،… لكـن عنـدي عليك أنك تركت محبتك الأولى ” (رؤ ٢ : ٢-٤). فقد بدأت وكيلا أميناً ، وبدأت خدمتك بكل جدية ، وكان أول عملـك ملتهبـا بـالروح ، ولكـن تـركـت محبتك الأولى ! أيـن ذهـبـت حرارتك الروحية ؟ أين نشاطك وجهادك ؟ إلى متى تظل في انحرافك ؟

٤ـ الغني الغبي :

الغني الغبي أعطاه الله أموالاً كثيرة ، ووكله على هذه الأموال ، لكنه سقط فـي خطايا الأنانية والطمع ، وكانت النتيجة أنه يريد أن يهدم ويبني مخازن أعظم منها ، وفي ليلة واحدة…

الخلاصة يا أحبائي إن المال يمكن أن يكون مصدر بركة وحياة للبشر ، وليس المهم فـي المـال كثرته أو قلته ، لكنـه قـد يكـون وسيلة للحياة الناجحة أو يكـون مـصـدر فـخ وهلاك للإنسان .

إحدى مبادئ الحياة الرهبانية ” الفقر الاختياري “، وإن كسر الراهب هذا الشرط انكسرت رهبنته مهما تبرر بأية صورة من الصور ، وقد يكون هذا فـخ تتضح صورته وإن كانت تحت أي مسمى ، لكن المال فـي يـده فـخ يهلكه ويسقطه ويضيع نصيبه الأبدي مهما كان يرتدي أي زي ، ومهما ظهر أمام الناس ، ولذلك يجب على الإنسان أن يتخذ حذره وهو يتعامل مع المال ، وهذا هو القصد من مثل وكيل الظلم فهو لا يقصد كثيراً أو قليلا ، لكنه يقصد مقدار الأمانة الموجودة بصفة عامة .

يقـول الكتاب المقـدس فـي نهايـة المثـل : ” أنـا أقـول لـكـم : اصنعوا لكـم أصـدقاء بمال الظلم ” (لو ١٦ : ٩ ). هذا المال الذي يجـب أن تخـدم بـه ، وأن تفيـد بـه ، وألا تسقط فـي خـطيـة الأنانية أو الطمـع أو الاكتنـاز ، لذلك تُصـلـي فـي الـصـوم الكبير ” طـوبـى للرحما على المساكين “،  فطوبى للإنسان الذي يمتلك القلـب الـرحيم على الإنسان المسكين بكل صور الاحتياج .

تدريب

اقـرأ (لو ١٦)، وضعه أمامك كمقياس ، وفكـر فـي الأشياء التي استودعك الله إياها ، والتي أعطاها ربنا لك مثل المال أو غيره من النعم ، كالأسرة أو العمل أو الخدمة أو الصحة أو العلم أو المسئولية … وضع أمامك هذا السؤال : ” ما الذي أسمعه عنك ؟” وانتبه لطريقك لكي يكون واضحاً أمامك وليس منحرفاً مثل طريق وكيل الظلم.  اجعل هذا السؤال ” ما الذي أسمعه عنك ؟” يتردد دائماً فـي قلبـك وفـي أذنك ، وقبـل مـا تسـمعـه مـن شـخص السيد المسيح ، اسمعـه أنـت مـن نفسك ، وانظـر لعملك أوخدمتك أو مسئوليتك التي أعطاها الله لك وانتبه لها ، وإن كان هناك تقصير أو انحراف بأية صورة من الصور فانتبه إليه لكي ما تصلح ذاتك وتكون إنساناً وكيلاً أميناً ، لتستحق سماع ذلك الصوت القائل : ” كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير . ادخل إلى فرح سيدك ” (مت ٢٥ : ٢١).

لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد … آمين.[4]

 

 

 

مثل وكيل الظلم للمتنيح الأنبا لوكاس أسقف منفلوط

+ تفسير أصحاح ١٦ من بشارة لوقا

+ معني ” فمدح السيد وكيل الظلم ”

+ معني ” أصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم “!

+ هذا المثل الذي ورد في بشارة معلمنا لوقا (ص١٦) يهدف إلي الاقتداء بوكيل الظلم في حكمة التصرف في الحاضر لضمان المستقبل والاقتداء بحكمته يشبه الاقتداء بحكمة (الحية) ” كونوا حكماء كالحيات “(مت١٠: ١٦) مع لؤم وخسة ودناءة سجايا كل من هما – أما وكيل الظلم فلأن تصرفه مشوب بالخيانة لسيده لتآمره مع المديونين ضد سيده لإختلاس حقوقه ” كذلك الحية فإن الخبث من سجاياها حتي صارت كناية عن الأشرار أيها الحيات أولاد الأفاعي …” (مت٣٣: ٢٢) . إلا أن وجهة الاقتداء بحكمتها تنصب علي الحكمة في التخلص من التورط في إيجاد المنفذ للنجاة من الخطر وفي انتهاز الفرصة السائحة والحرص علي عدم ضياعها لئلا يندم الإنسان حيث لا ينفع الندم ، هذا من ناحية الاقتداء بوكيل الظلم ، أمًا الحية فلأنها ساعة الخطر تفدي رأسها بجسمها الملتف ستراً لها ووقاية لها لأن مقتلها في رأسها بتهشيمه وسحقه ” هو يسحق رأسك “(تك ٣: ١٥) وأي إبطاء منها في هذا الالتفاف حول رأسها يضيع عليها فرصة قد لا تعود إليها : إذ قد يبادرها عدوها بضربة قاضية علي أم رأسها ، وقد تندم ولكن تأت ساعة مندم ؟

+ كذلك وكيل الظلم فإنه قد تحكم في إنتهاز الفرصة السائحة قبل طرده وقبل ضياع إمكانيات تصرفه لضمان مستقبله ، فبادر إلي إكتساب ثقة مديوني سيده قائلاً لكل منهم …” خذ صكك وأجلس عاجلاً وأكتب …”(لو ١٦: ٦) خشية مبادرة سيده إلي تضييق الخناق عليه للحيلولة دون أي تصرف يؤدي إلي ضياع ثروته وحينئذ تضيع علي وكيله الفرص السانحة .

+ المثل ليس فيه أي مدح لخيانة وكيل الظلم لسيده المسيح ،كما أن السيد المسيح لم يمدح خبث الحية ، بل إنما ينحصر الحض عليها الإقتداء بهما في مجرَّد الحكمة وإنتهاز الفرصة لضمان المستقبل .

+ كما أن في المثل توبيخاً لاذعاً لأبناء النور الذين قد يشوب تصرفاتهم الروحية الفتور والإبطاء والتلكؤ والشكوك في مستقبل أبديتهم . كما أن فيه الفاتاً لنظرهم إلي ثبات عزم الأشرار وتركيز حواسهم وتسخير جميع إمكانياتهم في أرتكاب شرورهم ، مع الفرق الكبير بين قيمتي أهداف الطرفين . فأهداف أبناءً النور هي حقائق السعادة الخالدة في الحياة الأبدية . أما الأشرار فأباطيل أهوائهم الحمقاء ودناءة ملذاتهم الفانية .

+ من العار علي أبناءً النور أن يشكوا في حقائق الخلود كما لو كانوا هازلين غير جادين فيتباطأون في جهادهم ” كفاكم قعود في هذا الجيل …” (تث١: ٦) في حين يتوطد يقين الأشرار في أباطيل الفناء جادين غير هازلين ؟

+ كما أنه من العار علي أبناءً النور أن يتغافلوا عن إمكانية قوتهم الروحية الموهوبة لهم من الله (أف ٦: ١- ١٧) فيستسلمون للفتور ، في حين بطلان إمكانيات الأشرار التي يعتز بها هؤلاء الأشرار ” لأن ليس كصخرنا صخرهم “(تث٣٢: ٣١).وفي نطاق المعاني آنفة الذكر يقول الرسول ” إذا اعتقتم من الخطية صرتم عبيداً للبر ، أتكلم إنسانياً من أجل ضعف جسدكم ، لأنه كما قدمتم أعضاءكم عبيداً للنجاسة والإثم هكذا الآن قوموا أعضاءكم عبيداً للبر للقداسة “(رو ٦: ١٩)

+ وكان أحد القديسين في صلاته يقول ” يارب أعطني قوة علي محبتك كما أحببت الخطية ؟” يشير بهذا إلي أنصباب الخاطيء علي شرب الخطية كالماء وملازمتها بكل الفكر والقلب لدرجة التضحية بكل مرتخص وغال في سبيل الخطية ؟ ولكن عند عمل الفضيلة يكفهر أمامه الجو فيكون الفتور والتواني والعرج علي الجنبين … وما ذلك إلا لأن الروح في نشاطها يعرقلها الجسد في ضعفه وتثاقله ” فأسهروا وصلوا … أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف “(مت٢٦: ٤١) فمن العار أن تستسلم الروح النشيطة لضعفات الجسد فيفلت الزمام من يدها وتمسي القيادة لأهواء الجسد ” وإذا كان الغراب دليل قوم يمر بهم علي جيف الكلاب ؟”

+ ولتطبيق المثل بوجه عام ، نفهم من قول السيد المسيح ” أصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم ” إن مال الظلم كناية عن كل ماتقتنيه في الحياة الدنيا من مال وعقار ومقتنيات ، وأن أدعاءنا ملكية هذه المقتنيات – والحال أنها ملك للخالق أنعم بها علينا – هو الذي شابها بسمة الظلم ،لأنه إدعاء باطل ظالم ضمن أباطيل الإنسان وأكاذيبه علي الحق ، وما مثل عقود الملكية المزعومة إلا مثل بطاقات التموين ، لتنظيم مقتنيات الحياة الدنيا ولتحديدها مافوض به لكل إنسان للتصرف فيه طبقاً لإرادة الله في نطاق نواميسه الكونية وكافة شرائعه الإلهية .

+ أما الإنسان فإنه لم يكتف بهذا الادعاء الظالم الذي نطاقه أساء التصرف في هذه المقتنيات بل تمادي في ادعاءاته فزعم أحقيته في العشور الإلهية فسلب لنفسه هذه العشور ، وتوالت بذلك مظالمة وأكاذيبه واعتدائه علي حقوق الله والقريب “… فقلتم بم سلبناك ، في العشور والتقدمة لقد لعنتم لعناً وأياي أنتم سالبون هاتوا جميع العشور إلي الخزنة ليكون في بيتي طعام وجربوني بهذا قال رب الجنود إن كنت لا أفتح لكم كوي السموات وأفيض عليكم بركة حتي لا توسع “(ملا٣: ٨-١٠) وهكذا تكدس الظلم علي الظلم وتغلغلت المظالم في صميم أموال العالم فصارت بحق “مال الظلم ” .

+ وفي نطاق المعني آنف الذكر يقول المرنم ” أنا قلت في حيرتي كل إنسان كاذب ماذا أرد للرب من أجل حسناته لي . كأس الخلاص أتناول وباسم الرب أدعو ، أوفي نذوري للرب مقابل كل شعبه “(مز ١١٦: ١١-١٤) وكأنه في انذهاله وتحيره من أكاذيب الإنسان وأباطيله ، يصف العلاج لتنكر الإنسان الجاحد لصنيع الله معه وهو ” بماذا أجاري الرب عن كل حسناته لي… وباسم الرب أدعو ” أي أنه هو الإقرار بأن للرب الأرض بكمالها وأن الأرض أعطاها الله لبني البشر وأن الله هو المالك لكل مقتنيات الإنسان وما علي الإنسان إلا الإقرار بحسنات الرب بأن يتصرف فيها لمجد الرب .

+ وبهذا العلاج الذي وصفه المرنم تعود الأمور إلي نصابها فيقر الإنسان بأن كل ما يزعم ملكيته إن هو إلا ملك لله أعطاه إياه الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير (يع ١: ٥) وأن يشكره علي نعمه وإحساناته ، والشكر علي النعم يزيدها .

ولفيض كرم الرب وإحساناته لم يطلب منا إلا العشور فقط ، أما تسعة الأعشار فتركها لنا ؟ أما نحن فلفرط جشعنا وتنكرنا لجميله فقد سلبنا عشوره وتصرفنا في هذه وتلك بما يتنافي وكرامة الله ” الابن يكرم أباه والعبد يكرم سيده، فإن كنت أباً فأين كرامتي وإن كنت سيداً فأين هيبتي “(ملا١: ٦) .

+ بعد ما تحدد في ذهننا عن معني (مال الظلم) بحسب الإيضاح السابق نستطيع أن نفهم كيف نصنع لنا ” أصدقاء بمال الظلم ” وذلك بأن نحرص علي إعطاء كل ذي حق مفروض له من الله حقه في هذا المال ، فلا نعتدي علي حقوق بيت الرب ولا علي حقوق الفقراء ولا علي حقوقنا نحن بالذات المعطاة والمقررة لنا من الله فلا نشوهها بمظالمنا وبتلويثها وتسميمها بالمحرمات التي نمزجها بها ” قد أخطأ إسرائيل بل تعدوا عهدي الذي أمرتهم به بل أخذوا من الحرام بل أنكروا بل وضعوا في أمتعتهم ، فلم يتمكن بنو إسرائيل للثبوت أمام أعدائهم ، لأنهم محرومون ولا أعود أكون معكم إن لم تبيدوا الحرام من وسطكم … لأنه هكذا قال الرب حرام في وسطك يا إسرائيل “(يش ٧: ١١- ١٣) لأنها ما دامت ملوثة بالمحرمات التي نمزجها بها فكل تصرفاتنا فيها مرفوضة من الله. وغير مقبولة أمامه .

+ فإذا استقامت أوضاع تصرفاتنا في خيرات الله الموهوبة لنا بالوصف آنف الذكر ، رحبت بنا الملائكة في السماء(لو ١٥: ١٠) تقديراً لحرصنا علي حقوق خالقهم والفقراء تقديراً لعواطفنا من نحوهم وعلي رأس هؤلاء المرحبين بنا يرحب بنا الرب نفسه ” تعالوا إليَّ يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم …”(مت ٢٥: ٣٤) .

+ ومن قوله له المجد ” فإن لم تكونوا أمناء في مال الظلم فمن يأتمنكم علي الحق ” نفهم أن النفس البشرية التي أستجابت لمظالم الحياة الدنيا فاستعذبت الظلم والإعتداء .

أمسي الحق في فمها أمر من الحنطل فكيف نستطيع أن تتلذذ به في حياة الأبد ؟

+ ومن قوله له المجد ” أن لم تكونوا أمناء فيما هو للغير فمن يعطيكم ماهو لكم ” نفهم أن عطاياه الزمنية لنا ليس لها خلود وذلك لفنائنا نحن بالذات وعدم خلودنا في الحياة الزمنية . فهي عطايا مؤقتة ليس لبقائها معنا ضمان علي الإطلاق … وكثيرًا ما تصنع لها أجنحة وتطير فننظر يميناً ويساراً لنبحث عنها فلا نجدها (أم ٣٣: ٥) من هنا قيل عن مقتنيات العالم الزمنية إنها (مال الغير) لأننا لا نضمن بقاءها معنا بالرغم من أدعائنا ملكيتها ! فإن لم نكن أمناء في خيرات العالم الزمنية وهي الثروة المتنقلة التي إنما قد أعطيت لنا لنتدرب في نطاقها الزمني علي الحصول علي أمانة القلب وما إليها من سجايا كريمة وكافة كمالات حياة الأبد . فقد خسرنا نهائياً خيرات الحياة الأبدية التي أعدها الله لنا منذ تأسيس العالم (مت ٢٥:٣٤) والتي لا يفوز بها إلا الأمناء .” نعماً أيها العبد الصالح والأمين كنت أميناً في القليل فأقيمك علي الكثير أدخل علي فرح سيدك “(مت ٢٥: ٢١) .

وعلي ضوء ما تقدم ما تحقق أعماق مكنونات الحكمة السيدية في المثل ” الأمين في القليل .( أي في خيرات الدنيا الفانية) أمين أيضاً في الكثير (أي خيرات الحياة الأبدية ) والظالم في القليل ظالم أيضاً في الكثير ” .[5]

 

 

 

مدح وكيل الظلم للمتنيح الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي

سؤال :     عندما تحدث الرب يسوع فى مثله عن السيد الغنى الذى أراد أن يعاقب وكيله الذى بَذّر أمواله بطرده ، ذكر أن هذا الوكيل تنازل لمديونى سيده عن بعض دينهم ، حتى اذا عُزلَ من الوكالة يقبلونه فى بيوتهم ، ومدح السيد الغنى وكيل الظلم اذ بحكمة فعل ، فكيف يكون المديح لعمل يتسم بعدم الأمانة من هذا الوكيل ؟ وما المفهوم الحقيقى لقول الرب يسوع : اصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم حتى اذا فنيتم يقبلونكم فى المظال الآبدية ؟

الجواب :

هذا السؤال يوجه الينا كثيراً ، يقول الكتاب المقدس : فمدح السيد وكيل الظلم لأنه بحكمة صنع ؟ فأكيد أن هذا المدح ليس موجه الى العمل الشرير الذى عمله هذا الوكيل ، المدح موجه الى حكمة الرجل باهتمامه بالحياة الأخرى ، الرجل وقد عرف أن سيده سيطرده من الوكالة ، فكر فيما بعد هذه الحالة وأهتم بالاستعداد لها ، لم يقنع بأن يصدر عليه هذا الحكم وأن يقبع فى داره وأن يموت ، انما فكر فى كيف يتغلب على الصعوبة التى ستعترض حياته ، وكيف يحول هذا الشر الى خير بالنسبة له ، وكيف ينتصر على الموقف بما يؤول لصالحه

فالمدح هنا ليس موجه الى عمل السرقة ولكن الى مهارة الرجل والى حسن تصرفه ، من حيث أنه اهتم بمستقبل الأيام ، وهذا المنهج فى أن يوجه المدح الى بعض تصرفات الانسان الشرير منهج معهود ، ففى بعض الأحيان قد يُعجب الانسان أو قد يُعجب المجتمع بلص ، ويتحدث الناس عن هذا اللص حديث الاعجاب ، لا لأنه قد سرق ولكن للمهارة التى أظهرها فى عملية السرقة  اذن المدح أو اعجاب الناس ليس موجه الى فعل السرقة فى ذاته ، ففعل السرقة دائماً مذموم ومكروه ، وانما موجه الى المهارة لأنه فى بعض الأحيان بعض اللصوص يستخدموا أنواعاً من الذكاء والمهارة والحيلة فى كيفية السرقة ، بحيث أنهم أنتزعوا اعجاب الناس ، والناس يظلوا مبهورين ومعجبين بمهارة هؤلاء اللصوص وبالطريقة التى ابتكروها

الواقع أن الاعجاب غير موجه الى الجرائم أو الأخطاء التى ارتكبت ، ولكن موجه الى المهارة والى الذكاء الذى أظهر فى هذه التصرفات ، وهذا يحدث فى الحياة كلها ، لدرجة أنه معروف فى الألواح الاثنى عشر للقانون الرومانى ، وهو يُعد من أقدم ما فى التراث الانسانى من قوانين ، أن المجرم اذا استطاع أن يخفى جريمته يُعفى من العقوبة ، ومعنى هذا الاعفاء مكافأة ، لكن هذه المكافأة فى واقع الأمر للذين يدرسون علم الاجتماع ليس لأن هذا الرجل أخطأ أو لأنه سرق ، ولكن لأنه ظهرت فيه موهبة وجد الرومان أنه من الخسارة أن يُحكم عليها بالاعدام  فهذا الاعفاء وهذه البراءة ليست موجهة الى الجريمة ولكن موجهة الى اكتشاف موهبة فى هذا الانسان ، أو صفة ظهرت فى هذا الانسان وأبرزت موهبة معينة ، ومثل هذه الموهبة تستحق أن يٌعجب الانسان بها

فهكذا نقدر أن نقول على نفس الفكر أن المدح الذى وجه الى الرجل وكيل الظلم ، غير موجه اليه لأنه ظالم أو أنه سرق أو أنه غير أمين ، وطبعاً يكفى أن الكتاب سماه وكيل الظلم ، وهذا معناه أن الرجل منظور اليه على أنه انسان ظالم ، وفى المثل نفسه أن سيده طرده ، هذا الطرد نفسه عقوبة ودليل على عدم ارتياح للعمل الذى عمله ، انما نفس السيد الذى طرده هو السيد الذى مدحه ، طرده لأنه غير أمين ، لكن مع هذا مدحه لأنه رأى فيه فضيلة أخرى أو صفة أخرى من الصفات التى يمدحه من أجلها ، وهو أن الرجل أهتم بمستقبل حياته ، فهو لم يقنع بمصيره ولكنه أراد أن يتغلب على هذا المصير ، بأنه يبتكر طريقة يعيش بها ، ويعرف كيف تمتد حياته دون أن يستعطى أو يشحذ.

والسيد المسيح له المجد قال هذا المثل على أساس أن الناس اذا كانوا غير أمناء فيما يتصل بمسئولياتهم الخاضرة فى الحياة الحاضرة ، انما ممكن أن يوجهوا اهتمامهم للحياة الأخرى والمصير الأبدي ، وكلمة أصنعوا لكم أصدقاء بمال الظلم ، وأصل الكلمة باليونانية معناه ” المال غير الحق ” أو الذى لا يحق لكم .

فمثلاً على سبيل المثال العشور عند الانسان ليس ماله لأن هذه العشور هى حق الله 0 فمادام أصبحت حق الله فكونى أحتفظ بها لنفسى كأنى أظلم أو أسرق ، كما قال الله فى سفر ملاخى : ” أيسلب الانسان منكم الله ، قلتم بما سلبناك ، قلت فى العشور وفى التقدمة ، لذلك لُعنت لعناً هذه الأمة كلها ، هاتوا العشور الى الخزنة ليكون فى بيتى طعام ، هاتوا العشور وجربونى بهذا ، ان كنت لا أفتح لكم كوى السماء حتى لا توسع ”  .

فكون الانسان لا يعطى العشور لله من دخوله فهذه سرقة ، على الرغم من أنه يبدو له أن المال ماله ، وأنه لم يعتدِ على مال انسان آخر ، لكن فى نظر الله كونه لا يعطى العشور لله وهى حق الله عليه ، فهنا سرقه ، وهنا تعد ، وهنا سلب ، وهنا مال لا يحق لك ، مال ليس من حقك أنت ، فأنت فى هذه الحالة تعد بمثابة وكيل الظلم ، أنت وكيل على هذا المال ، لكنك أغتصبت ما لا يحل لك ، ففى هذه الحالة أنت مثل وكيل الظلم تماماً . ولكن أصنعوا لكم أصدقاء بهذا المال الذى لا يحق لكم ، الذى ليس من حقكم ، بمعنى أصرفوه من أجل الله ، أنفقوه على الغير ، أو على القريب ، أو على المحتاجين ، أو على الشئون العامة أو على الصالح العام ، أنفقوه فانه متى أنتهت حياتكم على الأرض تقبلون فى المظال الآبدية ، لأن هذا العمل وهذا المال أو هذا العطاء الذى أعطى من أجل الله ، يسبقكم الى هناك وحينئذ يكون زاداً لكم وكنزاً لكم هناك ، تجدونه حينما تذهبون الى العالم الآخر.

ليس المقصود بمال الظلم أنك تسرق من واحد وتعطى لله ، لا طبعاً ، مستحيل هذا ، وحتى فى قوانين الكنيسة هذا مرفوض تماماً ، انما المقصود هنا المال الذى لا يحق لك ومن ضمنه العشور ، وأيضاً ليس معنى السرقة أنك تقتحم شقة أو بيت وتغتصب وتسرق ، بل هناك طرق أخرى يعملها الانسان من دون أن يسلب الآخرين بطريقة القفز على البيوت ويأخذ المال الذى لا يحق له ، فأنت رب بيت ومرتبك من حق زوجتك وأولادك أن يشاركوك فيه ، فكونك تأخذ المرتب وتنفقه على التدخين وعلى الخمر أو على شهواتك الخاصة ، وتُهمل زوجتك وأولادك فهذا اغتصاب حقوق الآخرين . أنا أعتبر أن هذا الرجل هو السارق ، وهو المغتصب ، لأنه يأخذ حق زوجته وحق أولاده ويصرفه على الخمر ويصرفه على التدخين ويصرفه على شهواته الخاصة ويترك زوجته تتضور جوعاً أو تتلوى من الألم ومن العذاب .

فلو كنت أنت أب من هذا القبيل تعد أنت سارق ومغتصب ، وطبعاً بالمثل يقال على المرأة التى تصنع ذلك ، ولو أنه نادر جداً لو عملت المرأة ذلك ، لكن يوجد بعض النساء تعمل هذا .

أيضاً عندما تكون رئيس عمل وتظلم العمال ولا تعطى للعامل حقه كما قال الرسول يعقوب : ” هوذا أجرة الفعلة الذين حصدوا حقولكم المبخوسة منكم تصرخ ، وصراخ الحصادين صعد الى أذنى رب الجنود “0 فهنا ظلم يقع من رئيس العمل على العمال والفعلة ، سواء كان فى الحقل أو فى مصنع ، مثل هذا الرئيس المحترم فى المجتمع يُعد أمام الله سارق لأنه يغتصب حق العمال وحق الموظفين.

فعموماً النقود التى فى جيبك قد يكون فيها مال ظلم ، هى حقوق آخرين أو أنت أخذت حق غيرك ، بمعنى فيها مال لا يحق لك ، أى نوع من المال ليس من حقك يكون فى جيبك هو مال ظلم ، فلو أنت مثلاً استغليت مركزك فى عملك ، كما يحدث فى بعض الأحيان انسان يستغل الأدوات الخاصة بالوظيفة ، ان كان ورق أو كان حبر أو أى امتيازات تأخذها لنفسك هى لا تعطى لك بحق الوظيفة ولكن أنت تنتزعها لنفسك ، ومعتمد على أنك رئيس العمل . ففى هذه الحالة يكون الذى فى جيبك ليس لك ، أنت مغتصب سواء تغتصب حق الحكومة أو تغتصب حق الآخرين أو تغتصب حق الوظيفة ، هناك أكثر من سبيل وأكثر من طريقة ممكن للانسان أن يعتبر المال الذى يتحصل عليه ليس ماله أو مختلط به مال آخرين أو مال لا يحق له .

الله يريدنا أولاً أن نهتم بالحياة الأخرى ويكون عندنا نظرة الى الأبدية ، وأيضاً نستفيد من وجودنا فى الزمن الحاضر بما يكفل لنا أو يساعدنا على أننا نربح الحياة الأخرى ، وأن يكون لنا فيها مكان.

الأمر الثانى : أننا نستفيد أو نورد من الحياة الدنيا ما يكون لنا زاداً فى الحياة الأخرى ،

والأمر الثالث : كل مال لا يحق لنا لابد فوراً أن نبعده عنا ونعطيه لله سواء أكان بالطريق المباشر أو بالطريق غير المباشر ، نعطية للكنيسة أو نعطيه للفقراء وأيضاً أصحاب الحق ، كما قال زكا : ” ها أنا أعطى نصف أموالى للمساكين وان كنت أغتصبت أحداً أرد له أربعة أضعاف ” ما لله يعطى لله. ولكن ما للغير يعطى للغير ، لأن هذا الغير مظلوم ومضطهد ومغبون فلابد أن يرد له الشىء المسروق والشيء المغبون به .” ان كنت قد غبنت أحداً ” ان كنت قد ظلمت أحد ، أرد له ، لا أرد لله ، لا أعطيه هو لأنى أنا ظلمته.

هذه هي المعاني التي من المفروض أن يستفاد بها من هذا المثال الذى قاله سيدنا له المجد.[6]

 

 

 

مثل وكيل الظلم للمتنيح أنبا كاراس الأسقف العام

اسهروا ،

وكيف تنام أيها الوكيل ؟ ألا تعلم أنك لا تملك شيئا قط مما هو عندك ، وستقدم أيضـا عنه حسابًا يوم الدين بل ومعه ربح ؟!

ما هذا الذي اسمعه عنك ، أعط وكالتك ؟ (لو ٢:١٦)

لعل الله قد غرس الأذن فينا ، لكي نسـمع هذه العبارة المقدسة مئات المرات في اليوم الواحد ، لننشغل بها ، ولنعلم أيضـا قدر المسـئولية الملقاة علينا تجاه ما هو بين أيدينا .

لأننا بالطبع سنسأل عن الأولاد الذين يسمون في عرف هذه الحياة أبنائنا ، وإن كانت هذه التسـمية قد جانبها الصـواب كثيرا ؛ حيث أنهم أولاد الله ، وما نحن إلا وكلاء على نعمة الله فقط وعطاياه . ” البنون ميراثًا من الرب وثمرة البطن عطية منه “ (مز١٢٧ : ٣) .

فابنك هذا الذي يسـهر كثيرًا ، لكن بعيدا عن الجو المقدس والوسـط الروحي والمناخ الصـحي ، أين أب اعترافه ، أين أشـبينه ، متى أيضـا وكيف أحزن ملاكه الحارس ؟

إسـأل يا سـيدي عن كل هؤلاء وأين ابنك من الجميع ؟

وماذا تعرفين أنت أيضـا عن إبنتك ، والتي هي جالسـة الآن أمام الانترنت والقنوات البعيدة ؟ سـاعات وساعات والباب عليها مغلق ، سكون وسكوت وظلام من كل ناحية .

ترى ماذا تفعل هناك ، تقول ، ومع من هي تتحدث بينما الذئاب الخاطفة تملأ الهواء وكل المكان ؟ ليتـك تتذكرين أيتهـا الأم الفـاضـلـة قول الكتاب ” أعط حساب وكالتك “ .

وللعلم … أن كثرة خصـوصـيـات الأبنـاء ، واختباءهم في خنادق مظلمة ، تأتي حينما يمرض الود ويموت الحوار في الأسرة ، وينشغل كل بنفسه . إن الأبناء الآن يحتاجون إلى قدر كبير من المصـارحة والمصـالحة ، يحتاجون إلى قدوة ومثال وليس لعظات وأمثال ، يحتاجون أيضـا ( وهذا في غاية الأهمية ) إلى تواصـل وفتح باب للحوار ، وطريق للعودة ومجـال للود ، مرات ومرات حتى يعودوا إلى الرشـد والمنزل . نعم ليس هم غرباء عنه ، لكنهم أيضا متغربون عنا !!

ليتنا نتفهم نحن هذا الأمر ، ونعي أيضـا أننا في زمن يختلف كثيرًا عن زماننا والماضي كله .

عموما قس على ذلك أيضـا كل ما هو عندك ، مواهبك ، صحتك ، مالك ، وقتك ، تذكر دائما هذه العبارة المقدسة ” أعط حساب وكالتك ‘ ‘ .

اسهروا ،

وكيف تنام ولمن يا ترى تترك المكافأة والتطويب ؟! إذ يقول الكتاب طوبى لأولئك العبيـد الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين ، الحق أقول لكم أنه يتمنطق ويتكئهم ويقوم فيخـدمهم (لو ۳۷:١٢) ، قام القـدوس ليخدم التراب ، ورئيس الحياة يهب الأموات قيامة .

ما هذا أيها الفادي ؟

ترى ما هو السـهر الذي يؤدي إلى تلك المكافأة العظيمة ؟

” … يتمنطق و يتكئهم ويقوم فيخدمهم ” ، أي أعين تغمض بعد ، وأي أجفان تنام ، وبـأي مآقي ننعس ، بينما السيد يقف ليفعل بنا هكذا ؟ وما هو السهر ، وهل المطلوب ثقيل وليس في متناول أيدينا ؟

لقد أختزل السـيد المسـيح جميع الوصـايا وكل الناموس في عبارة مقـدسـة واحدة ” تحب الرب إلهك وقريبك كنفسك ‘ ‘

والتطبيق العملي لهذا إن الســيد الرب لا يحتاج منك سوى مزود بقر فقط ،

ولقريبك

فلسي الأرملة ،

كأس ماء بارد ،

خبزة شعير ،

ذاك يزيد .

..صـحيح إن أبناء هذا الدهر أحكم من أبناء أي النور في جيلهم ، إن الله يقـدر الجـانـب الإيجابي

التصـرف الحسـن في هذا المثل ( وكيل الظلم ) ، لا يمتدح العمل بل الفكر والفكرة ، وفي عجالة أعرض قصـة الملك الصغير ربما توضح القصد في هذا الأمر .

… وبعد إلحاح كثير قبل الشاب الصغير أن يملك على مدينته ، وهو يعلم تماما أن هذا الملك لن يدم أكثر من عام واحد ، وبعد يطرح في مكان قفر ، لا تراه شمس في وضح النهار ، وبعد أن أعلن تتويجه ملگا ، قام مباشـرة يسـأل مشيريه عن المكان الذي سيذهب إليه بعد نهاية ملكه وأيام خدمته ، وهناك رأى ما تقشـعر له الأبدان ، حيث عظام الملوك سابقيه وجماجم لا حصر لها ، ورائحة الموت تحيط بكل المكان ، غربان وجرذان كثيرة محتشـدة لاستقباله ، حيات وأفاعي ، شـيء مرعب ينبئ بمستقبل مؤلم وموت مبكر ، نزل من هناك يلهث ويسأل عن خزائن وموارد مدينة ملكه ، وبدأ يخزن لزمن الجوع وللسنين العجاف ، لقد ذهب بكل شـيء إلى هناك ، إلى الجبل والقفر ، إلى مكان الموت وقبور الملوك ، حيث المسـتقبل الذي ينتظره ، وبنى هناك وغرس جنات وفراديس ، لقد عمل كل ما يتطلبه عصـره ورقي المدينة آنذاك ، لكنه لم يتخيل أبدا ذلك وكأنه فوجئ بانتهاء العام وسـنة ملكه ومدة خدمته ، غير مصـدق قط ، وتسـاءل في غرابة شـديدة ، وهل بالفعل انقض المدة وانتهى العام منذ توليتي المسـئولية أول أمس ؟ وهكذا قال معبرًا عن سـرعة زوال العمر وانتهاء أيام الحياة وهـذا الـدهر كله ، وقـام وذهب إلى هناك سريعًا غير آسف ولا أسيف ، ذهب إلى المدينة الباقية والمستقبل الأبدي !!

وليفهم القارئ[7]

 

 

 

مثل وكيل الظلم للأب القمص يوسف حنا جاد

١-حول مثل وكيل الظلم :

مقدمة :

سألنى البعض لماذا أنت مهتم بهذا المثل

ج. هذا المثل تسبب في اثارة تساؤلات عديدة ولزمان طويل نفكر كيف أن السيد المسيح يمدح وكيلا فـي نـظـر الـبـعـض أنه يخدع سيده ـ والواقع أن هذا الوكيل قلبه وضميره صالحين ـ والذي يؤكد ذلك أن السيد المسيح فاحص القلوب ومختبر الكلى يمدح سلوك هذا الانسان ـ أمـا نـحـن الـبـشـر (الـمحـدودين في الفهم والمعرفة) ننظر للوهله الأولى لهذا الانسان أنه غير امين .. وقـد نـدينه .. فـكـيـف نـديـن انـسـان لـم يدينه الرب ؟ (عدد ۲۳: ۸)

فما هي أوجه الحكمة التي ظهرت ـ وامتدحها السيد المسيح في هذا الانسان؟ ١-أنه وكيل أمين في وكالته ـ اذ لما رأى مديونى سیده – تعثروا فـي الـسـداد رحمهم ـ وخـفـف الـديـن عليهم بالقدر الذي يسمح به عـقـد الـوكـالة.

٢-مـن حـق الـوكـيـل أن يـعـمـل اوكازيون وهـو بيع بعض المنتجات بـأقـل مـن اسـعارها (المعلنه) مع الاكتفاء بالحد الادنى للربح.. وهذا ما نراه في المحلات التجارية من أن لآخر.. وربما يعمل الاوكـازيـون حتى لا تمضى فترة الصلاحية وتصبح المنتجات في حكم التالف بسبب انتهاء صلاحيتها فمن واجبه التخلص منها بأى سعر.

٣- مـن حـق الـوكـيـل (ربان المركب) اثناء تعـرض الـمـركـب للخطر أن يلقى بالـحـمـولـه ولو كلها في عرض البحر من أجل انقاذ الـركـاب كـمـا حـدث مع أهل الـسـفـيـنـه ويـونـان ـ وحـدث أيضاً مع أهل السفينه وبولس الرسول.

٤- وهذا الاتلاف المسـمـوح بـه هـو مـن ضـمـن بـنـود عـقـد الـوكـالـة.. فـمـن واجـب الـوكـيـل ان يضحى بأى شئ في سبيل انقاذ الـركـاب ولا يعد هذا اتلافاً او تدميراً لرأسمال صاحب الوكالة ثم من قال أن الـواشـون على حق.. اليس هناك شهـود الـزور من أيام موسى النبي ـ ودائما الـواشـون والنمامون من أهل السوء لأنهم لو كانوا ابرار ما اساءوا إلى غيرهم اذ ليس لأحـد الـحـق

أن يـديـن الأخـريـن مهما كان تبعا للأية « لا تدينوا ..» الم تأتى ايزابيـل الـشـريـره بـشـهـود زور لـكـى تـقـتـل نـابـوت الـيـزرعـيـلـى وتستولى على الحقل.

٥- لو أن هذا الانسان سئ النيه فلماذا لم يبلع المبالغ كلها اليس في سلطانه أن يمزق الـصـكـوك واهـی خـربـانـه خربانه.. واليس في سلطانه أن يسرق الجمل بما حمل كما يفعل البعض الـيـوم فـي وكـالاتهم.

٦- أنه كان أميناً في وكالته فلم يستغل إلا السلطات المـمـنـوحـه لـه وهـى أن الـ ١٠٠ تبقـى ٨٠ ـ والـ ٨٠ تبقى ۵۰ فهو امين إلى الـنـفـس الاخيـر فـي وكـالـتـه ولا يريد أن يـتـعـدى الـسـلطات الممنوحـه لـه فـي حـق تـخـفـيـف الـديـون على الناس..

٧- حـتـى فـي احـكـام الـقـضـاء ـ هناك مـسـتـويـات (احـكـام) متعدده في القضية الواحدة وعلى القاضي أن يختار المستوى أو الحكم الذي يراه ضميره وعقله والمستندات المقدمه له وهـو رغم انه صائب في حكمه إلا أن النيابة اوالمتهم من حقهما الاستئناف فتصدر احکام اخرى مغايره لما سبق وتـكـون الـمـحـكـمـة أيضاً صائبه في حكمها. فرغم أن السلعة لها ثمن معين ـ إلا أن من حق الوكيل أن يـجـرى بعض التسهيلات أما لمصلحة المـديـونـيـن أو لمصلحة صاحب الوكالة تبعا لما ينص عليه عقد الوكالة ويتفق مع ضميره..

٨- الوكيل وحده هو الذي يكون اكثر امانه علـى مـال مـوكـلـه اكـثـر مـن الـواشـون لأن في معظم الحالات الـواشـون اصحاب مصلحه (خاصه بهم) ـ فان لـم يـلـبـي الـوكـيـل مصالحهم صار غير مرغوب فـيـه كـالسيد المسيح حينما تعارضت مصالحهم (رؤساء الكهنه) مع (الحق) وشـوا بالسيد المسيح نسبوا إليه وشايات ليست صحيحه ـ ولـكـن لأن الناس مصالح في مصالح نجـحـت الـوشـايـه ـ وصدر الامر لصالحهم حتى لا يهتز كرسى بيلاطس ـ فإن أنت اطلقت هذا فلست محباً لقيصر مع الملاحظة بان الـواشـون لـم بتهمونه بانه سارقا او خائنا انما مبذرا. ما هي السلع التي كانت فـي حـوذة وكيل الظلم؟ لو ١٦/ ١السلع هي القمح والزيت (ضرورات الحياة) ويبدو انه كان يبيع للناس شكك نظرا للحالة الاقتصادية ولما تعثر البلطجية عن السداد وشـوا به لدى السيد العظيم – ولعل ابليس هو صاحب الفضل في الوشايات والشكاوى ضد وكلاء (الله) على الأرض.. الم يشـى بـأيـوب الصديق واثار غضب الله (هيج الله ضده ای ٢/ ٣ ) ولذلك يسميه الـوحـى الالهى بالمشتكى على اولاد الله.

٩- حكمة هذا الانسان تجلت في أنه :

١-لم يتهرب من المسئولية وذلك بأن يسـجـن مـديـونـي سيـده ويخرب بيتهم لعدم سدادهم ديونهم .

٢- أنه لم يتجاوز نسبة الخصم الذي من حقه أن يمارسه مع المديونين.

٣- أنه فـكـر واجـهـد تـفـكـيـره .. في السؤال ماذا بعد أن تنتهى هذه الوكالة ـ وهي الحياة ـ فأى أبدية تعدها لذاتك يا أخى المؤمن .

هل مع العذارى الحكيمات أم العذاري الجاهلات ؟

٤- أنه ادرك أن المديونين لصاحب الوكالة هم أخوته ـ وان سيده العظيم سيترك لهم الديون كلها سواء كانت كبيره أم صغيره ـ وتذكر قصة يوسف الصديق وكيف أنه رد ثمن البضاعة ( القمح ) لاخـوتـه فـي عـدالهم ـ المرة الأولى والمرة الثانية ـ ولـم يـعـتـبـر فـرعـون ان يـوسـف مـخـتلساً لثروة مـصـر ـ بل كان حكيماً فـي نـظـر فـرعـون مـصـر.. (تك ٤٢)

لقب الوكيل في هذا المثل بوكيل الظلم لا لأنه ظلم سيده ـ بل لأنه يحيا في عالم الظلمة وارض الخطية تماما. كما لقب الابن الضال بالابن الشاطر لا لأنه رجع إلى بيت ابيه بل لأنه شطر (قسم) ثروة ابيه إلى نصفين ولا يخفى أن هناك مثل اخـر وهـو قـاضـى الظلم ـ ذلك لأنه يعيش في عالم الظلمة وليس لأنه يظلم الناس في احـكـامـه ـ لأن رسالة القاضي هو ارساء العدل بين المتنازعين في أي عـصـرمهما كـان فـكـره أو لونه .

لماذا مدح السيد المسبح هذا الوكيل ؟ لأنه بحكمة صنع

١-صنع توازن بين وفائه لسيده فهو حافظ على أصل رأس ماله ولم يبدده .

٢- كان صاحب وفاء مع مديوني سيده فجعل الصكـوك بحقيقتها وليس بالارباح او الفائدة التي تضعها البنوك على

كاهل العملاء.

٣- فكر في نفسه – و هل من العيب ان يفكر الانسان في نفسه و يخطط مستقبله أليس التفكير في امر الغد هو الفارق الـوحـيـد بين الانسان و الحيوان فالكل يأكـل و الـكـل يشرب و الـكـل يتكاثر – لـكـن الانسان هو الوحيد من بين المخلوقات الذي جعله الله يفكر في كيف يؤمن مستقبله الزمني و الابدي و دعاه بـقـولـه كـونـوا حـكـمـاء كالحيات ( اذ تحمي نفسها عند وقوع الخطر ) و بسطاء كالحمام .

سؤال من هو السيد في هذا المثل ؟

هو صاحب الوكالة … فياتري ما هو موقفه من وكيله الذي وشي به و لما اراد ان يـطـرده تحقق من حكمته فمدحه . هل سيطرده بسبب الوشاية ام يستفيد بحكمته هذا يتوقف علي كيف يفكر هذا السيد فهناك من بقول ان الزن علي الودان اقوي من السحر فهناك فـوطـيـفـار الذي استجابه لنداء ووشاية زوجته و هناك من السادة من يبقي علي حكمائه و مشيريه حتي لـو كـان يـكـرهـم الاخرون – او المحيـطـون بهذا السيد.

٢ – أهل الظلمة (العالم )وأبناء النور

من يسلك بحسب الوصية الانجيلية هو من ابناء النور .. ومن يسلك بحسب سلوك اهل العالم فهو من ابناء الظلمة وبارادتك تتأرجـح بـيـن ابـنـاء الـنـور أو ابناء الظلمة فأبراهيم حينما اطاع الله كان من ابناء الـنـور ـ ولـكـن لما خاف وادعى أن ساره اخته كان دبلوماسياً وسلك سلوك أهل الظلمة (بحسب حكمة هذا الدهر) ويـعـقـوب كـان من ابناء النور ولـكـن حينما خـدع اباه بقوله أنا بـكـرك عيسو سلك سلوك اهل الظلمة من أجل (مصلحته الخاصه). وكان داود النبي من ابناء النور لكنه حينما اخطأ وسلك سلوك أهـل هـذا الـدهر وبدأ يفكر تفكير شيطاني (من سلطان الظلمة) في كيف يغطى جريمته ويقتل زوجها في الحرب. فبولس الرسول يدعو ابناء الله إلى أن يكونوا ابناء النور وليس ابناء الظلمة ـ أي يسـلـكـوا بحسب الوصية الانجيلية المسيحية ” أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة “.

أما أن يكون الانسان مولود في النعمة ويسلك سلوك أهل العالم ـ فهو بارادته يترك النور ويسير في الظلمة تماماً كديماس الـذي تـركـنـى (بولس الرسول) اذ أحب العالم الحاضر فصارت له أبدية أهل العالم ـ وهي الظلمة الخارجية والبكاء وصرير الاسنان لقد بدأ في النور لكنه انتهى بالظلمة أما موسى الاسود فبدأ من أهل الظلمة لكنه اتبع وسـلـك كـأبـنـاء الـنـور فـصـار قـديـسـا مـشـهـودا له. ومما يؤسف له أن ابناء هذا العالم احياناً يـكـونـون احـكـم فـي الخطط الشريرة. فلماذا لايتمثل بهم ابناء النور ولـكـن فـي الخطط الروحية لخلاص انفسهم. ولكي تقتنى الحكمة لابد أن تـفـكـر وتـجـتـهـد فـي الـتـفـكـيـر.

الـفـرق بـيـن الـجـاهـل والـحـكـيـم ـ أن الجاهل يـفـكـر كيف يعيش يـومـه بـيـومـه ـ أمـا الـحـكـيـم فـيـفـكـر في نهاية مشواره في الحياه وكيف يجب أن يـكـون وعليه أن يبدأ من اليوم لتحقيق نهاية الـمـشـوار.

الجاهل الذي يريد أن يبني بيت يبنيه على الرمال – أي السطحية في التفكير وبدون دراسة بل ودراسـة كثيفه أما الحكيم فيستعين بخبراء التربة ويدرسون نوعية الارض وخبراء الهندسة يحددون له عمق الاساس وارتفاع العمارة ويبدأ في تدبير النفقات لهذا الامر. الجاهل والحكيم يعيشون معاً في أرض الظلمة (العالم) أرض الشقاء كالعذاري الحكيمات والجاهلات كلاهما يعيشون لهم نفس الشـكـل (الـخـارجـي) ـ أما الضمير والاعمال الصالحة لا يعملها إلا الله . وطالما أن العريس مبطئ فـي قــدومـه ـ فـنـحـن طـال بنـا الزمان أو قل سوف تأتى ساعة وننام فيها منتـظـريـن قــدوم العريس هل منتصف الليل أم الهزيع الرابع من المساء؟. وعندما يأتي العريس ويبدأ النور الحقيقي في تبديد الظلام (الحقيقي) ـ عندئذ فان الحكماء سيضيئون مصابيحهم أما الجاهلون (بالامر) فمصابيحهم سوف تنطفئ ـ وهذا المثل ..

هو دعوه من الله لابنائه أن يتعاملوا مع حياتهم الارضيه بحكمة يقتنون بها حياتهم الابدية. وأن تكون حياتهم الارضية هي الجذر الذي ينبت لهم ساق شجرة اعمالهم الصالحة التي يتمتعون بظلها في الأبدية الاكيده. فالأبدية هي الاكيده لـكـن الارضية هي التي سوف نتركها شئنا أم لم نشأ. والمسئولية تقع على كل فرد تبعا لإيمانه وثقافته ومحبته وحجم وكالته ـ ولـكـن من المعروف أن مـن يـقـدر أن يعمل حسنا ( أي رحمة بالاخرين ) ولا يعمل فهذه خطية والحكيم في وكالته المؤتمن عليها يجب ان يستغل كل مواهبه وامكانياته ـ فما الفائده في وكالة يكسب فيها الـوكـيـل مـن بـعـض عـنـاصـرهـا ويـخـسـر مـن عـنـاصـر اخـرى ـ الـواجـب عليه أن يتخلى عن العناصر التي تسبب له الخساره بأي ثمن حتى لا تزيـد الـخـسـاره وتضيع الارباح التي حصل عليها ـ فان كـان الـخـيـر الـذي تـقـوم بـه كـبيـر جـدا لـكـن تـعـثـرك عينك فاقلعها والقها عنك خير لك أن تدخل الحياه (الابدية) اعور من ان تعيش بهذه العين التي تتسبب في غرق الجسم كله في جهنم النار ـ الابدية. كالشاب الغني الذي تمسك بأمواله وكانت امواله هي السبب في هلاكه وحذف اسمه من سفر الحياة الابدية.

عزیزی أنت مصری لأنك مولود في مصر بدون اراده وبارادتك تحصل على جنسية اخـرى فـتـصـبـح مزدوج الجنسية ستفقد بعض الـحـقـوق ـ وسـتـكـتـسـب حـقـوق اخـرى. كذلك أنت مولود في عالم الظلمة (الارض) بدون اراده – وبارادتك تحصل على جنسية اولاد النـور ـ فـسـتـخـسـر بعض الـحـقـوق .. وسـتـكـتـسـب حـقـوق اخرى ولك وحدك ان تختار.

٣ – الوكيل والأجير

الاجير هو انسان لا يملك شئ ـ لكنه يعمل لدى صاحب العمل ـ ويأخذ اجرا اخـر الـيـوم أو الاسبوع أو الشهر ـ حسب نوع الايجـاره. أما الوكيل فجرت العادة ـ أن يعمل لدى مـوكـل ولا يـكـون له اجر بل نسبه في الارباح قد تصل إلى ٢٠٪ من الارباح اخر السنة.

– ولما كان صاحبنا هذا سيترك الوكالة ـ بسبب الوشابه أنه (مبذر) وقد تنتهى المشكله بأنه يخرج صفر اليدين. وربما صدر له الامر من الموكل فعلاً بأنه سوف يأتى اليوم فلا يريد أن يـجـده بـالـوكـالـة فـكـيـف يأخـذ حـقـه وهـو الـ ٢٠٪. نعم هو لن يأخذ شيئاً من متعلقاته الارضية (وكالته) – فـالـكـفـن بدون جيوب والحكمة تقتضى ان ننتهز الفرصة وتصنع لك اصدقاء بالامكانيات المتاحه لك من الله والتي لم تدفع فيها شيئاً ـ لانك اصلا لا تملك شيئاً ـ اذ عـريـانـا خـرجـت مـن بـطـن امـك وعـريـانـاً تـدخـل بـطـن الـقـبـر.. لذلك قال في نفسه بأن حـقـى لـدى صـاحـب الـوكـالـة بسبب الوشـايـة لـن احـصـل عـلـيـه لكـنـنـى لـو اودعـتـه لـدى الـمـديـونـيـن فـلـن يضيع لذلك اختار هذا الطريق وهـو ايداع حـقـه الـمـشـروع (حسب عـقـد الـوكـالـة) لدى المديونين بدل ما يضيع عليه خالص وطبعاً هذا الحق لم يكن خاص به بل هو حق اولاده واسرته. الم يقل الرب لبنى اسرائيل عند خروجهم من ارض مصر (اسلبوا المصريين) , ولم يكن هذا تشجيعاً على السلب والنهب بل كان أن بني اسرائيل عملوا لدى المصريين ٤٣٠ سنة ولم يأخذوا اجرا منهم بل كانوا مـسـتـعـبـديـن فـي البناء وبـالـكـربـاج فأذن الله لهم أن يأخذوا ولـو جـزءاً من مستحقاتهم لدى المصريين.

أحبائـي هذا المثل يحث على الحكمة والحكمة معناها أن تحمى نفسك من ايذاء الاخـريـن ومـن ايذاء الزمن والتجارب. وأن تقتني لنفسك ابدية سعيده لك ولاسرتك ولـكـل مـن يـرتـبـط بك وأنت حر الاراده ويبقى السؤال واضح امامك وهو استعد للقاء الهك لـتـعـط حـسـاب الـوكـالـة فـان كـان هـذا الـوكـيـل حـكـيـمـاً فالسيد المسيح هو أقـنـوم الـحـكـمـة.النظرة السطحية لهذا المثل تبين لنا أن الـوكـيـل مـخـطـئ ـ لـكـن السيد المسيح يدعو كنيسته إلى الدخول إلى الـعـمـق ـ لكى نصطاد سمكاً كثيراً فكلمة الله عميقة وكـل مـن يـنـزل إلى اعماقـهـا يـجـد كثيرا من التعاليم التي لاتراها ونحن نقف على شط البحيرة فهناك فرق بين أن يبحث الانسان في كلمة الله ويتذوقها وبين أن يقف الانسان كمتفرج على كلمة الله والأن كيف يتحول الانسان الـوكـيـل فـي عالم الظلمة إلى وكيل في عالم النور

لقد خلقك الله في ارض الشقاء ارض الظلمة بدون ارادة وبأرادتك أن تنتقل إلى عالم النـور كـوصية المسيح سيروا في الـنـور مـادام لـكـم الـنـور لئلا يدركـكـم الظلام.

١) الخطوة الأولى من لا يعتمد من الماء والروح لـن يـعـايـن ملكوت الله النور الحقيقي الذي يضئ لكل انسان اتيا إلى العالم. والمعمودية هي ثياب الـعـرس القانونية .

٢) تسلك كما يليق بأنجيل المسيح لأنه قد احب الناس العالم (بظلمته) أكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة.٣

٣) أن تكـون ثيابك (سـلـوكـك) بيضاء لـكـى يـنـعـكـس عـليـك نـور المسيح فتضئ للأخـريـن كـمـا يـقـول اذ يرى الناس اعمالكم الحسنة فيمـجـدون اباكم الذي في السموات.

٤) الذي يجعلك تضئ اكثر من الآخرين هو اعمال المحبة والرحمة كالعذاري الحكيمات والسامرى الصالح – فنجماً يمتاز عن نجم في السمائيات تبعاً لمقدار المحبة الكامنة في قلبه.

٥) أن تتحد بالله من خلال سـر (التوبة والاعتراف) وسـر الـتناول باستمرار لكي تكون الاضاءة النابعه من داخلك – اضاءة مستمرة مـتـزايـده.

٦) الصوم والصلاة هما الوسائط الروحية التي من خلالها نكون صالحين لنقل النور الحقيقي ـ إلى الآخرين فاهمال الصوم والصلاة في حياة المؤمن اشبه بالعازل ـ الذي يحجب الـنـور والـكـهـربـاء عـن الآخـريـن.

٧) أن تعـرف حـجـمـك وقـدرتـك وقـدر وكـالـتك ولا تتعداه وأن تضع الله امامك في كل قرار أو نظرة أو كلمة وتردد مع يوسف الـصـديـق كـيـف اصنع هذا الشر العظيم واخـطـئ إلى الله.

عندئذ حتى وان كنت تعيش في ارض الظلمة لكنك سـتـكـون وكيلاً في عالم النور وليس وكيلاً في عالم الظلمة. وعندما يأتي القرار الالهي بأنتهاء الوكالة سيكون مصيرك كمصير اليعازر المسكين. مات اليعازر المسكين حملته الملائكة إلى احضان ابونا ابراهيم ـ (عالم الاحياء) ـ أما الغني فمات ودفـن واسـدل التراب عليه إلى الابد ـ (عالم الاموات). – ابناء النور مصيرهم الابدى رثوا الملك المعد لكم منذ انشاء العالم. ابناء الظلمة مصيرهم الابدى الظلمة الخارجية والبكاء وصرير الاسنان.

٤- المال في ثلاثة امثال للسيد المسيح

مثال الابن الضال (لو ۱٥- ۱۱: ۲۵) (المثل الاول)

للسيدالمسيح كان أنسان له ابنان ـ قال اصغرهم لابيه يا أبي اعطيني القسم الذي يصيبنى من المال .. وبعد ايام جمع ماله وسافر إلـى كـورة بعيده وبذر ماله بعيش مسرف فلما انفق كل شئ .. ابتدأ يحتاج ـ .. ثم رجع إلى نفسه وقرر أن يرجع إلى بيت أبيه مرة اخرى كـعـبـد ولـيـس كـأبـن المال هنا مال الأب ـ ولـكـن لـمـا اخـذه الابن صار ماله الخاص – فالابن في حقيقة امره لا يملك شئ لأنه عـريـان خـرج مـن بـطـن امه وعريان يعود إلى هناك. الابن لا يملك شئ ـ لكنه صار وارثا ولـو بصفه غير قانونية لأن ابيه مازال حيا ـ وكـان يـمـكـن لأب اخـر أن يرفض طلب ابنه (الخارج عـن حـدود الـليـاقـة والـقـانـون والذوق) ـ بـل ومـن حـق الاب أن يـطـرد ابـنـه صـفـر الـيـديـن طالما أنه كامل السـن ـ ولـكـن هذا المثل يوضح أو يشرح لنـا عـلـى لسـان السيد المسيح أن السيد المسيح (إله العهد الجديد) لا يعاقب الابن رغم تهوره واندفاعه وخطأه (بالـقـانـون) بل أنه التي تغـفـر لاسبع مرات بل سبعين مرة يعامله بمحبته سبع مرات .. فهذا المثل يركز على قبول الله للخطاه وليس لكى نتعلم

قلة الذوق أو التبجح في علاقة الابن بأبيه حينما طلب وقال يا ابی اعـطـنـي نصيبي من الميراث. ملخص المثل مرة ثانية في نقط بسيطه .. المال ـ مال الاب .. (الله) لما أخذه الابن (الخاطى) صار ماله ولـو أنـه بـدون وجـه حـق ..

الهدف من المثل ان الله والسماء تفرح بخاطئ تائب عاد إلى رشـده وعـقـلـه أكثر من مائة بار لا يـحـتـاجـون إلـى تـوبـه (الابن الكبير).

المثل الثاني (لو ١٦: ١ – ٩) وكيل الظلم ..

قال السيد المسيح انسـان لـه وكـيـل وشـى بـه بأنه يبذر امـوالـه ـ فدعاه وقال لـه اعـط حساب الوكالة.. فـقـال الـوكـيـل ماذا افـعـل بعد أن يطردني سيدى استحي أن استعطى ولا استطيع أن انقب … فذهب إلى مدیونی سيده وصنع منهم اصدقاء بحسب ما ورد في المثل.. وكان التعليق أن السيد المسيح مدح هذا الانسان لماذا ـ لأنه بحكمة صنع .. واوصانا بـقـولـه اصنعوا لكم اصدقاء بمال الظلم حتى اذا فنيتم يقبلونكم في المظال الابدية..

وللوهلة الاولـى نـقـول ان السيد المسيح في هذا المثل يشجع على الـسـمـسـره أو السرقة حاشا لله.. تماماً كمن ينظر إلى السيد المسيح حينمـا يـدعـونـا كـونـوا حـكـماء كالحيات يعنى نقرص من تحت لتحت أو كـمـا يـسـخـر اعـداء المسيح مـن قـول يوحنا المعمدان عن السيد المسيح أنه حمل الله الذي يرفع خطية العالم ـ يعني أن السيد المسيح خروف؟ وقلنا وسـنـقـول أن كل مثل له جانب واحـد ولا

يحتمل أكثر من هذا الجانب أن احـسـنا الـتـفسيـر ـ امـا أن يـكـون الانسـان قـصـيـرا في قامته الروحيه ويفترض اشياء في غير مجالها يبقى هو حر ..

أن يـكـون الانسـان قـصـيـرا فـي قـامـتـه لا مانع أن يـسـتـعـيـن بـالاخـريـن ولـو بـجـمـيـزة لكي يرى الحكمة التي في كلمات الرب يسوع. مثل وكيل الظلم هو الانسان الذي لايملك أي شئ وهو عـريـان خـرج مـن بـطـن امـه وعـريـان يـعـود إلى هناك. السيد هنا هو السيد المسيح الاله الخالق غيـر الـمـحـوى غير الـمـدرك الـذي مـن محبته للأنسـان خـلـقـه فـي احـسـن صـوره عـلـى صورته ومثاله واعطاه السلطان على جميع المخلوقات التي تـعـنـى الـوكـالـة ـ واحـسـن شـئ منحه الله للأنسـان هـو الـحـريـة – ولـكـن الـحـريـة لابد أن يكون لها اطار لا تتعداه فكانت الوصية بحيث لا يـعـتـدى لا على الكرامة الالهيه ولا على كرامة اخيه الانسان. وجـوهـر الـوصية هو حب الرب الهك من كل قلبك ومـن كـل فـكـرك ومـن كـل قـدرتـك وقـريـبك مثل نفسك ..

ولكن هذا الانسان استغل هذه الحرية (الوكالة) واستحق الـمـوت والطرد إلى این..؟ قال الرب لادم انزل إلى ارض الشقاء ارض الالم والـدمـوع شـوكـاً وحـسـكاً تنبت لك الارض – وقال ايوب مولود المرأة قليل الايام شبعان تعباً ـ هذه هي الوكالة التي يعمل فيها الانسان وهي الحياة الدنيا ـ الباطلة ـ قال عنها المسيح انتم (یا اولادی الاحباء) لستم من هذا العالم انتم غرباء ـ أنتم سـفـراء كـقـول بـولـس الـرسـول. ولذلك أينما حل روح الله في أي مكـان يـقـول (لـيـكـن نـور) أما المكان الذي لا يحل فيه روح الله فهو ظلمة.

عزيزى الوكيل .. هل انت ستظل وكيل على طول ـ لا ـ بل ستنخلع من هذا العالم ـ فما هو مصيرك بعد ان تنخلع من هذا العالم هل ستعيش مع الناس الذين يأكلون ويشـربـون لانهم غداً يموتون أم انك تطمع أن يـكـون لـك شـركـة الـعـذارى الحكيمات مع العريس في الأبدية ؟؟.

المثل المذكور يتلخص في العدد (٤) ماذا افعل حتى اذا عزلت عن الوكالة يقبلوني في بيوتهم. فصنع له اصدقاء مـن مـديـونـي سيـده.. ولـيـسـوا مـديـنـون لـه شـخصيا لأنه لا يملك شئ.

+ من هم مدیونی سیده

+ هم الفقراء والمساكين ـ وقال عنهم السيد المسيح اذا عملت وليمه ادعـى الـفـقـراء الذين ليس لهم أن يـكـافـئـوك. هم الكنيسة الذين قال عنهم السيد المسيح من يـكـرمـكـم يـكـرمـنـي ومـن يـكـرمـنـى يـكـرم الذي ارسلني.

+ هم البشـر عـمـومـا مـن أي لـون مـن أي جـنـس اذ ان الجميع هم خليفة الله وصورته ومثاله ولذلك امتدح السيد المسيح السامري الصالح وايضا مدح العذارى الـحـكـيـمـات بـقـولـه كـنت جـوعـان فـاطـعـمـتـونـي وعـطشان سقيتموني ومـريـضـا زرتـمـونـي ـ فقيل له متى رأيناك بهذه الصورة فقال ما فعلتموه بأخـوتـى الاصاغر (مـديـونـي سيـده) فبى قد فعلتم.

في مثل وكيل الظلم كل انسان هو وكيل على وزنات كثرت ام قلت لا فضل له في ذلك ـ ابن ملك ابن وزيـر ابـن فـقـيـر ـ لا شأن لك بحجم الوكالة. الوكالة ليست دائمـه بـل مـوقـتـه ـ وعليك ان تصنع لك اصدقاء بحكمتك (التي لا تتعارض) مع حكمة الله ـ اصدقاء يـقـبـلـونـك يوم الحكم العظيم – وان تقتني لك زيت يضيئ مصباحك امام العدل الالهى.

المثل الثالث (لو ١٦: ١٩ – ٣١)

مثل الغنى واليعازر ويبدو أن هذا المثل يكمله مثل الغنى الغبـي (لـو ١٢: )۱۹ مشـكـلـة الـغـنـي الـغـبـي ـ أنه قال اهدم مخازنى وابنى اوسع منها ـ واقـول لـنـفـسـی کلی واشـربـى وتـنـعـمـى ـ لان لك خيرات كثيره لسنين عديده ومشكلة الغنى هنا أنه كان يلبس الارجوان والبز ويتنعم كل يوم مترفها.. متناسياً اليعازر المسكين مشكلته أنه كان يظن ان الـوكـالـة مـخازني دائمة إلى الابد ولم يدرى أنها مؤقته ـ وأيام غربه طالت أو قصرت هي أيام وأنه غريب فالغنى لقبه الوحى الالهي بالغبي لأنه ظن أن وكالته دائمة سـنـيـن عـديـده ووكيل الظلم لقبه السيد بالحكيم لأنه فكر في مستقبله ماذا بعد أن اترك الوكالة الارضيه واقف امام منصة العدل الالـهـي اعـطـى حساب الوكالة.

– الغنى الغبي ظن أن حياته في ماله ونسي انه عريان خرج من بطن امه وعريان يعود إلى هناك ـ اما الوكيل الظلم ففكر ـ والحكمة تقتضى التفكير في أي مشروع قبل أن تبدأ اول خـطـوه .. اول خـطـوه عليها اساس كبير في سلامة المشروع

ـ فإن كانت سليمه يبقى المشروع سوف يكتمل ـ أما اذا كانت اول خطوه (الاساس) غير صحيحه فالبناء كـلـه مـعـرض للانهيار.. وهي دعوة إلى حساب النفقه ـ فماذا افعل بعد ان يطردني سيدي من الوكالة ـ هذه الـفـكـره ـ هي اساس ان يعد الانسان لنفسه ابدية سعيدة مع الله فالابن الضال قال ان العبودية في بيت ابي افضل بكثير من الشقاء مع اهل العالم. وهكذا يوسف الصديق قال في نفسه ان السجن الله ارحم بكثير من بيت فوطيفار الذي يعاني من الـجـوع الروحي والعطش الالهى. ومعلمنا بولس يبدأ رسائله إلى الكنائس بـقـولـه بـولـس عبد يسوع المسيح. الابن الضال رجـع بـمـزاجـه إلى بيت ابيـه ـ ويـوسـف الـصـديـق هـرب بمزاجه من بيت الخطية .. وبولس الرسـول قـبـل الـدعـوة وقال ماذا تريـد يـارب أن افعل؟.

الغنى الغبي احـتـفـظ (بمواهب الله) لنفسه وكنزها لنفسه وبخل على الاخرين (اليعازر المسكين) بعطائه ـ فاستحق العذاب واللهيب يوم الدينونة. والشاب الغنـى ظن أن امواله تمنحه الحياة الابدية ـ لكـنـه خـسـر كـل شـئ بارادته وقراره. الوكيل الظلم هو حلقة اتصال بين الابن الضال .. والغنى الغبي. فالابن الضال بدد ماله (اعتبر المال ماله) بعيش مسرف. والغنى الغبى کنز امواله وحفظها لنفسه وليس لله مانحه الحياة.. أما وكيل الظلم .. فلم يدعى أنه صاحب المال بل لو كان باستطاعته أن يعيد الاموال لسيده لـفـعـل لـكـن الـمـشـكـلـة ان مـديـونـي سـيـده تـعـثـروا فـي الـسـداد نظرا للحالة الاقتصادية ـ وربمـا نـظـر الـوكـيـل إلـى سـيـده الـغـنى (جـداً جداً) على أنه سوف يتنازل عـن حـقـوقـه لـدى الـمـديـونـيـن ويـعـتـبـر حـقـوقـه لديهم (كـديـون مـعـدومـه) فـان قـل الدين أو زاد فهـو لـن يحصل منهم شيئاً.. لأن الـمـديـونـيـن حالتهم دون المستوى.. وهـو يثق في ان سيده واسع الثراء جدا.. (لانه الله) معطى الجميع خيرات بسخاء ولا يعير. فظهرت فراسة الوكيل أنه رغم انه لا يملك شئ وانه عريان خرج من بطن امه وعريان يعود إلى هناك إلا انه صار صاحب فضل علی مدیونی سیده فبدل ما كـانـوا مـديـونـيـن بمائة صاروا مديونين بثمانين وعـمـومـا هو خفض لهم الدين. وصار له كرامة في نظرهم لأنه استغل (سلطانه) لصالحهم مما يدل على أنه يشاركهم مشاكلهم واما السيد الكبير والغنى فإنه سوف يسامح مـديـونـيـه وسـواء كـان الـديـن كـبـيـر أم صـغـيـر.. فلن يهمه هذا الامر كثيرا.. لأنه ذو قلب ملآن محبة كبيرة. الم يغفر للمرأة صاحبة الخمسة ازواج ـ الم يغفر للص اليمين في التو واللحظة التي سأله فيها الغفران ـ وهناك نقطة لابد من ذكـرهـا وهـو أن الجميع ينظرون إلى هذه الامثال على أنها وكالة على اموال وبالانجليزية money لكن هذه الامثال تنطبق على كل ما للانسان من نعـم ومـواهـب وبـركـات وصحه منحها الله لك ـ ولم تدفع فيها شيئاً.. والـواجـب أن تستخدمها فيما يمجد الله ـ عندئذ يرى الناس اعمالكم – الحسنة فيمجدون اباكم الذي فـي الـسـمـوات.. أما أن اسأت استخدامها فـسـوف يـجـدف على الله بسببكم. فهناك من اسـتـخـدم عقله في تدمير البشر بالقنبلة الذرية وهناك من سخر الذرة من أجل العلاج .

امثله لاستخدام الـعـقـل فـي الـشـر

ا-  أن يـفـكـر الانسان (آدم) في أن يؤله ذاته.. والـرب يـقـول انـا هـو الرب إلهك لا يـكـن لك الهه اخرى امامی.

٢- عبادة الأوثان يقع فيها الانسان بسـوء تفكيره وقلة عقله الم يبخر سليمان لأوثان نسائه..

٣- اسـتـخـدام عينيك في الـشـر كـداود وزوجـة اوريا الحثي.

٤- أن تـكـره اخوك الانسان (الذي هو صورة الله ومثاله وتعمل على ازالته من طريقك) كقايين قاتل هابيل ـ واخاب قاتل نابوت وداود قاتل اوريا ـ وانا وأنت حينما ندين او نـكـره الاخـريـن.

٥- حينما يسلم الانسان ذاته للشيطان كـفـرعـون يـحـارب رجال وشعب الله. وكهيرودس يحاول أن يـقـتـل يـسـوع فـي طـفـولـتـه والاباطره الذين قتلوا شهداء الكنيسة على مر العصور والازمان والاجيال..

عزيزى

أن السيد المسيح في تجسده اراد أن يعلمنا وصار المعلم الصالح – وقال تعلموا منى هكذا علم بحياته وامثاله واقـوالـه ـ ودعـى الـكـل لـكـى يتعلم ـ علم البسطاء بالامثال وعلم الفلاسفة بالحكمة ـ وقال من له اذنان للسمع فليسمع ثم قال أن هناك مـن لـهـم أعـيـن ولـكـنـهـا لا تـبـصـر ـ ومـن لهم اذان ولكن لا تسمع ـ عزيزي أن قساوة القلب هي التي تعمل غشاوه على العينين فلا ترى وهذه الغشاوه نزلت من على عيني شاول حينما اعتمـد وصـار بـولـس الـرسـول –

رؤساء الشعب حينما رأوا المعجزه العظيمة وهي تفتيح عيني المولود اعمى ماذا قالوا عـن يسـوع ـ قالوا أنه خاطئ لأنه لم يحفظ السبت؟. لذلك قال لهم السيد لو كنتم عميان ما لكم خطية ولـكـن لأنكم مبـصـريـن فـخـطيتكم باقية ـ ولان عيونهم عيون عميان فحينما رأوا معجزة اليعازر الذي قام بعد اربع ايام من موته قالوا في انفسهم ـ هلم نقتل يسوع ونقتل اليعازر ايضا.. لئلا ينفض الناس من حولنا.. ويفـقـدون مجدهم الارضى وكرامتهم لدى الرومان.. وكانت المحصله لهذا الزوغان الـروحـي والـقـلـبـي هـوذا بـيـتـكـم يـتـرك لـكـم خـراب .

٥ـ الوجه الآخر في مثل وكيل الظلم

ماذا لو أن هذا الوكيل عندما سمع أن سيده سيأخذ منه الوكالة. ولكي يثبت براءته عمل قضايا على مديـونـی سـیده واستخرج لهم احكام بالحبس وجاء سيده يوم أن تفتح الاسفار وجد هذا الوكيل يدين جميع مدیونی سیده وخـارب بيتهم ومشردهم كما يفعل أهل العالم اليوم.. هـل سـيـقـول له السيد بـرافـوا.. أم سيقول له يا أخى خلى عندك رحمه أما سامحتك في العشرة الاف التي عندك ـ فبالاولى كنت تتمهل على أولئك العبيد رفقاؤك في الحالة الاقتصادية السيئه والتي يعاني منها الجميع؟؟ (مت ۱۸: ۳۱) أنه مما يدل على الحالة الاقتصادية السيئه فـي زمـن المسيح مثل العبيد الذين اتوا في الساعة الخامسة مساءا وظلوا طول النهار بطالين لأنه لم يستأجرهم أحـد .. ومن سماحة السيد أنه اعطاهم كالذين عملوا معه من اول النهار (مت ۲۰: ۷)

ان هذا الـوكـيـل (وكيل الظلم) كان حكيماً لأنه فهم اسلوب وإرادة سيده في ادارة وكالاته المتعدده لذلك كان جريئا في اتخاذ هذا القرار وهو تخفيف الديون التي على عبید سیده لأنهم أحباء وأخـوة لسيده الكبير. الم يقل ما فعلتموه بـأخـوتـى الاصاغـر فـبـي قـد فعلتم عـزيـزى أن الوكيل الامين هو الذي يفهم ارادة وطبيعة سيده ويعمل على تنفيذها بكل امانه وبـكـل قـوة وبـكـل سـرعـة بدون تباطؤ. عـزيـزى أن الشاب الغني سمع من السيد المسيح شخصياً بع مالك واعـطـه لـلـفـقـراء فاغتم ولم يسمع ولم ينفذ بل مضى حزيناً..

عزيزى ليس انسان بلا خطية .. ولا سيد بلا غـفـران .. هذه هي التسبحه التي نرددها في الكنيسة كل يوم .. والأن ارجـوك ان تحكم بنفسك على المرأة التي امسكت في ذات الفعل سـتـقـول أنا وانت انها تستحق أن ترجم اما السيد الكبير فيقول بل ترحم

ماذا تقول عن اللص اليمين نقول انه مستحـق المـوت لـكـن السيد قال بل يسـتـحـق الـفـردوس.

والان سؤال نتقدم به إلى كل قارئ ما علاقتك بهذا المثل؟ وهل ينطبق عليك؟ وما هي حدود وكالتك؟ وما هي علاقتك بمديوني سيدك؟ هل سترحمهم وتخفف الديون عنهم بتقليل ادانتك لهم؟ ام سـتـكـون عـادلا وتحولهم إلى القضاء بـل وتـحـكـم عليهم احيانا.. وهل ستقف امام الله وفـي كـل قـداس إلهى وتصرخ كـرحـمـتك يارب كـمـا رحـمـت مـديـونـيـك.. أم تـقـول لـه يارب بل عاملنا حسب عدلك..

قصة عن القديس توما الرسول

ذهب يـكـرز ببلاد الهند وباع نفسه كعبد لملك الهند الذي اعطاه مالا يبنى له قصرا به. اما توما الرسـول فـوزع هذه الاموال عـلـى الـفـقـراء وبعد فترة عاد الملك إلى القديس توما يساله عن القصر والاموال فقال له توما انها في بطون هؤلاء الجائعين ـ فقبض عليه ووضعه في السجن. وذات ليله حلم الملك أنه في الابدية وأن احد الملائكة يتجول به وسط الفردوس فرأى قصراً بهيجاً فسأل الملاك لمن هذا القصر؟ فقال له الملاك أنه لجلالتكم اذ ان توما الرسول اشـتـراه لـكـم. عندئذ استيقظ الملك من حلمـه وعـفـا عـن تـومـا الـرسـول واعـطـاه حـريـة الـكـرازة في بلاد الهند. أنه نموذج حي لهذا الوكيل الظالم في نظر الناس لكنه حكيماً لدى الله. كذلك الم يكن الانبا ابرام أسـقـف الـفـيـوم الـمـشـهـور بالعطاء ـ وشـى به انه يبذر اموال المطرانية لدى الـفـقـراء اخـوة السيد المسيح. وصار الآن مضرب الامثال في كيف يجب ان يكون العطاء والـغـفـران لـلآخـريـن وبـلا حـدود. والان يتساءل بلعام النبي (السابق) وصاحب الضلاله كما ورد فـي رسـالـة يـهـوذا بـقـولـه كـيـف نـلـعـن (أو ندين) انسان لم يلعنه الرب (عد ۸:۲۳) . ويتساءل بولس الرسـول بـقـولـه كيف ندين انساناً مـدحـه الـرب .

فـطـوبـي لـمـن يـكـون مـدحـه مـن الـرب (رو ٢: ٢٩) أو نشـهـر بـه ـ مع أن الله مدحه ـ من أنت يا من تدين غيرك ـ فـان كـان فـاحـص القلوب ومختبر الكلى قال عنه أنه بحكمة صنع فمن أنت يا من تدينه؟ ليتك تخرج أولا الخشبة التي في عينك عندئذ تبصر جيداً مـحـاسـن غـيـرك. نعم هو انسان وشى به.. لكنه لم يدافع عن نفسه ـ فهو مظلوم – حكم الله عليه بأنه بحكمة صنع ذكرني ذلك بالسيدة العذراء التي نظر إليها يوسف النجار نظرة شك لكنها لم تدافع عن نفسها بل جعلت السماء تدافع عنها فـطـوبـي لـمـن يدافع عنه الله بذاته.

محاسن وكيل الظلم .. أي فضائل

١-أنه لم يختلس شيئاً لنفسه لكى نسـئ الظن به بل هو خـفـف الـديـون لـمديـونـي سيـده..

٢- انه لم يضع شيئا في جيوبه من اموال موكله بل هي مـودعـه طـرف بـطـون مـديـونـي سيـده.

٣- أنه رقيق الاحساس ويرثى للذين في الشدائد أي مـديـونـي سیده

٤- انه بذل نفسه وسمعته لكى يسعد الآخرين ان وكيل الظلم يدعونا ان نخـفـف الـديـون على الآخـريـن فـان كـان الله قد دعـانـا بـقـولـه ان اعثرتك عينك فاقلعها.. وحينما يقلع سمعان الخراز عينه فهو الحكيم والوحيد الذي يستطيع ان ينقل جبل المقطم.. فهـل بـقـولـه ان اعثرتك عينك فاقلعها هل هو نداء الهى لكى يـكـون الـمـؤمـن اعـور بـل انـهـا دعـوة لـلـكـمـال.. وبذل كـل الـمـسـتـحـيـل والمستطاع لـنـوال ملكوت الله.. ورثوا الملك المعـد لـكـم منذ انشاء العالم.. ورثوا ايضاً الاكاليل المعده لمن يستحقها. وكـمـا نـعـمـل عـلـى تـخـفـيـف ديـون الاخـريـن سـيرفـع الـرب عـنـا ديـنـونـتـه فـي الـيـوم الأخـيـر تـأكـيـدا لـقـولـه لا تـديـنـوا لـكـي لا تدانوا.. وبـالـكـيـل الذي تکیلون به يکال لكم.. فان كانت الرحمة بالآخرين (الـمـديـونـيـن لـسـيدنا) هـي شـعارنا.. فهي ايضاً سـتـكـون اكليلنا الذي سنتـوج به رؤوسنا يوم ان تفتح الاسفار.. وبعد انه نداء للجميع فهل هناك من يستوعب هذا النداء !!!

٦- مثل وكيل الظلم والعشور

نـقـول ان الـعـشـور كـانـت الـوصيـة للـعـهـد الـقـديـم ـ والـعـهـد الـقـديـم هو عهد الأمور الارضية ـ الارض التي تفيض لبناً وعسلاً.. ولـكـن فـي العهد الجديد قال السيد المسيح ان لم يزد بركم عن الكتبة والـفـريـسـيـن فـلـن تـدخـلـوا مـلـكـوت السموات.. حقاً أن السيد المسيح لم ينقض روح العهد القديم بل أكمله ففي القديم قال الرب “اعطوني العـشـور وجـربـونـي” ـ أما في العهد الجديد فقالها بصراحه.. “بيعوا ما لكم (كله) واعـطـوا صدقه وقالها للشاب الغنى بع مالك (كله) واعطه للفقراء – مدح المرأة ذات الفلسين لأنها اعطت (كل) ما عندها ولـقـد كـانـت الـعـشـور قـديـمـاً فـقـط لأن قلبهم كان متعلق بالارض والارضيات.. أما العهـد الـجـديـد فـالـقـلـب يـجـب أن يـتـعـلـق بالسماء والسمائيات..

واعتبر (الكمال المسيحي) في عطاء القلب وليس عطاء الـيـديـن ـ فـالـوصيـة تقـول يا أبني اعطيني قلبك (كـل الـقـلـب) – والوصية الالهيه هي حب الرب الهك من كل قلبـك كـل فـكـرك كـل قـدرتـك وقـريـبـك مثل نفسك ـ وبولس الرسـول يـعـتـبـر أن من أخطأ فـي واحـدة صـار مجرماً فـي الـكـل. أن وكيل الظلم ياعـزيـزى يـدعـوك إلى أن تفهم ارادة سيدك في العهد الجديد فهو يريد رحمة وليس ذبيحة.. وليس معنى ذلك أن تهمل الذبيحة. وهو لا يتعامل معك بالحسابات بل بمراحمه ولذلك ليس هناك علاقة بين وكيل الظلم ومـن يـسـتـخـسـر ولـو الـعـشـور مـن أجل الفقير والارملة ـ فمن يزرع بالشح بالشح يحصد ومن يزرع بالبـركـات فـبالـبـركـات يـحـصـد ـ ومـن يـسـتـخـسـر الـعـشـور فـي الله يكون كاسر للوصية التي تقول لا تسرق حقوق الله وكـاسـر لـلـوصـيـة لا تشتهى (ما لله) ـ وهـو بـذلـك يـكـون قـد طمع فيما لله ـ إن اله العـهـد الـجـديـد بـرر الـعـشـار الـذي نـظـر إلى ذاته وأخطائه وقرع صدره وقال اللهم ارحمنى أنا الخاطئ. اما ذلك الـمـؤمـن بـروح الـعـهـد الـقـديـم ـ اصـوم يـومـيـن واعـشـركـل مالى ـ فلم ينال التبرير لأنه نظر بأذدراء إلى العشار وقال أنه ليس مثل هذا الـعـشـار الخاطئ ـ عـزيـزى وكيل الظلم ينصحك ويـقول أن العطاء في العهد الجديد لا ينحصر فـي الـعـشـور فقط بل من يقدر أن يعمل حسناً (أو يدفع اكثر) ولا يعمل فهذا خطية.

يامن تبخل على الله بعـشـورك تعالى نتحاسب:

+ ادفع ثمن عينيك واسأل في سوق العـيـون بـكـام تـسـاوى الـعـيـن؟

+ ادفع ثمن قلبك أو كلاويك أو رئتيك أو اسنانك.

+ عزیزی كم تساوى الحياة في نظرك؟ وهل سمعت الكبد كم يساوی؟

+ وكم تساوى نعمة العقل والأبناء؟

+ هل تعرف ياعزيزي كيف تثمن لي ثمن شبكة الاعصاب الـتـي يـحـويـهـا جـسـدك..

+ ياعزيزي انصحك نصيحه اخوية والرزق على الله ـ ان قدمت كل ما تملك وحياتك ايضاً كلها قرباناً وعـشـوراً لله – فـلـن تـفـى الله حقه ثم من أنت يامن تبخل على الله بعطائك.

ولا تنسى يا عزیزی ان الله هو الكل في الكل في حياتك – وانت بما تملك بدون الله لا تساوى شئ. وان ظننت أنك شئ بعلمك أو ثقافتك فـالـوحـى الالـهـى يـقـول لـك لا تنسى انك تراب وإلـى الـتـراب تـعـود.

٧- السيد المسيح وامثال الكتاب المقدس

ما من مثل ذكره السيد المسيح إلا وكان يريد أن يشير أما لنفسه أو لكنيستة أو اسرار الكنيسة وكلمة الله ـ أو عمل النعمه الالهيه فـي الـقـلـوب. ففي مثل الراعي الصالح كان السيد المسيح هو الـراعـي الصالح الذي يترك الـ ٩٩ ويبحث عن الضال. – وفي مثل الدرهم المفقود كانت الكنيسة (جسد المسيح) هي المرأة التي فتشت واجتهدت وبحثت عن الدرهم المفقود ولما وجدته فرحت به ودعت الجيران يفرحوا معها .

– وفي مثل الابنين كان السيد المسيح هو الآب الذي جاء للابن الضال (الامم) ولا ينسى ان يدعو الابن الكبير (اليهود) للايمان به.

وفي مثل الخميرة التي خمرت العجين كله ما هذا إلا عمل الروح القدس والاسرار في نفوس المؤمنين ودخولهم إلى الايمان كما بطرس في سفر اعمال الرسل اذ امن ثلاثة آلاف نفس بعظة واحدة..

– وفي مثل يشبه ملكوت السموات شبکه جامعه من كل الانواع ـ فما ذلك إلا الكنيسة التي تحب كل البشر وتدعوهم للايمان بالمسيح. – ولم يكن مثل السامري الصالح إلا دليلاً واشاره إلى السيد المسيح الذي احب الكل حتى مبغضيه اذ صنع معهم رحمه لا نهائيه حتى غفر لهم على الصليب. وكان مثل الكرم والـكـرامـيـن الاردياء اشارة إلى نزع كهنوت الله من الامة اليهودية وتأسيس كهنوت جديد مبنى على اساس الخدمة والعطاء اللانهائي بل وغسل اقدام الآخـريـن ـ كما كان اشارة إلى التخلص من السيد المسيح هذا هو الوارث الوحيد هلم نقتله ـ الامر الذي جعل الـيـهـود يـفـهـمـون أنه يقصدهم شخصياً والان ما هي الاشارات التي كان يريد السيد المسيح ان يلفت النظر إليها من خلال هذا المثل وهو وكيل الظلم.

٨- الكنز المخفى في مثل وكيل الظلم

على جبل التجلي ـ ظهر بريق من بهاء السيد المسيح فسقط التلاميذ على وجوههم وقال بطرس جيد يارب أن نـكـون ها هنا ـ وامرهم السيد ان لا يتحدثوا عن هذا الامر إلا بعد القيامة وكلمة السيد المسيح هي غذاء للـقـلـوب ـ وهي اشبه بالقمح فكل من يتأمل فيها يجد متعة ويجد فيها لذة ومذاق خاص كتلك المرأة التي من عجينة واحدة تصنع الخبز والجاتوه والكنافة والجلاش حقاً انها عجينة واحدة – لكن المنتجات مختلفة ـ وكل منها له مذاق خاص وطعم يختلف عن الآخر.. وكلها مفيدة للجسم بل وضرورية.. ومنها المالح والحلو فما هي الجوانب المخفاة في مثل وكيل الظلم.

 

 الأب القمص يوسف حنا جاد – كنيسة الشهيد أبي سيفين بالمهندسين

كتاب وكيل الظلم ( صفحة ١٠ – ٤٧) –

في مثل وكيل الظلم هناك ٣ شخصيات:

١- صاحب الوكالة

٢- الوكيل

٣- المـديـونـيـن

١-صاحب الوكالة: هو الآب الخالق الذي هو المصدر الـوحـيـد للحياة لكل الخليفة التي نراها والتي لا نراهـا وهـو له مطلق الـحـريـة في أن يذل من يشاء ويرفع من يشاء كما شهد بذلك نبوخذنصر في سفر دانيال ـ أما المـديـونـون فهم الخليقة ـ ولعل تاج الخليقة هو ادم وكل ذريته.. فهم المدينون والمحكوم عليهم بالموت لأنهم اكلوا من الشجرة المنهى عنها بكامل ارادتهم وحريتهم ـ لذلك اسـتـحـقـوا الـمـوت بـكـافـة اشـكـالـه وانـواعـه.. ولـكـن هناك اشـكـال وهـو أن صاحب الـوكـالـة يحب مديونية محبة كاملة عميقة واحبهم إلى المنتهى برغم رداءتهم. «اذ هكذا احب الله العالم» فماذا يعمل صاحب الوكالة؟ لقد قرر أن يبذل ابنه الحبيب لكي لا يهلك كل من يؤمن به تـكـون لـه الحياة الابدية ـ فمن هو ابنه الحبيب.

٢- الوكيل: الابن أي حلقة الاتصال بين صاحب الوكالة (الآب) والمديونين (الخليقة) جاء يعلم ويرشد ويهدى ويكمل الناموس ولكن العالم (الشرير) وشى به أنه كاسر للسبت ويريد أن يمنع الجزية عن الدولة ورغم أنه مولود بلا خطية ـ وشهد لنفسه بقوله من منكم يبكتنى على خطية إلا أنهم حـكـمـوا أصلبه أصلبه أصلبه.. ونجحت الوشاية في القضاء على هذا الوكيل وصدر الحكم بصلبه. لقد قام مـلـوك الأرض وتأمـر الـرؤسـاء مـعـاً عـلـى الـرب وعـلـى مسيحه ـ ومع كل الوشايات التي قدمت ضد هذا الـوكـيـل إلا أنه على الصليب غـفـر لـلـواشـيـن بـه ولجميع المديـونـيـن (حمل الدين عنهم) وارتضى أن يـصـيـر لـعـنـة لأنه علق على خشبة مع إنه البار ـ وأرتضى أن يكون المهان والمجروح لأجل اثامنا – رغم أنه بلا خطية وبار.

أحبائي هناك من يرى في المسيح أنه كـاسـر السبت ـ وأنه ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشيطان ـ ولـكـن مـاذا تـرى فيه أنت !

انه سـدد الـديـون عنا. رفع عقاب خطايانا وصرنـا ابرياء. وبـدمـه ننجو من قبضة الجحيم. وبالايمان به تكتب لنا الحياة الأبدية ونغلب العالم. هل يمكن أن يكون السيد المسيح ، هو الوكيل في هذا المثل ، هو الله في صورة انسان جاء إلينا على الأرض (الظلمة) وعاش في عالم الظلمة (هذه ساعتكم وسلطان الظلمة) وشـابـهـنـا فـي كـل شـئ مـاعـدا الخطية.

ورغم انه الله القدوس إلا أنه ارتضى بالاهانة وصار لعنة لأجلنا لأنـه مـلـعـون كـل مـن يـعـلـق عـلـى خـشـبة. وكـان يـجـول يـصـنع خيراً في شعبه واعظاً اياهم أنهم غرباء عن هذا العالم (المظلم) وأنهم نور للعالم وانهم ملح الأرض ويؤكد هذا المعنى بولس الرسـول بـقـولـه اننا شعب الله سفراء له على الأرض كأن الله يعظ بنا ، وأننا نحيا في العالم كشهود عليه ليوم الدينونة وفي مجئ السيد المسيح عاش حياتنا بالكامل ودعانا تمثلوا بي ودعانا إلى حمل الصليب وقبول الضيقة التي لأجل اسمه طـوبـي لـكـم اذا طردوكـم وعـيـروكـم ـ وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم.

عاش في دروب الظلام والظلمة وقال أن رئيس هذا العالم يأتي وليس له فـي شيء لأنه كـان بـارا برا مطلقا فمن منكم يبكتنى على خطية حتى الخطية الجدية التي نتوارثها ومع انه البار إلا أنهم أي رؤساء الشعب وشـوا بـه ـ وقـالـوا أنـه مـسـتـحـق لـلـمـوت وقـد تـحـقـق لـهـم مـا ارادوه وهـكـذا تـحـقـقـت اردة الآب وهـي! هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كـل مـن يـؤمن به. فمدح السيد (الآب) وكيل الظلم (الابن) اذ بحكمة فعل لأن الآب سـر بأن يـسـحـقـه. الأبن هنا صار مجروحاً لأجل احبائه ومسحوق لأجل اثام (مدیونی سيده)..

أحبائي طالما أن السيد المسيح تجسد أي نزل إلى الأرض (عالم الظلمة) ـ وطالما أن له رسالة على الأرض فهـو وكيل في أرض الظلمة.

أحبائي هل تدرك الان الكنز المخفي في هذا المثل ـ وان كان التصديق صعب.. فهناك أيضاً من لا يصدق ويتساءل كيف يصير الاله انسان (بالتجسد) ان الله الاب سر بان يسحق (الابن) ابن محبته لكي يعتق البشرية من الموت الحقيقي وهو يؤكد بقوله لذاتي في بنی آدم ـ وان حرركم الابن من ديونكم نحو الاب السماوي فبالحقيقة تصيرون احرار.

٩- لحجة الاتهامات الزور (وشاية) التي قدمت في حق السيد المسيح وهو في ثياب (وكيل الظلم)

(يو ١٨: ٣٠) . خير ان يموت انسان ولا تهلك الامه كلها (يو ١١: ٥٠). لو لم يكـن فـاعـل شـر لـمـا كـنـا سلمناه لك

١-أنه مسـتـوجـب الـمـوت لانه قـد جـدف مـت (مت ٢٦: ٦٦ )

٢- انقض هذا الهيكل وفي ثلاثة ايام ابنيه (مر ١٤ : ٦٠)

٣- يفسد الامه ويمنع ان تعطى الـجـزيـة لـقـيـصـر (٢٣ : ٢)

٤-هناك من قالوا انه يـضـل الـشـعـب (يو٧ : ١٢)

٥- انه سامری وبه شيطان (يو ٨ : ٤٨)

٦- هذا الانسان ليس من الله لانه لا يحفظ السبت (يو ٩ : ١٥)

٧- نحن نعلم أن هذا الانسان خاطئ  (يو ٩ : ٢٤)

٨- خير أن يموت الأنسان ولا يهلك الأمه كلها (يو ١١ : ٥٠)

٩- لو لم يكن فاعل شر لما كنا سلمناه لك (يو ١٨ : ٣٠)

يـقـول الكتاب يشـبه مـلـكـوت الـسـمـوات كنزاً مـخـفـى فـي حـقـل – وهـا نـحـن نـكـشـف عـن الـكـنـز الـمـخـفـى في هذا المثل. فليـس كـل الـحـقـل كـنـزا بـل الـكـنـز يـحـتـل مـقـدار مـحـدد فقط في الحقل.

لكن هذا المثل يؤكد أن الحياة الأرضية هي أرض ظلمة وهي ليست دائمة بل مؤقته وطوبى لمن يفكر في مستقبله الأبدى بعد هذه الحياة الأرضية ولعـل الـرحـمة والعمل الصالح هما خير استثمار في هذه الحياة… فمن يـفـكـر ويـخـطـط ويقتنى ويكنز سيضئ مصباحه في اليوم الأخير أما يتغافل ويتناسى ولا يهتم ويرددها أنا ماض إلى الموت فلماذا لى بكورية فلا أبدية سعيدة له.

احبائي يعلنها بولس الرسـول صـراحـة ـ اذ لسنا بعد ابناء الظلمة بل نحن ابناء النور – فالظلام هو العالم وأهل الظلمة هم أهل العالم ـ ولذلك ففي بدء الخليقة قال الله لـيـكـن نـور ـ فـكـان نـور ـ لـقـد احـب الناس (اهل العالم) الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شـريـره.

وانـت يـاعـزيـزى ماذا تحب وكـيـف تريد أن تسلك؟ أنت لك الحرية ان سلكت كأهل العالم – وعشت للعالم ـ وقلت ها أنا ماض إلى الموت فلماذا لى بكورية فسيحترمك العالم – لـكـن سـتـحـذف اسمك مـن سـفـر الحياة كهيرودس وبيلاطس.

ما سلكت بمفاهيم السماء وابناء النور واقتنيت الحياة الابدية ـ فستنال اكليل الحياة الذي اعده الله للذين يحبونه حسب تعبك وجهادك. حدد هدفك من على الارض وابديتك واعلم ان الارض بكل ما فيها ستنحل وسـتـحـتـرق ـ وكـل ما في الارض باطل ـ وتأكد ياعزيزي أن وكالتك (رسالتك) في الحياة سوف تنتهى سواء شئت أم لم تشاء وستقف امام الله يوماً ما تعطى حساب الوكالة ـ ليس هناك اعذار.. فأنت بلا عذر ايها الانسان.. وليس هناك محاباة ـ لكن البشر نوعان فهناك فريق يفهم ما يقوله الله للكنائس فيتوب ـ وهناك فـريـق بلا عقل لا يفهم للتوبة معنى ـ وكما قال (المزمور ٤٩: ٢٠) انسان لايفهم يشبه البهائم التي تباد فيحكم على نفسه بالزوال.

* وبعـد نـداء .. احـتـرسـوا مـن الـواشـون فـمـن هـم الـواشـون؟.. فـالـواشـي الاكبر هو الشيطان الذي يريد أن يشتكى على مختارى الله.

* الـواشـى قـد يـكـون رؤساء الشعب على السيد المسيح.

* الـواشـى قـد يـكـون الأخ الأكبر في مثل الابن الضال.

* الـواشـى قـد يـكـون يهوذا ضد المرأة ساكبة الطيب.

*  الـواشـى قـد يـكـون سمعان الابرص الذي يدين المسيح ( لو كان هذا نبياً ويدين الخاطئه أيضاً ..

فـالـوشـايـة قـد تـكـون مـن (الـخـارجـيـن عـلـى الايمان) وقـد تـكـون مـن حراس الـشـريـعـة ـ بـل وقـد تـكـون مـن أهل البيت اذ يقول السيد المسيح جرحـت فـي بيـت احبائي. وقـد يـكـون الـواشـون اصحاب الساعة الاولى ضد اصحاب الساعة الحادية عشر. عـزيـزى إحـذر لئلا تـكـون أنـت أحـد الـواشـيين على الوكلاء ـ فلا تـديـنـوا لـكـي لا تـدانـوا ولا تشـوا بـأحـد لئلا يحكم عليكم..

عزيزي يامن تعيش في عصر الظلمة ـ وزمـن الـعـولمـة ـ وهـو سـمـات كـل عـصـر ـ لا تهتم كثيراً بـكـلام الناس.. ولا تسعى لأن يمدحوك لأن الناس سـريـعـو التغير والـتـحـول فـالـذيـن صـرخـوا أحد السعف أوصنا لابن داود اوصنا في الاعالي ـ هذا هو ملك اسرائيل. هم بذاتهم وبذات اللسان ـ قـالـوا يـوم الجمعة اصلبه اصلبه دمه علينا وعلى اولادنا ـ وليس لنا ملك إلا قيصر.

ولذلك طـوب الكتاب الانسان الذي يـكـون مـدحـه مـن الله ـ ولـيـس من الناس. وبعـد يـاعـزيـزي في تفسير هذا المثل وكيل الظلم (لو ١٦) لابد ان تدرك هذه الامور وتضعها في حساباتك.

١)ان المثل شئ والـواقـع شـئ اخـر اذ ان الـعـالـم بـكـل مـا فـيـه مـن قارات وبحـار يـمـكـن أن يوضع فـي لـوحـة  ٢م في ١ام في حجرة الجغرافيا بالمدارس. فالصورة شئ والأصل شئ ولكن هناك مقياس رسم قد يكون اسم: الاف الكيلومترات.

٢) مـديـونـي السيد (صاحب الوكالة) هم اخـوتـه وهـم مـديـنـون له شخصياً وليس مدينون للوكيل (شخصياً) والوكيل ما هو إلا حلقة الاتصال بين السيد (الذي لا يرى) ـ والـمـديـونـيـن البائسي الحال قاطنى الأرض.

٣) الوكيل بين فكي رحى الاول اذ هكذا احب الله العالم – والحجر الثاني هو الديون الثقيلة على (الخليقة) ادم وكل ذريته وعدم قدرتهم على الـوفـاء بـديـونـهـم ـ وكـان ان (بذل) ابنه الـوحـيـد (الوكيل) اذ بذل سمعته وكرامته (ابی اعظم منی) بل وبذل مشيئته (لـتـكـن لا مشيئتي بل مشيئتك) ـ والكأس التي اعطاني الآب الا اشربها وان كنا نقول ان المثل شئ والواقع شئ فالمثل عن انسان (مـحـدود فـي وكـالـتـه) ـ وتنتهى وكالته (حياته) بالمـوت الـجـسـدى ـ أما السيد المسيح فهو الغير محدود في وكالته وهو الديان وهو وحده الذي له ان يمحو صك خطايانا. ووكالته لن تنتهى لأنه الله في صورة انسان (عظيـم هـو سـر الـتـقـوى الله ظهر في الـجـسـد).

أحبائي لقد كان اسحق ابن ابراهيم رمزاً للسيد المسيح في طاعته لأبيه. وكما حمل اسحق حطب المحرقة هكذا المسيح حمل خشبة الصليب. وكـمـا رجـع اسـحـق حـيـاً هـكـذا المسيح قام من بين الاموات . لـقـد كـان اسـحـق مثلاً للسيد المسيح في طاعته لأبيه وحمله حطب المحرقة ورجـوعـه حياً من بعد موته (بالنيه) بيد ابيه ابراهيم .

حقاً ـ ان المثل شئ ولـكـن مـا يشير إليه المثل شئ اخـر..

۱۰- تعليـق

طـول عـمـرنـا نعتبر ان هذا وكيل الظلم انسان (شـريـر) ـ لذلك صعب أن نصدق أو نلقى بظل هذا المثل على شخص السيد ـ ولـلامـانـه تـقـول أن السيد المسيح شـابهـنـا فـي كـل شـئ مـاعـدا الخطية ولان هذا المثل (وكـيـل الظلم) يـنـطـبـق عـلـى كـل الـبـشـر وينطبق على كل انسان حي ولـه وكالة في عالم الظلمة اذن فمن هذا المنطلق ـ فهذا المثل ينطبق على شخص السيد المسيح الذي شابهنا فـي كـل شـئ ماعدا الخطية – وحـدها – فعلى كل انسان أن يغفر للآخرين بقدر وكالته ووزناته أما السيد المسيح فغفرانه بلا حدود وهذا الوكيل كانت سلطانه لا تتعدى غـفـران أكـثـر مـن ٢٠٪ ـ أما المسيح فـغـفـرانـه بلا حدود ۱۰۰٪ .

وكما ان الوكيل كانت حياته (وكالته) محدوده بقدر سنی حياته ـ أما السيد المسيح فهو ابدى ازلی دائم سلطانه بلا حدود ولو كان هذا المثل لا ينطبق على شخص السيد المسيح لكان الوحي الالهي سجل هذا الموقف بقوله أن السيد المسيح شابهنا في كل شئ ماعدا الخطية ومثل وكيل الظلم.

نعم ان الوكيل خفض الديون للذين احبوه فقط وبالطبع لم يخفض للذين وشوا به لأن الانسان محدود في محبته للاخرين.. نعم لقد سامح يوسف الصديق زوجة فوطيفار واخوته الذين باعوه. ونعم لقد سامح داود شاولا ولم يقتله بقولـه كـيف آمـد يـدى إلى مسيح الرب. ولكن ليس كل الوكلاء في عالم الظلمة في درجة روحية كيوسف الصديق وداود النبي أما السيد المسيح الله الذي في صورة انسان فانه احب خليقته كلها منذ آدم إلى آخر الـدهـور ولـذا اعـطـاهـا غـفـران كاملا ودائما لمـن يـؤمـن بـه١٠٠ ٪ free

وربما يتساءل البعض هل وكيل الظلم انسـان شـريـر سـئ ـ ام انه بار مظلوم؟ وللاجابـة نـقـول نـحـن البـشـر مـحـدودي الفهم ظلمناه اما فاحص القلوب فمدحه ـ بأنه حكيم.. والحكيم هو الذي يحمى نفسه واسرته من المخاطر ـ وهذا امر منطقي وطبيعي.. وحكمته تظهر لأنه فكر في مستقبله الابدى بعد أن تنتهى حياته بالجسد.. ولو كان هذا الوكيـل شـريـرا خبيثاً لكان السيد المسيح اعطاه الويلات كما اعطاها للكتبة والـفـريـسـيـن الـمـرأوون – ولو كان هذا الوكيل غير اميناً في وكالته لكان قد مزق الـصـكـوك وقـال فـي نـفـسـه اهـی خـربـانـه خـربـانـه.. ولو كان هذا الوكيل غير اميناً في وكالته أو خائناً لسيده . لـكـان الـوحـى الالـهـي قـد لـقـبـه.. كـمـا لـقـب يـهـوذا بأنه كان سارقاً للصندوق وكان يأخذ كل ما يلقى به بل وأكثر من هذا فان يهوذا لـم يـكـن سـارقاً للصندوق فـقـط بـل وخائناً لسيده ـ الامر الذي جعله يبيع سيده بثلاثين من الفضة ونؤكـدهـا فـنـقـول

يا أحبائي ـ نـحـن امام مثل والمثل شئ والتأمل فيه شئ اخر فان كانت اصابع اليد الواحده تختلف فيها البصمات من اصبع لاخر فبلاشك ان المثل شئ والواقع شئ آخر ونحن لا ندعى المعرفة لكن نريد أن نزيح بعض الظلم الذي وقع على كاهل هذا الوكيل منذ زمان بعيد بسبب ضعف بصيرتنا الروحية ـ فيا ترى هل افلحنا أو نجحنا أم أن النظرة السطحية ستظل هي المسيطرة على مـسـتـقـبـل هـذا الـوكـيـل والموشى به من اصحاب المصالح المختلفة عندئذ نـكـون اشبه بأولئك الذين الـصـقـوا تهمة بـواحـد ـ فلما ثبتت براءته بذاته عز عليهم رفع التهمة عنه وهـذا هـو حـال الـدنيا. لذلك سألت وكيل الظلم «المظلوم» حدثني لماذا تمثال العدالة دائماً يرسم على شكل إمرأة معصوبة العينين؟. فأجاب في البلاد التي يحكمها قانون (النور) تـكـون العـدالة معصوبة العينين لتحكم بالحق فلا ترى إلا الحق ـ الحق وحـده ـ دون النظر إلى الشخصيات أو الـخـواطـر أو المحسوبيات ـ التي تحكم لهم.. أما في البلاد التي يحكمها قانون (الظلمة) تكون العدالة معصوبة العينين لكي لا ترى الـحـق ـ فيظل الظالم ظالماً إلى أن تنتهى وكالته ويظل المظلوم مظلوماً إلى ان تنتهى وكالته وعندما يلتقيان الظالم والمظلوم امام العدل الالهى ـ عندئذ ينطـق العـدل الالهي بالحكم النهائي ـ فـيـقـول مات الظالم ودفن.. ومات المظلوم وحملته الملائكة إلى احضان ابونا ابراهيم.. وعجبي.

وجـاء نـا الان تعليق على التعليق السابق

قد يكون السيد المسيح لقب المثل بوكيل الظلم ربما لان الـواشـون ظـلـمـوه هـو دون ذنب جناه ـ الم يقـل الـوحـى الالهى عن السيد المسيح انه ظلم واما هو فلم يفتح فاه وان الذي بلا خطية صار لـعـنـة لاجلنا لانه مـلـعـون كـل مـن يـعـلـق عـلـى خـشـبة وايـضـاً جـرحـت فـي بيـت احبائى.. واللا ايه وكيل الظلم – مثل حي في حياتنا في المدرسة اثناء الامتحانات هناك لجان رأفة الهدف منها تنظر إلى الـراسـبـيـن خـصـوصـاً فـي ثلاث مـواد ـ لـكـى تـرفـع الـراسـب فـي احـدى هـذه الـمـواد ويـنـجـح بـتـعـويـض مـادتيـن ولا يـرسـب ويضيع عليه العام كله.

في المستشفيات والـلـوكـانـدات هناك فواتير تصل إلى الحسابات مكتوبة عليها Free ذلك لانها انفقت على اناس يـهـمـوا صاحب المنشأة ـ أو يـقـومـون بعمل تسهيلات ما وتختلف السلطة التي توقع على المستند حسب قيمته ومـديـونـي السيد هم اخوته. فهناك سلطة للوكيل بأن يصنع تخفيض نسبه ما وهناك وكيل أعلى بسلطة اعلى و Free اكـثـر فـوكـيـل الظلم كانت سلطاته ان الـ ١٠٠ تصبح ٨٠ والـ ٨٠ تصبح ۵۰.

أما السيد المسيح (الديان) فسلطته ان يمنح الـ Free لصاحب الدين ۵۰۰ دينار والاخر ۵۰ دينار اذ لم يكن لهما ما يوفيان فسامحهما أي اعطاهما Freeوان حرركم الابن بالحقيقة تصيرون احرار كما في حادثة سمعان الفريسي والمرأة الخاطئة.

ما معنى غفران الخطية..

معناها أنك انسان خاطئ بطبيعتك (بالخطية ولدتني امي) ـ وأنك مـديـون ـ ولا تستطيع ان تسدد الديون عنك ـ وان ثمن الخطية هـو الـمـوت ـ موتاً تـمـوت ـ ولأنك انسان عريان لاتملك شئ ـ لذلك كان التدبير الالهي ـ ان الله الذي خلقك بدون ارادتك وهب لك الخلاص مجاناً بشروط معينه ـ هو أن تحبه محبة كاملة من كل القلب دون غيره وتؤمن بابنه وان تلتزم بـوصـايـاه فـتـحـب الاخـريـن وتـغـفـر لـهـم بـل وتغسل اقدامهم ـ فمن يقبل اليه بهذه الشروط فهو مستعد ان يحمل الدين عنك.. ويعطيك شيكاً إلهياً مكتوباً بدمه لسداد كـافـة ديونك وديون كـل مـن يـؤمـن بـه ـ فـمـن يـقـبـل إلى لا اطرده خارجاً ـ أما الذين لا يلتزمون بالوصية والذين لا يؤمنون بهذا الوكيل وظهور الله الجسد ـ بل ويتنكرون له ـ فـديـونهم باقيه ـ ولن يروا الأبدية السعيدة ـ إلا بعـد مـا يـوفـون الـفـلـس الاخيـر ولـن يـوفـونـه طالما سيظلوا متمسكين بوشاياتهم نحو هذا الوكيل – فـمـن يـجـدف على الابن ثم يتوب يـغـفـر لـه أما من سيظل على تـجـديـفـه حـتـى الـمـوت بـدون تـوبـة ـ فـلـن يـغـفـر لـه لا فـي هـذا الـدهر ولا الاتى ـ كشاول الـطـرسـوسـى الذي كان مجدفا على الابن ـ ثم تاب فـصـار بـولـس الـرسـول الـكـارز العظيم وصاحب اكليل البر في ملكوت الله. وقبل ان ننتهـى مـن حـوارنا مع وكيل الظلم الذي هو حكيم في نظر الله سألناه ثلاث اسئلة :

١- من هو الحكيم؟

فقال هو الذي يراعي ضميره في مصلحته الخاصة واسرته ووطنه وعلاقته بالله ـ ولا يكسر وصية الله تحت أي امر مهما كان كموسى النبي الذي هو أول من استلم لوحى الشريعة من الله لكنه للاسف كسرهما..

۲. من هو الخبيث؟

هو الثعلب المكار الذي يرعى مصالحه ويدوس على مصالح الآخرين. فلا يرحم الآخرين ولا يترك الله يرحمهم لانه انانی.

۳. من هو الغبي؟

هو الذي ينسى ابديته ويتلاهي في ملذات الدنيا كالغنى الغبي.

وما هي نصيحتك لكل قارئ لهذا المثل.. وكيل الظلم ان الحياة الارضية بدون حكمة = ضياع للحياة الابدية اقتنى الحكمة ـ اقتنى الفهم فهما القلادة التي تتألق بها يوم الدينونة كالعذاري الحكيمات. على قدر طاقتـكـم (وكالتكم) سالمـوا جميع الناس واغـفـروا لهم.

الحكيم والاحكم – حكمة هذا الدهر

+ من هو الحكيم ـ هو الذي يعمل على ان ينجى نفسه ويـهـرب مـن طـوفـان الشر كـالحية حينما تشـعـر بالـخـطـر تهـرب.

+ ودعانا السيد المسيح ان نكون حكماء كالحيات.. من هو الاحـكـم ـ هو الحكيم ويستطيع ان يعلم غيره الحكمة ـ أو هـو الـذي يـفـهـم إرادة سيده ويـنـفـذهـا فـورا.

+ من هو الشرير هو الذي يصنع الشر اما الاكثر شـراً هو الذي يشجع غيره على الشر. كأهل العالم رو١/٣٣

حكمة هذا الدهر ـ وحكمة ابناء النور

في عالم الظلمة مفاهيم تتعارض مع مفاهيم ابناء النور فالغني الذي قال اهدم مخازنی حكيم في نظر العالم لكنه غبي في نظر الله. أما الذي ينفق امواله لأجل الـمـلـكـوت كـانـطـونيـوس فهـو الـحـكـيـم فـي نظـر الله. المرأة سـاكـبـة الـطـيـب فـي نـظـر يـهـوذا (اهل العالم) اتلاف أما في نظر السيد المسيح فهو تكفين للسيد المسيح وحينما يكرز بهذا الانجيل يذكر ما فعلته هذه المرأة تذكارا لها لكى نـقـتـدى بها ـ ونسير على منوالها. الذي يحفظ نفسه في نظر العالم هو الحكيم ـ أما الذي يهلك نفسه لأجل الانجيل ولأجل المسيح فهو الذي سيربح ابديته في ملكوت السموات .

احبائي لقد أوفينا هذا المثل حقه بقدر الامكانيات المتاحة لنا ـ فهل مازال هناك غموض حول هذا المثل فـكـل املنا ان نحسـن صـورة هـذا الـوكـيـل ولعلنا نجحنا.

١١- حقائق مره اكتشفها لنا مثل وكيل الظلم

١)الكثيرين ـ والكثيرين جداً لا يقرأون الكتاب المقدس.. ولذلك فان كان السيد المسيح ينصحنا بقوله سيروا في النور.. إلا أننا بأرادتنـا نـتـرك الـنـور(الـمـجـانـي) ـ والـذي هـو هـبـه مـن الله ونسعى نـسـتـقـى الـمـعـرفـه مـن ابـار مـشـقـقـه لا تضبط ماء لذلك نحن نشعر بالعطش الدائم .

كل البيوت فيها أناجيل لكن لا تفتح لأن القلب مغلق عن سماع صوت الله وهذه مسئولية شخصيه لكل واحد.. ووصية السيد المسيح لنا فتشوا الكتب فهى تشهد لي.

٢) حتى النبذات والوريقات يأخذونها ولكن سرعة الحياة تعطلهم عن فتحها أو الالتفات إلى ما فيها من انباء أو انذارات.. لذلك يتأسـف الـوحـى الالهي بقوله أنه عند المجئ الثاني للرب يسوع العله يجد الايمان على الارض؟ يقصد الايمان العملي نعم الايمان في الكتب والنبذات والنشرات لكنه مهمل لأننا في عصر الموبايلات والتيك اوای Take away فمحدش فاضي ـ والـعـقـل صار فارغاً إلا من بعض الأمور السطحية ـ اليومية ـ التي تطفو على سطح الفكر ـ وهي قضايا يومية الاكل والشرب والمواصلات والموضة واخر ما وصلت إليه القنوات الفضائية مـن فـرقـــات..

٣) لم تعد الناس تفكـر فـي ابديتها بل لا تفكر إلا في الامور الحياتية اليومية ـ ورغم أن الله خلق الانسان حـيـوانـا مـفـكـراً ـ إلا أنه اكتفى بالصفة الاولى فقط وجعل الصفة الثانية (مـفـكـراً) من اختصاص بعض الناس وبهـذا فـقـد الانسـان صـفـة الـتـفـكـيـر أو الـمحـاولـه لـلـتـفـكـيـر والـمـنـطـق يـقـول يـفـكـر لـيـه طالما أن هناك من يـفـكـر لـه ويـقـوده مثل الـ.. وكلمة نقولها للحق ورزقنا على الله ويزعل اللي يزعل ـ انـسـان لا يفكر يشبه البهائم التي تباد (مز٤٩: ٢٠) ـ انسان لا يفكر لا ابدية سعيدة له ـ لأن الابدية مرتبطه بالفكر ـ وحساب النفقة ـ وهذا هـو جـوهـر المثل وكيل الظلم – ماذا افعل لكي يقبلوني في المظال الابدية وعبد المظال ـ هو عيد يهودي كان يستمر لمدة اسـبـوع يـجـتـمـعـون فـي اورشليم اشارة إلى الـتـواجـد فـي الـحـضـرة الالهيه ـ وطبعاً بعد أن تنتهـى حيـاتـنـا فـسـوف يعيش الابرار فـي الحضرة الالهيه وإلى الأبد. نقولها للاسف غابت فكرة الابدية من فكرنا كمسيحين وشابهنا الناس في كل شئ كلامهم حياتهم خطاياهم بل حتى ملابسهم وتسليتهم. لقد كانت التحية بين المسيحين زمان ایام البركة هي الرب ات ـ ماران اثا ـ أمـا تحـيـة الـيـوم فـصـارت هـالـو وبای بای. أن الـوكـيـل فـي عـالـم الـظـلـم يـدعـونـا ان نـعـود إلى رشـدنـا ونـسـتـيـقـظ من غفلتنا وسـكـرتـنـا ـ وهموم الحياة.. فنأخذ حذرنا.. فالرب ات لا محاله ـ ووكالتنا على الارض ستنتهي حتماً فماذا نحـن فـاعـلـون لـكـى نـسـتـحـق المـراحـم الالهيه.. أنت بلا عذر ايها الانسان ـ لقد خلقك الله في أحـسـن صـورة على صورته ومثاله ـ ووضعك في احسن مكان في الجنة.. لكنك يا آدم بارادتك احببت العصيان والتمرد ولـما كـان الـمـوت هو النتيجة الطبيعية كثمرة للخطية.. رأت الحكمة الالهيه ان يتجسد الله الكلمة ويرفع عقاب خطايانا ـ فنحن الذين اخطأنا وهو الذي دفع الديون عنا ـ وأعطانا البراءة الكاملة أن امنا به وقبلناه رباً وفادياً ومخلصاً.. فلماذا نجد التمرد من قساه القلوب ـ لماذا نجد التمرد من فـاقـدى المعرفة والفهم الـروحـي ـ لقد سقط يهوذا التلميذ في فخ محبة المال ـ وسقط بلعام النبي في نفس المصيدة.. وخرب الله بيـت عـالـي الـكـاهـن ـ لأنه اهمل في تربية اولاده كـمـا يـلـيـق كـأولاد الله ـ فـالـى مـتـى نـتـغـافـل ـ أنه نداء مـن وكـيـل الظلم إلى الاحياء بالجسد لعلهم يحيون بالروح ـ ويـفـهـمـون ما يقوله الروح للكنيسة ـ أنه نداء دائم لك ياعزيزى قبل أن تسمع الصوت الالهى اعط حساب الوكالة ولكي تحذر سماع الحكم «اذهبوا عني» فتلقى خارج الملكوت.

١٢- همسة عتاب لشباب اليوم

أنه لا يعرف كيف يـفـكـر.. تسأله تأكل ايـه يـقـولـك أي حاجة.. وغالباً يـرسـي الأمـر انـه يـنـام خـفـيـف يـسـأل طالب ثانوى هتدخل علمى وللا ادبـى يـقـولـك مش عارف ـ بل اكـثـر مـن كـده تـقـول لـواحـد عـاوز تـتـجـوز وللا لا يـقـولـك أي حاجة. لذلك لا تنشأ المشاكل من فراغ.. فالله كما يقول وكيل الظلم غير مجرب بالشرور ولكن الانسان صاحب المشكلة له على الاقل ٧٥٪ من المشكلة يعنى هو السبب فيها فمثلاً مشكلة البطالة مين السبب فيها تلاقي الشاب نفسه ليه لأنه دخل كلية سوف يتخرج منها لا يجد عملاً فلو كان قد فكر قبل دخول الكلية وسأل نفسه ما المستقبل وما هو العمل الذي ينتظرني ـ ما حدثت مشكلة البطالة. البلد دلوقتى محتاجة مؤهل فنى متوسط تجد اعلانات تملأ الجرائد كل يوم ومع هذا لا احد يعمل والكل بيبحث عن وظيفة تناسبه على مزاجـه ـ لا ياحبيبي أنت الواجب عليك أن تتكيف حسب حاجة العمل ـ وليس العمل هو الذي يتكيف حسب مزاجك.

العمل اليدوى عمل مقدس ـ لقد عمل المسيح نجاراً يـقـوت نـفـسـه ويـقـوت والدته ولا يعيش عاله على المجتمع. لذلك كان من حكمة اليهود ان يعلموا اولادهم مع الحياة المدرسية عمل يدوى يقـوتـه ـ فلذلك كان بولس الرسول فيلسوف لـكـن لما الفلسفة لم تطعمه خبزا ـ عمل خياماً وقـال حـاجـتـي وحـاجـات الـذيـن مـعـى خـدمتها هاتان الـيـدان.. ان كان الكتاب يقول من لا يعمل لا يأكل.. فوكيل الظلم الحكيـم يـنـصـحـنـا مـن لا يـفـكـر صـح لحياته ومستقبله لا يحاول ان يقتنى السعادة التي يحلم بها ـ بل يكتفى بما يلقـى إليه من السـعـداء الـذيـن فـكـروا صح ونجـحـوا وحـقـقـوا ذواتهم.

وكيل الظلم ينصحنا ان نـكـون حـكـماء مائة في المائة ـ لأن الحكمة المنقوصه تجلب على صاحبها المتاعب فسألناه كيف؟

قال ما رأيكم في السامري الصالح – قلنا انسان يحب الخير لـلـكـل.. حتى الاعـداء. قال لكنه لم يسلم من الاذى؟ قلنا له كيف ـ قال بعد أن اودع مريضه المستشفى ودفع له دينارين اتعمل محضر ولـكـن اليهودى وشى بالسامري الصالح وادعى انه هو الذي سرقه وانه هو الذي ضربه.. ونسى عمل الرحمة اللى عمله فيه ـ وتحول المحضر إلى النيابة التي امرت بالقبض على السامري الصالح وحكمت بصلبه يوم الجمعة الحزينة بسبب الوشايات التي قدمت ضده ولـعـدم وجـود شـهـود اثبات وأدى حال الدنيا.

فالـحـكـمـة تـعـنـى الحـذر مع الجميع ـ ولا تنسى ان اصـدقـاء الـيـوم قد يتحولون إلى اعداء وساعتها يـسـتـخـدمـون كل مالديهم من مستندات للشر.. لذلك جاءت الحكمة القائلة ـ اللهم نجيني من اصدقائي أمـا اعـدائـي فـأنـا كـفـيـل بيهم. والـحـكـمـة ضـروريـة فـي كـل فضيلة ـ فأى فضيلة تمارسها بدون حكمة قد تنقلب إلى ضدها ولا تنسى أن راس الحكمة هو مخافة الله.

عزيزي صاحب الوكالة تقول للوكيل (لو ١٦) ما هذا الذي أسمع عنك … ثم اصدرت أحكامك بإنهاء وكالة الـوكـيـل أن الذي يأخذ بالسمع فقط يظلم الأخـريـن – لذلك عليك أن تتحـقـق بـنـفـسـك يـا صـاحـب الـوكـالة . لا سيما أن الذين وشـوا بـه هم أصحاب مصلحة.

عـزيـزي حينما تسمع / عليك ان تـتـحـقـق ثم ان تـتـاكـد حـتـى يـكـون حكمك صائبا بـقـدر اهتمامك بالامر . لذلك اشترط المشرع الالهى ان لا يـحـكـم فـي اي قضية الابناء على الشهـود … و يجب ان يـكـون الـشـهـود ليس لهم مصلحة ولا خائفين من امر ما بشأن هذه القضية – و لا مرتشين لان الرشـوة تـعـوج الـقـضـاء

ولا مـن شـريـبـي الـخـمـر الـمـتـلـفـيـن لاتزان الـعـقـل .. حتى الـقـاضـي الامين حينما يستشـعـر بـعـدم الارتياح فـي قـضيـة مـا فـأنه يعتذر عنها حتى لا يشـوب الـحـكـم اي خلل و حتى في القضاء هناك مراحل و استئناف و العرض امام محكمة عليا و هكذا كل هذه الامور لـكـي تظهر الحقيقة الكاملة و لـيـكـون ايضا الحكم صحيحا لان العدل الحقيقي يمثل الحضور الالهي لله .

والـفـرق بـيـن الـقـضاء الأرضى والقضاء الإلهى ان القضاء الأرضى يحتاج إلى أوراق ومستندات وهناك الـواشـون الـذي بسلطانهم ان يقدموا للقضاء أوراق أو مستندات مزورة .. فالقاضى برئ وحـسـن الـنـيـة فـي حـكـمـه حـسـب الأوراق الـمـقـدمـة لـه أما القضاء الإلهى فإن الله ينظر إلى القلب وخفياته فالله يقرأ فـكـر الناس ويحاسب الناس على أفكارهم وليس سلوكياتهم

فـالـفـرسـيـن مـثـلا كـانـوا يـطـيـلـون الصلوات و السـجـود امـام الـهـيـكـل .. و مع هـذا يـقـول لهم السيد المسيح ويـل لـكـم و لماذا .. هل الصلاة حـرام .. يـقـول الـوحـي الالهى لانهم تمسـكـوا بالشكل الخـارجـي دون الجوهر . سمعان الـفـرسـي يعمل وليمة (امام الناس ) يظهر انه رجل مضياف و کریم و مفيش بعد كدة مع هذا فان السيد المسيح يرفض هذه الوليمة الملائة رياء – لانها وليمة شكلية و ليست قلبية ولذلك يقـول الـوحـي الالهى يا بنى اعطيني قلبك .. و ليس مالك او وقتك .. فالله يهتم بعطاء القلب و ليس عطاء اليدين – الخالي من الحب الحقيقي – في يوم احد السعف استقبلت الجموع السيد المسيح بالسعف و هذا اليهود – اوصانا في الاعالي .. و مع هذا فان السيد المسيح يبكي ؟ تبكـي عـلـي ماذا يا سيد ؟

ابـكـي لانها اي اورشليم لم تعرف زمان افـتـقـادهـا – لـم تـقـدم تـوبـة قلبية – لم تدرك حقيقة المسيح الملك – انه ملك سمائي و ليس ارضي -انه ملك علي القلوب و ليس على العروش و للاسف حينما ادركت اورشليم الحقيقة – لم تستمر في خداعها طويلا بل صرخت بكل صراحة ليس لنا ملك الا قيصر حتى لو كان الثمن خراب الهيكل .. فالانسان دائما ينظر الى العينين اما الله فينظر الى القلب احيانا الانسان الروحاني يعمل تصرفات في نظر البعض (غلط) كما كان نوح حينما يبني الفلك .. او ابراهيم حينما يـقـدم ابنه اسـحـق كـذبيحة – او حينما يـديـر الـمـؤمـن خـده الاخـر

لكن السؤال الذي يدور بالـذهـن يـجـب ان يـكـون مـاذا يـقـول الله عنى الله وليس الناس .[8]

 

 

 

المرجع :

 

[1] تفسير انجيل لوقا (١٩: ٢٧) – القمص تادرس يعقـوب ملطي.

[2] – تفسير إنجيل لوقا للقديس كيرلس الأسكندري ( صفحة ٥٣٠ ) – ترجمة د. نصحي عبد الشهيد

[3] – المرجع : كتاب الحقيقة والظلال للقديس يوحنا ذهبي الفم ( صفحة ٨٨ ) – ترجمة دكتور سعيد حكيم يعقوب

[4] – المرجع : كتاب إختبرني يا الله صفحة ١٩٤ – قداسة البابا تواضروس

[5] – المرجع : كتاب التحفة اللوكاسية للعلَّامة الأنبا لوكاس مطران كرسي منفلوط وأبنوب ( الكتاب الأول صفحة ٣١ – ٣٦ )

[6] – المرجع : كتاب موسوعة الأنبا غريغوريوس ( الجزء الخامس صفحة ٣٠٠ – ٣٠٣ ) – إعداد الإكليريكي منير عطية

[7] – المرجع : كتاب قد إقترب منكم ملكوت الله (صفحة ٢٦ – ٣١ ) – الراهب متياس الصموئيلي ( المتنيح الأنبا كاراس الأسقف العام ) – إصدار مطرانية قوص ونقادة للأقباط الأرثوذكس

[8] – كتاب وكيل الظلم ( صفحة ١٠ – ٤٧) – الأب القمص يوسف حنا جاد – كنيسة الشهيد أبي سيفين بالمهندسين