قراءات يوم الأثنين من الأسبوع الخامس الصوم الكبير

 

 

“أَنْتَ مُسْتَحِقٌ أَيُّهَا الـرَّبُّ أَنْ تَأْخُذَ الْمَجْـدَ وَالْكَرَامَةَ وَالْقُـدْرَةَ، لأَنَّكَ أَنْتَ خَلَقْتَ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَهِيَ بِإِرَادَتِكَ كَائِنَةٌ وَخُلِقَتْ” (رؤ ٤: ١١).

[أعطيت إطلاقاً لمن قبض عليهم في الجحيم، أزلت لعنة الناموس، أريتني قوة سلطانك أقمت الطبيعة بالكلمة] (القدّاس الغريغوري).

[إذ ينتزع الإنسان من الهلاك يرفعه إلى السماويات غارساً المائت في الخلود ومحـولاً الأرض سماء] (القديس اكليمنضس الإسكندري)[1]

شــواهــد القــراءات

 

(أم٣: ٥ – ١٨)، (إش٣٧: ٣٣- الخ، ٣٨: ١- ٦)، (أي٢٢: ١)، (مز٨٧: ٢-٣)، (لو١٢: ١٦- ٢١)، (في٢: ١- ١٦)، (١بط ٣: ١٠- ١٨)، (أع١٠: ٢٥- ٣٥)، (مز٨٥: ٣-٤)، (لو٩: ١٢- ١٧).

شــرح القـــراءات

 

تتكلّم قــراءات اليــوم عن الله القدير الخالق كل شيء والقادر على كل شيء.

تبدأ أمثال سليمان بقدرة الله في جسد الإنسان وصحته وفي ما يملكه وفي طول أيامه على الأرض.

“اتـق الـرب وابعد عن كل شر فيكون الشفاء في جسدك والعافية في عظامك أكرم الـرب من مالك، فتمتلئ مخازنك شبعاً وتفيض معاصرك خمراً، في يمينها طول الأيام وكثرة السنين”.

وفي أشعياء النبي قـدرة الـرب أمام أعـداء ومقاومين أولاده وأمام قـدرة ملوك ورؤساء الأرض.

“لذلك هكذا يقـول الرب على ملك أشور إنه لا يدخل هذه المدينة ولا يرمي إليها سهماً، وخرج ملاك الـرب وقتل من جيش أشور مئة ألف وخمسة وثمانين ألفاً فلما بكروا صباحاً إذا هم جميعاً جثث أموات”.

كما يعلن قـدرة الـرب في زيادة عمر الإنسان وأيامه على الأرض كما فعل مع حزقيا الملك.

“إني قـد سمعت صوت صلاتك ورأيت دموعك وها أنذا أزيد على أيامك خمس عشرة سنة”.

وفي سفر أيـوب قـدرته على نجاة الإنسان وخلاصه وغناه وشبعه.

“القائلين ماذا يصنع بنا الله أو ماذا يجلب علينا القدير وهـو قـد ملأ بيوتهم خيراً، إن رجعت واتضعت أمام القدير يجعل الظلمة بعيدة عن خبائك، ويكون القدير معينك وينقيك كالفضة المصفاة من أيدي أعدائك حينئذ تتلذذ بالقـديـر وتتطلع إلى السماء بفـرح”.

وفي مزمـور باكـر قـدرة الـرب في توبة الإنسان ونجاته من سلطان الخطية والجحيم.

“آمل يا رب سمعك إلى طلبتي فقـد امتلأت من الشر نفسي ودنت من الجحيم حياتي”.

وفي إنجيـل باكـر زيف قـدرة الإنسان في غـرور غناه وإحساسه الخاطئ أنّه خلق ثـروته بنفسه.

“وأقـول لنفسي يا نفسي لكِ خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة، فقال الله له : يا جاهل في هذه الليلة تُنزع نفسك منك فهذه التي أعدَدتها لمن تكون”.

وفي البـولس رغـم إخلاء ابن الله لذاته في تجسده لكن في قـدرته الإلهيـة تخضع له كل القــوات السمائية.

“وإذ وُجِـدَ في الهيئة كانسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب فلذلك رفعه الله أيضاً، لكي تجثوا باسم يسوع كل ركبة مما في السموات وما على الأرض ومن تحت الأرض”.

وهــو الــذي يعطي القـدرة والإرادة الحسنة لأولاده.

“لأن الله هـو الـذي يعمل فيكم الإرادة والعمل من أجـل المسرة”.

وفي الكاثوليكون قــدرة الــرب في الحماية من الأشــرار.

“لكن وجه الرب على الذين يعملون الشر فمن الذي يؤذيكم إن كنتم غيورين على الخير”.

وقــدرته في عمـل الفــداء ليخلّصنا من الخطية ويمنحنا الحياة.

“فالمسيح أيضاً تألــم مرة واحـدة من أجل الخطاة: البــار عن الأثمة ليقـربنـا إلى الله مُماتـاً في الجسـد ولكن مُحييـاً في الــروح”.

وفي الإبركسيس يعلن قـدرة الله في شفاء وخلاص وقبول الأمم وكشف أعماق البشر

“أنتم تعلمون كيف هو محرّم على رجل يهودي أن يلتصق بأجنبي أو يدنو إليه وأما أنا فقـد أراني الله أن لا أقـول عن إنسان ما إنه نجس أو دنس، ففتح بطرس فاه وقال: بالحق أنا أرى أن الله لا يحابي الـوجـوه ولكن في كل أمّة من يتقيه ويصنع البر فإنه يكون مقبولاً عنده”.

وفي مزمور القـدّاس الـرب القادر على سكب الفـرح في نفـوسنا المنسحقة والضعيفة.

“ارحمني يا رب فإني صرخت إليك النهار كله فـرّح نفس عبدك فإني رفعت نفسي إليك يا رب”.

ويختم إنجيـل القـدّاس بقـدرة الـرب على إشباع كل الجموع وكل احتياجاتنا البشرية بأبسط الإمكانيات.

“فقالوا ليسَ عندنا أكثر من خمس خبزات وسمكتين، وكانوا نحو خمسة آلاف رجل، ونظرَ إلى السماء وباركها وقسمها وأعطى التلاميذ ليضعـوا أمام لجموع فأكلوا جميعهم وشبعـوا ثـم رفعـوا ما فضل عنهم اثنتي عشرة قفـة مملوءة”.

ملخّص القـــراءات

 

أمثال سليمان
سفــر أيــوب
قدرة الله في جسد الإنسان وفي مقتنياته وفي فرحه وسلامه.
إنجيـل باكــر زيف قــدرة الإنســان الباطلـة بـدون قـــدرة الله.
البــــــــولس قدرة ابن الله فوق كل السمائيين والأرضيين وفي إرادة الإنسان للمسرّة.
سفـر أشعيـاء والكاثوليكون قــدرة ابن الله في حماية الكنيسة من ولاة العالــم وفي حمايــة أولاده ونجاتهــم.
الإبركسيــس قــدرة ابن الله في خلاص الأمم وفحص أعماق البشر.
مزمور باكر والقــــــدّاس قــدرته الإلهية في خلاص النفــوس من الجحيم وفي فــرح أولاده.
إنجيـل القـدّاس قــدرة ابن الله في شبع أولاده وتسديد احتياجاتهم في بـرّية العالـم.

 

الكنيسة في قــراءات اليــوم

 

سفر إشعياء الشفاعة والملاك المنتقم.
البولـــــــس ســر التجسد.
البولـــــــس أعمال الخلاص وجهاد الإنسان.
الكاثوليكون ذبيحة الصليب وفداء ابن الله.
الإبركسيس الصوم والصلاة.
الإبركسيس قبــول الأمــم.

 

عظات ابائية وعظات اباء معاصرين

يمكن الرجوع لعظات يوم الاربعاء من الاسبوع الثاني

ما مفهوم البركة في حياتك ؟ لقداسة البابا تواضروس

يوم الأثنين من الأسبوع الخامس لقداسة البابا تواضروس 

(لو٩ : ١٢ – ٢٧) 

ما مفهوم البركة في حياتك ؟

إنجيـل يـوم الإثنين مـن الأسبوع الخامس يكلمنـا عـن مـعـجـزة ” إشباع الجمـوع “، والكتاب المقدس في العهد الجديد ذكر معجزتين لإشباع الجموع :

١-معجزة النص الإنجيلي الذي نحن بصدده تمت في اليهودية ” جنوب فلسطين “، السيد المسيح أشبع فيها ٥٠٠٠ مـن رجـال ما عدا النساء والأطفال ، وأشبعهم السيد المسيح من ٥ خبزات وسمكتين وتبقى ١٢ قفة تقدم لمن له احتياج .

 ٢- المعجـزة الثانية تمـت فـي الجليـل فـي شمـال فلسطين ، أشبع فيها السيد المسيح ٤٠٠٠ مـن الـرجـال مـا عـدا النساء والأطفال ، وأشـبعهم مـن ٧ خبـزات وقليـل مـن السمك . 

وتقرأ الكنيسة هذا الفصل من الإنجيل (لو٩ : ١٠-١٧) كل يوم في صلاة الساعة التاسعة مـن صـلوات الأجنبية ، ويسمى هذا الإنجيـل ” إنجيـل البركة “، والسيد المسيح عندما قدم إليه الأرغفة الخمسة والسمكتين استطاع أن يشبع هذا الجمـوع ، وعندما تفكر متى تباركت هذه الخبزات هل تباركت وقت وضعها في يد المسيح ؟ أم عندما بدأ يكسر الخبز ويعطي التلاميذ ؟ أم أمام الجماهير الكثيرة التي كانت تُوزع عليها ؟ نجد أنهـا تباركـت عنـدمـا وضـعـت فـي أيـدي المسيح وأشبعت الجمـوع ، وكـأن هـذه المعجزة تؤكد على كل إنسان مفهوم البركة في حياته .

+ أشكال البركة :

إن البركة أمر واقعي نعيشه في حياتنا ، وهي تتنوع وتكثر مصادرها في الأشكال التالية :

(۱) نحصل على بركة قراءة الإنجيل ، فالكتاب المقدس هو كتاب الخلاص ، كما أنه رسالة سلام للإنسان ، وهو أيضاً سلاح الإنسان ضد جميع حروب الشيطان ، إذا مـن بركات الكتاب المقدس أنه يعطي قوة للإنسان ، يقول القديس يوحنا الذهبي الفم : “عدم معرفة الكتب المقدسة هي علة جميع الشرور والخطايا “. ومـن بركات قراءة الكتاب المقدس أيضاً أنه سراج يرشدك لطريقك في الحياة ” سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي ” (مز ١١٩ :١٠٥). ”  قراءة الكتاب المقدس تعطي فرحة للإنسان فهي سر فرح الإنسان وبهجته ، وفي كل مرة تقرأ فيها الإنجيل تأخذ نسمة حياة ، وتأخذ روح وتصبح إنساناً جديراً بالحياة الحقيقية ” الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة ” (يو ٦ : ٣٦). 

(۲) توجد بركة في الأوطان ، فمصر وفلسطين البلدان الوحيدان اللذان أُطلق عليهما ” الأراضي المقدسة” The Holy Land، ونحن بالحقيقة في مصر ، هذا البلد الذي عاش فيه السيد المسيح قرابة ثلاث سنوات ونصف ، وبارك كثيراً من الأماكن.

 (۳) نحصـل عـلـى البركـة مـن خـلال زيارة الأماكن المقدسـة مثـل الأديـرة والكنائس ، فنأخـذ بـركـة مـن مـواضـع ومسـاكن القديسينً ، مثـل مـغـارة القديس الأنبـا أنطونيوس والأنبا صموئيل والبابا كيرلس ، فالكنيسة بها بركة مـن عاشوا فيها ومن عملوا وتعبـوا مـن أجلها ، وكذلك الأديرة التي عاش فيها أجيال وأجيـال مـن القديسين ، وأرضها التي مشى عليها القديسون العظماء .

(٤) نحصل على البركة من لمس الأشياء المقدسة ، مثل ستر الهيكل والذي يرمز إلى ثوب المسيح ، حيث لمسته المرأة نازفة الدم فشفيت ، وأيضاً نحصل على البركة من لمس الأيقونات المدشنة بالميرون والتي تصنع معجزات ، فالأيقونة تُظهر عمل الله فـي حيـاة هذا القديس ، كذلك نحصل على البركـة مـن لمس المنجلية والزيت ، والحنوط الذي نضعه على رفات القديسين .

 (٥) كذلك نحصـل عـلـى البـركـة مـن القديسين حتـى أنـنـا نسـمي أولادنا بأسمـاء القديسين ؛ لأن أسماءهم أخذت قوتهم وأصبحت بركة لكل من يتسمى بها ، وأحياناً تكون سيرة القديس نفسها بركة ، مثل إنسانة تقـرأ فـي كتـاب معجـزات للبابا كيرلس ثم تضع صورة الغلاف على مكان مرضها وتصلي وتطلب بدموع فيستجيب لهـا اللـه بشفاعة البابا كيرلس ، كذلك ملابس القديسين مـثـل شـال البابـا كيرلس الذى نال قوة من الله العلى . 

(٦) نحصل على البركة أيضاً من رش المياه في الأماكن الجديدة ، مثل مياه اللقان لها فوائد كثيرة فهي ينبوع بركة للإنسان ، فهي تساعد الإنسان على طرد روح الحسد والشر والضعف ؛ لأنهـا مـيـاه مـرشـومة بالصليب ، وتقـرأ عليها الصلوات والألحـان ونحن نحتفظ بالمياه في منازلنا ومحلاتنا وأماكن عملنا لتكون سبب بركة لنا ، وكـل مـن يـأخـذ مـن هـذا المـاء يـكـون سـبـب طهارة للنفس والجسـد والـروح وشفاء للأوجاع ، سواء الأوجاع العابرة التي تصيب الإنسان أو غيرها ، ونحتفظ بمياه اللقان من عام إلى عام لتكون سبب بركة لنا . وأيضاً البركة من المياه التي تُرش فـي آخر القداس ، فقد نمسح بها وجهنا علامة للبركة . 

(٧) بركـة زيارة المرضى ، يحكـى عـن ” أبونا ميخائـيـل إبـراهيم ” أنـه عـنـدمـا كـان يـزور مريضاً كان يخلع حذاءه خارج الحجرة ، وعندما سئل لماذا ؟ قال لهم إن المسيح قال : ” كنت مريضاً فزرتموني ” (مت ٢٥ : ٣٦)، فأنا أزور المسيح الآن .

(۸) بركة العطاء والخدمة ، نقول دائماً : ” المعطي المسـرور يحبـه الـرب “، والإنسان الذي يقدم أي شـيء مـن قـلـبـه يـرد لـه دائماً بصـورة فـرح ، فمثلاً الإنسان الذي يقدم أيـة خدمة للآخرين أو يسند الضعفاء ، ومـن يحاول أن يحـل مشـاكل الناس ، أو يسدد احتياج لآخر، حتى وإن كان كلمة تشجيع أو مساندة يرجـع لـه فـرح ، ومـن كـرس حياته وقدمها كلها ترجع له بفرح وتعزيات كل يوم .

 (۹) بركة الوالدين ، قد تكون البركـة مـن الأب أو الأم ، فليس شـرط أن يكون قديساً والوصية تقول : ” أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك ” (خر۲۰ : ۱۲)،  فالآباء والأمهات من حولنا بركة لنا .

 (۱۰) بركـة مـن الأطفال ، فالله يبارك فـي الأطفال ، والمسيح وضع يديه عليهم وقال : ” دعوا الأولاد ياتون إلي ولا تمنعوهم ، لأن لمثل هؤلاء ملكوت الله ” (لو١٨ :١٦) . 

البركـة دائـمـا هـي مـن يـد المسيح ، فهـو يبـارك مـا لـك وغلاتـك وصـناعتك ومهنتك ولكن كيف نحصل على هذه البركة ؟ 

+ طرق الحصول على البركة :

١- قراءة الكتاب المقدس باستمرار كل يوم .

۲- زيارة الأماكن المقدسة .

٣- لمس الشئ المقدس كستر الهيكل ، الأيقونات المنجلية … 

٤- بركة مياة اللقان التي نتبارك ، ورشها في الأماكن الجديدة . 

٥- بركة الحنوط والزيت من قناديل القديسين . 

٦- بركة من العطاء والخدمة!، فقد كان من الممكن أن الذي أوجد الاثنتي عشرة قفـة كان بإمكانه أن يستغني عن الخمس خبزات ، ولكن أراد أن يعلمنا أن البركة توجد في الأشياء القليلة .

٧- زيارة المرضى باستمرار . 

 ٨ – يبارك الله في الأطفال ، فهم سبب بركة في حياتنا ، فالطفل بركة للبيت كله ، مثل إرميا النبي عندما طلبـه الـرب للخدمة قال للرب : أنه صغير . فـرد علـيـه الـرب قائلاً : ” لا تقل أنى ولد ” (إر ١ : ٧) . 

الخلاصة …

أن المسيح يبارك حياتك كلها ، فهو يبارك ما لك وغلاتك وصناعتك ، ولذلك يوصينا بالعشور لأن القروش القليلة هي بركة تبارك المجموع الباقي ؛ لأن بها يستطيع أن يبارك الباقي كمـا بـارك الخمس خبزات والسمكتين ، لذلك يقـول معلمنا بولس الرسول ” مـن يـزرع بالشح فبالشح أيضـاً يحصـد ، ومـن يـزرع بالبركات فبالبركات أيضاً يحصد ” (۲کو ٩ : ٦)، ونقـول مـع معلمنا داود المرنم : ” باركي يا نفسـي الـرب، ولا تنسي كل حسانه (مز ١٠٣ : ٣) 

 

المراجع

 كتاب اختبرني يا الله صفحة ٢٥٢ – قداسة البابا تواضروس

[1]بـولس الـرسـول –  صفحـة 41 – القمص تـادرس يعقـوب ملطي.