مجد البشرية
تتكلم قراءات اليوم عن مجد البشرية الذي نالته بصعود المسيح بالجسد إلى السماء الذي أعاد لنا نحن المؤمنين مجد الشركة مع الآب وسكن الروح القدس والنصرة الدائمة على قوات الظلمة..
المزامير
لذلك تبدأ المزامير:
- بإعلان حقيقة مجد ابن الله الذي أخلى ذاته من أجل مجد أولاده. (مزمور عشية).
- لذلك أعطى لأولاده عطية الشركة مع الآب وإمكانية النصرة على الشيطان. (مزمور باكر).
- والتي جعلت الكنيسة تحيا التسبيح الدائم لإبن الله. (مزمور القداس).
- “الجالس على الشاروبيم فلتتزلزل الأرض”. (مز٩٨: ١).
- “قال الرب لربي إجلس عن يميني حتى أضع أعدائك تحت موطئ قدميك”. (مز١٠٩: ١).
- “اسبح إسم الله بالتمجيد وأرفعه بالتسبيح” (مز٦٨: ٢٧).
انجيل عشية
وفي انجيل عشية يوضح ← مجد ابن الله في مجيئه الثاني مع طغمات الملائكة. “لأن من يستحي بأن يعترف بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ يخزيه ابن الانسان متى جاء في مجد أبيه مع ملائكته القديسين”.
انجيل باكر
وفي انجيل باكر يعلن ← أن عربون هذا المجد استعلن للكنيسة جسده في حضوره الدائم فيها مع أعضاء جسده السمائيين (إيليا وموسى) والأرضيين (بطرس ويعقوب ويوحنا). “وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا فأصعدهم إلى جبل عال على إنفراد وتجلى أمامهم وصارت ثيابه تلمع كالثلج بيضاء جداً لا يقدر قصار على الأرض أن يبيض هكذا وتراءى لهم إيليا وموسى…”.
البولس
وفي البولس عن ← أن مجد المسيح في الكنيسة وللكنيسة كمثل مجد الرجل في المرأة للمرأة فكما أن رأس المسيح الآب أي أن المسيح له المجد يعلن مجد الآب كذلك الرجل رأس المرأة بمعنى أن المرأة تعلن مجد رجلها لذلك تغطي رأسها وكما أن ابن الله في وحدة التدبير والإرادة مع الآب وفي خضوعه للآب أعطانا مجده هكذا الزوج في وحدة تدبيره وارادته مع المسيح يأخذ مجد المسيح وكذلك الزوجة في وحدة تدبيرها وارادتها مع رجلها وفي خضوعها له يعطيها المسيح مجده خلال زوجها وتصير الأسرة المسيحية أحد إعلانات العهد الجديد عن مجد الثالوث “ولكن أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح وأن رأس المرأة بعلها ورأس المسيح هو الله …… وإن كان قبيحاً بالمرأة أن تحلق رأسها أو يجز شعرها فلتتغط فأما الرجل فليس يجب أن يغطي رأسه لأنه صورة الله ومجده وأما المرأة فهي مجد بعلها”.
الكاثوليكون
وفي الكاثوليكون عن ← مجد وحدة مشيئتنا مع المسيح لذلك صارت لنا الثقة والدالة العظيمة عنده ونلنا مجد استجابة الطلبات والتي استعلنت خلال عضويتنا في جسد المسيح في صلواتنا لأجل كل من في موت الخطية “وهذه هي الثقة التي لنا عنده أنه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا …. وإن رأى أحد أخاه قد إرتكب خطية ليست للموت يطلب فيهب له حياة للذين يخطئون ليس للموت”. كما يتكلم أيضاً عن ← مجد البصيرة والإستنارة ومعرفة الحق “وقد علمنا أيضاً أن ابن الله قد جاء وقد أعطانا بصيرة لنعرف الحق ونحن ثابتون في الحق بإبنه يسوع المسيح”.
الابركسيس
وفي الابركسيس عن ← مجد ابن الله الذي رغم أنه قائم عن يمين الآب فهو حاملاً كل مؤمنيه في جسده لذلك يعلن مجد حمايته للكنيسة وسلطانه على المقاومين بل وإفتقاده لهم “فحدث لي وأنا ذاهب ومتقرب إلى دمشق نحو نصف النهار بغتة ابرق حولي نور عظيم من السماء فسقطت على الأرض وسمعت صوتاً يقول لي: يا شاول يا شاول لماذا تضطهدني؟، فأجبت وقلت: من أنت يا سيد، فقال: أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده”.
إنجيل القداس
وفي انجيل القداس عن ← مجد الروح القدس للمؤمنين الذي يعلمنا كل شئ ويعطينا مما للمسيح من سلامه ونعمته ونصرته على الشيطان. “فإذا جاء المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب بإسمي فهو يعلمكم كل شئ ويذكركم بكل ما قلته لكم سلامي أترك لكم سلامي أنا أعطيكم …. فإن رئيس هذا العالم آت وليس له فيَّ شئ”.
ملخص الشرح
- الكنيسة تحيا التسبيح الدائم لإبن الله الجالس على الشاروبيم الذي أخلى ذاته ليعطي لأولاده مجد الشركة مع الآب وسكن الروح القدس. (مزمور عشية – مزمور باكر – مزمور القداس).
- الكنيسة تعلن عن عربون مجد إبن الله خلال حضوره الإلهي فيها وسط أعضاء جسده السمائيين والأرضيين إلى أن يستعلن بهاء مجده في مجيئه الثاني مع ملائكته القديسين. (انجيل عشية – انجيل باكر).
- مجد المسيح في الكنيسة ومجد الإبن مع الآب متجسد في الأسرة المسيحية في شركة الحب والخضوع بين الرجل والمرأة وفي وحدة مشيئتهما في المسيح. (البولس).
- وحدة مشيئتنا مع المسيح يمنحنا مجد الثقة والدالة والبصيرة والإستنارة وإستجابة الصلاة لأجل سلامة الكنيسة وخلاص الجسد الواحد. (الكاثوليكون).
- مجد ابن الله القائم عن يمين الآب معلن في حمايته للكنيسة جسده وفي سلطانه على المقاومين وافتقاده لهم. (الابركسيس).
- صعود المسيح منح المؤمنين به مجد الروح القدس الذي ينقل لهم كل ما للمسيح. (إنجيل القداس).
عظات آبائية للجمعة السادسة للخمسين يوم المقدسة
مقالة من أجل السلام الداخلي – القديس الأنبا أنطونيوس كوكب البريَّة[1]
ليكن ظاهراً لنا يا أخوة أننا أُمرنا أن نسعى في طلب السلامة لندركها. فإن عيني الرب تنظر للصديقين، ومسامعه تنصت إلى صلواتهم. أيها الأخوة.. لنعرف السلام الذى في الله، ونسعى إليه لئلا يكون لنا نصيب الخطاة، فهو القائل سلامي أعطيكم سلامي أتركه لكم.
تعالوا يا أخوتي بالحقيقة لنجاهد حتى نمسك بالسلام الذى في المسيح، من أجل أن السلامة النازلة لنا من عند أب الأنوار وملك الدهور الذى يحب السلامة، فقد جعل له شركة مع حبيب الآب يسوع المسيح ومع ملائكته، فلا يلحقنا شيء من التعب.
أما بنو الشرير فإنهم يكونون في حسد وقلق.أنه من أجل الحسد الذى هو رئيس المكر تعذب بنو الله وبالحسد قويت الخطية، وملك الموت على الجحيم، وصار الشجر بغير ثمر وأبدل طبيعتها. من أجل الحسد سفكت الدماء التي بغير خطية. فلنهرب من الحسد والخصام. لأن الذى يكون صديقاً لحسود أو مخاصم فهو صديق لسبع ضار. إن المطمئن لسبع أو ثعبان أكثر سلامة ممن يطمئن لمخاصم أو حسود. إنسان لا يخاف من الخصام لا يشفق على أحد من الناس، وإن كان صديقه، وليس أحد يظهر أمامه ذو قدر أو مستقيم على الطريق، لأن دمك في يديه كمثل كف ماء يهرقه على الأرض. وحياتك معدودة عنده كلا شيء.
والآن يا أولادي.. اهربوا من الحسد حتى تصيرون أولاداً أحباء للسلامة، ولا تكونوا أضداد بعضكم لبعض، لأن الأنسان الشرير في حياته كلها يسرع في أعمال الهلاك، ويكون سعيداً في حياة ردية، ويصبح الشتم كريماً عنده، ويفتخر بكلام الجهالة.
والآن يا أولادى أن كثيرين منكم يحبون أن يسعوا على الأرض بثمرات الحقل أو الخمر أو كروم، فلا تأكلوا وتشربوا بلا مقدار، لئلا تنسوا الرب إلهكم كمثل كلام الإنجيل، بل نتعب في العمل بأيدينا لكي نرفع للرب ذبائح ومحرقات سلامة، لكى يسمع الله الصالح صلاتنا، ونسمع صوته الحلو القائل: طوباهم المصلحين بين الناس، فإنهم يدعون بنو الله، إله السلامة إلى الأبد.
رباط السلام والمحبة – القديس الشهيد كبريانوس أسقف قرطاجنة [2]
- نقرأ في الإنجيل أيها الأخوة الأحباء إن ربنا ومخلصنا عندما حان وقت آلامه بدأ يعلن لتلاميذه عن انطلاقه من هذا العالم الى الآب وخلال أحاديثه لرفقائه المحبوبين التي قدمها لهم كجزء أساسي من ذكراه. استودعهم كعطية خاصة بركة الوحدة والسلام قائلاً “سلامي أعطيكم” كما لو كان يريد أن يقول لهم: «في سلام أترككم وفي سلام سوف أجدكم». فإنه إذ كان منطلقاً «بعيداً» عنهم رغب أن يمنحهم شيئاً كان يود أن يكون في كل البشر عند عودته إلى خاصته ترك هذا الميراث واخبرهم عن كل الأمور الصالحة الخاصة بوعده -ومن بينها- مجازاة حفظ السلام.
فلذا يا إخوتي إذا كنا نرغب في أن نكون وارثين للمسيح فعلينا أن نصون سلامه فينا وندوم فيه.
المسيح أعطانا السلام، كما قد سمعتم تواً أوصانا أن نكون في سلام، وذي فكر واحد مع بعضنا البعض ولقد وضع علينا أن نحفظ رباط السلام والمحبة غير منفصمة أو منثلمة. وفي مكان آخر -من الإنجيل- يعلن الرب عن مجازاة السلام. حيث يقول: “طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون”. واذا بدأ الإنسان في أن يكون إبناً لله فقد بدأ أيضا أن يكون صانع السلام -والعكس صحيح- يرفض أن يكون ابناً لله من يأبى أن يقبل السلام. ومن يستهن بأن يكون صانع سلام فهو بالتالي يحرم نفسه من أن يكون الله أباً له. فأبناء الله ينبغي أن يكونوا صانعي السلام ذو قلب شفوق بسطاء في الكلام، متحدين في سلام المحبة مرتبطين ارتباطاً وثيقاً ببعضهم البعض برباط المودة الأخوية. ينبغي أن نكون دائما في سلام مع الصالح ومع الطالح حتى ولو أوقف نفسه خصماً لنا. لأن الناس حتى ولو كانوا أشراراً ينبغي أن يظلوا محبوبين منا لأنهم خلائق الله. فالسلام الحقيقي إذ وجد يربط الأخوة معاً برباط السلام ويفيض أيضا فيهم الحب لكل إنسان من حولهم. السلام يجعل روح الله يأتي إلينا بصفة خاصة، السلام هو والد الحب الحقيقي. السلام هو علامة القداسة. يقول الرب عنه بفم نبيه: “أحبو الحق والسلام” (زك ٨: ١٩) السلام هو شفاء للناس، مجد للكهنوت وفرح للأمة، ورعب للأعداء المتطرفين وغير المتطرفين. كل إنسان يجب أن يكون حريصاً على السلام أيها الأخوة. يحيا دائماً في الله من يحيا في سلام مقدس ويشارك القديسين في رفقة الله.
- بدون سلام لا صلاة ولا تقدمة تكون مقبولة. إنه واجب الكاهن أن يُعلِّم الشعب أنهم ينبغي أن يعيشوا في سلام، وعلى الشعب أن يسمع ويطيع ما يجب على الكاهن أن يُعلِّمهم إياه، إنه من واجب الراعي أن يمنع ما هو غير لائق. وواجب الشعب أن يتلقن هذا التعليم ويتبعه، على كل من الكهنة والشعب في كل الحالات أن يحفظوا رباط الوحدة في الإيمان والمحبة لأنه بدون السلام لا صلاة الكاهن ولا تقدمه المؤمن تكون مقبوله لدي الله.
لذلك إذا أردنا أن يستجيب الله سريعا لصلواتنا فعلينا أن نحيا في سلام حقيقي “فإن قدمت قربانك إلى المذبح، وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك، فاترك هناك قربانك قدام المذبح، واذهب أولاً اصطلح مع اخيك، وحينئذ تعال وقدم قربانك” (مت٥: ۲۳، ٢٤).
الله يريد أن نحيا في سلام وفي فكر واحد تجاه بعضنا البعض. وقد أبان مخلصنا لنا ذلك عندما كان يتكلم في الإنجيل ويقول للآب السماوي: “أيها الآب القدوس، احفظهم في اسمك الذين أعطيتني، ليكونوا واحداً كما نحن” (يو۱۷: ۱۱).
ومن أجل هذا يحث الرسول المؤمنين قائلاً لهم: “أطلب إليكم أيها الأخوة أن تقولوا جميعكم قولاً واحداً، ولا يكون بينكم انشقاقات، بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأي واحد” (١كو١: ۱۰).
وأيضاً: “لا يكن خصام ولا حسد” (رو۱۳: ۱۳): “ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث” (أف ٤: ۳۱)، وفي مكان آخر يقول: “محتملين بعضكم بعضاً في المحبة. مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام. جسد واحد، وروح واحد، كما دعيتم أيضا في رجاء دعوتكم الواحد” (أف٤: ٢-٤). فوحدة الفكر كانت موجودة بين الرسل لذلك فإن المؤمنين الجدد الذين كانوا يحفظون وصايا الرب حفظوا كذلك محبته. والكتاب المقدس يقدم الدليل على هذا: “كلهم كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة، مع النساء ومريم أم يسوع، ومع إخوته” (أع١: ۱)، ولذلك سمعت صلواتهم أنهم كانوا يطلبون بثقة أي شئ أرادوه من سخاء الله.
عظات آباء وخدّام معاصرين للجمعة السادسة للخمسين يوم المقدسة
افرح بمسيحك – لقداسة البابا تواضروس الثاني[3]
هذا الإنجيل:
- هو همزة الوصل بين عيدى الصعود والعنصرة،
- وهو إنجيل صلاة الساعة الثالثة من صلوات الأجبية اليومية، تذكاراً لعطية الروح القدس،
وفيه:
- الروح القدس: المحامى – معزى – مُدافع عنا.
- سلام المسيح: فريد – دائم – حقيقى – ليس من العالم .
سلام العالم:
- مُتذبذب.
- وهمي.
- ويدور حول امتيازات الجسد والمال والمنصب…
إن عطية السلام تتطلب هجر الخطية،
ورئيس هذا العالم هو الشيطان.
- ولكن ما معنى عبارة: «أبي أعظم مني؟».
المقصود هو أعظم في الحالة لا في الجوهر.
وقد كانت هذه الكلمات هي التي يستخدمها أريوس في بدعته، وكذلك شهود يهوة أو الأريوسية الجديدة حتى الآن.
الفرح بالمسيح (يو ١٤: ٢٨) هو:
- في تحقيق هدفه في حياتنا حسب مشيئته الصالحة.
- في الشركة الدائمة معه من خلال وسائط النعمة.
- في معيته في قلوبنا والإشتياق الدائم له.
- ولكن كيف اقتني الفرح بالمسيح؟
- تثبيت العشرة الدائمة مع الله أي التواصل اليومى معه بلا فتور أو إهمال .
- التدريب المستمر للنظر بعين الإيمان أي عين المسيح التي ترى من فوق الأرض .
- حياة الشكر والرضا لأن هذا هو مفتاح البركات التي تُفرح قلب الإنسان .
- حياة الشركة والمشاركة أي الخروج من الذات والانطلاق نحو الآخر بالحب والخدمة .
سلامنا المسيح
- إن الروح القدس يُعلِّم ويُذكِّر، وهو:
- مُنبثق من الآب.
- مُرسل من الابن.
- وعطية السلام تنبع من القلب وتصب في العقل “سلام الله الكامل الذى يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع” (في٤: ٧).
- وعطية السلام يقدمها المسيح:
- سلاماً أترك لكم ← فهو سلام جماعى.
- سلامى أعطيكم ← فهو سلام خاص أي عطية أو هبة.
- في الخدمة يقول الكاهن: السلام لجميعكم «إيرينى باسى».. وفي النهاية يقول «اذهبوا بسلام».
- وهناك نوعان هامان من السلام:
- السلام القلبي:
من الروح القدس ولا يعتمد على الظروف الخارجية، بل على عمل الله والثقة في وعوده ورفقة المسيح للإنسان “إن سرت في وادى ظل الموت فلا أخاف شراً لأنك أنت معي” (مز٢٣: ٤).
مثال: التلاميذ في السفينة وقت هياج البحر، ظنوا أن المسيح نائم ففقدوا سلامهم. ولكن متى نفقد سلامنا؟. عندما لا تسير الأمور على هوانا بسبب متابعتنا لأخطاء الناس، لأننا نشعر بالظلم. وفى موقف المعتدى عليه، لأن لنا رغبات لم تُحقق، بسبب الخطية، بسبب إرهاق أعصابنا، بسبب أفكار الإنسان «سريع الشك، قليل الحيلة».
- سلام الكنيسة:
هناك أوشية السلام، وهذه الأوشية نصليها في كل مناسباتنا، وفيها نصلي من أجل أن يحمي المسيح كنيسته من: الإنقسام والتحزب والعثرة والسقوط الهرطقة والمبدعين.
- ” ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا” (يو١٤: ٢٧).
- عطية العالم ← مقابل شيء، وثمين – متقلبة، وغير دائمة – محدودة وقصيرة.
- أما عطية المسيح فهي ← هبة ومنحة بلا مقابل – دائمة، لأن المسيح دائم غير محدودة – وشاملة.
وحدانية القلب والروح – للمتنيح أنبا بيمن أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين[4]
الليتورجيات تصلى من أجل وحدانية القلب والروح والفكر
شركة المؤمنين معاً:
إن المؤمنين عندما يتركون بيوتهم ليذهبوا إلى الكنيسة لممارسة الأسرار الإلهية والإشتراك في الخدمات الكنسية تمحى بينهم الفوارق الطبقية واللغوية والإجتماعية والجنسية، إنهم الآن عائلة واحدة وأهل بيت الله القديسين، إن الجو الكنسي يلفهم جميعاً بروح واحد، وتلتئم الجماعة كلها، وتتناغم كما يحدث لأصوات الآلات الموسيقية التي تعزف لحناً واحداً يرتله الخورس تمجيداً لإسم الله في الكنيسة.
فالليتورجيات تصلى من أجل وحدانية القلب والروح والفكر، كما أنها بالتالي تعمل على تنمية هذه الوحدانية بين المتفرقين وتجمعهم إلى واحد، وتدعم بينهم حياة الشركة والوحدانية. ففي قداس القديس إغريغوريوس طلبة يجاوب الشعب بعد كل ربع منها قائلاً: کیراليصون، مطلعها تضرع لتدعيم وحدانية القلب: «نعم نسألك أيها المسيح إلهنا ثبت أساس الكنيسة. وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا.…حل تعاظم أهل البدع ونحن كلنا أحسبنا في وحدانية التقوى….».
وفي قداس القديس باسيليوس تصلي الكنيسة قائلة: «اجعلنا مستحقين كلنا ياسيدنا أن ننال قدساتك طهارة لأنفسنا وأجسادنا وأرواحنا؛ لكي نكون جسداً واحداً، وروحاً واحداً، ونجد نصیباً وميراثاً مع جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء». وفي ليتورجية الصلوات السبع تضع الكنيسة في صلاة باكر جزء من رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أهل أفسس لتؤكد للمؤمنين أهمية هذا الاتجاه في حياتهم الروحية والكنسية: «أسألكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم إليها بكل تواضع القلب والوداعة وطول الأناة، محتملين بعضكم بعضاً بالمحبة، مسرعين إلى حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل، لكي تكونوا جسداً واحداً وروحاً واحداً كما دعيتم إلى رجاء دعوتكم الواحد: رب واحد، وإيمان واحد، ومعمودية واحدة».
وعلى ذلك تستطيع أن تقول أن الكنيسة تطالب أولادها بوحدانية القلب والروح، لأنهم يعيشون لهدف واحد، ولهم أب واحد، ولهم إيمان واحد، فمن ثم يلزم أن يحققوا هذه الوحدة بالإتضاع والوداعة وطول الأناة والمحبة، ويحمل الأقوياء أثقال الضعفاء ليتمموا ناموس المسيح، وكما يسرعون إلى حفظ هذه الحياة مبتعدين عما يمزق هذه الوحدة من نميمة أو عداوة، أو شر أو كبرياء، أو تعالي أوأنانية أو حب للرياسة والظهور.
كم تحتاج مجتمعاتنا الدينية إلى الالتفات لصوت الليتورجيات الصارخ كل حين داعياً للوحدانية والألفة ولم الشمل..
وتبدو الوحدة في الليتورجيات وخاصة ليتورجية الإفخارستيا واضحة إذ يصلي الأسقف أو الكاهن من أجل الشعب، والشعب أيضا يتجاوب معه «ولروحك أيضاً»، وفي الإنسجام الحادث بين الأسقف أو الكاهن مع الشماس على الشعب صورة للألفة التي بين الجماعة بعضها بعضاً، وتعبير عن الروح الواحد الذي ألفه ووحده الروح القدس بإنسكاب المحبة في قلوب الجميع.
إن السر الكامن وراء الإنقسامات هو ضياع الهدف الواحد والحيّ المشترك، إذ يسعى المنقسمون إلى أهداف أخرى غير مجد المسيح وحده. وهنا تصبح محبة الذات والعطف عليها هي مصدر كل إنقسام، وكل تشتت وضياع للوحدانية والألفة الروحية. وفي هذا يقول معلمنا بولس الرسول “فرحاً مع الفرحين، وبكاءً مع الباكين، مهتمين بعضكم لبعض اهتماماً واحداً غير مهتمين بالأمور العالية بل منقادين إلى المتضعين، “لا تكونوا حكماء عند أنفسكم، لا تجازوا أحداً عن شرٍ بشر معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس” (رو١٢: ١٥-۱۷).
ويقول أيضاً “فلنعكف على ما هو للسلام، وما هو للبنيان بعضنا لبعض” (رو١٤: ١٩) وفي صلاته لأهل رومية يدعو قائلاً: “ليعطيكم إله الصبر والتعزية أن تهتموا إهتماماً واحداً فيما بينكم بحسب المسيح يسوع لكي تمجدوا الله أبا ربنا يسوع المسيح بنفس واحدة وفم واحد، لذلك اقبلوا بعضكم بعضاً كما أن المسيح أيضا قبلنا لمجد الله” (رو١٥: ٥-٧ ) وعندما حدثت إنشقاقات في كنيسة كورنثوس أرسل إليهم أن يقولوا جميعاً قولاً واحداً ولا يكون بينهم إنشقاقات، بل يكونون كاملين في فكر واحد ورأي واحد. وأعتبر الحسد والخصام والإنشقاق هو العلامة الأكيدة أن أعضاء الكنيسة جسديون ويسلكون حسب البشر، لأن واحد منهم لبولس والآخر لأبلوس.
فالكنيسة التي ينشغل أعضاؤها جميعاً بتمجيد الثالوث القدوس والتسبيح والعبادة، وخدمة الإنجيل، والكرازة والتبشير، وجذب النفوس الضالة؛ كنيسة لا يحدث فيها خصومة، وإن حدث اختلاف في وجهات النظر كما حدث بين بطرس وبولس في كنيسة الرسل فسرعان ما يجتمع الكل بالروح الواحد ، ويصدر القرار الواحد “رأى الروح القدس ونحن” ومعنی هذا أننا نختلف ولكن لا ننقسم لأن الهدف واحد والروح واحد والحس الروحي مشترك، والجميع يطلبون مجد الله وحده.
أما إذا تحولت الكنيسة إلى مؤسسة أو منظمة أو هيئة أرضية لها مجال إدارة وتنظيمات بشرية، وأصبح الأعضاء حريصين على حضور المناقشات والاجتماعات، وغير معتادین حضور القداسات والخدمات الكنسية الروحية؛ فإنه من الممكن أن يحدث لها ما يحدث لجميع الأحزاب والتكتلات والهيئات من إنقسامات حادة وإنشقاقات مُرّة، لأن الروح القدس لا يعمل إلا في الوحدة الروحية، كما أن المسيح لا يستعلن إلا في الجماعة المحبة المتضعة “والنهاية كونوا جميعاً متحدى الرأي بحس واحد ذوى محبة أخوية مشفقين لطفاء” (ابط٣: ٨) .
سلاماً أترك لكم ،.سلامى أعطيكم – بقلم راهب بأحد أديرة الصعيد [5]
“سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ. سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ: أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ” (يو١٤: ٢٧، ٢٨)
هذه يا أحبائي بعض كلمات رب المجد يسوع لتلاميذه – في إنجيل قداس الجمعة السادسة من الخمسين المقدسة وهو اليوم التالي مباشرة لعيد الصعود – كلمات رب المجد ليلة آلامه، وكأنه في الوقت الذي فيه يستقبل السيد المسيح الألم يعد أذهان التلاميذ للصعود، في نفس الوقت الذي یحنى ظهره للآلام بكل مرارتها نجده يحمل سمات الفرح لأنه يدرك -وهو ابن الله الحي- أن وراء هذه الآلام صعود، ووجه أنظار التلاميذ لهذا الصعود قائلاً “أنا ماض لأعد لكم مكانا”.
هذا الحديث يا أحبائي يكشف لنا عن مفهوم الألم، وهو أننا في وسط الألم والضيقات ينبغي أن ترتفع عيوننا إلى السماويات، العين الناظرة إلى ما هو فوق وإلى المجد المعد لها في الأبدية تستطيع أن تجتاز الألم – لا أقول بلا أحزان – ولكن ممتلئة رجاء وسلاماً.
لم يمنع المسيح الآلام عن البشرية ولم يعد بشئ من هذا بل على العكس أكد أننا لابد أن نجتاز في الألم ولكنه قال: “ثقوا أنا قد غلبت العالم”، سر الغلبة أن المسيح ليس من هذا العالم بل من فوق، هو فوق الألم ووضعه الطبيعي أن يكون صاعداً إلى فوق جالساً عن يمين الآب، لذا لا تستطيع الآلام أن تسحب قلبه إلى الأرض ولا للضيق أن يضيق من قلبه أو يتعب من نفسه في الداخل.
في رسالته الأولى إلى كنيسة الله التي في تسالونيكي يكتب إليهم بولس الرسول وهم وسط الضيق والألم ويقول “لاَ يَتَزَعْزَعَ أَحَدٌ فِي هذِهِ الضِّيقَاتِ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا مَوْضُوعُونَ لِهذَا ” (۱تس۳: ۳)، موضوعون لأجل الآلام، أليس غريبا أن يسمح الله بوجودي على الأرض لقبول وتحمل الألم ؟!.. لأنه الطريق الوحيد للارتفاع مع المسيح والوجود معه في السماويات.
لا يمكن لإنسان أن يعبر إلى الحياة الأبدية ولا أن يلتقى مع المسيح على السحاب ولا أن يسمع تلك الكلمات المفرحة “تعالوا إليّ يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم…” مالم ندخل أولاً في طريق الآلام.. لأجل هذا يقول أحد القديسين [من يهرب من الألم يهرب من الله]. نحن نعيش في الآلام في العالم لكي نوجد مع المسيح في الأمجاد.
الألم يا أحبائي سبب ومصدر للسلام رغم أنه مُرّ.. ما دام حباً في المسيح وليس لأجل خطايانا. وفي الوقت الذي نجد فيه رب المجد يئن ويصرخ “إن أمكن فلتعبر عنى هذه الكأس..” وكانت قطرات العرق تتصبب منه كالدم و”نفسى حزينة جدا حتى الموت..” ولكن إن تطلعنا إلى أعماقه نجد تلك التعبيرات الجميلة على لسان معلمنا بولس الرسول “من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزي”.
ما أريد قوله إنه إن كان المسيح قد ارتفع إلى السموات فإنما لكي يقدم هذه العطية لنا جميعاً (حيث توجد الرأس توجد بقية الأعضاء) وكما يعبر القديس غريغوريوس قائلاً [المسيح أخذ طبيعتنا وهي مجتذبة للأرض، ولكن لم يكن ممكناً لجسد المسيح أن يستقر على الأرض لأنه من فوق فارتفع بسلطانه وبقوته إلى فوق]، طبيعتي من الأرض ولكن باتحادي مع الرأس صار: حيث يكون المسيح يكون أيضاً تلاميذه، وأصبحنا نسمع في رسالة بولس الأولى إلى تسالونيكي ” سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ” (1تس٤: ١٧)، ويقول القديس غريغوريوس [كما أن المسيح صعد هكذا أعطانا نحن أيضاً الشركة معه في أن نرتفع]. هو صعد بسلطانه ولاهوته، أما نحن فنرتفع بالمسيح الساكن فينا، لأننا أخذنا الطبيعة الجديدة القادرة أن ترتفع بالمسيح يسوع لكى نلتقى معه على السحاب.
موضوع ارتفاعنا وملاقاة الرب على السحاب ليس بالأمر الجديد الذي نمارسه عند مجيئه، ولكنها خبرة يومية نختبرها كل يوم، كل يوم نختبر كيف يرتفع جسدنا فوق الأرض، كما يقول الكاهن في القداس [أين هي قلوبكم؟] فيرد الشعب [هي عند الرب]، لم يعد لنا مكان على الأرض، مكاننا في السماء، كما يؤكد معلمنا بولس الرسول “أقامنا معه..” “أجلسنا معه في السماويات..” “إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس..” هذا هو المكان الطبيعي لنا.
ليكن قلبك واشتياقاتك وشهوة قلبك فوق، فحياتك فوق لأن رأسك فوق ولا يمكن أن يكون الرأس فوق والجسد تحت !!..
ليعطنا إلهنا الصالح حياة الارتفاع فوق كل ما هو أرضي لكي نحيا بقوة الصعود وعمله فينا، ليرتفع قلبنا فوق كل الماديات مشتهياً دائماً أن يوجد معه في أحضان الآب.
حياة السلام للمتنيح أنبا يؤانس أسقف الغربية
المسيحية والسلام .
السلام والإيمان المسيحي .
المسيحى والسلام .
اختبار السلام في حياة رجال الله .
ومع السلام يأتي الفرح .
(السلام والسلام الكامل) .. يا لها من كلمات لها نغم جميل وموسيقى شجية !! إن مجرد ذكرها يملأ القلب بالأشواق التي تريد الشبع والارتواء …. قد ننجح أحياناً في اسكات هذه الرغبات الداخلية، على نحو ما تسكت أم طفلها الهائج بطريقة مؤقتة … لكن هذه الرغبات سرعان ما تعاود الظهور وهي أكثر ما تكون تشوقاً وتعطشاً.
نستطيع أن نرى سلاماً فى الطبيعة ولو إلى حد ما … فهناك سلام في زرقة السماء الصافية. وهناك السلام الذى يغمر البحيرة الهادئة التي يكتنفها الجبل، فتكون في حمى من الرياح العاصفة. بل إننا نلحظ السلام في الحقول المتسعة ، بعد أن يكون الربيع قد خلع عليها حلة سندسية خضراء … إلى غير ذلك من مظاهر الطبيعة التي تنطق بالسلام .
حمداً لله أنه يوجد سلام للبشرية … كان يعقوب أب الآباء طريح الفراش في مصر أرض الغربة، وظهرت على وجهه علامات دنو الموت منه . وفي نفس الوقت بدت على محياه أنوار العالم السماوى الذى كان منطلقاً إليه … وفي رقاده تنبأ عن (شيلون) رئيس السلام، وعن قدومه إلى العالم ليعطى سلاماً للناس …
ومضت أجيال يعقبها أجيال ، ولم يأت شيلون بعد ….. وأخيراً ظهر بين الناس إنسان كانت حياته مليئة بالحزن والتعب «رجل أوجاع ومختبر الحزن » . ولكن وجهه الهادىء دل على السلام الكامل الذى غمر قلبه . هو الذي تواترت عنه مواعيد الأنبياء بأنه الواهب السلام للناس …. كان قلبه زاخراً بالسلام فاستطاع أن يقول : «سلامى». كانت له القدرة على إعطاء السلام للآخرين لأنه قال : (سلامي أعطيكم )…
المسيحية والسلام :
هل المسيحية دعوة إلى الضيق والحزن كما يتوهم البعض (بضيقات كثيرة ينبغي أن تدخلوا ملكوت السموات)…وهل طريقها هو وادى الدموع ( الذين يزرعون بالدموع يحصدون بالابتهاج )… ألا يوجد بها غير ذلك؟ ثم ما الذي يدعونا إلى هذا الطريق الكرب، وما الذى يشجعنا على السير فيه ؟!
ليست المسيحية دعوة إلى حياة الضيق والحزن . بل هي على عكس ذلك رسالة التحرر والفرح «ليس ملكوت الله أكلاً وشرباً ، بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس » ( رو ١٤ : ۱۷) . وملكوت الله هذا ليس هو الملكوت المنتظر في الدهر الآتي فحسب، بل انه الملكوت الذي نحيا فيه من الآن ونأخذ عربونه «ها ملكوت الله داخلكم» (لو ۱۷ : ۲۱) .
نعم إن المسيحية هي رسالة الفرح (يسوع المسيح الذي وإن لم تروه تحبونه . ذلك وإن كنتم لا ترونه الآن لكن تؤمنون به ، فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد » (۱ بط ۷:۱ ، ۸) . إن الرسالة التي كتبها بولس الرسول من أسره الأول بروما إلى فيلبي ، هي أكثر رسائله التي تنضح فرحاً . فيها يقول : « افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضاً أفرحوا » ( في ٤ : ٤ ) …
وحتى الدموع التي يذرفها الإنسان المؤمن – الذي يحيا لله وفى الله – ليست دموع حزن، بل دموع فرح ، لأنه من خلالها يرى الله فيمتلىء قلبه فرحاً … يقول مار إسحق : [طوبى للباكين من أجل الحق، لأنه من خلال دموعهم يرون باستمرار وجه الله ] . ويصاحب الفرح سلام الله الداخلى الذى يملأ قلب الإنسان … « ملكوت الله … سلام وفرح في الروح القدس » ( رو ١٤ :۱۷). فما هو هذا السلام الداخلي الذي تنعم به كل نفس تحب الله ؟
ليس من السهل أن نتكلم عن سلام الله . وهوذا القديس بولس الرسول الذي صعد إلى السماء الثالثة، ورأى أموراً لا ينطق بها، لم يستطع أن يقدم تعريفاً وافياً عنه … كل ما استطاع أن يصفه به انه يفوق كل عقل » ( في ٤ : ٧) … وإذا كان يفوق كل عقل فكيف نستطيع أن نتحدث عنه . إنه شيء يفوق إدراكنا !!
ما هو السلام إذن ؟
كل ما نستطيع قوله إن السلام هو حالة تصاحب حلول الله في القلب … إنها حالة الفرح القلبى وأين يوجد السلام والفرح إلا حيث يوجد الرب نفسه …(ها ملكوت الله داخلكم )…(المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة)…ومتى كان على الأرض سلام إلا حينما ولد الرب يسوع ابن الإنسان، فأتى بالمسرة إلى البشر…. والخلاصة ان السلام هو الراحة القلبية والهدوء الداخلي نتيجة حلول الله في هيكلنا الضعيف …
السلام والإيمان المسيحي :
السلام هو ثمرة الإيمان الأولى … « فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح » ( رو ٥ : ١) . إنه ثمرة الإيمان الأولى لأن أساسه دم الفادى والمخلص «صانعاً سلاماً بدم صليبه » ( کو ۱ : ٢٠) … ويعتبر السلام من أعظم عطايا الله لبني البشر في شخص المسيح … فالسلام الذي فقدناه بالمعصية ، نستعيده بالإيمان من قبل تجسد الابن الكلمة .
ليس أدل على ذلك من الشعار الذي اتخذه المسيح في تحيته لتلاميذه تعبيراً عن رسالته «سلام لكم » ….. وقد أوصاهم باستعمالها ، حين أرسلهم أمامه في إرساليات تدريبية « وأى بيت دخلتموه فقولوا أولاً سلاماً لهذا البيت » ( لو ١٠ : ٥ ) …. والواقع أن هاتين الكلمتين « سلام لكم » ، ليستا تحية بقدر ما هما نعمة وقوة يهبهما المسيح «رئيس السلام » لكل المؤمنين باسمه … إن هذا هو اللقب الذي تنبأ به إشعياء النبي قديماً عن المسيح : «لأنه يولد لنا ولد، وتعطى ابناً وتكون الرئاسة على كتفه. ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيس السلام » (إش ٦:٩) .
قلنا إن عبارة : « سلام لكم » ليست تحية بقدر ما هي نعمة وقوة يهبها المسيح للمؤمنين به، بدليل قول السيد المسيح لتلاميذه: «سلاماً أترك لكم. سلامي أعطيكم . ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا » (يو ١٤ : ٢٧ ) … إذن فالسلام عطية روحية، وتركة مقدسة لكل البنين. وتعبير السلام هو تحية رئيس الملائكة جبرائيل إلى العذراء مريم « سلام لك أيتها الممثلثة نعمة » ( لو ۱ : ۲۸ ) . نعم إن تعبير ( سلام لكم » ليس مجرد كلمات ، لكنها قوة صيغت في حروف بشرية . فتعبير السلام الذي استعمله الرب بعد قيامته المجيدة – حينما كان يحل في وسط تلاميذه – كان يملأ قلوبهم سلاماً وفرحاً وطمأنينة …
إن السلام هو عطية مباركة يهبها الله لأولاده …. قال المرتل قديماً : « الرب يُعطى شعبه قوة . الرب يبارك شعبه بالسلام» (مز ۲۹ : ۱۱ ) … «انی اسمع ما يتكلم به الرب الإله . لأنه يتكلم بالسلام لشعبه وقديسيه، وللذين رجعوا إليه بكل قلوبهم » (مز ٨٥ : ۸ ، ۹) … وفى العهد الجديد يقول معلمنا بولس الرسول :(فكل الذين يسلكون بحسب هذا القانون عليهم سلاماً ورحمة)(غل ٦ : ١٦ ) .
المسيحي والسلام :
قلنا إن السلام هو الثمرة الأولى لحياة الإيمان بالمسيح ، وانه العطية الروحية والتركة المقدسة التي تركها لنا السيد المسيح (سلامى أترك لكم)… والواقع ان حياة السلام هي الدليل الحقيقي على اننا في شركة مقدسة معه .
وإن كان السلام من ثمار الإيمان الحق ، ففقدان السلام ، أي القلق من ثمار الخطية، التي حينما تنضج تؤدى بالإنسان إلى اليأس وقطع الرجاء وربما إلى التخلص من الحياة كلية . ماذا يقول الكتاب المقدس عن الأشرار والسلام ؟! يقول الوحي الإلهى بفم إشعياء النبي : «أما الأشرار فكالبحر المضطرب ، لأنه لا يستطيع أن يهدأ. وتقذف مياهه حمأة وطيناً . ليس سلام قال إلهى للأشرار» (إش ٥٧ : ٢٠-۲۱)… ويقول داود النبى بعد أن أخطأ : «ليست فى عظامي سلامة من جهة خطیتى» (مز ۳۸ :۳).
ولعل كلمات قايين التي قالها لله بعد أن قتل أخاه هابيل توضح لنا ذلك بأجلى بيان : « ذنبي أعظم. إنك قد طردتنى اليوم عن وجه الأرض. ومن وجهك اختفى وأكون تائهاً وهارباً في الأرض. فيكون كل من وجدني يقتلني » ( تك ٤ : ١٣ ، ١٤ ) … إن الشهوات الجامحة والميول المنحرفة تأتى على سلام القلب ، على نحو ما تأتى النار على الخشب، وكما يتلف العث الصوف …
لن يكون للإنسان سلام وراحة فى شهوات العالم ، بل قلق واضطراب . وهذا يتفق مع طبيعة العالم المتغيرة والمتقلبة. أما سلام الله الحقيقي فيدوم معنا لأنه من الله الذي (ليس عنده تغيير ولا ظل دوران)(يع ١٧:١ ) … ما أشبه من يطلب سلاماً من العالم ، بطائر يرفرف فوق أمواج البحر، ليس لقدميه مستقر. ويظل هكذا حتى يعييه الطيران والتحليق !!
ما أشبه السلام الذى يتمتع به الإنسان المسيحي بالحكم في مباراة كرة قدم !! فالحكم أثناء المباراة حينما يطلق صفارته ، يكون ذلك دليلاً على أن هناك خطأ حدث أثناء اللعب. فيوقف اللعب ويُصحح الخطأ … هكذا حينما نفتقد السلام داخلنا ولا نجده، كان ذلك بمثابة صفارة الحكم الذي وضعه الله داخلنا ، ليعلن أن خطأ قد صدر عنا !! ماذا يجب علينا أن نفعله حينئذ. علينا أن نتوقف – ولو من داخلنا – لنصحح الخطأ الذي ارتكبناه، ونرفع قلبنا بالتوبة إلى الله لأننا أخطأنا . أما إذا لم نتعرف على هذا الخطأ ، فعلينا أن نتخشع أمام الله طالبين منه أن يعلن لنا سر هذا النذير الذى دوى في أعماقنا … نعم (لا سلام للأشرار ومع الخطية ) . وبعد أن نصحح خطأنا ، سيعود إلينا سلامنا ثانية …
ألم تختبر في حياتك هذا الاختبار ؟ … احسب انك بالتأكيد قد اختبرته … لا سلام مع الخطية … بعض الناس ممن نعرف أنهم يسلكون طريق الخطية ، و يعيشون في الدنس، يبدون أمام الآخرين ضاحكين متهللين…. لكنه خداع … فلو كاشفك هؤلاء عما تنطوى عليه نفوسهم من كآبة ومرارة، لأدركت أن ضحكاتهم وتهريجهم ليس سوى ستاراً يخفون به مرارة نفوسهم !! وفي كثير من الأحيان يلجأ هؤلاء إلى وسائل تدخل إلى نفوسهم البهجة والسرور… لكن هذا هرب من النفس . وهذه الوسائل هى بمثابة المسكنات الوقتية. لكن ليس لها القدرة على إزالة ما بنفوسهم من ضيق وقلق …
والسلام يأتي مع النقاوة الداخلية . فالإنسان الذي لم يخضع جسده لسلطان الروح، وفيه (الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد)، ويقاوم كلاهما الآخر، مثل هذا الإنسان لا يمكن أن يتمتع وينعم بالسلام، بل يعاني من إنقسام الداخل … أما إذا وصل إلى درجة النقاوة التي يتوقف فيها شغب الجسد وتبطل حركاته السمجة، وصارت للروح القيادة على الجسد، حينئذ يملك السلام على هذا الإنسان، إذ خضع الجسد لسلطان الروح ، وصار هذا الإنسان واحداً بعد أن كان اثنين متعاركين . مثل هذا هو السلام الداخلي الناتج عن النقاوة …
اختبار السلام في حياة رجال الله :
ولعل عمق اختبار السلام الداخلى نلمسه في حياة القديسين ورجال الله الأبرار الذين ملك السيد الرب على قلوبهم، وسكنت فيهم كلمته بغني … فداود النبي العظيم تكشف لنا مزاميره عما يتمتع به من سلام عميق … يقول : الرب نورى وخلاصى ممن أخاف الرب حصن حياتى ممن أرتعب . عندما اقترب إلى الأشرار ليأكلوا لحمى، مضايقى وأعدائى عثروا وسقطوا . إن نزل على جيش لا يخاف قلبي. إن قامت على حرب ففى ذلك أنا مطمئن » (مز ۲۷ : ۱-۳ ) … وفى مزمور آخر يقول : « إلهنا ملجأنا وقوتنا . ومعيننا فى شدائدنا التي أصابتنا جداً . لذلك لا نخشى إذا تزعزت الأرض وانقلبت الجبال إلى قلب البحار. تعج المياه وتجيش . وتتزعزع الجبال بعزته . مجارى الأنهار تفرح مدينة الله . لقد قدس العلى مسكنه . والله وسطها فلن تتزعزع ) ( مز ٤٦ : ١-٥ ) .
إن اختبار داود للسلام ليس قاصراً على أوقات الراحة ، بل أيضاً في وسط الأخطار والضيقات كما هو واضح من كلامه … وإن أنت سألت داود لماذا لا يخشى إذا تزعزعت الأرض، وانقلبت الجبال إلى قلب البحار، وحينما تعج المياه وتجيش وتتزعزع الجبال، يجيبك بقوله : (لأن مجارى الأنهار تفرح مدينة الله ، ولأن العلى قد قدس مسكنه، وهو في وسطها فلن تتزعزع )….. إن مدينة الله ليست سوى قلب الإنسان المؤمن الذى يسكنه العلى. ومجاري الأنهار ليست سوى رمز للروح القدس وعمله في الإنسان … ألم يقل السيد المسيح : « إن عطش أحد فليقبل إلى ويشرب . من آمن بي كما قال الكتاب، تجرى من بطنه أنهار ماء حى. قال هذا عن الروح القدس الذى كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه » (یو ۷ :۳۷-۳٩).
إن سلام المسيح كالنهر ذى المياه الصافية ، يظل يتدفق ويعمق مجراه في هدوء وسكون ، ممتداً إلى الأمام حتى يصب في البحر اللانهائي … « ليتك أصغيت لوصاياي ، فكان كنهر سلامك، وبرك كلجج البحر» (إش ٤٨ : ۱۸ ) … وعلى نحو ما يعمق النهر مجراه بعامل الزمن هكذا سلام الله يزداد عمقاً وتدفقاً على مر الأيام …. (وأجعل … كل بنيك تلاميذ الرب، وسلام بنيك كثيراً) (إش ٥٤: ١٣ ) … قد تزول الجبال، وتتزعزع الآكام ، أما سلام الرب فيظل ثابتا …
إن موسيقى السلام الإلهى أعلى من هياج العاصفة …. انه اختبار تقدمه لنا بحيرة الجليل . فسلام الرب يسوع، الذى يعطى من فيضه لخاصته ، يستطيع أن يسكت أشد العواصف عنفاً ، وأكثر الرياح هياجاً ، لأنه حينما نهض السيد وانتهر الريح وقال للبحر (اسكت. ابكم ) ، سكنت الرياح وصار هدوءاً عظيماً . … (سلام جزیل للذين يحبون اسمك . وليس لهم شك) (مز ١١٩ : ١٦٥ ) .
ومع السلام يأتي الفرح :
يصاحب السلام القلبى دائماً فرح عميق ، وصفه الرسول بطرس بأنه «لا ينطق به ومجيد » (۱بط (۱ :۸) . انه فرح لا ينطق به لأنه داخلي في أعماق النفس لا يظهر بوسائل تافهة ورخيصة وهو لا يطفو على السطح (أى يظهر خارجاً لأن النفايات هي التي تطفو على السطح. انه فرح عميق متأصل في القلب، يقول عنه رب المجد : «لا ينزع أحد فرحكم منكم» (يو ١٦ : ۲۲) – وهو فرح لا ينطق به لأنه لا يعبر عنه … انه وصف يشبه إلى حد كبير وصف معلمنا بولس الذى وصف به السلام انه « يفوق كل عقل » … وفي الوقت الذى كان الملائكة ينشدون الأنشودة الخالدة : « وعلى الأرض السلام»، كان ملاك آخر يبشر الرعاة قائلاً : « ها أنا أبشركم بفرح عظيم »… بمولد المسيح نرى الفرح قرين السلام الذي لنا منه وفيه …
ونلمس تقريباً نفس الشيء فى بيت زكريا الكاهن . زارت العذراء القديسة مريم نسيبتها اليصابات وأعطتها مريم السلام. وللوقت قالت اليصابات : « هوذا حين صار صوت سلامك في اذنى، ارتكض الجنين بابتهاج (بفرح) في بطني » ( لو ٤٤:١ ).
وقد يقول قائل كيف يكون السلام وما يصاحبه من فرح من نصيب الإنسان المؤمن، وهوذا ربنا قد سبق وأنبأ من يريد أن يتبعه بالضيفات وأمره بحمل الصليب رمز الألم … لا تناقض في هذا … الضيق الذى تحدث عنه رب المجد ضيق من الخارج لا يتسرب إلى النفس المؤمنة التي صارت هيكلاً للرب . أما السلام ومعه الفرح الجزيل فهو تصوير الحالة الإنسان من الداخل …
لذا قال الرسول بولس : (كحزاني ونحن دائماً فرحون)(۲کو ٦ : ۱۰) . لاحظ كاف التشبيه في كلمة كحزاني » . أي أن من يرانا يظن أننا حزاني ، ولكن في واقع الأمر نحن فرحون !! فالعالم له مقاييسه الخاصة بالفرح … أما الإنسان المؤمن ففرحه في الداخل … إن الإنسان المسيحى من هذه الوجهة يشبه العليقة الخضراء التي تراءى السيد الرب منها لموسى النبي … كانت النار ممسكة بأغصان العليقة وأوراقها ، لكنها لم تأت عليها ، ولم تذهب نضرتها أو تلاشى خضرتها … هكذا المؤمن الضيقات التي تشبه النار تحيط به من الخارج، لكنها لا تقدر ولا تقوى على أن تفقده سلامه وفرحه الداخلي !!
ألا تعلم يا أخي أن السائر إلى جبل الزيتون ( جبل الصعود ) ، يمر لا محالة ببستان جثسيماني ، ثم يرتفع بمشقة إلى اكمة الجلجثة ، ثم يهبط إلى بستان القبر؟! لكن في هذه جميعاً نستطيع أن نحتفظ بسلامنا متشبهين بسيدنا الذي في وقت آلامه المريرة كان محتفظاً بسلامه الكامل وبهدوئه ، حتى انه عمل معجزة شفاء في الوقت التي تألب عليه أعداؤه من كل ناحية . لقد شفى أذن عبد رئيس الكهنة التي قطعها بطرس بسيفه في تهوّر ( لو ۲۲ : ٥٠ ، ٥١ ؛ یو ۱۸ : ۱۰ ، ۱۱ ) .
لقد عاش القديسون حياة السلام والفرح الداخلى ، ولذا فقد استهانوا بكل شيء، وازدروا بكل شيء … وعاشوا على الأرض بأجسادهم، وكأن لا أجساد لهم. كان اهتمامهم بما فى الداخل وليس بما فى الخارج … عاشوا حياة السلام والفرح . ولم تسعفهم قدراتهم اللفظية والبلاغية عن وصفها …
حاول يوحنا سابا ( الشيخ الروحاني ) أن يصف حالة سلام وفرح ولذة وسعادة وبهجة القديسين التي انعكست عليهم نتيجة حياتهم مع المسيح، فلم يستطع وبان عجزه وجاءت عباراته أقرب إلى التصوّر منها إلى القدرة على الافصاح والبيان … قال : [كنت أود أن أكتب ولكنى لم أقدر … ولما تحكمت بطرق كثيرة ، وحاولت أن أصورها لم استطع ، تلك التي الكل ممتلىء منها ، أردت أن أصورها على الورق لغذاء أبناء شعبى فلم أتمكن … فى العالم الخارجى لا يوجد لها شبيه، وفي العالم الداخلي من يعلم بها . اشباه عالمنا لا يوجد لها . ومن عالم الروحانيين من يقدر أن يأتي لها بمثال . لا أعرف كيف أهدىء حرقة قلبى الذى يحترق ويغلى . بالكلام لا ينطق بها ، وبالإشارة لا ترى ، وبالصور لا تُصوّر، وبحركات الضمير لا تسمع . قهرت منها قهراً عظيماً . غلبت منها مثل من لم يعرفها . سكت عنها مثل من لم يحس بها . غفلت – مثل من لا توصف. سكت عنها مثل من ليس هو كفء لها . كم أنا حزين جداً، إذ لم أعرف كيف أصوّرها أو أشبهها . وإن كانت لا تشبه اطلبوها يا اخوتى اطلبوها . اطلبوها لتمتزج بكم . طوب نعيمها أرفع من كل التطويبات . ليس للذتها مثيل. هذا هو تفسيرها . ذلك الذي قيل أنت يا أبى فى وأنا فيك . وأيضاً ليكونوا فينا واحداً . طوبى لمن ذاق هذه الطوبى . طوبى لمن صارت نفسه مع لحمه وعظامه في هذه اللذة التي لا تفسر].
والآن يا أخانا ، قد عرفت ان المسيح له المجد قد أعطاك عطية السلام الذي يفوق كل عقل … هل تشعر في داخلك بهذا السلام، وهل تنعم بهذه العطية المقدسة ؟ اعلم يا أخانا أن الأمر الوحيد الذي ينزع السلام والفرح من قلب الإنسان هو الخطيئة. فإن كنت حتى الآن تعانى من القلق والضيق، فاجلس مع ذاتك وفتشها جيداً. وكن صريحاً مع نفسك … وإن عجزت عن الوصول إلى أسباب فقدان السلام، فارفع قلبك بالصلاة إلى الله أن يرشدك إلى نقائصك، ويكشف لك عيوبك وخطاياك ، ويُظهر لك ضعفاتك، فسيفعل الله بمحبته وسيمنحك أيضاً سلاماً يفوق كل عقل حسب كل وعودة المباركة الأمينة …[6]
سلام السيد المسيح للمتنيح القمص لوقا سيداروس
المسيح هو مصدر سلامنا الوحيد
لأنَّهُ هُوَ سَلامُنَا (أف ١٤:٢)
عالم اليوم أيها الأحباء عالم مضطرب. العالم كله في حالة انزعاج، تظلله سحابة قاتمة، واستولى عليه الخوف. كما قال الوحي الإلهي: “لا سلام لمن دخل ولا لمن خرج”. وقيل أيضاً أنه في أواخر الأيام يخْرَجَ فَرَسٌ أحْمَرُ ، وَاعْطِي لِلْجَالِسِ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَ السَّلام مِنَ الأَرْضِ. شعوب بأكملها في حالة رعب وتوقع، متوجسين مما سيحدث في المستقبل. وعندما يسكن الخوف داخل الإنسان يكون كمرض قاتل. فالخوف هو أعدى أعداء البشر. وفي خضم هذا العالم المضطرب، يوجد قلة قليلة جداً يتمتعون بالسلام. ليس سلام الوهم وإنما سلام الحق.
لذلك نحن أحوج ما نكون في هذه الأيام إلى السلام القلبي والهدوء والراحة الداخلية. لكن كيف يسود السلام وسط الأهوال التي تجتاح العالم من حروب وأخبار حروب، وقيام أمة على أمة ومملكة على مملكة؟ من أين يأتي السلام؟ لا يوجد في العالم منبع أو مصدر للسلام. يقول القديس بولس الرسول عن المسيح له المجد: “لأنَّهُ هُوَ سَلامُنَا”. المسيح هو سلام قلبي، ولا سبيل للحصول على السلام الحقيقي الذي يدوم ولا يتغير ولا ينتهي بعيداً عن المسيح في أشد الظروف اضطراباً، إذا حصل الإنسان على سلام المسيح، يغلب الاضطراب.
لذلك حين تدرس تاريخ الشهداء والقديسين، تجد أن عنصر الخوف أنتزع من حياتهم ولم يعد له وجود. الآباء الذين توحدوا وسكنوا الجبال والبراري وعاشوا في المغاير وشقوق الأرض، لم يكن لهم ضمان أو أمان في بريةٍ موحشة وليلٍ مخيف بكل المقاييس والقديس العظيم الأنبا أنطونيوس لما توطن في البرية خرجت عليه الشياطين لتخيفه وظهروا له في أشكال وحوش مرعبة، أسود وفهود ونمور وثعابين. لكن عنصر الخوف لم يكن داخله بفضل علاقته الحميمة بينه وبين المسيح، بفضل اتحاده وحياته في المسيح بفضل تمسكه بوصايا المسيح ومداومته على الصلاة. بل أن الشياطين هي التي كانت تخشى القديسين، بسبب حضور المسيح.
الإيمان يطرد الخوف
سلامي أترك لَكُمْ. سلامي أنا أُعْطِيكُمْ. (يو ١٤ : ٢٧)
لذلك حين أكون خائف، منزعج، مضطرب، اعلم أن إيماني مهزوز. فالإيمان الحقيقي ضد الخوف، لأن المؤمن يشعر أن المسيح ممسك به ويحتضنه. المسيح في حياته، فينتهي الخوف. الخوف دليل على ضعف الإيمان أو قلة الإيمان أو عدم وجود الإيمان وعندما يكون الإيمان حقيقي، يكون الإنسان قلبه ثابت متكل على الله.
ما نحتاجه عملياً في هذه الأيام هو أن تعمق علاقتنا بالمسيح جداً لأن كل الناس من حولنا خائفون ولا أحد يعرف ما هو قادم. لذلك في الحياة العملية، لكل واحد فينا بلا استثناء، أصبح واضحاً جداً أنه يجب أن أعمق علاقتي بالمسيح جداً، لأنه في مواجهة الصعاب لا تستطيع أن تقول هذا رجل شجاع، بخاصة عندما نسترجع المناظر التي رأيناها وعشناها .. طائرة تدخل في مبنى شاهق الارتفاع يفوق المئة طابق ماذا تفعل الشجاعة حتى لو كان الإنسان يملك قلباً من حديد لا شجاعة ولا قوة ولا سلطان ولا ثروة ولا شيء من العالم يستطيع أن يصمد أمام مثل هذه الحوادث.
لا تستطيع الشجاعة أن تقف قدام انهيار شيء يفوق قدرة الإنسان ضعيف، لذلك تتبخر الشجاعة في مواجهة المخاطر الشديدة. أما السلام القلبي الناتج عن حضور المسيح، فهو يدوم ولا يهتز حتى في الموت. لأن المسيح قال: “سلامي أتْرُكُ لَكُمْ. سلامي أنا أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أنا. لا تضطرب قُلُوبُكُمْ وَلا تجزع.
السلام القلبي الذي يعطيه المسيح يدوم حتى في الموت
أيضاً إِذَا سِرْتُ في وَادِي ظِلَّ الْمَوْتِ لا أَخَافُ شَراً لأَنَّكَ أَنتَ معي.(مز٢٣: ٤)
يتحدث الناس في شتى المواضيع وكل منهم فيلسوف يتكلم كما لو كان محللاً سياسياً، في يده القرار ومقاليد الأمور. لكن الأمر يحتاج بالحقيقة أن يحصل الإنسان على هذا السلام القلبي دون خيالات ولا مبالغات. يدخل الإنسان إلى أعماق نفسه ويعمق علاقته بالمسيح الحي الذي لا يموت. وحين يدرك الإنسان من داخل قلبه علاقته بالمسيح تتقوى يوماً بعد يوم، يحب المسيح من قلبه، ويستقر سلام المسيح فيه بهذا السلام يستطيع أن يواجه أخطار العالم ولا يهتز.
من المناظر الخالدة في تاريخ كنيستنا منظر القديس البابا بطرس خاتم الشهداء البطريرك السابع عشر رئيس الكهنة عندما قدموه للذبح، لما ركع للسياف، لم يجرؤ أي من الجنود الرومان أن يقترب منه. وكان الجنود الرومان أشداء وقساة جداً، إذ لم يقتلوا عشرات أو ألوف، بل قتلوا الملايين.
ولم تكن حياة البشر بالنسبة لهم تعني شيئاً، وقد اعتادوا على مشاهد الدم. ففي يوم من الأيام في شوارع الإسكندرية وصل دم الشهداء المسفوك إلى ركب الخيل وكان يجري على الأرض كالماء فلما ركع القديس البابا بطرس للسياف، لم يجرؤ أحد على الإقتراب منه، لأن وجهه كان يشع سلاماً وطمأنينة وهو في إنتظار أن ينزل السيف على رقبته. والغريب أن السياف هو الذي أصيب بالخوف.
ما كل هذا السلام! هذا السلام القلبي نابع من علاقة صميمية بالمسيح ملك السلام، رئيس السلام، إله السلام الذي يعطي سلاماً قلبياً يدوم حتى عند موت الجسد.
يعطي سلاماً وقوة داخلية تغلب جميع الآلام حتى الموت. طبعاً أي إنسان في الوسع بطل، أما في الضيقة الحقيقية، ينهار بعد أن كان يبدو قوياً شجاعا بولس الرسول بعدما ألقوا عليه الأيادي، أخذ أسيراً. وفي إحدي المرات جاء الوالي مع امرأته فاستحضر بولس ليسمع منه عن الإيمان بالمسيح فوقف بولس وهو أسير أمام فيلكس الوالي وهو يجلس على كرسي الولاية شرع بولس يتكلم عن البر والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون.
فارتعد فيلكس الوالي وهو صاحب سلطان، لأن الخوف داخله. أما القديس بولس الرسول حتى وهو سجين لم يساوره الخوف. فمتى سكن الخوف قلب الإنسان، يظل الإنسان خائفاً، حتى لو تحصن في خزائة من حديد أو وسط فرقة مدججة بالسلاح. أما الذي يسكن قلبه سلام المسيح، إن وضعوه في أتون النار، لا يقلق ولا ينزعج أيضاً إذا سِرْتُ في وادي ظل الْمَوْتِ لا أخَافُ شَرّاً لأنَّكَ أَنْتَ مَعِي. لذلك أصبحت الحاجة شديدة لكل واحد بلا استثناء أن يحصل على السلام القلبي.
الخطية تنزع السلام من القلب
فَإِذْ قَد تبررنا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلامٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ (رو٥ : ۱)
فما الذي ينزع السلام من القلب؟ الخطية. المسيح له المجد أعطانا سلامه الحقيقي، ونحن أخذناه كعطية من الله بالتساوي جميع أولاد الله يسكن فيهم سلام المسيح القَلبي سَلامُ اللهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيح يسوع. لكن الشيء الوحيد الذي ينزع السلام من القلب هو الخطية. الإنسان يفقد سلامه بسبب وجود الخطية. لذلك يقول المزمور: “الشرير يهرب ولا طارد له” الشرير يجري وينظر خلفه مرتعداً رغم عدم وجود من يطارده، لأن ذنبه يخيفه.
المسيح صالحنا مع الآب، فصار هو سلامنا. قتل العداوة بالصليب ومنحنا السلام. لكن حين يعيش الإنسان حياة الخطية أو يقع في خطية من أي نوع، يشعر أن العلاقة بينه وبين المسيح تعكرت واختفت مشاعر السلام والمودة القلبية الشديدة بينه وبين الله والإحساس بأن الله راض عنه، ينظر له بعين الرحمة والرأفة والحب. كل هذه المشاعر تعد داخله. “فإذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلامٌ مَعَ اللَّهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ المسيح”. المسيح برأني من الخطية ومنحني السلام.
الخطية هي سبب كل النكد الموجود في العالم هي سبب الموت والخوف والخوف هو مقدمة الموت. ولكي تستعيد سلامك، عليك أن تعيش حياة التوبة والرجوع إلى الله، وتقوم بتنقية القلب وتصفية الضمير ومراجعة النفس وفرز الخطايا من القلب والبكاء عليها والتوبة عنها. حينها تشعر أن سلام الله موجود داخلك حتى لو كان العالم منزعج من حولك، تكون في حالة سلام قلبي. أي إنسان يحيا في عالم اليوم معرض لهذه الأمور في أي ظرف من الظروف. فالعالم اليوم ينقلب في لحظات وتتعكر الدنيا. لذلك المصالحة مع الله، تعيد للإنسان سلامه الأول. حتى إذا واجه ظرف من الظروف يتوقعه أو لا يتوقعه لا يخاف.
المجيء الثاني واستعلان السلام القلبي لأولاد الله
لأَنَّهُ لَيْسَ خَفِيُّ لا يُظْهَرُ وَلا مَكْتُومٌ لا يُعْلَمُ وَيُعْلَنُ (لو ۸: ١٧)
أصبحت حاجتنا شديدة جداً لأن نحصل على السلام القلبي. أنت تعلم أنه في العالم يختلط البشر فلا يمكن التمييز بين الأبرار والأشرار، وبين الصديقين المرضيين لدى الله وأهل العالم لكن في مجيء المسيح الثاني سيحدث تمييز وفرز إذ يُسْتَعْلَن السلام القلبي الساكن في القديسين. طبعاً في الأيام الأخيرة يكون هناك مخاوف. والمسيح له المجد قال أن الناس سيغشى عليهم من هول وتوقع ما سيكون قبل أن تأتي عليهم المصائب والأهوال.
في الأيام الأخيرة يُكشف سر أولاد الله الذي هو السلام القلبي الروحاني، كما يظهر الخوف الساكن في الناس. الناس يرتعدون من فكرة المواجهة مع الله جداً ويرهبون الوقوف في يوم الدينونة.
حينئذ تنكشف الأسرار والخطايا والفضائح. ويظهر ما إذا كان الإنسان حائز على السلام القلبي وله ثقة . وما إذا كان بإمكانه أن يقف قدام المسيح بلا خوف بقلب غير مرتعش، لأن حياته تشهد أنه عاش لمسيحه بإخلاص. قد يستطيع الإنسان ممارسة الخداع في محاكم الدنيا، بأن يُخفي الحقيقة أو يستعين بمحامي محنك ليجد له مخرجاً قانونياً. لكن عند الوقوف أمام المسيح، يكون كل شيء عريان ومكشوف أمامه.
“كُلُّ مَا قُلْتُمُوهُ فِي الظُّلْمَةِ يُسْمَعُ فِي النُّورِ وَمَا كَلَّمْتُمْ بِهِ الأذْنَ فِي الْمَخَادِعِ يُنَادَى بِهِ عَلَى السُّطُوحِ”. “لأَنَّهُ لَيْسَ خَفِيٌّ إلا ويُظهرُ وَلا مَكْتُومٌ إلا ويُعْلَمُ” . لذلك فإن التوبة إجبارية والاعتراف ضرورة، لأن ما يُكشف هنا يُستر، وما يُخفي هنا يفضح في يوم من الأيام. لذلك يسكن داخل الإنسان خوف رهيب جدا، لأن جميع الأوراق المستترة ستظهر للعلن كل نيات القلب الداخلية التي لا يعرفها أحد ستفضح. وما أخفاه الإنسان مدى الحياة سيستعلن بالكمال أمام الله وملائكته القديسين وملايين الأبرار .
التوبة تنزع الخوف من الإنسان
انتَصِبُوا وَارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنْ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ (لو ۱ ۲ : ۲۸)
التوبة تنزع الخوف من الإنسان لأنها تمسح القضايا من عليه. حين أكشف خطيتي وأندم عليها وأتوب عنها وأبكي عليها، يقال لي “الرَّبِّ أَيْضاً قَدْ نَقلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ لا تَمُوتُ” . فأخرج مبرراً. أنا لا أنكر أني خاطئ، ولكني عدت نادماً باكياً متمسكاً بصليب المسيح ودمه الذي يطهر الخطايا والضمير ويغسل الأثام.
إذاً لا شَيْء مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوح. “إن اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانًا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلَّ إِثْمِ”.
لماذا أكتم الخطايا وعندي ينبوع فائض يُطهر ويغسل فأبيض أكثر من الثلج ! سبب الخوف الدفين داخل الإنسان هو وجود الخطية المتمركزة في القلب والتي يخفيها الإنسان الخطية تجعل الإنسان خائف لا يستطيع أن يصد أو يواجه موقف من المواقف الصعبة، إذ تتخلى عنه كل شجاعته ورباطة جأشه. الإنسان التائب يقف أمام الله بلا ديون، وقد تبرأ من الخطايا وتطهر من الآثام يوحنا في سفر الرؤيا رأى جمعاً كثيراً مُتَسَرْبِلينَ بالثياب الْبِيضِ. وَقَدْ غَسْلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيْضُوهَا فِي دَمِ الْحَمَلٍ.
من أجل ذلك هم أمام الله نهاراً وليلا بلا خجل. لأن الخطية عار . يقول الكتاب: “الْبِرُّ يَرْفَعُ شأنَ الأُمَّةِ وَعَارُ الشُّعُوبِ الخَطِيَّةُ”. نحن لا نخاف لأن الله محا الصك الذي كان علينا وسدد ديوننا. يخاف الإنسان عندما يكون مديون. لأنه بماذا يرد حين يقف أمام من يستد كل فم أمامه!
العالم واقع تحت وطأة خوف شديد، لأن الخطايا تأصلت في العالم. وفي وسط خضم الأحداث الجسام يظل أولاد الله وهم قليلون محتفظين بالسلام الإلهي الذي لا يفنى ولا يهتز.السلام الدائم الذي لا يزول… السلام الذي واجه به الشهداء حد السيف. وواجه به النساك خوف البراري وسكنى الجبال وواجه به آباؤنا الاضطهاد الذي عاشوه سواء في عصر الرومان أو المسلمين، وكانوا في قمة الثبات حتى النفس الأخير.
فإذا كانت مشاعر الخوف تزعجني بين الحين والآخر، هذا يعني أن توبتي ليست كما يجب، وأنني لست في حالة صلح مع الله. لذلك يصيبني الخوف لأسباب خارجية وداخلية. الدعوة اليوم أيها الأحباء هي دعوة إلى التوبة والاعتراف بالخطايا والمصالحة مع الله وتقديس الحياة وتوقع مجيء المسيح. بالنسبة لأولاد الله هو يوم الابتهاج، يوم الفرح، اليوم الذي فيه أقابل المسيح وأتراءي أمامه. “انْتَصِبُوا وَارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ”. ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين[7]
المراجع
[1] كتاب من مقالات الأنبا أنطونيوس – صفحة ٢٣ – القمص بيشوي كامل – كنيسة مار جرجس سبورتنج.
[2] كتاب نقاوة القلب في المفهوم الكتابي والآبائي – الجزء الثاني صفحة ٧٢٤، ٧٤٥ – إعداد أحد الآباء الرهبان بدير السيدة العذراء “برموس “.
[3] كتاب المنجلية القبطية الأرثوذكسية – صفحة 411 – البابا تواضروس الثاني.
[4] كتاب مسيح الكون كله صفحة ٦٢ – نيافة أنبا بيمن.
[5] مجلة مدارس الأحد عدد مايو لسنة ٢٠٠١
[6] كتاب بستان الروح الجزء الثالث لنيافة الانبا يؤانس (ص١٦١-١٧٠)
[7] كتاب الينبوع القمص لوقا سيداروس (ص١٩٣-١٩٦)