“لأَنَّهُ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ إِلَى مَغْرِبِهَا اسْمِي عَظِيمٌ بَيْنَ الأُمَمِ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ يُقَرَّبُ لاسْمِي بَخُورٌ وَتَقْدِمَةٌ طَاهِرَةٌ” (ملا١:١١)
[واعطيتهم كعظيم الموهبة التي لا تحٌـد التي لنعمتك ان يبشروا في كل الأمم بالغنى الذي لا يستقصي الذي لرحمتك] (سر الكاثوليكـون)
[كما أن الخبز المكسور، كان مرة مبعثرًا على التلال، وقد جُمع ليصير (خبزًا) واحدًا، كذلك اجمع كنيستك من أقاصي الأرض في ملكوتك] (ليتورچيـا – الديـداكيـة)[1]
شــواهــد القــراءات
صلاة باكر (تث ١٠: ١٢) (ص١١: ١-٢٨ )، (إش ٢٩: ١٣- ٢٣)، (أي٢١: ١) الخ) (دا١٤: ١- ٤٢)، (مز٢٧: ٧، ٨)، (لو٤: ٣١- ٣٧)
القداس (عب١٣: ٧- ١٦) (١يو٤: ٧- ١٦)، (أع٢٢: ١٧- ٢٤)، (مز٢٧: ٢)، (مت ١٥: ٢١- ٣١).
شــرح القــراءات
تتكلّـم قـراءات اليـوم عـن بـرّ الآب للأمم ولكل الشعوب وإتّساع حظيرة الإيمان لكل الأمم وكيف تترجّى الشعـوب بـر الآب ورحمته. يبدأ سفر التثنية بإعلان تدبير الله في اختياره لليهود “لكن آباءكم سبق فأرادهـم الـرب وأحبهم واختار ذرّيتهم من بعـدهـم”.لكن هـذا الإختيار مرتبط بوصية. “فاحفظوا جميع الوصايا التي أنا آمركم بها اليـوم لكي تحيـوا وتكثروا وتـدخلـوا وترثـوا الأرض”.لكن مهّد الله لشعبه في القـديـم بأن يحبّـوا الشعـوب الأخـرى إعـداداً لملء الـزمان وزوال العـداوة بين كل البشر وقبول الأمم. “فأحبـوا الغـريب لأنكم كنتم غـرباء في أرض مصر”.
ويعلن سفر إشعياء فـرح البائسين وفاقـدي الـرجاء بإله إسرائيل. “ويبتهج البـائس بالـرب ابتهاجـاً والنـاس الذيـن لا رجـاء لهم يمتلئـون فـرحـاً بقـدوس إسرائيل”.
ويحـذّر سفـر أيـوب من خطورة رفض بـرّ الآب من الأشـرار. “يقـولـون للـرب ابتعـد عنا لا نسر باستقامة طرقـك ولا نتعبد لك باستحقاق وماذا ننتفع إن التمسناه”.
ويعتـرف في سفـر دانيال الملك الأممي بعمل الله العجيب مع أولاده والمؤمنين به. “فقال الملك ليتقي جميع سكان الأرض إله دانيال فإنه المخلص الصانع الآيات والعجائب في الأرض وهـو الذي أنقـذ دانيال من جب الأسود”.
لذلك في مـزمـور باكــر تسبّح النفس الـرب لبرّه مع أولاده في عـونه ونصرته لها. “الـرب هـو عوني وناصري عليه أتكل”.
وفي إنجيـل باكــر ذيـوع بـرّ الآب في ابنه يسوع المسيح لخلاص البشر من سلطان إبليس. “فإنه بسلطان وقـوة يأمر الأرواح النجسة فتخـرج وذاع صيته في كل مكان من الكورة المحيطة”.
ويطمئن البولس مؤمني العهد الجديـد من اليهـود بأن لا يحزنـوا على المذبح الـذي فقـدوه ناظرين إلى مذبح العهد الجديد وذبائحه غيـر الـدموية. “إن لنا مذبحا لا يحق للذين يخدمون المسكن أن يأكلوا منه، فلنقـرّب به في كل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاهنا معترفين باسمه”.
كما يـؤكـد الكاثـوليكـون أن خلاص الإبن لكل العالم. “بل إنه هـو أحبنا وأرسل ابنه كفارة عن خطايانا، ونحـن قـد عاينّا ونشهد أن الآب قـد أرسل الإبن مخلصاً للعالــم”.
لذلك يدعـو الله في الإبركسيس القدّيس بولس للإنطلاق للأمم وكرازتهم بالخلاص. “فرأيته قائلاً لي بادر واخرج سريعاً من أورشليم فانهم لا يقبلون منك شهادة عني، فقال لي انطلق فإني سأرسلك إلى الأمم بعيـداً”.
ويعلـم مزمـور القـدّاس أين يجـد الإنسان برّ الله في هيكله المقـدَّس. “استمع يا رب صوتَ تضرعي إذ أبتهل إليك وإذ أرفـع يـديّ إلى هيكل قدسك”.
ويختم إنجيـل القـدّاس بإيمان المرأة الكنعانية الذي تخطّي وتجاوز وارتفع فـوق إيمان خـراف بيت إسرائيل وصارت نموذج لإيمان الأمم.”فأجاب وقال: ليس حسناً أن يُؤخذ خبزُ البنين ليعطى للكلاب فقالت: نعم يا رب فإن الكلاب أيضاً تأكل من الفتات الساقط من مائدة أربابها حينئذ أجاب يسوع وقال لها: يا امرأة عظيمٌ إيمانك فليكن لكِ ما تريدين فشفيت ابنتها من تلك الساعة”.
ملخّص القـــراءات
سفر التثنية | الله يدّرب شعبه في القديم لمحبّة الشعوب الأخرى |
سفر أشعياء | إحتياج الأمم لبر الآب وفرحهم به |
سفر أيــوب | خطورة رفض بـرّ الآب وطرقه |
سفر دانيال | إعتراف ملوك الأمم بعمل الله المعجزي مع أولاده |
مزمور باكـر والقــدّاس | برّ الآب في إستجابته لتضرّعات أولاده |
إنجيل باكر والبولس والكاثوليكون | كمال إستعلان بـرّ الآب في إبنه يسوع المسيح مخلصاً للعالم وفي كهنوته الذي حقـق جـوهـر كهنوت العهد القـديم |
الإبركسيس | القـدّيس بولس رسول الأمم والكارز ببرّ الله للشعوب الغريبة |
إنجيل القـدّاس | الأمم يُقْبلـون في اتضاع لابـن الله قـانعيـن بفتات البـرّ الإلهي (الشفاء) فأعطاهم الله ملء البر استعلان ربنا يسوع المسيح وفيض الـروح القـدس |
أفكــار مقتـرحــة للعظــات
(١) برّ الله ومحبته لكل الشعـوب
- دعـوة الله ليونان للكرازة لشعب غريب وقبول الله لتوبتهم (يونان ٤).
- مباركة الله للركابيين لأمانتهم مع أبيهم (إر٣٥: ١٨).
- وصية الله لشعبه تجاه المصريين والأدوميين (تث٢٣: ٧).
- قبول الله لبشر أممين وخطاة ومجيئه من نسلهم مثل راحاب وراعـوث (مت١: ٥).
- مدح الـرب لإيمان قائد المئة والمرأة الكنعانية (مت١٥: ٢٢).
(٢) بـرّ الله الـذي يقبل ويغيّر أشرّ الخطـاة
- “ولكن يؤمن بالذي يبرر الفاجر، فإيمانه يحسب له براً” (رو ٤: ٥)
- “هلم نتحاجج، يقـول الـرب، إن كانت خطاياكم كالقـرمز تبيض كالثلج. إن كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف” (إش ١: ١٨)
- “لأني لم آت لأدعـو أبـراراً بل خطاة إلى التـوبة” (مت ٩: ١٣)
- “لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب” (١بط ٢: ٩).
- “وهكذا كان أناس منكم، لكن اغتسلتم، بل تقدستم، بل تبررتم باسم الـرب يسوع وبـروح إلهنا”(١كو٦: ١1)
- “من سلك في الطريق حتى الجهال لايضل” (إش٣٥: ٨).
عظات آبائية
مثال المرأة الكنعانية – القديس يوحنا ذهبي الفم[2]
لكنك غير مستحق!
ثابر فتصير مستحقاً، فبالمثابرة يصير غير المستحق مستحقاُ. فإن الله يقبلنا أكثر عندما نطلب بأنفسنا، أكثر مما نعتمد على مجرد طلب الآخرين .. وهو غالباً ما يؤجل العطاء ليس لأنه يود أن يجعلنا مرتبكين، أو لكي يرسلنا فارغين، بل لكي يعطينا عطايا أعظم. هذه الأمور الثلاثة أجتهد أن أؤكدها بالمثال الذى قُرِئَ اليوم عليكم.
جاءت المرأة الكنعانية إلى السيد المسيح تطلب لأجل ابنتها التى بها شيطان، صارخة بشغفٍ عظيمٍ قائلة: “ارحمنى يا سيد يا ابن داود. ابنتى مجنونة جداً” (مت ١٥: ٢٢). أنظر إلى المرأة غريبة الجنس المتبربرة .. التي ما كانت إلا مثل كلب ولا تستحق أن تنال طلبتها… (فى نظر اليهود مت١٥: ٢٦). لكن على أي الأحوال، بمثابرتها صارت مستحقة أن تأخذ.
لم يضمها إلى صفوف البنين فحسب، بل وارتفع بها إلى هذا المستوى العظيم مادحاً إياها قائلاً: “يا امرأة عظيم إيمانك. ليكن لك كما تريدين” (مت١٥: ٢٨).. أتريد أيضاً أن تتعلم أننا نأخذ طلبتنا عندما ندعوه نحن أكثر من (مجرد) اعتمادنا على طلب الآخرين؟! لقد صرخت المرأة الكنعانية والتلاميذ جاءوا إليه قائلين: “اصرفها لأنها تصيح وراءنا” (مت١٥: ٣٣).
وعندئذ قال :”لم أُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة”، لكن لما جاءت بنفسها وألحتْ فى الصراخ، قائلة: نعم ياسيد والكلاب أيضاً تأكل الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها. عندئذ أعطاها طلبتها… مرة أخرى فى البداية وفى مقدمة طلبها لم يجبها بشئٍ، ولكن إذ جاءته مرة واثنتين وثلاثة، عندئذ وهبها العطية، وبذلك جعلنا نؤمن أنه أجَّل العطية لا لأنه يريد أن يصدها، بل لكى يكشف لنا عن احتمال المرأة.. فلو أنه أعطاها منذ البداية ما كنا قد عرفنا فضيلتها.
لقد قالوا: “اصرفها لأنها تصيح وراءانا”، ولكن ماذا قال السيد المسيح..؟ أنتم تسمعون صوتها أما أنا فأرى فكرها.
أنا أعرف ما ستقول. أنا أريد آلا يختبئ الكنز المدفون فى فكرها دون أن يراعيه أحد، حتى عندما ينكشف الكنز يراه الكل.
لقاء الرب مع المرأة الكنعانية – للقديس ابيفانيوس[3]
الذهاب إلى صور و صيدا (مت ١٥: ٢١)
أم الأمم: بعد أن رحل ربنا عن اليهود، جاء إلى نواحي صُورَ وَصَيْدَاءَ. ترك اليهود خلفه وأتى إلى الأمم. أولئك الذين تركهم ورائه بقوا في حالة خراب. أما أولئك الذين جاء إليهم نالوا الخلاص في اغترابهم. وخرجت امرأة من تلك الأرض وصرخت قائلة له: “ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ!” يا له من سرٍ عظيم! خرج الرب من عند اليهود، وخرجت المرأة من أرض الأمم. هو ترك اليهود خلفه، وتركت المرأة عبادة الأوثان وأسلوب حياة الشر. لقد وجدت ما كانوا قد فقدوه. والذي أنكروه في الناموس، اعترفت هي به من خلال إيمانها. هذه المرأة هي بمثابة أمٍ للأمم وقد عرفت المسيح بالإيمان. وهكذا توسلت إلى الرب نيابة عن ابنتها (شعب الأمم). لقد إنقادت الابنة للضلال بعبادة الأصنام والخطية، وكانت مملوكة بشدة للشيطان. (تفسير الانجيل ٥٨)
يسوع يتجاهل المرأة (مت ١٥: ٢٣)
اصْرِفْهَا بعيدًا: ومن ثم، توسلت هذه المرأة إلى الرب نيابةً عن ابنتها، كنيسة الأمم. “فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ”. لم يكن الأمر أن الرب لم يكن يريد أن يشفيها، بل أنه أراد أن يكشف عن إيمانها العظيم واتضاعها. فتأثر التلاميذ بالرحمة وتضرعوا إِلَى الرب قَائِلِينَ: “اصْرِفْهَا، لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!”، فَأَجَابَ وَقَالَ: “لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ”. الآن هو يقول هذا الحديث إلى جمهور اليهود حتى لا يكون لهم عذر في يوم الدينونة، إذ قد يزعمون بالقول: “لقد أراد أن يأتي إلى الأمم لا إلينا”. (تفسير الإنجيل ٥٧)
تحول غريب: بعد ذلك، في مقابل اليهود الذين كانو قد رفضوه، طلبت منه هذه المرأة الأممية أن يشفي ابنتها. لكن الرب لم يحول لها أذناً. فسقطت عن رجليه وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: “يَا سَيِّدُ، أَعِنِّي!”، فقال لها الرب: “لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَب”. ماذا ينبغى لليهود أن يقولوا عن هذا؟ لقد دعاهم بصراحةٍ “أولاداً” بينما دعا الأمم “كلاباً”. لقد وافقت المرأة قائلة للمخلص: “نَعَمْ، يَا سَيِّدُ!”. كما لو كانت تقول، نعم أنا أعلم يا رب أن الأمم هم كلابٌ بعبادتهم للأوثان ونباحهم ضد الله. “وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا!”. بعبارة أخرى، لقد أتيت إلى اليهود وأظهرت نفسك لهم، وهم لم يريدوا منك أن تصنع أية استثناءات. ما قد رفضوه إعطه لنا نحن الذين نسألك. الرب وهو عالمٌ بمدى الإيمان الجاد لهذه المرأة، قال لها: “يَا امْرَأَةُ، عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ”. الإيمان يقبل ما لا يستحقه الفعل، ومن خلال الإيمان، صار الوثنيون أبناءً بعد أن كانوا كلاباً. كما قال الرب من خلال النبي: “وَيَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فِيهِ: لَسْتُمْ شَعْبِي، أَنَّهُ هُنَاكَ يُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللهِ الْحَيِّ”. وفي المقابل، فإن اليهود الرافضين صاروا كلاباً بغيضةً بعد أن كانوا أبناءً، كما قال الرب نفسه في آلامه من خلال النبي: “لأَنَّهُ قَدْ أَحَاطَتْ بِي كِلاَبٌ. جَمَاعَةٌ مِنَ الأَشْرَارِ اكْتَنَفَتْنِي”.
المرأة الكنعانية – عند القديس اغسطينوس[4]
إذا كانت تشغف على الحصول على الرحمة صرخت وبجسارة قرعت، فظهر كأنه لم يسمعها. لم ترفضها الرحمة إلى النهاية، إنّما ما حدث كان لكي يُلهب رغبتها ويُظهر تواضعها. صرخت وكأن المسيح لا يسمعها، مع أنه كان يدبّر الأمر بهدوء.
كانت دائمة الصراخ، داومت على القرع، وكأنها سبق فسمعت قوله: “اِسألوا تُعطَوْا. اُطلُبوا تجِدوا. اِقرَعوا يُفتَحْ لكُمْ. ” (مت ٧: ٧).
إننا نفهم من هذا أنه لاقٍ به أن يُعلن عن حضوره بالجسد وميلاده، وعمل معجزاته وقوّة قيامته وسط هذا الشعب، فإنه هكذا قد دبّر الأمر منذ البداية. ما سبق فبُشِّر به قد تحقّق بمجيء المسيح يسوع لأمّة اليهود كي يُقتل، لكنّه يربح منهم الذين سبق فعرفهم، فإنه لم يدن الشعب كلّه، إنّما فحصهم فوجد بينهم تبنًا كثيرًا، ووجد أيضًا حنطة مختفية. منهم ما هو يُحرق، ومنهم ما يملأ المخازن، فإنه من أين جاء الرسل؟!.
لأنه لم يذهب بنفسه للأمم، بل أرسل تلاميذه، فيتحقّق ما قاله النبي: “شَعبٌ لم أعرِفهُ يتعَبَّدُ لي.” (مز١٨: ٤٣) انظر كيف أوضحت النبوّة الأمر كيف تحقّق؟!.. تحدّثت بوضوح: “شعب لم أعرفه”؛ كيف؟ يكمّل قائلًا: “مِنْ سماعِ الأُذُنِ يَسمَعونَ لي.” (مز ١٨: ٤٤)، أي يؤمنون لا خلال النظر بل خلال السمع، لهذا نال الأمم مديحًا عظيمًا. فإن (اليهود) رأوه فقتلوه، الأمم سمعوا عنه وآمنوا به.
أنها لم تثُرْ ولا غضبت، لأجل دعوتها ككلبٍ عندما طلبت البركة وسألت الرحمة، بل قالت: “نعم يا سيّد” لقد دعوتني كلبًا، وبالحق أنا هكذا، فإنّني أعرف لقبي! إنك تنطق بالحق، لكن ينبغي ألا أُحرم من البركة بسبب هذا… فإن الكلاب أيضًا تأكل من الفتات الساقط من مائدة أربابها. ما أرغبه هو البركة بقدر معتدل، فإنّني لا أزحم المائدة، إنّما أبحث فقط عن الفتات.
انظروا أيها الإخوة عظمة التواضع الذي أمامنا…! إذ عرفت نفسها، قال الرب في الحال: “ياامرأةُ، عظيمٌ إيمانُكِ! ليَكُنْ لكِ كما تُريدينَ” لقد قلتِ عن نفسكِ إنكِ “كلبًا“، لكنّني أعرفك إنكِ “إنسان”… لقد سألتي وطلبتي وقرعتي، فيُعطَى لك وتجدين ويُفتح لك. انظروا أيها الإخوة كيف صارت هذه المرأة الكنعانيّة مثالًا أو رمزًا للكنيسة؟!.. لقد قدّمت أمامنا عطيّة التواضع بدرجة فائقة!.
عظات آباء وخدام معاصرون :
يوم الجمعة من الأسبوع الرابع هل كررت المحاولة ؟ لقداسة البابا تواضروس الثاني
مت (١٥ : ٢١ – ٣١) هل كررت المحاولة ؟
قصـة هـذا اليـوم هـي معجزة وحـوار أيضاً ، كان اليهود يعتبرون أنفسهم الشعب المختار، وكانوا ينظرون لكل شعوب العالم على أنهم الأمم ، فهم لا يتكلمون لغتهم ولا يعيشون عاداتهم ، وكان يطلقون عليهم تعبير ” الكلاب “، وهذا التعبير يشير إلى المهانة والمذلة أو نـوع مـن عـدم التقدير ، وفـي العهد القديم كان هناك نوعـاً مـن الاستعباد للمرأة ، فلم يكن لها أي حقوق ، ولم يكن لها كرامة في ذلك الزمن . أما عن كلمة كل الأمراض فكانوا يرجعونها للشيطان ، فإذا كان هناك مجنون يكون فيه شيطان ، وإن كان هناك أعمى يكون به شيطان ، حتى إن كان هناك من لديه عاهة من العاهات فيكون فيه شيطان .
يقـول لـنـا الكتـاب فـي (يـو ١ :١١) ” إلى خاصته جـاء ، وخاصته لـم تقبله “، ويقصـد بخاصته ” اليهود “، ولكنهم لم يقبلوه ، بالرغم مـن أنـه ولـد عـلـى الأرض اليهوديـة وفـي وسط يهودي لكنهم لم يقبلوه ، وكانت النتيجة أن المسيح جاء إلى العالم أجمع . و معجزة اليوم تمت في صور وصيدا على ساحل البحر الأبيض ، وهذه المدن يعيش فيها جنسيات كثيرة وليس اليهود فقط . سمعـت امـرأة كنعانيـة مـن أرض كنعان أن السيد المسيح موجود فأخذت تبحث عنه وهي غير مؤمنة ولا تعرف المسيح ، بل كانت تسمع عنه ، لكن في سياق القصة كان هناك حديث أو حـوار يتضـمـن سـؤالاً طرحته علينـا كلمـة اللـه اليـوم ، وهـذا السؤال بعنوان ” هل كررت المحاولة ؟” هل جربت اللجاجة وقيمتها ؟
اللجاجـة صـورة رفيعـة مـن صـور الصلاة الحقيقية ؛ لأنهـا صـورة مغلفة بالإيمان ،وهذه المرأة تُعطينـا هـذا الـدرس فـي هـذا اليـوم ، فسؤالها كـان مـن قلبهـا ؛ لأن المريضة كانت ابنتها ” مجنونة جدا ” (مت ١٥ : ٢٢)، وعليكم أن تتخيلوا مقدار العذاب والمر التي كانت تعيشـه هـذه الأم إلى أن كبرت ابنتها التي يسكنها الشيطان حتى أنها فقدت عقلها وصارت مجنونة ، وعلينا أن نعيش في خيالنا مأساة هذه الأم وهذه التجربة . تلاحظ أن الحـوار يكشـف مـعـدن هـذه المرأة ، كمـا أنـه يمكنك أن تقيس عليـه نفسك وتكشف معدنك أمام المسيح ، الحقيقة إن هذه المرأة عندما أجابت على سؤال اليوم وضعت أمامنا أربع محطات رئيسية في حياتنا :
١– المحطة الأولى : بحثت عن المسيح :
إنها إنسانة فتشت عن المسيح ، قد تكون مسيحي وتعيش داخل الكنيسة ومرتبط بها وخادم فيها ، لكن هي فتشت عن اللقاء الشخصي بينها وبين السيد المسيح ، فتشت عن العلاقة الشخصية ، وهنا نجد الناس نوعين :
النوع الأول : نوع يلجأ للمسيح لجوءاً عابراً ، ألجأ إليه عندما أتعرض لمشكلة .
النوع الثاني : نوع يلجأ للمسيح لجوءاً دائماً ، اعتمادي عليه بصورة مستمرة . هذه المرأة في المحطة الأولى كشفت عن نفسها ، فمن الضروري أنها صرخت وتألمت وبكت.
الحياة مع المسيح هي الحياة الجدية التي تُمسك صيدا ” الرخاوة لا تمسك صيدا ” (أم ١٢ : ٢٧)، فدائماً من يعيش الحياة الرخوة لا يمسك صيدا ، فالحياة الروحية تبدأ بالجدية وتستمر بالجدية .
٢– المحطة الثانية : صرخت إلى المسيح :
المرأة عندما أتت إلى المسيح وهي صارخة كانت تعبر عن تعبها وتعب ابنتها ، ولكن المسيح لم يجبهـا بكلمـة ، والنص الإنجيلـي يوضـح ذلـك ، فأحياناً تُصـلي والله لا يستجيب ، ونحن فـي زمـن يعمل بالتكنولوجيا فقد يتسرب للإنسان أن الحياة الروحية بهذه الصورة ، لكن ليست الحياة الروحيـة بهـذه الصورة أبـداً ، وهنـا ظـهـرت فضيلتها بالرغم أن التلاميذ قالوا ليسوع أن يصـرف هـذه المرأة، إلا أنه لم يلتفت إليها ولا إلى صراخها ؛ لأنه يريد اختبار هذه الإنسانة ، أحيانا ربنا لا يستجيب لغرض وإن السماء صامتة ولكن الله له غرض ، ويرد المسيح على تلاميذه ويقول لهم : ” لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ” (مت ١٥ : ٢٤) .
الصفة الثانيـة فـي هـذه المرأة أنهـا صـرخت وأعادت الطلب وهنا تظهر اللجاجة فكان من الممكن أن ترد عليه وتقول له : ” كيف يحدث لي هذا وأنا أرملة وابنتي مريضة والجأ إليك فكيف تتركني هكذا ؟!” لكن يقول عنها الكتاب إنها أتت وسجدت له قائلة : ” يا سيد أعني ” (مت ١٥ : ٢٥)، ربما كررتها وعينها فيهـا دمـوع ، وسجدت وقلبها منكسر هنا تظهر اللجاجة ، لجاجـة الإنسـان الـذي يكرر المحاولـة مـرة واثنين وثلاثة ، إلى أن يستجيب المسيح لطلبه ، أو يستجيب بالصورة المناسبة . هي هنا تعطينا درساً مهماً جداً وهو ” صلوا كل حين “، فالصلاة كل حين تعني أن تكون الصلاة مملوءة باللجاجة وليست مجرد تكرار كلمات بلا معنى ، وليست الوقفة تكـون أمـام الـلـه فـي الأزمات فقط ، ولكـن الوقوف أمام اللـه هـنـا هـو تعبير عن الحب وأعتقد أنك تحب ربنا كل ساعة وكل لحظة ، ومن هنا تأتي نعمة الصلاة كل حين . كانت هذه المرأة تتكلم بكل قلبها وإحساسها وكيانها ، فصرخت ” يا سيد أعني ” (مت ١٥ : ٢٥)، أجاب للمرة الثالثة دون أن يلتفت إليها : ” ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب ” (مت ١٥ : ٢٦)، وأرجـوك أن تتصور مقدار التجربـة فـي هـذا الحوار لكن الله نطق بهذا لكي ما يظهر عظمة إيمان هذه الإنسانة .
٣– المحطة الثالثة : آمنت بالمسيح :
عندما ظهرت هذه القامة العالية من الإيمان لدي المرأة ، وقد وضحت قبل ذلك أن المجتمع اليهودي لم يكن يقـدر شخصية المرأة ، ولا يقدر إنسانة لديها ابنة مجنونة ، بمعنى أن هذا البيت به شيطان ، كما أنها كانت تصرخ ولا أحد يهتم بها ، وهنا تكون قد دخلت في امتحان ، فالله كثيراً ما يسمح لنا بالدخول في مثل هذه الامتحانات ، ويكون قصد الله خيرا لكل إنسان فينا وخاصة في كنيستنا وحياتنا وخدمتنا وبيوتنا . هذه المرأة آمنت بشخص المسيح حتى وإن أهملها ، فعندما يقول لها المسيح عبارة ” ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب ” (مت ١٥ : ٢٦)، نجـد أن هذه العبارة بها كل الاحتقار لمن هـو غير يهودي ، وأما هذه المرأة نجحت وبامتياز فـي إظهـارهـذا الإيمان عندما ردت وقالت : ” نعم يا سيد . والكلاب أيضاً تأكل من الفئات الذي يسقط مـن مائدة أربابها !” (مت ١٥ : ٢٧). أعتقد أن السيد المسيح فـي قلبـه كـان فـرحـاً جـداً بهذه الإجابة التي كشفت للتلاميذ وللمجتمع اليهودي ولنا عظمة هذه المرأة ، وبذلك يكون الأمتحان والأسئلة لها نتيجة إيجابية في توضيح طبيعة هذه المرأة إذا المحطة الثالثة هي إيمانها العميق ولجوءها لشخص المسيح لجوءاً ليس له مثيل …
٤– المحطة الرابعة : اتضاع بالغ :
الاتضاع البالغ الذي يحـوي مـهـارات هـذا الإنسانة ” نعـم يـا سـيد . والكلاب أيضـاً تأكل من الفتـات الـذي يسقط مـن مـائـدة أربابها !” (مت ١٥ : ٢٧)، وهنـا أريد أن أذكـر لك معلومة مهمة وهي أن السيد المسيح عندما قال لها : ” ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب ” (مت ١٥ : ٢٦)، وهو يقصد كلاب الشارع أي الكلاب الضالة ، وليس مـن المعقول أن نأخذ أكل البيت وتعطيه للكلاب ، إلا أن ردهـا كـان لطيفـاً جـدا فـقـد قالت : ” والكلاب أيضاً تأكل من الفئات الذي يسقط من مائدة أربابها !” (مت ١٥ : ٢٧)، وهذه الكلاب هي التي تُربى في البيت ، فهي تُريد أن تقول للمسيح أن هناك نوعين من الكلاب : كلاب ضالة وأخرى تُربى في البيوت.
اتضاعها البالغ هو الذي أظهر هذه الكلمات القليلة ، حيث يقدم لنا هذه الصورة العظيمة للإنسان الذي يصلي بثقة وبإيمان كل حين . هـذه المرأة نجحـت فـي اتـضـاعها إلى أقصى درجـة ، ولذلك كـل نعـم اللـه الـتي يعطيها للإنسان في الخدمة وفـي المجتمع والأسرة حتى في حياتنا الشخصية ، كل نعمة يعطيها الله للإنسان لا يمكن أن تُثمر دون اتضاع الإنسان . الاتضاع هو حارس كل نعمة ، وليس الاتضاع الشكلي أو المظهـري ، فهذه المرأة لم تدخل جامعة ولا التحقت بالمدارس وليس لها قامـة فـي وسط مجتمعها ، لكن اتضاعها هو الذي قدمها لنا ، وهو الذي جعل سيرتها مكتوبة في الكتاب المقدس ونقرأها وتعيد بها في الجمعة الرابعة من الصوم المقدس ” الصوم الكبير “، هو الذي قدم لنا إنسانة تستحق مديح المسيح ، وقد تكون أنا وأنت مثل هذه المرأة الكنعانية ، لكن هذه المرأة نالت مديح المسيح على اتضاعها ، فمتى يمدحك المسيح ؟ ومتـى يـقـول لـك حسـنا ؟ باتضاعك . المسيح لا يمـدح إنساناً إلا لاتضاعه وليس لموهبـة أو مسئولية معينة، مديح المسيح يوجه للإنسان حال اتضاعه فقط. يرد عليها المسيح ويعطيها نيشان لم يكن متوقعاً حيث قال لها: “يا امرأة عظيم إيمانك” (مت ١٥ : ۲۸). يا (فلان) عظيم إيمانك في خدمتك ونشاطك، مسيحنا لم يمدحنا لبنائنا مبنى أو لأنك مارست نشاطاً معيناً، أو قدمت خدمة معينة، أو تقدمت في مهارة من مهارات الخدمة، المسيح لا يمدح إنساناً إلا لاتضاعه . هذه القصة التي أمامك أن قرأتها تأخذ دقيقتين ، لكن غالبـاً فـي زمـانهـا تأخذ وقت ، لقد نالت هذه المرأة مديح المسيح ونالت شفاء ابنتها ، ونالت بالأكثر أنها صارت نموذجاً أمامنا بإيمانها المتضع . يقول القديس باخوميوس أب الشركة : ” اقتن لساناً متضعاً ، فيكون الكل صديقك “.
خلاصة سؤال اليوم : إن الاتضاع يعطي قوة الإيمان ، القلب المنكسر والمنسحق لا يرذله الله ، تمسك بصلواتك مهما تأخرت استجابات الله ، وكلما تأخرت استجابة الله ، أمامك فرصة لكي ما تقتني فضائل أكثر، وتقتني درجة أعمق مـن الاتضاع ، ثم تنال نصيباً يعظمك الله في ملكوته أمام كل السمائيينر. إنه علامة الإنسان عندما يتقدم في روحياته ، فاتضاعك هو علامة تقدمك الروحي ، ولا توجد علامة أخرى ، قد نتناسى الكثير من الفضـائـل فـي هـذا الـزمـان ، وأصبحت حياتنـا ليس فيهـا نـوع مـن الاستقرار الكافي نتيجة السرعة التي نعيشها ، فتكرار الفقرة الإنجيلية التي أمامك يجعل حياة الإنسان دائماً منتبهة لما هو في كلامه .
+ كيف يقوى إيمانك ؟
لكي تقوي إيمانك فأنت دائماً محتاج إلى :
١-الممارسات الروحية المنتظمة وهذا ما يعدل ميزان الإنسان ، في هذه الأيام المقدسة من الممكن أن تصحح مسيرة الإنسان الروحية ، والممارسات الروحية تقوي إيمانك وليست الممارسات الطقسية ، فكلمـة طـقـس هـنـا هـي مـا يمـارس داخـل الكنيسـة وهـو الـذي يضبط أداءنا ، كذلك الطقس خارجي ، ويجب أن يكون له روح وأنت تصلي قداساً أو تمارس سراً من الأسرار.
٢-الاختبارات الروحية التي عاشها القديسون ، والخبرة الروحية من خلال الأب الكاهن والخـدام ، فحـديثك يكـون حـديثا روحيـا وتأخذ الخبرة الروحية وتمتصها ، ولكـن أحياناً الخبرة الروحية لا تكون موجودة في الكتب وإنما محفوظة في القلوب فقـد تسمع كلمة واحدة تغير حياتك بأكملها . هذه المرأة الكنعانية قدمت لنا مثالاً للإنسان الذي يعيش اللجاجة والذي يظلل حياته بالاتضاع ويعيش هذه الحياة بصورة تقية .
يوم الجمعة الرابعة يربط بين ” أحدٍ الابن الضال و”أحد السامرية ” فيأتى ويعطى قصة فيها لمحة من أحد الابن الضال ولمحة من أحد السامرية .
السؤال التي تضعه قصة اليوم : هل كررت المحاولة ؟ هذا السؤال تطرحه علينا هذه المرأة غير اليهودية التي تعلمنا قوة الإيمان وقوة الاتضاع . فليعطنا مسيحنا أن تكون حياتنا بهذه النقاوة وهذا الاتضاع على الدوام فـي كل يوم من أيام حياتنا. لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد. آمين .
المرجع : كتاب إختبرني يا الله صفحة ٢٢٨ – قداسة البابا تواضروس الثاني
المرأة الكنعانية – المتنيح أنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا[5]
مع المرأة الكنعانية: (مت١٥: ٢١-٢٨)
وفي طوافه في البلاد وصل إلى شمال الجليل في أطراف فينيقية (لبنان) فتقابل مع هذه المرأة، التي طلبت منه أن يشفي أبنتها وكان إيمانها عظيماً.
- أذ نادت “يا سيد يا أبن داود” فهي تعرف من هو، وإنه المسيا.
- مشت وراءه تصرخ طالبة الرحمة.
- أتت وسجدت وقالت يا سيد أعني.
- أجابت بانسحاق عظيم “أن الكلاب تأكل من فتات موائد أربابها” ولذلك نالت ابنتها الشفاء.
وحين تأنى السيد عليها، أو حين قال: “أنه جاء لبيت أسرائيل” هو لم يقصد إهمالها، وإنما إذ عَلِمَ عِظَمْ إيمانها قصد أن يبرز ذلك الإيمان للحاضرين في ردِّها على تصرفاته وكلامه.
وكلمة “الكلاب” كانت شائعة عند اليهود كتسمية للأمم. وهو إذ قالها كان يلفت نظر الحاضرين إلى رأيهم في تلك السيدة وإلى عِظَمْ إيمانها ووداعتها. وكأنه يكرِّر كلمته السابقة “لم أجد ولا في اسرائيل إیماناً بمقدار هذا” (مت٨: ١٠). وفرق بين من يأكل على المائدة، ومن يأكل الفتات. ونحن نأكل على مائدة الرب، جسده ودمه الأقدسين. وهناك برکات تفيض من الكنيسة لغير بنيها، كأن يطلب مريض من ايمان آخر بركة السيدة العذراء ويشفي. فكم يليق بنا أن نتمتع نحن بذخائر النعمة. وكان لإنسحاق تلك المرأة ولجاجتها أثر كبير في حصولها على ما طلبت، ونحن في الحقيقة لا شيء فيليق بنا أن ننسحق كثيراً، “صادقة هي الكلمة المستحقة كل قبول أن يسوع المسيح جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا” (١تي١: ١٥)، وداود النبي يقول عن نفسه “أنه كلب میت وبرغوث” (١صم٢٤: ١٤) فلنقل ذلك لأنفسنا بيننا وبين الله ولا نقولها للناس لأنها قد تجلب لنا مديحهم. والإنسحاق لا يكون بقولنا للناس: “أنا خاطيء” بل بيننا وبين الله، أما التصرف قدام الناس فليكن في بساطة.
عند قدمي يسوع (مت١٥: ٢٩-٣١)
جاء اليه جموع كثيرة معهم مرضى من كل نوع، فليس ضرورياً أن الذين يبحثون عن المرضى هم الكهنة والشمامسة فقط، بل على الجميع أن يصلوا من أجل بعضهم البعض. المرضى من أجل المرضى، والحزانى، والمحتاجين، والبعيدين عن المسيح. فليصل الجميع من أجلهم، ولا داعي لأن يقولوا لهم: اننا نصلي من أجلكم. فلنجعل جميع مشاكل الناس أمامنا في الصلاة، كالعائلة، والجيران، والأوضاع العامة، والخارجية، والداخلية وغيرها. وحري بنا ألا يكون اهتمامنا بالصلاة أن نقول للكاهن أن يصلي من أجل كذا وكذا، فلنوسع صلاتنا، ولنذكر قدامه كل أمر، ولنقلل من الأحاديث، لأننا نكثر من الأحاديث في هذه الأيام، بينما صلاتنا قليلة، أما العكس فهو الصحيح. “في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله” (في٤: ٦).
لقد تعجب الجموع أن رأوا المرضى من كل نوع يصحون، أما نحن فإننا واثقون في قوته الكاملة، فلنصل اليه دائماً ولنشكره دائماً، ولتكن الأحاديث معه أساساً في علاقتنا، وقوة حياتنا.
المتنيح القمص لوقا سيداروس
الإيمان الحقيقي فصل من بشارة الإنجيل لمعلمنا مار مرقس البشير (مر٥ : ۲۲ – ٤٣) بركاته على جميعنا آمين.
أمثلة قوية للإيمان وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثَّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإيقانُ بِأُمُورٍ لا تُرَى (عب ۱۱: ۱)
الإيمان كما عَرَّفَهُ القديس بولس الرسول هو “الثَّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لَا تُرَى”. الإيمان هو ثقة ويقين. يايرس أصلاً كان رجلاً يهودياً رئيساً للمجمع ، وكانت له ابنة وحيدة مشرفة على الموت لها اثنتي عشرة سنة. فجاء على عجل إلى الرب يسوع وطلب إليه بإيمان، وقال له: “ابْنَتِي الصَّغِيرَةُ عَلَى آخِرِ نَسَمَةٍ. لَيْتَكَ تَأْتِي وَتَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهَا لِتُشْفَى فَتَحْيَا ” ، لأن الرجل كان له هذا الإيمان. فقال له يسوع: “لأ تَخَفْ. آمِنْ فَقَطْ فَهِيَ تُشْفَى”. وفي الطريق تزاحمت الجموع حوله، وجاءت من ورائه المرأة نازفة الدم ممتلئة إيماناً، وقالت إن لمست فقط هدب ثوبه شفيت جاءت في خفية من الخلف دون أن يلحظها أحد، ولمست هدب ثوبه، فَبَرِئَتْ في الحال. وهي كان من عادة المسيح أن يوصي الناس ألا يتحدثوا عما حدث معهم من معجزات، لأن الكلام الكثير لا يُفيد. فإن أخذت نعمة، حافظ عليها والزم الصمت لا تتحدث كثيراً لأن كلام الناس يؤذيك. لكن على خلاف عادة المسيح، التفت إلى الجموع وقال: مَنِ الَّذِي لَمَسَنِي ! قالوا له: “يَا مُعَلِّمُ الْجُمُوعُ يُصَدِّقُونَ عَلَيْكَ وَيَزْحَمُونَكَ وَتَقُولُ مَنِ الَّذِي لَمَسَنِي! فَقَالَ يَسُوعُ: قَدْ لَمَسَنِي وَاحِدٌ لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّ قُوَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنِي. فَلَمَّا رَأْتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا لَمْ تَخْتَفِ جَاءَتْ مُرْتَعِدَةً وَخَرَّتْ لَهُ وَأَخْبَرَتْهُ قُدَّامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ لأَيِّ سَبَبٍ لَمَسَتْهُ وَكَيْفَ بَرِئَتْ فِي الْحَالِ. فقال لها “ثِقِي يَا ابْنَةُ إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ. إِذْهَبِي بِسَلَامٍ”. كان يسوع يريد أن يُظهر إيمان هذه المرأة ولاسيما ليايرس، لأن يايرس في الطريق تقاذفته موجات رهيبة جداً من الشكوك والتعب والضغط النفسي. كل خطوة وكل ثانية بالنسبة له كانت تساوي حياة ابنته. فلما أظهر المسيح قدامه هذا المثل الحي للإيمان، شجعه جداً. ونحن نحتاج أن نرى أمثلة حية وقوية في الإيمان تشجعنا في مشوار حياتنا، مثلما ظهرت المرأة نازفة الدم في الطريق إلى بيت يايرس. نحتاج كثيراً إلى مثل هذه الأمثلة الحية لئلا يضعف أو يخور الإنسان في الطريق.
إمتحان الإيمان لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ (۱بط ۱ : ۷)
طبعاً امتحانات الإيمان واردة وموجودة الإيمان يُمتحن مثل أي امتحان آخر في الدنيا، إما أن ينجح الإنسان فيه أو يُخفق. القديس بطرس الرسول قال: لِكَيْ تَكُونَ تَزْكِيَةُ إِيمَانِكُمْ، وَهِيَ أَثْمَنُ مِنَ الذَّهَبِ الْفَانِي، مَعَ أَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِالنَّارِ ” . أي أن إيماننا يُمتحن بالنار مثل الذهب. وفي هذه الامتحانات يظهر إيمان الإنسان. الكتاب المقدس به أمثلة كثيرة واضحة جداً لامتحانات الإيمان، لكن أكبر شخص إمتُحِنَ إيمانه في البشرية كان إبراهيم أبو الآباء. وحدث أنه لما امتحن الله إيمان إبراهيم، أن ظهر إيمانه مزكي. ظهر أن له أعظم إيمان في البشرية كلها لما جاز أصعب امتحان جازه انسان على وجه الأرض ونجح نجاحاً فائقاً. أظهر أن إيمانه يقاس عليه إيمان الناس، فأصبح يُضرب به المثل في عظمة الإيمان، لأنه آمن بالله فحسب له إيمانه براً. “إِذْ حَسِبَ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى الإِقَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ”، ولم يكن أحد قد سمع من قبل عن القيامة من الأموات. بِالْإِيمَانِ قَدَّمَ إِبْرَاهِيمُ إِسْحَاقَ وَهُوَ مُجَرَّبٌ. قَدَّمَ الَّذِي قَبِلَ الْمَوَاعِيدَ، وَحِيدَهُ”.في كل يوم وفي كل مناسبة يُمتحن إيمانك. إما أن تنجح في الامتحان أو تفشل وتمر علينا هذه الاختبارات كجزء من الحياة اليومية وسط الملابسات والظروف دون أن نلحظها إفهم جيداً أن إيمانك يختبر، وفي كل يوم تمر بامتحانات وتُحسب لك أو عليك النقاط. كم مرة في اليوم تقف أمام وصية المسيح في المعاملات مع الناس وفي شتى أمور الحياة؟ وكم مرة تبدو الوصية صعبة أمامك؟ وكم مرة تنحاز إلى وصية الله ؟ أحياناً يشتغل العقل ويقرر أن الوصية غير معقولة وغير عادلة ولا أستطيع تنفيذها. مثلاً لا أستطيع أن أغفر ! كيف أخذ النصيب الأقل ! كيف أضع نفسي ! كيف أشتم فأبارك! كيف أحفظ نفسي أمام كل ما يواجهني وأحمل صليبي ! هذا كثير. لا تظن أن امتحانات الإيمان تكون على شاكلة إبراهيم الذي قرب وحيده، أو يايرس الذي نُكِبَ بموت ابنته الوحيدة هذه الأمثلة هي امتحانات كبيرة جداً للإيمان. لكن عندما كنا في المدارس، كانت توجد اختبارات وأسئلة صغيرة على مدار العام الدراسي، تتوج بامتحان نهائي. وفي الحياة تمر علينا اختبارات كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة، لتُظهر وجهة الإنسان وإلام ينحاز لكي أنجح، لا أهتم بما للناس، بل انحاز لوصية المسيح لأنه يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ. لذلك أحمل الصليب وأتبع مخلصي مهما يكن من أمر. لو أعثرتني عيني اقلعها. هذا هو كلام المسيح بلا مواربة أو فصال لمن ينجح.
الإيمان يُورث وَأَنَّكَ مُنْذُ الظُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاص (٢ تي٣: ١٥)
أما ضعف الإيمان، وفشل الإيمان، والسقوط من رتبة الإيمان، فهو وارد وكثير جداً. الإيمان المبدئي الأول نتسلمه ونحن رُضَّع. يرى الطفل إيمان الكبار في أمه وجدته وأبيه وجده وعمه. وإذا كان هذا المثل حقيقياً، يرسخ الإيمان في النفس. لذلك فإن مسئوليتنا من ناحية الصغار خطيرة أمام الله. يقول القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس الرسول: “أَمْتَلِىَ فَرَحاً، إِذْ أَتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ، الَّذِي سَكَنَ أَوَّلاً فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنيكي”. بولس كان يمتلئ فرحاً عندما يذكر تيموثاؤس ويتذكر الإيمان العديم الغش، لأن الإيمان يُغش مثل الذهب. فأمه وجدته كانتا المثال الحي، وهو منذ الطفولية يعرف الكتب المقدسة القادرة أن تحكمه للخلاص، وسكن فيه هذا الإيمان منذ الطفولة. لذلك فإن الإيمان الحي يورث الإنسان يرث الإيمان وهو طفل صغير. وعندما نفتقر إلى هذا المثل الحي، يتعب الصغار جداً، لأن الإيمان يختلف عن المحفوظات. فرق كبير جداً بين المحفوظات وبين الايمان.
الإيمان الحي هو الإيمان العامل بالمحبة الذي يُترجم إلى حياة أَنْتَ تُؤْمِنُ أنَّ اللهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ) (یع ۲: ۱۹)
يجب أن تفطن إلى أمر هام وخطير جداً وهو أن الشياطين يؤمنون ويقشعرون. أليس الإيمان هو الثقة بما يُرجي والإيقان بأمور لا تُرى الشياطين عندهم إيمان أليس الإيمان هو أن تعرف الله، وتصدق بوجوده، ووجود الحياة الأبدية، وتثق بمواعيد الله وكلامه ثقة لا يدنو إليها شك الشيطان يعرف أن الله موجود ويؤمن أن هناك حياة أبدية وأن هناك دينونة عتيدة ونهاية لكل أعمال الشر. هذا أمر طبيعي لأن الشيطان كان رئيس ملائكة فهو يؤمن ويخاف. الشيطان يعرف كل الحقائق لكنه ضد الله. هو مقاوم الله لذلك فإن إيمانه ميت، لأنه ليس إيماناً عاملاً ، بل مجرد معرفة معلومات عن الله. هو يعرف بالطبع أكثر بكثير جداً من البشر بما لا يوصف. نحن نعرف عن الله واحد على مليون مما يعرفه الشيطان. معرفة الشيطان واسعة جداً بقدر ما كان له كرئيس ملائكة لأن الخليقة الروحية معرفتها ممتدة جداً. هو يعرف عن الله أموراً خطيرة، ويعرف الله تمام المعرفة، لكنه ضد الله. مثل النور والظلمة. إيمان المعلومات ميت. أما الإيمان الحي فهو الإيمان العامل بالمحبة الذي يُترجم إلى حياة. “أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَناً تَفْعَلُ وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ ” لأن الإيمان بدون أعمال ميت. الإيمان ليس معلومات تدخل العقل، وإنما تصديق القلب ما أهمية جمع المعلومات وقراءة الكتب وسماع العظات وحفظ آيات وأقوال آباء، إن لم يكن لي نصيب في حياتي من هذه المعرفة ؟ أنت تصدق أن الله موجود ـ فما هي علاقتك به؟ الله هو أحبه من كل القلب ومن كل القوة ومن كل القدرة ومن كل الكيان ومن كل الفكر. أحبه جداً محبة ملتهبة من عمق قلبي، ولا أستطيع بأي حال من الأحوال، ولا تستطيع اى قوة في الوجود أن تفصلني عن محبته. هذا هو الإيمان.
الإيمان هبة من الله تنمو مع الأيام لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ ،فَقَط بَلْ أَيْضاً أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ. (في۱: ۲۹)
يقول المسيح له المجد: “الذي يحبني يحفظ وصاياي” الدليل على حبي الشديد للمسيح، أنه لا يمكن أن أكسر كلامه أبداً من أجل إنسان أو أموال أو شهوة أو كثير أو قليل ولا توجد خليقة ولا شيء في الأرض يستطيع أن يأخذني منه أو يضغط على لأكسر وصيته من يحب الله يعيش في وصاياه جداً. من يحبه يحفظ كلامه، مخبئاً إياه في قلبه لا يحفظ الوصية بالعقل، وإنما للتنفيذ للحياة. أما من يتساهل في كسر وصايا المسيح أو يتغاضى عن تنفيذها، يدوس كلام المسيح ويحتقر وصاياه ويكون قليل المحبة وقليل الإيمان الوصية هي الكشاف وتنفيذ الوصية هو دليل الإيمان. لذا تشهد الحياة العملية اليومية على إيماني. اجتياز امتحانات كل ساعة بنجاح وانحيازي إلى تنفيذ وصية المسيح مهما كلفني الأمر، هو دليل إيماني. تصرفات الإنسان فيما يخص العالم الحاضر وما يخص الجسد والمقتنيات والأموال والمعاملات، تُظهر إن كان الإنسان محباً للمال أم محباً للمسيح وتبين إن كان الإنسان متضعاً وديعاً متواضع القلب مثل سيده أم متكبر وقاسي وتشهد إن كان الإنسان كثير السماح كثير الغفران أم متزمت يحاجج ويلاجج في كل أمر الوصايا هي التي تفرز وتصنف الناس. يقول الكتاب المقدس أنَّ الإِيمَانَ لَيْسَ لِلْجَمِيعِ. وقال أيضاً أنه آمَنَ جَمِيعُ الَّذِينَ كَانُوا مُعَيَّنِينَ لِلْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ. فإذا كان عندنا إيمان يسوع المسيح، فهذه نعمة وموهبة. لذلك يقول بولس الرسول: “لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ بَلْ أَيْضاً أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ”. أي أن الإيمان هبة وموهبة ونعمة. إن أخذ الإنسان هذه النعمة وتاجر فيها، يزداد في الايمان الإيمان اختبار ومدرسة تجعل الإنسان يزداد ثقة في الله وفي مواعيد الله وكلام الله وأعمال الله كل يوم. ولأن الأمور الروحية غير مرئية، فإن الإيمان عيون وبصيرة داخل القلب للأمور الغير مرئية. الإيمان يزداد ويترقى وينمو مع الأيام. ومع مرور السنين والاختبارات إنسان الله يزداد ويتقوى ويتشدد في الإيمان.
ماذا تفعل حينما يضعف الإيمان وَلَكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لَا يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ (عب ٦:١١)
ذهب رجل للمسيح وكان ابنه به روح نجس وقال للمسيح أنا قدمته للتلاميذ فلم يقدروا أن يُخرجوا الشيطان. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ فَكُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ”. فَلِلْوَقْتِ صَرَخَ أَبُو الْوَلَدِ بِدُمُوعِ إِذ شعر بقلة إيمانه وَقَالَ: أُومِنُ يَا سَيِّدُ فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي”. فشفاه يسوع. لذلك إن كان الإيمان ضعيف، يركع الإنسان ويصرخ ويقول “زد” إيماني. أعن عدم إيماني”. وضعف الإيمان، يحتاج إلى صلاة طبعاً انتشرت موجات التشكيك في العالم، والشيطان يحارب ويعمل ضد الإيمان بشكل رهيب. فعمل الشيطان يتركز على التشكيك في الإيمان، لأنه يعرف أن الإيمان هو طريق يصل إلى السماء فيحارب بكل الحروب. لذلك الأمر يحتاج إلى الصلاة. لكن من المؤسف أن هذا الجيل يفتقر إلى الصلاة. نحن نعمل كل شيء إلا الصلاة صلاة هذا الرجل مثال لنا. أركع بقلب منكسر أمام الله وأقول له “أؤمن يا سيد”. لا أستطيع أن أقول أني لا أؤمن قل أؤمن” يا سيد فأعن عدم إيماني”. وفي إنجيل الليلة يقول للمرأة نازفة الدم: “ثِقِي يَا ابْنَةُ إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ. اِذْهَبِي بِسَلَامٍ”. هذا هو صنف الإيمان الذي عن يقين يستطيع أن يأخذ من الله والله يعطي أكثر مما نسأل أو نفهم أو نفتكر ، لأن عطايا الله لا حدود لها. لكن اليد التي تأخذ هي الإيمان، وَبِدُونِ ِإيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إرضاءه. فمن يأتي إلى الله، يجب أن يؤمن بأنه موجود وأنه يجازي كل واحد بحسب عمله. ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
المرجع : كتاب الينبوع للمتنيح القمص لوقا سيداروس ( صفحة ٢١٤- ٢١٧ )
المراجع
[1]– تفسير رسالة أفسس – ص٤ – القمص تـادرس يعقـوب ملطي .
[2]– كتاب: من كتابات القديس يوحنا الذهبي الفم – صفحة ٢٦٨ – القمص تادرس يعقوب ملطي.
[3]– Simonetti, M & Oden, T.C ( 2002 ). Matthew 14-28 ( The Ancient Christian Commentary on Scripture, New Testament part 1b ). Illinois ( USA ):InterVarsity Press. Pages 27-30
[4] – تفسير إنجيل متي – إصحاح ١٥ – القمص تادرس يعقوب ملطي.
[5] – كتاب تفسير إنجيل متى – صفحة ١٩٠ – المتنيح أنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا.