تاريخ قراءات الصوم الكبير

 

يرجـع تاريخ القــراءات عامّة إلى الكنيسة الأولى، فقـراءة مقتطفات من العهـد القـديـم، وأخـرى من العهـد الجـديـد، كان هـو ضمن ترتيب الليتورجيا المقـدّسـة في الكنيسة الأولى.

ففي كنيسة الإسكندريّة كانت هناك قـراءتـان من العهـد القـديـم (الناموس والأنبياء) واثنتان من العهد الجديد (هما الرسائل والإنجيـل)، وفيما بعد أُخِـذت الأربع قـراءات من العهـد الجديــد”[1]

لكنّه لم يكن ترتيب كنيسة الإسكندريّة وحدهـا، بل أيضا كل الكنائس في العالم. وإلى الآن تُقـرأ قـراءة من العهد القـديم في قـدّاس الكنيسة الرومانية.

ففي عيـد الميلاد على سبيل المثال يُقرأ من (إشعياء9:١-٦) في قدّاس ليلة عيد الميلاد ويُقرأ من (إشعياء٥٢: ٧-١٠) في قـدّاس الصباح في يـوم العيـد.

وقي عيد القيامة نقرا من (تث٣٢ :٣٩٤٣) ،(أش٦٠ :١٨)، (أش ٥:٤٢١٧) ، (أش ١٣:٤٩٢٣) ، (أر٢٣:٣١٢٨) ، (حب٣ : ٢١٩) ، (زك١٠:٢١٣) ،(أش ٤٩٦١١) ، (سي ٥ :١٧) 

ويقـول المهندس فؤاد نجيب يوسف أن قـراءات من العهد القـديم كانت ضمن ليتورجيا القـدّاس في الكنيسة القبطيّة:

[في القـرون الأولي للمسيحية، كانت القـراءات اليومية تحوي فصولاً من الناموس والأنبياء، لكنها بدأت تتقلص في الكنيسة القبطية حتى انحصرت في قـراءات أيـام الصوم الكبير وأسبـوع الآلام].- [٢]

 

 

“كما يوضّحه أيضاً طقس يـوم الأحـد بحسب القـدّيس يـوستين[٣]:

في اليوم الذي يقال له الأحد، لنا إجتماع عام يحضره المواطنون سواء كانوا في المدينة أو في قـرية.

تُقرأ ميامر الرسل (وهى الأناجيل بحسب توضيح يوستينوس الشهيد في احتجاجه الأول فصل ٦١).

أو كتابات الأنبياء بقـدر ما يتّسع الوقت [يُلاحظ في (أع٢٠: ٧) أن بولس الـرسول بدأ القراءة والوعظ من العشية وأطال حتى منتصف الليل].

وعندما ينتهى القارئ، يقـوم الـرئيس بالوعظ داعياً إلى اقتفاء أثر هذه الأمثلة التي اتبعت الحق، وبعد ذلك نقـوم جميعنا واقـفـين ونقـدّم صلوات وبعد أن ننتهى من صلـواتنا:

يُقـدّم (للرئيس) الخبز والخمر، والذي يترأس الجماعة يقـدّم أيضاً صلوات طلبات وصلوات شكر على قـدر استطاعته.

الشعب يعبّر عن موافـقته بكلمة آميـن.

تـوزّع الإفخارستيا ويشترك فيها كل الحاضريـن.

إذاً الهيكل الحالي لقراءات الصوم الكبير المقدَّس (قراءات من العهد القديم والجديد) كان هـو الشكل والترتيـب الرئيسي لقـراءات القـدّاس الإلهي في الكنيسـة القبطيـّة في العصـر المسيحي الأول، ولكن ليس بكثافة قـراءات اليـوم وكثرة إقتباساتها.

ويوضح الأب اثنـاسيـوس المقـاري في كتابـه[٤]:

أن قـراءات أسفار كاملة وقت الصوم الكبير المقـدَّس، كان تقليد تتّبعه كل كنائس العالم في العصور الأولى للمسيحية.

ويذكر القـدّيس يوحنا ذهبي الفم (٣٤٧- ٤٠٧ م) أن سفـر التكوين كان يُقرأ كله في فترة الصوم الكبير، وهو نفس النظام الذي كانت تتبعه كنيسة ميلان في زمن القـدّيس أمبروسيوس (٣٣٩ – ٣٩٧ م)[٥]

قراءة سفر أيـوب في فترة الصوم المقدَّس، صارت عادة تختص بكنيسة مصر دون غيرهـا من الكنائس. كما أن فصولاً للقـراءة من سفـر إشعياء في الكنيسة القبطية، هى مأخوذة من التقليد البيزنطي[٦]

وفِي الجانب الآخر، تَشَابُه قـراءات أناجيل القـدّاسات في الصوم الكبير المقـدَّس في الكنائس التقليدية حتى هـذا اليوم، لهو دليـل على قِـدَمْ تاريخ قـراءات الصوم الكبير المقـدَّس حتى ولـو إعترته بعض الإختلافات.

 

فعلى سبيل المثال:

إن فصل إنجيل الابن الشاطر نجده في الكنيسة الأرمينية في الأحد الثالث من الصوم، وفي الكنيسة المارونية في الأحد الرابع من الصوم، وفي الكنيسة البيزنطيّة في الأحد الثاني ضمن الأربعة آحاد التي تسبق الصوم المقدَّس الكبير.

أما فصل إنجيل شفاء المفلوج أو المُخَلَّع، فموجود في الكنيسة السريانية في الأحد الثالث من الصوم، وفي الكنيسة المارونية في الأحد الخامس من الصوم.

أما فصل إنجيل شفاء المولود أعمي، فمعروف في الكنيستين السريانية والمارونية في نفس الأحد السادس من الصوم.

كما يذكر العالم الطقسي ابن كبر (١٣٢٤م) أناجيل آحاد الصوم الكبير المقدَّس في عصره، والتي تتشابه إلى حد كبير مع قـراءات اليوم بإستثناء بعض فصول الأناجيل القليلة ” (أناجيل الأيام)[٧]

وفِي آحاد الصوم الكبير في الكنيسة الرومانية[٨] يُقـرأ (مت٦: ١-٦) في بداية الصوم (إنجيل أحد الرفاع في كنيستنا القبطية)، وفصل التجربة في الأحد الأول، والسامرية في الأحد الثالث، والمولود أعمي في الأحد الرابع (في السنة الأولي)، وفصل الإبن الضال في الأحد الرابع (في السنة الثالثة)

ملحوظة

“تُقَسّمْ قـراءات الصوم الكبير في الكنيسة الـرومانية على ثلاث سنوات، وتختلف قـراءات كل سنة عن الأخرى، وتُعاد نفس القـراءات كل ثلاث سنوات”

 

 

 

المراجع

 

[1]الإفخارستيا في القـرون الأولي ص ٤٦ نيافــة الأنبا مكاري – الأسقف العـام.

[٢] المرجع كتاب دراسة منهجية للقراءات الليتورجية للكنيسة القبطية (صفحة ١٤٨) – مهندس فؤاد نجيب يوسف

[٣]– كتاب الإفخارستيا والقـدّاس ص ٤٠٧ – الأب متى المسكين.

[٤] – كتاب صـوم نينـوى والصـوم المقـدس الكبيـر – الأب أثناسيوس المقاري.

[٥] – كتاب صوم نينوى والصوم الكبير – ص.١٧٨، ص ١٧٩ – الأب أثناسيوس المقاري.

[٦] – كتاب صوم نينوى والصوم الكبير – ص ١٧٩ –  الأب أثناسيوس المقاري.

[٧]– صـوم نينـوي والصـوم المقـدس الكبيـر ص 226 – الآب اثنـاسيوس المقـاري.

[٨] https://stjandedoper-vechtenvenen.nl/kopie/wp-content/uploads/sites/20/Website-leesrooster-A-jaar.pdf