اليوم التاسع والعشرون من كيهك ( عيد الميلاد المجيد )

كنت أرى في رؤى الليل وإذا مع سحب السماء مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام، فقربوه قدامه فأعطي سلطانا ومجدا وملكوتا لتتعبد له كل الشعوب والأمم والألسنة. سلطانه سلطان أبدي ما لن يزول، وملكوته ما لا ينقرض ”

(دا ٧ : ١٤،١٣)

هو أخذ الذى لنا وأعطانا الذى له نسبحه ونمجده ونزيده علوًا.

ثيئوطوكية الجمعة

في عهد ربنا كان قد أشرق نور عظيم، ليقتل الظلمة التي أعمت العالم في موضعها.

أشرق ضياء الآب شعاعه على السفليين، ليُضاء بإشراقه الدرب الكئيب للسائرين عليه.

نزل شمس البرّ، ومشى على الأرض، فانهزمت الظلال الكثيفة من بهائه (مل ٢ : ٤)[1].

شواهد القراءات

(مز ٧١ : ٨) ،(لو ٣ : ٢٣ – ٣٨) ،(مز ٧١ : ١٣) ،(يو ١ : ١٤ – ١٧) ،(٢بط ١ : ١٢ – ١٧) ،(أع ١٣ : ٢٦ – ٣٣) ،(مز ٢ : ٥ ، ٦ ) ،(مت ٢ : ١ – ١٢)

ملاحظات علي قراءات يوم ٢٩ كيهك

+ قراءة إنجيل باكر اليوم (يو ١ : ١٤ – ١٧) تُشبه قراءة إنجيل القداس (يو ١ : ١ – ١٧) ليوم ٢٤ هاتور ( تذكار الأربعة وعشرين قسيساً ) ، وإنجيل باكر ليوم ٤ طوبه ( تذكار يوحنا الإنجيلي ) ، وإنجيل باكر ليوم ١ نسئ ( شهادة أفتيخوس تلميذ يوحنا الإنجيلي )

، والكلام هنا يخص تجسّد الكلمة ” الكلمة صار جسدا ” (يو ١ : ١٤) ، وهي القراءة المُكمِّلة لقراءة إنجيل القداس (يو ١ : ١ – ١٣) ليوم ٣٠ كيهك ، وهو اليوم الموافق لنياحة القديس يوأنس قمص شيهيت ، وهنا التركيز علي صورة أولاد الله المولودين ليس من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله ولدوا ، والذين شهدوا للنور الحقيقي في حياتهم

+ قراءة البولس اليوم (عب ١: ١ – ٢: ١ – ٤) جاءت أيضاً في يوم ١٢ هاتور

وهي القراءة الخاصة بالملائكة وخدمة الخلاص لذلك جاءت في تذكار رئيس الملائكة ميخائيل (١٢ هاتور ) وفِي عيد الميلاد المجيد ( ٢٩ كيهك )

+ قراءة الكاثوليكون اليوم (٢بط ١: ١٢ – ١٧) تُشبه قراءة الكاثوليكون (٢بط ١: ١٢ – ٢١) في أيام ٦ طوبه ، ٢٦ بشنس ، ٥ أبيب ، ١٣ مسري ، وأيضاً يوم ١٠ طوبه (٢بط ١ ؛ ١٢ – ١٩)

تأتي القراءة اليوم في أعياد الظهور الإلهي وإستعلان مجد الله للبشرية في عيد الميلاد (٢٩ كيهك)

كما نري هنا شهادة القديس بطرس عن ظهور مجد إبن الله في التجلّي (وقد سمعنا نحن هذا الصوت من السماء حين كنّا معه علي الجبل المُقدَّس) لذلك جاءت في عيد التجلّي (١٣ مسري ) ، وجاءت القراءة أيضاً في عيد الختان ونور إبن الله الذي أُستعلن للأمم ( ٦ طوبه ) ، وشهادة الآب عنه أنه إبني الحبيب الذي به سُررت في برامون الغطاس ( ١٠ طوبه ) ، وشهود إستعلان مجده القديس بطرس وبولس ( ٥ أبيب ) ، والقديس توما الرسول ( ٢٦ بشنس )

+ قراءة الإبركسيس اليوم (أع ١٣: ٢٦ – ٣٣) تُشبه قراءة الإبركسيس ليوم ٢ بؤونه (أع ١٣: ٢٥ – ٣٣) ، وقراءة الإبركسيس (أع ١٣ : ٢٥ – ٣٢) للأحد الأوَّل من شهر توت

تحكي هذه القراءة عظة القديس بولس عن التدبير الإلهي في الخلاص وهو هدف تجسّد الكلمة (٢٩ كيهك ) وشهود هذا التدبير الإلهي مثل يوحنا المعمدان ( ٢ بؤونه ) ، لذلك تأتي أيضاً في الأحد الأوَّل من شهر توت الذي يأتي توافقاً مع عيد القديس يوحنا المعمدان ( ٢ توت )

شرح القراءات

بعد أن تكلَّمت قراءات برمون الميلاد ( ٢٨ كيهك ) عن إبن الإنسان ومخلِّص الإنسان في ذات الوقت تأتي قراءات العيد لتُعلن علي الجانب الآخر الكلمة المُتجسِّد إبن الآب ومجد الآب أي أنّه بميلاده أظهر مجد محبّة الآب للبشرية

لذلك تتكلّم قراءات العيد عن العلاقة الجوهريّة بين الإبن والآب وولادة الإبن الأزلية من جوهر الآب وفِي ذات الوقت توضِّح تدبير الآب في تجسد إبنه الوحيد لأجل خلاصنا لذلك نري في قراءات اليوم مجد إبن الله ومجد أبيه الصال

تتكلّم المزامير عن خضوع الشعوب له ( مزمور عشية ) ومجد من يقبلوه ( مزمور باكر ) وميراث كنيسته في الشعوب والأمم ( مزمور القداس )

يبدأ مزمور عشية بخضوع الشعوب والملوك لميلاده العجيب

( ملوك ترسوس والجزائر يقدِّمون له هدايا ملوك العرب وسبا يقرِّبون له العطايا )

وفِي مزمور باكر نري عطايا الذين قبلوا ميلاده حياتهم النقيّة ( ذهب أرابيا ) والتسبيح والبركة الدائمة

 

( يعيش ويُعطي له من ذهب أرابيا ويصلون من أجله كلَّ حين ويباركونه في كلِّ يوم )

وفِي مزمور القداس نري ميلاده الأزلي من الآب ( أنت إبني ) وميلاده الزمني من والدة الإله ( أنا اليوم ولدتك ) كما يقول القديس امبروسيوس ونري أيضاً ميراث العهد الجديد وسلطان ابن الله الذي يمتدّ إلي أقطار الأرض

( الرب قال لي أنت إبني وأنا اليوم ولدتك سلني فأعطيك الأمم ميراثك وسلطانك إلي أقطار الأرض )

وتتكلّم القراءات عن حقيقة الكلمة المُتجسّد ( البولس ) وعن مجده مع الآب ( الكاثوليكون ) وعن كمال تدبير تجسّده بقيامته ( الإبركسيس )

يتكلّم البولس عن حقيقة الكلمة المُتجسّد بهاء مجد الآب وخالق العالمين وحامل الكل بكلمة قدرته وتخضع له الملائكة

( وأما في هذه الأيام الأخيرة كلمنا في إبنه الذي جعله وارثاً لكل شئ وبه خلق العالمين الذي وهو بهاء مجده ورسم أقنومه وحامل الكل بكلمة قوته وبه صنع تطهير خطايانا جلس عن يمين العظمة في الأعالي … لأنه لمن من الملائكة قال قط أنت إبني وأنا اليوم ولدتك وأيضاً أنا أكون له أباً وهو يكون لي إبناً وأيضاً متي دخل البكر إلي العالم يقول ولتجسد له كل ملائكة الله )

وفِي الكاثوليكون عن مجد وقوّة ظهوره الإلهي كما شهد بهذا تلاميذه الأطهار ( بطرس ويعقوب ويوحنا ) علي جبل التجلّي

( لأننا لم نتَّبع خرافات فلسفية إذ عرفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح وظهوره بل قد كنّا مُعاينين عظمته لأنه أخذ كرامة ومجداً من الله الآب وإذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسني العظيم قائلاً هذا هو إبني حبيبي الذي أنا به سررت )

بينما يكشف الإبركسيس عن كمال تدبير تجسّده بموته وقيامته لأجل خلاصنا

( ولما اكملوا كلَّ ما كُتب عنه أنزلوه عن الخشبة ووضعوه في قبر ولكن الله أقامه من الأموات … ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا هذا قد أكمله الله لأبنائهم إذ أقام يسوع )

 

وتأتي الأناجيل لتحكي سلسلة أنسابه إلي أدم إبن الله ( إنجيل عشية ) وظهور مجده في التجسّد كمجد الإبن الوحيد ( إنجيل باكر ) وكيف رأيناه في تجسّده ملك ومدبّر يرعي الكل

يأتي إنجيل عشيّة بسلسلة الأنساب صعودا من يوسف النجار حتي آدم المُلقَّب بإبن الله وهذه عكس إنجيل عشية في البرامون الذي جاءت فيه سلسلة الأنساب نزولاً من إبراهيم وداود حتي يوسف النجار

( ولما ابتداء يسوع أن يصير إبن ثلاثين سنة وكان يُظنّ أنه إبن يوسف إبن هالي … إبن أنوش إبن شيث إبن آدم إبن الله )

وفِي إنجيل باكر مجد الكلمة المُتجسّد مع أبيه الصالح ونعمة العهد الجديد التي أعطاها لنا إبن الله من ملئه ومن تجسّده

( والكلمة صار جسداً وحلّ بيننا ورأينا مجده كمجد إبن وحيد لأبيه مملوءاً نعمةً وحقاً … لأنه من ملئه نحن جميعاً أخذنا ونعمة فوق نعمة لأن الناموس بموسي أُعطي أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صاراً )

ويختم إنجيل القدّاس بالكشف عن ألقاب المولود الملك والمدبّر والراعي

( ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية في أيام هيرودس الملك إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلي أورشليم قائلين أين هو المولود ملك اليهود … لأن منك يخرج مدبر يرعي شعبي إسرائيل )

 

ملحوظة ورأي : نغمة الفرح في الكنيسة من هذا اليوم إلي ٦ طوبه أم إلي يوم ٩ طوبه ؟

هنا أريد أورد رأي جدير بالذكر والتفكير والمُناقشة للعلَّامة يسي عبد المسيح :

” ويلحن في هذا العيد بلحن الفرح وتستمر طريقة الفرح لغاية اليوم التاسع من طوبه غير أن كنائس القاهرة ترتل بلحن الفرح لغاية عيد الختان وترتل في المدة من عيد الختان إلي برمون الغطاس باللحن السنوي وتخالفهم في ذلك كنائس الصعيد التي تسير علي الترتيب الأوَّل وهو الأصح[2]. ”

 

فهل يُمْكِن دراسة هذا الموضوع في المجمع المُقدَّس لكنيستنا القبطية ، وإن أمكن أيضاً دراسة أن تكون الفترة من الميلاد حتي عُرْس قانا الجليل ( بإستثناء برامون الغطاس ) فترة فرح بميلاد ربنا يسوع المسيح أسوة بالخمسين يوم المُقدَّسة ، والإحتفال إسبوعين بميلاد الملك ليس كثيراً ولا ننقل التُخم القديم الذي وضعه الآباء (أم ٢٢ : ٢٨) بل لعلَّنا نُرجعه إلي مكانه !

ملخّص القراءات

إبن الإنسان الذي تخضع له الملوك وتُقدِّم له الهدايا الذهب وسلطانه إلي أقصي الأرض                                              مزمور عشيّة وباكر والقدّاس

وهو بهاء مجد الآب وشهد لعظمته تلاميذه القديسين وتنبأ عن خلاصه الأنبياء الأطهار

البولس والكاثوليكون والإبركسيس

وهو أحصي نفسه في كتب الشعوب وأغني أولاده بملء النعمة وهو الملك والمدبِّر والراعي                                                إنجيل عشيّة وباكر والقدّاس

أفكار مقترحة لعظات

(١) إبن الآب ومجد الآب ( أزلية ولادته من الآب وإعلانه للبشر مجد الآب ومجده مع الآب )

١- المولود منذ الأزل والذي تُقدِّم له الشعوب أعظم ما عندها وسلطانه إلي أقطار الأرض

” ملوك ترسوس والجزائر يُقدِّمون له هدايا ”                            مزمور عشيّة

” يعيش ويُعطي له من ذهب أرابيا ”                                      مزمور باكر

” أنت إبني وأنا اليوم ولدتك … وسلطانه إلي أقطار الأرض ”      مزمور القدَّاس

٢- المولود منذ الأزل أظهر مجده ومجد الآب في تجسّده

” والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا ورأينا مجده كمجد إبنٍ وحيدٍ لأبيه مملوءاً نعمةً وحقاً ” إنجيل باكر

٣- المولود منذ الأزل مُعْلَن مجده في الكون في خِلْقَة العالم وفِي ملء الزمان

” وأما في هذه الأيام الأخيرة كلَّمنا في إبنه الذي جعله وارثاً لكلِّ شئٍ وبه خلق العالمين الذي وهو بهاء مجده ورسم أقنومه وحامل الكل بكلمة قوته ”                           البولس

٤- المولود منذ الأزل أظهر مجده أمام تلاميذه الأطهار القديسين علي جبل التجلّي

” إذ عرَّفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح وظهوره بل قد كُنَّا مُعاينين عظمته لأنه أخذ كرامةً ومجداً من الله الآب وإذ أقبل عليه صوتُُ كهذا من المجد الأسني العظيم قائلاً هذا هو إبني حبيبي الذي أنا به سُررتُ ”                                                                                     الكاثوليكون

٥- المولود منذ الأزل أظهر مجده بقيامته وظهوره للتلاميذ الذين صاروا له شهوداً أمام كل الشعب

” ولكنَّ الله أقامه من الأموات وهذا ظهر أياماً كثيرةً للذين صعدوا معه من الجليل إلي أورشليم هؤلاء الذين هم الآن شهودُُ له عند كل الشعب ”                                    الإبركسيس

٦- أُسْتعلِنَ مجده الإلهي في مجئ الأمم في شخص المجوس وسجودهم لها وتقديمهم الهدايا

” أين هو المولود ملك اليهود … فخرُّوا وسجدوا له ثم فتحوا كنوزهم وقدَّموا له هدايا ذهباً ولباناً  ومراً ”                                                                                             إنجيل القدَّاس

(٢) شهود مجد تجسّد الكلمة

١- آباء وأنبياء العهد القديم

” بأنواع كثيرةٍ وأشباه متنوعةٍ كلَّم الله آبائنا بالأنبياء منذ البدء ”               البولس

٢- الملائكة

” وعن الملائكة يقول الصانع ملائكته أرواحاً وخدّامه لهيب نار … أليس جميعهم أرواحاً خادمةً مرسلةً للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص ”                                   البولس

٣- الآباء الرسل

” لأننا لم نتَّبع خرافاتٍ فلسفيةٍ إذ عرَّفناكم بقوة ربنا يسوع المسيح وظهوره بل قد كُنَّا مُعاينين عظمته ”                                                                                           الكاثوليكون

٤- الأمم الغريبة

” إذا مجوس من المشرق قد جاءوا إلي أورشليم قائلين أين هو المولود ملك اليهود فخرُّوا وسجدوا له ”                                                                                 إنجيل القدَّاس

(٣) من هو مولود بيت لحم ؟

يسوع ( مُخلِّص ) – عمانوئيل ( الله معنا ) – ملك – مُدبِّر

١- يسوع ( مُخلِّص )

الإسم يعلن الرسالة والهدف من تجسّده خلاص البشرية

٢- عمانوئيل ( الله معنا )

الحاضر الدائم معنا وفينا في كل ظروف حياتنا وفِي إحتياجاتنا وآلامنا وأتعابنا

٣- ملك

أتي وتجسَّد ليملك علي قلوبنا وحياتنا لا ليأخذ شيئاً ولا هو يحتاج منا شيئاً بل لكي يهبنا سلامه وفرحه ونعمته وغناه

٤- مُدبِّر

من يملك الله علي حياتهم يشعرون ويتأكَّدون أن كل شئ يحدث لهم هو في خطة خلاصهم وكل خطوة يخطونها يطلبون حكمته وإرشاده لثقتهم في تدبيره الصالح

(٤) سر الميلاد

في ميلاد السيد المسيح له المجد.. نقف لحظات خشوع لنقترب من سر الميلاد.. وهذا هو ما قاله معلمنا بولس الرسول “عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد” (١تي ٣ : ١٦) لذلك لنقف بنعمة ربنا لحظات أمام تسبحة الميلاد “المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة” (لو ٢ : ١٤) ومعناها ببساطة: إن ميلاد المسيح أظهر مجد الله، يمكن أى حد في العالم يسمع الكلام ده يقول : يعني إيه ربنا ينزل ويبقي في جسد؟!.. ويعني إيه ربنا يبقي طفل صغير ويتولد في مذود بسيط؟!.. ويعني إيه ربنا يعطي هذا التواضع العجيب؟!.. وتقول المجد لله في الأعالي؟!!.. لكن احنا بنشوف فعلاً إن ميلاد المسيح أظهر مجد الله.. لذلك نري في ميلاده :

❖ مجد الله في حبه لينا..

❖ مجد الله في فعله فينا..

أولاً: مجد الله في حبه لينا:

ودي عطية كبيرة جداً لنا في الميلاد.. كيف ترك ميلاد المسيح في البشرية أثراً كبيراً ؟

وقت ميلاد المسيح كانت البشرية في حزن وضياع وانقسامات وبؤس ولا يوجد أى راحة أو فرح.. ودخل المسيح له كل المجد العالم بهدوء وببساطه بدون إعلانات ، من عرفوا كانوا مجموعة بسيطة من الرعاة والمجوس الذين جاءوا من أرض بعيدة .. لكن عندما جاء المسيح في المذود البسيط حدث تغيير عجيب جداً.. حصل فرح للبشرية، لكل الناس، وليس فقط الذين رأوا المسيح.. الملاك لما أتي ليبشِّر الرعاة قال لهم “ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب ” وما هو سبب الفرح ؟  “لأنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب ” ، ليس فقط الرعاة لكن أيضاً المجوس فرحوا “لما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً جداً”

كما ظهر مجموعة من الجند السماوي ، وأيضاً والدة الإله إمتلأت بروح الفرح وقالت: “تعظم

نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي” ، أي أن كل الخليقة فرحت بميلاد المسيح ، كما أن ميلاده لم يكن البداية والنهاية بل فقط البداية بمعني أنه من وقت ميلاد المسيح إلي اليوم ونحن نفرح مع المسيح.. كل يوم ربنا يُشبعنا بوجوده معانا، ويعطينا رسائل سمائية . رسالة سلام في وسط الأتعاب.. رسالة فرح في وسط أحزاننا وآلامنا.. رسالة رجاء في وسط يأسنا.. رسالة نصرة في وسط هزيمتنا.. رسالة قوة.. وهذه هي رسالة الميلاد.. وعشان كده الكنيسة بترتيبها الحلو  قالت: عيد الميلاد مش احتفال بتحتفلوا بيه، لكنه فعل بتعيشوه كل يوم.. كل قداس بتحضروه عبارة عن عيد ميلاد، في الطقس الكنسي نري علي المذبح الجسد في الصينية وفوقه مايرمز إلي نجم الميلاد والمذود وكأن الكنيسة تقول لنا إننا لا نحتفل بالميلاد كل سنة لكن في كل قداس..

لذلك يُرنِّم الشمامسة لحن جميل قوى وقت تقدمة الحمل وقت وضع القربانة علي المذبح “هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ولنبتهج فيه”.. إذاً ليس هو مجرد احتفال بملابس جديدة وأكل متغير .. لكن حياة نقدر نعيشها كل يوم، مع المسيح نقدر نتمتع بالفرح كل يوم. وهذا ما قاله معلمنا بولس الرسول قال: “افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضاً افرحوا”.. إذاً رسالة الميلاد هي رسالة الحب الإلهي للإنسان … لكن لما دخل المسيح له المجد العالم وكان في المذود.. في نفس الوقت كان في أورشليم المدينة العظيمة والهيكل فيه كهنة ورؤساء كهنة وخدام وناس كتير بتصلي.. والمسيح اختار مكان منزوى.. لماذا يا رب لم يراك هؤلاء الناس ؟  يقول: الناس دى مش عاوزة تشوفني.. لوكانت عاوزة تشوفني كنت روحت لها.. أنا بأروح للي عاوزني.. للي بيدور عليَّ بس.. معني كده إننا ممكن نكون في الكنيسة ليل ونهار وما نتمتعش بيك؟!.. ممكن طبعاً.. ممكن نقعد طول عمرنا جوة الكنيسة وما نشوفش المسيح.. المتنيح البابا شنوده ليه كلمة مهمِّة قوى: قضيت طول عمرك تخدم بيت الرب متي تخدم رب البيت؟!!.. ازاى نعرف إن إحنا نتمتع بالمسيح فعلاً؟.. لما حياتنا تتغير.. الرعاة والمجوس لما شافوا الطفل يسوع حصل إيه؟.. رجعوا فرحانين.. ما رجعوش زى الأول.. أوعي تقول إن أنا عايش مع المسيح وما بأتغيرش.. يبقي لسة ما عرفتش المسيح.. اللي يعرف المسيح لازم يتغير كل يوم للأحسن، ولازم كل يوم ياخد نعمة جديدة من ربنا..

من القصص التي تأثرت بها كثيراً وحصلت في روسيا أيام الحكم الشيوعي لإمرأة اسمها نيكول.. اتقبض عليها واتسجنت..والسجون وقتها كانت صعبة قوى، وبتحكي قصتها الرائعة الجميلة وازاى داقت النعمة في السجن وكتبت كتاب اسمه (مبارك أنت أيها السجن).. اللي حصل إنها لما اتسجنت كانت معاها سجينات كثيرات جوة العنبر وكانت حالتهم بؤس.. طول النهار بيحكوا في حكاوى فاضية ومتضايقين وكارهين عيشتهم وبيتمنوا موتهم.. وقالت : وفي يوم كلفونا إننا ننضف مكان قديم.. واكتشفت إنه كنيسة قديمة، ووقتها ماكانش في الكنايس عبادة.. ولقيت كتاب مقدس.. وكان ممنوع منعاً باتاً إن حد يقراه أو حتي يكون عنده.. فخبأته في ملابسها لأن السجانة لو عرفت ذلك ستعاقبها .. وقالت للسجينات: إيه رأيكم نقرأ الكتاب المقدس؟.. كلهم وافقوا إلا واحدة قالت: أنا مش مقتنعة بالكتاب لكن مش ها أبلغ عنكم.. راحوا قطعوا الأسفار وكل واحدة أخدت سفر تقراه وتعطيه لأخرى ..عملوا مكتبة استعارية متنقلة بينهم.. بعد شوية لاحظت إن شكل العنبر إتغير.. بدل الحزن والضيق والملل واليأس.. بقي فيه فرح وسلام.. هو العالم إتغير؟!!.. طبعاً لأ.. الناس هم اللي إتغيروا؟!!.. لأ برضه.. أمال إيه اللي أتغير؟.. جوة أتغير.. القلوب هي اللي أتغيرت.. المسيح إتولد في القلوب.. عشان كده بقت القلوب مذود والحياة متغيرة.. إحنا مش بتتعبنا المشاكل ولا الظروف.. إحنل بتتعبنا نفسياتنا الضعيفة.. بيتعبنا إن المسيح مش واضح في حياتنا.. وربنا مش موجود فعلاً في قلوبنا لأنه لو موجود فيها ها نبقي أقوى من العالم كله.. معلمنا بولس الرسول لما أحب المسيح قال: ” من سيفصلنا عن محبة المسيح أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف” (رو ٨ : ٣٥)

دي أول رسالة للميلاد.. رسالة محبة الله الشديدة جداً للإنسان.. ودي اللي عبر عنها أشعياء النبي: ” الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما الجالسون في ارض ظلال الموت أشرق عليهم نور أكثرت الأمة عظمت لها الفرح يفرحون أمامك كالفرح في الحصاد كالذين يبتهجون عندما يقتسمون غنيمة… لأنه يولد لنا ولد و نعطى ابنا و تكون الرياسة على كتفه و يدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا أبا أبديا رئيس السلام لنمو رياسته و للسلام لا نهاية على كرسي داود و على مملكته ليثبتها و يعضدها بالحق و البر من الآن إلى الأبد غيرة رب الجنود تصنع هذا.” (أش٩ : ٢ – ٧).. بيقول عظمت لها الفرح .. زودت  الفرح للناس..مين فينا مش محتاج فرح.. مين فينا مش محتاج يتغير من جوه.. مش محتاج يشبع ويشعر بقوة في حياته؟.. اللي عاوز الحاجات دي كلها يقرب من المذود.. يقرَّب من المذبح .. يقرب من الكتاب المقدس.. القديس يوحنا ذهبي الفم ليه كلمة جميلة قوى: (إن حل بك حزن تعمق في قراءة الكتب المقدسة كما في خزانة الأدوية فستجد راحة من أتعابك)

ثانياً: مجد الله في فعله فينا:

“المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة” (لو ٢ : ١٤) ومعناها ببساطة: إن ميلاد المسيح أظهر مجد الله.

١- مجد الله في حبه لينا..وهذا تحدثنا عنه سابقاً

٢- مجد الله في فعله فينا.. ربنا بيعمل فينا إيه؟ ليست رسالة الميلاد فقط إن ربنا يغير حياتي وحياتك، وإن أنا حياتي تبقي أحسن، وإن إحنا كل يوم نفرح.. مش هو ده بس.. ربنا بيقول : فيه حاجة تانية مطلوبة.. قال: أنا أعطيتك نعمة.. مطلوب منك رسالة، أنا أعطيتك عطية.. مطلوب منك مسئولية.. إيه هي المسئولية يا رب؟ النور اللي دخل حياتك.. الفرح اللي ملأ قلبك.. قدمه للآخرين.. مش بيقول بس المجد لله في الأعالي، لكن بيقول كمان: وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة.. رسالة الميلاد رسالة سلام ورسالة مسرة.. هل إحنا فعلاً بنقدم سلام للناس؟.. هل إحنا فعلاً بنقدم فرح لمن حولنا ؟… الكنيسة الأولي كان أي واحد وثني لما يجدوه فرحان يقولوا له: أنت قابلت واحد مسيحي؟!.. لأن الفرح كان مُعدي، المسيحيين من كتر فرحهم كانوا بيفرّحوا الناس كلها.. مين فينا بيفرح اللي حواليه؟!.. مين فينا فعلاً بيغيَّر الجو اللي هو فيه؟!.. مين فينا بيعمل الحاجة وهو فرحان؟!.. مين فينا بيقضي برنامج يومه وهو مبسوط وحاسس إنه بيقدم خدمة؟!.. مش مهم هو بيشتغل إيه.. تاريخ الكنيسة بيحكي قصة عجيبة بيقول: كان فيه ناس بتزور دير من الأديرة وكانت حياتهم بتتغير.. مين اللي أثر في الناس ؟ ليس من كانوا داخل الدير ، لكن فراش الدير..كان إنسان مليان نعمة ومُحب لضيافة الزائرين ..ماتقولش شغلتي إيه.. ولا خدمتي إيه.. قول فين  المسيح في حياتي؟.. المسيح له المجد قال: “أنتم ملح الأرض”..”أنتم نور العالم”..ومعلمنا بولس الرسول بيقول: “لأننا رائحة المسيح الذكية..”.. إحنا مطلوب مننا نقدم الرسالة دى للناس ولو قدمناها الناس ها تقول: “المجد لله في الأعالي” ياه..ما أعظم إله المسيحيين..وعشان كده بيقول: “يرون أعمالكم الحسنة فيمجدوا أباكم الذي في السموات” (مت ٥ : ١٦) .. يقولوا ربنا ده جميل قوى.. لكن للأسف فيه حاجة عكسية قالها للناس اللي بتقدم صورة مش مضبوطة عن المسيح:”اسم الله يجدف عليه بسببكم بين الأمم ” (رو ٢ : ٢٤) .. يعني هي حاجة من اثنين.. ما تقولش: أنا حر أتصرف زى ما أنا عاوز.. أقولك لأ.. أنت أسمك فلان الفلاني المسيحي يا إما ها تقدم رسالة حلوة جداً للي حواليك وتخلي الناس تحب ربنا جداً من خلالك.. يا إما تقدم رسالة صعبة جداً تخلي الناس تبعد خالص عن ربنا.. يعني.. يا إما تكون رسالة سلام وفرح.. يا إما تكون رسالة منازعات واضطراب وحزن

رسالة الميلاد : إزاي أنا باتمتع بالمسيح الموجود في المذود ويبقي المذود حياة بأعيشها وفعل دائم وتغيير داخلي باستمرار يعيش في حياة كل واحد فينا وازاي بنقدم ده للآخرين.. قريت حاجتين في يومين ورا بعض فحسيت إن ربنا بيبعت رسالة.. الأولي قريتها في مجلة: إن فيه منطقة في أفريقيا لقوا القرود فيها متوحشين وكان العلماء مندهشين لأن هذه الفصيلة من القرود كانت مسالمة وتغيَّر سلوكهم فصاروا متوحِّشين وعندما درسوا الموضوع اكتشفوا إن فيه قبيلتين في المنطقة دى بيقتلوا ف بعض ليهم سنين.. روح القتال والمشاحنات فاضت علي الحيوانات الأليفة وجعلتها مفترسة!!.. والثانية عكسها وهي إن الأنبا أنطونيوس كان بيخرج من مغارته ويقعد وسط الوحوش وتستأنس بيه!!.. إيه ده؟ الإنسان الحلو مع ربنا يغير الجو المتوحش الي جو لطيف وهادى.. والإنسان البعيد عن ربنا يغير الطبيعة الحلوة لمتوحشة!!.. أنت تقدر تغير طبيعة الناس اللي حواليك وتخليهم مسالمين.. والكتاب قال كده:”إذا أرضت الرب طرق إنسان جعل أعداؤه يسالمونه ” (أم ١٦ : ٧) .. يعني تقدر يا رب تخلي الأعداء مسالمين؟.. أيوه.. لو أنت إنسان فيك المسيح ها يظبط كل اللي حواليك.. ها يخلي الجو اللي حواليك يهدأ.. ها يخلي روح القتال تبطل وروح السلام يعم لأنك أنت تحمل رسالة المسيح..

إذاً يا أحبائي التسبحة الجميلة بتاعة الميلاد ياريت نعيشها كل يوم.. رسالة تغيير للعالم.. رسالة تغيير للوسط اللي إحنا موجودين فيه… مش مهم تغير مين.. المهم تقدم إيه.. إحنا مش بنحط في هدفنا أن إحنا ها نغير مين.. أنا مش ها أقدر أغير حد.. المسيح هو اللي يغيره.. لكن أنا بأقدم إيه للناس اللي حواليّ..حتي لو ف شغل بسيط ومكان صغير وأتنين ثلاثة بأتعامل معاهم كل يوم.. لو بتقدم ليهم رسالة فرح أنت بتخدمهم.. بتكرز لهم.. بتقدم لهم بشارة فرح ورسالة خلاص، وجميل قوى قول الكتاب:”ما أجمل أقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات ” (رو ١٠ : ١٥)

عظات آبائية

ذهبي الفم

” لا الملاك غبريال ولا الانجيلى متى يمكنهما أن يقولا أى شىء سوى أن ميلاد المسيح كان هو عمل الروح القدس ولكن كل من الاثنين لم يشرحا كيف فعل الروح هذا ، لأن مثل هذا السر هو أعلى بالكمل من الكلمات.

لا تعتقدوا أنكم قد فهمتم السر لمجرد أنكم سمعتم الكلمات ” من الروح القدس “لأنه حتى بعد أن علمنا هذا ، تبقى أشياء كثيرة لا نعرفها.

مثلاً : كيف يمكن لغير المحدود أن يكون داخل الرحم ؟ وكيف يمكن للعذراء أن تلد وتستمر عذراء ؟ أخبرونى ، كيف شكّل الروح هذا الهيكل؟

لقد أوضح الانجيلى بجلاء أن المسيح وُلِد وجاء من جسد العذراء بهذه الكلمات “الذى حبل به فيك” (مت١: ٢٠).

وفهل بولس نفس الشىء “مولوداً من امرأة ” (غلا٤:٤) لكى تسد الأفواه التى تقول أن المسيح مرّ خلال رحم أمه مثل قناة “ويؤكد القديس يوحنا الميلاد الحقيقى لله الكلمة من أحشاء العذراء ، بطريقة عكسية هكذا :

†  أخذ طبيعتنا من جسد مريم :

“لأنه ان كان الأمر كذلك (أى أن المسيح لم يأخذ جسداً من جسم العذراء) ماذا كانت الحاجة اذا الى رحم العذراء ؟ ولماذا يكون مشتركاً معنا فى طبيعتنا ؟ لأن جسده سيكون حينئذ مختلفاً عن أجسادنا ، ذلك لأنه لم يتكون من نفس الطبيعة البشرية التى لنا ؟

بأى طريقة سيكون حينئذ منحدراً من جذع يسى ؟ كيف كان يمكنه حينئذ أن يكون غصناً من أصوله ؟ كيف سيكون حينئذ ممكناً أن يدعى ابن الانسان ؟ وبأى معنى تدعى مريم أمه ؟

كيف سيكون قد أتى من نسل داود ؟

كيف سيكون قد أخذ شكل العبد ؟ (فى٢: ٧

كيف كان ممكناً أن يقال ” الكلمة صار جسداً ” (يو١: ١٤).

وكيف كان ممكنا لبولس أن يقول لأهل رومية ” الذين منهم المسيح حسب الجسد الهاً على الكل ” ( رو٩: ٥)”.

“بناء على هذه البراهين الكثيرة وغيرها ، نؤكد أن يسوع أتى فى طبيعتنا ، من طبيعتنا البشرية ، وأنه وُلِد من رحم العذراء ، ولكن كيف حدث هذا لا يمكن أن نعرف.

لذلك لا تفحصوا هذا السر ولكن لنقبل باتضاع ما أعلنه الله ، ولا نكون متطفلين لما جعله الله مخفياً “.

لم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر (مت١: ٢٥)

” كلمة “حتى ” لا يجب أن تجعلك تعتقد أن يوسف عرفها بعد ذلك  ولكنها قيلت لكى تخبرك أن العذراء ظلت مصونة لم يلمسها رجل حتى ولدت يسوع وقد اعتادت الكتب المقدسة أن تستخدم كلمة “حتى” دون أى معنى لتحديد فترة زمنية معينة  لقد استخدم الانجيلى هذه الكلمة لكى يؤكد على ما حدث قبل ميلاد يسوع ، تاركاً لك أن تفهم ما حدث أيضاً بعده “.

بتول دائماً :

“لأنه ان كان يوسف بعد ميلاد يسوع قد عرف مريم وعاش معها كأنها زوجته ، لماذا اذن ربنا على الصليب سلمها لتلميذه ، موصياً اياه أن يأخذها الى بيته كما لو أنها ليس لها أحد غيره يعتنى بها ؟ .

ستسأل : لماذا اذاً دعى يعقوب وآخرون أخوة الرب ؟

لقد دعوا أخوة يسوع بنفس الطريقة التى دعى بها يوسف “رجل مريم” .

لقد أراد الله أن يغطى هذا السر العظيم بأحجبة كثيرة، لكى يبقى الميلاد الالهى مخفياً لزمان “.

” لهذا دعاها “عدن” أو “التربة العذراء”لأن هذه العذراء”أرض الجنة” كانت مثالاً للعذراء الأخرى.

وكما أن الأرض الأولى انتجت لنا جنة الفردوس دون أى بذور، هكذا العذراء ولدت المسيح لنا دون أى بذرة بشرية.

واذا سأل أحد كيف يمكن أن تلد العذراء؟ فاننا نجيبه هكذا: كيف يمكن للأرض غير المزروعة أن تخرج نباتات عجيبة ؟ لأن كلمة عدن فى العبرية تعنى ” الأرض العذراء[3] ” .

البابا ثاوفيلس البابا الثالث والعشرون

… والآن يا أحبائى اسمعوا بتمييز وأمانة مستقيمة هذا الكلام الذي أعرفكم به الذي كشفته لى والدة الإله العذراء مر تمريم  شفاعتها تكون معنا آمين .

كان في يوم الأحد ، وقد رقد الإخوة الأساقفة في موضع على حدة ، أما أنا فطلعت إلى المقصورة التي أقامت بها العذراء الطاهرة مر تمريم جميع الأيام . ورفعت يدى وطلبت إلى الله وصليت وأنا أقول اسمع لي ياربي يسوع المسيح أنا عبدك الضعيف أنا أعلم أنك تسمع لي في كل حين ، أحب ياربي أن تعرفنى بمجيئك إلى مصر أنت ووالدتك العذراء الطاهرة ومقامك في هذه البرية . ولما اكملت الصلاة أشرق على نور عظيم في الموضع الذي أنا فيه وظهرت لى مركبة عظيمة كلها نور مضئ والملكة العذراء الطاهرة مر تمريم جالسة عليها ووجها يضيء مثل الشمس مشتملة بحلة مضيئة نورانية وميخائيل وغبريال صحبتها وجماعة من الملائكة . فلما نظرتهم وقعت على الأرض مغشيا على فأتى إلى ميخائيل وأقامني و نزع عنى الخوف حينئذ خاطبتنى ملكة النساء العذراء قائلة قم ولا تخف ، تشجع و تقوى ، لك السلام . قد طلع بخورك إلى منبر الآب والابن والروح القدس . لك السلام أيها المجاهد والمحارب عن الأمانة الأرثوذكسية . لك السلام أيها العمود القائم في وسط الكنيسة . إرفع إلى بصرك أنا والدة الإله الذي خلق السماء والأرض ، وحملته في بطنى  تسعة أشهر . أنا ابنة يواقيم وحنة من سبط يهوذا من أهل داود . جئت إليك بمسرة ابني الحبيب لأعرفك الذي طلبته .

كان لما ولدت ابني الحبيب يسوع المسيح ابن الله الحي أضاء نجمه في المشرق وغطى الكواكب وكنت في المنزل غريبة منزعجة من كل وجه وليس عندي من تخدمنی لأنى غريبة ولم أعرف شيئا هكذا ، ولم أجد ثوبا أستر به جسد ابنى الحبيب فنظرت حولى فوجدت خرقاً فسترت بها جسده الطاهر . وكان فوق رأسي مذود للدواب فوضعت فيه ابنى الحبيب وكان التاسع والعشرون من شهر كيهك . و نظرت حولى فوجدته ممتلئا من طقوس الملائكة ورؤساء الملائكة والشاروبيم والسارافيم يأتون إليه ساجدين وهو راقد في المذود يمجدونه بأصواتهم الحسنة قائلين هذا هو اليوم الذي باركه الرب وكانت تسجد له كل طغمة ، ويقولون مباركة أنت في النساء ومباركا هو ثمرة بطنك الذي خلص شعبه الذي فسد في الخطية . أيها الحذر الطاهر الحمامة الحسنة والدة ملك الحياة. وبعد ذلك جاء جبرائيل الملاك ابتهاج وخر له ساجدا وقال لي قد تم كل ما عرفتك به هذا هو ربي الذي بشرتك به ، إنه منك يأتى ويعطى الخلاص لشعبه . بعد ذلك أتى الرعاة وسجدوا لابني الحبيب وصرخوا قائلين أنت مخلص العالم كما عرفنا أنك أنت ابن الله بالحقيقة ، الطوبى لنا نحن الذين استحقينا النظر إلى مجد لاهوتك ، مثلما سمعنا كذلك رأينا ، والتفتوا إلى وقالوا طوباك أنت دون جميع نساء الأرض كلها ، طوبى للبطن الذي حملك والثديين اللذين أرضعاك لأنك ولدت لنا حياة العالم وعرفونا جميع ما رأوا وما سمعوا من الملائكة الصاعدين والنازلين يقولون المجد الله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة ، فلما سمعنا هذا تعجبنا وكل من سمع تعجب و بقيت أنا مفكرة في قلبي ماذا يكون بعد ذلك .

و بعد ثمانية أيام أتوا ليختنوا الطفل كسُنة اليهود ودعوا اسمه يسوع . و بعد ذلك أتى المجوس من المشرق يمشون ويطوفون كل مدينة حتى أتوا أورشليم قائلين أين هو المولود ملك اليهود لأننا نظرنا نجمه في المشرق وأتينا لنسجد له . ولما دخلوا إلى البيت ونظروا الطفل على يدى خروا له ساجدين والهدايا معهم ذهبا ولبانا ومرأ ، وفرحوا جدا لأجل الطفل وصرخوا قائلين مبارك أنت أيها الملك العظيم ، أنت الذي أتيت إلى العالم لتسحق رؤوس التنين الذي هو الشيطان ولم كمل أربعين يوما صعدنا به إلى الهيكل لنصنع عنه سنة الناموس مثلما يصنعون للابكار المولودين في بني إسرائيل وكان في ذلك الزمان كاهن اسمه سمعان ناولته ابني الحبيب فحمله على ذراعيه وبارك الله قائلا الآن ياسيد اطلق عبدك بسلام لأن عينى قد رأتا خلاصك ، نورا تجلى للشعوب ومجدا لشعبك إسرائيل . و تنيح الكاهن سمعان في ذلك اليوم وأكملنا كل شيء وعدنا إلى مدينتنا فرحين مسرورين ؟[4]

القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات: السر العجيب

وإن لم يؤمنون وقتذاك            فسوف يرونه

آتياً من السموات                  وجالساً كديان …..

السر العجيب :

كلمة الله ذاته – الأبدى الذى هو قبل كل الدهور ، وهوغير المنظور ، غير المفحوص وغير الجسدى ، البدء الذى من البدء، النور الذى من النور ، مصدر الحياة  والخلود ، صورة الجمال الأصلى الأول ، الختم الذى لايزول ، الصورة التي لا تتغير ، كلمة الآب وإعلانه ، هذا أتى إلى صورته ، وأخذ جسداً لأجل جسدنا ، ووحد ذاته بنفس عاقلة لأجل نفسى لكى يطهر الشبه بواسطة شبهه ، وصار إنساناً مثلنا في كل شيء ماعدا الخطية إذ ولد من العذراء التي طهرت أولاً نفساً وجسداً بالروح القدس ( لأنه  كان يجب أن تكرم ولادة البنين وأيضاً أن تنال العذراوية كرامة أعظم ) ، وهكذا حتى بعد أن أتخذ جسداً ظل إلهاً ، إذ هو شخص واحد من الاثنين ، ياله من اتحاد عجيب ، الكائن بذاته يأتي إلى الوجود غير المخلوق يخلق غير المحوى يحوى بواسطة نفس عاقلة تتوسط بين الألوهيه والجسد المادى . ذاك الذى يمنح الغنى يصير فقيراً فقد أخذ على نفسه فقر جسدى ، لكى آخذ غنى ألوهيته . ذاك الذى هو ملئ يخلى نفسه ، لأنه أخلى نفسه من مجده لفترة قصيرة ، ليكون لى نصيب في ملئه . أي صلاح هذا ؟! وأى سر يحيط بى ؟! إشتركت في الصورة ، ولم أصنها ، فاشترك في جسدى لكى يخلص الصورة ولكى يجعل الجسد عديم الموت . هو يدخل في شركة ثانية معى أعجب كثيراً من الأولى ، وبقدر ما أعطى حينئذ الطبيعة الأفضل ، فهو الآن يشترك في الأسوأ . هذا العمل الأخير ( التجسد ) يليق بالله أكثر من الأول ( الخلق ) ، وهو سامى جداً في نظر الفاهمين ….

أرجوكم إقبلوا حمله في داخلكم ( كما حملته العذراء في بطنها ) ، وإقفزوا فرحاً أمامه إن لم يكن مثل يوحنا المعمدان وهو في بطن أمه (لو ١ : ١) ، فعلى الأقل مثل داود أمام تابوت العهد (٢صم ٦ : ١٤) . وعليك أن تحترم الإكتتاب الذى بسببه كتبت أنت في السموات . واسجد للميلاد (لو ٢: ١ – ٥) الذى بواسطتة فككت من ولادتك الجسدية . واكرم بيت لحم الصغرى التي أرجعتك مرة أخرى إلى الفردوس . واسجد لطفل المزود الذى به تغذيت باللوغوس ( الكلمة ) بعدما كنت ضالاً أسرع مع النجم وقدم هدايا مع المجوس ذهباً ولباناً ومراً كما لملك وإله ولواحد قد مات لأجلك . مجده مع الرعاة ، وسبحه مع خورس الملائكة ، ورتل تسابيحك مع رؤساء الملائكة . فليكن هذا الإحتفال مشتركاً بين القوات السماوية والقوات الأرضيه . لأننى أؤمن أن الأجناد السماوية يشتركون في التمجيد معنا ، ويحتفلون بالعيد العظيم معنا اليوم ، لأنه يحبون البشر ويحبون الله ، كما كتب داود عن أمثال هؤلاء الذين صعدوا مع المسيح بعد آلامه لكى يستقبلوه وهم ينادون أحدهم الآخر ان يرفعوا الأبواب الدهريه (مز ٢٤ : ٧ – ٩) .

كن ملازماً للمسيح:

عندما يهرب إلى مصر اهرب أنت معه ، ورافقه  فرحاً في المنفى إنه عمل عظيم أن نشترك مع المسيح المضطهد . وإن أبطا كثيراً في مصر فادعوه من هناك بتقديم عبادة خاشعة له هناك . إتبع المسيح بلا لوم في كل مراحل حياته وكل صفاته . تطهر واختتن ، إنزع البرقع الذى كان يغطيك منذ ولادتك بعد ذلك علم في الهيكل واطرد التجار من هيكل الله اسمح لهم أن يرجموك لو لزم الأمر ، فإنى أعرف جيداً أنك سوف تفلت من بين هؤلاء الذين يرجموك مثل الله ( انظر يو ٨ : ٥٩) . لأن الكلمة لا يرجم . إن جاءوا بك إلى هيرودس لا تعطيه إجابة عن أغلب أسئلته ، فسوف يحترم صمتك أكثر من أحترامه لأحاديث الشعب الكثيرة. إذا جلدوك اطلب منهم أن بتمموا كل الجلدات . ذق المر وأشرب الخل ، وأطلب أن يبصقوا على وجهك ، أقبل منهم اللطمات والشتائم ، وتوج رأسك بإكليل الشوك ، أي بأشواك حياة التقوى . البس ثوب الأرجوان وأمسك القصبة في يديك ، واقبل السجود بسخرية من أولئك الذين يسخرون من الحق ، أخيراً فلتصلب مع المسيح واشترك في موته ودفنه بفرح لكى تقوم معه وتتمجد معه وتملك معه . أنظر إلى الله العظيم الذى يسجد له ويمجد في ثالوث ، ودعه ينظر إليك ، وليته يظهر الآن بوضوح أمامك ، بقدر ما تسمح قيود الجسد ، بيسوع المسيح ربنا الذى له المجد من الآن وإلى الأبد آمين[5] .

القديس مار أفرآم السرياني

إرتباط ميلاد المسيح له المجد بموته وقيامته في فكر القديس أفرآم السرياني

بإرادته وحده حمل صليبه ليحارب ضد الموت:

عظمتك يا رب مخبأه عن عيوننا البشرية الضعيفة، ولكن نعمك الكثيرة ظاهرة ومعلنه أمامنا نراها في كل حين.

فلنمجد أسمك القدوس يا رب لانك أغلقت الطريق إلي شجرة الحياة وأتيت الى العالم واخذت جسدًا يمكن أن يتألم لكى تفتح لنا الطريق إلي الفرودس.

وكما أخذت جسدًا في مولدك، خلعته في موتك . بإرادتك وحدك حملت صليبك وتقدمت لتحارب ضد الموت ولأن الموت لا يستطيع ان يلتهمك بدون الجسد، ولإن الجحيم لا يستطيع ان يبتلعك بدون الجسد، أتيت الي بطن العذراء ،

لكى تحصل علي ما يحملك الي الجحيم ودخلت الجحيم وافرغته من كثيرين كانوا فيه وأطلقتهم أحرارًا.

فرحت حواء بمولدك يا إلهي ، فرفعت عينيها من الجحيم لأن دواء الحياة نزل من السماء ، ليسحق رأس الحية التي آذتها. وفرحتك سارة لأنها سبق أن رأت مثالك في ابنها الحلو”اسحق”.

مبارك الراعي الذى صار ذبيحة لأجلنا. والكرمة الحقيقية الذى صار كأسًا لخلاصنا.

الذى لم يوبخنا علي زلاتنا وهو كلي الكمال . ولم يحتقر الأنسان الخاطئ لإنه عادل. لم تشعرنا بالحاجة الي تسابيحنا

بل ابعدت عنا اللعنة بإكليل الشوك، ودست الموت بموتك علي الصليب وشفيت جراحاتنا بدون ألم. ولم تتطلب منا اكثر مما نستطيع أو نتحمل.

فلنتهلل يا رب بميلادك ونسبح مع جند السماء قائلين “المجد لله في الاعالي وعلي الأرض السلام[6] “.

القديس يعقوب السروجي: تجسد الكلمة

في عهد ربنا كان قد أشرق نور عظيم، ليقتل الظلمة التي أعمت العالم في موضعها.

أشرق ضياء الآب شعاعه على السفليين، ليُضاء بإشراقه الدرب الكئيب للسائرين عليه.

نزل شمس البرّ، ومشى على الأرض، فانهزمت الظلال الكثيفة من بهائه (مل ٢ : ٤).

نشر أشعته على الجهات وأبهجها، فاستنارت المسكونة، التي كانت كئيبة قبل أن يشرق.

طرد الضلالة التي كانت منتشرة في جميع الشعوب، وأظهر للعالم سبيل الحياة ليسير عليها.

رش الشفاء على البشرية التي كانت مريضة، وانطفأت آلام المرضى العديدة.

صبّ شفاءه على المجروحين، وثبتهم، ونفخ في ضيقات الضعفاء وأطفأها.

وسكب موهبته ليثري العالم من معوناته، وفتح خزائنه، فنهب كل محتاجٍ واغتنى.

العميان يرون، والمشلولون يتعافون، والشياطين يُطردون، والمنحنون ينتصبون.

أعطى السمع للصم، والنور لمن هم بلا نور، وطهر البرص، وأعطى الغفران للخطاة.

نزل كالمطر على أرض اليهودية المريضة، ونبتوا من الأسرة كالجذور المريضة (هو ٦: ٣).

طرد الشياطين الذين تسلطوا على الإنسانية، وبروح فمه زجر الأذى من الكثيرين.

كان يشفي مجانًا، وهم ينكرون جميله ولا يغضب، ويضمد الجروح، ويشتمونه بأسئلتهم.

أبغضه الشعب بينما كان شفاؤه عزيزًا، وكان يلام بينما كانت معوناته عديدة.

الشعوب الغرل آمنوا به وبمعوناته، والشعب المختون تشكك من شفائه[7].

القديس إيرينيوس: التجسد

٣١- وهكذا وحد (اللوغوس المتجسد) الإنسان مع الله وصنع شركة بين . الله والإنسان. فلو لم يكن قد أتى إلينا لكان من غير الممكن أن نشترك في الفساد، لأنه لو كان عدم الفساد ظل غير منظور ومخفى عن أعيننا، لما كنا قد انتفعنا بأي شئ. لذلك فإن اللوغوس بواسطة تجسده جعل عدم الفساد منظورًا حتى يمكننا بكل الطرق أن نشترك فيه. ولأن الجميع اقتيدوا عدم وبسبب إلى الموت بسبب عصيان أبونا الأول، آدم، كان مناسبا وضروريا أن يبطل نير الموت بواسطة طاعة ذاك، الذي صار إنسانًا من أجلنا. أن الموت ساد على الجسد، كان من الضروري أن يهزم الموت بواسطة الجسد ويخلص الإنسان من سطوته. وهكذا صار الكلمة جسدا لكي بواسطة الجسد الذي استعبدته الخطية، يخلصنا (المسيح) من الخطية كي لا نعود تُستعبد من الخطية. لذلك أخذ ربنا جسدا شبيها بجسد أبينا الأول، لكي بجهاده عوضا عن أبوينا الأولين . ينتصر على ذاك الذي في آدم جرحنا جرحًا مميتا .

الميلاد العذراوى:

٣٢- لكن من أين يكون جسد أبينا الأول؟ ومن أين وجد؟ مـن إرادة وحكمـة الله ومن الأرض البكر (العذراء) “كل شجر البرية لم يكن بعد في الأرض وكل عشب البرية لـم ينبت بعد. .. لأن الرب الإلـه لـم يـكـن قـد أمـطـر علـى الأرض. ولا كـان إنسان ليعمل الأرض”. أخذ إذن الله طيناً مـن الأرض، التي كانت بعد عذراء، خلق الإنسان، كبداية للجنس البشرى. وهكذا إذ أراد الرب أن يعيد الإنسان، اتبع بتجسده هذا التدبير، بأن ولد من العذراء بإرادة وحكمـة الله، لكي يوضح أنـه أخـذ جسدا مشابها لجسد آدم، وليكـون هـوالإنسان، الذي كتب عنه في البداية بأنه خلق بحسب “صورة الله ومثاله”. ٣٣- وكما أنه بسبب عذراء عاصية (حواء) جرح الإنسان وسقط ومات، هكذا أيضا بسبب عذراء مطيعة لكلمة الله أعيد الإنسان ثانية إلى الحياة (الولادة الثانية). الإنسان كان هو الخروف الضال الذي جاء الرب ليبحث عنه على الأرض. لأجل هذا أخذ جسدا مشابها به البشر، من هذه (العذراء) التي من نسل داود. حقيقة، كان ضروريا أن يتجدد آدم في المسيح لكي يبتلع الموت من عدم الموت (الخلود)، وهكذا تصير العذراء (مريم) شفيعة لعذراء أخرى (حواء)) وتمحى عصيان العذراء الأولى بواسطة طاعتها العذراوية[8]“.

القديس كيرلس الأورشليمي: من هو مولود بيت لحم ؟

كأطفال في الطهارة ، وكتلاميذ في العفة ؛ هلموا نصعد تسبحتنا لله المولود من عذراء ؛ بشفاه مملوءة طهراً .

فإذ قد اعتبرنا أهلا لأن نشترك في الجسد الذي للحمل الروحي ، فلنأخذ الرأس مع أكارعه . والمقصود بالرأس : اللاهوت ، وبالأكارع : الناسوت . انصتوا ، يا سامعي الأناجيل المقدسة إلى يوحنا اللاهوتي . لأن الذي قال : « في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الله الكلمة ، استطرد فقال : ” والكلمة صار جسداً “.لأنه ليس من القداسة أن نعبد مجرد إنسان ، ولا من التدين أن نقول عنه أنه إله فقط بدون ناسوت . لأنه إن كان المسيح هو الله ـ وهو هكذا بالحقيقة ـ لكنه دون أن يأخذ الطبيعة البشرية ؛ فإننا بذلك نكون غرباء عن الخلاص . فلنعبده إذا كإله ، ثم فلنؤمن أنه قد تأنس . لأنه لا منفعة هناك في تسميته إنسانا بدون اللاهوت ، كما لا يوجد خلاص في رفضنا الاعتراف باتحاد الناسوت باللاهوت .

فلنعترف بحضور ذاك الذي هو ملك وطبيب . لأن يسوع الملك حينها أراد أن يصير طبيباً التزر بلباس البشرية وهكذا شفي من كان مريضاً . لقد صار المعلم الكامل للأطفال طفلا بينهم ليعطى حكمة للجهال . وخبز السماء نزل إلى الأرض ليشبع الجياع . أما أولاد اليهود فإذ احتقروا من جاءهم ، مترقبين الشرير المزمع أن يأتى ؛ رفضوا المسيا الحقيقي وانتظروا المخادع وهكذا صاروا مخدوعين وإذ قد وجد المخلص بالحقيقة قال : “أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونى . إن أتى آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه يو ٢٣:٥ “حسن هنا أن نضع سؤالا لليهود : و هل كان أشعياء النبى صادقا أم كاذباً عندما قال إن عمانوئيل سيولد من عذراء ؟ ” . فان اتهموه بالكذب فلا عجب ، لأن عادتهم لا أن يتهموا بالضلال فقط بل أيضا أن يرجموا الأنبياء… ولكن إن كان النبى صادقاً فأشيروا إذا إلى عمانوئيل وقولوا : « إن كان الآتى ـ الذي أنتم تنتظرونه – سيولد من عذراء أم لا ؟ لأنه إن كان لن يولد من عذراء فانكم تجعلون النبي كاذبا . وإن كنتم تتوقعون عن الآتى أن يكون هكذا ، فلماذا إذا ترفضون ما قد حدث بينكم ؟ ! .

دعوا اليهود يضلون إذا لأنهم أرادوا هذا ، وأما كنيسة الله فلتتمجد . لأننا نقبل الله الكلمة الذي صار إنسانا بالحقيقة ، ليس من مشيئة رجل وامرأة ، كما يقول الهراطقة ، بل من العذراء والروح القدس . صائراً إنساناً ليس بالظاهر بل بالحقيقة . أما في كونه إنسانا من العذراء بالحقيقة ، فانتظر الوقت الملائم الذي سأرشدك فيه ـ في هذه المحاضرة – حيث تعطى البراهين . فإن أخطاء الهراطقة كثيرة :

البعض يقول إنه لم يولد إطلاقاً من عذراء ، والبعض الآخر أنه ولد ليس من عذراء بل من زوجة تحيا مع زوجها . وآخرون ، أن المسيح ليس هو الله الذي صار إنسانا ، بل هو إنسان صار إلها ! .. لأنهم اجترأوا فقالوا أن الكلمة الأزلي ، ليس هو الذي صار إنساناً ، بل إن رجلا معينا قد منح الملك مقدماً . ولكن تذكروا وآمنوا أن ابن الله الوحيد قد ولد بذاته ثانية من عذراء . آمنوا بيوحنا الإنجيلي عندما يقول أن الكلمة صار جسداً وحل بيننا لأن الكلمة أزلي مولود من الأب قبل كل الدهور . وأما الجسد فقد أخذه منذ عهد قريب لأجلنا . كثيرون يناقشون هذا بقولهم : ماهو هذا السبب العظيم الذي من أجله نزل الله للبشرية ؟ وهل من طبيعة الله أن يتعامل مع البشر ؟ وهل يمكن لعذراء أن تحبل بدون رجل ؟ فيما أنه هناك مناقشات كثيرة ، كما أنه توجد أشكال مختلفة للمجادلة ؛ تعالوا بنا لنحل كل مشكلة على حدة بنعمة المسيح وبصلوات الحاضرين .

*السؤال الأول : لماذا نزل الله للبشرية ؟

فلنبحث أولا في سبب نزول يسوع إلى العالم . ولا تنشغل بمحاوراتي لأنك ربما تضل ولكن إن لم تجد شهادة من الأنبياء لكل موضوع أقوله ، فلا تؤمن به . فإن لم تتعلم من الكتب المقدسة عن العذراء ، وعن مكان التجسد وزمانه وطريقته ، فلا تقبل الشهادة من إنسان . لأنه قد يشك في من يعلم الآن . ولكن من من العقلاء يشك في من تنبأ منذ أكثر من ألف سنة ؟ ! فان كنت تسأل عن سبب مجيء المسيح ، فارجع إلى السفر الأول من الكتاب المقدس. فقد صنع الله العالم في ستة أيام . لكن العالم قد صنع لأجل الإنسان . فمع أن الشمس كانت متألقة ببهاء أشعتها المنيرة ، إلا أنها صنعت لتعطى الإنسان نورا . نعم ، فقد صنعت كل المخلوقات الحية لتخدمنا . فالأشجار والأعشاب خلقت لبهجتنا . كانت كل أعمال الخليقة حسنة ، ولكن واحده منها لم تدع صورة الله سوى الإنسان وحده . كونت الشمس بأمره ، لكن الإنسان كون بيدي الله ” نعمل الإنسان على صور تنا كشبهنا ” . إن الصورة الخشبية التي للملك الأرضى ، تنال كرامة . فكم بالحرى الصورة الناطقة التي الله ؟ ! ولكن ، وعندما كان الإنسان ـ أعظم أعمال الخليقة ـ يتمتع في الفردوس ، طرحه حسد إبليس خارجا . وفرح العدو بسقوط من كان يحسده . فهل كنت تريد أن يبقى العدو مستمراً في فرحه ؟ . لأنه إذ لم يجرؤ على الاقتراب من الرجل لقوته ، اقترب من المرأة الضعيفة التي كانت عذراء ، لأن آدم عرف إمرأته حواء بعد طرده من الفردوس . ثم جاء بعد ذلك ـ في الجيل الثاني للبشرية ـ قايين وهابيل . وكان قايين أول قاتل . ثم انسكب الطوفان بسبب عظم شر الناس . ونزلت نار من السماء على أهل سدوم بسبب ذنوبهم . وبعد ذلك بقليل اختار الله شعب اسرائيل ، ولكن اسرائيل أيضاً إنحرف وجرح الجنس المختار . إذ بينما كان موسى واقفاً أمام الله على الجبل ، كان الشعب يعبد عجلا بدلا من الله . وفى أيام موسى معطى الشريعة التي قالت : “لا تزن ” تجرأ واحد على الدخول إلى بيت الدعارة وأخطأ . و بعد ذلك أرسل الله أنبياء بعد موسى ليبرئوا اسرائيل لكنهم وهم يؤدون وظيفتهم ناحوا لأنهم لم يستطيعوا أن ينتصروا على الداء . حتى أن أحدهم قال : ” قد باد التقى من الأرض ، وليس مستقيم بين الناس ” .. ثم أيضا : “الكل قد زاغوا معاً ، فسدوا . ليس من يعمل صلاحاً ، ليس ولا واحد “. . وأيضا : “لعن وكذب و قتل وسرقة وفسق يعتنقون ، ودماء تلحق دماء”. “وذبحوا بنيهم وبناتهم للأوثان ” . “ويتمددون على ثياب مرهونة بجانب كل مذبح ويشربون خمر المغرمين في بيت آلهتهم ” . عظيم جداً كان جرح طبيعة الإنسان . من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة ولم يستخدم أحد طيبا طريا ، ولا زيتا ولا عصائب ناح الأنبياء واحتاروا في نفوسهم وقالوا : “ليت من صهيون خلاص إسرائيل ” وأيضا ” لتكن يدك على رجل يمينك وعلى ابن آدم الذي اخترته لنفسك . فلا نرتد عنك أحينا فندعو لاسمك ” . وقال آخر من الأنبياء مترجيا الله : ” يارب طأطي. سمواتك وأنزل المس الجبال فتدخن ” لقد تعذر شفاء جراح طبيعة الإنسان . و لقد قتلوا أنبياءك و نقضوا مذابحك ولا يمكن مقاومة الشر بواسطتنا إنه يحتاج إليك ! ! وسمع الرب صلاة الأنبياء ، لم يرذل الآب هلاك جنسنا ، فأرسل إبنه الرب من السماء شافيا، فقال أحد الأنبياء :”يأتي بغتة إلى هيكله : السيد الذي تطلبونه ” ..أين ؟ ! سيأتي الرب “إلى هيكله “، حيث رجمتموه . وأيضا قال آخر من الأنبياء عندما سمع ذلك : هل حينما تتكلم عن خلاص الله ، تتكلم في هدوء ؟ وهل عندما تكرز ببشارة مجىء الله للخلاص ينطق بكلماتك في الخفاء ؟ ! … “على جبل عال ، أصعدي يا مبشرة صهيون ، ارفعي صوتك بقوة يا مبشرة أورشليم ، ارفعي لا تخافي ، قولى لمدن يهوذا”

ــ وماذا أقول ؟ ! “قولى لمدن يهوذا : هو ذا إلهك . هو ذا السيد الرب بقوة يأتى ” وأيضاً ، قال الرب بنفسه : “ها أنذا آتي وأسكن في وسطك ، يقول الرب ، فتتصل أمم كثيرة بالرب في ذلك اليوم”. لقد رفض الإسرائيليون الخلاص الذي هو بي : إنى أتى “لجمع كل الأمم والألسنة” لانه “جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبل”. إنك ستأتى ، وماذا ستعطى للأمم ؟ . ” وأجعل فيهم آية ” . سأعطى ختماً لكل من جنودي ليحمله على جبينه . و قال آخر من الأنبياء : “طأطأ السموات ونزل ، وضباب تحت رجليه ” ( مز ١٨: ٩) لان مجيئه من السماء لم يكن معروفاً من الناس. ثم بعد ذلك ، بني سليمان بيتاً عجيباً ؛ عندما سمع أباه داود يتكلم بهذه الأمور . وإذ قد سبق فرأى ذلك الذي كان مزمعاً أن يأتى ، قال في دهشة : “هل يسكن الله حقاً على الأرض ؟! . ـ نعم . يقول داود سلفاً في المزمور المنسوب لسليمان إنه سينزل” مثل المطر على الجزاز”(مز ٧٢ : ٦) . إنه مدعو مطراً نسبة إلى طبيعته السماوية ، وعلى جزاز نسبة إلى ناسوته . لأن المطر حينما ينزل على الجزة ، ينزل في صمت . وهكذا فإن المجوس لم يعرفوا سر الميلاد وسألوا : “أين هو المولود ملك اليهود ؟ “. وإذ اضطرب هيرودس سأل عن المولود قائلا : أين يولد المسيح ؟[9] !

القديس القس بولس البوشي

ميمر الميلاد المجيد

للأب المكرم القس بولس البوشي

صلاته وبركاته تشملنا إلي النفس الأخير ، آمين

المجد لك أيها المولود من الآب قبل الدهور ، الذي ولد اليوم جسدانياً من البتول للخلاص، المجد لك يا شمس البر ، الذي أشرق علينا اليوم بشعاع لاهوته ، وأضاء المسكونة ،المجد لك أيها المسيح الملك مالك السموات والأرض ، الذي أخذ صورة العبد لكي يعطيعبيده الحرية التي تليق به ، المجد لك أيها الخالق السماوي الذي افتقد خليقتهالترابيين وتعاهدهم بالصلاح لكي يصيروا واحداً مع السمائيين ، المجد للذي أضاءشعاع لاهوته ، بالمولد البتولي في أقاصي الأرض حتي أتوا إليه ساجدين ، المجد للذيفحصوا لأجل مولده في الناموس والأنبياء وأقروا له عابدين ، المجد للذي سبح لمولدهالسماويون وسجد له الأرضيون .

أنا أسأل صلاحك يا من رفع عنا العار والخزي بمولده من البتول ، أطلب إلي محبتك يامن تواضع وصار معنا علي الأرض ، وهو في السماء لم يزل !! أصرخ إليك يا منصار إنساناً ولَم يترك عنه شرف لاهوته الكائن له قبل الدهور ، أشرق شعاع لاهوتكفي مخادع نفسي يا شمس البر لأتكلم بمولدك العجيب ، أرشدني يا نور الحق الذيأرشد المجوس لمعرفته ، لأخبّر بتواضعك واتيانك إلينا ، هب لي فصاحة القول يا منوهب الخلاص للعالم مجاناً ، وبتواضعه صار معهم علي الأرض كالأنسان ، وهوبلاهوته حال في كل مكان ، لكيما أفتح فمي وأكرز بمجيئك الذي صار بكل اعلان لك .

أيها المسيح الذي ولد اليوم من البتول بالجسد ، أسبح لك مع الملائكة وإليك أسرع معالرعاة ، ولك أسجد مع المجوس ، ومن أجلك أفحص مع كتبة الناموس ، ولإتيانك الكريمأترنم مع الأنبياء وأحضر شهاداتهم ، وأبشر بك مع الانجيليين وأقدم في الوسطمقالاتهم ، باسمك القدوس أفتح فمي ، وبذكرك المجيد تتهلل شفتاي ، وأصرخ بصوتأفضل من القرن ، وأفرح وأسر في هذا العيد المجيد .

 

اليوم أذكر ما نطق به الأنبياء وكرز به المرسلون ، هلم في وسطنا اليوم يا يعقوبإسرائيل ، أبو الأسباط ورئيس القبائل ، واخبرنا بكرامة مجيء المسيح الحق إلينا ،” لايزول رئيس اليهود من يهوذا ولا مشترع من بين رجليه حتي يأتي الذي له الكل ، وعليهتتوكل الشعوب ، وإياه ترجو الأمم ” . بحق إن النبوة واضحة جداً ولا حاجة معها إلينبوة أخري ، وذلك أن الملك كان في بني إسرائيل من قبيلة يهوذا حتي مجيء المسيح ،فلما كان مولد المسيح الرب ملكت عليهم الأمم ، وكتبوا أسماءهم في الجزية ، كما شهدبذلك الانجيلي المغبوط لوقا قائلا ” وفي تلك الأيام ، أعني مولد الرب بالجسد قال : خرج أمر من أوغسطس قيصر بأنه يكتتب جميع المسكونة ” وبين لنا أن الزمان الذيقد مضي لم يكن كذلك ، وقال : وهذا الاكتتاب الأول جري إذ كان كيرينيوس والياً عليالشام ، أعني أن هذا كان أول اكتتاب لليهود لتؤخذ منهم الجزية ، فكان الأمر منقيصر ملك الروم برومية ليعلمنا أن الروم قد ملكوا عليهم ، والمتولي من قبله كيرينيوسمستتب علي الشام لكتابة الأسماء وأخذ الجزية ، لأن هيرودس الكبير أبو أرشلاوس ،كان في ذلك الزمان الي الخراج .

وبهذا تم أنه عند مولد المسيح إنتزع منهم الملك والرئاسة معا ، وأصبحوا تحت يد ملوكالأمم ، لأن الله علم بغلاظة قلوبهم ، وكذلك أنهي مجيء الأنبياء لأن الناموس والأنبياءإلي يوحنا كما قال الرب ، ومنه يبشر بملكوت الله الذي هو مجيء الرب الكريم إلينا ،حتي أن اليهود إلي اليوم ، لا يقدرون أن يزيدوا علي هؤلاء الأنبياء المعروفين الذينكانوا قبل تجسد المسيح ، وهم أربعة وعشرون نبياً وقد صح بهذه العلامة أن المسيح قدجاء . لأنه نزع منهم الملك والرياسة وأبطل مجيء الأنبياء .

ونزع من أيديهم البيت أيضاً الذي كانوا يخدمون فيه حسب الناموس العتيق ، القائمعلي ضحايا الحيوان ودم الجداء وتطهير الزوفا ، فأكمل ذلك بجسده ودمه وتطهيرالمعمودية ، فمن أطاع منهم الإيمان قبله ، والذين لم يطيعوا بددهم في آفاق الأرضتحت يد ملوك الأمم يسودونهم بغير تعاهد .

اليوم يا أحبائي كملت نبوات الأنبياء في مولد الرب من البتول مريم .

إشعياء يعلن ذلك قائلا : هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعي اسمه عمانوئيل الذيتفسيره الله معنا . حزقيال النبي يعلمنا بسر عجيب قائلا : إني رأيت في المشارق بابامغلقاً مختوما بخاتم عجيب لم يدخله أحد غير رب القوات فإنه دخل وخرج ولم يفتحالباب ولا تغير الخاتم . وهذا سر نبوّته علي الميلاد البتولي من الطاهرة مريم من غيرزرع بشر . يخبرنا بأن المولود منها هو رب القوات ، ولهذا حفظ بتوليتها في تجسدهوفي ولادته منها . وبعد ولادته أيضاً ، لأن له الإستطاعة في كل شيء .

إشعياء يقول ” ولد لنا ابن وأعطي لنا غلام الذي سلطانه علي منكبيه وهو الإله القوي السلطان ، ملاك المشورة العظمي يدعي ” . فحقق لنا النبي ميلاده بالجسد ، ثم بينلنا أنه الإله القوي السلطان في القدم والأزلية .

إرميا يخبرنا بأن الإله سوف يكون مع الناس علي الأرض ، بالتجسد العجيب قائلا : إن الله سوف ينزل علي الأرض ويمشي بين الناس .

وحزقيال يعلمنا بمثل ذلك قائلا : سيعلمون أني أنا الرب إلههم إذا ظهرت بين الناسوكلمتهم بإعلان .

وعلي مثل هذا أيضاً ، تنبأ داود قائلا : الاله يظهر في صهيون أعني أن أولئك إنماسموا آلهة لأن كلمة الله صارت إليهم . فأما هذا الذي يظهر بصهيون فهو إله الآلهةبحق ورب الأرباب . وكل الكافة بشرت اللاهوت وليس بالإسم المستعار .

ومثل هذا قاله إشعياء النبي ” تظهر كلمة الله في أورشليم ومن صهيون تخرجالشريعة ” وداود يعلمنا أن المولود من الآب قبل كل الدهور هو المولود من البتولبالجسد قائلا الرب قال لي” أنت ابني أنا اليوم ولدتك ، وقال : يأتي الله جهراً وإلهنا لايصمت ، وقال الرب أرسل لك عكاز قوة من صهيون وتملك في وسط أعدائك ، وقال : صهيون الأم تقول إن إنساناً حل فيها وهو العلي الذي أسسها .

وعزيا النبي قال : يأتي الرب حقا ، ويظهر علي الأرض .

وناحوم النبي قال : هوذا أنا آتي وأسكن فيك قال الرب ضابط الكل .

وصفنيا النبي قال : تعزي يا صهيون ولا تسترخ يداك ، فإن الرب إلهنا قوي يأتيويحل فيك وينجيك .

وزكريا النبي قال : يا إبنة صهيون هوذا أنا أجيء وأسكن فيك قال الرب .

وملاخي النبي قال : هوذا الرب يأتي ويشرق لأتقيائه وشمس البر اسمه .

بحق يا أحبائي إن شمس البر قد أشرق لنا اليوم بالميلاد من البتول ، المولود من الآبقبل كل الدهور ميلاداً أزلياً بلا ابتداء لا يدرك ولا يحد له زمان . ولد اليوم للخلاص الذيلا يحوي ولا تدركه العقول استعلن اليوم متجسداً ، المرهوب من القوات العقلية ، ويعلوكل رياسة وسلطان ويفوق شرف لاهوته كل البرايا ، شاء أن يتنازل ويخالف طبيعتناالمسكينة الذي هو جالس علي كرسي مجده ، فوق أعلي السموات ظهر بين البشر ولميترك علو شرفه ، بل هو يملأ الكل ببساطة لاهوته غير المحتوي عليه .

عظيمة جداً هي كرامة هذا العيد المجيد ، اليوم أيها الأحباء يجب علينا كلنا إكرامهوتشريفه ، ونبتهج فيه ونُسر لأنه إن كان رؤساء هذا العالم وملوك الأرض الذين يموتونوتزول رئاستهم نجدهم يكرمون تذكار مولدهم ويذكرونه بينهم مع خواصهم في كل عامكما كتب ” لما وافي مولد هيرودس الملك صنع وليمة لعظمائه ولمقومي الجليل ورؤساءملكه ، فبالأحرى يحق علينا من الفرح والمسرة ، أن نعيد بكل اهتمام حسن في يومتذكار مولد ملك الملوك ، ورب الأرباب ، وسيد الرياسات الذي يسود بجبروته كل البريةولا سيما أن تجسده ومولده لم يكن من أجله ، بل من أجلنا نحن ، ومن أجل خلاصنا ،نزل من السماء وتجسد من مريم العذراء ، وولد جسدانياً لكي يولدنا نحن روحانيين ،تواضع لكي يرفعنا ، اتحد بطبيعتنا الحقيرة لكي يعطينا نحن موهبة الروح القدس ،وليس هذا المجلس الجليل اليوم خلواً من خواصه ورؤساء مملكته الأبدية !! بل همحاضرون ومعنا متكلمون وبيننا ناطقون !! لكي يفرحوا بأقوالهم التي أعطاهم إياهاالروح ، ومن هم أولئك ؟ هم أنبياؤه الأطهار ، ورسله الأفاضل ، وخواصه الأبرار ،المطلعون علي سره ، الذين منحهم موهبة روح قدسه ، أما الأنبياء فقد تقدمت دعوتهم ،أولئك الذين أنبأوا بالروح الي مجيئه الكريم ، وهوذا ابتدأ بدعوة الرسل الموالي السادةرؤساء وأئمة كل المسكونة ، أنهار ماء الحياة كما تنبأ حزقيال النبي قائلا : الجميلونفي انذارهم . وكما تنبأ ناحوم النبي قائلا : ما أجمل أقدام المبشرين بالخيرات الذينخرجت أصواتهم في كل الأرض وبلغ كلامهم أقطار المسكونة .

هلموا الآن أيها الإنجيليون المبشرون بالحياة ، لكيما نأخذ منكم سياقة القول لأنكممعاينون الإله الكلمة وخدمه وخواصه ، وبكم تستنير العقول .

متي الرسول الإنجيلي يشرح لنا قائلا : لما ولد يسوع في بيت لحم يهوذا أراد بذكر بيتلحم ليبين أن كتب الأنبياء ذكرت أنه في بيت لحم يولد ، لأنه خاصة دون الانجيليين كتبانجيله عبرانياً ، وكذلك ذكر النسبة ، وبدأ بها من ابراهيم لأن اليه خاصة تنتهي النسبةفي تناسل العبرانيين لا غير .

أما لوقا لما كتب انجيله يونانياً لم ير أن يحزن الأمم الذين آمنوا بالمسيح بأن المسيحليس منهم حسب الجسد ، ولذلك ابتدأ من أسفل وهو صاعد فلما بلغ إلي ابراهيم ، لميقتصر علي ذلك ، بل أوصل النسبة إلي نوح لأنه جاء أباً لكل القبائل والألسن ، ثم زادذلك فلسفة بتأييد الروح فانتهي إلي آدم ، لكي يشرح لهم نسبة التوراة بتلخيص ،ويفرحنا نحن كافة المؤمنين أن المسيح تجسد من نسل أدم أبينا كلنا وسمي آدم الثاني، ليكون أباً ورئيساً لكل الأحياء ، كما يلائم لاهوته ومقدم كل الخيرات والسابق فيالبعث من بين الأموات .

ومتي لما كتب انجيله عبرانياً ببيت المقدس شرح الأمور لليهود الذين آمنوا بما فيالناموس ، ثم ذكر في النسبة امرأتين من الأمم ، وهما ثامار وراحاب ، ليبين لهم أنهماشتركوا مع الأمم في التناسل وأن جنسهم منهم ، فلا يأنفوا أن يشاركوهم في الإيمان، ويخالطوهم لا سيما أن المعمودية قد طهرت الجميع ، ثم بدأ يتكلم علي شيء فشيء ،ويأخذ عليه الشهادة من الأنبياء فقال ” لما ولد يسوع المسيح في بيت لحم يهوذا فيأيام هيرودس الملك ، أراد بذكر هيرودس لما حدث له مع المجوس وبحثه عن المولود وقتلهالأطفال . قال ” إذا مجوس أتوا من المشرق إلي أورشليم قائلين أين هو المولود ملكاليهود لأننا رأينا نجمه في المشرق ووافينا لنسجد له ” .

يا لهذا السر العجيب ، والسياسة الإلهية ، وكيف دبر الله الأشياء بلطف ، واجتذب اليههؤلاء المجوس من الجانب الذي هم متمسكون به ، فلهذا اجتذب اليه هؤلاء المجوس منصنعتهم التي فيها تربوا ، وهم بها مغتبطون ، وذلك أنهم كانوا من بلاد فارس منجنس بلعام العراف ، وكان عندهم كتب تعليم منه ، وكانوا يرون مع هذا علم تسييرالكواكب ، إلا أنهم قرأوا وفهموا عن المسيح الملك الحقيقي ، ولم تكن قلوبهم مائلة لغوايةعبادة الأوثان ، ولما علم الله صحة يقينهم ، وأنهم يذعنون للحق أظهر لهم قوة سمائيةشبه نجم !! ولم يتقدم مثله شيء في كافة الكواكب وهذا يدل علي أن الذي يولد فيذلك الحين يسود كل الممالك جميعاً والرئاسات ، ولا يكون لملكه انقضاء ، والدليل عليأنه قوة من الله ولم يكن ضمن الكواكب الظاهرة ، أن أفعاله كانت تختلف عن سائرالنجوم . أول ذلك أنه كان يظهر لهم نهاراً ويختفي ليلاً ، وهذا يدل علي أن المولود هونهار وشمس البر ، ثم كان يسير من الشمال إلي اليمين منحرفاً قليلاً إلي الغرب ،سائراً من بلاد فارس إلي بيت المقدس ، وهذا يدل علي أن كماله يكون بأورشليم ، وكانيسير بسيرهم ، ويقف لوقوفهم ، وهذا يدل علي أن الرب يلاطف البشرية ، ويكملالأشياء الجسدية وكان سيره عجيباً منخفضاً بالقرب منهم ، وهذا يدل علي اتضاعالرب المولود بالجسد وكونه قد صار معنا علي الأرض وهو يعلو الكل بلاهوته .

وكان قربه منهم لكي يتقدمهم كمثل مرشد لهم إلي الموضع الذي يقصدونه مستقيمينبلا إعوجاج ، ليدل علي أن المولود هو الذي يتقدم أمامنا في كل الخيرات ومرشد لناإلي أورشليم العليا – ملكوت السموات – كما قال أنا هو الطريق والحق والحياة .

ومع هذا كله لم يقدر ضوء الشمس أن يخفيه ، ليدل علي أن المولود يعلو ويفوق كل بهاءوحسن ، ويفضل علي كل اسم مما يري ومما لا يري ، وكما تنبأ عنه داود قائلا : إنهبهي في الحسن أكثر من بني البشر ، أعني وإن كان يظهر بالجسد ووجد بالشكلكالانسان فهو يفوق الكل ببهاء لاهوته .

ولما أوصلهم النجم إلي أورشليم اختفي عنهم بالتدبير ، لكي يبشروا بميلاد المسيحالرب لأولئك الذين كانوا ينتظرونه – أعني بني إسرائيل الجسداني- ليدل علي أنالشعوب تفوقهم في الإيمان وتفضل عليهم ، وأن المجوس لكثرة اجتهادهم ومحبتهملنظر المسيح المولود ، لما اختفي عنهم النجم لم يصبروا ، بل سألوا كمثل رسل مبشرينقائلين أين هو المولود ملك اليهود ، وذلك لأنهم حققوا أمره جيداً، ولهذا تحملوا السفرالطويل والعناء الكبير ، ولم ذلك ؟ قالوا لأننا رأينا نجمه في المشرق ،ولم يقولوا أتينالنظره ، بل قالوا أتينا لنسجد له ، أعني أن النجم ظهر لهم أولا من مشرق السماءوأقبل نحوهم لأنهم كانوا بأرض فارس كما تقدم القول ناحية الشمال منحرفاً إلي ناحيةالمشرق ، يدل علي أن المولود من السماء أشرق علينا . وردنا من الشمال إلي اليمين ،ثم أقروا أنهم أقبلوا إليه ساجدين ، ليدل الي معرفتهم به باليقين .

قال الكتاب المقدس ، فلما سمع هيرودس اضطرب ، وذلك لقلة فهمه ظن أنه ملك أرضي، ينزع منه الملك ويبيده هو وجنسه بأسره ، ولم يفهم أنه الملك الأبدي الرب من السماء.القائل لم آت لأهلك نفوس الناس بل أحييهم ، وقال أيضاً نفسي أعطي دون خرافي ،وكذلك أورشليم اضطربت بأسرها لما سمعوا أن المسيح المنتظر قد ولد ، وأن الفرسأقبلوا إليه ساجدين ، ثم أن هيرودس جمع رؤساء الكهنة كتبة الناموس الذين درسواالكتب جيداً ، واستخبر منهم أين يولد المسيح .

يا لهذا التدبير الإلهي !… كما اجتذب إليه المجوس من الأشياء التي بيدهم كذلك أرادأن يجتذب بني إسرائيل أيضاً بواسطة الذي بيدهم ، وهي كتب الناموس والأنبياء ،الذين هم بها مؤمنون ، كما قال لهم الرب : فتشوا الكُتُب التي تظنون أن لكم بها حياةأبدية فهي تشهد لي . وبهذا أخفي النجم عن المجوس حتي يذيعوا ذلك ، فلما فحصرؤساء الكهنة جيداً ، أقروا بالحق ليكون ذلك شهادة عليهم قائلين : في بيت لحم يهوذايولد المسيح ، كما هو مكتوب في ميخا النبي : وأنت يا بيت لحم يهوذا لست بصغيرةفي ملوك يهوذا لأن منك يخرج المدبر الذي يرعي شعبي إسرائيل .

انظروا إلي إيضاح هذه النبوة ، وكيف عظم بيت لحم مع صغرها . ولم ذلك ؟ قال لأنمنها يخرج المدبر راعي إسرائيل . هذا الذي صرخ إليه داود النبي قائلا : “يا راعيإسرائيل ، الذي هدي يوسف كالخروف أنظر الجالس علي الكاروبيم . استعلن قدامإفرايم وبنيامين ومنسي ، أظهر قوتك وتعال لخلاصنا ” . وهذا الفحص قد كان عنداليهود متواصلا بمثابرة كما شهد بذلك يوحنا الإنجيلي قائلا إن قوماً منهم قالوا هذاهو المسيح وآخرون قالوا لعل المسيح من الجليل يأتي . ألم يقل الكتاب إن من نسلداود من بيت لحم ” خاصة ” قرية داود يأتي المسيح .

حينئذ هيرودس لأجل خبثه دعا المجوس سراً وتحقق منهم الزمان الذي ظهر لهم فيهالنجم – وذلك مكر منه – ثم أرسلهم إلي بيت لحم كما شهد بذلك كتبة الناموس وأحبارالشعب . قال لهم امضوا وافصحوا عن الصبي بإجتهاد فإذا وجدتموه فاخبروني لآتيأنا أيضاً وأسجد له . أراهم في الظاهر أنه كان موافقاً لهم في كل شيء . أما فيالباطن فكان – شراً منه وخبثاً – يروم قتله . وظن أن ذلك يتم له جهلا منه ، فأما المجوسلما سمعوا بأن كتب الأنبياء شهدت بأن المسيح يولد في بيت لحم ، صدقوا ذلك بعظمإيمان ، ومضوا قاصدين الموضع ولأن الله أراد أن يثبت لهم ذلك يقيناً بالعيان ليعظمإيمانهم أظهر لهم النجم علي هيئته الأولي ! كما شهد الكتاب المقدس قائلا ولما ذهبواوإذا النجم الذي رأوه في المشرق يتقدمهم حتي جاء ووقف حيث كان الصبي !

أنظر الآن ، إن هذا النجم قوة من الله أظهرها لهم ، وكيف هو يسير أمامهم قريباً منهممرشداً لهم حتي جاء ووقف فوق البيت الذي كان المولود نازلا فيه .

ولما رأوا النجم فرحوا فرحاً عظيماً جداً لثبات يقينهم ، وزوال الشك منهم ، فلم يحيدوايمنة ولا يسرة ، بل دخلوا البيت الذي كان الصبي فيه ، ولم يستقصوا من أحد ، فلمارأوه مع مريم أمه خروا وسجدوا له من غير شك فيه ، لم يروا حوله حشوداً ولا جيوشاًلذلك الملك العظيم ، الذي تعبوا من أجله وقطعوا هذه المسافة البعيدة ، ولم يشاهدوازخارف كما يوجد عند رؤساء العالم ، بل خروا له ساجدين إذ ثبت عندهم بصحة اليقينأنه المسيح بالحقيقة مخلص العالم بعدة دلائل …

أولها بما عندهم من علم النجوم

والثانية بالكواكب الذي كان يسير أمامهم ووقوفه علي المكان الذي هو فيه

والثالثة بشهادة الأنبياء كما أخبرهم كتبة الناموس

ثم قدموا إليه الهدايا ذهباً ولباناً ومراً ، لأنهم اختصروا علي هذه الثلاثة الأصناف .

لم يقل الكتاب المقدس إنهم قدموا ثياباً فاخرة ولا شيئاً من كل ما يهدي للملوك وإنكانوا قادرين علي كل ذلك ، بل أضمروا قائلين :

إن قبل الذهب فهو الملك

وإن قبل اللبان فهو إله

وإن قبل المر فهو علامة أنه قابل الموت من حيث لا يقهره الموت لأنهم رأوا أن ملكه لاينقضي كما قال اليهود للرَّب ، إنا سمعنا في الناموس أن المسيح يدوم إلي الأبد .

فقبل منهم الرب الثلاثة الأصناف جميعا .

فآمنوا أنه المسيح الملك ، وآمنوا أنه الإله مخلص العالم ، وآمنوا أنه يقبل الموت من حيثلا يقهره ، ولا تقوي عليه شوكة الموت بل هو غالب لم يزل .

وأن ملاك الرب ظهر للمجوس ليلا وأوصاهم أن لا يرجعوا إلي هيرودس وأشار إليهمبالذهاب في طريق أخري إلي كورتهم لأن الرب إنما أرشدهم إلي أورشليم ، ليكونوامبشرين بمولده الكريم ، فلما أكملوا ذلك أمرهم أن يذهبوا بسلام في سكون ويكونونله أيضاً مبشرين في أرضهم .

 

أما لوقا الانجيلي فإنه ذكر يوم مولد الرب نفسه وكيف ولد في مغارة ووضع في مذودالبهائم ، ليرد عقلنا البهيمي إلي معرفة لاهوته الأزلي ، ثم ذكر كيف ظهر ملاك الربللرعاة ليلا وبشرهم قائلا : هوذا أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لكم ولجميع الشعوب ،لأنه قد ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب .

فشهد أن هذا الفرح عام لكل الشعوب ، ولم ذلك ؟ لأن المخلص صار اليوم مع البشرعلي الأرض ، لكي ينقل رتبهم إلي ملكوت السموات . وللوقت بغتة تراءي مع الملاكأجناد كثيرون سماويون يمجدون الله ويقولون ” المجد لله في العلا وعلي الأرضالسلام وفي الناس المسرة ” فمجدوا ملكهم السماوي لأنه حيث يكون خدامه العلويونوأوضحوا بهذا التقديس تمجيداً واحداً مساوياً للثالوث الأقدس الواحد في اللاهوت .

إذ أوصلوا المجد للآب الكائن في العلا .

والابن ملك السلام الذي صار علي الأرض ، بالمولد من البتول وهو في السماء بلاهوتهلم يزل . ومسرة موهبة الروح القدس الذي هو مزمع أن يحل في المؤمنين بالمولد الثاني . فأسرع الرعاة وشاهدوا راعي الرعاة الأعظم لرعيته كما قيل لهم ، كما قد أسرع الملوكأيضاً وسجدوا للملك السماوي الأبدي .

أمًا يوحنا الانجيلي فإنه أخبر بأنواع الاتحاد العجيب قائلا ” الكلمة صار جسداً وحلفينا ” أعني أنه لم يصر جسداً من حيث الاستحالة بل من حيث الاتحاد بقوله وحلفينا . ثبت بهذا تجسده أنه منا تجسد ثم قال : ورأينا مجده مجداً مثل الابن الوحيدالذي من الآب الممتليء نعمة وحقا ، أعني وإن كان قد ولد بالجسد وحل في بشريتنا ،فلم يترك عنه مجد لاهوته ، بل قد عاينا مجده المملوء من نعمة لاهوته وحق ربوبيته ، كماقد عايناه متجسداً أيضاً ، هذا الذي سُر أن يستعلن ويكلمنا شفاها .

أما بولس الرسول فإنه أوضح المعني قائلا ” بأشباه كثيرة وأنواع شتي ، كلم الله أباءناعلي ألسنة أنبيائه في قديم الدهر ، ولما أتت هذه الأيام الأخيرة كلمنا بإبنه ” .

أعني أن أولئك كلمهم بمثال شبه ما هو مزمع أن يكون ، وها هنا الحق نفسه استعلن ،وإذا سمعت الأيام الأخيرة لا تظن فروغ العالم وكمال الأزمان ، بل إنما أعني آخر أيامالعتيقة لأن غايتها المسيح وهو كمالها ، ثم بدأ بناموس جديد لا يكون له انقضاء كمايلائم واضعه القائم به .

ثم أن الرسول يبين أنه ابن خاص مولود من الآب أزلي ليس له ابتداء ، مساوي الآبفي الجوهر ، فقال : الذي جعله وارثا لكل شيء وبه خلق العالمين وهو ضياء مجدهوصورته الأزلية وممسك الكل بقوة كلمته .

أنظروا إلي قوة فهم الرسول المتكلم بالحق بالروح ، كيف لم يبق شيئا يليق بلاهوته إلاوقد أوجبه للكلمة المتجسد ضياء مجد اللاهوت غير المدرك وصورته الأزلية وضابط كلالأشياء والإحتواء عليها وممسكها ، هذا الذي من أجلنا خاصة تجسد وولد من البتول ،فليخز الآن الذين ينكرون لاهوت المسيح وليخز أيضاً الذين ينكرون تجسده ، أعنيماني ومرقيان إذ الرسول يعلن تجسده قائلا : إنه لم يأخذ من الملائكة ما أخذ بل منزرع ابراهيم وقال أيضاً إنه صار شبيها بنا في كل شيء ما خلا الخطية .

طوباك أيتها الطاهرة البتول مريم كمثل صوت نبوتك القائلة : إنه من الآن جميعالأجيال تطوبني ، وبحق استحققت كل طوبي واكرام ، لأنك سميت أم الذي هو كائنقبل الدهور ، المولود أزلياً من الآب بلا ابتداء ، ولد منك بالجسد للخلاص يا خادمة الربومعاينته ووالدته . أنت أرفع من السمائيين ، وأجل من الكاروبيم ، وأفضل منالسارافيم ، وأعظم من طغمات الملائكة الروحانيين ، وممجدة أكثر من رؤساء الآباءوالنبيين ، وزائدة في الكرامة علي التلاميذ الأفاضل المرسلين .

أنت فخر جنسنا ، بك تفتخر البتولية ، وبك تكرم الطهارة والعفة ، أنت تابوت العهدالذي فيه العشر كلمات المصفح بذهب إبريز نقي ، أنت الإناء الذهب المملوء من المنالمخفي النازل من السماء ، إبريز نقي التي هي كرامة اللاهوت الحال عليك ، أنتعصاة هرون التي أورقت من غير غرس ولا سقي ولا حرث ، الذي هو تجسد الكلمة منكمن غير زرع بشر ، أنت هي القضيب الذي نبت عن أصل يسي ، وأينع الزهرة التيتفوق كل عطر وطيب . أنت هي صهيون الأم التي حلّ فيها الإنسان بالجسد وهوالعلي الذي أسسها كما شهد داود . أنت هي السحابة الخفيفة التي هبط عليها الربإلي مصر كما تنبأ أشعياء .

أنت هي الباب المغلق بخاتم البتولية الذي منها ولد رب المجد وحفظ بتوليتها دائماً كماعاين حزقيال النبي . انت هي صهيون التي حل فيها الرب الإله القوي كما أوحي إليصفنيا . أنت هي السماء الجديدة التي منها أشرق شمس البر لأتقيائه كما أعلن ذلكملاخي. وقد يقصر بي الزمان أن أتكلم بكرامتك يا من تفوق كل كرامة ، أنت تفضلتعلي كل الخلائق التي تري والتي لا تري لأجل عظمة كرامة الرب الإله المسجود له ،الذي اصطفاك وولد منك ، لأن الذي تتعبد له كل البرايا سرّ أن تدعي له أماً ، من أجلهذا كرامتك جليلة وشفاعتك زائدة في القوة والإجابة كثيراً …!

وأنت لعظم فضل كرامتك ، وإذ لا أقدر أن أبلغ في مدحك إلي الغاية أرغب الاختصار .

عظيمة هي يا أحبائي كرامة هذا العيد الشريف اليوم حتي أن تذكاره في كل عاميفرح القلب ويسر المؤمنين بإتيانه ، لأن فيه استعلن لنا شمس البر وأشرق علينا منالبتول بالميلاد الجسداني ، فيجب علينا أن نعيده بكل نقاء لنشارك الميلاد البتوليالمقدس ، ونعلم فضل الطهارة وكرامتها عند الله ، لأن من طهارة البتول مريم سُر الربأن يتجسد منها ، ولم يأنف أن تدعي له أماً .

فلهذا يجب علينا أن نتحفظ بقدر قوتنا ، لأنه قدوس ومحب للأطهار ، لأنه مكتوب كونواأطهاراً فاني أنا طاهر يقول الرب ، وفي القديسين يحل كالمكتوب أيضاً ، ولحافظيوصاياه يتخذهم مسكناً كما شهد بذلك ، وعلي المتضع الخائف منه ينظر بعين التحنن، كما تكلم علي فم النبي قائلا علي من أنظر يقول الرب ، إلا علي المتضع الخائف منكلامه والطالبين إليه بأمانة ، هؤلاء يستجيب لهم كما شهد بذلك قائلا : اسألوا تعطوا ،أطلبوا وجدوا ، إقرعوا يفتح لكم .

فلنحفظ أجسادنا طاهرة من أجل الرب الذي ولد من البتول القديسة ولنحفظ نفوسناعفيفة من الفكر الردي من أجل وقار التي اتحد بجسدها كي يقربنا إلي مجد لاهوتهالأزلي غير المدرك ، لنحفظ حواسنا سالمة من المعايب التي هي النظر والسمع والنطقوالشم واللمس ، لأجل كرامة الذي طهر البشرية جسداً ونفساً وعقلاً بإتحاده بها ،ولأجل كثرة تواضعه الذي لا يحد لم يأنف أن يسمينا إخوته كما هو مكتوب إني أبشربإسمك إخوتي ، فلهذا يجب علينا أن نعرف الكرامة التي صارت إلينا . ولا نتهاون بهاليكون لنا أفضل من ذلك بأضعاف شتي ، لأن من له سيعطي ويزداد فلا يكون الآنعيدنا باللهو والبذخ العالمي ، بل بالأشياء التي تليق بالأطهار ولا سيما أننا قد حفظنانسك الصوم الذي مضي قبل هذا العيد الشريف ، فلنكمل ذلك بوزع وخوف الرب ، بمدأيدينا لمواساة الضعفاء حسب ما يمكننا ، نتعاهد الذين في السجون ، لنسد فاقةالمقلين ، نصنع صلحاً وسلاما مع أخوتنا من أجل الرب الذي أتي وصنع صلحاً بينالسمائيين والأرضيين حتي أن الذي ولد بالجسد يقربنا إليه ، ويجعلنا بني الآبالسمائي بالروح .

 

ونحن نسأل الرب يسوع المسيح بشفاعة العذراء مريم ، الذي ولد منها بالجسد لأجلخلاصنا ، أن ينظر إلينا بعين الرحمة ويغفر خطايانا ويسامحنا بهفواتنا ويحرس مابقي من حياتنا ، وأن يحفظ جميعكم ويرزقكم أعمالاً مرضية ، وأكاليل مضيئة ، ويجعللنا أجمعين حظاً ونصيباً مع كافة قديسيه في الملكوت الأبدي والحياة الدهرية وينيحنفوس كافة بني المعمودية بصلوات الرسل الأطهار ، وكافة الشهداء والقديسين الأبراروالسواح والمجاهدين ، وكل من أرضي الرب بأعمال صالحة من الآن وكل أوان وإليدهر الداهرين آمين[10]

عظات آباء وخدام معاصرين

قداسة البابا تواضروس الثاني: الله محبة

وبمحبته أخرج الأرض من العدم الى الوجود ووهب الانسان صورته ومثاله …..ولكن الانسان اختار الضعف وسقط ، وهكذا وجد نفسه خارج الفردوس طريدا بلا خلاص … ولكن الله لم يخلق ليهدم ، بل دبر طريق الخلاص . وكانت البداية هى التجسد : لأنه هكذا أحب الله العالم …..

الله عندما خلقنا عرفنا أنه يحبنا .. وعندما تجسد عرفنا أنه يحبنا جدا ، وهذه المحبة لا تحد ، بل تتحدى الفهم والادراك ، انه المسيح ــ لم يأت برسالة بل كان هو ذاته الرسالة .

وحول المذود :

١- اختار أن يدخل العالم فى تواضع وفقر .        ٢- اختار مكانا بريئا من خطيئة آدم .             ٣- كان شهود الولادة أثنين :

  • يوسف حامل استقامة العهد القديم ( خادم سر التجسد ) .
  • سالومى :وهى ابنة خالة السيدة العذراء ، وهى امراة عجوز ساعدت العذراء فى ولادتها ، وشهدت ببكورية العذراء بعد ولادتها للمسيح .

وهناك ثلاث مشاهد حول المذود :

١- بساطة الرعاة كأنقياء ….

+  الرعاة حياتهم بدائية ــ”رحل” ــ يعيشون على الهامش .

+ يتهمون عند فقد أى شىء .

+ لم تكن المحاكم تقبل شهادتهم .

+ انهم أصحاب القلب البسيط النقى ومثلهم : فتاة يتيمة ـــ نجار فقير .

٢- اصرار المجوس كغرباء ….

+ انهم ملوك باحثين عن الحقيقة ….بذلوا كل تعب وجهد ووقت وصبر .

+ انهم من الامم الذين كانوا فى خصومة مع الله ، وبالميلاد صارت المصالحة لهم.

٣- تسبيح الملائكة كأرواح….

+ مجد لله فى الأعالى = لأنه تجسد.

+ على الأرض السلام = لأنه صلب .

+ مسرة لكل الناس   = لأنه قام .

كان الميلاد بدء موكب الخلاص لكل البشر .

حول الميلاد اجتمع : اليهود والأمم ــ طبقات عليا ودنيا ــ سكان مدن وقرى ــ رجال ونساء ـــ كبار وصغار ـــ بشر وملائكة

الكلمة صار جسدا

التجسد : هو اتحاد أقنومى ، اتحدت فيه الطبيعة الآلهيه بطبيعتنا البشرية فى شخص الرب يسوع المسيح بغير اختلاط ولا أمتزاج ولا تغيير . ويلخص يوحنا البيب ذلك فى رسالته الأولى   بقوله :” الحياه اظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم …” ويقول بولس الرسول فى ذلك :” عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد ” (١تي ٣: ١٦).

وهذا السر هو فى الواقع اعلان الهى لأن سر شخص الله قد اعلن فى التجسد ، وهو يعكس فى نفس الوقت اهتمام الله بمصير الانسان ، بالدرجة التى تدخل فيها بشخصه فى ” فوضى الحياة الضائعة “. الله لا يعمل من بعد فحسب ، فليست العناية الالهية هيمنة قوية على الكون من بعد ، بل الله أخلى ذاته ليعمل فى البشر من خلال علاقة شخصية واتحاد .

وهناك ثلاثة أبعاد حققها التجسد فى حياتنا هى :

١- البعد الايمانى :

معرفة الآب / شركة الروح ( المجد ) .

+ بالتجسد عرفنا من هو الآب ، وأعطانا شركة مع الروح القدس ، ” من رأنى فقد رأى الآب “(يو١٤: ١٠) فى القداس الغريغورى نقول : ” الذى أظهر لنا نور الآب ، الذى أنعم علينا بمعرفة الروح القدس الحقيقية . ….”

+ فالابن الاله المتجسد كشف ووضح لنا آقنومى الآب والروح القدس ، وجعل لنا شركة الحياة فى الثالوث القدوس .

٢- البعد الروحى :

نعمةالتبنى /”يأبانا” ( سلام ) .

التجسد أعطانا وضعا روحيا فائق العلو ، حيث نلنا نعمة التبنى والتى تمثل فى الواقع هدف حياتنا الروحية . طوبى لصانعى السلام لأنهم أبناء الله يدعون ” انها نعمة التبنى ” وهكذا بسبب أن الأبن حل فى وسطنا وصار أخا لنا ” بكرا بين أخوة كثيرين ” (رو٨: ٢٩) حسب خطة التدبير الالهى لخلاصنا ، أصبح لنا الحق أن ندعو الله أبا لنا ونقول ” أبانا الذى فى السموات ..”

” المسيح هو فى أن واحد الابن الوحيد والابن البكر : الوحيد لأنه اله ….والبكر من حيث الاتحاد الخلاصى اذ صار انسانا ، حتى اننا فيه وبواسطته نصير أبناء الله “. (القديس ثيؤدوسيوس)

٣- البعد الكنسى :

الوحدانية / الجماعية (مسرة) .

” هوذا ما أحسن وما أحلى أن يجتمع الاخوة معا ”

” الكنيسة هى جسد المسيح على الأرض ” اذ جمعت أبناء الله المتفرقين الى واحد . انها تعيد فى كيانها اتحاد الجنس البشرى المفكك، وهذة الوحدة تؤلف جماعية الكنيسة وجامعيتها .

حقا: لا خلاص خارج الكنيسة ، وقد صار ابن الله ابنا للانسان ، لكى يصير الانسان ابنا لله ” . ( القديس ايريناوس )

رؤية عميقة للتجسد : هو التلاقى والتواصل بين : المحبة النازلة من الله (تحقيق الوعد وملء الزمان ). المحبة الصاعدة من الانسان (توق الانسان ونقاوة العذراء) . معنى ذلك أنه بعد التجسد صارت هناك امكانية أن يأتى الله ويسكن قلب الانسان ، وصرنا نستطيع أن نقول فى صلواتنا :   ” يا الله محب البشر[11] ” .

المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا

الهدايا : (مت ۲ : ۱۱)

قدم المجوس للطفل ذهبا ولبانا ومرا – قدموا هذه الهدايا الثلاث رمزا لوظائف المسيا ، الذهب رمز لملكه اذ أنه ملك السموات والأرض “له على ثوبه رو على فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب ” (رؤ۱۹ : ١٦) ، و اللبان رمز للكهنوت لأنه قدم ذاته ذبيحة أبدية عن البشر ” لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس”(عب ۷ : ٢٦) ، والمر رمز لآلامه كما قال عنه أشعياء النبی” لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها .. وهو مجروح لأجل معاصينا ، مسحوق لأجل آثامنا ، تأديب سلامنا عليه وبجراحاته شفينا “(اش ٥٣ : ٤-٥)

وقيل أنهم قدموا هذه الهدايا كما تعودوا أن يقدموا في بلادهم ، ان كانوا يقدمون الذهب للملوك و اللبان للالهة ، والمر لتكفين الموتى .

المجوس وهيرودس : (مت ۲ : ۲ – ۱۲)

لما وصل المجوس أورشليم ، ظنوا أن الطفل الملك يولد في قصر هيرودس فسألوا هناك وفهم هيرودس أن المقصود هو المسيا ولذلك جمع رؤساء الكهنة والكتبة وسألهم أين يولد المسيح . فأجابوه حسب النبوة الواردة في (مي ه : ۲) ثم وضع نفسه أن يقتله وحاول أن يستعين بالمجوس في العثور عليه .

بذلك يكون الله قد أعلن لليهود میلاد المسيا بوسائل مختلفة

١- مجيء المجوس وما تلاه من أحداث جمع الكهنة والرؤساء وقتل الأطفال ..في منطقة بيت لحم بأسرها

۲ – ما أورده أنجيل لوقا عن مولد المسيا من تبشير الرعاة وتهليل سمعان الشيخ وحنة النبية.

وهكذا شملت الأخبار جميع الطبقات من رجال الملك الى الكهنة ، الى الرعاة الرحل ، الى كل البلاد التي مر بها المجوس الى أسر الأطفال الذين قتلوا ، الى الذين وصلتهم الأخبار والشائعات .

قتل الأطفال من ابن سنتين فأقل : (مت ۲ : ١٦)

يقول أفرايم السرياني وأوسابيوس المؤرخ أن المجوس أتوا في السنة الثانية لميلاد السيد المسيح .أما ذهبي الفم وكيرلس الأورشليمي فيقولان أن النجم ظهر للمجوس قبل الميلاد بسنتين فوصلوا أورشلیم وقت الميلاد .

والرأي الأول يرتب الحوادث على أنه ختن بعد ميلاده بأسبوع ، ثم قدم الى الهيكل بعد أربعين يوما ، ثم ذهبت الأسرة الى الناصرة كما في (لو ۲ : ۳۹) . وأن أفراد الأسرة كانوا يزورون بيت لحم من وقت الى آخر لمحبتهم اياها ، وأن المجوس حين أتوا كانت الأسرة في أحد بيوت بيت لحم ، وكان الطفل ابن سنتين ولذا قال انجيل متى أن المجوس أتوا ” الى البيت ” ولم يقل المذود ، وأنهم رأوا ” الصبي ” ولم يقل الطفل (مت ٢: ٩) . وأن الأسرة بعد ذلك توجهت إلى مصر .

أما أصحاب الرأي الثاني ، فيرون أن هذه التسميات مجرد استبدالات لفظية ، وأن الطفل كان رضيعا حين زاره المجوس ، وأن العائلة توجهت فورا الى مصر ، ثم الي الناصرة بعد موت هيرودس ، أما قول انجيل لوقا أنهم ذهبوا الى الناصرة ” لما أتموا كل شئ حسب ناموس الرب”

فلا يعني حتما أنهم ذهبوا اليها عقب الأربعين بل بعد رجوعهم من مصر[12].

المتنيح الأنبا كيرلس مطران ميلانو

رسالة من طفل ..الميلاد

 

رسالة من طفل إلى المسيح

في ساعة متأخرة .. رأيت طفلاً يقف على قارعة الطريق .. فتحنن قلبي في س عليه .. واقتربت منه .. وسألته ؟!

هل أنت منتظر شيئاً من أحد ؟! هل أنت منتظر أحداً ؟! هل الذي تنتظره تأخر عليك ؟! وهل تسمح لي أن أبقى معك ؟!

أجابني أنا أريد أن أذهب إلى بيت لحم ؟! صمت .. ولم أتمكن من الكلام .. لأنه فاجأني بما يريده ؟! ولم أتوقع ما يطلبه ؟!

فسألته مرة أخرى .. لعلي لم أسمعه جيداً ؟! لكنه كرر لي طلبه .. أريد أن أذهب إلى بيت لحم .. حيث ولد المسيح ؟!

قلت له .. ومن بيت لحم .. ترى ماذا تريد ؟! أجابني بأنه يريد أن يترك رسالة للمسيح يسوع ؟! أحسست بأنني أقف أمام رجل جاد في أفكاره ؟! فقلت له .. المسيح .. أنت تعرفه ؟! قال لي .. أنا أعرفه .. وأكلمه .. ولم أتقابل معه ..

قلت .. المسيح حاضر عندنا كل يوم على المذبح .. تعال واترك له رسالتك ؟! قال .. أنا أعلم أنه على المذبح كل يوم .. لكني أريد أن أذهب إلى الموطئ الذي ولد فيه المسيح … ؟ !

تجرأت .. وسألته ؟! وهل هذه الرسالة خاصة ؟! أجابني .. لا ؟! فقلت .. وهل تسمح لي بأن أراها ؟! أجابني .. أنا طفل .. ورسالتي كتبتها للمسيح بقلم اشتياقاتي .. ولا أحد يعرف أن يقرأها سواه ؟!

تأثرت بكلامه .. واشتقت أن أسمع ما في رسالته ؟! وطلبت منه أن يحكي لي عن اشتياقاته ؟!

فقال لي .. أنا أريد من المسيح ملك السلام .. بأن السلام الساكن فيه .. ينزله على القلوب .. والبيوت .. والبلاد ..

أنا أريد أن أذهب إلى المذود .. وأسلمه الرسالة في يده وأقول له .. أنا طفل .. أريد أن أحيا بالصورة التي يشتهي أن يراني بها ..

ثم تطلعت إلى هذا الطفل .. فرأيته سارحاً بعيداً .. وظهرت على وجهه ملامح الألم .. وقال .. أنا أريد من المسيح ملك السلام أن يدخل بيتنا .. ويصنع صلحاً بين أبي وأمي .. فنحن نسكن تحت سقف واحد .. ومنذ أن انفتحت عيناي .. وكلاهما لا يتكلم مع الآخر ؟!

المجوس من المشرق جاؤوا إلى المسيح .. وقدموا له ” مراً ” .. وأنا عندي مر أعيش فيه .. أنا لا أقدر أن أحمله إلى بيت لحم .. إنما أريد من المسيح أن يأتي ويحمل المر خارجاً ..

من قبل أن أولد أنا .. وأبي له طابع خاص .. هو لا يطيق أحداً .. وأحياناً لا يطيق نفسه .. وأمي منشغلة بالكلام مع الناس وعن الناس .. ويسكن في بيتنا الشك .. والقلق .. والخوف .. وأنا أريد من المسيح إله المحبة بأن يغرس في بيتنا المحبة التي لا تطلب ما لنفسها (١كو ١٣ : ٥) .

أخي الأكبر .. ينتظر ما يرثه من وراء أبي .. وكل رجائه موضوع فيما يملكه بعد موت أبيه .. وينسى أنه كما يموت أبيه هكذا هو .. وأنا أريد من المسيح كنز الحكمة بأن يغرس فينا الحكمة ، فنعرف أن الميراث الحقيقي هو ما ننتظره بعد قيامة الأموات في حياة الدهر الآتي ..

أخي الأخر .. ابتعد عن البيت .. وبدأ يهلك في جسده بما يشربه من سجائر وخمور .. وانحرافات .. ويقول إن ما يفعله هو بسبب البيت والهموم ..

أخوتي الذين أحبهم .. يتخبطون في الظلمة .. وينحدرون إلى أسفل .. وأنا أريد من المسيح النور الحقيقي أن ينير عقولنا .. وقلوبنا .. وكما حدث في ذلك الزمان لجليلي الأمم .. الشعب الجالس في الظلمة وظلال الموت وأشرق الرب عليهم بالنور العظيم .. هكذا نحن يصعدنا من أعماق الظلام إلى النور .. وبهذا ننجو من الجهل والشر الذي بهما يموت الإنسان في غير وقته .. كما يقول الرب ” لا تكن شريراً كثيراً .. ولا تكن جاهلاً ، لماذا تموت في غير وقتك ” (جا ۷ : ۱۷) .

تأملت في نفسي وقلت .. هذه اشتياقات طفل .. ونحن مهما كبرنا .. ومهما شخنا ، فنحن بالحقيقة أطفال عندما نقترب من المسيح عتيق الأيام .. فما يريده الطفل .. أريده أنا .. لذا سألته وماذا تريد أيضاً ؟! قال .. عندنا في بيوتنا .. وقلوبنا .. كنوز ” من اللبان ” الذي قدموا منه المجوس للمسيح رئيس الكهنة الأعظم ..

” اللبان ” الذي عندنا .. الذي نستعمله .. لا نقدمه للمسيح إلهنا العظيم المدبر لحياتنا ؟! إنما نقدمه لآلهة آخري .. تسكن في أعماقنا .. نحن نعبدها دون أن ندري .. هي في الأصل كانت خطايا .. نحن تهاونا فيها .. وتمادينا إلى أن صارت أصناماً من صنع أيادينا .. نحن صرنا كهنتها نسجد لها .. ونرفع لها بخوراً من مشارق الشمس إلى مغاربها ؟!

أريد من المسيح رئيس الكهنة الأعظم .. أن يضع يده على نفوسنا .. ويحطم كل الأوثان التي صنعتها أيادينا .. وأن يجعل وصاياه في أذهاننا .. وأن يكتبها على قلوبنا .. وهو يكون لها إلهاً .. ونحن نكون له شعباً مبرراً (عب ۸: ۱۰) .

ثم قال لي الطفل .. وأنا لي طلب خاص .. من رئيس الكهنة الأعظم .. بأن نراه في كنيستي التي أنا أحبها .. وأن نلتف جميعاً حوله .. وأن نرى الآباء مقدمين بعضهم بعضاً بالكرامة كما يعلمون .. وأن لا يكون هناك بولس وأبلوس . وأن نكون جميعاً رعية واحدة لراع واحد هو المسيح يسوع .. وأن يعرف كل واحد منا رسالته .. وأن يتفانى في إتمامها .. وأن يسعى يقول للرب ” العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته ” (يو ١٧ : ٤) .

وسألته .. وماذا تريد أيضاً ؟! فقال لي .. أنا أريد أن أدخل إلى بيت لحم .. وأترك رسالتي للمسيح الملك .. وأوضح فيها بأن الملكوت الذي وضعه فينا ذهب وانسرق .. ومنه أرجو أن يرد الملكوت المسروق منا .. وأن يعلمنا كيف نصبح نحن سراق الملكوت ؟! قلت له .. أنت متعب ومتألم من أجل من هم حولك .. ومن أجلهم تريد أن تذهب إلى بيت لحم لكي يرفع المسيح عنهم هذه المتاعب .. ويفرح قلوبهم بمعرفته ؟! ومن أجلك لم تطلب شيئاً ؟! أجابني .. يبدو أنك نسيت ما قلته لك .. بأنني أريد من الرب أن يجعلني أحيا بالصورة التي يود أن يراني بها[13]..

 

 

المتنيح الأنبا بيمن أسقف ملوي

يسوع المخلص

“فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع، لأنه يخلص شعبه من خطاياهم” (مت ١ :٢١)

أی اسم في الوجود أعذب من هذا الإسم المبارك الذي أعطاه الملاك للعذراء مريم قبل ولادة المخلص تحقيقا لنبؤات الأنبياء. لم يوجد اسم تردد في العهد الجديد مثلما ذكر اسم يسوع : فقد ورد ٦٠٠ مرة ، وبعد میلاد الرب لم يقبل المسيحيون أن يدعي أحد بهذا الإسم. فصديق بولس المسمى يسوع دعاه يسطس (کو ٤: ۱۱) کی يبقي  إسما مكرسا لشخص الرب المبارك.

إنه الاسم الذي أعطاه الآب السماوي لإبنه الكلمة المتجسد .. هو فخر الرسل، إكليل الشهداء، تهليل الصديقين ، وثبات الكناس وغفران الخطایا.

ليس بأحد غيره الخلاص :

إن اسم المسيح هو نفسه يشوع في اللغة العبرانية ، وهو نفسه الإسم هوشع وجميع هذه الأسماء معناها أن الله يخلص. وإذا كان يشوع في القديم رمزا للمخلص الحقيقي ، فإن يشوع أكمل عمل موسي ، أما يسوع فقد أكمل الناموس كله بالنعمة والحق .. وإذا كان يشوع قد عبر بالشعب من أرض القفر إلى أرض الميعاد ، فإن الرب يسوع وحده هو الذي عبر بالكنيسة من وادي ظل الموت إلى حرية مجد أولاد الله.. وإذا كان يشوع قد أراح أسرائيل جسديا ، فإن الرب قد أعطانا الراحة الحقيقية بقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب شفيعا داما وخلاص أبديا .. وهو الذي أعد لنا المكان کی ندخل أورشليم الجديدة معه مكان الراحة الحقيقية حيث لا يوجد فيها حزن ولا تنهد ولاصراخ ، هناك يسكن الله مع الناس وهم يكونون له شعبا والله نفسه يكون معهم إلها لهم . (رؤ۲۱ :٣،٤) . وإذا كانت فكرة المخلص عند اليهود في القديم فقد هبطت وإنحدرت من مستواها الروحي لتضحى أحلاما وأطماعا أستعمارية . فظنوا المخلص سوبرمان يحطم العدو الأجنبي ،ويمتد بأسرائيل من الفرات إلى النيل ، إلا أن الأنبياء القديسين حرصوا على أن يصرخوا في ضمائر الشعب ويؤكدوا أن قضية الخلاص تتعلق بخطايانا وآثامنا.

ولقد ربط اليونانيون بين اسم يسوع وفعل Fasthai أي يشفي ،فالمخلص هو شافي نفوسنا وأرواحنا وأجسادنا .. وهذا ما ورد في كتابات أكليمنضس الأسكندري وكيرلس الأورشلیمی . وهونفس ما تريده الكنيسة القبطية في أوشية المرضى كل حين.

نحن نخلص بحياته

إذا كانت أجرة الخطية موت ، فقد كان لابد أن يموت آدم وبنيه موتا روحيا وماديا وأدبيا، ولكن الأب السماوي وعد أدم بنسلالمرأة الذي يسحق رأس الحية ، إنه المسيا المخلص الذي يخلص شعبه من خطاياهم في هذا يقول الرسول بولس ” من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم ، وبالخطية الموتوهكذا أجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع .. لأنه إن كان بخطية الواحد

قد ملك الموت بالواحد ، فب الأولي كثيرا الذين ينالون فيض النعمة وعطية البر سيملكون في الحياة بالواحد يسوع المسيح .. حتى كما ملكت الخطية في الموت هكذا تملك النعمة بالبر للحياة الأبدية بيسوع المسيح ” (رو٥ : ۱۲ – ۲۱) .

والخلاص ليس من الخطية وحدها بل وجميع ملحقاتها ونتائجها ومضاعفاتها

فإذا كانت الخطية انفصال عن الله كما شرح أشعياء النبي بقوله” أثامكم صارت

فاصلة بينكم وبين إلهكم ، وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لايسمع ” (أش ۲:٥٩). فإن المسيح يسوع ” قد جاء يطلب ويخلص ما قد هلك (لو۱۹ : ۱۰) وبه قد صارت لنا الشركة مع الآب ومع ابنه. وإذا كانت الخطية أسرا وذلا وعبودية فإن المسيح يسوع قد حررنا من عبودية الإثم لحرية مجد أولاد الله وإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارا . لقد أعطانا بخلاصة التبني وصرنا رعية وأهل بيت الله مع القديسين. وإذا كانت الخطية حملا ثقيلا يقسم الظهر ، فقد جاء يسوعالمخلص ليريحنا من أتعابنا وأثقال خطايانا ” تعالوا إلئ یاجميع المتعبين والثقيلى الأحمال وأنا أريحكم ” (مت ۱۱ : ۲۸) .

وإذا كانت الخطية تحمل القصاص والحكم والدينونة ، فالمسيح يسوع قد أعطانا الفداء والتبرير . والتبرير لا يعني حكم البراءة فقط بل عطية البر الإيجابي. في هذا يقول الكتاب ” لانه جعل الذي لم يعرف خطية ، خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه ” (۲کو ۱۱ : ۲۸) ..

سمات الخلاص

+ خلاص الرب المعطي للبشرية هو خلاص للجميع ” صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول أن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا” (۱ تی ۱: ۱۰). الذي يريد أن جميع الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون

(۱ تی ٤:۲) .

+ هذه أحضان الرب يسوع مفتوحة على صليب الجلجثة مرحبة بكل إنسان مهما

كان جنسه أو لونه أو عمله .. مسيحنا هو مسيح العالم أجمع لكل الأمم والقبائل

والشعوب

+ وهو خلاص مجاني وهب لنا بالنعمة باستحقاقات التجسد والصليب والقبر الفارغ والقيامة والصعود الإلهي ” الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الأزمنة الأزلية ” (۲ تی ۹:۱). ويقول أيضا الرسول فی رسالته إلى (اف ۸:۲،تي ٣: ٥، أع ١٥ : ۱۱) لانكم بالنعمة مخلصون بالإيمان . وذلك ليس منكم هو عطية الله ليس من أعمال كي لا يفتخر أحد.

+ ولكن هذا الخلاص المجاني لا يعطى جزافا .. فهبات الله تعطي بكل حكمة وفطنة كما عبر الرسول . ولا يعطي الخلاص للأشرار المصرين على فسادهم ومقاومة الحق ، ولا توهب النعمة لمن يدوسون العهد، ولاتسری استحقاقات الصليب فيمن ينام مع العذارى الجاهلات اللواتي ليس في آنيتهن زيت الأعمال الصالحة (أف۲ : ۸، ۱کو۲۱:۱ ، لو ۷: ٥٠ ، لو ۱۲:۸ ، أع ۳۰:١٦، ۲تي۱۰:۲).

+ وهذا الخلاص لا ينال إلا من خلال الأسرار الكنسية . فبدون المعمودية و الميرون لا تحدث الولادة الثانية وبدون الاعتراف والتوبة لا تتجدد ذهنية الإنسان ، وبدون سر الزيجة لا تحدث الشركة والوحدة المقدسة بين الرجل والمرأة وهكذا .. راجع (مر ١٦:١٦، ١بط ۲: ۲۱، تی ۳ : ٥ ١كو ۱۰ : ۲۳، ١کو ١٦:۷ ، رو١٤:١١ ،

١کو ۹: ۲۲) .

+ وهذا الخلاص يمتد في حياة المؤمن ليحتوي الماضي،الحاضر، والمستقبل

ففي الماضي نلناه بالمعمودية ، وفي الحاضر نحققه بالتوبة ،وفي المستقبل نتوقعه فداء أجسادنا عندما نتغير كلنا ونلبس الجديد النورانی لنتهيأ للسكن في عرس عشاء الخروف . وفي ذلك الوقت نسمع الصوت القائل الآن صار خلاص إلهنا وقدرته وملكه وسلطان مسيحه لأنه قد طرح المشتکی علی أخوتنا الذي كان يشتكي عليهم أمام إلهنا نهارا وليلا (رؤ ۱۲ : ۱۰).

يسوع تسبحة الخلاص الحقيقي

في كل يوم تسبحك الكنيسة أيها الرب يسوع ، وتمجد خلاصك العجيب لأنك أنت وحدك مستحق أن نباركك .. سبع مرات في اليوم نبارك اسمك القدوس ، بلذة

نباركك نحن كلنا شعبك ، بهاء أسمك القدوس في أفواه قديسيك.. ياربى يسوع

المسيح مخلصی الصالح. أيها الاسم المملوء مجدا . أيها الاسم المملوء بركة . لا نكف عن تسبيحك ، بالبركة نباركك ، بالمجد نمجدك .. أقبل توسلاتنا نحن الخطاة ، وأعطنا سلامك الحقيقي وأغفر لنا خطايانا يارب ىيسوع المسيح مخلصى المسيا المسيح الذي جاء مرة وسيأتي مرة أخرى

أولا : المسيا الذي جاء

إن كلمة مسيا كلمة عبرية تعني ممسوح ، وقد كانت تطلق على ثلاثة أشخاص هم الكاهن والملك والنبي. فنقرأ على سبيل المثال في العهد القديم عن مسح الكهنة ، كان أمر الله لموسى أن يمسح الكهنة ويقدسوا ويكرسوا حتى يكهنوا له ويقول الكتاب ” وتلبس هرون أخاك إياها وبنيه معه وتمسحهم وتملا أياديهم وتقدسهم ليكهنوا لی .. وتأخذ الثياب وتلبس هرون القميص وجبة الرداء والرداء والصدرة وتشده بزنار الرداء .. وتأخذ دهن المسحة وتسكبه على رأسه وتمسحه .. فيكون لهم كهنوت فريضة أبدية ” (خر ۲۸، ۲۹) .

وكلمة المسيح هي الترجمة اليونانية لنفس كلمة مسيا العبرية ،وقد وردت كلمة المسيح ۱۳ مرة في إنجيل معلمنا متى ، وستمرات في إنجيل معلمنا مرقس ومرتين في إنجيل معلمنا لوقا . ولقد أقر الرب يسوع إنه هو المسيح ( مت ١٦: ١٦ ، لو ۲۲ : ٦٧).

وكان حجر الزاوية في كرازة بولس الرسول هي أن الرب يسوع هو المسيح وكان يفحم باشتداد اليهود حتى تأمروا لقتله (أع ۱۸ : ۲۸).

المسيح من نسل داود حسب الجسد

لقد كانت نبوات العهد القديم كلها تركز على أن المسيح سيأتي من نسل داود في هذا تنبأ أشعياء النبي ” يخرج قضيب منجذع يسی وينبت غصن من أصوله . ويحل عليه روح الرب ، روحالحكمة والفهم، روح المشورة والقوة ، روح المعرفة ومخافة الرب ،ولذته تكون في مخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينيه ولايحكم بحسب سمع أذنيه ، بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه ، ويكون البر متنيه والأمانة منطقة حقويه ” (أش ۱:۱۱- ٥). وأما أرميا النبي فيقول “ها أيام تأتي يقول الرب وأقيم لداود غصن بر فيملك ملك وينجح ويجري حقا وعدلا في الأرض في أيامه يخلص يهوذا ويسكن إسرائيل آمنا وهذا هو أسمه الذي يدعونه به الرب برنا ” (أر ۲۳ : ٥، ٦). ونجد مثل هذه الآيات في(أر ۳۳ : ۱۰ – ۱۷ ، ۲۲، حز۳۷ : ٢٤، هو ٣: ٥) ( عا ۹: ۱۱،زك ۸:۱۲) . ولعل أوضح نبوءة كانت على لسان أشعياء النبي عندما قال ” لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام . لنمو رياسته وللسلام لا نهاية علی کرسی داود وعلى مملكته ليثبتها ويعضدها بالحق والبر من الآن إلى الأبد ” (أش ۹: ٦، ٧).

وهذه الآية استخدمها الإنجيل لتأكيد أن النبوءة كانت تشير إلى الرب يسوع الذي تجسد من الروح القدس ومن العذراء مريم .

الفكر المسياني عند اليهود

لقد أنحط فكر اليهود ، فبدلا أن يفهموا حقيقة المسيا المسيح الآتي من عند الأب لخلاصهم .. ظنوا أن الخلاص هو خلاص سیاسی أرضى . وإن الأسد الخارج من سبط يهوذا إنما هو المخلص الذي سيدمر النسر الروماني ولا يقف أمامه مستعمر سواء من مصر أو من أشور أو بابل أو روما أو أية أمة من الأمم التي سبق واستعمرت أراضيهم. لقد فسروا جميع نبوات الأنبياء تفسيرا ماديا، فكانوا يتوقعون من المسيا أن يذل بابل مستندين إلى نبوءة أشعياء ” وتصير بابل بهاء الممالك وزينة فخر الكلدانيين كتقليب الله سدوم وعمورة لاتعمر إلى الأبد ولا تسكن إلى دور فدور. ولا يخيم هناك أعرابي ولا يربض هناك رعاة ، بل تربض هنا كوحوش القفر ويملا البوم بيوتهم وتسكن هناك بنات النعام وترقص هناك معز الوحش وتصبح بنات آوى في قصورهم والذئاب في هياكل التنعم ووقتها قريب المجيء وأيامها لا تطول ” (أش ۱۳ : ۱۹ – ۲۲) .

وكانوا ينتظرون من البطل المغوار أن يجمع شتات إسرائيل الذي تبدد من الاضطهاد أو السبي أو سعيا وراء الرزق ” ويكون في ذلك اليوم أن السيد يعيد يده ثانية ليقتني بقية شعبة التي بقيت من أشور ومن مصر ومن فتروس ومن كوش ومن عیلام ومن شنعار ومن حماه ومن جزائر البحر ، ويرفع راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ويضم مشتتی يهوذا من أربعة أطراف الأرض” (أش ۱۱ : ۱۱، ١٢)

لقد عاشوا ينتظرون المسيا الذي سيحول خراب أورشليم إلی مجد، وفقر أهلها إلى عز وثراء ” ارفعى عينيك حواليك وانظري . قد اجتمعوا كلهم . جاعوا إليك . يأتي بنوك من بعيد وتحمل بناتك على الأيدي . حينئذ تنظرين وتنيرين ويخفق قلبك ويتسع لأنه تتحول إليك ثروة البحر ويأتي إليك غنى الأمم . تغطيك كثرة الجمال تحمل ذهبا ولبانا وتبشر بتسابيح الرب .. كل غنم قیدار تجتمع إليك لتأتي ببنيك من بعيد وفضتهم وذهبهم معهم لاسم الرب إلهك وقدوس إسرائيل لأنه قد مجدك ” (أش ٦٠ : ٤ – ۹). لقد كان اليهود في افتخارهم ينادون إنه إذا كان العالم مثل عين الإنسان ، فإسرائيل هي الحدقة ، وأورشليم هي إنسان العين وقلب الأمم ومجد الشعوب كلها لقد فسروا نبوءة أشعياء تفسيرا ماديا تلك التي تقول “قومي أستنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك لأنه ها هي الظلمة تغطي الأرض والظلام الدامس الأمم ، أما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يرى ، فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياءإشراقك ” (أش ٦٠ :١-٣) .

الرب يسوع وفكرة المسيا

لقد اصطدم اليهود اصطداما عنيفا بالرب يسوع لأنه لم يحققما كان فى ذهنهم من أفكار أرضية وأطماع بشرية .

لقد كانت نظرتهم إلى المسيا

طائفية

نظرة تعتبر الأمم كلابا ، وأما اليهود وحدهم فهم الشعب المختار، والمسيا لم يأت إلا إليهم ، وإن اتسعت النظرة عند بعض مفكريهم بضمه أمما إلى اليهود ،

فإنهم كانوا يرون أن هذه الشعوب يجب أن تتهود أولا أي يجب أن تختتن وتحفظ

الناموس وشريعة موسى ، وتدين بما یدین به رؤساء الكهنة والفريسيون والناموسيون الحرفيون في نظرتهم للشريعة . أما الرب يسوع فقد جاء إلى كل الأمم ، وهو الذي قال بفمه الطاهر ” ولی خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي أن آتي بتلك أيضا فتسمع صوتی وتكون رعية واحدة وراع واحد ” (يو١٠: ١٦). يقول الكتاب ” إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله. أما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطان أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه . الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله ” (يو ۱۱:١، ۱۳).

لقد تضايق الفريسيون من الرب يسوع لأنه كان يشفي المرأة الكنعانية ، وكان

يتحدث إلى المرأة السامرية ، ويشفي عبد قائد المئة ، ويتعامل معأ هل الأمم كما

يتعامل معهم دون تعصب طائفي أو تحزب قبلی .

فريسية

لقد كانت فكرة اليهود عن المسيا أنه سيأتي لتحطيم الخطاة ، أماالرب يسوع فقد جاء نقيضنا لهذا الاتجاه إذ يقول الكتاب ” قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ ” ( أش٤٢ : ۳، مت ۲۰:۱۲). لقد أعطي الأمثلة الكثيرة أن الأصحاء لا تحتاج إلى طبيب بل المرضی وإنه جاء إلى الخراف الضالة وأنه أتى ليخلص ما قد هلك . إنه كان صديق العشارين والخطاة يدخل بيوتهم ويجلس إلى موائدهم مناديا أن الرب يريد رحمة لا ذبيحة . هذه كلها أثارت حفيظة الفريسين الذين أرادوا أن يمسكوه بكلمة ولكن قلبه المليء رحمة ومحبة تفجر حنانا على الصليب ، وأنفتح الجنب المطعون لتدخل فيه البشرية من كل أمة وقبيلة وعشيرة وشعب ولغة بلا أدني فريسية أو مظهرية .أرضية لقد كانت جميع أمالهم تتجه نحو ملك أرضي . يريدون أرضا واتساعا وانتقاما من الأعداء . أما يسوع فقد رفض أن يكون ملكا أرضيا إذ يقول الكتاب إنه عندما أرادوا أن يجعلوه ملكا مضى من وسطهم وأنصرف . وقال ” مملكتی لیست من هذا العالم “. وعلم أن ملكوت الله قلوب المؤمنين وعرشه هو أن يتمجدالأب في حياة قديسيه ” ها ملكوت الله في داخلكم”. من هذا المنطلق نستطيع أن نقول أن اليهود لم يقبلوا المسيح لأنه لم يكن حسب الصورة أو النموذج الذي تخيلوه بكل أبعاده . جاء وديعا، وهم طلبوه جبارا. جاء محبا للخطاة ، وهم طلبوه فريسيا . جاء فاتحا ذراعيه لكل الأمم غير منحاز لليهود انحيازا تعصبيا ، وكانوا قمة التعصب الطائفي .. نادي بملكوت الله فی القلوب ، وكانوا يحلمون بالملك الأرضي.

هو حقا الآتي

نعم هذا هو لقب الرب الذي دعاه به يوحنا المعمدان ” أنا أعمدكم بماء ولكن يأتي من هو أقوى مني هو سيعمدكم بالروح القدس ونار” (لو ۳: ١٦) وحين آمنت مرثا قالت ” أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله الآتي إلی العالم” (يو ۱۱ : ۲۷) . ولم يعترض الرب يسوع على تلقيبه بهذا اللقب بل على العكس فإنه في توبيخه لأورشليم قال لهم ” الحق أقول لكم إنكم لاترونني حتى يأتي وقت تقولون فيه مبارك الأتي باسم الرب ” (لو۱۳ : ٣٥) . وأما يوحنا المعمدان فقد كان السابق الذي يمهد الطريق أمام الآتى لخلاص البشرية (ملا ٤ : ٥ ، مت ۱۰:۱۱ ، مر ١:۲، لو ۱۷:۱ ، ٧٦) . وحين أرسل يوحنا تلاميذه ليسألوا يسوع هل أنت الآتي، أي المسيا المنتظر، أم ننتظر آخر ، لم يجب يسوع بكلمات بل بمعجزات شفاء تخص المسيا شخصيا .” إن العمى يبصرون والعرج يمشون والبرص يطهرون والصم يسمعون والموتی يقومون والمساكين يبشرون ” (لو ۲۲:۷) . لقد حقق الرب في حياته بالجسد على الأرض جميع النبوءات عن المسسيا الذي يعطي سلاما وفرحا ” فيأتون ويرنمون في مرتفع صهيون ويجرون إلي جود الرب” (أر ۳۱ : ۱۲).

أشعياء كان ينتظر ذلك اليوم عندما قال ” ويأتون إلى صهيون بترنم وفرح أبدى على رؤوسهم ، ابتهاج وفرح يدركانهم . ويهرب الحزن والتنهد” (أش ٣٥ : ۱۰).

لقد جاء المسيا يسوع في ملء الزمان

+ في شخصه يرى الآب السماوي الإنسان كما كان يشتهي هوالنموذج الذي يبتغيه .

+ وفي شخصه يرى الإنسان الأب السماوي لأنه قال بفمهالطاهر من رآني فقد رأي الآب

ثانيا : وسيأتي مرة أخرى

وقد سبق الرب وأنبا تلاميذه عن علامات مجيئه الثاني المخوف المملوء مجدا

+ ستقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن وهذه مبتدأ الأوجاع .

+ يقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين ويكون المختارون مبغضين من الجميع

+ يأتي الارتداد ويستعلن إنسان الخطية ابن الهلاك ويجلس في هيكل الله مظهرا نفسه إنه إله ولكن الرب سيبیده بنفخة فمه ويبطله بظهور مجيئه (۲تس ۲) .

+بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السموات تتزعزع .

+ يظهر علامة ابن الإنسان ( الصليب ) علانية في السماء وتنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان أتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير (مت ٢٤).

+ والرب نفسه بهتاف بصوت رئيس ملائكة وبوق الله سوف ينزل من السماء والأموات في المسيح سيقومون أولا وأما الأحياء الباقون فسيخطفون جميعا معهم صفي السحب لملاقاة الرب في الهواء (١ تس ٤: ۱۳ – ۱۸) . لأجل هذا طلب منا الرب قائلا ” فاسهروا إذا لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان ” (مت ٢٥: ۱۳)[14].

أيضاً للمتنيح الأنبا  بيمن

مجد وسلام ومسرة

وكان في تلك الكورة رعاة متبدين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم ، وإذا ملاكالرب وقف بهم ومجد الرب أضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما ، فقال لهم الملاك لا تخافوا. فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب . أنه ولد لكم اليوم في مدينة داودمخلص هو المسیح الرب . وهذه لكم العلامة تجدون طفلا مقمطاً مضجعاً في مذود . وظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين المجد لله فيالأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة ” (لو ٢ : ٨ – ١٤).

المجد لله في الأعالي

الابن هو بهاء مجد الأب ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته . هو الذي كلمنافيه في الأيام الأخيرة . بعد أن كلم الآباء بالأنبياء قديما بانواع وطرق كثيرة . ففيالقديم تكلم في مجد العليقة مع موسي عندما دعاه للخدمة ، وتكلم معه أيضا على جبلسيناء في جبل ملموس مضطرم بالنار وضباب وظلام وزوبعة وهتاف بوق . وكان المنظرمخيفا حتى قال موسی أنا مرتعب ومرتعد .

وتكلم مع هارون ورؤساء الكهنة في خيمة العهد في الشكينة بين الكاروبین . وكان مجدالله يغطى الخيمة كلها .

وتكلم مع سليمان وكان مجده يغطي الهيكل كله ، ولكن في هذه جميعها ما اهتزتالسماء بالصورة المفرحة المبهجة المشرقة التي رأيناها فی بشارتها للرعاة . ها أناأبشركم بفرح عظيم ” . ومع رئيس جند الرب ظهر جمهور من الجند السماوي مسبحينالله قائلين المجد لله في الأعالی .

حقا أن الله مجده يفوق الأعالی وسماء السموات . فالمجد والجلال قدامه ، العزوالجمال في قدسه (مز ٦:٩٦) ، لقد ارتفع عظم جلالك يارب فوق السموات، وإلىالملائكة تنسب حماقة ، وليس شيء طاهر قدامك . فانت وحدك القدوس المملوء مجدا .

ولكن يلزمنا أن نشير هنا إلى أنه هناك سر من أعظم الأسرار الإلهية . فإن اتضاعالرب العجيب وإخلاءه لذاته ليصير إنسانا مثلنا في كل شئ و فيما عدا الخطيةوحدها . هذا التنازل الإلهي المذهل هو الذي جعل السموات قادرة أن تحتمل السكوتوالصمت فاسرعت تعلن للبشرية عظم مجد الإله المتجسد الذي قبل عارنا ومسكنتناومذلتنا ، وصار مثلنا جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا لابن وحيد مملوء نعمة وحقا.

وفي صلاة الرب الشفاعية الأخيرة بين المخلص أن تجسده وتنازله العجيب إنما كانلكي يعطينا مجده . إذ يقول : ” وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني ليكونوا واحدا . كما أننا نحن واحد . أنا فيهم وأنت في ليكونوا مكملين إلى واحد وليعلم العالم أنكأرسلتني ، وأحببتهم كما أحببتنى . أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونونمعي حيث أكون أنا لينظروا مجدي الذي أعطيتني لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم ” (يو ۱۷ : ۲۲ – ٢٤) .

فحركة التنازل الإلهي كان لابد أن يقابلها من الطغمات السمائية حركة تسبیح وتمجيدتليق بكرامة الوليد ” سبحوه – مجدوه – زيدوه علوا ” .

والإنجيل في بشارته وأحاديثه عن رب المجد يقرن بين المجد والصليب كما وحدت بشارةالملاك بين المجد السماوي و الإخلاء والبذل والتجسد الفائق الإدراك . فعندما يقولالكتاب أن الرب يسوع لم ” يتمجد بعد ” يعني إنه لم يصلب بعد . وداود يكشف هذهالحقيقة في مزموره ” أن الرب ملك على خشبة ” .

حقا أن الرب غيور على مجده ” أنا الرب هذا اسمي ومجدي لا أعطيه لآخر ” (اش ٤٢: ۸) ، ولكنه في حبه وبذله أعطى للكنيسة مجد میراثه واستودعه في القديسين كمايقول بولس الرسول : ” لتعلموا ماهو رجاء دعوته وغنى مجد میراثه في القديسين”والقديسون إذ يهبهم وهم على الأرض عربون هذا الميراث يزدادون في الاتضاعوالمسكنة والسجود تحت قدميه “ليس لنا يارب . ليس لنا لكن لاسمك أعط مجدا ” (مز١١٥ : ۱) .

على أن مجد الميلاد قد كشف لنا عن أمجاد للابن عاينها الرسل القديسون وسطرها لناالوحي الإلهي فهو مجد يتلوه مجد .

فمجد التجلي على جبل طابور يقول عنه الوحي : ” وفيما هو يصلى صارت هيئة وجهةمتغيرة ولباسه مبيضا لامعا ، وإذا رجلان يتكلمان معه وهما موسی وإيليا اللذان ظهرابمجد وتكلما عن خروجه الذي كان عتيدا أن يكمله في أورشليم .. التحفوا بالسحابوصار صوت منها قائلا : ” هذا هو ابني الحبيب . له اسمعوا ” (لو ٩ : ۲۸ – ٣٦) ،والعجيب أيضا إن هذا المجد لم يعلن إلا عندما تكلم يسوع مع تلاميذه عن آلامه المزمعتذوقها ، وحين ثبت وجهه لينطلق إلى أورشليم مدينة المؤامرات والأعداء المتربصين .

ومجد الميلاد هو الذي أعطانا مجد الصليب . فلولا تجسده وتأنسه ماقدم الرب ذبيحةنفسه ، وما جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة .. فهو الذي دخل الأقداس مرة واحدةفوجد فداء أبديا ، وصار دمه الذي قدم بروح أزلي يطهر ضمائرنا جميعا من كل أعمالميتة لنخدم الله الحي .

فمن ثم يقدر أن يخلص أيضا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الآب إذ هو حي فيكل حين ليشفع فيهم .. هو قدوس انفصل عن الخطاة وصار أعلي من السمواتوحصل على خدمة أفضل بمقدار ما هو وسيط ايضا لعهد أعظم قد تثبت على مواعيدأفضل .

ومجد الميلاد الذي وهبنا مجد التجلي والصليب أعطانا ايضاً مجد القيامة والصعود . ففي بشارة الميلاد رئيس الملائكة ومعه جند سماوي يبشرون الأرض بفرح عظيمويعلنون عظمة مجد الله في الأعالى ، وفي القيامة رئيس الملائكة ينزل ويدحرج الحجرليبشر النسوة الخائفات والحزاني أن يسوع قد قام بالحقيقة قد قام . فحول أحزانالكنيسة الى أفراح مبهجة ، وضعف التلاميذ والمؤمنين إلى قوة مذهلة ، وأعلن يسوعبمجده أنه حطم متاريس الجحيم وكسر شوكة الموت وأدخل إلى عالمنا المائت روحالقيامة وإذ بالعظام الجافة والنتنة جدا قد تحققت فيها النبوة وصار منها جيش عظيمجدا جدا (حز ۳۷) ، وعنده صعوده المجيد إلتحف الرب بالسحاب وأرتفع إلى مجدهالسماوي وأخذته سحابة عن أعين تلاميذه . وجاءت الملائكة تبشر وتعلن أن يسوع هذاالذي أرتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلى السماء .

فيسوع رب المجد بعدما قدم مرة لكي يحمل خطايا كثيرين سيظهر ثانية بلا خطيةللخلاص الذين ينتظرونه .

يارب مجد ميلادك الذي من الأعالي سكب على الأرض أمجادا لا يحسها إلا المؤمنون ،وأعطي عربون المجد العتيد الآتي لكل من يناله من المفديين .

هؤلاء هم الذين وهبوا أن يرنموا أمام عرشك الممجد ترنيمة جديدة ويتبعونك حيثماتذهب.. هؤلاء اشتروا من بين الناس باكورة لله وللخروف . وفي أفواههم لم يوجد غشلأنهم بلا عيب قدام عرشك العظيم ” (رؤ ١٤: ٣-٥) .

يارب أن مجرد وصف يوحنا الرائي لأمجادك السمائية يملأ قلوبنا فرحا ورعدة معا .. فأربعة وعشرون عرشا .. واربعة وعشرون متسربلين بثياب بيض وعلى رؤوسهم أكاليلمن ذهب ، وأمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة هي سبعة أرواح الله . والأربعةالحيوانات غير المتجسدين مملوءة عيونا قائلة ليلا ونهارا ” قدوس قدوس قدوس الربالإله القادر على كل شئ الذي كان والكائن والذي يأتي ” .. ويسجد الجميع أمامعرشك العظيم ويطرحون أكاليلهم أمام العرش قائلين : ” أنت مستحق أيها الرب أنتأخذ المجد والكرامة والقدرة لأنك أنت خلقت کل الأشياء ” مستحق كل كرامة لأنكأحببتنا وصرت إنسانا مثلنا وغسلتنا من خطايانا بدمك وجعلتنا ملوكا وكهنة لله أبيك ،لك المجد والسلطان الى أبد الآبدين امين .

سلام على الأرض

يقول داود النبي : ” بالآثام حبل بي وبالخطايا ولدتني أمي “والرسول بولس يشرحهذا بقوله : ” الجميع زاغوا وفسدوا معا . ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد .. أرجلهم سريعة الى سفك الدم . في طريقهم اغتصاب وسحق وطريق السلام لم يعرفوه. ليس خوف الله قدام عيونهم .. لكي يستد كل فم ويصير كل العالم تحت قصاص منالله ” (رو ٣: ١٢ – ۲۰) .

وأما الآن فقط ظهر بر الله بدون الناموس مشهودا له من الناموس والأنبياء، بر اللهبالإيمان بيسوع المسيح إلى كل وعلى كل الذين يؤمنون .

فإذ قد تبررنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح الذي به أيضا قد صار لناالدخول بالإيمان إلى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون (رو ٥ : ١) .

لقد كنا أعداء بسبب الخطية وصار الحجاب بيننا وبين السماء. وفي هذا يشرحالقديس بولس حالة البشرية قبل ميلاد المسيح بقوله : ” وأنتم إذ كنتم أمواتا بالذنوبوالخطايا التي سلكتم فيها قبلا حسب دهر هذا العالم حسب رئيس سلطان الهواءالروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية . الذين نحن أيضا جميعا تصرفنا قبلا بينهمفي شهوات جسدنا عاملين مشيئات الجسد والأفكار وكنا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضا. الله الذي هو غني في الرحمة من اجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها ،ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح مخلصون (أف ۲ : ۱ – ٥) .

 

فميلاد المسيح غير العلاقة التي بين الأرض والسماء إذ أبطل العداوة . والذين كانواغرباء عن عهود الموعد بلا رجاء وبلا إله في العالم .. هؤلاء جميعا في المسيح يسوعصاروا قريبين بدم المسيح . لأنه هو سلامنا الذي جعل الاثنين واحدا ونقض حائطالسياج المتوسط اي العداوة مبطلا بجسده ناموس الوصايا في فرائض لكي يخلقالإثنين في نفس إنسانا واحدا جديدا صانعا سلاما ، ويصالح الاثنين في جسد واحدمع الله بالصليب قاتلا العداوة به ، فجاء وبشرنا بسلام نحن البعدين والقريبين . لأن بهلنا كلينا قدوما في روح واحد إلى الآب ، فلسنا إذا بعد غرباء ونزلاء بل رعية معالقديسين وأهل بيت الله . (افسس ٢ : ١٣ – ۱۹) .

فالمسيح إلهنا أوجد السلام بين السماء والأرض .. ذلك لأن الله الآب صار ينظر إلىالمسيح فيجد الإنسان ، والإنسان صار ينظر إلى المسيح فیری مجد الأب .. المسيح إذاهو وحدة الإنسان في الله واتحاد اللاهوت بالبشرية .. فما عادت البشرية تحت اللعنةوالغضب لأن لها شفيع ووسيط واحد قدام الآب إذ هو حي كل حين يشفع فيها .

والمسيح إلهنا أوجد السلام بين اليهود أهل الختان وبين الأمم أهل الغرلة، ذلك لأنالعداوة التي كانت بينهم كانت بسبب الناموس الذي كان يحكم على الأممی بأنه نجس.. ولكن لما جاء المسيح لم يعد هناك يهودی ولا یونانی لیس عبد ولا حر ، ليس ذكروأنثى لأن الجميع صار واحدا في المسيح يسوع .. فكل من يؤمن بالمسيح مولود بيتلحم إنه يسوع المخلص والمسيا المنتظر هو ابن لإبراهيم الآن وهو وريث للمواعيدوالعهود والإشتراع ، بل هو رعية مع القديسين واهل بيت الله .. وقد حارب بولس الرسولوحوشا في أفسس من أجل هذا الإيمان ولاقي الصعاب من الأخوة الكذبة لأنه كرسنفسه للتبشير بان الخلاص ليس بأعمال الناموس ، وإنما بالإيمان بالمسيح يسوع .. وإن الأمم شركاء في الميراث والجسد ونوال موعده في المسيح بالإنجيل .

فمبارك مولود بيت لحم و جمع فی السماوات والأرض ، وألف ووحد السامريين معالعبرانيين واليونانيين مع أسباط إسرائيل . وهكذا بالحقيقة صار بين الجميع سلام .. ليس كما يعطي العالم ولكنه سلام إلهي يفوق كل عقل يحفظ أفكار الجميع في المسيح يسوع ..

وجاء يسوع سلاما للإنسان أيضا مع نفسه .. فالوحدة التي كانت بين قوی الإنسانالداخلية قبل السقوط صارت عرضة للتمزع بسبب الخطيئة والعصيان .. ومن ثم ظهرتالأمراض الجسمية والنفسية والعقلية والخلقية والسلوكية والاجتماعية .. هذه كلهاعالجها يسوع بميلاده المجيد . إذ جاء الإنسان كما أراده الآب في نموذجه الذي كانفي قصده من سابق الدهور ومن خلال الشركة مع ابن الإنسان نستطيع أن نحيا فيسلام مع أنفسنا فالإنسان الروحي قواه متجمعة .. ليس إنسانا مبعثرا مشتتا .. الروحالقدس يوحد قواه ويعطيه تكامل الشخصية على حد تعبير علماء النفس .. أماالشيطنة فهي التشتت بعينه ، لهذا لما سئل الشيطان عن اسمه قال لجئون أي كثيرون. أما المسيح فقال أنا والآب واحد .

حقيقة أن المؤمن قد يتعرض لبعض الأمراض بحكم وقوع الجسد تحت نواميس الطبيعةالتي لم تفتد بعد ولكن النعمة تعطيه الغلبة والنصرة والارتفاع فوق كل ضعفات هذه الأمراض .. ففي الجسم آلام .. ولكن ف القلب سلام .

میلاد المسيح على ارضنا أعطى سلاما للإنسان مع الله وللإنسان مع أخيه وللإنسان مع نفسه .

على أن نوعية السلام الذي أعطاه الرب للبشرية بميلاده المجيد ليس كالنوع السياسيأو الدبلوماسي ولكنه نوع آخر روحى . سلام في إطار الحب والحق معا . فالمسيحيحريص على أن يعكف على ما هو للسلام وماهو للبنيان كما أوصی الرسول فيرسالته إلى (رو ١٤: ١٩) وأن يتبع السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرىاحد الرب (عب ۱۲: ١٤) . ولكنه حريص على الحق كل الحرص فهو لا يستطيع أنيتجاوز الحق من أجل سلام زائف هو في الحقيقة هروب من الإلتزام وأخذ المواقف . يقول أشعياء النبي الإنجيلي ” لا سلام قال الرب للاشرار . ليس سلام قال إلهي للأشرار ” (اش ٤٨: ۲۲ )،( اش ٥٧: ٢١) .

وهذه النبوة أوضحها الرب في تعاليمه عندما قال ” لا تظن أنى جئت لألقي سلاما علىالأرض – مع أنه دعي رئيس السلام – ما جئت لألقى سلاما بل سيفاً، فإني جئت أفرقالإنسان ضد أبيه والابنة ضد أمها والكنة ضد حماتها ” .

وأثبت التاريخ حقيقة هذا الأمر إذ وقفت القديسة دميانة ضد والدها والمطوبة بربارةضد أبيها ومارجرجس المصري ضد خاله وألوف من سحابة الشهود التي حولنا كانألد أعدائهم أهل بيتهم .

أنه يوم الميلاد المجيد اليوم الذي فيه الرحمة و الحق تلاقيا . والبر والسلام تلاثما ، قدصار خلاص الرب قريبا من خائفيه ، واستمع داود بروح النبوة إلى ما يتكلم به الربالإله ، أنه يتكلم بالسلام لشعبه ولقديسيه وحدهم .

فأنوار الميلاد أشرقت إلى البسطاء والمساكين والحملان طیبی القلوب والذين عاشواعلى الرجاء ولكنهم كانوا جالسين في الظلمة وظلال الموت فأضاء نور الميلاد إلى هؤلاءجميعا لكي يهدي أقدامهم في طريق السلام .(لو ١ : ۷۹) .

وأما الفريسيون والمراءوون والكتبة والمعلمون الذين امتلأوا صلافة وغرورا وكبرياء ، فإننجم المولود لم يظهر لهم . وبشير الرعاة لم يتراءى عندهم ، وهذه مقاصد الله العجيبةإنه اختار جهلاء العالم لكي يخزى بهم حكمة الحكماء وأختار البسطاء والضعفاء لكييخجل بهم المنتفخين والمتعالين والمترفعين عن المساكين والخطاة .

 

ولا نعجب إذا عندما يقف سمعان الشيخ في الهيكل ويتنبأ عن الصبي يسوع الذيأدخل إلى الهيكل ليصنع له حسب عادة الناموس . أنه يقول لمريم أمه ” ها إن هذا قدوضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ولعلامة تقاوم . وأنت أيضا يجوز في نفسكسيف لتعلن أفكار من قلوب كثيرة ” (لو ۲: ٣٤ – ٣٥).

فمنذ ولادة الرب انقسمت البشرية إلى نوعين . نوع وديع روحي يفرح بخلاص الربويمجد وليد المذود ولا يحتقر الساكن في بيت يوسف النجار ولا يعثر من الصليب لأنالعين الروحية كشفت إنه وإن كان في مذود إلا أنه ملك المجد الذي يجلس على عرشالسماء وعلى قلوب الودعاء ، وإن كان فقيرا مقمطاً بلفائف ممزقة ولكنه كان عندالبسطاء واهب الحياة الذي له وحده يحق السجود والإكرام والتسبيح .

فالمجوس قدموا ذهبا لأن الحق كشف عن عيونهم ملكه ومجده ، ، وقدموا لبانا لأنبصيرتهم الروحية أوضحت لهم رئاسة كهنوته وكيف أنه قدوس انفصل عن الخطاةوصار أعلى من السموات .. وقدموا له مرا لأن تجربتهم الروحية كشفت لهم عن نبوته وعمق آلامه المزمع أن يذوقها من أجل الخطاة والبعيدين والضالين . هذا هو السلامالذي في إطار الحق .

أما هيرودس الذي طلب أن يعرف من المجوس مكانه ، وكذلك حنانيا وقيافا والكتبةفكان سلامهم غشا وتحياتهم كذباً وحوارهم مع الرب خبثاً وتصيداً.

وهكذا من جيل إلى جيل ستظل كلمات سمعان الشيخ عن المسيح هي المعيار الذييكشف نوعية السلام وصدق أصالته . فالخبثاء والأشرار والهالكون قد وضع المسيح لسقوطهم .. والودعاء والبسطاء والخطاة المترجون خلاص الرب قد وضع الرب لقيامهم .

وانا وانت يا أخي أيضا لا نستطيع أن نتمتع بالسلام الذي يفوق كل عقل ويحفظأفكارنا وقلوبنا في المسيح يسوع إلا إذا كنا على استعداد أن نسير مع الرب في نفسالدرب والمسار الذي سلكه .. نسالم الجميع قدر طاقتنا . ولكن ينبغي أن يطاع الله أكثرمن الناس ، ومن أحب أبا أو أما أو أخا أو أختا أو أولادا او حقولا أكثر من الرب فإنهلا يستحقه . مسكين الذي يحيا في عبودية البشر واسر الناس .

مهما كان نفوذهم ومراكزهم .. إن سلامه زائف واختباره غاش لأن النعمة والحق معابیسوع صارا .

ربي لقد أعطيت بميلادك للبشرية سلاماً يدخل القلب أعتاب الأبدية .. لقد تحققت بهنبؤة حزقيال : ” وأقطع معهم عهد سلام وأنزع الوحوش الرديئة من الأرض ( الغرائزالبشرية المنحرفة ) فيسكنون في البرية مطمئنين وينامون في الوعود ، يكونون آمنينفي أرضهم ويعلمون إني أنا الرب عند تکسيری ربط نيرهم ” (حز ٣٤ : ٢٥ – ۲۷).

نعم استيقظى استيقظي إلبسي عزك يا صهيون . إلبسي ثياب جمالك يا اورشليمالمدينة المقدسة لأنه لا يعود يدخلك في ما بعد نجس .. ما أجمل علی الجبال قدمیالمبشر المخبر بالسلام ، المبشر بالخير المخبر بالخلاص القائل لصهيون قد ملك إلهك(اش ٥٢ : ۱ و ۷) .

آه يا فرحة قلوبنا بمجيئك إلى عالمنا يارب ، يا بهجة نفوسنا بتجسدك واتحادكبطبيعتنا ، یا سلام حياتنا بميلادك .. فلتفرح يا أشعياء لأن نبؤتك قد تحققت ولحنالفرح الذي كنت تعزفه ولا تفهم له معني قد فهمته البشرية ، عرفه الرعاة المتبدونوتفهمه المجوس الحكماء ، وتهللت له جنود السمائيين وتعيد له نفوسنا مع بيت لحمالصغرى والتي صارت العظمي في كل مدن التاريخ .. قل يا أشعياء عزوا عزوا شعبييقول إلهكم ، طيبوا قلب أورشليم . نادوا بأن جهادها قد كمل إن إثمها قد عفى عنهإنها قد قبلت من يد الرب ضعفين عن كل خطاياها .. الأودية تمتلئ والأكمة تنخفضوالشعاب تستقيم ويبصر كل إنسان خلاص الرب العجيب (اش ٤٠) .

وبالناس المسرة

المسرة التي قصدها الكتاب المقدس مسرة روحية تملا القلب فرحا ونعيماً .. أنها منثمار عمل النعمة ، أنها فاعلية الروح القدس في القلب ، أنها نتيجة حتمية للسلامالقلبي الداخلي..

والمسرة الحقيقية هي التي بين الآب والابن في وحدة علاقة الأقانيم الفائقة المعرفة . ” نعم أيها الآب لأن هكذا صارت المسرة أمامك . كل شئ قد دفع إلى من أبی . وليسأحد يعرف الابن إلا الآب ” (مت ١١: ٢٦) .

وهذه المسرة هي التي ملأت قلب الابن والتي جعلته يحتمل الصليب مستهيناً بالخزي . وفي هذا يقول بولس كاتب العبرانيين ” ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذيمن أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمينعرش الله ” (عب ۲:۱۲) .

ومن ينبوع هذه المسرة أرتشف الشهداء . فاحتملوا التعذيب والإضطهادات .. وكانتكلها دافعا إلى مزيد من السرور حتى ان الرسول بولس أصبحت آلام الخدمةواضطهاداتها هي موضوع سروره وفخره في كتاباته وحياته ” وأما أنا فبكل سرورانفق وانفق لأجل أنفسكم (٢كو ۱۲ : ١٥) .

 

ومن ينبوع هذه المسرة أرتشف أيضا النساك والسواح والعباد والمتوحدون . ومن شدةحبهم وفرحهم بالمسيح نسوا البشر والبشريات على حد تعبير الشيخ الروحاني .. ضمرت أجسادهم ونسوا كل ما هو ضروري لقوام الحياة ولم يتبق لهم سوى حبهموفرحهم ومسرة قلبهم بذاك الذي أحبهم ومات لأجلهم وقام .

والناس – وبالأخص في الغرب – حولوا المسرة الروحية إلى مسرات جسدية ونفسية .. فعيد الميلاد في الغرب لا تلحظ فيه إلا بابا نويل والهدايا وبطاقات المعايدات وشربالخمر في الحانات والفنادق . وشراء أفخر المأكولات وإقامة أعظم الاحتفالات. واختفىمولود بيت لحم في وسط هذه المظاهر الكاذبة حتى إنه يخيل لي أن مريم العذراء لووقفت به بخرقه البالية امام الكاتدرائيات الفاخرة لما سمح لهما أن يدخلا حتى لايشوها جمال الاحتفالات .. ولو وعظ القادة وكبار رجال الدين في ليلة العيد لما تكلمواإلا على عظمة الإنسان الذي تأله لأن الإله قد صار إنسانا !!

صار وليد المذود غريبا ، وصارت مسرته لجماعة قليلة ولفئة صغيرة في العالم تعرفه حقالمعرفة ، وتلحظ حضوره في القلب وفي الكنيسة . عاريا من كل أبهة عالمية بل وظلالصلیب واقع عليه منذ ميلاده وعداء الأشرار متربص به منذ وضعته العذراء مريم فيالمذود وهذا ما عناه الرب عندما قال : ” لدينونة أتيت إلى العالم حتى يبصر الذين لايبصرون ويعمى الذين يبصرون ” (يو ٩ : ٣٩) . ولأجل هذا فإن الترجمة السليمةلأنشودة جوقة الملائكة المبشرة بالميلاد هی المجد لله في الأعالى وعلى الأرض والسلاملمن سر بهم ويعملون ما يرضيه ” . أي أن السلام والمسرة هما للذين ارتضوا بهمخلصا ومنهجا وطريقا للحياة ، ولكل الذين أحبوا وأطاعوا مشيئته كما أحب وأطاعهو مشيئة أبيه .. فمسرتهم كانت في الضيق كما في الرحب . في الألم كما في الراحة، في السجن والتشريد كما في الكرازة ونجاح الخدمة ..

ولكن المسيحية وإن كان فيها الخارج يفنى إلا أن الداخل يتجدد . والرب وعده صادق وأمين : ” أنتم ستحزنون ولكن حزنكم يتحول إلى فرح .. عندكم الآن حزن ولكنيسأراكم أيضا فتفرح قلوبكم ولا ينزع أحد فرحكم منكم .. اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملا .. في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم ” (يو ١٦).

كيف تمارس الكنيسة الأنشودة عملياً

الكنيسة تحيا وتمارس أنشودة الفرح في حياتها ودورات عباداتها اليومية والأسبوعيةوالسنوية.. ففي كل يوم تمارس التسبحة اليومية وكلها تمجيد لاسم الله العظيمالقدوس في ميلاده وتجسده وفدائه وقيامته ..وفي التسبحة الكيهكية مثلا تمتلئالصلوات والتسابيح بالفرح والتمجيد لاسم الله القدوس .. عجيب هو الله في قديسيهإله إسرائيل هو يعطي قوة وعزة لشعبة يفرحون ويتهللون أمام الله ويتنعمون بسرورمبارك.

فليفرح الأبرار بالفرح والصديقون صرخوا إلى الرب فسمع لهم ونجاهم من جميع شدائدهم .

قريب الرب من مستقيمي القلوب والمتواضعي الأرواح يخلصهم .. نور اشرق للصديقينوفرح لمستقيمي القلوب . افرحوا بالرب أيها الصديقون واعترفوا لذكر قدسه هلليلويا .

الأم صهيون تقول أن إنسانا وإنسانا حل فيها ، وهو العلي الذي أسسها إلى الأبدهلليلويا .

وفي تذاكيات الأيام ترنم الكنيسة فرحه

يسوع المسيح الكلمة الذي تجسد وحل فينا ورأينا مجده مثل مجد ابن وحيد لأبيه قدسر أن يخلصنا .. أشرق جسدا .

الكائن والذي أتى وأيضا ياتى يسوع المسيح الكلمة الذ تجسد بغیر تغییر صار إنساناكاملا . لم يمتزج ولم يختلط ولم يفترق باي شئ من الأنواع من بعد الاتحاد . لكنطبيعة واحدة وأقنوم واحد وشخص واحد لله الكلمة أشرق جسديا ..

السلام لبيت لحم مدينة الأنبياء التي ولد فيها المسيح آدم الثاني لكي يرد آدم الإنسانالأول الذي من التراب إلى الفردوس . ويحل حكم الموت إذ قال يا آدم إنك من ترابوإلى التراب تعود ، لأنه حيث كثرت الخطية فهناك تزايدت نعمة المسيح .. أشرق جسديا .

جميع الطغمات السمائية ينطقون طوباويتك ايتها العذراء لأنك أنت هي السماء الثانيةعلى الأرض . باب المشارق هي مريم العذراء .. الآب تطلع من السماء فلم يجد من يشبهك . أرسل وحيده . أتي وتجسد منك .

عيد بتولي يدعو لساننا اليوم لكي نمدح والدة الإله مريم . من أجل الذي ولد لنا فيمدينة داود مخلصنا يسوع المسیح الرب .. السلام للعبدة والأم العذراء والسماء التيحملت جسديا الذي على الكاروبيم . بهذا نفرح ونرتل مع الملائكة القديسين بتهليلقائلين ” المجد لله في الأعالى . وعلى الأرض السلام وفى الناس المسرة ” لأنه سر بكالذي له المجد الى الأبد . هو أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له .. النسبحه ونمجده ونزيده علوا .

وفي ليتورجيا الأفخارستيا نمجد میلاد الحمل ونقدم الشكر لله الآب خلال ابنه وفيطقس اختيار الحمل إشارات وطقوس تمجد الميلاد الإلهي ويعتبر سر الأفخارستيا هوالتذكار الحي المتجدد الدائم لهذا الميلاد في الكنيسة وتحمل القداسات صلوات كثيرةفي هذا الصدد فيقول القداس الباسيلى : ” يا الله العظيم الأبدي الذي جبل الإنسانعلى غير فساد و الموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس هدمته بالظهور المحييالذي لابنك الوحيد ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح وملأت الأرض من السلامالسمائي الذي تمجده الملائكة قائلين : ” المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلاموبالناس المسرة ” . والقديس اغريغوريوس في قداسه يقول ” هذا الذي سقط بغوايةالعدو ومخالفة وصيتك المقدسة ، وعندما أردت أن تجدده وترده إلى رتبته الأولى ، لاملاك ولا رئيس ملائكة ولا رئیس آباء ولا نبي ائتمنته على خلاصنا بل أنت وحدكتجسدت وتأتست وشابهتنا في كل شئ ما خلا الخطية وحدها وصرت لنا وسيطا لدىالآب ، والحجاب الفاصل نزعته ، والعداوة القديمة هدمتها ، وأصلحت السمائيين معالأرضيين ، وجعلت الاثنين واحدا .

وإذا كانت الكنيسة تحقق أنشودة السمائيين في الليتورجيات ، فهي تسعى أيضاًلتحقيقها في حياة الشركة والمحبة والألفة التي بين الإكليروس والشعب وبين أعضاءالكنيسة بعضهم بعضا حتى يكون مجال الكنيسة مجال فرح وسلام ومسرة وتحقققصد الله من إنشائها أن تكون أرضا في السماء أو مجالا لهبوط السماء واستقرارهاعلى الأرض لأجل هذا تحرص على وحدانية القلب التى للمحبة وتصلي من أجل هذابإلحاح في صلوات كثيرة ، وتلح في الطلبة من أجل الجميع الكبير والصغير من أجلالبعيدين والقريبين ، من أجل الأعداء والمحبين لكي يملك سلام الله على قلوب المؤمنينداعية قائلة ” املأ قلوبنا فرحاً ونعيماً إذ يكون لنا الكفاف في كل شئ فى كل حيننزداد في كل عمل صالح “.

والكنيسة في وظيفة الدياكونية كما في الليتورجيا والكينونيا ( الشركة ) تسعی إلىتحقيق أنشودة الميلاد فهي تگرز وتخدم المعدمين والفلاحين كما تبشر الحكماءوالمجوس. و تنادی بسنة مقبولة للرب ، داعية ومنذرة أن الوقت مقبول واليوم يوم خلاصساعية نحو مصالحة الناس مع الله ، ومصالحتهم مع الأخرين ، ومصالحتهم معأنفسهم منادية للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالإطلاق ، لتعزي كل النائحين لتعطيهمبيسوع الحبيب جمالا عوضا عن الرماد ودهن فرح عوضا عن النوح ورداء تسبيح عوضاعن الروح اليائسة .

+ يا نفس كل إنسان حزین ساقط .

+يا قلب كل شاب يائس منطرح .

+ یا حياة كل فرد لا يزال يعيش في الكورة البعيدة في عبودية الخطية ودينونةالناموس.

+ اسمعوا . أستيقظوا . قوموا واستنيروا .

استيقظي استيقظى البسی عزك يا صهيون فيسوع قد ولد اليوم فی بیت لحم نوراللأمم وخلاصا لإسرائيل ، قومی البسي ثياب جمالك يا أورشليم المدينة المقدسة . انتفضي من التراب . انحلي من ربط عتقك أيتها المسبية ابنة صهيون .

قومی استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك .

+ مبارك أيها الآب الحبيب يا من بذلت ابنك واعطيتنا اياه وليدا حبيبا یولد فی مذودقلوبنا فيحيل ظلمتها الي انوار أبدية.

+وممجد أيها الإبن المبارك يسوع يامن أعطيتنا بتجسدك وبمیلادك أن نكون شركاءللطبيعة الإلهية .

+ ومسبح أيها الروح القدس الذي يقدس الى التمام ليهيئ شعبا مستعدا لمجئالعريس القادم الآتى سريعا لياخذ العروس .

لك كل مجد أيها الثالوث القدوس آمين[15].

المتنيح القمص تادرس البراموسي

اليوم التاسع والعشرون من شهر كيهك المبارك

لأن منك يخرج مدبر يرعى شعب إسرائيل (مت ٢: ١- ١٢)

بعد أن أخطأ أبونا آدم ووعد اله بالخلاص إستمر العالم يرزخ تحـت نير هذه الخطيةوكان وعد الله للإنسان . لما كان سبب الخطية هي المرأة أى حواء هكذا يكون دور المرأةفي الخلاص مـن الخطيـة وقال هكذا نسل المرأة يسحق رأس الحية ومرت سنين وأيامولم لم يكن أحد من الخليقة فيه الكفاية أن يقوم بهذا الدور وهذه المهمة لأن الوقت لميكن قد حان حسب ما وضعه الله فـى سـلطانه ويقـول الكتاب لما جاء ملئ الزمان أتىإبن الله مولوداً من إمـرأة تحت الناموس ليقتدي الذي تحت النـاموس وفـي سـنة ٥٥٠٠للعـالم وبالتحديد كما وضعت الكنيسة في يوم ٢٩ برمهـات وهـو عيـد البشارة أرسلالله الملاك غبريال يزف خبـر البشـارة المفرحـة بمولود جديد يكون فيه خلاص العالم . فوقف الملاك أمام العـذراء مريم في مدينة الناصرة وهي إحدى قرى الجليل . وقال لهاسلام لك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك . هذا الخبر هز كيان السيدة العـذراء ولا سيماعندما قال لها مباركة في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك وأنك ستحبلين وتلدين إبناًوتدعو إسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم إضطربت السيدة العذراء وقالت منأين لي هذا وأنـا لا أعرف رجلا قال لها الملاك الروح القدس يحل عليك وقوة العلـىتظللك لذلك المولود منك يدعى إبن الله . فرحت العذراء وقالت ها أنا أمة الرب ليكن ليكقولك ومضى من عندها الملاك . كانت السيدة العذراء مخطوبة لرجل أسمه يوسف ولماعلم بحبلها شك في الأمر وبما أنه كان رجلا باراً أراد تخليتها سـرا ولـم يشـاء أنيشهرها لكن الله محب البشر أرسل ملاكه ليوسف وقال له لا تخف أن تأخذ مريمإمرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القسم ستلد إبناً وتدعو إسمه يسوع لأنهيخلص شعبه من خطاياهم ولكي ما يتم ما قيل من الرب بالنيي القائل ها العذراءتحبل وتلـد إبناً وتدعو إسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا ، مضت السيدة العذراءإلى القديسة أليصابات إبنة خالتها لتفرح معها . تلك العاقر التي من الله عليها بإبنفي شيخوختها وفرحت معها ، تهللت السيدة العذراء وقالت تعظم نفسي الرب وتبتهجروحي بالله مخلصى لأنـه نظـر لإتضاع أمته فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنيلأن القدير صنع بي عظائم وأسمه قدوس ورحمته إلى جيل الأجيال للذين يتقونه. صنعقوة بذراعيه وشتت المستكبرين بفكر قلوبهم أنزل الاعزاء عن الكراسي ورفعالمتواضعين أشبع الجياع من الخيرات وصرف اغنياء فارغين . هذه التسبحة التيترنمت بها السيدة العذراء لـذلك ترددها الكنيسة في مناسبات عديدة ، ولما تمت أيامهالتلـد فولت إبنها البكر وقمطته ووضعته في المزود . إذ لم يكن لهم مكان فـي المنزل كانميلاد الرب يسوع في يوم ٢٩ كيهـك كمـا وضعته الكنيسة ويقابل يوم ٧ يناير من كلسنة . رب المجد يسوع خالق السماء والأرض لم يكن له مكان في المنزل . ووضع فـىمـزود البهائم . إفتقر وهو الغني ولد في بيت لحم بقرية صغيرة من قري الجليل .كماهو مكتوب بالنبي القائل وأنت يـا بيـت لـحـم لست الصغري بين رؤساء يهوذا لأن منكيخرج مدبر يرعى شعبي إسرائيل ولد الرب يسوع في أيام هيرودس الملـك . أعلـنالـرب ميلاده للأمم وكان مجوس من المشرق يرصدون النجوم والكواكب فرأوا النجموعلموا أنه مولود عظيم يأتى إلى العالم وجـاءوا إلـى أورشليم وسألوا أين هو المولودملك اليهود . فأننا رأينا نجمه وأتينا لنسجد له لما سمع هيرودس إضطرب لأنه فكـر أنيكـون ملـك أرضي ينافسه على الملك ولم يعلم أنه ملك الملوك ورب الأربـاب أضطربتكل أورشليم ربما دعى هيرودس المجوس سراً وتحقـق منهم زمان النجم وقال لهمأمضوا وأبحثوا عن الصـبي بالتـدقيق ومتى وجدتموه أخبروني لآتى أنا وأسجد لـهفمضـوا المجـوس وتقدمهم النجم حتى جاء ووقف حيث الصبي فلما رأوه فرحوا فرحاًعظيماً . وسجدوا له وفتحوا كنوزهم وقدموا له الهدايا ذهبـاً ولبانـاً ومراً . ثم الله محبالبشر أوحى إليهم في حلم أن لا يرجعوا إلـى هيرودس بل إنصرفوا في طريق آخرإلى كورتهم[16].

من وحي قراءات اليوم

” لست بصغيرة ….. لأنَّ منك يخرج مدبر يرعي شعبي إسرائيل ” إنجيل القدَّاس

+ إختار الله بلدة صغيرة ليأتي منها فجعلها منارة يحج إليها كل مسيحيي العالم

+ وإختار عذراء فقيرة ليأخذ منها جسداً فصارت موضع تطويب الأجيال (لو ١ : ٤٨)

+ وإختار بلد بعيدة ليهرب إليها وأعطي شعبها البركة الدائمة علي مر الزمان (أش ١٩: ٢٥)

+ وجعل جبل المقطم ينقله إسكافي وأكبر كاتدرائية في مصر علي إسم بائع ملح

+ وهكذا أيضاً صارت ذات الفلسين (لو ٢١ : ٣) وساكبة الطيب (مت ٢٦ : ١٣) موضعمديحنا وتكريمنا الدائم

+ وصار المُهان النفس في المسيح موضع تكريم الملوك (أش ٤٩ : ٧)

+ وأصبحت الدودة ( النفس الضعيفة ) قادرة علي سحق الجبال والآكام (أش ٤١ : ١٤ ، ١٥)

+ وإكتشفنا أن طبيعة الله ليست سُبْحانه وتعالي بل سُبْحانه وتنازل ( بحسب تعبيرالمتنيح القمص بولس بولس )

+ تنازل لكي يرفعنا ويمنحنا مجده ويُعطينا ذخائر الظلمة وكنوز المخابئ (أش ٤٥ : ٣)

+ فهل ندرك الآن أن أنبياءاً وأبراراً كثيرين إشتهوا أن يروا ما نري ( مجد الخلاصوالمُخلِّص ) وأن يسمعوا ما نسمع ! (لو ١٠ : ٢٤)


٢٩- القديس يعقوب السروجي – تفسير مزمور ٨٠ – القمص تادرس يعقوب ملطي

٣٠- ( كتاب السنة الكنسية القبطية – يسي عبد المسيح – إصدار الأغنسطس نبيل فاروق فايز

٣١- كتاب العذراء في فكر الآباء (صفحة ١٦٦ ) – القمص بنيامين مرجان باسيلي

٣٢- مجلة مدارس الأحد عدد شهر يناير لسنة ١٩٦٧

٣٣- الكتاب الشهري للشباب والخدام يناير ٢٠٠٤ – بيت التكريس لخدمة الكرازة

٣٤- مقتطفات من كتابات آباء الكنيسة في الميلاد المجيد (صفحة ٤٤ ) – كنيسة الشهيدين أباكير ويوحنا بأبي قير بإسكندرية

٣٥- المرجع : تفسير مزمور ٨٠ – القمص تادرس يعقوب ملطي

٣٦- كتاب الكرازة الرسولية للقديس إيرينيوس ( صفحة ١٨٧ ) – ترجمة دكتور نصحي عبد الشهيد ودكتور جورج عوض إبراهيم

٣٧- المرجع : مجلة مدارس الأحد عدد شهر يناير لسنة ١٩٦١

٣٨- كتاب مقالات الأنبا بولس البوشي أسقف مصر وأعمالها ( القرن ١٣ ) – القس منقريوس عوض الله

٣٩- كتاب المنجلية القبطية الأرثوذكسية ( صفحة ٦٩ ، ٧١ ) – قداسة البابا تواضروس الثاني

٤٠- كتاب دراسات في الكتاب المقدس – إنجيل متي ( صفحة ١٠٥ ) – الأنبا أثناسيوس مطران كرسي بني سويف والبهنسا

٤١- المرجع : كتاب شفتاك يا عروس تقطران شهداً ( الجزء الرابع صفحة ١ – ٤ ) – دير الأنبا شنوده العامر بإيبارشية ميلانو

٤٢- المرجع : كتاب ألقاب المسيح ووظائفه ( صفحة ٤٦ ) – الأنبا بيمن أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين

٤٣- موسوعة الأنبا بيمن ( المجلد الثاني – الجزء الأول صفحة ١٤٧ ) – تقديم أنبا ديمتريوس أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين

٤٤- كتاب تأملات وعناصر روحية فيآحاد وأيام السنة التوتية ( الجزء الثالث  صفحة ٢١٩ ) – إعداد القمص تادرس البراموسي