قراءات اليوم السادس والعشرون من شهر توت

 

 

” يا إله السموات خالق المياه وربَّ كل خليقة، استجبني أنا المسكينة المُتضرِّعة والمُتوكِّلة علي رحمتك ” (يهو ٩: ١٧)

(السلام للشيخين البارين: أمام الله: الذين سلكوا فى الوصايا: كلها بلا لوم)

ذكصولوجية واطس للقديسة أليصابات

(مطوّب بحق ذاك الذي يتبرَّر أمام الله! )

القديس أمبروسيوس – تفسير لوقا ١ – القمص تادرس يعقوب ملطي

شواهد القراءات

صلاة عشية (مز ٩: ٧ ، ١٠) ، (مر ١٤ : ٣ – ٩) ،

صلاة باكر (مز ١٠١ : ١٧ ، ١٨)، (مر ١٢ : ١٤ – ٤٤)،

القداس ( رو ١ : ١ – ١٧)، (يع ١ : ١ – ١٨)،  (أع ٧ : ٢-٧) ، (مز ١٠١ : ١٤) ، (لو ١ : ١ – ٢٥)

ملاحظات على قراءات يوم ٢٦ توت:

+ تتشابه قراءات اليوم مع قراءات الأحد الأوَّل من شهر كيهك في كل شيء ما عدا مزمور عشيَّة، والإبركسيس ، وزيادة آية ١١  في مزمور قدَّاس اليوم

+ جزء من مزمور عشيَّة (مز ٩: ٧) – رتِّلوا للرب الساكن في صهيون وأخبروا في الأمم بكل أعماله – تكرَّر في مزمور باكر الأحد الثالث من شهر توت (مز ٩ : ٧)

والإشارة هنا إلي صهيون (الكنيسة) ملجأ المساكين ومجدهم، وفي قراءة الأحد الثالث من توت كنيسة العهد الجديد الكاملة  التي تشمل كل الأمم

+ قراءة إنجيل عشيَّة اليوم (مر ١٤: ٣ – ٩) هي نفس قراءة إنجيل عشيَّة للأحد الأوَّل من شهر كيهك

وهي القراءة التي تكلمت عن المرأة التي سكبت الطيب علي رأس الرب، ومدحها الرب لمحبتها الكبيرة وجعل مدحها في  الإنجيل في كل العالم، لذلك جاءت في تذكار حبل إليصابات ( ٢٦ توت ) ، والبشارة بحبل إليصابات في الأحد الأوَّل من شهر كيهك

ونفس القصَّة ولكن من إنجيل متي (مت ٢٦: ٦ – ١٣) جاءت أيضاً في قراءة إنجيل عشيَّة ليوم ٣٠ طوبة ( تذكار شهادة العذاري بستيس وهلبيس وأغابي وصوفيا أمهن ) للحديث عن محبَّة المرأة للرب والتي شهدت لها به في عطاؤها الكبير في سكب الطيب إشارة إلي عطاء الشهيدات بسكب الحياة كلها من أجل محبتهن للرب

+ مزمور باكر اليوم (مز ١٠١: ١٧ ، ١٨) هو نفس مزمور باكر الأحد الأوَّل من شهر كيهك  ( يوجد خطأ في طباعة القطمارس بالنسبة لأرقام الآيات )

مجيء المزمور اليوم للإشارة إلي استجابة الله للمساكين ” ليسمع تنهد المغلولين ” ،  بينما مجيء القراءة في الأحد الأوَّل من كيهك للإشارة إلي افتقاد الله للبشرية بتجسُّد الكلمة ( نظر الرب من السماء علي الأرض )

+ قراءة إنجيل باكر اليوم (مر ١٢: ٤١ – ٤٤) هي نفس قراءة إنجيل باكر للأحد الأوَّل من شهر كيهك

وهي القراءة التي تكلَّمت عن المرأة التي ألقت الفلسين ، لذلك جاءت اليوم كنموذج للتقوي مثل القديسة أليصابات ، وفي الأحد الأوَّل من كيهك كنموذج لنفوس العهد الجديد الذين فاح تكريس حياتهم بظهور الكلمة المُتجسِّد

+ قراءة البولس أيضاً اليوم (رو ١: ١ – ١٧) ، وقراءة الكاثوليكون (يع ١ : ١ – ١٨) هما نفس قراءة البولس والكاثوليكون  للأحد الأوَّل من شهر كيهك

والإشارة هنا وهناك في قراءة الأحد إلي شهود وخدَّام تجسُّد الكلمة (زكريا وإليصابات)  اللذان يتبرَّران بالإيمان ” إن البار فبالإيمان يحيا – البولس ” ، وأيضاً باحتمالهم التجارب يتزكَّيان بالإيمان ” لأنه إذا صار مختاراً ينال إكليل الحياة – الكاثوليكون ”

+ قراءة الكاثوليكون اليوم (يع ١: ١ – ١٨) تُشبه قراءة الكاثوليكون ليومي ٢٧ هاتور، ١٧ مسري (يع ١: ١ – ١٢) وهي القراءة التي تكلمت عن الذين احتملوا التجارب الشديدة المتنوعة مثل القديس يعقوب المُقطع (٢٧ هاتور ) والقديس يعقوب بن فجوج

( ١٧ مسري ) والقديسة إليصابات ( ٢٦ توت )

وسبب إضافة الستّة آيات اليوم (من ١٣ – ١٨) لأنها تكلمت عن ولادتنا من فوق كعطية إلهيَّة وعن صيرورتنا باكورة من خلائقه،

وهي التي حدثت مع القديسة إليصابات في كيفية الحمل وولادة يوحنا

مزمور القدَّاس اليوم (مز ١٠١: ١٤) تكرَّر في مزمور قدَّاس الأحد الأوَّل من شهر كيهك

والعجيب إضافة آية أخري – مع آية ١٤ – من نفس المزمور في قراءة اليوم ” لأنه نظر إلي صلاة المساكين ” للإشارة إلي استجابة الله لزكريا وإليصابات

لكن آية ١٤ تتكلَّم عن افتقاد الله للبشرية بتجسَّد الكلمة في ملء الزمان ” لأنه وقت التحنن عليها ”

قراءة إنجيل قدَّاس اليوم (لو ١: ١ – ٢٥) هي نفس قراءة إنجيل القدَّاس للأحد الأوَّل من شهر كيهك والإشارة اليوم إلي استجابة الله لزكريا وإليصابات وتعويضه الإلهي لهم علي تقواهم بمجيء يوحنا السابق الصابغ، بينما مجيئها  في قراءة الأحد للإشارة إلي التدبير الإلهي في تجسُّد الكلمة بالبشارة بميلاد يوحنا الذي سيعد الطريق أمام الرب

+ كل القراءات المُحوَّلة علي قراءة هذا اليوم تخص عائلة أُمنا العذراء والدة الإله والقديسة إليصابات

+ القراءات المُحوَّلة :

حادي عشر هاتور                      تذكار حنة والدة أُمنا العذراء

ثالث عشر كيهك                      تذكار حبل حنة بأُمنا العذراء

سادس عشر أمشير                    نياحة القديسة إليصابات أم يوحنا المعمدان

سابع مسري                             بشارة يواقيم بالعذراء مريم

شرح القراءات

تدور قراءات هذا اليوم حول افتقاد الله الاب للمساكين والتي اختارت الكنيسة القديسة اليصابات نموذج لهذا الافتقاد الالهي

ولكن ما يميز مساكين هذا اليوم هو انهم اغنياء بالروح وعظماء في الايمان بصرف النظر عن وضعهم المادي فقراء ماديا كانوا ام

اغنياء ويظهر في قراءات اليوم عظمة البر الالهي وزمن افتقاد الله للبشر الذي يفوق الادراك، ولكن في ذات الوقت يفيض بالغني والنعمة والملء ومن ذكرتهم قراءات اليوم هم شفعاء لكل مساكين العالم وكل من يعيش حياة صعبة سواء في عوز مادي او في حرمان من احتياج أساسي في الحياة كإنجاب الاطفال

ولكن قراءات هذا اليوم ايضا تصعد بنا الي التدبير الالهي للمساكين بالروح والذي يعيشه الانسان المسيحي ويؤمن به وتختبره

الكنيسة المقدسة في رحلة الحياة على الأرض في وعود الله لأنبيائه وقديسيه وفي توقيتات الله مع البشر والخطة الكبيرة في حياة المؤمنين وفي تدبير الكنائس

تأتي المزامير في قراءت اليوم من مزموري ٩ ، ١٠١ وهما مزامير صراخ المساكين

مزمور ٩ هو ومزمور ١٠ يعتبرهما المفسرين مزمور واحد بعنوان صلاة توسلية وصراخ المسكين

كما ان مزمور ١٠١ هو مزمور الشعب في نهاية السبي البابلي في انتظار مراحم الله وخلاصه

اي ان المزموران هما صراخ نفوس متألمة وشعوب منتظرة الخلاص

لذلك تبدا القراءات بمزمور عشية الذي يسبح الله علي اعماله العظيمة في الامم (رتلوا للرب الساكن في صهيون واخبروا في الامم بكل اعماله )

وفي مزمور باكر نري قيمة تنهد المغلولين ان السماء تتحرك تجاه انينهم وصلواتهم (الرب نظر من السماء علي الأرض ليسمع تنهد المغلولين )

اما مزمور القداس فيتكلم عن مسكنة شعوب وانتظار الخلاص في ملء الزمان فهنا الافتقاد الالهي للبشرية المسكينة وظهور مجد الله وولادة كنيسة العهد الجديد (انت يا الله ترجع وتترأف على صهيون لأنه وقت التراؤف عليها لان الزمان قد حضر لان الرب يبني صهيون ويظهر بمجده لانه نظر الي صلاة المساكين)

اما البولس فيتكلم عن مساكين الامم البرابرة بالمقارنة باليونانيين والجهلاء بالمقارنة بالحكماء والنعمة والرسالة التي نالها القديس بولس لخدمتهم ولإطاعة الايمان في جميع الامم (يسوع المسيح ربنا الذي به نلنا النعمة والرسالة لإطاعة الايمان في جميع الامم . اني مديون لليونانيين والبرابرة والحكماء والجهلاء)

بينما يتكلم الكاثوليكون عن مساكين الحياة المادية ومكانتهم عند الله (وليفتخر الاخ المتواضع بارتفاعه) وايضا مساكين التجارب والالم وتعويضات الله لهم ( طوبي للرجل الذي يصبر في التجربة لأنه اذا صار مختارا ينال اكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه)

ويقدم الابركسيس نموذج لافتقاد الله لشعبه ووعوده لهم فيبرز لنا دعوة ابونا ابراهيم والعجيب ان الله لم يعطه ميراثا ولا وطاة قدم لكن مجرد وعد الهي بالميراث لنسله (ومن هناك نقله بعد ما مات ابوه واسكنه في هذه الارض التي انتم ساكنون فيها ولم يعطه فيها ميراثا ولا وطاة قدم ولكن وعد ان يعطيها ملكا له ولنسله من بعده) وهنا تضع القراءات التوافق في حياة أبونا إبراهيم وحياة زكريا الكاهن، وكيف كان افتقاد الله لهما بوعد إلهي، وليس بحسب ما هو  بشري ، وكيف ارتبط نسل إبراهيم بالتجسُّد ، وهكذا نسل زكريا في الإعداد له.

اما الاناجيل فتتكلم عن انواع من النساء يجمعهم التقوى والمحبة الشديدة لله والعطاء الفائق من الاعواز

فيتكلم انجيل عشية عن المراة ساكبة الطيب الغالي كثير الثمن والذي ربما كان كل ما ادخرته من مال سكبته علي راس  السيد وسط اندهاش التلاميذ وتحجج يهوذا بالغيرة علي المساكين كما يعلن مكافاة السيد لها بذكر ما فعلته في كل العالم (جاءت امرأة معها قارورة طيب ناردين خالص كثير الثمن فكسرت القارورة وسكبتها علي راسه …. الحق اقول لكم انه حيث يبشر بهذا الانجيل في كل العالم يخبر ايضا بما صنعته هذه تذكارا لها) وبينما قدم انجيل عشية امرأة غنية قدمت كل ما عندها يقدم انجيل باكر امرأة فقيرة تقدم كل ما عندها لتعلن القراءات ماراثون الحب للسيد من الفقراء والاغنياء ولعلَّ المرأة المسكينة في إنجيل باكر ترد علي حجة يهوذا بالمساكين في إنجيل عشيَّة بأن قضية الفقير لا تتعلق بالعطاء المادي أكثر ممَّا تتعلق بعطاء الحب الذي ينبع فقط من محبِّة المسيح له المجد وربما لأجل هذا قال الرب للتلاميذ أن الفقراء معكم في كل حين وأما أنا فلست معكم في كل حين ( فجاءت ارملة مسكينة فالقت فلسين قيمتهما ربع فدعي تلاميذه وقال لهم الحق اقول لكم ان هذه الارملة الفقيرة قد القت اكثر من جميع الذين القوا في الخزانة لان الجميع من فضلتهم القوا واما هذه فمن اعوازها القت كل ما عندها كل معيشتها )

ويختم انجيل القداس بصبر اليصابات العجيب واحتمالها عار المجتمع كما يُعْلِن افتقاد الله ليس فقط لها لكن لأعداد السابق الصابغ وكما احتاج تجسد الكلمة عذراء ممتلئة نعمة احتاج مجيء الملاك الذي يهيئ الطريق امرأة في تقوي حياتها وعبادتها بلا لوم   لذلك اختارها التدبير الالهي ليبدا الله من نسلها بالذي سيهيئ للرب شعبا مستعدا ( كان في ايام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من ايام خدمة ابيا وامراته كانت من بنات هرون واسمها اليصابات وكانا كلاهما بارين امام الله سالكين في جميع  وحقوق الرب بلا لوم … فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لان طلبتك قد سمعت وامراتك اليصابات ستحبل وتلد لك ابنا وتسميه يوحنا … ويرد كثيرين من بني اسرائيل الي الرب الههم )

مُلخّص القراءات

مساكين هذا اليوم هم النفوس التي أعطت كل ما عندها للرب          ( إنجيل عشية وباكر )

والنفوس التي تنتظر خلاص الرب                                                ( مزمور عشية وباكر والقدّاس )

وهم الفقراء والمتألمين                                                                  ( الكاثوليكون )

والأمم الغريبة والشعوب الجاهلة                                                        ( البولس )

وافتقاد الله لهم حسب حكمة تدبيره وغني برّه في زمن الخلاص ( الإبركسيس و إنجيل القداس )

أفكار مُقترحة للعظات

(١) برّ الله للمساكين بالروح

١- برّ الحب                                                                      إنجيل عشيَّة

” جاءت امرأة معها قارورة طيب خالص كثير الثمن فكسرت القارورة وسكبتها علي رأسه ”

الحب هنا يتجاوز كل الحدود ويفعل أكثر حتي مما تطلبه الوصيّة لأن المرأة هنا قدمت للرب تقدمة قيمتها ثلاث مئة دينار أي أجرة عامل مدة سنة كاملة إذا حذفنا إجازات الأسبوع والأعياد ( قارن مع مثل الفعلة في مت ٢٠ وأجرة العامل دينار لليوم الكامل )  وإذا اعتبرنا أجرة العامل اليوم في مصر تتراوح ما بين ثلاثون وخمسون جنيه تصير ثمن القارورة بين تسعة آلاف وخمسة عشر ألف  جنية !!

٢- برّ العطاء                                                                                 إنجيل باكر

” لأن الجميع من فضلتهم ألقوا وأما هذه فمن أعوزاها ألقت كلَّ ما عندها وكلَّ معيشتها ”

العطاء هنا يتجاوز أسئلتنا الكثيرة عن العشور وما يجب أن نقدمه لله وأعطت هذه المرأة لنا درساً في حياة التسليم والكفاية  والقناعة

٣- برّ الافتقاد الإلهي للبشر                                                                إنجيل القدَّاس

” ليردَّ قلوب الآباء إلي الأبناء والعصاة إلي فكر الأبرار لكي يهيئ للربِّ شعباً مبرَّراً ”

افتقاد الله لا يرجع لصلاح البشر واستحقاقهم بل إلي غني رأفاته ومحبته وبرّه الإلهي

(٢) فضائل المساكين بالروح

١- حياة الإيمان                                                                               البولس

” لأنَّ فيه برُّ الله يظهر بإيمان لإيمان كما هو مكتوب أما البار فبالإيمان يحيا ”

يتكلَّم الرسول هنا عن :

إطاعة الإيمان ( لإطاعة الإيمان في جميع الأمم )

كرازة الإيمان ( ينادي به في كل العالم )

تقوية القلوب بالإيمان ( نشترك في تقوية قلوبكم بالإيمان )

شركة الإيمان ( إيمانكم وإيماني )

ثمار الإيمان ( قوَّة الله للخلاص )

إيمان يُعْلِن برّ الله  ( لأن فيه برّ الله يظهر بإيمان لإيمان )

إيمان يشمل الحياة كلها ( فبالإيمان يحيا )

٢- كمال الصبر                                                                                 الكاثوليكون

” عالمين أن تجربة إيمانكم تُنشئ صبراً وأما الصبر فليكن فيه عمل تام لكي تكونوا كاملين وأصحاء غير ناقصين في شيء ”

يتكلَّم الكاثوليكون هنا عن نوعين من التجارب تجارب من ضعف الإنسان ( إذا انجذب وانخدع من شهوة نفسه) ويجب أن يحترس  الإنسان منها لئلا تقوده للخطية وتنتهي به للموت الروحي والهلاك

أما النوع الثاني فهي تجارب لامتحان الإيمان وتنقيته وتهدف إلي كماله وتنتهي به لإكليل الحياة لكن تحتاج من الإنسان للصبر الكامل والاحتمال وقبول تدبير الله لأجل خلاصه وكماله في المسيح

٣- الطاعة والتسليم والتكريس                                                             الإبركسيس

” وقال له أخرج من أرضك ومن عشيرتك وهلمَّ إلي الأرض التي أريك إيَّاها .. ولم يعطه فيها ميراثاً ولا وطأة قدم ”

ما أجمل طاعة أب الآباء إبراهيم في تسليم حياته بالكامل لِيَد الله وتصديقه كل وعود الله حتي التي علي خلاف الرجاء والمنطق والعقل (رو ١٨:٤)

٣) صفات خدَّام الله وسمات خدمتهم                                  إنجيل القدَّاس

يُعْلِن رئيس الملائكة عن صفات وسمات من يخدم أمام الرب ( من كتاب كنز التفسير للشماس بشارة بولس )

  • وخمراً ومسكراً لا يشرب  ( نقاوة الحياة وقداستها )
  • ومن بطن أمِّه يمتلئ من الروح القدس ( قيمة دور الأم في إعداد أبنائها للخدمة )
  • ويرد كثيرين .. إلي الرب إلههم ( دعوة الخادم ومركز خدمته الدعوة للتوبة )
  • وهو يتقدم أمامه بروح إيليا وقوّته ( يأخذ الخادم قوَّة خدمته من وجوده الدائم في حضرة الرب )
  • ليرد قلوب الآباء إلي الأبناء ( من ثمار زيارته للبيوت حلول السلام – يحل سلامكم عليه )
  • والعصاة إلي فكر الأبرار ( من بركات عمل النعمة مع الخادم تغيير العصاة )
  • يهيئ للرب شعباً مبرراً ( هذا هو الهدف النهائي لكل أعمال الخدمة وتعبها الشعب المبرر )

عظات آبائية

مار أفرآم السرياني

حبل اليصابات وولادة يوحنا ومقارنته بحمل والدة الإلة وميلاد رب المجد في فكر القديس إفرايم السرياني(٣٠٦-٣٧٣م):

وَلَدت أليصابات العجوز آخر الأنبياء، وَلَدت مريم اليافعة رب الملائكة.

وَلَدت ابنة هارون الصوت الصارخ فى البريَّة ، في حين أن ابنة داود وَلَدت إله الكون القدير.

وَلَدت العاقر الصافح عن الخطايا، لكن العذراء وَلَدت حاملها

وَلَدت أليصابات مَنْ يُصلح الناس بالتوبة، لكن مريم وَلَدت مُطهٍّر الكون من الدنس.

أضاء الأكبر سناً سراجاً في بيت يعقوب أبيه فكان هو السراج نفسه ، بينما أضاء الأصغر سناً شمس البر لكل الأمم .

بشَّر الملاك زكريا ليعلن المذبوح المصلوب، والمكروه المحسود.

فالُمعمٍّد بالماء سيعلن  المُعمّد بالنار وبالروح القدس .

السراج الذى لم يكن مطفأً يبشر بشمس البر ، والمملوء بالروح يبشر بمعطي الروح.

عندما يدعو الكاهن الناس بالبوق، يبشر بمَن سيأتي عند سماع صوت البوق عند الانقضاء.

الصوت الصارخ يعلن ما يتعلق بالكلمة ومن رأى الحمامة يعلن مَن تستقر عليه كبرق يسبق الرعد .

شرح وتفسير آباء الكنيسة لأناجيل آحاد السنة التوتية – شهر كيهك – دكتور جوزيف موريس فلتس

القديس يوحنا ذهبي الفم

العار هو السبب في القداسة عند القديس يوحنا ذهبي الفم :

إذاً أنت ترى أننا نشترك في الدم الذى يتم إدخاله إلى الأقداس ، الأقداس الحقيقية ، نشترك في الذبيحة التي كان يتمتع بها رئيس الكهنة . فنحن شركاء في الحقيقة الثابتة . إذاً إن كنا نشترك لا في عاره ، بل في القداسة ، فالعار هو السبب في القداسة ، لأنه تماماً مثلما أهين الرب هكذا نحن أيضاً .

إذاً لو أننا خرجنا من العالم ، لصرنا شركاء الرب . ماذا يعنى إذاً بعبارة ” فلنخرج إذاً إليه ” يعنى أن نشترك في آلامه ، أن نحمل عار المسيح ، أن نهان لأجله ، لأنه لم يتألم خارج الباب بالمصادفة ، بل لكى نحمل نحن أيضاً صليبه ، ونعيش خارج العالم ونحرص أن نبقى خارجاً . تماماً كما أن يسوع حمل العار كمدان ، هكذا نحن أيضاً .

” فلنتقدم به في كل حين لله ذبيحة ” لكن أي ذبيحة يقصد ؟ هو نفسه أي الرسول بولس أضاف ، قائلاً ، ” ثمر شفاه معترفة باسمه” ، أي طلبات ، وتسابيح ،  وتشكرات ، لأن هذه هي ثمر الشفاه . إن أولئك (اليهود ) ، قدموا خرافاً ، وأبقاراً وقدموها للكاهن ، أما نحن فلا ينبغي أن نقدم أي شيء من هذا ، بل نقدم الشكر ، ونتمثل بالمسيح في كل شيء ، بقدر المستطاع ، وهذا ما يجب أن تزهر به شفاهنا .

” لا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يسر الله ” ، أي يجب أن نقدم له مثل هذه الذبيحة ، لكى ينقلها إلى أعلى إلى الأب ، لأنها لا تنتقل إلى السماء بطريقة أخرى ، إلا عن طريق الأبن فقط ، أو من الأفضل أن نقول بقلب منسحق ،  لقد تكلم عن كل هذا ، وبهذه الطريقة ، بسبب الضعف الروحي للمستمعين إليه ، ومن حيث أن النعمة هي للأبن ، فهذا واضح جداً لأنه كيف تكون الكرامة متساوية ، بطريقة أخرى ؟ يقول ” لكى يكرم الجميع الأبن كما يكرمون الأب ” فإن كان الأب حين يتمجد ، لا يتمجد الأبن فأين هي المساواة في الكرامة ؟ لأن ثمر الشفاه لأولئك المعترفين باسمه ، هو أن يشكروه ، أي يشكروه على كل شيء ، لما عاناه من الآلام لأجلنا .

فلنتحمل كل شيء بشكر ، سواء كان ذلك فقراً ، أو مرضاً أو أي شيء أخر، لأن الأبن وحده  يعرف ما هو لمنفعتنا . لأنه يقول ” لأننا لا نعرف ما نصلى لأجله كما ينبغي ” . إذ مادمنا لا نعرف ما نصلى لأجله كما ينبغي ، فان لم يعلمنا إياه الروح القدس ، فكيف نرغب في أن نعرف ما هو لمنفعتنا ؟ .

لهذا لنحرص على أن  نشكره من أجل كل شيء ولنصبر بشجاعة على كل ما يحدث لنا إذ عندما نكون فقراء ، ومرضى ، يجب أن نشكره ، عندما  يأتوا على ذكرنا بالسوء ، فلنشكره ، عندما يهينوننا ، فلنشكره . فإن هذا السلوك يجعلنا قريبين من الله ، وحينئذ سيكون الله مدين لنا من ناحية أخرى ، فالخيرات ( المادية تصبح سبب لإدانتنا ، بينما الضيقات تصير سبباً لغفران خطايانا فالإهانات تجلب مراحم الله ، تجلب محبة للبشر، بينما الخيرات ( المادية  ) تحملنا على الافتخار والتباهي ، وتقودنا إلى اللامبالاة ، وتجعلنا نتصور أمورا عظيمة عن أنفسنا ، هذه الخيرات تجعلنا خاملين .

لذلك قال النبي ” خير لي إني تذللت لكى أتعلم فرائضك ” . حزقيا عندما أحسن إليه وتخلص من مصائبه أفتخر ، أما عندما مرض اتضع ، واقترب من الله . ” إذ قتلهم ( الرب ) طلبوه ورجعوا وبكروا إلى الله وذكروا إن الله ضخرتهم والله العلى وليهم ” ، وأيضا يقول ” سمنت وغلظت  اكتسيت شحماً فرفض الإله ( هذا الشعب المحبوب ) ” “لأنه معروف هو الرب قضاء أمضى “.

إن الضيقه هي خير عظيم ، هي الطريق الضيق . لأنها تتفعنا نحو هذا الطريق ، ومن لا يتألم ، لن يستطيع أن يأتي إليه . لأن ذاك الذى يتألم داخل الطريق الضيق هو من يتمتع بالراحة ، بينما ذاك الذى يرفه نفسه ، ولا يأتي إلى الطريق الضيق ، فإنه يتألم كما قيل عندما يضغط .

إسمع كيف دخل الرسول بولس إلى هذا الطريق الضيق ، يقول ” أقمع جسدى وأستعبده ” ، لقد أقمع جسده ، حتى يستطيع أن يدخل ( ذلك الطريق ) لذلك كان يشكر الله في كل ضيقاته .  هل فقدت بعض الأموال ؟ هذا يجعلك تتقدم بكل إرتياح في الطريق الضيق . هل سقط من المجد الذى كان لك ؟ هذه سعة أو راحة أخرى هل وشي بيك ؟ هل ما قيل ضدك قد صار مؤكداً ، من جهة هذه الأمور التي لا تعرف عنها شيئاً ؟ لتفرح وتبتهج لأنه يقول ” طوبى لكم إذا عيروكم وطردوكم وقالوا عليكم كل كلمة شريرة من أجلى كاذبين أفرحوا وتهللوا لأن أجركم عظيم في السموات ” .

لماذا تتحير أو تندهش من جهة الآلام التي تحدث لك ، وتريد أن تتخلص من التجارب ؟ القديس بولس أيضاً أراد أن يتخلص من  التجارب ؟ وترجى الله مرات عديدة من أجل هذا ، ولم ينل ما طلب ، لأنه توسل ثلاثة مرات ، أي كثيراً يقول من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاثة مرات أن يفارقنى فقال لى تكفيك نعمتى لأن قوتى في الضعف تكمل وهنا كلمة  ” الضعف  ” تشير إلى الضيقات ماذا إذاً ؟ هل لأنه سمع هذا الكلام ، قد أحتملها بشكر وقال ” لذلك أسر بالضعفات أي أرضى واسترح في الضيقات ؟ إذاً يجب أن نشكر الله على كل شيء على الراحة وعلى الضيقة ، ينبغي الا نتذمر ، ولا نكون جاحدين . قل أنت أيضاً عرياناً خرجت من بطن أمى وعرياناً أعود إلى هناك .

إنك لم تخرج ممجداً لذلك لا تسعى للمجد . لقد أتيت للحياة عرياناً ، ليس فقط من المال ، بل ومن المجد  ، ومن السمعة الطيبة  تأمل كم من الشرور حدثت مرات عديدة ، بسبب المال ، أو من الأفضل اسمع ماذا يقول المسيح ” مرور جبل من ثقب أبرة أيسر من أن يدخل غنى إلى ملكوت الله ” .

أرأيت كم الخيرات التي يصير الغنى عائقا ً لها ، وأنت تريد أن تصبح غنياً ؟ وهل لا تفرح بفقرك ، إذ العائق قد ابتعد ؟ إنه ضيق للغاية هو الطريق المؤدي إلى ملكوت السموات ، وواسع جداً هو الثراء ، ومملوء بالزهور والافتخار . لهذا يقول الرب ” اذهب بع أملاكك ” ، لكى يستقبلك الطريق الضيق .

لماذا تشتهي المال ؟ من أجل هذا تركك ، لكى يحررك من العبودية ، إن الأباء الحقيقيين أيضاً ، عندما يرون أن ابنهم يسير باتجاه الهلاك ، لأنه قد يكون قد تقابل صدفة مع عاهرة ، وبالرغم من نصحه كثيراً ، إلا أنهم لم يقنعوه أن يبتعد عنها ، حينئذ يبعدون العاهرة . هكذا يكون وفرة المال ، اذاً لأن الرب يعتنى بنا لكى يخلصنا من الخسارة التي يسببها المال ، فإنه ينزعه منا .

إذاً لا يجب أن نتصور أن الفقر شيء سئ أو شر ، الخطية فقط هي الشر . لأنه ولا الغنى في حد ذاته ، هو صلاح أو خير ،  بل أن نكون مرضيين أمام الله ، هو فقط الخير ، إذاً فلنطلب الفقر ونسعى في أثره هكذا سندخل إلى السماء ، وسنربح الخيرات التي في السماء ، والتي ليتنا ننالها جميعاً ، بالنعمة  والرأفات ومحبة البشر اللواتى لربنا يسوع المسيح الذى يليق به مع الآب والروح القدس المجد والقوة والكرامة الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور أمين .

المرجع : كتاب تفسير الرسالة إلي العبرانيين صفحة ٤٢٦ – ترجمها عن اليونانية دكتور سعيد حكيم يعقوب

  أيضاً لذهبي الفم

حديث عن عمل الخير مع الفقراء

فهل يا ترى سوف نسمع ذلك الصوت الطوباوى ؟ أما من جهتى فلا أستطيع أن أوكد ذلك بقوة ، لأن احتقارنا  للفقراء شديد .

إنه وقت الصوم وقت تقدم فيه عظات كثيرة وكذلك تعاليم عن الخلاص ، وصلوات مستمرة واجتماعات يومية فما هي الفائدة من كل هذا الاهتمام الشديد ؟ لا شيء !

لأننا نرتحل من هنا ونحن ننظر جموع الفقراء في صفوف على الجانبيين وكأننا ننظر أعمدة وليس أجساداً بشرية ،  ونعبر بجوارهم دون أدنى شفقة ، وكأنهم تماثيل ( جامدة ) بلا حياة ، وليسوا بشراً أحياء ونهرول للوصول إلى بيتنا . ويبررون فعلهم هذا بأن الجوع هو الذى يجبرهم على ذلك ( أي الارتحال سريعاً دون عمل الرحمة ) ولكن في الحقيقة فإن جوعكم ( بعد الاجتماع ) كان يجب أن يدفعكم للبقاء ( لعمل الرحمة مع الفقراء ) – فكما يقال في الأمثال – إن البطون المتخمة لا تعرف البطون الجائعة ولكن تلك الجائعة فبسبب احتياجها تشعر أيضاً بمثيلتها من البطون الخاوية للأخرين ( من الفقراء ) ، ولكن على ما يبدوا فأنه ولا حتى تلك البطون الجائعة تشعر بهم .

فإنك تجرى هكذا إلى مائدة الطعام المعدة ولا تستطيع الانتظار ولو حتى قليلا ، أما الفقير فآنه يقف منتظراً حتى المساء متلهفاً  بفارغ الصبر ومشتهياً أن يضمن لنفسه طعام اليوم ، متطلعاً أن اليوم ينتهى أما المال الذى يكفى للطعام اليومى فإنه غير كافى مما يجعله يعانى ويغضب ويضطر أن يفعل ما هو فوق طاقته ، وهذا هو السبب الذى يجعلهم يهاجموننا بشدة وقت المساء ، يحلفون ويحلفون الأخرين ، يتحسرون وينحون ويمدون أيديهم ، ويضطرون أن يفعلوا كثير من الأفعال المخزية ، إذ يخافون لئلا يرتحل الجميع إلى بيوتهم وينتهى بهم الأمر إلى التجول في المدينة مثل من يتجول في برية قاحلة . كمثل من سقطوا في غرق أثناء النهار يتشبثون بأى لوح خشبى حتى يصلون لميناء السلامة قبل أن يمسى عليهم النهار ، كى لا يداهمهم الليل وهم لا يزالون بعيداً عن الميناء معانين الغرق بشكل مخيف . هكذا أيضاً الفقراء فهم يعانون الجوع مثل الغرق ، يتلهفون بفارغ الصبر أن يجمعوا قبل المساء المال الكافى لقوتهم ، حتى لا يبقوا خارج الميناء ، وهم يشاهدون أن الجميع يرحلون إلى بيوتهم . إذ أن ميناء سلامتهم هي تلك الأيادى الرحيمة .

أما نحن فإننا عندما نوجد في الساحات العامة لا نتأثر من سلوكهم ولا حتى عندما نعود لبيوتنا ، ولكن عندما تكون مائدة الطعام  بجوارنا ممتلئه من الخيرات الزائدة عن حاجتنا  ،  – وذلك ان صح أن ندعوا تلك الأطعمة التي نأكلها خيرات وهى علامة تدين إنسانيتنا – وحتى عندما تكون المائدة معدة ونسمع أصواتهم من أسفل وهو يسيرون في الأزقة الضيقة ، يصرخون بأصوات عالية وهم سائرون بين المنازل ، حتى أنهم يعانون من الظلام الحالك ، وكأنهم في صحراء خاوية ونحن لا نبالى ، وكذلك عندما نشبع ونذهب للنوم ، نسمعهم وهم يصرخون مجدداً من أسفل وهم يعانون بشكل مخيف ونسمعهم كأصوات بشر بل ككلاب مسعورة.

فآننا نظهر لا مبالاة كبيرة ، ولا حتى في ذلك الحين نغير موقفنا منهم ، لأن الليل يكون بالأكثر قد تقدم والجميع قد نام ، أما ذاك ( الفقير ) ينوح ، ليس بسبب مطلبه البسيط ، لأنه لا يسألنا سوى الخبز أو قليل من المال ، ولا يطلب أمراً ضخماً ، لأنه يعانى من الجوع المستمر ، ولكن لا عطف على المتوسلين ، لأنه وإن كان في أشد العوز إلا انه لا يجرؤ حتى ان يقترب من الأبواب بل يتوسل من أسفل ولوقت طويل .

فإن نال شيئاً فانه لا يكف عن الدعاء وإن لم يأخذ فإنه لا يخرج من فمه كلمة سوء ولا يسب أو يلعن أولئك الذين في قدرتهم أن يعطوا ولا يقدمون شيئاً ، ولكنه مثل شخص يساق بواسطة جلاد لعقوبة فوق طاقة الاحتمال وإذا هو يتوسل من كل المارة ويستغيث بهم ولا يجد أي مساعدة من أحد ، يساق بوحشية ، نحو العقوبة ، هكذا أيضاً ذاك ( الفقير ) كمن يسوقه جلاد الجوع في الليل والسهر الذى لا يحتمل ، يمد يداه ويتوسل بصوت صارخ أولئك الذين يجلسون في بيتهم ، ولا ينالون أي عمل رحمة يتم طردهم بلا شفقة وبقسوة شديدة .

غير أن هذا الأمر لا يلين قلوبنا ، بل بعد كل هذا التصرف اللانساني نتجاسر ان نبسط أيدينا نحو السماء لنتحدث إلى الله طالبين غفران خطايانا ، ولا نخاف بعد كل هذه القسوة والوحشية ، أن تسقط علينا صواعق البرق بعد صلاة مثل هذه فقل لى كيف  نذهب لنخلد للنوم والراحة ولا نخاف لئلا يأتينا في منامنا ذلك الفقير ، صارخاً متسخاً ، مرتديا الخرق ، يجهش بالدموع والنحيب ويلقى باللائمة على قساوتنا ؟ ولكنى سمعت كثير من الناس يقولون أنهم بعد تلك الليلة تغاضوا فيها عن مساعدة الفقراء رأوا أنفسهم مربوطين بوثق والفقراء يجرونهم بأيديهم ، وهم ممزقون ويعانون من أمور لا حصر لها .

غير أن ذلك يتم في نومهم وفى أحلامهم ، وهى عقوبة مؤقتة ، ولكننا لا نخاف ، فقل لي العل ذلك الفقير الذى ينتحب ويصرخ  وينوح ألعلنا نراه في حضن إبراهيم تماماً كما رأى الغنى لعازر ؟ كل ما حدث في هذا المثل بعد ذلك أتركه إلى ضمائركم أقصد مكان العذاب حيث الألآم التي لا تطاق والمرارة كيف طلب ماء ولم يعط له ولا حتى قطرة ، وكيف جف لسانه وكيف أنه على الرغم من توسلاته الكثيرة لم ينل أي مغفرة ، وكيف عوقب إلى الأبد . وأتمنى ألا يحدث لنا ذلك عملياً ، بل أن يكون سماع حديثنا هذا سبباً في تجنب تلك المصائر التعسة ، وأن نكون مستحقين لتقبل عطف أبينا أبراهيم ، وأن نكون معه في نفس المكان .

نعمة ومحبة ربنا يسوع المسيح الذى يليق به مع الآب الكرامة والمجد والقوة مع الروح القدس الآن وكل آوان وإلى دهر الدهور .

المرجع : كتاب عظات علي سفر التكوين للقديس يوحنا ذهبي الفم ( صفحة ١٤٥ ) – ترجمة دكتور جورج فرج ومراجعة دكتور جورج عوض إبراهيم

يمكن الرجوع لعظات العلَّامة أوريجانوس والقديس أمبروسيوس والقديس غريغوريوس النيسي في عظات الأحد الأوَّل من شهر كيهك

عظات آباء وخدام معاصرين

يمكن الرجوع لعظات الآباء المعاصرين في الأحد الأوَّل من شهر كيهك

 

القديس البابا كيرلس السادس

الرجاء

طوبى للرجل الَّذِي جَعَلَ الرَّب متكله، ولم يلتفت إلى الغطاريس(متكبر)(مز٤٠: ٤)

نطق بهذه الكلمات، كلمات النعمة المملؤة عزاء، لكل من تأمل فيها بعقل مستنير، نبي من أنبياء العهد القديم بل هو أعظم نبي شهد له الله له المجد أنه رجل مستقيم إذا يقول: “وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يسي رجلا حسب قلبي” (أع ۱۳: ۲۲) (اصم ١٤:١٣).

نعم نطق بها ذلك المختبر في حياة النعمة، بل هو الذي نال هذه الطوبى والغبطة إذ جعل الرب. مشكله في جميع أدوار حياته من وقت أن كان صبياً صغيراً حقيراً يرعي غنم أبيه الي أن صار ملكا كبيرا. تقول الآية: “طوبى للرجل الذي جَعَلَ الرَّب متكله، ولم يلتفت إلى الغطاريس” (مز ٤٠ : ٤) ومن الواضح أن الإنسان لا يصدق شيئاً مهما كانت صحته إن لم يتحققه بنفسه ويختبره بذاته فبينما الله جل اسمه تكلم مرات كثيرة على أفواه أنبيائه القدسين:

– أنا هو الله وليس آخر.

-وهو متكل جميع أقاصي الأرض.

-وبعد كل الذين يتكلمون عليه بالخير والسعادة الأبدية.

-ويهدد الذي يخالف بالعذاب الأبدي.

نري بني البشر – لا نقول بأجمعهم – بل البعض منهم لأنه لا يخلو في كل وقت ممن يتقي الله ويتوكل علية من كل قلبه، فنرى فريقاً منهم قد اتخذوا لأنفسهم أشياء مادية تزول وتفنى، جعلوا اتكالهم عليها:

-فمنهم من اتخذوا الأوثان غير الناطقة التي لا حراك فيها وصاروا يعبدونها ويتكلون عليها.

-ومنهم من جعلوا اتكالهم على قوتهم وشجاعتهم.

-ومنهم من جعلوا اتكالهم على إنسان نظيرهم.

-ومنهم من جعلوا اتكالهم على المدن الحصينة والمركبات والخيول.

-ومنهم من الكل على الغني والثروة.

وكل هذا لم يفدهم شيئا بل أهلكهم.

هدف هذه الرسالة

نريد الآن أن نبحث عن كل فريق من هؤلاء الذين ذكرناهم، وهل هذه الاشياء التي اتخذوها متكلا يتكلون عليها خلصتهم، أم صارت لهم خزي وعارا وهلاكاً أبدياً ؟! ونبين الفرق العظيم بين من جعل الكاله على الرب وبين هؤلاء القوم.

أولا: الفريق الذي اتخذ الأوثان متكلاً

-يقول الرب لهؤلاء على لسان إشعياء النبي: “اجتمعوا يَا كُلَّ الأُمَمِ مَعَا ولتلتئم الْقَبَائِلُ مَنْ مِنْهُمْ يُخيرُ بِهَذا وَيُعْلِمْنَا بِالأَولِياتِ؟ لِيُقَدِّمُوا شُهُودَهُمْ وَيَتَبَرُرُوا أَوْ لِيَسْمَعُوا فَيَقُولُوا: صِدْقُ أَنَّتُمْ شهودي، يقول الرب، وَعَبْدِي الذي اخترته، لكي تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا بِي وَتَفْهَمُوا أَنِّي أَنَا هُوَ قَبْلِي لَمْ يُصَوِّرُ إلَهُ وبعدي لا يَكُونُ. أنا أنا الرب، وليس غيري مخلص. أنا أخبرت وخلصت وَاعْلَمْتُ وَلَيْسَ بينكُمْ غريب، وأنتم شهودي، يقول الرب، وأنا الله. أيضا مِنَ الْيَوْمِ أَنَا هُوَ، وَلَا مُنْقِدُ مِنْ يَدِي. افعل، ومَن يرد؟” (إش ٤٣: ٩-١٣)

– ويقول أيضاً على فم حبقوق النبي: ” ماذا نفع التَّمْثَالُ الْمَنْحُوتُ حَتَّى نحته صانعه؟ أَوِ المسبوك وَمُعَلِّمُ الْكَذِبِ حَتَّى إن الصانع صنعة يتكل عَلَيْهَا، فَيَصْنَعُ أَوْثَانًا بُكْمَا؟ وَيْلٌ لِلْقَائِلِ للعود: استيقظ !وللحجر الأصم: انتبه! أَهُوَ يُعَلِّمُ ؟ هَا هُوَ مطلي بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا رُوحَ الْبَتَّةَ في داخله! أما الرَّبُّ فَفِي هَيْكَلِ قُدْسِهِ، فَاسْكُتِي قُدَّامَهُ يَا كُلَّ الْأَرْضِ ” (حب ۲: ۱۸-۲۰)

نورد هنا تلك الحادثة التي حصلت في زمن إيليا النبي والفرق العظيم بين هذا النبي وأنبياء البعل:

يقول الكتاب: “أن جماعة بني إسرائيل في ملك أخاب الملك، حاد قلبهم عن الرب إلههم وأخذوا يعبدون الأوثان، فجاء إيليا مبكتاً لهم وأراد أن يظهر لهم أن تلك الإلهة التي اتخذوها واتكلوا عليها لا تنفعهم البتة، بل ستكون سبب هلاكهم فقال لأخاب الملك: “الآن أرسل وَاجْمَعُ إِلى كل الشعب وأنبياء البعل ليأتوا إلى جبل الكرمل”.

فأرسل وجمع كل الشعب وأنبياء البعل كما تكلم إيليا. فتقدم إيليا وخاطب الشعب قائلا: “حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفَرْقَتَيْنِ؟ فَإن كان الرب هو الله فاعبدوه واتكلوا عليه فتحيا نفوسكم، وإن كان البعل فاتبعوه فتهلكوا بآثامكم “

ثم قال إيليا للشعب: “أنا بقيت نبيا للرب وحدي، وأنبياء البعل أربع مئة وخمسون رجلا. فليعطونا ثورين فيأخذوا لأنفسهم ثوراً واحداً ويقطعوه ويضعوه على الحطب، ولكن لا يضعوا ناراً وأنا كذلك أفعل مثلهم، وأنتم تدعون باشم إلهكم وأنا أدعو باسم الهي، والإله الذي يجيب بنار من السماء هو الله”.

فأجاب جميع اللعب وقالوا “الكلام حسن”.

فأخذ انبياء البعل الثور وقربوه، ودعوا باسم البعل من الصباح إلى الظهر فلم يكن من مجيب.فسخر بهم إيليا وقال: “ادعوا بصوت عال لانه إله!  لعله مستغرق أو في خلوة أو في سفرا أو لعله نائم فيتنبه “، فصرخوا أكثر كثيرا جداً، فلم يكن إلههم يسمعهم.

[ولكن انظروا الإله القادر على كل شيء الذي لا يدع المتوكلين عليه المخزون]

فقام إيليا فرمم مذبح الرب المتهدم. ثم أخذ إيليا اثني عشر حجرا، بعدَدٍ أَسْبَاطِ إسرائيل، ثم رتب الحطب وقطع الثور ووضعه على الحطب وقال: “املأوا أربَعَ جَرَّاتٍ مَاءً وَصُبُّوا عَلَى الْمُحْرفة والحطب”. ثم قال: “ثنوا” فثنوا ، و”ثلثوا” فثلثوا.

[انظر يا إيليا وتروى قليلاً لئلا يستخف بك أعداؤك أنا عالم بمن أمنت وعلى من أنا متكل على الإله الذي لا يخزي المتوكلين عليه]

فقام وصلى كلمات قليلة قائلا: “أيها الرب إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، ليُعلم الْيَوْمَ أنك أنت الله متكل إسرائيل، وأني أنا عبدك، وبأمرك قد فعلت كل هذه الأمور. فاسْتَجيني يا رب…..”

فسقطت نَارُ الرَّبِّ وَأَكَلَتِ المحرقة والحطب والحجارة والتراب، ولحَسَتِ المياة فلم رأى جَمِيع الشعب ذلك سقطوا على وُجُوهِهِمْ وَقَالُوا: الرَّبُّ هُوَ الله”.

فقال لهم إيليا “إذا كان الرب هو الله فأمسكوا أنبياء البعل ولا يفلت منهم واحد”، فَأَمْسَكُوهُمْ فنزل بهم إيليا إلى نهر فيشون وذبحهم هناك. (امل ١٨ ١٧-٤٠)

وتم قول المرثم ” في أوقات الغدوات كنت أقتل جميع صانعي الأثم المتوكلين على صنعة الأيدي”، فهنا الاتكال الحقيقي، فطوبي للرجل الذي جعل الرب متكله.

ثانيا: الفريق الذي جعل اتكاله على قوته وشجاعته

-فيجيب هؤلاء سليمان الحكيم قائلاً: “إن الحكمة خَيْرٌ مِنَ الْقُوَّةِ، وَالْحَكِمَ أَفْضَلُ مِنَ الجبار” (حك ٦: ١)

– قال داود النبي “لَنْ يَخْلُصَ الْمَلِكُ بكثرة الجيش الجبَّارُ لا يُنْقَدُ بِعِظَمِ الْقُوَّةِ. بَاطِلٌ هُوَ الْفَرَسُ لأَجْلِ الْخَلاصِ، وَبِشِدَّةِ قُوَّتِهِ لا يُنَجِّي” (مز ٣٣: ١٦ و ١٧)

– وقال أيضاً ذلك النبي المختبر “لأني على قوتي لا أتكلُ، وَسَيْفِي لا يُخَلِّصُنِي” (مز ٤٤: ٦)

نورد حادثة هذا النبي مع جليات الفلسطيني (۱صم ۱۷ : ۷-٥١) اجتمعت جيوش الفلسطينيين يوما ما على بني إسرائيل لمحاربتهم. فاصطف الجيشان مقابل بعضهم.

فَخَرَجَ مِنْ جُيُوشِ الْفِلسطينيين رجل مقاتل هو جُلْيَاتُ، مِنْ جت، طُولُهُ سِتْ أَذْرُعٍ وَشِبْرٌ، وَعَلَى رَأْسِهِ خُودَةٌ مِنْ نُحَاسٍ، وَكَانَ لأَبِسًا دِرْعًا حَرْشَفِيًّا، وَوَزْنَ

 الدَّرْعِ خَمْسَةُ آلآفِ شَاقِلِ نُحَاسٍ، وغاية الأمر أنه كان رجل حرب. وقالَ لَهُمْ: لِمَاذَا تَخْرُجُونَ لِتَصْطَفُوا لِلْحَرْبِ؟ أَمَا أَنَا الْفِلِسْطِينِيُّ، وَأَنتُمُ عَبِيدٌ لِشَاؤُلَ؟

 اخْتَارُوا الأَنْفُسِكُمْ رَجُلًا وَلْيَنْزِلْ إِلَيَّ. فَإِنْ قَدَرَ أَنْ يُحَارِبَنِي وَيَقْتُلَنِي نَصِيرُ لَكُمْ عَبِيدًا، وَإِنْ قَدَرْتُ أَنَا عَلَيْهِ وَقَتَلْتُهُ نَصِيرُونَ أَنْتُمْ لَنَا عَبِيدًا وَتَخْدِمُونَنَا».

وَقَالَ الْفِلِسْطِينِيُّ: «أَنَا عَيَّرْتُ صُفُوفَ إِسْرَائِيلَ هَذَا الْيَوْمَ. أَعْطُونِي رَجُلًا فَتَتَحَارَبَ مَعًا».

فَلَمَّا سَمِعَ شاول وَجَمِيعُ إِسْرَائِيلَ كَلامَ الْفِلِسْطِينِي هَذَا ارْتَاعُوا وَخَافُوا جِدًّا.

أنظروا مراحم الرب وبتدبير الله جاء داود ليفتقد إخوته في الحرب وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُهُمْ إِذَا بذلك الفلسطيني الجبار خرج كعادته وابتدأ يعير صُفُوفِ الفلسطينيين إسرائيل، فَسَمِعَ دَاوُدُ. وَجَمِيعُ رِجَالِ إِسْرَائِيلَ لَمَّا رَأَوْا الرَّجُلَ هَرَبُوا مِنْهُ وَخَافُوا جِدًّا.

فَقَالَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ: «أَرَأَيْتُمْ هذَا الرَّجُلَ الصَّاعِدَ؟ لِيُعَيِّرَ إِسْرَائِيلَ فَيَكُونُ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يَقْتُلُهُ يُغْنِيهِ الْمَلِكُ غني جَزِيلًا، وَيُعْطِيهِ بِنْتَهُ، وَيَجْعَلُ بَيْتَ أَبِيهِ حُرًّا فِي إِسْرَائِيلَ».

فتقدم ذلك الفتى الصغير المتوكل على الله وأخبر الملك شاول قائلاً: «لَا يَسْقُطُ قَلْبُ أَحَدٍ بِسَبَبٍ هذا الفلسطيني الأغلف، عَبْدُكَ يَذْهَبُ وَيُحَارِبُه».

فَقَالَ شاول لِدَاوُدَ: “لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَذْهَبَ إِلَى هَذَا الْفِلِسْطِينِي لِتُحَارِبَهُ لَأَنَّكَ غُلَامٌ وَهُوَ رَجُلٌ حَرْبٍ مُنْذُ صِبَاهُ”.

فَقَالَ دَاوُدُ لشاول: “كَانَ عَبْدُكَ يَرْعَى لِأَبِيهِ غَنَمًا، فَجَاءَ أَسَدٌ مَعَ دُبُّ وَأَخَذْ شَاةٌ مِنَ الْقَطِيعِ، فَخَرَجْتُ وَرَاءَهُ وَقَتَلْتُهُ وَأَنْقَذْتُهَا مِنْ فمه ، وَلَمَّا قَامَ عَلَيَّ

أَمْسَكْتُهُ مِنْ ذَقْنِهِ وَقَتَلْتُهُ. قَتَلَ عَبْدُكَ الأَسَدَ والدب جَمِيعًا، وهذا الفلسطيني الأغلف يكون كواحد منهم، لأنه قد غير صفوف الله الحي،”وقال داود: “الرب الذي أنا متوكل عليه وانقذني من فم الأسد والدب هُوَ يُنقذني من يد هذا الجبار”.

فقال شاول لداود: اذهب وليكن الرب معك” والبسه ثِيَابَهُ، وَجَعَلَ خُودَةٌ مِنْ نُحَاسِ عَلَى رأسه، والبسه درعاً. فتقلد داود بسيفه فوق ثيابه وعزم أَنْ يمشي، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ جَرَّب.

فقال داود شاول: “لا أقدر أن أمشي بهذه، لأني لم أجربة. وتزعَها دَاوُدُ عَنْهُ، وَأَخَذْ عصاه بيده وانتخب له خمسة حجارة ملس من الْوَادِي وَجَعَلَها في كنف الرعاة الَّذِي لَهُ، ومقلاعه بِيَدِهِ وَتَقَدَّمَ نحو الفلسطيني.

فَذَهَبَ الْفَلَسْطِينِي ذاهبًا وَاقْتَرَبَ إِلَى دَاوُدَ والرَّجُلُ حَامِلُ التَّرْسِ أمامه، وَلَمَّا نَظَرَ الْفِلِسْطِينِي وَرَأَى دَاوُدَ استحقره لأَنَّهُ كَانَ غُلَامًا وَأَشْفَرَ جَمِيلَ الْمَنْظَرِ. فقال الفلسطيني لداود: «العلي أنا كلب حتى أنك تأتي إلي بعصِي؟»، وَلَعَنَ الفلسطيني دَاوُدَ بِالهَتِهِ. وقَالَ الْفَلِسْطِينِي لِدَاوُدَ: “تَعَالَ إِلى فَأُعْطِي لَحَمَكَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَوُحُوشِ الْبَريَّة”.

فَقَالَ دَاوُدُ لِلْفلسطيني: «أنت تأتي إلي يسيف وبرمح وبترس، وأنا آتي إليك بقوة رب الجنود الذي أنا متكل عليه، هذا الْيَوْمَ يحبسك الرب في يدي،

فأقتلك وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جثث جَيْشِ الفلسطينيين لطيور السَّمَاءِ، فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إله لإسْرَائِيلَ، وَتَعْلَمُ هَذِهِ الْجَمَاعَةُ كُلُّهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِسَيْفِ وَلَا برمح يُخْلُصُ الرَّبُّ، لأَنَّ الْحَرْبَ لِلرَّبِّ وَهُوَ يَدْفَعُكُمْ لِيَدِنَا».

وَكَانَ لَمَّا قَامَ الْفِلِسْطِينِي وَذَهَبَ وتقدم للقاء داود أن دَاوُدَ أَسْرَعَ وَرَكَضَ نَحْوَ الصَّفُ لِلقَاءِ الفلسطيني. وَمَدَّ دَاوُدُ يَدَهُ إِلَى الْكِنْفِ وأخذ مِنْهُ حَجَرًا وَرَمَاهُ بالمقلاع، وَضَرَبَ الفلسطيني في جبهته فَارْتَزَ الْحَجَرُ فِي جبهته، وَسَقَط عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ، فَتَمَكَّنَ دَاوُدُ مِنَ الْفِلِسْطِينِي بِالْمِقْلاعِ وَالْحَجَرِ، وَضَرَبَ الْفِلِسْطِينِي وَقَتَلَهُ، وَلَمْ يَكُن سَيْفَه بِيَدِهِ، فَرَكَضَ دَاوُدُ وَوَقَفَ عَلَى الْفِلِسْطِينِي وَأَخَذْ سَيْفَهُ واخرجه مِنْ عَمْدِهِ وَقَتَلَهُ وَقطع به رأسه، فلما رأى الفلسطينيونَ  أَنَّ جَبَّارَهُمْ قَدْ مَاتَ هَرَبُوا.

فنرى هنا أن الاتكال الحقيقي: جعل ذلك الفتى الصغير يقوى على ذلك الجبار، فينبغي علينا أن نتعلم أن نتكل على الرب من كل قلوبنا لأنه “طوبى للرَّجُلِ الَّذِي جَعَلَ الرَّبِّ مُتَكَلَهُ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى الغطاريس” (مز ٤٠: ٤)

ثالثا: الفريق الذي جعلوا اتكالهم على إنسان نظيرهم

فيجيب هؤلاء أيضا إشعياء النبي قائلاً “وَيْلٌ لِلْبَنِينَ الْمُتَمَرِّدِينَ، يَقُولُ الرَّبُّ، حَتَّى أَنَّهُمْ يُجْرُونَ رأياً وَلَيْسَ مِنِّي، وَيَسْكُبُونَ سكيباً وليس بروحي، ليزيدوا خطيئة على خطيئة، الذينَ يَذْهَبُونَ لينزلوا إلى مصر ولم يسألوا فمي، ليلتجئوا إلى حِصْنِ فِرْعَوْنَ وَيَحْتَمُوا بِظِل مصر” (إش ۳٠: ۱و ۲)

“لا تتكلوا على الرؤساء ولا على بني البشر الذين ليس عندهم خلاص، تخرج روحهم فيعودون إلى أرضهم، في ذلك اليوم تهلك كافة أفكارهم طوبى لمن إله يعقوب معينه واتكاله على الرب إلهه” (مز ١٤٦: ٥٠٣)، وتعلن هذه الحقيقة مسألة يوسف الصديق بينما هو في هذه التجربة وهي معلومة لدى حضرات القراء يقول الكتاب:

وحدث بعد هذه الأمور أن ساقي ملك مصر والخباز أذنبا إلى سَيْدِهِمَا، فَوَضَعَهُمَا فِي السِّجْنِ الْمَكَانِ الَّذِي كان فيه يُوسُف محبوسًا، وَحَلْمًا كلاهما حلماً في ليلة واحدة، حلم كُل وَاحِدٍ يحسب تعبيره، فقص رئيس السقاة حُلْمَهُ على يوسف فعبر يوسف الحلم للساقي بأنه سيرجع إلى وظيفته.

[وفي اللحظة عينها نراه صدرت منه هفوة إذ جعل اتكاله على إنسان]

إذ قال للساقي “وإنه إذا ذكرتني عِنْدَكَ حِينَمَا يَصِيرُ لَكَ خَيْرٌ، تَصْنَعُ إِلَيَّ إِحْسَانًا وَتَذْكُرُنِي لِفِرْعَوْنَ وَتُخْرِجُنِي مِنْ هَذَا الْبَيْتِ”

وحدث أنه بعد ثلاثة أيام رجع الساقي إلى وظيفته كما أخبره يوسف ولكن الله عز وجل جعله ينسى أن يذكر يوسف، ليعلمه أنه صالح التوكل على الرب أفضل من التوكل على بني البشر، صالح هو الرجاء بالرب أفضل من الرجاء بالرؤساء. وقد ترك في سجنه خمس سنوات تأديباً له “إن أدباً أدبني الرب وإلى الموت لم يسلمني” (مز ۱۱۸ : ۱۸). ولكن بعد مضي المدة المعينة بتدبير الله، حدث أن فرعون حلم حلما فأرسل ودعا جميع سحرة مصر وجميع حكمائها، وقص عليهم فرعون حلمه فلم يكن من يعبره لفرعون. وهنا تذكر رئيس السقاة يوسف، فأعلم فرعون بما حدث له، فأمر بإحضاره. فأسرعوا وأحضروه من السجن. وقص فرعون الحلم على يوسف فعبر له تفسير الحلم فسر فرعون جدا من تعبيره وأقامه مديرا على كل مملكة مصر. (تك ٤٠-٤١)

– فما أعظم الفرق بين اتكاله أولاً على إنسان لا حول له ولا قوة وبين اتكاله على الرب الإله الذي لا يخزي المتكلين عليه.

– فلنتعلم أن نتكل على الرب إلهنا وحده دون سواه، ولا نتكل على إنسان ترابي مهما بلغت منزلته.

فلنسأله تعالى أن يعطينا نعمة الاتكال علية في كل أمورنا لكي يكون لنا معينا في شدائدنا وضو ائقنا.

رابعاً: الفريق الذي جعل اتكاله على المدن الحصينة .

-في ذلك اليوم يُهْلِكُونَ بِالسَّيْفِ مدنك الحصينة التي أنتَ مُتَّكِلٌ عَلَيْهَا فهي أيضاً لا تنفعك (إر٥: ١٧)

هؤلاء بِالْمَرْكَبَاتِ وهؤلاء بالخيل، أمَّا نَحْنُ فَاسْمَ الرَّبُّ الهِنَا نذكر، هُمْ جثوا وَسَقَطُوا، أَمَّا نحْنُ فَقُمْنَا وَانْتَصَبْنَا” (مز ۲۰: ۷ و ۸)

– هنا تأتي بحادثة سنحاريب ملك آشور يقول الكتاب:

وبعد هذه الأمور أن سنحاريب ملك آشور أرسل عبيده إلى أورشليم بجيش عظيم وكل سلطته معه، إلى حزقيا ملك يهوذا وإلى اليهود الذين في أورشليم يقول هكذا يقول سنحاريب ملك آشور على ماذا تتكلون ؟!! أما تعلمون ما فعلته أنا وآبائي بجميع شعوب الأرض. فهل يستطيع إلهكم أن ينقذكم من يدي. وتكلم عبيده أكثر ضد الرب الإله وضد حزقيا … وكتب رسائل تعيير ضد إله إسرائيل. وصرخوا بصوت عظيم باليهودية إلى شعب أورشليم الذين على السور لتخويفهم وترويعهم لكي يأخذوا المدينة. وتكلموا على إله أورشليم.

فصلى حزقيا الملك وإشعياء بن أموص النبي بذلك وصرخا إلى السماء فأرسل الرب ملاكا فأباد كل جبار بأس ورئيس وقائد في محلة ملك آشور، فرجع بخزي الوجه إلى أرضه، ولما دخل بيت إلهه قتله بالسيف هناك الذين خرجوا من أحشائه وخلص الرب حزقيا وسكان أورشليم من يد سنحاريب المتكل على قوته ( ۲ مل ۱۸ و ۱۹).

– وأيضاً فرعون المتكل على كثرة الجيش والمركبات والجبل هلك في البحر الأحمر (خر ١٤: ٢٨)

-ونجي إسرائيل ماشياً على اليابسة والمياه كمثل السور العالي يمينا ويسارا، لأنه اتكل على الرب الإله (خر ١٤ :٢٨)

فما أعظم الاتكال على الله، إنه ينجي من كل المخاوف.

خامساً: الفريق الذي جعلوا اتكالهم على ثروتهم

– الَّذِينَ يَتَّكِلُونَ عَلَى ثَرْوَتِهِمْ، وَبِكَثْرَةِ غِنَاهُمْ يَفْتَخِرُونَ” (مز ٤٩: ٦).

– أَمَّا أَنَا فَمِثْلُ زَيْتُونَةٍ خَضْرَاء فِي بَيْتِ اللهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى رَحْمَةِ اللَّهِ إِلَى الدَّهْرِ وَالْأَبَدِ” (مز ٥٢: ٨)

– فَمَنْ يَتَّكِلُ عَلَى غِنَاهُ يَسْقُط ، أما الصِّدِّيقُونَ فَيَزْهُونَ كَالْوَرَقِ” (أم ۲۸:۱۱).

– فَمِنْ أَجْلِ اتَّكَالِكِ عَلَى أَعْمَالِكِ وَعَلَى خَزَائِنِكِ سَتُؤْخَذِينَ أَنْتِ أَيْضًا، وَيَخْرُجُ كَمُوشُ إِلَى السبي، كَهَنَتُهُ وَرُؤَسَاؤُهُ مَعَا” (إر ٧:٤٨).

نأتي بحادثة تلك الفتى الذي أخصبت كورته واتسعت أملاكه، فخاطب نفسه قائلا: “يا نفسي لك خيرات كثيرة لسنين عديدة فكلي واشربي واستريحي”، فجاءه صوت قائلا: “يا غبي في هذه الليلة تؤخذ نفسك منك فهذا الذي أعددته لمن يكون” (لو ١٢: ٢١,١٦).

وأيضاً ذلك الشاب الذي جاء للسيد المسيح له المجد، وقال له: “أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأرث الحياة الأبدية؟”، فأجابه السيد له المجد أَنْتَ  تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لَا تَزْنِ. لَا تَقْتُلْ… .. فقال “يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حداثتي” ، فقال له يسوع: «إن أردت أن تكون كاملا إذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَتَعَالَ اتَّبَعْنِي فَيَكُونَ لَكَ كَنز في السَّمَاءِ”، فيقول الكتاب أنه “مَضَى حَزِينًا، لأَنَّهُ كَانَ ذَا أَمْوَالَ كَثِيرَة، فَنَظَرَ يَسُوعُ حَوْلَهُ وَقَالَ لِتَلَامِيذِهِ: “مَا أَعْسَرَ دُخُولَ ذَوِي الْأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ!” (مر ۱۰: ۱۷-۲۳)

الخاتمة

وقد رأينا أيها الأحباء الفرق العظيم بين من هو متكل على الإله الحي وبين هؤلاء القوم الذين اتخذوا تلك الأشياء الباطلة وجعلوها متكلاً لهم يتكلون عليها.

فيجب علينا أن نجعل إلهنا القادر على كل شيء متكلاً لنا لكي نخلص من كل هذه الشرور، وأخيرا نفوز بملكوت ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذي له المجد مع أبيه الصالح والروح القدس، الآن وكل أوان إلى دهر الدهور آمين.

المرجع : مجلة ميناء الخلاص لسنة ١٩٢٨

المتنيح الدكتور موريس تاوضروس

يسوع المسيح في الأناجيل الأربعة

ارتبط ميلاد السيد المسيح بميلاد يوحنا المعمدان ومن هنا فإن الحديث عن يوحنا المعمدان يعتبر تمهيدا ضروريا للحديث عــن  السيد المسيح . ولقد تحدث لوقا من بين البشيرين الأربعة عن بشارة الملاك لزكريا بميلاد يوحنا واستغرق هذا الحديث جزءا كبيرا من الاصحاح الأول من هذه البشارة ويتضمن الحديث في هذا المجال النقاط الثلاثة التالية : –

١ ـ كهانة زكريا (لو ١ : ٥ – ٧)

٢- بشارة الملاك لزكريا  (لو ١: ٨- ٢٢)

٣ – تحقق البشارة (لو ۱ : ۲۳- ٢٥)

۱- كهانة ذکريا

يقول لوقا البشير (كان في أيام هيرودس ملك اليهودية كاهن اسمه زكريا من أيام خدمة أبيا ، وكانت أمرأته من بنات هرون  واسمها اليصابات . وكان كلاهما بارين أمام الله سالكين في جميع الوصايا وحقوق الرب بغير لوم ولم يكن لهما ولد لأن اليصابات كانت عاقرا وكان كلاهما متقدمين في أيامهما ) (لو ١ : ٥-٧) يلاحظ أن هيرودس المشار إليه هنا هو الملقب بهيرودس الكبير وقد كان من ابنائه هيرودس انتيباس الذي تزوج هيروديه زوجة أخيه فيليس وهو الذي أمر بقطع رأس يوحنا المعمدان ـ وهناك هيرودس أغريبا الأول وهو الذي قتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف (أع ١٢ : ٢) وأبنه اغريباس الثاني الذي أذن لبولس أن يدافع عن نفسه (أع ٢٦) أما زكريا فلم يكن رئيس كهنة بل واحدا ممن يباشرون العبادة في الهيكل وكان من فرقة أبيا ، وكلمة فرقة باليونانيه لها معنيان

١ – الخدمة لأيام محدودة (نح ١٣ : ۳۱)

٢- نظــام  للخدمة في الهيكل لمدة معينة (١أي ٦:٢٣ و ۲۸ : ۱۳) وهذا هو المعنى المقصود ۔ و لقد قسم داود فرقه إلى ٢٤  فرقة يتاح لكل فرقة خدمة الهيكل اسبوعين في السنة على دورتين كل دورة منها اسبوعا کاملا ـ وكانت فرقة ابياهي الثامنة في ترتيب الفرق  (١أى ١٠:٢٤) ولكن بعد السبي لم يعد إلا أربع فرق فقط هم بنو يدعيا و بنو امير وبنو فشخور و بنو حاريم    (عز ٢ : ٢٦ – ٣٩) ، وقسمت هذه الفرق الأربعة الى ٢٤ فرقة بحسب اسمائها القديمة وعلى ذلك فان زكريا لا ينسب إلى فرقة    ابيا الأولى لأن هذه لم ترجع من السبي.

أما اليصابات فكانت من بنات هرون أي أن يوحنا كان من نسب كهنوتی ليس بالنسبة لأبيه فقط و لكن أيضا بحسب نسب أمه ـ و لقد وصفت اليصابات مع زكريا بأنهما كانا بارين، أي كانا فاضلين وهكذا اختار الله يوحنا من عائلة تقية ، وإذا كان من الواجب أن يتوفر هذا في كل عائلة فهو بالأحرى يجب أن يسود في عائلات الكهنوت ، كعائلة زكريا الكاهن، حتى يكون الكاهن مثلاً طيبا لرعيته .

وبرهما هذا لا يعنى أنهما لم يرثا خطية آدم الأصلية، لأنها عمت البشرية جميعها ماعدا السيد المسيح الذي أخذ كل ما لنا ماعدا الخطية، بل أنهما كانا يحاولان بقدر الامكان السلوك بحسب مطالب الناموس وسالكين . في جميع الوصايا وحقوق الرب بغير لوم، ولم يكن لزكريا وزوجته ولد لأن اليصابات كانت عاقرا وكان هذا أمراً يبعث على الحزن والضيق بل كان العقم عند اليهود يعتبر عقابا على خطية (لا. ۲۰: ١٠ ، ۲۱) (أر ۲۲ : ۳۰) ومن أجل  ذلك استقبلت اليصابات البشارة قائلة .. لينزع عاري بين الناس (لو ١ : ٢٥)

٢– بشارة الملاك لزكريا

زكريا في الهيكل : « وبينما كـان يكهن في رتبة ايام خدمته امام الله ، كعادة الكهنوت ، وقعت القرعة ان يرفع البخور فدخل هيكل الرب وكان كل  جمهور الشعب يصلى خارجا وقت البخور ، (لو ١: ٨- ١٠)

يلاحظ أن القرعة كانت تجرى مرتين في اليوم الواحد صباحا ومساء عند تقدمة الذبيحة . ولعله في قوله « وكان جمهور الشعب  يصلى خارجاً وقت البخور ، دليل على أن البشارة كانت في يوم سبت حيث يكثر الجمهور . وكما يروى في التلمود كمان وقت تقديم البخور وقتاً مقدسا يسود فيه الصمت ويشير البخور إلى الصلوات المرفوعة أمام الله كما يقول سفر الرؤيا, فصعد دخان البخور مع صلوات القديسين من يد الملاك أمام الله (رؤ ٨ : ٤) » .

ظہور الملاك لزكريا فظهر له ملاك الرب واقفا عن يمين مذبح البخور ، فلما رآه زكريا أضطرب وغشيه خوف . فقال له الملاك  لا تخف يا زكريا فإن طلبتك قد سمعت وأمرأتك اليصابات ستحبل وتلد لك إبنا وتدعو إسمه يوحنا ويكون لك فرح وإبتهاج وكثيرون بمولده يفرحون .

لأنه يكون عظمها أمام الرب وخمرا ومسكراً لا يشرب ويمتلئ من روح القدس وهو في بطن أمه ويرد كثيرين من بنى إسرائيل إلى الرب الههم ويتقدم أمامه بروح وبقوة إيليا ليرد  قلوب الآباء إلى بنيهم والعاصين إلى فكر الأبرار كي يعد للرب شعبا مبرراً .

فقال زكريا للملاك بم أعلم هذا لأنى أنا شيخ وامرأتي قد تقدمت في أيامها فأجاب الملاك وقال له أنا جبرائيل الواقف أمام الله وأرسلت لا كلمك وأبشرك بهذا وها أنت تكون صامتا فلا تستطيع الكلام إلى اليوم الذي يكون فيه هذا لأنك لم تؤمن بأقوالي هذه التي ستتم في حينها وكان كل الشعب ينتظر زكريا وكان متعجبا .

من إبطائه في الهيكل فلما خرج لم يستطع أن يكلمهم فعلموا  أنه رأى في الهيكل رؤيا فكان يومئ إليهم وظل صامتا (لو ١ : ۰۲۲ – ۱۱)  وقد كان ظهور الملاك لزكريا مصحوبا باضطراب وخوف فان ظهور العالم غير المنظور إلى الإنسان يصحبه اضطراب نتيجة شعورنا بخطايانا أمام قداسة هذا الموقف النوراني ويتحول هذا الاضطراب إلى خوف نتيجة شعورنا بالعقاب الذي يتتبع  بالضرورة الخطية ، ويتجلى هذا الموقف من الاضطراب والخوف في رؤيا دانيال بصورة واضحة إذ يقول دانيال فبقيت أنا وحدى ورأيت هذه الرؤيا العظيمة ولم تبق في قوة و نضارتي تحولت في إلى فساد ولم أضبط قوة … وإذا بيد تلمسني و أقامتنى مرتجفا على ركبتي وعلى كفى يدى … وقال لى  لا تخف يا دانیال (دا ۱۰ : ۸ – ۱۳) ۰

تحقيق البشارة

ولما كملت أيام خدمته مضى إلى بيته و بعد تلك الأيام حبلت اليصابات أمرأته وأخفت نفسها خمسة أشهر قائلة أنه هكذا صنع  في الرب في الأيام التي نظر فيها إلى لينزع عارى بين الناس (لو ۱ : ٢٣ – ٢٥)

المرجع : مجلة مدارس الأحد عدد شهر مايو لسنة ١٩٦٠

القديس الأرشيدياكون حبيب جرجس

بشارة الملاك بميلاد يوحنا المعمدان ( لو١ : ٥ – ٢٥)

” لأنه يكون عظيماً أمام الرب ” (لو ١ : ١٥)

(أولا) لاحظ شهادة الكتاب عن تبرر زكريا وامرأته وسلوكهما في وصايا الرب بلا لوم فطوبى لمن تكون له مثل هذه الشهادة من الله .

(ثانياً) لاحظ تجربة هذين البارين ببقائهما بغير ذرية وافتقاد الله لها أخيراً واستجابة دعائهما. وكيف أنعم عليهما بيوحنا الذي  استحق أن يكون سابقاً للمسيح ومهيئ الطريق أمامه .

(ثالثاً) خوف زكريا من الملاك يدل على ان الطبيعة البشرية خاطئة لا تحتمل رؤية شيء سماوى ، كما حصل لموسى في البرية (خر٣ : ٦) ودانيال في بابل (دا ۸ : ١٧) والنساء عند قبر المسيح (مت ۲۸ : ٥) ويوحنا في جزيرة بطمس (رؤ ۱ : ۱۷) .

( رابعاً ) العظم الحقيقي لا يقوم بالغنى والوجاهة والمراكز العالية بل بالعمل من أجل مجد الله وخير الناس.

(خامساً)  مهما كان الأولاد صغاراً فانهم مستعدون لأن يمتلئوا من روح الله كما امتلأ يوحنا وهو لا يزال في بطن أمه .

(سادساً) لاحظ صفات يوحنا وأعماله فانه

(١) لم يشرب خمراً

(۲) امتلأ من روح الله

(۳) رد القلوب الى الله

(٤) تقدم أمام الرب ليهيء له شعباً .

(سابعاً) عقاب خطيئة الشك وعدم الايمان اذ ضرب زكريا بالخرس الى ان يتم كلام الملاك .

المرجع : كتاب الكنز الأنفس للأرشيذياكون حبيب جرجس الجزء الثالث صفحة ١

من وحي قراءات اليوم

” هكذا قد فعل بي الرب في الايام التي فيها نظر الي لينزع عاري بين الناس ” (لو ١ : ٢٥)                  إنجيل القدَّاس

+ رأي الناس فيها عار المجتمع

+ وأخرج الله من عارها مجد العهد الجديد

+ كانت في عين الناس إمرأة عاقر

+ ورآها الله إمرأة مثمرة اكثر من كل نساء العالم

+ نظرات الناس حكمت أن حياتها تعبر عن تأديب الله

+ ورأي الله حياتها موضوع محبته الإلهية

+ رأي الناس ان الله لم يستجب لصلواتها

+ وكانت طلبتها في نظر الله هي موضوع اشتياقه وتدبيره الخلاصي لها

+ عاشت النساء في عصرها بعيدا عن الله رغم عطايا الله لهم

+ وتمسكت هي بتقواها ومحبه الله رغم تأخر الله عليها

ما أعظمك نموذج لنا  وما أبعدنا عن سُموّ تقواكي أيتها القديسة اليصابات