سفر يونان في فكر آباء الكنيسة

سفر يونان[1]

  • يُعَرِّف كاتب سفر يونان (بالعبرية يونا، والذي يعتقد بعض العلماء أنه اسم شخصي يعني “حمامة”) النبي بإسم يونان بْنِ أَمِتَّايَ. في موضعٍ آخر، يُعْرَّف نبياً اسمه يونان بأنه ” بْنِ أَمِتَّايَ… الذي كان من جت حافر” في عهد يربعام الثاني.

يروي يونان (يون١ : ١٦) دعوته كنبي، ومحاولته التهرب من مسئولية التبشير لسكان نينوى، وإلقائِه من السفينة في عاصفةٍ أُتِهِم أنها كانت بسببه.

في يونان (يون١ : ١٧) ، (يون ٢ : ١٠)  ، ابتلع حوتاً عظيماً يونان، حيث مكث ثلاثة أيام وليالٍ. حافظ يونان على الرجاء بترتيله مزموراً مذكوراً في (يون ٢ : ٢ – ٩).

ألقاه الحوت على الشاطئ بعد أن تاب النبي ووافق على تنفيذ المهمة التي كلفه بها يهوه. يروي يونان (4) يأس يونان من توبة أهل نينوى، الذين كان يود أن يهلكهم يهوه. كما يحتوي أيضاً على حادثة شجرة اليقطين التي هاجمتها دودة مما تسببت في ذبولها. الأمر الذي ترك يونان معرضاً لحرارة النهار الشديدة.

بسبب الإقتباسات المحددة في الأناجيل المتعلقة بيسوع (مت ٢ : ٤٠-٤١) (لو ١١ : ٢٩ – ٣٢) ، كان يونان أحد كتب التفسير الرئيسية لآباء الكنيسة.

في الأناجيل، استخدم يسوع توبة أهل نينوى – غير اليهود- كوسيلة لتوبيخ اليهود الذين رفضوا رسالته.

في متى،على سبيل المثال، قارن يسوع أيامه الثلاثة في القبر مع أيام يونان الثلاثة في بطن الحوت.

باختصار، كان هدف آباء الكنيسة أن يروا المسيح على أنه يونان الجديد الذي أتم العهد القديم وتجاوزه، والذي عُهد إليه الآن بأهل نينوى الجدد، الأمم.

  • قصة يونان تلهم أولئٔك الذين، مثل يونان، يترددون في قبول نير الخدمة. (القديس غريغوريوس النزينزي).

ربما كان يونان مترددًا لأنه كان يخشى أن يثبت كذب نبوته. (القديس غريغوريوس النزينزي).

أو ربما كان يخشى أن تهلك إسرائيل إذا نجت نينوى. (القديس جيروم).

مع ذلك، لا يستطيع يونان الهروب من الله بالفرار إلى ترشيش. (ترتيليان، القديس غريغوريوس النزينزي)

هبت العاصفة بقوة على السفينة، فخطرها يمثل عدم أمان أولئك الذين لا يتبعون مشيئة الله (القديس جيروم).

في محاولاتهم لتخفيف حمولة السفينة، أثبتوا أن ثقل عصيان يونان كان العبء الأثقل (القديس يوحنا ذهبي الفم).

بمعرفة الله خالق البحر واليابسة، كان من غير المعقول أن يظن يونان أنه يستطيع الإفلات من مقاصد الله. تم مدح يونان لكونه كان على استعداد للتضحية بنفسه حتى لا يهلك البحارة (القديس غريغوريوس النزينزي).

علم يونان أن الطبيعة لن ترافقه في عصيانه لله (القديس يوحنا ذهبي الفم).

بينما كان يونان سيدمر مدينة نينوى بأكملها، حاول البحارة إنقاذ يونان (القديس يوحنا ذهبي الفم).

في نهاية المطاف ألقى البحارة يونان في البحر، وساد الهدوء. وهكذا، فإن عمل مشيئة الله ينتج عنه السلام والهدوء (القديس جيروم).

تظهرنعمة الله الغنية من حقيقة أنه خلص يونان بمجرد أن أظهر النبي ندمًا على عصيانه (القوانين الرسولية).

خلص الله أهل نينوى من خلال يونان مثلما يخلص الله التائبين الآخرين من خلال المسيح (العلامة ترتليان).

تهدئة يونان للبحر تشبه انتهار المسيح للرياح والبحر. تشبه أيام يونان الثلاثة في بطن الحوت أيام المسيح الثلاثة في القبر. (القديس كيرلس الأورشليمي)

حتى في أيام أوغسطينوس شكك الناس في تاريخية قصة يونان، لكن المسيحيين المؤمنين لا يخشون مثل هذه الهجمات من قبل منتقديهم. (القديس أوغسطينوس)

  • عندما وصل يونان إلى أقصى حد للتجربة في بطن الحوت، صرخ إلى الله طلبًا للمساعدة (القديس باسيليوس).

أصبح احتماله وصلاته في بطن الحوت نموذجًا للنسك المسيحي، والذي تحقق، على سبيل المثال، في حياة باسيليوس الكبير (القديس غريغوريوس النزينزي).

يرمز بطن الحوت إلى رحم مريم، الموضع الذي منه سيأتي المسيح (القديس أمبروسيوس).

على هذا النحو، يرمز يونان إلى نزول المسيح إلى العالم السفلي. وكما نجا يونان في بطنه، كذلك نجا المسيح من القبر (القديس كيرلس الأورشليمي).

قذف يونان من الحوت بعد ثلاثة أيام يرمز إلى القيامة (العلامة ترتليان).

لم يكن مصير يونان في بطن الحوت هلاكًا بل خلاصًا (القديس غريغوريوس النزينزي).

أولئك الذين لا يعتقدون أن إيليا قد أخذته المركبة الطائرة لديهم أيضًا مثال يونان، الذي نجا سالماً من ثلاثة أيام في بطن الحوت (القديس إيرينيؤس)

كما انتقل يونان من سفينة إلى حوت، هكذا أيضاً انتقل المسيح من شجرةٍ إلى قبر. وكما لم تتحقق نبوءة يونان إلا بعد محنته، كذلك أيضاً فإن الرسالة إلى الأمم لم تدخل حيز التنفيذ إلا بعد القيامة (القديس أوغسطينوس).

يكمن قرار الله بشأن الخلاص أو الدينونة في استجابة السامعين لما سيفعله الله أو لا يفعله (العلامة أوريجانوس).

الله يسمح بالوقت لأهل نينوى للتوبة (القديس يوحنا ذهبي الفم)

  • يدعو غريغوريوس النزينزي المسيحيين إلى الاقتداء بتوبة أهل نينوى وتجنب قسوة أهل سدوم (القديس غريغوريوس النزينزي).

فالصوم الحقيقي هوالانضباط المناسب للإبتعاد عن دينونة الله. نينوى حررت نفسها من الموت بصومها التائب (القديس أمبروسيوس).

إن فاعلية الصوم والتوبة رائعة في التخلص من الخطايا التي لا تعد ولا تحصى (القديس يوحنا ذهبي الفم).

يُنظر إلى ملك نينوى كمثالٍ على التوبة التي أدت إلى خلاص المدينة كلها (القديس أوغسطينوس).

حتى الحيوانات كانت مدرجة ضمن دعوة الصوم الجماعي. يتكلم الله بتحذيرٍ من خلال الأحداث الكارثية (القديس يوحنا ذهبي الفم).

كان إنقاذ نينوى رحمة مؤكدة (القديس أوغسطينوس)، لكن النتيجة النهائية غير مؤكدة (القديس جيروم).

إذ لم يكن لأهل نينوى خبرة سابقة برحمة الله (القديس يوحنا ذهبي الفم).

في ثلاثة أيام فقط، تُركت كل خطايا نينوى العديدة وراءها. لم يشفق الله على أهل نينوى فقط بسبب الصوم. لقد كان صومهم مع الامتناع عن الشر هو الذي قلب غضب الله للوراء (القديس يوحنا ذهبي الفم).

  • شك يونان منذ البداية أن الله لن يدمر نينوى (القديس يوحنا ذهب الفم).

لذلك غضب لأنه اعتقد أنه تنبأ نبؤة مزيفة (القديس جيروم).

من ناحية أخرى، فمن الجائز أنه توقع الدمار حقًا، لذلك ذهب خارج المدينة (القديس كيرلس السكندري).

يُنظر إلى سفر يونان على أنه درس موضوعي يؤكد الرأفة الذي يجب أن تتمتع بها الكنيسة تجاه غير المؤمنين (القديس أمبروسيوس).

  • يتم تشبيه أهل نينوى بالأطفال الذين لا يستطيعون التمييز بين الخير والشر. لذا فالله يحفظهم كما يعتني الآباء بأطفالهم (القديس جيروم).

المراجع

 

[1]Ferreiro, A & Oden, T.C. ( 2003 ). The Twelve prophets (The Ancient Christian Commentary on Scripture, Old Testament part XIV ). Illinois (U.S.A): InterVarsity Press. Pages 128 – 146 ترجمة الأخ : كيرلس كامل مرقص – كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بأبو قرقاص.