التاسع والعشرون من هاتور

 

” كي يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح، أبو المجد، روح الحكمة والإعلان في معرفته ” (أف ١:١٧)

” أنر عقولنا لنعاين سبحك نق أفكارنا وأخلطنا بمجدك حبك أنزلك إلى هبوطنا نعمتك تصعدنا إلى علوك ”

قسمة للقديس كيرلس

” أيها النور غير المنظور، هب لي عينين تستطيعان معاينتك!

أيها النور الذي يضيئ للنفس. أيها الحق البهي، أيها البهاء الحقيقي الاستضاءة، يا من تُضئ لكل إنسان آت إلى العالم، أتيت إلى العالم والعالم لم يحبك.

إلهي… بدد الظلمة الكثيفة التي تخيم في نفسي، حتى تراك عند إدراكها إياك، وتعرفك عند تقبلها لك، وتحبك عند معرفتها لك[1].”

شواهد القراءات

(مز ٨٨ : ١٨ ، ٢١) ،(لو ٩ : ١٨ – ٢٧) ،(مز ١٠٦ : ٢٣ ، ٣١) (مر ٨ : ٢٢ – ٢٩) ،(عب ٤ : ١٤ – ٥ : ١٤) ،(١بط ١ : ١ – ٩) ،(أع ١٢ : ١ – ٢٤) ،(مز ١٠٩ :٥ ، ٦ ، ٨) ،(مت ١٦ : ١٣ – ١٩)

 

ملاحظات علي قراءات يوم ٢٩ هاتور

+ قراءة الكاثوليكون اليوم (١بط ١ : ١ – ٩) تُشبه قراءة الكاثوليكون (١بط ١ : ٣ – ١٢) لأيَّام ١٨ توت ( ثاني يوم عيد الصليب ) ، ١٢ بابه ( شهادة القديس متي الإنجيلي ) ، ٢٢ كيهك ( تذكار الملاك غبريال ) ، ٣ نسئ ( تذكار الملاك روفائيل )

وهي القراءة التي تكلمت عن الخلاص بالصليب الذي فتش وبحث عنه أنبياء ( عيد الصليب )، وعن الذين بشروكم في الروح القدس مثل الآباء الرسل ( ١٢ بابه ) ، وعن نقاوة هذا الإيمان والشهادة له ( ٩ هاتور ) ، وأنه شهوة الملائكة ( ٢٢ كيهك ، ٣ نسئ )

وسبب مجئ القراءة اليوم من بداية الإصحاح ( بطرس رسول يسوع المسيح … ) هو ورود إسم القديس بطرس لذلك أتي في تذكار البابا بطرس

كما أنها تُشبه قراءة الكاثوليكون (١بط ١ : ١ – ١٢) للأحد الأوَّل من شهر أبيب ، والإشارة هنا إلي القديس بطرس في بداية القراءة ، لأن هذا الأحد هو الذي يأتي مع عيد آبائنا الرسل الأطهار.

+ قراءة الإبركسيس اليوم (أع ١٢ : ١ – ٢٤) تُشبه قراءة الإبركسيس (أع ١٢ : ١ – ١٢) ليوم ٢ توت وهو الموافق لتذكار شهادة يوحنا المعمدان

مجيء القراءة اليوم للتوافق بين نهاية هيرودس الملك ونهاية شرُّه بعد نجاة القديس بطرس وبين نهاية عصر الشهداء بعد شهادة البابا بطرس ، أما مجيئها يوم ٢ توت فهو للإشارة للذين قُتلوا بالسيف من هيرودس الملك مثل يعقوب بن زبدي ويوحنا المعمدان

+ تأتي قراءة إنجيل القداس لهذا اليوم (مت ١٦ : ١٣ – ١٩) أيضاً في إنجيل قداس يومي ١٦ توت (تذكار تجديد كنيسة القيامة ) ، ٩ هاتور ( تذكار انعقاد مجمع نيقية ) ، وفي إنجيل عشيّة ٣ أبيب ( تذكار القديس كيرلس السكندري )

مع ملاحظة أن موضوع هذا الفصل الكتابي يأتي من الأناجيل الثلاثة في إنجيل عشيّة وباكر والقدّاس اليوم ( ٢٩ هاتور ) في تذكار شهادة أنبا بطرس بابا الإسكندرية لذلك يكون محور وسبب مجيئه إعلان القديس بطرس وشهادته للاهوت المسيح له المجد

بينما مجيئه في إنجيل القدَّاس ليوم السادس عشر من شهر توت ( تجديد كنيسة القيامة ) للتركيز علي أساس الكنيسة علي صخرة الإيمان ، ويأتي أيضاً في إنجيل القدَّاس ليوم تاسع هاتور ( تذكار مجمع نيقيه ) لإعلان جوهر الإيمان المسيحي لاهوت إبن الله ، ومجيئها يوم تاسع وعشرين هاتور ، وفي إنجيل عشيّة ليوم الثالث من أبيب للإشارة إلي رسالة الرعاة وهي الجهاد لأجل هذا الإيمان المُسلَّمْ مرّة للقديسين ،وأيضاً للإشارة إلي سلطان الرعاة المُعطي لهم من الرب نفسه في الحل والربط

+ كل القراءات المُحوَّلة علي قراءة هذا اليوم هي قراءات تذكارات الآباء بطاركة الكنيسة القبطية ( أربعة عشر قراءة )

القراءات المُحوَّلة علي قراءة اليوم

سادس عشر بابة     نياحة أنبا أغاثو بابا الإسكندرية

ثامن عشر بابة        نياحة أنبا ثاوفيلس بابا الإسكندرية

ثاني هاتور             نياحة أنبا بطرس بابا الإسكندرية

حادي عشر أمشير    نياحة أنبا يوحنا المصري بابا الإسكندرية

عشرون أمشير                  نياحة أنبا بطرس الثاني بابا الإسكندرية

ثالث برمهات                    نياحة أنبا قزما بابا الإسكندرية

ثاني عشر برمهات                ظهور بتولية أنبا ديمتريوس بابا الإسكندرية

سادس عشر برمهات               نياحة أنبا خائيل الأوَّل بابا الإسكندرية

عشرون برمهات                   نياحة أنبا خائيل الثاني بابا الإسكندرية

رابع وعشرون برمهات                نياحة أنبا مقار بابا الإسكندرية

رابع عشر برمودة                نياحة أنبا مكسيموس بابا الإسكندرية

ثاني وعشرون برمودة            نياحة الآباء ألكسندروس ( ١٩ ) ومرقس الثاني ( ٤٩ ) وخائيل ( ٥٣ ) بطاركة الإسكندرية

رابع بشنس                      نياحة أنبا يوحنا بابا الإسكندرية

ثامن عشر بؤونة              شهادة أنبا دميانوس بابا الإسكندرية

شرح القراءات

تأتي قراءات اليوم مع تذكار شهادة أنبا بطرس بابا الإسكندرية ويأتي معها ومُحوّل عليها تذكار ثلاثة عشر من الآباء البطاركة لكرسي الإسكندرية

لذلك تتحدث قراءات اليوم عن الإعلان السماوي الذي ناله القديس بطرس ومدحه الرب عليه وتُشير القراءات في ذات الوقت لرؤساء الكهنة والرعاة في خدمتهم ورسالتهم الرعوية وجميل قول السنكسار في تذكار البابا بطرس خاتم الشهداء ( فلما جلس على الكرسي المرقسي، استضاءت الكنيسة بتعاليمه )

يمكن أن نقول أن قراءات اليوم تتكلّم عن الإعلان السماوي للرعاة ومثال علي ذلك ما حدث مع القديس بطرس الرسول

تتكلّم الأناجيل عن إعلان الآب للقديس بطرس عن لاهوت ابن الله وتتكلّم القراءات ( البولس والكاثوليكون والإبركسيس ) عن رؤساء الكهنة والرعاة

تتكلّم المزامير عن نور ابن الله          ( مزمور عشية )

واستنارة المستقيمون                   ( مزمور باكر )

والتعضيد السماوي                    ( مزمور القداس )

يشبّه مزمور عشية نور ابن الله مثل الشمس كما جاء في نبوّة ملاخي عن إشراق شمس البرّ والشفاء في أجنحتها

( وأجعل ذريته إلي دهر الداهرين وكرسيَّه مثل الشمس قدامي ونسله إلي دهر الدهور يدوم وكرسيه مثل أيام السماء )

ويشير مزمور باكر إلي الطريق إلي استنارة الكنيسة تمجيد الله وتسبيحه ووضوح أبوّة الرعاة

( فليرفعوه في كنيسة شعبه وليباركوه في مجلس الشيوخ جعل أبوّة مثل الخراف يبصر المستقيمون ويفرحون )

لذلك يأتي مزمور القداس لننال قوة قسم الله ووعده الإلهي ومساندته لنا ودائماً عن يميننا ليرفع رأسنا ويصير فخرنا

( حلف الرب ولم يندم أنك أنت هو الكاهن إلي الأبد علي طقس ملشيصادق الرب من عن يمينك لذلك يرفع رأساً )

 

وتقدّم القراءات استعلان القيامة بعد آلام الصليب               ( البولس )

واستعلان الخلاص في الزمن الأخير                               ( الكاثوليكون )

واستعلان نجاة الراعي من الموت بسبب صلاة الكنيسة    ( الإبركسيس )

 

يُوضِّح البولس كيف استجاب الآب لصلاة الابن ودموعه لأجل نجاة البشرية من الموت الأبدي وهو الوحيد الذي يُسْمَع له من أجل البشر فهو الوسيط الوحيد والشفيع الكفَّاري (١تي ٢ : ٥ ، عب ١٠ : ١٩) لذلك أعطي الآب للبشرية القيامة في شخص إبنه الوحيد وهذا هو معني يخلِّصه من الموت ليس أن لا يموت بالجسد بل أن لا يعتريه فساد الموت فيُعْطي بقيامته القيامة لكل أولاده ولذلك يصير باكورة الراقدين لذلك معني سُمِعَ له أي انه قام من بين الأموات

( الذي في أيام جسده قَدَّم بصراخٍ شديدٍ ودموعٍ طلباتٍ وتضرعاتٍ للقادر أن يخلِّصه من الموت وسٌمِعَ له من أجل التقوي مع كونه إبناً تَعلَّم الطاعة مما تألَّم به وإذ كُمِّلَ صار لجميع الذين يُطيعونه سبب خلاص أبديٍّ ”

وفِي الكاثوليكون عن الخلاص المُزْمَع إستعلانه في الزمن الأخير

” للميراث الذي لا يبلي ولا يتدنَّس ولا يضمحلُّ محفوظاً لكم في السموات أيها المحروسين بقوة الله بالإيمان للخلاص المستعدِّ أن يُعْلَن في الزمن الأخير الذي به تبتهجون الآن يسيراً وان كان يجب أن تتألَّموا بتجارب متنوعةٍ لكي تكون صفوة إيمانكم كريمةً أفضل من الذهب الفاني المجرِّب بالنار لتُوجدوا بفخرٍ ومجدٍ وكرامةٍ عند استعلان يسوع المسيح ”

وفِي الإبركسيس عن إستعلان نجاة الراعي من الموت بسبب صلاة الكنيسة التي هي تخدمه وتفتقده بصلواتها

(فكان بطرس محروساً في السجن وكانت الكنائس تُصلِّي إلي الله من أجله بلجاجةٍ … وإذا ملاك الربِّ أقبل ونور أضاء في البيت فلما رجع بطرس إلي نفسه قال الآن علمت حقاً أنَّ الربَّ قد أرسل ملاكه ونجَّاني من يد هيرودس ومن كلِّ انتظار شعب اليهود )

في الأناجيل الثلاثة يأتي سؤال الرب للتلاميذ عن من يقول الناس عنه ، ولكن يأتي الحوار في كل إنجيل مرتبط بشيء قبله أو بعده يُقدِّم مفتاح الجواب ومدخل المعرفة الصحيحة

 

في إنجيل لوقا يأتي الإعلان الإلهي والاستنارة مرتبط بالألم وحمل الصليب                             ( إنجيل عشية )

وفي إنجيل مرقس يربط الاستنارة بوضع ابن الله يده علي أعيننا                                           ( إنجيل باكر )

أمَّا في إنجيل متي ترتبط الاستنارة واستعلان ابن الله بنصرة الكنيسة علي أبواب الجحيم            ( إنجيل القداس )

 

في إنجيل عشيَّة يأتي سؤال الرب والإعلان الإلهي لبطرس الرسول عن من هو ابن الإنسان ( المسيح إبن الله الحي ) وعن ارتباط هذا الإعلان الإلهي بإعلان الصليب والألم والموت والقيامة فهما دائما الارتباط ببعضهما فلا يوجد معرفة لله معرفة حقيقية إلَّا من خلال الصليب والقيامة كما أن استعلان ابن الله واضح في من ينكرون ذواتهم من أجل الله

( فسألهم قائلاً من يقول الناس إني أنا … فأجاب بطرس أنت مسيح الله فإنتهرهم وأوصاهم أن لا يقولوا هذا لأحد قائلاً أنه ينبغي أن إبن البشر يتألم كثيرا .. ويقتل وفِي اليوم الثالث يقوم وكان يقول للجميع إن أراد أحد أن يتبعني فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني )

وفِي إنجيل باكر يأتي الإعلان الإلهي بعد معجزة لمس الرب الأعمى بيده مرتين لينال النظر والرؤية الكاملة ولعل حدوثها علي مرتين إشارة للاحتياج الدائم للمسة يديه علي أعيننا لنراه لذلك لابد أن يُعْلِن الله ذاته بنفسه لنا وهو الوحيد القادر أن يجعلنا نعرفه لكن فقط ينتظر مجيئنا إليه وإيماننا به

( فأخذ بيد الأعمى … ووضع يديه عليه وسأله ماذا تبصر فتطلع وقال أني أبصر الناس كأشجار يمشون ثم وضع يديه أيضاً علي عينيه فأبصر وشفي ونظر كل إنسان جلياً … وفِي الطريق سأل تلاميذه قائلاً لهم من يقول الناس إني أنا … فأجاب بطرس وقال له أنت هو المسيح )

أمَّا إنجيل القدَّاس يرتبط فيه الإعلان والإستعلان الإلهي بوعد الرب بالنصرة وأنه هو الصخرة التي ستتحطم أمامها أبواب الجحيم سواء من الإضطهادات أو التعاليم الكاذبة والهرطقات ولذلك يربط هذا بالكنيسة فهي حافظة الإيمان وحارسة التعليم النقي عن المعرفة الحقيقية لله

( سأل تلاميذه قائلاً ماذا يقول الناس في إبن البشر … فأجاب سمعان بطرس وقال أنت هو المسيح إبن الله الحي … وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلي هذه الصخرة أبني بيعتي وأبواب الجحيم لن تقوي عليها وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات وما تربطه علي الأرض …. )

 

ملحوظة هامّة

 

يأتي هذا الإعلان اللاهوتي ( في إنجيل القدَّاس ) من الله الآب للقديس بطرس كمركز للأناجيل الثلاثة ، متي ومرقس ولوقا ، ويبدأ الرب يسوع بعده مباشرة (مت ١٦ : ٢١) في إخبار تلاميذه الإثني عشر عن موته وقيامته ، وكأن الصليب هو الطريق الوحيد لمعرفته المعرفة الحقيقية ، وأيضاً معرفته ترتبط بشركة موته وقيامته (في ٣ : ١٠) ، كما أجاب الرب سؤال فيلبس ونثنائيل عن من يريد أن يري يسوع فكلمهم عن حبَّة الحنطة التي إن ماتت تأتي بثمر كثير (يو ١٢ : ٢٤) ، ومن ناحية أخري ، يقودنا الإعلان اللاهوتي دائماً لشركة حمل الصليب بفرح (عب ١٠ : ٣٤) ، ويقودنا إلي الحياة السماوية من خلال قيامته المُقدَّسة (كو ٣ : ١).

الإعلان اللاهوتي في إنجيل متي جاء في (مت ١٦ : ١٦)

وإعلان الرب لتلاميذه عن الصليب جاء بعدها في (مت ١٦ : ٢١) ، (مت ١٧ : ٩ ، ١٢) ، (مت ١٧ : ٢٢) ، (مت ٢٠ : ١٧ ، ١٨) ، (مت ٢٠ : ٢٨) ، (مت ٢١ : ٣٨ ، ٣٩) ، (مت ٢٦ : ٢)

والإعلان اللاهوتي في إنجيل مرقس جاء في (مر ٨ : ٢٩)

وإعلان الرب لتلاميذه عن الصليب جاء بعدها في (مر ٨ : ٣١) ، (مر ٩ : ١٢) ، (مر ٩ : ٣١) ، (مر ١٠ : ٣٣) ، (مر ١٠ : ٤٥) ، (مر ١٢ : ٨)

والإعلان اللاهوتي في إنجيل لوقا جاء في (لو ٩: ٢٠)

وإعلان الرب لتلاميذه عن الصليب جاء بعدها في (لو ٩ : ٢٢) ، (لو ٩ : ٣١) ، (لو ٩ : ٤٤) ، (لو ١٣ : ٣٢) ، (لو ١٨ : ٣٢) ، (لو ٢٠ : ١٥) ، (لو٢٢ : ٢٢) ، (لو ٢٢ : ٣٧)

أمَّا إنجيل يوحنا فيمكن أن نعتبره إنجيل الصليب ، فهو الإنجيل الذي تكلَّم عن الصليب من بدايته في الإصحاح الأول ، وحتي يوم خميس العهد (يو ١٣)

وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا إليه، فقال: «هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم! (يو ١: ٢٩)

أجاب يسوع وقال لهم: «انقضوا هذا الهيكل، وفي ثلاثة أيام أقيمه» (يو ٢ : ١٩)

وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. (يو ٣ : ١٤)

لأننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم (يو ٤: ٤٢)

والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم (يو ٦ : ٥١)

لأن ساعته لم تكن قد جاءت بعد (يو ٧: ٣٠)

متى رفعتم ابن الإنسان، فحينئذ تفهمون أني أنا هو (يو ٨: ٢٨) ، أبوكم إبراهيم تهلل بأن يرى يومي فرأى وفرح (يو ٨ : ٥٦)

أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف (يو ١٠: ١١)

بل إذ كان رئيسا للكهنة في تلك السنة، تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة، وليس عن الأمة فقط، بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد. (يو ١١: ٥١ – ٥٢)

الحق الحق أقول لكم: إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض وتمت فهي تبقى وحدها. ولكن إن ماتت تأتي بثمر كثير. (يو ١٢ : ٢٤)

 

ملخّص القراءات

 

يسكب الله من بهاءه الإلهي علي الإكليروس وهم بدورهم يُعلنون هذا البهاء من خلال أُبوَّتهم ورعايتهم                                                                                                                                                مزمور عشيّة وباكر والقدّاس

خدمة الكهنوت هي خدمة الصراخ الشديد والدموع لأجل الآخرين وقبول آلام التنقية وإستعلان خلاص الله في وحدة الكنيسة وصلاتها بالروح                                                                                    البولس والكاثوليكون والإبركسيس

رؤية الله ومعرفته المعرفة الصحيحة يُمْكِن أن تأتي في أوقات الألم والتجارب الصعبة أو يُمْكِن أن يلمس الله أعيننا فتتفتح علي رؤيته أو يُمْكِن أن نراها في تدخلات الله القوية ويده المُنْقِذة لنا                             إنجيل عشيّة وباكر والقدّاس

 

 

أفكار مُقترحة للعظات

 

(١) إستعلان الله في حياتنا اليومية

١- الصلاة

” وإذ كان يصلي وحده علي انفراد كان التلاميذ معه ”                                           إنجيل عشيَّة

من المُلْفِت للنظر أنه في نفس هذا الإصحاح قصة حادثة تجلِّي الرب علي الجبل وتعبير القديس لوقا ( فيما هو يصلي صارت هيئة وجهه متغيرة –( لو ٢٩:٩) أي ربط التجلَّي بالصلاة وهو ما يخصّ فقط القديس لوقا عن بقية الأناجيل وأيضاً تعبيره الجميل أن رؤية مجد المسيح لمن هم في حالة يقظة ( فلما استيقظوا رأوا مجده –( لو ٣٢:٩) يرتبط هنا معرفة الإنسان لله بالصلاة.

٢- الخدمة

” فقدَّموا إليه أعمي وطلبوا إليه أن يَلْمَسه ”                                                  إنجيل باكر

هنا الخدمة التي تقود الآخرين إلي رؤيته ومعرفته وانفتاح أعين القلب الداخلية عليه فكما كان إجتهاد الأربعة سبباً في غفران خطايا المفلوج (مر ٢) هكذا هنا طلب المُحيطين بالمريض سبباً في رؤيته للمسيح له المجد فما أعظمها خدمة التي تقود الناس إلي رؤية مجد المسيح في حياتهم.

٣- الطاعة

” وإذ كُمِّل صار لجميع الذين يُطيعونه سبب خلاص أبديٍّ ”                                   البولس

الطاعة الكاملة لإبن الله هي التي تفتح عيون قلوبنا علي الخلاص العظيم وميراثنا الأبدي في المسيح

٤- الألم

” لكي تكون صفوة إيمانكم كريمةً أفضل من الذهب الفاني المجرَّب بالنار لتُوجَدوا بفخرٍ ومجدٍ وكرامةٍ عند استعلان يسوع المسيح ”                                                                                                                  الكاثوليكون

نحن لا نعيش الألم دون نعمة الله المُساندة والتي تُخْرِج من الجافي حلاوة (قض ١٤ : ١٤) وكما يقول الأب كاليستوس وير

“لا يمكن تبرير الألم لكن يمكن استخدامه وقبوله ومن خلال هذا القبول تتغير هيئته وتتجلي ”

٥- شركة الكنيسة في إعلان النجاة والخلاص

” وكانت الكنائس تُصلِّي إلي الله من أجله بلجاجةٍ … فلما رجع بطرس إلي نفسه قال الآن علمت حقاً أنَّ الربَّ قد أرسل ملاكه ونجَّاني من يد هيرودس ”                                                                                           الإبركسيس

ما أعظمها ،صلاة الكنيسة بفكر وقلب واحد ، وما أقواها وما أقدرها علي اختراق معاقل الشر

٦- عطيّة الآب

” طوباك يا سمعان ابن يونا إنَّ لحماً ودماً لم يُعْلِن لك هذا لكن أبي الذي في السموات ”

هذا هو وعد الثالوث لنا في إستعلانه لمُحبِّيه وطالبيه ( عنده نصنع منزلاً )

 

(٢) الطريق إلي الأقداس

تشرح قراءات اليوم طريقنا إلي الأقداس السماوية وماهي مسؤولية كل مسيحي ليحفظ ميراثه الأبدي وطريقه إلي الأقداس

١- ينكر نفسه ويحمل صليبه

” إن أراد أحد أن يتبعني فليُنكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني ”                                  إنجيل عشيَّة

الطريق للميراث السماوي هو طريق صلب الذات وموتها عن العالم وحَمْل الصليب مع المسيح كل يوم

٢- مراجعة النفس

” فسألهم وأنتم من تقولون إني أنا ”                                                                       إنجيل باكر والقدّاس

لعلّ هذا السؤال يطرحه الله علينا من وقت لآخر ( من أكون أنا بالنسبة إليك ؟ ) هل تراني مثل باقي الأنبياء أو صانعي المُعجزات أم أنا هو مسيح خلاصك وطريقك الوحيد لمعرفة الآب ؟

٣- فلنتمسَّك – فلندخل                                                                                            البولس

” فلنتمسَّك بالإقرار .. فلندخل إذاً بإقرارٍ إلي كرسيِّ النعمة لكي نأخذ رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه ”

هذا هو جهادنا الدائم ان نتمسَّك بالإقرار والنعمة وندخل دائماً إليه فنجد غني رحمته وفيض نعمته

٤- يجب أن تتألَّموا

” وإن كان يجب أن تتألَّموا بتجارب متنوعة لكي تكون صفوة إيمانكم كريمة أفضل من الذهب ”        الكاثوليكون

الألم هو طريق نقاوة الإيمان ومجده ( من يأتي بثمر ينقيه ليأتي بثمر أكثر )

 

(٣) صخرة الإيمان أمام أبواب الجحيم

كيف نري قوَّة الكنيسة والمؤمنين أمام الضيقات والحروب والتجارب والاضطهادات

١- الصراخ الشديد والدموع والطلبات والتضرعات للنجاة من الموت والهلاك الأبدي                        ( البولس )

٢- تجارب متنوعة مثل الذهب الفاني المجرَّب بالنار لكنّنا محروسين بقوة الله                          ( الكاثوليكون )

٣- اضطهاد شديد علي الكنيسة ولكن الكنيسة تُصلِّي بفكر واحد وتنتصر علي الضيق                ( الإبركسيس )

٤- ملك شرير ينتقم من اولاد الله والسماء تردّ بضربة انتقام من ملاك الرب له                            ( الإبركسيس )

٥- أبواب الجحيم لا تصمد أمام صخرة الإيمان وسلطان الكنيسة                                            ( إنجيل القدَّاس )

 

( ٤ ) أنتم الذين بقوة الله محروسون …                                                                     الكاثوليكون

أنتم (كيف يري الراعي شعبه ومخدوميه؟)..

١- أنتم فلاحة الله بناء الله (١ كو ٣: ٩)

٢ – وأما أنتم فاللمسيح والمسيح لله (١كو ٣: ٢٣)

٣ – أنتم عملي في الرب ، أنتم ختم رسالتي في الرب(١كو ٩ : ٢،١)

٤- أنتم رسالتنا مكتوبة في قلوبنا (٢كو ٣: ٢)

٥- كما أنتم شركاء في الآلام كذلك في التعزية أيضاً (٢كو ١ : ٧)

٦- وأنتم أيضاً مساعدون بالصلاة لأجلنا (٢ كو ١: ١١)

٧- أنتم محتملي (٢كو ١١: ١)

٨- أنتم الذين جميعاً شركائي في النعمة (في ٧:١)

٩- أنتم أيضاً مدعوَّو يسوع المسيح  (رو ٦:١)

١٠ – أنتم مجدنا وفرحنا (١تس ٢: ٢٠)

 

ما هي الكنيسة (قيمة شعب الله)..

١ – أنتم أيضاً مدعوَّو يسوع المسيح  (رو ٦:١)

٢ – لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو (١ كو ٣: ١٧)

٣- أنتم هيكل الله الحي (‏٢ كو ٦‏:‏ ١٦)

٤ – أنتم أيضاً مبنيون معاً مسكناً لله في الروح (أف ٢٢:٢)

٥- كما أنتم فطير     (١ كو ٥ : ٧)

٦ – أما أنتم فجسد المسيح وأعضاؤه أفراداً  (١كو ١٢ : ٢٧)

٧- أنتم تكونون لي بنين وبنات (٢ كو ٦: ١٨)

٨- وأنتم إذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا … بالنعمة أنتم مخلصون     (أف ٢ : ٥،١)

٩- أنتم الذين كنتم قبلا بعيدين صرتم قريبين بدم المسيح … أنتم البعيدين والقريبين  (أف ٢ : ١٧،١٣)

١٠ – وأنتم الذين كنتم قبلا أجنبيين وأعداء في الفكر … قد صالحكم الآن   (كو ٢١:١)

١١ – وأما أنتم فجنس مختار، كهنوت ملوكي ، أمة مقدسة ، شعب إقتناء (١بط ٢ : ٩)

١٢- فأنتم شعب الله  (١بط ٢: ١٠)

١٣-  وأما أنتم فلكم مسحة من القدّوس (١يو ٢ : ٢٠)

١٤- أنتم من الله  (١يو ٤ : ٤)

 

ما هي الكنيسة (مسؤولية شعب الله )..

١ – أنتم مشحونون صلاحا ومملوؤون من كل علم (رو ١٤:١٥)

٢ – أنتم متوقعون إستعلان ربنا يسوع المسيح     (١كو ١: ٧)

٣ – وأنتم أيضاً مساعدون بالصلاة لأجلنا  (٢ كو ١ : ١١)

٤- أنتم طائعون في كل شئ (٢ كو ٢: ٩)

٥- كونوا أنتم أيضاً متسعين   (٢كو ٦: ١٣)

٦- فأصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة   (غل ١:٦)

٧- وأنتم متأصلون ومتأسسون في المحبّة (أف ١٨:٣)

٨- وأنتم صرتم متمثلين بنا وبالرب  (١تس ١ : ٦)

٩- وأنتم مملوؤون فيه (كو ١٠:٢)

١٠- وأنتم فيه  (٢تس ١ : ١٢)

 

عظات آبائية

 (٥) العظة الثالثة من تاسع هاتور عن إنجيل القدَّاس

ثبات وحصانة الكنيسة عند القديس يوحنا ذهبي الفم

بعد فتره زمنية كبيره رجعنا ثانيه إلي أمنا ، الي الكنيسة المحبوبة لجميعنا ، إلي امنا وام كل الكنائس. هي ام ، ليس لأنها فقط الأعظم والأكبر في العمر ، بل لأنها أسست أيضًا بأيد رسوليه . ليست بأيد رسوليه فقط ، لأن رب الرسل سبق له أن حصنها بقرار منه . لذلك  فبالرغم من انها هدمت من اجل اسم المسيح مرات عديده، فقد أعيد بنائها بقوه المسيح ،بطريقه جديده وغريبه . فهو لم يبجداراً ، واضعاً خشباً وحجارهً، ولا أمنها من الخارج صانعاً خندقاً وساتراً من الركام علي الارض، ولا أبراجاً عالية ً، بل قال كلمتين فقط. هاتان الكلمتان ، وإن كانتا في غايه البساطة ، إلا أنهما كانتا لذلك بلدلا من الجدران والأبراج والخنادق ، أو أيه وسائل أمان أخري .

ما هي هذه الكلمات التي علي هذا القدر الفائق من تلك القوه العظيمة ؟

” وعلي هذه الصخرة ابني كنيستي وابوب الجحيم لن تقوي عليها ” (مت ١٦ : ١٨).

هذا هو الحائط ، هذا هو الجدار المحيط ، هذا هو الأمان ، وهذا هو الميناء والملجأ . لكن عليك أن تنتبه ، من فضلك . لأنه لم يقل فقط بأنه لن تقوي عليها تهديدات البشر ، بل ولا آلات الجحيم ذاتها ، من هنا تماسك ولحام الجدران. لم يقل ” لن يهينوها ” ، بل ” لن تقوي عليها” ، لأنهم سوف يهينونها بالتأكيد ، لكن لن ينتصروا عليها . لكن ماذا بتعبير ” أبوب الجحيم ” ؟ لأن التعبير ربما يكون غامضاً. دعونا نعرف ما هي أبوب المدينه ، وعندئذ سوف نعرف ماذا يعني بأبواب الجحيم .

بوابه المدينه عي المدخل الذي يقود إلي المدينه ، بالتالي أيضًا بوابه الجحيم هي الخطر الذي يقود إلي الجحيم . إذن يكون معني العباره : أنه مهما ضربتنا مثل هذه الأخطار وأهانتنا ، حتي لو قادتنا إلي الجحيم ذاته ، فسوف تظل الكنيسه ثابته وغير متزعزعه .

وبالرغم من أنه يمكنه ألا يسمح بأن تختبر الكنيسه المتاعب ، إلا أنه يسمح بذلك ، فما هو السبب؟ لأنه أن يمنع التجارب لهو أعظم جدًا من أن يتركها لتأتي دون أن يسمح للكنيسة بأن تعاني أي شر نتيجة هجوم هذه التجارب عليها.

ولكنه يسمح بأن تهجم عليها كل التجارب ، حتي يجعلها أكثر ثباتاً ، ” بل تفتخر أيضا في ضيقت عالمين أن الضيق ينشئ صبراً ، والصبر تزكيه ، والتزكيه رجاء ” (رو ٥ :٤-٥).ولكي يظهر عظمه قوته يخطفها من أبوب الموت ذاتها .

لأجل هذا ترك العاصفة . ولكنه حفظ السفينه من أن تغوص وتغرق . هكذا نحن أيضا نعجب بقائد السفينه ، ليس عندما ينقذها مبحراً بريح مناسبة ، ولا عندما يهب الهواء من ناحية مؤخرتها ، لكن عندما يضطرب البحر وتتوحش الأمواج وتندلع كارثه طبيعيه ، ثم تأتي خبرته الفنية لتقف أمام اندفاع ( ثور) الرياح وتختطف السفينة من وسط العاصفه .

هكذا فعل المسيح. لقد سمح للكنيسة أن تاتي إلي المسكونه كأنها سفينه في بحر ، لم يوقف العاصفه ، بل اختطفها من العاصفة . لم يهدئ البحر ، لكنه جعل السفينة في امان . وبينما ثارت الشعوب ضدها في كل مكان ، كأنها أموج وحشيه ، وبينما تضربها الارواح الشريرة ، كأنها رياح مرعبه ، ومن كل جانب تثور عليها عاصفه بأمطار ،  يمنح هدوءا عظيماً للكنيسة.

والاكثر عجباً  ، ليس فقط أن العاصفة الممطرة لم تدمر السفينة ، بل السفينة هي التي ذابت واختفت بواسطه الكنيسة. كيف ،وبأيه طريقه ، ومن اين ؟ من ذلك القرار الذي يقول : ” ابوب الجحيم لن تقوي عليها ” . كم فعل عابدو الاوثان لكي يمحوا هذا القول ، كم صنعوا لكي يلغوا هذا القرار ؟ ولكنهم لم يتمكنوا من إبطاله ، لأن القرار كان قرار الله .

مثل برج مصنوع من احجار الماس ، ومربوط بدقه بواسطه الحديد ، حتي لو ضربه الاعداء من كل جانب ، فلا البناء يميل، ولا ينحل رباطه، بل يرحل هؤلاء الأعداء دون ان يصيبوا البرج بأي ضرر ، ودون أن يسببوا له أي شر ، حتي أن قوتهم في هذه الحاله  تبدو وكأنها بدون فائده . هكذا بالضبط أيضا هذا القول ، فهو كمثل برج عال محصن بأمان في المسكونه، يضربه عابدو الأوثان من كل جانب ، يظهرون متانته بينما تبدو قوتهم بلا فائده ، وهكذا يموتون .

ما الذي لم يتآمروا عليه ضد هذا القرار ؟

قوات متأهبه ،أسلحهً تتحرك ، ممالك تتسلح ،شعوب تثور ، مدن تحرض ، قضاه يغضبون ، لقد ابتكروا كافه أنواع العقاب . لم يتغافلوا عن أي أسلوب للعقاب . نيران وحديد

، وأسنان وحوش وتجريدات واختناقات ، ودفن للاحياء ، ضرب وصلب واتون مشتعل ، كل العذابات التي لم تكن قد ظهرت حتي وقتذاك ، دخلت حيز التطبيق. كم التهديدات لا يوصف الوعود بكرامات لا تحد ، حتي بالطريقه الأولي يرعبونهم ، وبالثانيه يحررونهم بالإغراء .

إذا ،لن يتغافلوا عن كافه أنواع الضلال والقهر والعنف . لأن آباء بالفعل سلموا أولادهم ، وأولاد لم يعرفوا  آبائهم ، أمهات نسوا آلام الولاده ، ونواميس الطبيعه انقلبت . لكن أساسات الكنيسه لم تتزعزع إطلاقاً . الحرب نشبت بين الأقارب، ولكن جدرانها لم تمس بسبب ذلك القول : ” ابواب الجحيم لن تقوي عليها ” . إذا ، لا تطن أنه كان مجرد قول ، بل كان قولا صدر من الله . لأن الله قد ثبت السماء أيضا بكلمه ( انطر مز ٣٣ : ٦).

والارض بكلمه أسس فوقها المياه ( انظر مز ١٠٤ :٥)، جاعلاً هذه الطبيعة الكثيفة والثقيلة تحمل فوقها تلك الطبيعة الخاملة والمائعة . والبحر الهادر في قوته ، ذلك البحر ذو الأمواج الكثيرة ، بكلمه ، أحاطه من كل جانب بحائط ضعيف ، اقصد الرمل . إذا ، ذاك الذي بكلمه ثبت السماء ، أسس الأرض ،سيج البحر ، لماذا تتشكك إذا في انه أحاط الكنيسه ، التي هي أثمن حدًا من السماء والارض والبحر ، أيضاً بهذا القول ؟

اساسات الكنيسه

ولأن البناء غير متزعزع أبدا ، والحائط ثابت جدا ، دعونا نري كيف وضع الرسل الاساسات ، إلي أي عمق حفروا حتي صار البناء غير متزعزع؟ لم يحفروا بعمق ، لم يحتاجو لتعب ومجهود كبير ، لماذا ؟ ،لقد وجدوا الاساس القديم والاول ،أساس الانبياء . إذا ، كمثل إنسان قصد أنيبني  عندما وجد أساسا قديماً وقوياً وثابتاً لم يستغن عنه ، ولم يحرك الأحجار، بل تركه ليظل غير متزعزع ، وهكذا وضع فوقه البناء الجديد والحديث .

هكذا أيضًا الرسل الذين قصدوا أن يبنوا هذاالبناء العظيم ، الكنيسه التي أسسوها في كل مكان علي الارض ، لم يحفروا بعمق ، بل وجدوا الأساس القديم ، أساس الأنبياء ، فلم يستغنوا عنه ، ولم يحركوا المبني والتعليم ، بل تركوه ليظل ثابتا ً، وهكذا أضافوا فوقه تعليمهم ، أي ايمان بالكنيسة الجديد[2] .

شفاء الرب لضعف بطرس الرسول في فكر القديس كيرلس الكبير

بدأ بطرس بالوصول إلي يسوع قبل الباقين ، إذ يبدو أنه أبي أن يذهب إليه بالسفينة ، بسبب حرارته الفائقة وغِيرَة محبته العجيبة نحو المسيح . لذلك فهو يأتي أولاً إلي الشاطئ ويجذب الشبكة ، إذ هو دائماً إنسان سريع التأثر ، سهل الاستثارة إلي الحماس في الكلام كما في العمل . ولذلك ، فهو أيضاً ، الذي اعترف بالإيمان أولاً حينما “سأل المخلص التلاميذ في نواحي قيصرية فيلبس قائلاً : من يقول الناس أني أنا إبن الإنسان ؟ .

فقالوا قوم يوحنا المعمدان .وآخرون إيليا . وأخرون إرميا أو واحد من الأنبياء ” (مت١٦: ١٣، ١٤) . ولكن حينما سألهم المسيح السؤال الآخر : ” وأنتم من تقولون أني أنا ؟ ” أخذ بطرس زمام المبادرة وتكلّم بلسان الباقين وأسرع ليجيب : ” أنت هو المسيح إبن الله الحي ” (مت١٦: ١٥، ١٦) .

وأيضاً ، حينما أتت زُمرة الجنود مع خدَّام اليهود ليأخذوا يسوع إلي الرؤساء ، تركه الباقون كلَّهم وهربوا (مت٢٦: ٥٦) ، أما بطرس فَضَرَبَ أُذنْ ملخس بالسيف . لأنه فَكر أنه أمر مناسب أن يدافع عن سيَّده بكل ما يملك من قوَّة . رغم أن ما فعله قد أثار استياء سيَّده تماماً . ولأن بطرس جاء بتهوَّر واندفاع أكثر من الباقين ، لذلك سأله المسيح إن كان يحبه أكثر من الباقين ، وكرَّر نفس السؤال ثلاث مرات . وكان بطرس يجيب بنعم ويعترف له بمحبته له قائلاً أن المسيح نفسه شاهد علي محبته هذه .

وبعد كل اعتراف كان يسمع المسيح يخبره بكلمات مختلفة أن يرعي خرافه ، وهو اللقب الذي أطلقه الرب علي البشر في المثل ( الراعي والخراف يوحنا ١٠) .

وأعتقد أن هذه الكلمات لم تُكتَب بدون سبب ، ولذلك يجب علينا أن نبحث عن المعني المختفي الذي قَصَدَه الرب بهذه الكلمات ، لأنها مملوءة بالمعاني ، ومعني الفقرة يحتوي أكثر بكثير مما تراه العين .

وألاّ يكون أمراً معقولاً أن يسأل أحد : لماذا سأل المسيح سمعان فقط رغم أن التلاميذ الآخرين كانوا حاضرين ؟ وما هو معني كلماته : أرع حملاني ، وغيرها من الكلمات ؟ نجيب بأن بطرس الملهم كان قد أختير مع التلاميذ الآخرين ليكون رسولاً لله . لأن ربنا يسوع المسيح نفسه ” دعاهم رسلاً حسب المكتوب (لو٦: ١٣) .

ولكن حيثما حدثت الأحداث المتصلَّة بمؤامرة اليهود ضَّد المسيح تمتَّ سقطته ، لأن رعباً شديداً سيَّطر علي بطرس الملهم فانكر الرب ثلاث مرَّات . ولذلك فإن المسيح يعتني بتلميذه المخطئ ويساعده بالأسئلة المتعددة علي الاعتراف بحبه له ثلاث مرَّات ، وبذلك يوازن بين السقوط والقيام ، ويجعل شفاءه مؤشراً بارزاً مثل سقطته .

ولأن السقطة كانت بمجرد الكلمات التي نطق بها وهي دليل ادانته ، فإنه استطاع أن يمحوها بالاعتراف بالفم أي بنفس الطريقة التي تمتَّ بها السقطة . ويطلب منه المسيح أن يقول إن كان يحبه أكثر من الباقين .

فلأنه قد تمتَّع بقدر أكبر من الغفران ، ونال من اليَّد السخيَّة جداً ، غفران معصيته ، فإنه سيشعر – بكل تأكيد – بحب أعظم من الباقين ، ويقابل إحسان المحسن إليه بأقوي عاطفة . لأنه رغم أن التلاميذ الباقين هربوا بالمثل “بسبب قساوة اليهود التي ملأتهم بالرعب وبسبب وحشيَّة الجنود الذين كانوا يهددونهم بموت شنيع ، عندما جاءوا ليأخذوا يسوع ” ولكن مع ذلك فإن سقطة بطرس بإنكاره ثلاث مرات كانت شيئاً خاصّاً تميَّز به هو وحده .

ولذلك، فبما أنه حصل علي قدر من الغفران مما حصل عليه الباقون ، لذلك سأله المسيح أن يقول إن كان يحبه أكثر ، لأنه -كما قال المخلّص نفسه -” مَنْ يغفر له كثير يحب كثيراً .

وهنا أيضاً مثال أعطيَّ للكنائس لأنهم يجب أن يطلبوا الاعتراف بالمسيح ثلاث مراَّت من أولئك الذين اختاروا أن يحبوا المسيح ، وذلك بأن يأتوا إليه في المعمودية المقدَّسة. .

وبالتوقف للتفكير في هذه الفقرة فإن معلَّمي الإيمان يمكن أن يدركوا أنهم لا يستطيعون أن يرضوا

” رئيس الرعاة ” ، أي المسيح ، إن لم يهتموا بحياة خراف قطعيه واستمرارهم في صحة وأحسن الحال . فهكذا كان بولس الملهم الذي شارك في احتمال ضعفات إخوته الضعفاء ، ودعا الذين أمنوا بواسطته ، ” فخر وفرح وإكليل ” رسوليته(في٤: ١) . لأنه كان يعرف أن هذه هي الثمرة لمحبة المسيح .

لأنه إن كان المسيح قد مات لأجلنا ، فبالتأكيد أنه يعتبر خلاص كل منَّا وحياته ، يستحقان كل عناية . وإذا كان الذين ” يخطئون إلي الأخوة ، ويجرحون ضميرهم الضعيف ، هم في الحقيقة يخطئون ضد المسيح “(١كو٨: ١٢) ، فبالتأكيد يكون من الحق أن نقول إن الذين يأخذون بأيدي أولئك الذين دخلوا الإيمان ، وينتظر أن يدعوا إلي الكمال (في الإيمان ) ، ولهم غِيَرة أن يثبتوهم في الإيمان بكل معونة يمكنهم أن يقدَّموها ، نقول إن الذين يفعلون هكذا أنما يخدمون الرب نفسه .

وهكذا بواسطة اعتراف بطرس المتكرَّر ثلاث مرات ألغي الرب انكار المبارك بطرس ، وعندما قال الرب له ” ارع حملاني ” فإننا ينبغي أن نفهم من ذلك أن هذا تجديد لرسوليَّته التي كانت قد أُعطيَّت له من قبل ، وغسل المسيح بذلك عار سقطته ، ونزع عنه خوف القلب ، الذي نتج من الضعف البشري[3] .

الأب غريغوريوس (الكبير): الرعاة

عندما يسير الراعي في الأماكن المنحدرة والوعرة، يتبعه القطيع فيسقط في وهدة الهلاك. ومن ثم يحزن الرب من معرفة الرعاة الرديئة، ويقول على لسان النبي: “أهو صغير عندكم أن ترعوا المرعى الجيد وبقية مراعيكم تدوسونها بأرجلكم، وأن تشربوا من المياه العميقة والبقية تكدرونها بأقدامكم. وغنمي ترعى من دوس أقدامكم، وتشرب من كدر أرجلكم.” (حز ٣٤: ١٨ – ١٩).

ومن الواضح أنه عندما ينهل الرعاة من المياه الصافية والنقية، فإنهم يرتوون من سبيل الحق بفهمهم الصائب، ولكنهم يفسدون التأمل المقدس بحياتهم الشريرة عندما يُكدروا المياه بأقدامهم.

ومن البديهي أن الرعية ستشرب من هذه المياه الملوثة التي تعكرت من هذه الأقدام، ثم تمتنع عن تنفيذ التعاليم التي سمعتها، لأنها تتمثل بالقدوة الشريرة التي تراها. إن الرعية تتوق إلى فعل الصالح الذي يقوله الرعاة، ولكنها تنحرف من جراء الشر الذي يفعلونه، فتمتص الوحل مع ما تتجرعه إذ أنها تنهل من ينبوع ملوث.

لهذا كتب النبي قائلًا إن الكهنة الأشرار قد صاروا فخا لهلاك الشعب: “اسمعوا هذا أيها الكهنة…! لأن عليكم القضاء، إذ صرتم فخا” (هو ٥ : ١) ، “النبي فخ صياد” (هو ٩ : ٨) وأيضا يقول الرب بالنبي بخصوص الرعاة: “وكانوا معثرة إثم لبيت إسرائيل.” (حز ٤٤ : ١٢)

ليس هناك من يلحق الأذى بالكنيسة أكثر من أولئك الذين لهم صورة القداسة ولقبها ولكنهم يتصرفون تصرفًا فاسدًا

قيل للخطاة: “أنبياؤك رأوا لك كذبًا وباطلًا، ولم يعلنوا إثمك ليردوا سبيك” (مراثي إرميا ٢ : ١٤) ويلاحظ أن المعلمين كانوا يسمون أحيانًا “أنبياء” في الكتاب المقدس، لأنهم كانوا يظهرون طبيعة الحاضر ويعلنون عن المستقبل. وكأن الله يتهمهم بالكذب إذا امتدحوا فاعلي الشر وقاموا بتبرئتهم بدلًا من إدانة أخطائهم، وذلك خوفًا منهم.

إذا تجنب الرعاة استعمال كلمات التوبيخ يفشلون في الكشف عن أخطاء الأشرار. إذ كلمات التوبيخ لهي حقًا المفتاح الذي يظهر الخطية التي لا يحس بها فاعلها في كثير من الأحيان. لهذا يقول بولس الرسول: “ملازمًا للكلمة الصادقة التي بحسب التعليم، لكي يكون قادرًا أن يعظ بالتعليم الصحيح ويوبخ المناقضين” (تي ١ : ٩) ويقول ملاخي أيضًا: “لأن شفتي الكاهن تحفظان معرفة، ومن فمه يطلبون الشريعة، لأنه رسول رب الجنود.” (مل ٢ : ٧) لهذا يحذر الرب على لسان إشعياء قائلًا: “ناد بصوتٍ عالٍ. لا تمسك. ارفع صوتك كبوق”. (إش ٥٨ : ١) فالذي يدخل الكهنوت يأخذ منصب رسول يصيح بصوت عال، ويسبق مجيء الديان العادل الذي يتبعه بمظهر رهيب

إن الديان العادل ينكرهم ويتجاهلهم، لأن الذين يخفف عنهم التجارب والآلام في هذا العالم إنما هم في الحقيقة مرفوضون منه. لهذا يقول رب المجد لمثل هؤلاء حتى ولو قاموا بصنع المعجزات: “لا أعرفكم من أين أنتم، تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم.” (لو: ١٣ : ٢٧ ؛ مت ٧ : ٢٣).

إن صوت الحق الإلهي يوبخ جهالة مثل هؤلاء الرعاة قائلًا: “وهم رعاة لا يعرفون الفهم.” (إش ٥٦ : ١١) مرة أخرى يؤنبهم الرب قائلًا: “وأهل الشريعة لم يعرفوني”. (إر ٢ : ٨) ولذلك يشكو الحق الإلهي من هؤلاء الرعاة لأنهم لم يعرفوه. لأنه لا أحد يفهم سمو خدمة القيادة إلا الذين عرفوه أما الذين يجهلون ما هو للرب يتجاهلهم الرب، كما يقول بولس الرسول: “ولكن إن يجهل أحد فليجهل.” (١كو ١٤ : ٣٨).

عدم استحقاق الراعي غالبًا ما يكون متلازمًا مع عدم استحقاق الرعية، فإذا كان الرعاة لا يملكون نور المعرفة نتيجة لخطيئتهم الشخصية فإنه تبعا لذلك تعثر الرعية بسبب جهلها حسب قصاص القضاء. من أجل ذلك قال رب المجد يسوع: “إن كان أعمى يقود أعمي يسقطان كلاهما في حفرة.” (مت ١٥ : ١٤ ؛ لو ٦ : ٣٩)  وفي هذا قال صاحب المزامير متنبئًا: “لتظلم عيونهم عن البصر وقلقل متونهم دائمًا.” (مز ٦٩ : ٢٣). إن القادة هم بالحقيقة عيون، إذ أنهم في واجهة أعلى الرتب وقد أخذوا على عاتقهم توضيح الطريق، أما الذين يتبعونهم فقد ارتبطوا بهم وعليه فهم يدعون “بالمتون”. وهكذا عندما تظلم العيون، تنحني المتون أيضًا، لأنه عندما يفقد القادة نور المعرفة، ينوء الذين يتبعونهم تحت نير خطاياهم[4].

 

 

 القديس أغسطينوس: رعاة القطيع

ليتنا لا نحب ذواتنا بل نحبه هو، وبرعايتنا لغنمه نطلب ما له وليس ما لنا… لأنه من لا يقدر أن يحيا بذاته يموت بالتأكيد إن أحب ذاته. وهو بهذا لا يكون محبًا لنفسه، إذ بحبه لنفسه يفقد حياته…

ليت رعاة القطيع لا يكونون محبين لذواتهم لئلا يرعوا القطيع كما لو كان ملكًا وليس بكونه قطيع المسيح،

فيطلبون ربحًا ماديًا بكونهم “محبين للمال”.

أو يتحكمون في الشعب بكونهم منتفعين،

أو يطلبون مجدًا من الكرامة المقدمة لهم بكونهم متكبرين،

أو يسقطون في هرطقات كمجدفين،

ويحتقرون الآباء القديسين كعصاة على الوالدين.

ويردون الخير بالشر على ما يرغبون في إصلاحهم حتى لا يهلكوا بكونهم ناكرى المعروف.

ويقتلون أرواحهم وأرواح الآخرين كمن هم بلا رحمة،

ويحاولون تشويه شخصيات القديسين كشهود زور،

ويطلقون العنان للشهوات الدنيئة كغير طاهرين،

ويشتكون دائمًا… كغير رحماء.

ولا يعرفون شيئًا عن خدمة الحب كمن لا عطف فيهم،

ويُقلقون البشرية بمناقشاتهم الغبية كعنيدين،

ولا يفهمون ما يقولونه أو ما يُصرّون عليه كعميان،

ويفضلون المباهج الجسدية عن الفرح كمحبين للذات أكثر من حبهم لله.

هذه وغيرها من الرذائل المشابهة، سواء كانت كلها في مجموعها تظهر في شخص واحد، أو أن إحداها تسيطر على شخص وغيرها على آخر، فإنها تظهر بشكل أو آخر من منطلق أن يكونوا محبين لأنفسهم. هذه الرذيلة التي يلزم أن يتحفظ منها من يرعون قطيع المسيح، لئلا يطلبوا ما لذواتهم وليس ما ليسوع المسيح، ويستخدمون من سفك المسيح دمه لأجلهم لأجل تحقيق شهواتهم[5]

القديس غريغوريوس النيسي: اعلانات الله في الكنيسة

مرآة الكنيسة :

والآن صوت الكلمة هو صوت القوة فى الخليقة ، هو النور الذى يشرق على وصيته ، وهو يأمر فان السماء توجد وكل المخلوقات أيضا توجد حين ينطق الله بالكلمة . والأن أيضا حين ينطق الكلمة للعروس أن تأتى اليه فأنه فى الحال يعطى قوة للوصية وتنفذ ما يريده العريس فى الحال . وتتحول العروس الى شىء سماوى وتتغير النفس من المجد الذى توجد عليه الى المجد الأعلى وذلك حين تسلك فى الكمال .

ولهذا فان خورس الملائكة الذى يحيط بالعريس يعبرون عن اعجابهم بالعروس بكلمات المديح هذه ” قد سبيت قلبى يا أختى العروس”(نش٤: ٩) لأن الكمال المنسوب للعريس والذى يشع منه على الملائكة وعلى النفوس التى تتبعه أيضا يجعلها مثله فى طهارة وبلا شهوة جسدية وتصير النفس فى علاقة كأخت لهذه القوات السمائية الملائكية ولذلك يقولون لها قد سبيت قلبى ياأختى العروس لأنها أصبحت أختا لهم بسبب كمالها وأطلق عليها كلمة عروس بسبب شركتها مع العريس الكلمة أما معنى كلمه قد سبيت قلبى فهو أنك قد أعطيتنا حياة كما لو كانوا يريدون أن يقولوا لها أنك قد أعطيتنا قلبا فى داخلنا وهذا هو ما فسره الرسول بولس حين قال ” لكى يعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين فى السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة حسب قصد الدهور الذى صنعه فى المسيح يسوع ربنا الذى به لنا جراءة وقدوم بايمانه عن ثقة ” (أف٣: ١٠-١٢) وتفسير ذلك أن حكمة الله قد كشفت لنا أسرار القوات العلوية التى تعلن حكمة الله وعجائبه .ولكن كيف تأتى الحياة بعد الموت ؟ وكيف تتحول الخطية الى بر والشتيمة والسب الى مديح .

والخوف الى مجد والضعف الى قوة ؟ أن هذه القوات السمائية لها خبرة فقط بالحكمة الالهية التى تصنع المعجزات ، والله الكلى القدرة يعمل خلال قواته ويأتى بالخليقة الى الوجود حين يريد الله ذلك وهو خلق كل الأشياء حسنا لأنها أتت من مصدر واحد كله جمال وهو الله . ولكن حكمة الله المتنوعة هذه قد أعلنت الآن خلال الكنيسة . كيف صار الكلمة جسدا؟ كيف أتحد الموت بالحياة لأننا نحن شفينا بجراحاته وآلام الصليب هزمت كل قوات العدو .

الله غير المنظور فى الجسد حرر كل من سباهم الشيطان وأصبح الله نفسه هو المشترى وهو الثمن أيضا ، لأنه أسلم نفسه للموت من أجل فدائنا وهو لم ينفصل عن الحياة وهو فى آلام الموت . هو جاء كعبد ولكنه لم يزل ملكا . كل هذا وغيره أيضا هو عمل الحكمة الالهية المتنوعة والتى هى غامضة علينا .

ان كل أصدقاء العريس يتعلمون خلال الكنيسة ويعطى لهم قلبا جديدا لكى يدركوا أسرار الحكمة الالهية الآخرى . وأيضا اذا ما نحن رأينا جمال العريس مطبوعا فى العروس ومدركا فى الخليقة كلها فاننا نمتلىء تعجبا لأن رغم أن ” الله لم ينظره أحد قط ” (١يو٤: ١٢) كما يقول الرسول يوحنا أو كما يقول بولس الرسول ” ولا يقدر (أحد) أن يراه ” (١تيمو٦: ١٦) ولكنه حين صنع الكنيسة التى هى جسده وبناها على الحب خلال نمو الانسان جعلنا نتحد كلنا ونصير واحدا فى كمال واحد ” الى انسان كامل الى قياس قامة ملء المسيح ” (أف٤: ١٣) واذا كانت الكنيسة هى جسد المسيح ، فان المسيح هو رأس هذا الجسد وأعطى الكنيسة طهارته حيث نرى فى الكنيسة نقاوة غير المنظور مثل انعكاس النور فى السماء وهكذا فان أصدقاء العريس يرون شمس البر حين يبصرون وجه الكنيسة كما لو كانت مرآة نقية وعندئذ نستطيع أن ترى المسيح بانعكاس نوره على الكنيسة[6] .

 

 

القديس كبريانوس

لو تناول أحد هذه الأمور بالفحص، لن تكون هناك حاجة للمناقشات الطويلة والمجادلات. فبرهان الإيمان سهل في قول موجز للحق. في قول الرب للقديس بطرس: «وأنا أقول لك أيضا: أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السموات. وكل ما تحله على الأرض يكون محلولاً في السماوات» (مت١٦: ١٨، ١٩).

على صخرة الإيمان بني الرب كنيسته. وبالرغم من أن الرب وهب السلطان لكل الرسل إذ قال: «كما أرسلني الآب أرسلكم أنا، اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له، ومن أمسكتم خطاياه أمسكت» (انظر یو٢٠: ٢١-٢٣)، ولكي ما يوضح هذه الوحدة أظهر هذا السلطان من خلال واحد (بطرس). فبالتأكيد إن الرسل لهم نفس السلطان الذي أعطاه  لبطرس، فالرتبة والسلطان واحد. لكنها بدأت من واحد، حتى تظهر كنيسة المسيح على أنها واحدة.

هذه الكنيسة الواحدة يشير إليها في سفر نشيد الأناشيد قائلاً: «واحدة هي حمامتي كاملتي. الوحيدة لأمها هي. عقيلة والدتها هي» (نش٩٠٦). هل يظن ذاك الذي لا يتمسك بوحدة الكنيسة ولا يحفظها إنه يتمسك بالإيمان ويحفظه؟ هل يعتقد ذاك الذي يقاوم الكنيسة ويعمل ضدها أنه في الكنيسة بينما يعلم الرسول المبارك بولس هذا الأمر ويعلن شر الوحدة قائلاً: «جسد واحد، وروح واحد، كما دعيتم أيضا في رجاء دعوتكم الواحد. رب واحد، إيمان واحد، معمودية واحدة، إله وآب واحد للكل» (أف٤:٤-٦).

ينبغي أن نتمسك بهذه الوحدة وأن تحفظها وندافع عنها، لاسيما نحن الأساقفة الذين نسهر على الكنيسة لكي نبرهن ونثبت أن الأسقفية نفسها واحدة غير منقسمة.

ليت لا أحد يخدع الإخوة بالكذب، ليت لا أحد يفسد الإيمان بالخداع والمراوغة، فالأسقفية واحدة، ترتبط أجزاؤها سويا كل واحد من أجل الكل، والكنيسة واحدة هي، لكن عصبها يجعلها متعددة، كمثل أشعة الشمس المتعددة بينما نورها واحد، وكمثل أغصان الشجرة المتعددة لكن ساقها واحد، وقوتها مؤسسة في الجذر المتين، لذلك فهي واحدة.

أو كمثل بحاري الأنهار التي تنبع من ينبوع واحد الذي قد يتفرع وينتشر على قدر حجم المياه التي تستوعبها بحاريها هذه، بينما هي لا تنفصل بأي حال عن وحدة ينبوعها. إنزع شعاعا واحدا من أشعة الشمس، لن يؤثر هذا على وحدة نورها، اكسر فرعا من الشجرة، لن يعود يثمر لك ثمرا، أو احجز أى نهر عن منبعه سيتوقف فيه جريان المياه!

كذلك الكنيسة، فهي تزخر بنور الرب، وتنشر أشعتها على كل المسكونة. وعلى الرغم من هذا الانتشار والإمتداد في كل مكان، إلا أن النور يظل واحدا. هي تمتد بأغصانها المثمرة العجيبة على كل العالم، وأنهارها الفياضة تجرى هنا وهناك. لكن لها رأس واحد وينبوع واحد هي الأم الواحدة، الولودة الغنية بأولادها. كلا مولودون منها، تتغذى من لبنها، ونحيا بروحها.

عروس المسيح لا يمكن أن تكون زانية، فهي طاهرة ونقية، إنها تعرف بيت واحد، وتحفظ بعقة طاهرة قداسة المضطحع الواحد.

إنها تحفظنا لله، وتعين أبناءها الذين ولدتهم للملكوت، من ينفصل عن الكنيسة ويرتبط بزانية يفصل نفسه عن وعود الكنيسة، وكل من ترك كنيسة المسيح لن ينال مكافآت وجعالات المسيح، إنه غريب، إنه مدنس، إنه عدو، من لا تكون الكنيسة له أما لا يكون الله له آبا، فإن كان في إمكان أحد أن ينجو من الطوفان خارج الفلك، لاستطاع أن ينجو من الموت خارج الكنيسة.

إن الرب يحذر قائلاً: «من ليس معي فهو علي، ومن لا يجمع معي فهو يفرق» (مت ۳۰:۱۲). فالذي يكسر سلام ووفاق المسيح، يعمل ضد المسيح، ومن يجمع في أي موضع آخر لغير الكنيسة يبدد كنيسة المسيح، يقول الرب «أنا والآب واحد» (يو ٣٠:١٠). وأيضا مكتوب عن الله الآب والابن والروح القدس «هؤلاء الثلاثة هم واحد» (١يو ٧:٥).

هل من المعقول أن الوحدة التي أسسها الله بقوته وختمها بأسراره السماوية، يمكن أن تنفصم أو تضيع بسبب تنازع الآراء داخل الكنيسة؟ إن من لا يحفظ هذه الوحدة، لا يحفظ ناموس الله، ولا يحفظ الإيمان بالآب والابن، وليست له حياة أو خلاص.

«سر الوحدة» هذا، رباط الوفاق الذي لا ينحل، يشبه بثوب ربنا يسوع المسيح الذي- كما ذكرت الأناجيل- لم يقتسموه أو يمزقوه على الإطلاق. فقد أخذه هؤلاء الذين ألقوا القرعة على ثياب الرب، أو بالأحرى الذين لبسوا المسيح، نالوا رداء کاملاً غير مقسم ولا منقسم، مرة وإلى الأبد. ويذكر الكتاب: «وكان القميص بغير خياطة، منسوجا كله من فوق. فقال بعضهم لبعض: لا نشقه، بل

نقترع لمن يكون» (يو١٩: ٢٣، ٢٤)…هذا القميص يحمل معه، الوحدة التي نزلت من فوق، أي التي نزلت من السماء والآب، والتي لا يستطيع من نالها واقتناها أن يمزقها أبدا، لقد نال كمالاً متماسكا لا يستطيع قويا، لا يمكن أن يقتني قميص المسيح ذاك الذي يمزق ويقسم كنيسة المسيح.

وهناك مثال آخر، عندما انقسمت مملكة سليمان بعد موته، وعندما التقى أخيا (النبي) الشيلوني مع يربعام في الحقل، مزق النبي رداءه إلى اثنتي عشرة قطعة وقال: «خذ لنفسك عشر قطع، لأنه هكذا قال الرب إله إسرائيل: هأنذا أمزق المملكة من يد سليمان وأعطيك عشرة أسباط. ويكون له سبط من أجل عبدي داود ومن أجل أورشليم المدينة التي اخترتها من كل أسباط إسرائيل، لأضع اسمي فيها» (۱مل۳۱:۱۱-٣٦،٣٢).

لذا مزق أخيا النبي رداءه من أجل انقسام الأسباط، ولكن لأن شعب المسيح لا يمكن أن ينقسم، فإن الذين أخذوا قميصه لم يقتسموه، فهو غير مقسم، لأن رداءه كان بغير خياطة منسوجا كله (متحد ومتصل ومتماسك)، إن هذا الرداء بعدم انقسامه يظهر السلام والمحبة والتماسك وسط شعبنا نحن الذين لبسنا المسيح الذي أعلن وحدة كنيسته من آية ردائه.

فمن هو ذاك الشرير وعديم الإيمان؟ من هذا الذي أصابه جنون الانقسام والخلاف حتى يظن أن وحدة الله يمكن أن تنقسم؟ أو حتى لديه الجرأة ليمزقها، إنها قميص الرب، كنيسة المسيح؟ إن الرب يحذرنا في إنجيله ويعلمنا قائلاً: «وتكون رعية واحدة وراع واحد» (يو ١٦:١٠).

هل يمكن لأي إنسان أن يعتقد أنه في موضع واحد يمكن أن يوجد رعاة كثيرون أو قطعان عديدة؟ عندما تحدث الرسول بولس عن هذه الوحدة قال: «ولكني أطلب إليكم أيها الإخوة، باسم ربنا يسوع المسيح، أن تقولوا جميعكم قولاً واحدا، ولا يكون بينكم انشقاقات، بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأي واحد» (۱کو ۱۰:۱)، وفي موضع آخر يقول: «محتملين بعضكم بعضا في المحبة.

مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام» (أف ٣:٤). هل تظن أنه في قدرتك أن تحيا وتثبت إذا انفصلت عن الكنيسة وبنيت لذاتك مساكن أخرى ومنازل مختلفة، بينما قيل عن راحاب التي كانت رمزا للكنيسة «….أباك وأمك وإخوتك وسائر بيت أبيك. فيكون أن كل من يخرج من أبواب بيتك إلى خارج، فدمه على رأسه» (یش ۱۹:۲).

وأيضا شر الفصح في شريعة الخروج، ذاك الحمل الذي كان يذبح كرمز للمسيح، ألم يكن يؤكل في بيت واحد؟ يقول الرب: «في بيت واحد يؤكل. لا تخرج من اللحم من البيت إلى خارج» (خر ٤٦:١٢).

فلا يمكن لجسد الرب، وقدس الرب أن يحمل خارجا ولا أن يوجد في بيت آخر للمؤمنين إلا الكنيسة الواحدة، هذا البيت وهذه الأسرة المترابطة، يشير إليها الروح القدس في المزامير: «الله يجعل من لهم الرأي الواحد ساكنين في بيته» (انظر مز ٦٨: ٦). هناك في بيت الرب، في كنيسة المسيح، يسكن الذين لهم الفكر الواحد ويعيشون في محبة وسلام[7].

 

 

عظات آباء وخدام معاصرين

المتنيح البابا كيرلس الخامس

رسالة راعوية عمرها ٩٠ سنة للبابا كيرلس الخامس

الجزء الثاني من الرسالة الي الرعية

[نشرنا في العددين السابقين (يونيو ويوليو ۱۹۹۸ الجـزء الأول مـن الرسالة موجهـا إلـى الرعاة، ويحوى التوجيهات والإرشادات الأبويـة المختصة برعاية الشعب وأسلوب التعامل مع الرعية وعلى رأسها: الحث على ممارسة المحبة نحو الرعية، والاجتهاد والمثابرة على البحث عن البعيدين والخطاة]

ويسترسل البابا كيرلس الخامس في رسالته الأبويـة المفعمـة بأسـمى مشـاعر المحبة والود تجاه الرعية، فيقول لهم: فنتبصر في تاريخ كنيستنا

وثانياً: أوجه الكلام إلى جميع الأبنـاء المباركين أفـراد الشعب كبـاراً وصغاراً أغنياء ومتوسطين وفقراء، ونساء؛ وقبل كل شئ أقـدم محبتي لكل منهم طالبـاً فـي كـل حين من الله أن يملأكـم بكـل بركـة روحية من السماء لتزدادوا وتتفاضلوا في النعمة.

أبنائي، اذكروا من أنتم. راجعـوا تاريخ كنيستكم. اسألوا من آبائكم وأجدادكم الذيـن سلفوا. ا. فإنكم تتمتعون الآن بحرية الإيمان بعد جهادات طويلة دامت أجيالا كثيرة.

فإن كنيستكم لم توصل الإيمان إليكم إلا بعد أن سفكت دماء شهدائها وقدت رجالها ضحايا تعزيزاً للحق وشهادة لصدق الإيمان.

وما أكثر الأهوال التي صادفتها الكنيسة كل هذه الأجيال. ومن مراحم الرب أننا لم نفـن بـل بقيت لنا بقية. فاذكروا إيمانكم هذا لتحافظوا عليه حتـى الدم وتوصلوه إلى أولادكم كما وصل إليكم سالما من كل شائبة. اثبتوا على الحـق. أحبوا الكنيسة ودافعوا عنها وثبتوا تعليمها

إيقاظ الوعي برسالة المسيحي كقدوة وسط العالم

دعيتـم مسـيحيين، فتممـوا دعوتكـم وعيشوا كمـا يـحـق لهذه الدعـوة. فـإن المسيحية هي ديانـة البرارة والطهـارة والسلوك بالأمانة والعفة. ولقد كانت صفات المسيحيين الأولين أكبر برهان يقدمونه لمـن يضطهدهم على صدق ديانتهم، حتى تجاسر العلامة ترتوليانوس أن يقول في محاماته عنهم: [ هل وجدتم مسيحيا مذنباً؟ إن وجد، فيكون ذنبه اسمه، أي أنه مسيحي]. وقال يوستينوس الشهيد في دفاعه أيضا مبينـا طهارة المسيحيين نحن الذين كنا من قبل نتمتع بالزنى والنجاسة قد انقطعنا الآن إلى النسك والعفة فكـم مـن أصدقاء عديديـن أعرف أسماءهم قد تركوا ترفههم وملذاتهـم ولزموا تلك العيشة، نعم وأثروا أن يتحملوا أعظم الأخطار، بل الموت، على أن يأتوا شيئا رجسـا وقـد قـال ترتوليانوس [بأن الوثني كـان إذا قابل رفيقه الوثني ورأه محتشما أنيساً وديعاً يبادره قائلا: هل قابلت مسيحياً في الطريق؟] ذلك لأن المسيحيين كانوا يؤثرون بقدوتهم وبصلاحهم في الذيـن ينظرون إليهم.

ولهذا السبب كان الإيمـان يزداد وينتشر بظهور فضائلهم ويتمـجـد اللـه بسببهم وفيهـم، طبقا لقوله – لـه المـجـد فیضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الصالحة ويمجدوا أباكم الذي في السموات فمـن كـان يـرى ايمانهم ولا يمتلئ بحرارة التقوى؟ ومـن كـان يشاهد تواضعهم ووداعتهم ولا يتنازل عن كبريائه وسخط تشامخه؟ من كان يرى استقامتهم وفضائلهم ولا يتعلم العفاف والطهارة؟ كانوا يحفظون سنن الله ونواميسـه ويحسنون الطاعة.

كانوا قدوة للشبان في الصلاح والخير كانوا مجدين في سماع كلام الله عاملين به. متمتعين بالسلام والهدوء في ضمائرهم. مهتمين بأمور الخير بلا حقد ولا غش يمقتـون الغضب والبغـض ولا يعرفـون الانتقام. مزينين أنفسهم بكل ورع وسيرة صالحة، هذه كانت صفاتهم وهذه كـانت حياتهم، فأين ذلـك مما نراه مـن فـتـور المسيحيين في هذه الأيام ومـن أولئك الذين يسلكون طرق التعدي.

ومـا أكـثر الذيـن يتخذون المسيحية اسماً لأنهم هكذا ولدوا من أبائهم ولا يعرفـون شـيـنـا عـن ايمـانهم ورجائهم. وإن سئلوا عن قاعدة من قواعد دينهم لا يستطيعون الإجابة. فكيف يـكـون أمثال هؤلاء مسيحيين إن لـم يكـونـوا مستعدين دائماً لمجاوبة كل من يسألهم عن سبب الرجاء الذي فيهـم، ومـاذا يقولون للديان في يوم الدين الرهيب عن إهمالهم وتغافلهم؟

دعوة إلى تتميم الخلاص

فيا أيها الأحباء، انظروا إلى خلاصكم “لتتمموا دعوتكم وتثبتوا رجاءكم بـخـوف ورعدة ونظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم أيضاً قديسين” “لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب” ولتكن سيرتكم حسنة بين الجميع.

ولكـم ضمير صالح، لكي يكون الذين يشتمون سيرتكم الصالحة في المسيح يخزون في ما يفترون عليكم كفاعلى شر  ويمجدون اللـه في يوم الافتقاد من أجل أعمالكم الحسنة التي يلاحظونها.

قدموا أجسادكم ذبيحة حية مرضية عند الله عبادتكم العقلية ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة ، اخلعـوا أعمال الظلمة والبسوا أسلحة النور لتسلكوا بلياقة كما في النهار ، أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم؟ إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله، لأن هيكل الله مقدس الذي أنتم هو ، أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله وأنكم لستم لأنفسكم لأنكم قد اشتريتم بثمن، فمجدوا الله في اجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله.

حث على تربية الأبناء

ربوا أولادكم التربية الحسنة في الرب وكونوا قدوة لهـم في تصرفاتكم، لتعطوهم مثالاً حسناً عالمين أن نفوسهم هي ودائع مقدسة في أيديكم سوف يسألكم الرب عنها. واظبوا باهتمام على حضور الكنيسـة للاجتمـاع مـع المؤمنيـن حيـث تقدمـون عبادتكم لله وتسجدون له بالروح والحق. قدموا أنفسـكـم للـه، وكرسـوا ذواتكـم واحيوا لمجرد مجده تعالي .

سلموا افكاركم للمسيح لتنالوا ربحاً وافراً هو ملكوت السموات.

الدعوة لسلوك حياة البر

سيروا في إثر خطوات سيدكم الـذي سفك دمه لخلاصكم. ليكن فيكم الفكـر الـذي كان في المسيح  لتسلكوا كما سلك، في محبته وشفقته وحنانه وغيرته وتواضعـه ووداعته وطهارة حياته.

وبالجملة ليكـن لكـم روح المسيح لأنـه مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعـد لا لأنفسهم بـل للـذي مـات لأجلهـم وقام استخدموا كل مـا فيـكـم للـبر. لتكـن أقدامكـم سـاعية للخير والرحمـة، وأيديكـم لفعل الإحسان، وأعينكم مراصـد للفقـراء والمحتاجين، وآذانكم لسماع أنيـن البائسين، ولا تقدموا أعضاءكم آلات إثم للخطيـة بـل قدمـوا ذواتكـم للـه كأحيـاء مـن الأمـوات وأعضائكم آلات بر لله.

ارفضوا الشر، وتعلموا الخير، وانظـروا إلى العالم كأمر زائل لأنكم كما دخلتم إليـه عراة ستخرجون منه كذلك.

اطلبوا ملكوت الله. فتشوا عن خلاصكم. امتلئوا بالروح. تقووا بالنعمة لغلبة الشـرور المحيطة بكم، فتجدوا راحة لنفوسكم وسلاماً لأرواحكم. اسلكوا في الطريق المؤدى إلى الحيـاة. احيوا في المسيح ولأجل المسيح.

ومتى امتلكتم النعمة، امتلأت نفوسكم بالسلام الذي يفوق كل عقل حتى في أوقات التجارب والشدائد.

لأن النعمة تهديكم وترشدكم وتصونكم وتحفظكم وتقويكم، وتحول لكم المرائر إلى تسليات وتعزيات لا تخطر على بال إنسان، تجعل لكم الشدة رخاء، والوعـر سـهلا، والخزى فرحاً. فيكون الله إلهكـم سـلاحكم وقوتكم وخوذة خلاصكم، فتعرفون الحكمة، وتسيرون فـي النـور، ويتبعكـم المجـد، وترافقكـم النعمـة، وتقودكـم إلـى أعمـال صالحة، وتحولكـم إلـى صـورة اللـه فـي القداسة والبر والحق.

تنبيه لإكرام الكهنوت

أولادى الأعزاء، قد أوصيـت الرعاة كثيراً ونبهتهم إلى واجباتهم. فليكـن ذلـك داعيا لانتباهكم أنتم أيضاً لتعطوهـم حقوقهم من الكرامة والمحبة والطاعة. أن تعرفوا الذين يتعبون بينكم ويدبرونكـم فـي الـرب وينذرونكم، وأن تعتبروهم كثيراً جـداً فـي المحبة لأجل عملهم ، لأنهم يسهرون لأجل نفوسكم كأنهم سوف يعطـون حسابا لكي يفعلوا ذلك بفرح لا آنين لأن هذا غير نافع لكـم وإن كانوا يزرعـون لـكـم الروحيات، فمن الواجب أن يحصدوا منكم الجسديات لأن من يغرس كرما ومن ثمره لا يأكل. ومن يرعى رعية ومن لبن الرعية لا يأكل.

لأن الذين يلازمون المذبـح يشاركون المذبح. هكذا أيضاً أمـر الـرب أن الذيـن ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون

حث على المحبة

اسلكوا في المحبة كمـا أحبنا المسيح، وحبوا بعضكم بعضا بشدة مـن قلـب طـاهر وضمير نقـى بـلا رياء. لتكن هذه المحبة الرباط الذي يربطكم بعضكم ببعـض لأن هذه المحبة هي الوصية العظمى والأولى التي بها يكمل الناموس والأنبياء. لأن من أحـب غـيره فقـد أكمـل النـاموس. وكـل الوصايا هي مجموعة في هذه الكلمـة حـب قريبك كنفسك.

المحبة لا تصنع شراً للقريب. فالمحبة هي تكميل الناموس فلتكن المحبة هي العلامة التي تميزكم وخذوها أساسا لكل أعمـالكم كي تقولـوا جميعكـم قـولا واحـدا ولا يكـون بينكـم انشقاقات بل كونوا كاملين في فكر واحـد ورأى واحد.

محتمليـن بعضكم بعضا في المحبـة مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام وليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث، وكونوا لطفاء بعضكـم نـحـو بعـض شـفوقين متسامحين كمـا سـامحكم اللـه أيضـاً فـي المسيح.

احملوا بعضكم أتقال بعض وتأنوا على الجميع واحتملوا أضعاف الضعفاء. ولا تحقدوا بعضكم على بعض ولا يذم أموركم في محبة.

وافعلوا كل شئ لمجد الله معتنين بامور حسنة ليس قدام الرب فقط، بل قدام النـاس أيضاً .

كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادل، كل ما هو طاهر، كل ما هو مسر، كل ما صيته حسن، إن كانت فضيلة وإن كان مدح، في هذه افتكروا.

  • ختام الرسالة

دعوات وصلوات البابا لشعبه

وليملأ إله الرجاء كل سرور وسلام في الإيمان لتزدادوا في الرجاء بقـوة الـروح القدس ، ويعطيكم إله الصبر والتعزية أن تهتموا اهتماما واحدا بحسب المسيح يسوع، لكي تمجدوا الله أبا ربنا يسوع المسيح بنفس واحدة وفم واحد وليملأ احتياجكم بحسب غنـاه فـي المجـد، لتكونـوا رائحـة المسـيح الزكية، وتمتلئوا من معرفة مشيئته في كل حكمة وفهم روحي.

لتسلكوا كما يحـق للرب في كل رضى مثمرين في كل عمل صالح ونامين في معرفة الله متقون بـكـل قـوة بحسب قدرة مجـده لكـل صـبـر وطـول أنـاة بفرح والرب ينميكم ويزيدكم في المحبة بعضكم لبعض وللجميع، لكي يثبت قلوبكم بلا لوم في القداسة أمام الله أبينا في مجىء ربنا يسوع المسيح مع جميع قديسيه وإلـه السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكـم ونفوسكم وجسدكم كاملـة بـلا لـوم  والله قادر أن يزيدكم كل نعمة لكي تكونوا، ولكم كل اكتفاء كل حين في كل شيء، تزدادون في كل عمل صالح.

[8] وليكن السلام لكـم والنعمـة مع جميعكـم آمين.

قداسة البابا تواضروس الثاني

ماهى كنيستى ؟ ؟

بيتى …أمى … سر فرح حياتى ..

وتحمل كنيستى صفة هامة أنها الأرثوذكيسية أى صاحبة الايمان المستقيم . والطريقة المستقيمة لتمجيد الله .

  • أولا : هى بيتى :

١- فيها روح الأبوة بسر الكهنوت المقدس

٢- فيها مسحة الشفاء بسر مسحة المرضى

  • ثانيا: هى أمى:

٣- أسرتى تكونت منها بسر الزيجة

٤- وأنا ولدت منها بسر المعمودية .

٥- ونلت ختم التثبيت بسر الميرون

  • ثالثا: هى سر فرح حياتى :

٦- أنال فيها فرح الغفران بسر التوبة

٧- أنال منها طعام الآبدية بسر التناول

معنى ذلك أن الاسرار السبعة وهى نعم غير منظورة تعطى لنا من خلال  الكنيسة بطقوس منظورة . على يد الكاهن الشرعي ، تمثل قوام حياتنا الكنسية المستقيمة أمام الله .

دور الكنيسة في حياتنا

في تذكار شهادة البابا بطرس البطريرك السابع عشر (خاتم الشهداء) ،

يتلى علينا هذا الفصل : اذ فيه حديث عن بطرس الرسول ، وتركيز على دور الكنيسة فى حياتنا وايماننا . يقول القديس أوغسطينوس :

” يمكن أن نحصل على كل شيء خارج الكنيسة ما عدا الخلاص ”

ما هى الكنيسة ؟ هي المسيح متحقق في التاريخ وممتد في الزمن . انها:

أــ موضع العقيدة المقدسة = حفظ الايمان المستقيم والدفاع عنه .

ب ــ موضع الكلمة المقدسة = الكتاب المقدس والمعرفة الحقة .

ج ــ موضع الذبيحة المقدسة = الافخارستيا حيث المنبر والمذبح .

د ــ موضع الأبوة المقدسة = الكهنوت وسلطان الحل والربط .

هـ ــ موضع الصحبة المقدسة = القديسين والأبرار الذين سبقونا ،وكذلك المؤمنين رفقاء الدرب والجهاد الروحي[9].

المتنيح الأنبا يؤانس أسقف الغربية

البابا بطرس خاتم الشهداء :

قبض عليه في الاسكندرية بموجب مراسيم الاضطهاد التي أصدرها ديوكلتيانوس وأعوانه ضد المسيحيين ، أما السبب المباشر في ذلك فيرجع الي شكوي أحد أشراف أنطاكية ويدعي سقراط تقدم بها الي الامبراطور مكسيمينوس ، من أن أمراته المسيحية وتدعي سارة غادرت أنطاكية الي الاسكندرية لتعمد ولديها ، فلما عادت الي أنطاكية أستدعاها الامبراطور ، واتهمها بأنها ذهبت لتزني مع المسيحيين في مصر ، أما هي فأجابت بجرأة أن المسيحيين لا يزنون ، ولا يعبدون الأصنام ، وأنها علي استعداد لتحمل ما يريد أن ينزله بها ، وكان جزاؤها أن أمر بشد يديها وربطها الي خلفها ، ووضع ولديها علي بطنها ، ثم حرقوهم جميعا بالنار .

ومن ناحية أخري فقد ثارت ثائرة الامبراطور علي بابا الاسكندرية ، ليس من أجل هذا السبب وحده ، بل لصلابة الشهداء المصريين ، وتحديهم للأوامر الامبراطورية ، وجهودهم في حث المسيحيين علي الثبات والاستشهاد ، ليس في مصر وحدها بل وخارجها أيضاً .

وفِي سنة ٣١١ أصدر مكسيمينوس أمراً فقبض علي البابا بطرس ، وطرح في السجن ، فتجمهر الشعب حول السجن ، يريد أن ينقذ راعيه المحبوب . وكانوا يقولون ” اذا قتلنا كلنا ، حينئذ تؤخذ رأسه ” . فلما رأي القائد المكلف بتنفيذ حكم الأعدام ذلك ، خشي حدوث شغب يسقط بسببه قتلي كثيرون .

فأجل تنفيذ حكم الاعدام الي اليوم التالي ، اذ كان يعتقد أن المتجمهرين سينصرفون حينما يحين الليل ، لكن خطته فشلت حين وجدهم ساهرين أمام السجن ، وكان القائد يفكر كيف يخرج البابا بطرس من السجن .

واذ شعر البابا بطرس بالموقف ، وازاء حرصه علي سلامة شعبه ، انقذ الي القائد سرا ، واتفق معه ان ينقب حائط السجن في المكان الذي سيطرق عليه ، وهو من الجهة التي لا يتجمهر فيها المسيحيون … أدهش هذا الكلام القائد ، لكنه عمل كما أشار عليه البابا القدِّيس …

خرج البابا مع الجند الي مكان الاعدام في بوكاليا- وهو نفس مكان استشهاد مارمرقس – .. فطلب منهم أن يسمحوا له بالتوجه إلي حيث جسد مارمرقس للتبرك منه ، فسمحوا له . وهناك صلي طالباً من الله انهاء الاضطهادات ، وختمها بقوله ” تقبل يا الله حياتي فداء عن شعبك ، وسُمع صوت من السماء يقول ” آمين ” .

ثم تقدم الي الجند بشجاعة وثبات ، وقد سطع وجهه بنور سماوي بهي حتي أن الجند ذهلوا ، ولم يجسر أحدهم أن يرفع عليه يده . فأخرج الضابط المنوط به تنفيذ حكم الاعدام ، خمسا وعشرين قطعة من الذهب وقال ” هذا الذهب لمن يتقدم ويقطع رأس هذا الشيخ ” فتجاسر واحد ، وضرب عنقه بالسيف فقطع رأسه ، وما لبث أن أنتشر خبر استشهاده في الاسكندرية ، فتجمع المؤمنون ورفعوا الجسد ، وحملوه الي الكنيسة المرقسية[10]

 

وأيضاً للمتنيح الأنبا يؤانس أسقف الغربية

الجاحدون

عرضنا فيما سبق لنماذج من بطولات الشهداء من مختلف الطبقات والفئات والاجناس والأعمار . وقلنا أن الاستشهاد كان شهوة في تلك العصور المبكرة ، وقدم أعداداً لا تحصى من الشهداء والمعترفين … لكن إلى جانب هؤلاء وجدت فئة من المسيحيين ضعيفة الإيمان ، فاترة الحب ، قليلة الشجاعة والاحتمال .. هؤلاء جحدوا الايمان في زمن الاضطهاد ، ولذا سمعوا الجاحدين ويبدوا أن كثيراً من هؤلاء الجاحدين كانوا مسيحيين اسماً ، ومن المنضمين حديثاً إلى الإيمان ، نتيجة فورة في العقل والقلب ، دون أن يحدث لهم تغير كامل في طبيعتهم وحياتهم الداخلية ، ولذا وجدوا غير قادرين على احتمال الاضطهاد . وعلى أية الحالات فقد كان الارتداد هو التجربة الكبيرة التي يخشى منها على الكنيسة المضطهدة . كما أنه أوجد مشكلات في الكنيسة ، تطلب حلها سنوات عديدة .

بعض حالات الجحد :

لم تعرف حالة جحد الايمان – بالصورة الجماعيه المخيفة – في الاضطهادات المبكرة ، لكنها عرفت على وجه الخصوص ، في اضطهادات سبتميوس ساويرس ( ١٩٣ – ٢١٦ ) وديسيوس ( ٢٤٩ – ٢٥١ ) ، وديوكلتيانوس وأعوانه ( ٣٠٣ – ٣١١ ) .

ففي هذه الاضطهادات المروعة كان ضعط الاضطهاد شديد ، عنيفًا ، قاسياً من ناحية ، ومن ناحية أخرى يبدوا أن المسيحين كانوا غير مستعدين ايمانياً وروحانياً لسفك دمائهم وتحمل العذابات مقابل ايمانهم .

لذا التجأ البعض إلى رشوة الجند أو متهميهم ليتغاضوا عنهم ، والبعض الآخر كان يقدم نوعاً من الأتاوة المستمرة حتى يأمنوا الاضطهاد .

والبعض لجأ إلى استحضار شهادات صورية مزيفة من الحكام بما يثبت أنهم قربوا للآلهة . والبعض حصل على شهادات مستعملة … وهذا النوع الأخير ( حاملو الشهادات ) لم يحسبوا مع المرتدين .

لم يكن هدف ديسيوس من تشديد الوطأة في اضطهاده ، القضاء على المسيحيين بل ارتدادهم عن الايمان ، وحدث في هذا الاضطهاد أن بعض المسيحيين اندفعوا بصورة مخجلة ومعهم أطفالهم ليضحوا للآلهة .

وقد كشف لنا كيريانوس اسقف قرطاجنة الشهيد الذى كان معاصراً لهذا الاضطهاد – في رسائله المتعددة وفى مقالته التي عنوانها ” إلى الجاحدين – المسالك المحزنة التي سلكها المسيحيون وبينهم بعض الأكليروس وقد اعتبر جاحداً للإيمان من قرب أو بخر للآلهة ، أو استحضر شهادة مزورة أو سلم الكتب المقدسة لتحترق .

صور محزنة لضعف الايمان :

كثير من هؤلاء المسيحيين بالاسم ، لم يصلوا إلى السجن ، ولم يثبتوا حتى يقبض عليهم ويستجوبوا . وفى ذلك يقول كبريانوس ” كثيرون منا هُزموا قبل المعركة ، حتى أنهم لم يُظهروا تضحية تحت القهر والارغام .

لقد أسرعوا بإرادتهم إلى ساحة القضاء ، كما لو كانوا ينفذون رغبة مكتوبة. وكانوا يشاهدون وهم يستعطفون الحكام أن يقبلوا ارتدادهم ، حتى لو كان الوقت ليلاً تقريباً … والبعض الآخر كانوا يستطيعون احتمال السجن أياماً والبعض ثبتوا حتى يوم محاكمتهم ، لكن العذاب الأليم أكمل هزيمتهم . لقد وافقوا على التضحية للآلهة ، أو أن يحلفوا – بذكاء الإمبراطور – وهى صورة للجحد كانت مستعملة دائماً .

والأمر المحزن أن كثيراً من الجاحدين كانوا هم البادئين في جحد ايمانهم ، ولم ينتظروا حدوث أي ضغط عنيف عليهم لينكروا ايمانهم ولوحظ أن أغلبية المرتدين كانوا من ذوى المراكز والثروة والوظائف العالية ، مظهرين بذلك – حسب تعبير كبريانوس البليغ ” أنهم لم يكونوا مالكين لما لهم من خيرات زمنية ، بل هي التي كانت تمتلكهم ” . وفى بعض الأحيان كانت تحدث بعض حالات الجحد الظاهرى ، كزوجة جرها زوجها بالقوة إلى مذبح الآلهة ، وتمم الطقس الوثنى وهو يمسك بيدها قسراً ، وضاغط عليها بيديه . وطبعاً كان هذا عمل لا ارادى . ولذا لم تعتبره الكنيسة حالة من حالات جحد الايمان .

نتيجة اليمة محزنة :

والعجيب أن الجموع التي أدخلت الرعب في قلب هؤلاء الجبناء ، هم أنفسهم الذين هزأوا بهم بعد أن رأوا جبنهم ! وهكذا فشل الجحد في تأدية غرضه ، لأن الجاحدين ظلوا دائماً موضع اشتباه وعدم ثقة . وبعضهم قد ساروا من الضحايا تبعاً لهوى الدهماء ، كما حدث مع شهداء ليون بغاليا . وهكذا فأن كثيرين من الجاحدين احتملوا موت الشهادة ، بعد أن رفضوا اكليل الشهادة .

ويخبرنا البابا ديونيسيوس الاسكندرى ، كيف وقف الجاحدين في رعدة وخوف أثناء التضحية للآلهة الوثنية ، كما لو كانوا هم انفسهم الضحايا ، وليسوا مقدميها …

ويصف لنا كبريانوس بأسلوبه البليغ ، ما قاساه الجاحدون من كرب ورعب في تلك الساعة المشئومة ، فيقول ” حينما كانوا ( الجاحدون ) يأتون إلى المعبد بإرادتهم .

وحينما اقتربوا بكامل حريتهم لإتمام الشر الفظيع ، كانت تتعثر خطواتهم ، ويظلم بصرهم ، ويرتجف قلبهم ، وتتداعى أذرعتهم ، وتضعف حواسهم ، ويلتصق لسانهم بفمهم ، ويتلعثمون في الكلام .

أيمكن أن يقف خادم الله هناك ، ويتكلم ويجحد المسيح ، بعد أن يكون قد جحد الشيطان والعالم ؟ ! … أيها الانسان البائس ! لماذا احضرت معك تقدمة لتقدمها ؟ لماذا تقرب ضحية ؟ لقد جئت أنت بنفسك إلى المذبح تقدمة وضحية. وهناك ضحيت بخلاصك ، ورجائك … هناك أحرقت إيمانك في تلك النيران الشيطانية ” .

وبعد أن تتم المأساة ، كان هؤلاء الجاحدين في يأسهم ، يشاهدون في صورة تمزق قلوب الناظرين اليهم ، وتثير عواطفهم . لقد انتحر بعضهم مثل يهوذا بعد أن خان سيده . وروى لنا كبريانوس قصة أمراة جاحدة ، مزقت لسانها بأسنانها الذى أنكر الرب يسوع ، وهى على وشك الموت …

موقف الكنيسة من الجاحدين :

بعد كل اضطهاد كانت الكنيسة تحصى في فرح أبطالها الذين استشهدوا في ساحة المعركة … وتحصى في حزن المفقودين الذين ضعفوا وأنكروا الايمان وهؤلاء الآخرون كانت تذرف عليهم الدموع السخينة ، بمرارة … ويقول كبريانوس – في عبارات مؤثرة – بعد أن انقضى اضطهاد ديسيوس .

الذى راح ضحيته كثيرون ” لا نستطيع أن نعبر بالكلمات – لكن بالدموع فقط – عن الحزن الذى نشعر به ، بسبب الجرح الذى أصاب جسد المسيح – الذى هو الكنيسة – بسبب سقوط البعض المميت . من يستطيع أن يكون فاقد الحس ، قاسى القلب ، ناسياً لمحبة الأخوة ، حتى ينظر بعين جافة غير دامعة إلى هذا الخراب المدمر المرعب ؟ ! ” .

وكان يحدث بعد اضطهاد ، أن بعض المسيحيين ممن ضعفوا وجحدوا ايمانهم ساعة الشدة ، كانوا يرجعون في جماعات ، ويقفون أمام الكنيسة قارعين بابها … أما طريقة قبولهم ثانية في شركة الكنيسة ، فقد أثارت سؤالاً حساساً في نظام الكنيسة…

ومن بين مخلفات عصر الاضطهاد ، ليس لدينا ما هو أثبت من رسائل القديس كبريانوس الشهيد أسقف قرطاجنة ، والبابا الاسكندرى بطرس خاتم الشهداء في معالجة هذا الموقف .

لقد نظرت الكنيسة نظرة حانية إلى هؤلاء الجاحدين ، لكن كان لا يمكن أن لا تسمح لهم – دون قيد أو شرط – أن يمارسوا حقوق الشركة المسيحية في الكنيسة ، والتقدم إلى الاسرار المقدسة ، دون تقديم توبة عن الانكار العلنى للإيمان … والآن نستعرض موقف بعض الكنائس تجاه الجاحدين …

( أولاً ) في كنيسة قرطاجنة

المقالة المعنوية ” إلى الجاحدين ” كتبها القديس كبريانوس سنة ٢٥١ عقب انتهاء اضطهاد ديسيوس مباشرة ، وعودته لمباشرة مهامه الرعوية ، بعد أن ظل فترة مختبئًا … وهذا المقال دعوة للجاحدين أن يعودوا إلى الكنيسة بالتوبة . على أن شروط العودة لم يكن من السهل البت فيها . فقد ظهرت اشكال ، سببته التوصيات التي كان يعطيها المعترفون والشهداء للتائبين ، يرجون فيها الأساقفة أن يقصروا مدة التوبة .

وقد بدأ ظهور هذا الاتجاه في كنيسة افريقيا عقب انتهاء اضطهاد سبتميوس ساويرس . وما لبث أن ازداد عقب انتهاء اضطهاد ديسيوس ، بل وأسئ استخدامه .

فلم يُكتف بأن تعطى رسائل التوصية لأى انسان بلا تمييز ، لكنها كانت تعطى على اسم الشهداء الذين انتقلوا قبلاً . وبصيغة تتضمن أيضاً أصدقاء الطالب . أما حاملو رسائل التوصية هذه ، فقد طلبوا أن يُسمح لهم بتناول الأسرار المقدسة في الحال . وقد زاد من خطورة الأمر استسلام بعض الأساقفة لهذه المطالب تحت ضغط الناس وهياجهم …

وقد مر موضوع الجاحدين في ثلاثة مراحل ، على النحو الآتى :

( ١ ) اثناء اضطهاد ديسيوس :

كانت وجهة نظر كبريانوس في تلك الفترة – وكان مختبئًا من وجه الاضطهاد – أن يراعى الآتى :

( أ ) يسمح بالتناول فوراً للجاحدين ممن يحملون رسائل توصية من المعترفين ، ويكونون في حالة مرضية خطيرة ، تهدد بالموت . (ب) ينتظر باقى الجاحدين حتى يعود الهدوء ، ويفحص الموضوع بصفة عامة بواسطة مجمع كنسى يضم الأساقفة والكهنة والعلمانيين . وبعد ذلك تمنحهم الكنيسة سلامها وشركتها ، على ضوء ما يتقرر .

وهدد كبريانوس الكهنة بالقطع ، ان هم سمحوا للجاحدين بالتقرب إلى المائدة المقدسة ، في غير الحدود السابقة ، وقد أبلغ قرار كبريانوس إلى الاكليروس الرومانى وللمعترفين في روما .

ووافقت عليه كنيسة روما . وحدث أن بعض الكهنة لم يطيعوا أسقفهم  – وهو بعيد في مخبئه – فعفوا عن الجاحدين دون أن يرجعوا إلى الاسقف أو يطلبوا منهم توبة صادقة ، فأرسل إليهم كبريانوس الرسالة التالية :

” من كبريانوس إلى اخوته الكهنة والشمامسة … سلام

لقد صبرت طويلاً أيها الأخوة الأعزاء ، حاسباً أن صبري وسكوتي أنفع للسلام … لكن إزاء جرأة البعض الصارخة التي تحمل على تدنيس شرف الشهداء وتعكر تواضع المعترفين ، وهدوء المؤمنين ، فلا يليق بى أن أسكت أطول مما سكت ، والا أضررت بالشعب وبنفسي … أي خوف لا يعترينا من إهانة الله ! ونحن نرى بعض الكهنة قد نسوا الانجيل ونسوا مراكزهم في الكنيسة . لا يفتكرون في دينونة الرب العتيدة ، ولا في سلطة الأسقف الحاضرة .

يدعون جميع السلطات ، ويحتقرون رئيسهم احتقاراً شائناً – الأمر الذى لم يحدث لأسلافنا .. ويا ليت تكبرهم لا يدعوا إلى حرمان اخوتنا من الخلاص ! أما إهانة أسقفتنا فإنى أستطيع احتمالها ونسيانها ، وهذا ما دأبت عليه دائماً لكن لا مكان للنسيان متى وجد بينكم من يحملون جماعة الأخوة على الضلال . إنهم يضرون الجاحدين بقبولهم دون أن يفكروا فيما يلزم أن يردوا لهم من الصحة .

على أن هؤلاء الذين حملهم الاضطهاد على السقوط والجحود ، يعلمون مدى خطئهم . وقد بينه الرب الديان بقوله : من يعترف بى قدام الناس أعترف به قدام أبى الذى في السموات . ومن ينكرنى قدام الناس أنكره أنا (مت ١٠ : ٣٢ ، ٣٣) . ويقول أيضاً : جميع الخطايا والتجاديف تغفر لبنى البشر . أما من يجدف على الروح القدس فلا مغفرة له إلى الأبد ، بل هو مستوجب دينونة أبدية (مر ٣ : ٢٨ ، ٢٩) .

وقال الرسول الطوباوى أيضاً : لا يمكنكم أن تشربوا كأس الرب وكأس الشياطين . ولا أن تشتركوا في مائدة الرب ومائدة شياطين (١كو ١٠ : ٢١) . فمن يحول أخوتنا عن هذه الاحكام يغشهم ، بعد أن كان في وسعهم ، لو تابوا توبة صحيحة ، أن يرضوا بصلواتهم وأعمالهم إلهاً هو أب رؤوف رحيم .

وها هم أولاء يتسكعون في الضلال ، وينحدرون إلى أسفل الدركات ، بعد أن كانوا قادرين على النهوض . فبينما في حالة الذنوب الأخف ، يمارس الخطاة التوبة مدة مناسبة بحسب القوانين ، يعترفون بعدها اعترافاً عاماً ، وبعد وضع يد الأسقف والاكليروس يصبح لهم حق شركة الكنيسة ، نرى الآن أنه بينما الاضطهاد لا يزال قائماً والسلام بعيداً عن الكنيسة ، يُسمح للجاحدين بحق الشركة ، وتُقدم الذبيحة باسمهم ، قبل أن يمارسوا أعمال التوبة أو يعترفوا بخطئهم ، وقبل أن يضع الأسقف والاكليروس أيديهم عليهم تُعطى لهم الأفخارستيا ، على الرغم مما هو مكتوب : من يأكل الخبز ويشرب كأس الرب وهو غير مستحق يخطئ إلى جسد الرب ودمه (١كو ١١ : ٢٧) .

ومهما يكن فإن هؤلاء الجاحدين ليسوا مذنبيين ، لأنهم لا يعرفون جيداً أصول الأسفار المقدسة . أما المذنبون فهم أولئك الذين على الرغم مما عندهم من المعرفة والسلطة لا يعلمونها للأخوة . ولو أن الجاحدين علمهم رؤساؤهم لحافظوا بخوف الله على أوامره ” .

( ٢ ) عقب انتهاء اضطهاد ديسيوس :

وفى ربيع سنة ٢٥١ ، حالما رجع كبريانوس إلى مقر كرسيه بقرطاجنة بعد زوال الاضطهاد ، جمع مجمعاً من أساقفة كرسيه ، وناقش موضوع الجاحدين أما قرارات هذا المجمع فكانت كالآتي :

( أ ) يقبل فوراً في شركة الكنيسة ، من قدموا للهيئات الحكومية ، شهادات مزورة تثبت أنهم ضحوا للأوثان .

(ب) يقبل في شركة الكنيسة أيضاً ، من ضحوا للأوثان مرة ،لكنهم عادوا حينما قدموا للمحاكمة ثانية واحتملوا النفي ومصادرة ممتلكاتهم .

( ج) يقبل في شركة الكنيسة من اعترفوا أولاً بالمسيح ، ثم عادوا – وأنكروه تحت وطأة التعذيب ، ومضى ثلاث سنوات على ممارستهم أفعال التوبة .

( د) يقبل في شركة الكنيسة ، المرضى المشرفون على الموت .

(هـ) أما بالنسبة لباقي من جحدوا الايمان ، وأبدوا رغبة في العودة إلى حضن الكنيسة فتطال مدة توبتهم ، والكنيسة تعترف بحقهم فيما بعد في شركتها .

وقد قبلت كنيسة روما أيضاً هذه القرارات ، بعد التئام مجمع كنسي ومصادقته عليها .

(٣ ) قبيل اضطهاد فالريان :

استمرت الأوضاع على هذا النحو لمدة عام حين أعلنت لكبريانوس رؤيا تنبئه بتجدد الاضطهاد فأرسل إلى كرنيليوس أسقف روما يخبره فيه بذلك ، وبأن مجمعاً قد عقد في قرطاجنة ، وقرر قبول جميع الجاحدين الراغبين في شركة الكنيسة .

لكن هذا القرار قوبل بالاستياء من بعض المتشددين ، وأعلنوا انفصالهم عن الكنيسة … وقيل أن كبريانوس رفض بعد ذلك قبول الجاحدين تحت أي شروط ، واستثنى من ذلك من كان مشرفاً على الموت فقط .

(ثانياً) في كنيسة الأسكندرية :

في سنة ٣٠٧ م . بينما الاضطهاد المروع الذى بدأه ديوكلتيانوس وأكمله أعوانه ، كان ما يزال على أشده ، رأى البابا بطرس الاسكندرى ( خاتم الشهداء ) ، أن الأمر يتطلب وضع قوانين يقبل على هديها ، الجاحدون الراغبون في العودة إلى حضن الكنيسة ، بعد أن تقدم بعضهم وطلبوا اليه بدموع أن يحلهم ويقبلهم في شركة الكنيسة .

وقد ضمن منشوره الرعوى لعيد القيامة ، هذه القوانين التي ظلت مرعية في جميع الكنائس الارثوذكسية في العالم إلى ما بعد الانشقاق . وللأسف لم نعثر على هذه القوانين الاصلية التي قيل أن البابا بطرس أيدها بالشواهد والأدلة الكتابية …

وفيما يلى ملخص لقوانين البابا بطرس ، وفيها نلمس جُماع الحكمة الروحانية ، والمحبة الأخوية ، والمعرفة اللاهوتية :

١- جميع الذين سقطوا في بدء الاضطهاد لشدة ما قاسوه من العذاب المريع ، وصاروا من النائحين لمدة ثلاث سنوات ، يقبلون في شركة الكنيسة لأنهم حملوا في أجسادهم سمات الرب يسوع . غير أنه يتعين عليهم أن يطيلوا صومهم أربعين يوماً أخرى بعنف حتى يتعلموا كيف يقولون للمجرب كما قال الرب : اذهب عنى يا شيطان . للرب الهك تسجد واياه وحده تعبد .

٢- جميع الذين عثروا في ايمانهم ، ولم ينلهم غير السجن فقط دون أن يعذبوا عذاباً شديداً ، لكن ضعفت نفوسهم من هول السجن ورائحته الكريهة ، على الرغم مما قدمه لهم الاخوة من مساعدات سخية ، وقاموا بأعمال التوبة ثلاث سنوات ، مطالبون بالمداومة على توبتهم سنة كاملة أخرى ، يظهرون فيها التوبة الحقيقية ، قبل أن يقبلوا في شركة الكنيسة ، وذلك لكى يعلموا كيف يتوقون للخلاص من قبضة الخطية .

٣- كل الذين ارتدوا عن الإيمان لمجرد الخوف والوهم فقط ، ولم يذوقوا عذاباً ، مطالبون بالمداومة على التوبة أربع سنوات . فان قدموا خلالها أثماراً تليق بالتوبة ، ينظر في أمر قبولهم في شركة الكنيسة .

٤- جميع الذين جحدوا الايمان ، ولم يعودوا طالبين التوبة ، والانضمام إلى الكنيسة ، فلا يوجد قانون لهم ، بل إن الكنيسة تبكى عليهم وترثى لحالهم .

٥- الذين لجأوا إلى الحيلة هرباً من العذاب ، ولم يشتركوا في جحد الايمان ، ولم يبخروا للأوثان ، بل أرسلوا وثنياً ليقوم بهذا العمل بدلاً منهم لا يحصلون بين الجاحدين ، لكن عليهم أن يقدموا أثمار توبتهم في مدة ستة شهور ، لأنهم تحايلوا على إخفاء الحقيقة ، دون أن يجهروا باخفائها .

٦- العبيد الذين أجبرهم سادتهم على التبخير للأصنام عوضاً عنهم ، ثم جحدوا الايمان ، ينبغي أن يبرهنوا على توبتهم سنة كاملة

٧- أما السادة الذين كانوا السبب في سقوطهم فتعرض عليهم أعمال توبة لمدة ثلاث سنوات لأنهم مرائين ، ولأنهم أجبروا عبيدهم للتقريب للأصنام لينجوا برقابهم على حساب رقاب اخوتهم في المسيح .

٨- جميع الذين عثروا ثم عادوا فأصلحوا خطأهم في الحال ، بأن اعترفوا بمسيحيتهم ، واحتملوا التعذيب ، يجب قبولهم في شركة الكنيسة بدون فحص أو قصاص ، وذلك لأن الصديق يسقط سبع مرات وينهض ثانية .

٩- جميع الذين قدموا أنفسهم للأخطار طواعية واختياراً ، وهيجوا الحكام عليهم ، دون أن ينتظروا القاء القبض عليهم ، أو ينتظروا حتى يروا ما يحل بهم ، لا يعاقبون بل يكتفى بلومهم وتذكيرهم ، ان المسيح ورسله لم يعملوا هكذا ولم يلقوا بأنفسهم في الهلاك .

١٠- أما الذين سقطوا هذه السقطة من بين الاكليروس وأرادوا العودة فلا يقبلوا ثانية في وظائفهم الكهنوتية ، بل يقبلون كعلمانيين في الكنيسة .

١١- مسموح أن يصلى لأجل الجاحدين الذين ماتوا قبل اعلان توبتهم ، ان كان جحدهم قد نتج عما قاسوه من عذابات مرة طويلة. ونحن نشترك مع ذويهم في الصلاة ، طالما كانوا هم يتوبون عما اقترفوه بحرارة وتذلل

١٢- الذين أخفوا حيثياتهم وأشخاصهم لأجل تشجيع الآخرين وتقوية ايمانهم في أوقات الاضطهاد ، قد أتوا عملاً حسناً ولا لوم عليهم

١٣- جميع الذين احتملوا العذابات، وبعد أن أفقدهم العذاب النطق والحركة ، زجت أيديهم قسراً في النار ليقربوا تقدمات نجسة ، يدرجوا في القداس ضمن المعترفين ، ما داموا قد أتوا أفعالهم بغير أرادتهم واذا كانوا من الاكليروس يعادون إلى وظائفهم كما كانوا

(ثالثاً ) في كنائس سوريا وآسيا الصغرى :

بعد أن أنتهى الاضطهاد العام الكبير المعروف باسم اضطهاد ديوكلتيانوس بموت الامبراطور مكسيمينوس منتحراً سنة ٣١٣ ، وإصدار قنسطنطين لمرسوم التسامح الدينى ، عقد في مدينة انكيرا ، عاصمة إقليم غلاطية بآسيا الصغرى سنة ٣١٤ ، مجمع للنظر في موضوع الجاحدين . ولم يزد عدد من حضره من الأساقفة عن اثنى عشر أسقفاً ، لكنهم كانوا يمثلون كل أقاليم وبلاد سوريا وآسيا الصغرى .

ولذلك وان كان عدد من حضروه قليلاً ، لكن كان لقراراته وزن كبير خصوصاً وأنه أول مجمع عقد عقب انتهاء الاضطهاد العام ، وعالج موضوع قبول الجاحدين في الكنيسة والتأديبات الكنسية التي توقع عليهم ، وكان هو موضوع الساعة . وقد وضع مجمع انكيرا خمسة وعشرين قانوناً ، منها عشرة قوانين خاصة بالجاحدين ، وقبولهم في شركة الكنيسة ، ووضعهم فيها ، بعد أن وضعت تأديبات كنسية متفاوتة على كل حالة[11] .

 

 

 

المتنيح الأنبا بيمن أسقف ملوي

کهنوت المسيح وكهنوت الكنيسة

ذكرنا في المقالتين السابقتين عن معنى الكهنوت ، وكهنوت العهد القديم والفرق بين عمل الكاهن والنبي ، وكيف أن الرب يسوع جاء كاهنا ونبيا معا.

ثم أوضحنا عظمة وسمو کهنوت العهد الجديد ! وألمحنا إلى أن المسيح جاء ملكا وكاهنا ، وأن كهنوته لم يكن بتسلسل جسدي وراثي ، إنما بقسم من الأب السماوي ، وأن كهنوته جاء على رتبة أعظم من كل وسطاء العهد القديم، وخدمته لم تكن شبه السماويات بل كانت السماويات عينها. وفي هذا المقال تكمل هذه الدراسة بالإشادة إلى مقارنة خدمة العهدين ، ثم موجز لكهنوت الكنيسة باعتبارها الجسد الذی يحتل فيه الرب مكانة الرأس.

العهدان :

دخل الله في عهود مع شعبه في القديم مع ابراهيم يوم ان أعطاه عهد الختان ، ومع إسحق ، ومع يعقوب ، بعد أن صارعه في بيتإيل .. ولكن العهد الذي سجل كان على جبل سيناء ، وقد أعلن موسي للشعب أنهم إذا حفظوا وصايا الرب وسمعوا كلامه فإنهم سيكونون له خاصة ، وسيجعل منهم مملكة وكهنوتا وأمة مقدسة (خروج ۳:۱۹-٦) .

واشترط الله الطاعة.. وهتف الشعب ” گل ما تكلم بها الرب نفعل” (خر٢٤: ٣، ٧) ولكن كم كانوا يجهلون أنفسهم ؟

ففي خلال أسبوعين كانوا يرقصون في طيش حول عجل ذهبي اقاموه صنما يعبدونه وتذمروا علي الرب وحادوا عن وصاياه..ذلك ان الناموس لم يمنح الناس القوة والسبيل للتغلب الفعلي علي الخطايا الناتجة من فشلهم في القيام بعبادتهم.

وهذا ما شرحه بولس الرسول في رسالته الي رومية بالتفصيل. ولكن الرب اذ يعلم ضعف ونقص البشرية الساقطة اعطاها في القديم صوعدا بعهد جديد “عهدا جديدا ليس كالعهد الذي قطعته مع آبائهم، اجعل شريعتي في داخلهم وأكتبها علي قلوبهم وأكون لهم إلها وهم يكونون لي شعبا..ولا أذكر خطيتهم بعد” (أر٣١: ٣١- ٣٤)

العبادتان والخدمتان:

الفارق بين العبادتين في القديم والحديث هو الفارق بين الناموس والنعمة.. فالعهد القديم كان رمزا وظلا. أما العهد الجديد فكان الحق بعينه. العبادة في العهد القديم كانت مصحوبة بالخوف . وأما تقدمة المسيح فقد طهرت ضمائرنا من الخوف والقلق ، لما قدمته لنا من فداء وتبرير يمكننا ان نعيش بالشكر والفرح .

كان العهد القديم يتسم بالذبائح الجسدية والأعمال الميتة التي لا تطهر إلا الجسد ، أما الروح فقد حررنا من الأعمال الميتة والشرائع الجسدية لنعبد بالروح والحق (يو ٤: ٢٢، رو ۹:۱ ، أع٢٤ :١٤، ۲تي ۳:۱، في ٣: ٣) فعبادة العهد الجديد عبادة روحية ، ويشترك فيها الجسد ، ولكنه متطهر من ضمير شرير ، ومغتسل بماء نقي (عب ۲۲:۱۰). كانت خدمة القديم تنفيذا لأوامر أعطيت من فوق ، أما عبادة العهد الجديد فقد ربطت الخدمة السمائية بالأرضية وجعلت الملكوت مفتوحا لأبناء كنيسة أبكار . (عب ١٢: ٢٢- ٢٤ ،۲۸-۲۹) .

كهنوت الكنيسة:

على أنه إذا كان رئيس كهنتنا الأعظم يحمل القاب الملك والنبوة والكهنوت ، إلا أنه دعا كنيسته أن تشارکه عمله :

+ بالشهادة

+ وبالوكالة

+ وبالخدمة

وأوضحت الكنيسة تمارس حياة الشهادة للرب يسوع في خدمة الأسرار الليتورجيا والأغابى والشركة ( الكينونيا ) وطاعةالانجيل والكرازة باسمه في كل العالم بالعمل والقول (الدياكونيا ) ..

وهكذا يتضح ان الكنيسة تشترك في خدمة المسيح، لأنها نعمة منحدرة من الرأس إلي الأعضاء، وقائمة علي اساس حضور المسيح في وسطنا واتحاده بنا . فتضحي حركة الخدمة بأنها في أعماقها تقدمة الشكر والعبادة ، مقابل تقدمة المسيح ذاته عنا. وبهذه التقدمة يقدم الإبن الكنيسة للآب باعتبارها جسده الحي (افسس ٤: ٧)

فالخادم في الكنيسة لا يعمل علي انه الوسيط بين الله والناس، ولكن علي ان المسيح يعمل خلاله لان المسيح يبقي في كنيسته هو اسقف نفوسنا وراعيها (١بط ٢: ٢٥) والكنيسة متجددة دائما بوصفها جسد الرب في خدمتها للكلمة، وفي تناولها جسد الرب ودمه، فتعبيرنا عن خدمة الكنيسة ورسالتها يتركز في الكلمة والاسرار، وكهنوت الكنيسة مع انه مفترق عن الكهنوت الكفاري الفريد الذي للمسيح إلا انه محدد في شكل الخادم العامل على الارض ومستعد كل فاعلية مما عمله رئيس كهنتنا الاعظم ويستعين بولس الرسول بتعبيرات العهد القديم ليوضح أهمية اسرار العهد الجديد , فأعلن ان الجميع  كانوا تحت السحابة : وجميعهم اجتازوا البحر ،وجميعهم أكلوا طعاما روحيا واحدا ،وشربوا من الصخرة الروحية الواحدة… ولكن الله لم يسر بأكثرهم لأن الطاعة لأوامره كانت الشرط لمسرته. فالتناول من الاسرار الإلهية مشروط ببناء الجسد والتزام محبة المسيح وطاعة لوصاياه ومحبة الأعضاء بعضها لبعض كبناء الله وهيكله الذي يسكنه الروح القدس(١كو٣: ٩)

فالكنيسة الأرثوذكسية تفهم ان الأسقف باعتباره رأس الكنيسة المحلية هو الخادم الذي يجرى من خلاله الروح القدس وسائط النعمة لسريان فاعلية كهنوت المسيح و خدمته البنوية والكهنوتية والملوكية في العالم ، و الخدمة في كنيسة الله لا يمكن فصله عن سيادة الكلمة والحق ولاعن قيادة الجسد الذي يعمل فيه ومن خلاله. ويمكننا أن نوجز أهم مبادیء كهنوت الكنيسة كم استلمته من الآباء فيما يلي:

+ كما ان الرأس كاهن ونبي وملك، هكذا أعطي للجسد أي الكنيسة أن تنعم بخدمته الكهنوتية البنوية الملوكية.

إن الأسقف ومعه الكهنة والشمامسة هم خدام لكهنوت المسيح يستمدون كهنوتهم من عمله الكفاري علي الصليب والشفاعي أمام عرش الآب وهو حي لكل حين ليؤدوا رسالته علي الأرض إلى يوم انقضاء الزمن .

– أن الكنيسة مطالبة أن تحيا وفقا للنمط الذي عاشته الرأس عندما كانت علي الأرض، فالمؤمنون باعتبارهم أعضاء في الجسد ملزمون بحياة العفة والقداسة وطاعة الكلمة وتناول الجسد والدم الأقدسين وتقبل اسرار النعمة لتسري فيهم النعمة وينحدر من الرأس الى كل الأعضاء . وبدون هذه الحياة يقطع العضو نفسه من الكرمة الحقيقية.

– ان الكنيسة مطالبة أن تؤدي وظائفها السابق ذكرها من خلا لا لشهادة للإنجيل بالسيرة والكرازة ، ومن خلال خدمة الأسرار(الليتورجيات ) .

ومن خلال حياة الشركة المقدسة مع الله ومع الأعضاء سویا ، لكي تکون مجالا لحضور الرب وحلول الروح القدس واستكمال الأعضاء المختارة . حتى يكمل الأعضاء وينهی الرب الزمان و يأتي في مجده لإدخال الكنيسة إلى عرسه الأبدي أن المواهب في الكنيسة ليس لها هدف سوى الخدمة وبنيان الجسد الواحد.

  • تداريب روحية :

+ إن كنت كاهنا ليكن لي سؤال باطنی : هل تعمل النعمة في ؛كما تعمل بي؟

+ إن كنت خادما فهل خدمتی وفقا لمنهج الرب  وسيرته ؟

+ إن كنت مؤمنا فهل أشعر بتكريس حياتي للرب وتقديم حياتی ذبيحة حية مرضية أمام الله ، وتقدم ذبائح التسبيح والشكر للرب؟ وهل أعمل لمصالحة الناس مع الله كسفير ليسوع المسيح؟! [12]

 

 

العلَّامة المتنيح الأنبا إيسيذوروس أسقف دير البراموس

المسيح مؤسس سر الملكوت

أ -الكهنوت موضوع من المسيح

ب -هو كنيسة مخصوصة ورتبة قائمة بذاتها

ج -هو خلافة رسولية متسلسلة مستمرة

د -تعليم الكنيسة

هـ-دعوى غير الارثوذكسيين ساقطة

 

أ – الكهنوت موضوع من المسيح :

الانجيل يعلمنا أن المسيح انتخب جماعة وسلمهم هذا السر بأقوال لم يخاطب بها سواهم ، ممن آمن به وصدق بدعوته ، وأقر بالوهيته وتتلمذ له ، ويتضح ذلك من عدة أوجه :

١- الأنجيل يخبرنا أنه أنتخب الاثنا عشر ، وسماهم رسلاً

دعا تلاميذه وأختار منهم اثنى عشر الذين سماهم أيضاً رسلاً (لو٦: ١٣) خصهم بقوة التبشير لجميع الناس ، فقاللهم :

فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والأبن والروح القدس (مت ٢٨: ١٩)

اذهبوا الى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها (مر ١٦: ١٥)

٢- منحهم قوة وسلطاناً بأن يمنحوا جميع المؤمنين باسمه أسراره، ومواهبه الالهية سيما جسده الكريم ودمه الذكي

فقال الانجيل :

أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلاميذ وقال خذوا كلوا هذا هو جسدي ، وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا أشربوا منها كلكم ، لأن هذا هو دمى الذى للعهد الجديد (مت ٢٦ : ٢٦- ٢٨)

اصنعوا هذا لذكرى (لو ٢٢: ١٩)

أعطاهم سلطان الحل والربط، أى سلطان الأحكام والقضايا الكنسية ، بقوله ٣-

كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً فى السماء وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً فى السماء (مت ١٨:١٨)

٤- منحهم قوة مغفرة الخطايا ومسكها ، وقد أيد لهم ذلك بالمقابلة التي جعلها بين ارسال الآب إياه ، وارساله إياهم ،بقوله

كما أرسلني الآب أرسلكم أنا ، ولما قال هذا نفخ وقال لهم اقبلوا الروح القدس ، من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم خطاياه أمسكت (يو ٢٠: ٢١ – ٢٣) ومعنى ذلك هو أن غفران الخطايا كما مُنحته من آبى ، كذلك أمنحه لكم

٥-أنه أيد الطاعة لهم ، بأمر هدد من يخالفه بقصاص الهى ، اذ أقام ذاتهم فى مقامه الالهى ، قائلاً :

الذى يسمع منكم يسمع منى والذى يرذلكم يرذل الذى أرسلنى (لو١٠: ١٦)

من لا يقبلكم ولا يسمع كلامكم فأخرجوا خارجاً من ذلك البيت أو من تلك المدينة وانفضوا غبار أرجلكم ، الحق أقول لكم ستكون لأرض سدوم وعمورة يوم الدين حالة أكثر احتمالاً مما لتلك المدينة (مت ١٠: ١٤- ١٥)

أ- أنه خلاف هؤلاء الأثنى عشر رسولاً ، سبعين مبشراً ، وما قيل فى أولئك بخصوص الكهنوت يقال فى هؤلاء أيضاً ، اذ جوهر الكهنوت واحد

ب – هو كنيسة مخصوصة ورتبة قائمة بذاتها :

ان هذا السر محصور فى جماعة معروفة مخصوصة يقبله الواحد سلفاً عن خلف الى ما شاء الله

ولقد اجتهد كثيرون أن يجهلوا هذا السر مشاعاً بين الرعاة والرعية ، حتى كادوا لا يفرقون بين الراعي والرعية ،والرئيس والمرؤس

قال المعترض : قال المسيح – ان أخطأ اليك أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما ان سمع منك فقد ربحت أخاك ، وان لم يسمع فخذ معك أيضاً واحد أو أثنين لكى تقوم كل كلمة على فم شاهدين أو ثلاثة ، وان لم يسمع منهم فقل للكنيسة وان لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار (مت ١٨ : ١٥ – ١٧ ) فالكنيسة معناها هنا جماعة المؤمنين ، لا فرق بين الكبير منهم و الصغير

نجيب أن :

هذا التعليم مخالف لروح التعليم الإنجيلي ، وسياق الحديث المنصوص من السيد ، فان المسيح يتلو فى سياق ذلك قائلاً ١-

الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء (مت١٨: ١٨) فالآية مرتبطة بما قبلها ارتباطاً حسياً ومعنوياً

فالكنيسة يراد بها هنا أشخاصاً معينين، وهم الذين فوض اليهم سلطان الحل والربط في قول المسيح، ” كل ما تربطونه ” ، فلو لم يكن ذلك كما يفسره القويم و الرأي ، لأنحل جزء كبير من التعليم الإنجيلي وكأن المسيح لم يرد أن يسير المسيحيون على محور النظام والترتيب الذين تعلمهما الطبيعة نفسها ، وتأمر بهما لعمار الكون قال بولس الرسول:

هو أعطى البعض أن يكونوا رسلاً والبعض أنبياء والبعض مبشرين والبعض رعاة ومعلمين، لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح (أفسس ٤: ١١- ١٢) فأذن أراد المسيح بقوله ذلك حسن النظام وتفاوت الدرجات في كنيسته المقدسة

ومن ثم لا يفهم من اسم الكنيسة جماعة المؤمنين بأسرهم، لأنه لم يجعل الجميع ذوي رتبة واحدة من غير فرق بينهم، ولم يمنح الجميع سلطان الحل

٢- ان ما خاطب به المسيح رسله وخلفاؤهم لم يخاطب به غيرهم

فللرسل ولحلفاؤهم قال أنتم معلمون ومرشدون ورعاة ومدبرون وقضاة وحكام، ولبقية المؤمنين قال أنتم تلاميذ وأبناء ورعية

٣- ان اسم الكنيسة يراد به ثلاث معان: الرعية دون الرعاة: كما في خطاب القديس بولس الى أساقفة أفسس

احترزوا اذا لأنفسكم ولجميع الرعية التى أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي أقتناها بدمه (أع٢٠: ٢٨)

ان كان أحد لا يدير بيته فكيف يعتنى بكنيسة الله (١تى ٣: ٥) ومن ذلك أمر المسيح ليوحنا اللاهوتى :

أكتب الى ملاك كنيسة أفسس (رؤ ٢: ١) ومع كوننا نعتبر ذلك فنعتبر أيضاً أن كل كنيسة فقدت رعاتها الشرعيين بالموت أو بغيره فلا تحسب كنيسة الرعاة دون الرعية : قول المسيح : وان لم يسمع منهم فقل للكنيسة وان لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار (مت ١٨: ١٧)وقد علمت الكنيسة الشرقية والغربية دائماً أن الكنيسة هنا يعنى بها المسيح أرباب الكهنوت وذويه الذين دُفع اليهم السلطة القضائية والرعوية دون غيرهم قال الأب جراسميوس مسرة الرومي ( الحق أقول لكم كل ما تربطونه ، عنى بالكنيسة الأشخاص المعطى لهم سلطان الحل والربط ، كما شرح القديس يوحنا ذهبى الفم ، والقديس كبريانوس والقديس أوغسطينوس وثاوفيلس ) وقال مثل هذه المطران يوسف الدبس الماروني في مواعظه

الرعاة والرعية معاً : قول بولس الرسول : أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح أيضاً الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها ، لكى يقدسها مطهراً اياها بغسل الماء بالكلمة( أفسس ٥: ٢٥- ٢٦) فيعنى بالكنيسة هنا اجمال المسيحيين الرئيس منهم والمرؤس ، أى الأسقف والقسيس والشماس والعلماني ، الذين جميعهم اسلم المسيح نفسه من أجلهم ، وطهرهم بالمعمودية المقدسة ومن ذلك قوله لتيموثاوس :

لكن ان كنت أبطئ فلكى تعلم كيف يجب أن تتصرف في بيت الله الذى هو كنيسة الله الحى عمود الحق وقاعدته (١تى٣: ١٥) فانه يعنى سلطانه الواجب على سائر المؤمنين على اختلاف درجاتهم ، وتنوع طبقاتهم كما فصل ذلك في نفس الرسالة.

ج – هو خلافة رسولية متسلسلة مستمرة:

يظهر من تاريخ حياة المسيح، أنه له المجد بانتخابه هيئة كنسية بشخص الرسل الأنثى عشر والسبعين مبشراً ، أراد أنتنم و تلك الهيئة وتدوم قائمة في سماء المسيحية منيرة على عالمها المسيحي لا بمقدار الكمية والعدد المذكورين فى هيئة الرسل والمبشرين ، بل بهيئة غير محصورة لكنها معروفة متميزة مخصوصة عن باقي المؤمنين وهذا هو التعليم الرسول الذى علمته الكنيسة الارثوذكسية منذ العصر الرسولي الى الأن مستنبطة اياه من تعليم السيد والرسل والتقليد الكنسي، الذى حُفظ الى الآن اما :

١-من تعليم المسيح :

فانه قد صرح بذلك ، بقوله للرسل عند ارتقائه الى مجد سمائه :

فأذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والأبن والروح القدس ، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم بهوها أنا معكم كل الأيام الى انقضاء الدهر (مت ٢٨: ١٩-٢٠) ففي هذه الآية المقدسة ، أشار الى أن الخلافة الرسولية تدوم في العالم ما دامت المسيحية ، ومجدها الإلهي منصوباً ومجدها الباذخ مرتفعاً ، وذلك :

أ – قوله أذهبوا وتلمذوا جميع الأمم ، ومعلوم أن السادة الرسل مهما طالت حياتهم في التبشير والانذار بدعوتهم المسيحية ، ومهما جالوا أو طافوا من المدن، أو دخلوا من الأمم واليهود في دينهم ، فانهم لم يفوا بغاية هذه الآية ومقصود قائلها

فانه من بعد انتقال أخرهم وأطولهم عمراً الذى هو يوحنا الرسول الذى ظل يباشر عمله التبشير في آسيا الصغرى الى أن أكمل من العمر ما يتجاوز المئة سنة ، بقى الجزء الأكبر من العالم لم يدخل في الدين المسيحي ، بل لم يسمع بالمسيح مطلقاً فاذاً قول السيد ” تلمذوا جميع الأمم ” لا يصح أن يطلق على مصاف الرسل فقط ، وبالتبعية يجب أننفهم منه أنه أمر يلتزم به كل من تخلف عن الرسل منذ عصرهم ، فاذاً الخلافة الرسولية موجودة في الكنيسة

ب – قوله ( ها أنا معكم كل الأيام والى انقضاء الدهر ) ، أراد به الرسل والمتخلفين عنهم الى ما لانهاية ، فيحق لنا أن نقول أن المسيح بحسب هذا الوعد يكون مع البطريرك أو الأسقف أو الكاهن بنوع خصوصي دائماً أو بأجلي بيان أن وظيفة الكهنوت التي هي عبارة عن عطية الروح القدس لتكميل الأسرار والأنذال والتبشير باسم المسيح هي دائمة مستمرة في الكنيسة وهذا التفسير يطابق مطابقة شديدة لقوله للرسل :

أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم الى الآبد (يو ١٤: ١٦) فأنه بقوله عن الروح القدس المزمع أن يقتبلها الرسل ، ومن ينسج على منوالهم في قبوله وظيفة الكهنوت بواسطة وضع الأيدي الذى كانوا يعتبرونه أشد الاعتبار ،ويعدونه ضرورياً لنوال المتكرس موهبة الروح القدس الأمر الذى كان مسموحاً لأحد من الكنيسة أن يباشره غير الرسل الذين منحوا ذلك من المسيح مباشرة ، كما يظهر من أعمالهم ومن ذلك ما ورد في قسمة الشمامسة :

الذين أقاموهم أمام الرسل فصلوا ووضعوا عليهم الأيادي (أع ٦:٦ )

وقسمة برنابا وشاول :

فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما (أع١٣: ٣) وقسمة تيموثاوس :

لا تهمل الموهبة التي فيك المعطاة لك بالنبوة مع وضع أيدى المشيخة (١تى ٤: ١٤)

تضرم أيضاً موهبة الله التي فيك بوضع يدى (٢تى ١: ٦ )

٢- من تعليم الرسل: فالأمر ظاهر أنهم باشروا من بعد صعود المخلص هذه الخدمة ، فان بولس وبرنابا رسما قسوس الجملة من الكنائس :

انتخبا لهم قسوساً في كل كنيسة (أع ١٤: ٢٣) وأمر بولس تلميذه تيطس صريحاً أن يرسم لكل كنيسة قسيساً :

لكى تكمل ترتيب الأمور الناقصة وتقيم في كل مدينة شيوخاً كما أوصيتك (تى ١: ٥)

ثم وان لم يذكر فى الكتاب من الذى رسم قسوس أفسس :

من ميليتس أرسل الى أفسس واستدعى قسوس الكنيسة (أع ٢٠: ١٧) والقسوس الذين ذكرهم بطرس الرسول :

أطلب الى الشيوخ الذين بينكم أنا الشيخ رفيقهم (١بط ٥: ١) والذين ذكروا في المجمع الأورشليمى:

فاجتمع الرسل والمشايخ لينظروا في هذا الأمر (أع ٥: ٦) والذين ذكرهم بولس الرسول :

أما الشيوخ المدبرون حسناً فليحسبوا أهلاً لكرامة مضاعفة ولا سيما الذين يتعبون في الكلمة والتعليم (١تى ٥: ١٧) فهؤلاء رُسموا بأيدي الرسل أو من الرسوليين (تلاميذ الرسل الأوليين) وقال يعقوب الرسول أمراً كل مريض أن يدعو قسوس الكنيسة :

أمريض أحد بينكم فليدع شيوخ الكنيسة فيصلوا عليه ويدهنوه بزيت باسم الرب (يع ٥: ١٤) تفهم أنه حيث الكنيسة يكون القسيس ثم ان بولس الرسول أوضح صفات الأسقف والتزاماته مراراً في رسائله:

فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم بعل امرأة واحدة صاحياً عاقلاً محتشماً مضيفاً للغرباء صالحاً للتعليم ، غير مدمن الخمر ولا ضراب ولا طامع بالربح القبيح بل حليماً غير مخاصم ولا محب للمال ، يدبر بيته فكيف يعتنى بكنيسة الله، غير حديث الايمان لئلا يتصلف فيسقط في دينونة ابليس ، ويجب أن تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج لئلا يسقط في تعيير وفخ ابليس (١تى ٣: ٢-٧)أن كان أحد بلا لوم بعل امرأة واحدة له أولاد مؤمنون ليسوا في شكاية الخلاعة ولا متمردين ، لأنه يجب أن يكون الأسقف بلا لوم كوكيل الله غير معجب بنفسه ولا غضوب ولا مدمن ولا طامع في الربح القبيح ، بل مضيفاً للغرباء محباً للخير متعقلاً باراً ورعاً ضابطاً لنفسه ، ملازماً للكلمة الصادقة التي بحسب التعليم لكى يكون قادراً أن يعظ بالتعليم الصحيح ويوبخ المناقضين (تى ١: ٦-٩) احترزوا اذاً لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي أقتناها بدمه (أع ٢٠ : ٢٨)  وذلك دليل على تعاقب هذه الدرجة في كل آن وزمان

٣- من تعليم التقليد الكنسي

فانه يهدينا الى ذلك بكل وضوح ، فيخبرنا عن سير الكنيسة ونظامها وترتيبها منذ العصر الرسولي الى الآن  ويعلمنا أنها كانت فئة ممتازة عن الشعب مخصصة للكرازة ، والانذار ، والتعليم ، وتتميم الأسرار المقدسة ، واقامة الاحتفالات الدينية ، تدعى بصف الكهنوت  ويحدد لكل من هذه الفئات حداً وعملاً ووظيفةً ويأمر بالقصاص من يتجاوز حده ، ويتخطى الى غير ما سمح له من العمل ، ويجتنب وظيفته فاذاً ينتج من تعليم المسيح والرسل والتقليد وجود صف الكهنوت وتعاقبه

د – تعليم الكنيسة

سائر الكنائس الشرقية والغربية تعلم هذا التعليم ، وتعتبر هذا الاعتبار ولذلك استطاعت كل منها أن تحفظ سلسلة لرؤساء كهنتها غير منقطعة أخذة أولها من رسول ولذلك تسمى نفسها رسولية  وهذا هو الفرق بين الكنائس الأرثوذكسية وغيرها :

فكنيسة الاسكندرية تسمى رسولية لأنها أخذت مبدأها وتعليمها من مرقس الرسول

وكنيسة أنطاكية من بطرس الرسول

وكنيسة أفسس من يوحنا الرسول

وكنيسة القسطنطينية من اندراوس الرسول

وكنيسة رومية من بطرس الرسول

وكل واحدة من هذه الكنائس تحافظ على جدول تكتب فيه الاساقفة الذين حكموا في الكنائس من عصر الرسل الى يومنا هذا

هـ- دعوى غير الارثوذكسيين ساقطة :

قد كانت جداول أسماء الأساقفة ذا أهمية كبرى في الزمان السالف ، فان الآباء كانوا يقدمونه برهانا لإخجال الهراطقة مبينين لهم أنهم لا يقدرون أن يقدموا بياناً عن مبدأ كنائسهم كما يستطيعون أن يفعلوا ذلك وحيث أن البروتستانت لا وجه لهم اذا طلب منهم وسئلوا عن من أسس كنائسهم من الرسل ، أو من أين أخذوا مبدأها ، فلذلك ينكرون وجود صف الكهنوت في المسيحية

غير أنهم لا يكرهون أن يسموا بعضهم قسوساً أو شيوخاً ، وحيث أن هؤلاء يقامون بطريقة غير شرعية ، ممن ليس له محق رسامة القسوس ، فجميع الكنائس لا تعتبرهم ولا تقر على أنهم قسوس[13]

المتنيح الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والإجتماعية

الكاهن كأب روحى ومرشد عائلى

الثقة الموضوعة في الكاهن القبطي غير متاحة لكثيرين مثله في أماكن أخرى من العالم لعل ذلك يرجع ليس فقط إلى عامل التدين والتقوى التي اشتهر بها الشعب المصرى منذ اقدم العصور، وكذلك عامل الاتكال على الله الذى نما وترعرع في أحضان المجتمع الريفي .

فعلى ممر الأيام أصبحت كلمة ” أبونا ” كلمة تحمل معناها الفعلى معنى الأبوة المسئولة عن أبنائها في ظروف حياتهم المختلفة ، ليس ظروفهم الروحية فقط بل وظروفهم الدنيوية والمادية أيضاً .

مما جعل مهمة الكاهن القبطي شاقة محملة بواجبات طقسية وتعليمية ، ورعوية ، وكذلك واجبات قومية لا تكفيها ساعات النهار وتنتحت جهدها الأجساد . وبذلك فأنا أعتبر الكاهن القبطي جندياً مجهولاً لا يحتاج من الكنيسة الى مضاعفة تقديم الرعاية له خصيصا ليس فقط مضاعفة الجهود لحسن اعداده في النواحي الأكاديمية واللاهوتية والعلوم الدينية المتشعبة بل والعلوم التي يستخدمها كل يوم في احتكاكه بالناس في ظروفهم المتباينة ، مثل علم النفس والتربية والاجتماع .

ولكن كذلك ضرورة مضاعفة معاونته ورعايته صحياً ومادياً . وتوفير التأمينات الاجتماعية والطبية اللازمة له . بجانب وضع نظام يجبره على تنظيم مواعيد الراحة الأسبوعية والإجازات الدورية ، وكذلك بتهيئة أماكن يقضى فيها أوقاتاً للتأمل الروحي والدراسة وللراحة الجسدية والاسترخاء من حين إلى أخر بانتظام عما يجد في المجتمع من تحديات واتجاهات فكرية ،

فالكاهن مهيأ لهذه المسئوليات ويقبل عليه الناس بثقة . لذلك يجب أن يكون مهيئاً أيضاً بالمعلومات والخبرات اللازمة لتأديتها . ويلجأ الناس للكاهن كأب روحي كاتم الأسرار ، أكثر من لجوئهم إلى الأقارب أو الأطباء ، اذ  يمكنهم كشف الأسرار له اسهل من كشفها للآخرين .

ولأنه المرجع في الأمور الدينية والأخلاقية وما يمكن اعتباره صواباً أو خطأ . وهو المدافع عن القيم الروحية – وقيم العدلة والحق . ” لأنشفتى الكاهن تحفظان معرفة ، ومن فمه يطلبون الشريعة لانه رسول رب الجنود ” ( ملاخى ٢ : ٧ ) .

ولأنه يستطيع أن يسير معهم كل الطريق سواء نجحت المحاولة أو فشلت .

فهو دائماً الذى يجب أن يقدم الإيمان والرجاء  ( الأمل ) والمحبة ( ١كو ١٣ ) .

ولكن هذا اللجوء إلى الكاهن ورغم جهوده وتعبه فانه يعترضه لبعض المشاكل ، منها أن كل طرف يريد أن يقف الكاهن بجانبه وفى صفه . والا فأعتبره متحيزًا . وقد تتوالى الظنون والاتهامات نتيجة لهذا الخوف من التحيز .

كيف يستطيع الكاهن أن يبقى في نظر الطرفين غير متحيز ؟ هذا يتوقف على ايمان الكاهن بالقيم وأن الحق لابد أن يظهر . وكذلك اعتماده على حبه الصادق للطرفين كأب ، سيساعده على اثبات أن الحلول التي يساعدهم على ايجادها هي للصالح المشترك لهما و للأسرة الواحدة وبالصبر وطول الأناة يقف بجانبهما .

لذلك فالكاهن دائماً يستعين بوسائط النعمة لتسنده وتحل قوة الشر وكل ظنون، فالصلاة وإقامة القداسات ، واحياناً الصوم هو وبعض معانيه أو مع بعض اطراف الموضوع ، تؤثر في تدعيم الجهود بالنجاح .

وكذلك تكليف الأطراف المعنية بالقيام بصلوات خاصة ، وقراءات معينة ومستمرة . هام في تدعيم النجاح .

١- استعانة الكاهن بمساعدين في التوجيه الأسرى :

في أول الأمر سنحتاج إلى وقت إلى أن تتوجه الأسر مباشرة إلى آخرين مثل الأشابين أو جماعات التوجيه الأسرى ، ولكن يمكن للكاهن ان يستمع أولاً إلى من يلجأ اليه ثم يحاول اقناعهم بأنه يستعين بهؤلاء الناس لخبرتهم ، وانهم يساعدونه تحت ارشاده وتوجيهه وموالاة الحالة معه . وحسب تقدير الكاهن للحالة يمكنه أن يحيلها إلى فرد واحد من جماعة التوجيه الأسرى أو إلى اثنين أو ثلاثة منها، كل حالةً حسب ظروفها .

ففي بعض الحالات يمكن للكاهن أن يستعين بسيدة مختبرة أو إلى زوج وزوجة معاً . أو الى من مر في نفس التجربة ويريد أنيساهم بأختباراته في الأمر

وهناك حالات يمكن اقناعها بضرورة احالتها الى طبيب أو طبيبة أو إلى محام . وهكذا تدريجياً

+  الاشابين

وكلمة أشبين كلمة سريانية معناها ” وكيل ” أو ” نائب ” فهو من ينوب عن الكنيسة في توصيل رسالتها . وقد اشتهر في ممارسات الكنائس ” اشبين العماد ” ، و” أشبين الزواج ” . وللأسف هذين النوعين قد تحولا إلى مجرد مظاهر مجاملة بتقديم هدايا اثناء العماد أو أثناء الزواج . ويحسن أن  نجدد عمل هؤلاء الاشابين – بمعنى أن نعيد اليهم رسالتهم الروحية الأولى . وهى التربية الدينية والعناية بالتقدم والنمو الروحي سواء للمعمد أو للمتزوجين .

وهنا يظهر أهمية هذا التراث . الذى يدل على أن الجسم الحى هو ما كانت أغلب خلاياه حية ونشيطة . وبالتالي الكنيسة ” جسد السيد المسيح ” الجسد الحى هو ما كان اغلب أعضائه حياً عاملاً . وذلك باختيار العائلات المتقدمة في النعمة بممارسة الرعاية والافتقاد والسؤال عن سلامة الزوجين حديثى الزواج ، فعند الأكليل أو من قبله منذ الخطوبة تعين الكنيسة احدى العائلات النامية في النعمة ، والناجحة أسرياً لكى تصبح ” أشبيناً لعائلة جديدة او اكثر . تهتم بها ،وتزورها ، وتقدم لها كتباً عن الحياة الروحية والأسرية لتقرأها . وبالتالي تجيب عن اسئلتهم وتعطيهم من خبرتهم . وتصلى معهم ومن أجلهم ، كأصدقاء للأسرة – وليس كموظفين ، أو معينين للحراسة ، أو لتأدية مهمة .

وبذلك تصبح مهمة الاشبين صداقة تلقائية ، تعطى بالحب ، والقدوة والثقة والخدمة . وليس بالتعليم والتلقين والوصايا .

+ جماعة التوجية الأسرى :

يحسن أن تتكون بجانب كل كنيسة جماعة أو أكثر للتوجيه الأسرى تتكون من سيدات ورجال أو عائلات لهم خبرة في الحياة العائلية ومشهود لهم بالقدوة الصالحة ، والحياة الروحية ، وبعض التخصصات مثل ( الطب ، أو العلاقات العامة ، أو الخدمة الاجتماعية ، أو……….. ) أو هذه الخبرات جميعاً لو توافرت في بلد واحد .

٢ – أهداف التوجيه الأسرى

هدف التوجيه الأسرى عامة سواء قام به الأب الكاهن أو الأشبين أو جماعة هو :

١) مساعدة المقدمين على الزواج أو الخطيبين أو الزوجين على معرفة انفسهما معرفة واعية

٢) تفهم رسالة ومسئولية الأسرة المسيحية عامة وطبيعة أسرتهما خاصة

٣) مساعدتهما على الإجابة على الاستشارات التي تساعد الأسرة على تحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق والاستقرار العائلى

٤) وفى حالات المشاكل ، مساعدتهما على تفهم الأسباب التي تنغص عليهما حياتهما الزوجية أو تقلل من شعورهما بالسعادة والتوافق

٥) ومساعدتهما على أن يجدا بأنفسهما ……. وبدائل للتغلب على هذه الصعوبات ولتمكين العائلة من استمرار جهادها في سبيل التوافق ، والانسجام والاستقرار.

ومذاقه طعم الحياة التي في المسيح ” لأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في ” ( غلاطية ٢ : ٢٠ ) .

بعض المبادئ العامة للتوجيه الأسرى

١- الحياة العائلية تقوم اساساً على رابطة السر المقدس سر الزواج – أي على عمل نعمة الله . لذلك يحسن عدم الاعتماد الكبير على المهارات الشخصية بل على عمل النعمة الإلهية . فالتوجيه الأسرى يحتاج إلى صلوات كثيرة

٢- خدمة الأخرين تقوم وترتكز على مقدار الحب الذى يقدمه الخادم للمخدومين . وهو الذى يعطى الثقة . والطمأنينة ، والتعاون<

٣- أعلى مظاهر الحب تتجلى في قبول الانسان كما هو وهنا نحتاج إلى دراسة قبول السيد المسيح للخطاة والمحتاجين إلى المعونة

– ” فتذمر الفريسيون والكتبة قائلين هذا يقبل خطاة ويأكل معهم ” ( لو ١٥ : ٢ ) .

–  ” وقيل له يا زكا اسرع وانزل لأنه ينبغي أن أمكث اليوم في بيتك فأسرع ونزل وقبله فرحا . فلما رأى الجمع ذلك تذمروا قائلين انه دخل ليبيت عند رجل خاطئ ” ( لو ١٩ : ٥ – ٧ ) ،

– والمرأة التي امسكت في زنا – قال لها الرب يسوع ” اما دانك أحد … فقال لها يسوع ولا أنا أدينك ، أذهبى ولا تخطئ أيضاً ( يوحنا ٨ : ١٠ – ١١ ) .

–   والمرأة السامرية ( يوحنا ٤ ) .

–   لذلك يجب أن ننظر إلى المخدوم بعين المسيح التي نظرت إلى هؤلاء جميعاً .

–  فالحب يقود الخادم إلى قبول المخدوم كما هو ، اعتباره انساناً مثله ، انساناً تحت الآلام وتحت الضعف البشرى وتحت التجارب.

–  ضع نفسك مكانه ، وحينئذ تستطيع أن تقدر ظروفه وتقول لنفسك ربما لو عشت انا في نفس هذه الظروف لما كنت قد احتملت هذه الظروف او لتصرفت بطريقة اردأ . ولولا نعمة الله لما صرت لما أنا فيه الآن .

–   لذلك سوف لا أدين هذا الإنسان في قلبي .

–  وسوف لا أعتبر نفسى قاضياً يحكم . ” أهذا أخطأ أم أبواه ” بل انساناً يحمل محبة المسيح ويقدمها لذلك الإنسان السائل أو المتألم

٤ – اتركة يعبر عن نفسه ، وكن جيد الاستماع اجعله يشعر انك تصغى اليه باهتمام .

٥ – لا تأخذ دور الواعظ أو المعلم أو المدرس . فلا تتكلم كثيراً .

٦ –  ساعده باسئلتك الاستضاحية على أن يفهم المشكلة ويعرف كيف جاءت ، ودوره فيها .

٧ – ساعده على أن يصف هو موقف الجانب الآخر والظروف التي دفعته إلى ذلك – وماذا كان يتصرف هو نفسه لو مر في مثل هذهالظروف التي مر فيها  قرينه .

٨ – مساعدة على أن يقدم اقتراحات وحلول مختلفة وحلول بديلة للمشكلة أكثر من حل ، حتى لا يكن متشبثاً بفكرة واحدة . ويقفل تفكيره على نمط واحد من الحلول .

بل ساعده على أن يرى الحياة بعين وقلب أكثر انفتاحاً وتنوعاً وان الحياة ليست اسلوباً واحدا والناس ليست قوالب متشابهة في كل شيء .

–  السكن في مكان آخر – أو بعيد عن احدى الأسرتين .

–   أو قطع العلاقات مع الاهل أو بعض الأصدقاء أو الغاء بند معين من ميزانية الصرف .

–   أو تغير العمل أو نوعه أو مكانه .

حلول أخرى توصلهما الى حالة جديدة من التعايش العلمى بقدر الأمكان . وقد تستمر هذه البدائل لفترة طويلة – أو إلى فترة بسيطة إلى أن تتحسن الحالة النفسية ، أو تزول آثار الجروح النفسية أو الأوضاع التي سببت المشكلة .

٣- مساعدتهما على قبول الأوضاع الجديدة بعد المشكلة

هنا فاعلية الايمان – بعض الحلول أو البدائل قد تكون قاسية على احد الطرفين أو كليهما . ولكن لابد أن ندرب أنفسنا على حمل الآلم وأنواع قسوة الحياة . هذه كلها مشاكل تربوية ، كان يجب ان تكون قد بدأت في خبرة التربية وتحولت إلى جزء من الشخصية . ولكن العلاج دائماً يكون علاج  حالة مرض أو نقص ( كنقص فيتامين معين في الجسم ، يسبب سرعة التهاب بعد الأعضاء أو تعرض الجسم لنزلات البرد مثلاً ) .

هكذا نقص خبرة من الخبرات الأساسية الأخلاقية أو التربوية ( مند الطفولة ، أو في الكبر ) خبرة التسامح أو التفويت أو الصبر والاحتمال . دؤدى إلى بعض الآلام وتحمل تعاطى أدوية أو علاجات قد تكون احياناً مؤلمة . والتعود عليها في الكبر ، أو أثناء الأزمة من الأمور القاسية ، ولكن ليست المستحيلة .

٤ – الجهد المتواصل على طول

يجب أن تساعده على فهم قوانين الحياة وان كل حل يحتاج إلى جهد يبذل من الطرفين – وليس طرف واحد .

أ – جهد : أي أخذ الموضوع بجدية ، الجهد معناه عرق وتعب وتضحية  ، معناه تدريب على شيء جديد – قد يكون ابطال عادة معينهاو تغير أسلوب تفكير معين .

– قد يكون تضحية بشيء معين أو بجزء منه .

– أو فطام من رابطة اعتدتها مثل ضرورة زيارة الوالدين يومياً .

أو مكالمتهم بالتليفون – أو الاعتماد عليهم كلياً في تربية الأطفال أو استشارتهم في أمور بيتها الجديد ) الجهد هنا نفسى ، ومادى ،واجتماعي .

أي أن الحلول

أ – لا تأتى ببساطة .

ب – لا تأتى من الخارج .

ج – ولا انتظر أن يقوم بها شخص نيابة عنى .

د – ومن الطرفين : ليس من الطرف المقصر ، أو المتسبب في الاشكال بل أيضاً من الطرف الآخر المخطئ ، أو الطرف الواقع عليه الآلم أو الضيق الذى لابد أن يساهم في الحل . بتشجيع الطرف المخطئ على انتهاج الطريق الجديد .

– غير المخطئ أقوى . المعتدى عليه أو صاحب الحق أقوى نفسياً من المخطئ ، وعليه أن يمد هو يده – ان يتقدم هو خطوة ليشجع المخطئ على ان يتقدم خطوة أخرى فتصبح خطوتان .

– صاحب الحق يكون أكثر جرأة من المخطئ ، لأنه غير مكسوف من خطئه مثل الآخر ( ولو في العقل الباطن ) .

لذلك قال الرب يسوع ” إن أخطأ اليك أخوك ، فأذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما . ان سمع منك فقد ربحت أخاك ” (مت ١٨ : ١٥) حتى تساعد حالته النفسية ، على انك ستنسى خطأة بالمصالحة وستغطى عليه .

-المتواضع أقوى من المتكبر، لأن المتواضع استطاع أن يدرب نفسه على تخليتها وتفريغها من الكرامة الذاتية ، والمجد الباطل والاعتزاز بالنفس . المتواضع استطاع بقوة شخصيته ان يفرغ كل هذا .

لذلك فقد اقتنى ملكات شخصية قوية فيستطيع ان ينحني للزوبعة بغير ألم وهى مقدرة ليست عند المتكبر ، الذى مازالت قوى الغرور تملأه تضلعاً ، وتضعف من مقدرته على الانحناء – عضلاته متصلبة لم تتمرن بعد على سهولة الحركة ، والانحناء في أي اتجاه .

لذلك المتواضع الحقيقي هو الذى يستطيع أن يذهب إلى المتكبر ويعتذر له ، ويصالحه .

– المسالم المملوء سلام ، هو الأقوى الذى يقتنى سلاماً داخلياً . هو الذى يستطيع أن يذهب إلى المشاجر ، مثير المتاعب ، المضطرب ليهبه سلام المصالحة .

– السليم الشخصية هو القوى في كل هذه الأمور ، وهو الذى يستطيع أن يمسك يد المريض ويعينه على أن يمشى نحو الصحة والسلام .

– الذى عنده هذه الصفات ، الحب ، السلام ، الأتضاع ، الحق ، المصالحة ، عدم الخطأ ، الصحة .. عنده الله – لأن الله هو الحق ،والمحبة ، والسلام ، والاتضاع . لاشك انه أخذ هذه الصفات من الله . فهى نعمة الهية تشمله يجب أن يفيد بها الآخرين أيضاً ،ويشركهم معه بالاستفادة منها .

اذا وجدت عندك هذه الفضائل، فلا تضعها تحت المكيال ، لا تغلق عليها ، فتنطفئ ، بل ضعها على المنارة ، لتنير للآخرين ايضاً . اشرك فيها الآخرين ليتمتعوا بها كما تمتعت انت بها ولا تغلق عليها فتنطفئ وتخسرها انت والآخرين .

– اذا جاع عدوك فأطعمه ، وأن عطش فأسقيه لأنك ان فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه . لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالغير(رومية ١٢ : ٢٠ ، ٢١) .

– أي تجمع على رأسه نار المحبة الإلهية التي تحرق فيه كل حقد وشر وطغينة وتجذبه إلى طريق المحبة والخير .

٥– طريقة التوجيه الاجتماعي :

وهى بجمع عدة أسر في اجتماع واحد ، يلقى فيه احد المتكلمين موضوع عام عن احدى مشاكل الاسرة مثلاً ، ثم يناقشه الجميع بدون الأشارة إلى أي مشكلة فردية تخص أحد الموجودين . ولكن عرض المشاكل ومناقشتها سيتيح فرصة لكل واحد أن يعبر عن نفسه  – ويأخذ دروساً من الآخرين لنفسه . ويمكن أن تكمل هذه الطريقة بالجلسات الفردية في مرات أخرى ، كما يمكن تكرار هذهاللقاءات والحوار الجماعى أكثر من مرة . على أن الحالات التي تدعى اليها يجب ان تكون من نوع المشاكل البسيطة غير المتأزمة. [14]

المتنيح القمص لوقا سيداروس

القديس بطرس يعلمني

أنت هو المسيح

ألا تحكي لي مواقف أخرى، لأن هذه الأمور فعلاً تقوى الإيمان وتحبب إلى النفس عشرة المسيا والحياة بقربه بل تؤكد أن الحياة في المسيح هي الحياة وبدونها لا توجد حياة .

کنا في رفقة السيد نسیر، نشعر بالسلام الذي لا يوصف والفرح الذي لا يعبر عنه كمثل أطفال صغار يحوطهم حنان الأب. هكذا كنا نعيش. وفي يوم من الأيام كنا بالتحديد في بلدة قيصرية فيلبس.

التفت إلينا يسوع وسألنا قائلاً.. من يقول الناس إني أنا؟ رد إخوتي الرسل كل واحد بحسب معرفته بالناس وبكلام الناس. قال أحدهم: سمعت بعض الناس يقولون إنك إيليا النبي عاد إلى العالم. ربما بسبب ما رأوه فيك من الغيرة على مجد الله. وبسبب الكلام الناري الذي سمعوه منك.

وقال آخر: إنني سمعت البعض يقول بل هو إرميا، ألم تروه باكياً، مبكتاً. بل وقال آخر: علی كل أنا سمعت كثيراً من الناس يقولون بكل تأكيد إنه واحد من الأنبياء الأولين قد قام وظهر بيننا.. كان يسوع بالصدق في كل الآيات التي صنعها بلا عدد، كان الناس يمتلئون دهشاً وتعجباً. وفي مرات يصرخون قائلين: ” قد قام فينا نبي عظيم، وافتقد الله شعبه “.

وكان رؤساء الكهنة والفريسيون يصادرونه على كل كلمة ويحاولون بكل جهد أن يشوهوا صورته أمام الشعب وإذ كانوا يسمعون الشعب يعظم يسوع، كانوا يقولون: هذا الشعب جاهل ملعون. كنت أذكر جيدا روح الضلال الذي كان فيهم لما فتح يسوع عيني المولود أعمى، قالوا له عن يسوع: ” هذا الإنسان ليس من الله، لأنه لا يحفظ السبت .. بل هو إنسان خاطئ “. على كل حال استمع يسوع إلى كلام إخوتي التلاميذ وهو ناظر إليهم.

ثم أردف قائلاً: ” وأنتم، من تقولونإني أنا؟ “. وقع السؤال كالصاعقة وصار وجوم ولم ينطق أحد بكلمة. في تلك اللحظة غشی داخلي نور عجیب لم يكن لي به سابقمعرفة واستضاء ذهني بضياء يفوق ضياء الشمس. لقد دخلت دائرة من الاشراق والتوهج وصارت نفسي تسبح في لجة من النورالذي لا يدنی منه شئ لم أختبره ولم أعرفه في حياتي ووجدت قلبي يفيض بشهادة هي أعلى من فكري وأعلى من معرفتي بما لايقاس. وجدت نفسي أصرخ وأقول: ” أنت هو المسيح ابن الله الحي! “. قال الرب: ” طوبى لك يا سمعان بن يونا، إن لحما ودماً لميعلن لك، لكن أبي الذي في السماوات.

وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها “.ًکم تعجبت وصرت في دهشة.. إذاً النور الذي غشي نفسي وأغرقني في لجته التي لا يعبر عنها هو إعلان الآب وشهادة الآب لابنه يسوع المسيح. حتماً هو ذات الصوت الذي سمعناه على جبل التجلي، بل وذات النور.

إذاً شهادة المسيح لا تأتي من الناس بل من الآب الذي يشهد له. حقاً قال يسوع: ” أنا لا أقبل شهادة من إنسان “. بل لا يستطيع أحد أن يقول: ” يسوع رب إلا بالروح القدس”. إذاً ليس فضل للإنسان أن يعرف المسيح معرفة حقيقية أو يشهد له. ولكن الإنسان الذي تفاض عليه المعرفة بالنعمة يستطيع أن يعرف المسيح. هي ليست معرفة العقل؟ كلا.. ولا معرفة الكلام؟ كلا.. بل هی اكتشاف وإعلان سماوي.. يسوع يظهر ذاته لمن يحبه. والآب يشهد في القلب بصوته الأزلي ” هذا هو ابني حبيبي “. علمت يقيناً أن هذا هو الإيمان الذي تبنى عليه كنيسة يسوع. هو بناه اعلى هذا الإيمان وهي فيه قائمة وأبواب الجحيم لن تقوى عليها کوعده الصادق [15].

المتنيح القمص تادرس البراموسي

اليوم التاسع والعشرون من شهر هاتور المبارك

أنت هو المسيح إبن الله الحى (متى ١٦ : ۱۳-۱۹)

حضور الرب يسوع وسط الجموع . بركة لا توصف إذ يجتم حوله الجمع الغفير . الذي يشكو كل بأتعابة وآلامه وضيقاته . إنسان أعمىوآخر مريض بالفالج وآخر يده يابسة وأرملة أبنهـا مات. جموع في البرية تحتاج إلى طعام . تلاميذ فـى البحـر يـكـادوا أن يفرقوا لكنالرب يبدد الظلام . لأن بيده شبع سرور في يمينه نعـم تدوم حضر في عليه صهيون .

بـد الحـزن بـالفرح والخـوف بالطمأنينة عند قبرلعازر الذي مات وله أربعة أيـام فـى القبـر و رائحته نتنت ولا تطاق وقت رب الحياة يهب الحياة لمن فقـدها.مسح الدموع ورفع الحجرمن القلوب . ما أعظمـك يـا رب ومـا أقربك لقلوب أولادك المؤمنين بأسمك . حقاً أنت أمس واليوم وإلـى الأبد . هو هو حتى الآن بحضورهتتنفس القلوب وتزيل الكـروب. وتسمع قوله تبارك أسمه . إذا حضر أثنين أو ثلاثة بأسـمـى أكـون حاضراً في وسطهم (مت ۱۸-٢٠) .

أعمل عملي وأبـث روحي وأوزع بركاتي وأفتقد الجميع . وكل من يدعو بأسم الرب يخلص وكل من يدعوني أنا أكون معه . وأعطيه طلبه. إن طلبني بإيمان . اليوم جاء الرب يسوع إلى قيصرية فيلبس لعله يجد فيها من يؤمن به .

كيف تسأل على من يؤمن ولم يثبت إيمانه تلاميذه العائشين مه مازال إيمانهم ضعيف وسألهم ماذا يقول الناس عنى كثيراً ما يكون في القري يسرى الخبر سريعاً أكثر من المدينة . وبطرس الرسـول كان من القرية . قال بطرس للرب يا سيد الأخبار متضاربة واحـد بيقول إيليا وآخر يقول أرميا وآخر يوحناالمعمدان قال له وأنتم من تقولون . قال له بطرس أنت المسيح إبن الله الحى .

یا سلام يا بطرس وأنت وضعت الكلام في نصابه تماماً وأزاى أنت عرفت ذلك ومن اعطاك هذا السر العظيم .طوبي لك يا سمعان إبنيونا . أنت لم تقل هذا عن نفسك بل أبي الذي في السموات هو الذي لكنن لكـن أعلن لك ذلك . أنت بطرس لولا أنك متقلب المزاج ومتردد. لكننى قلت لك أشياء كثيرة بمناسبة الخدمة وتحتاج إليهـا لكن أعطيك جرعة من هذا الدواء والذي به تستطيع أن تتقوي وتغلـب هذهالثغرات البسيطة .

لا يا رب من بسيطة ده إنكار لك أنت سيدى وولی نعمتى من بطرس ده من هو الصياد صفا الغلبان أنا أعرفـهكويس ده هيكون بوق يضرب في كل العالم . المهم يا بطرس أنـا أعطيك أشياء عظيمة مادمت أنت أعترفت بي أني إبن الله ، علـى هذاالإيمان أبنى كنيستى وأبواب الجحيم لن تقوى عليها وأعطيـك أيضاً مفاتيح ملكوت السموات . غريب من صياد لسلطان الملكوت .

كرم الرب كثيراً على الإنسان الخاطئ الساقط ، الناكر الجميل ، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السماء وكل ما تحلهعلى الأرض يكون محلولاً في السموات . ولم يخص الرب يسوع بطرس بهذا السلطان بل أعطاه للتلاميذ القديسين في علية صهيونوأعطاه أيضاً لخلفائهم . بوضع اليد إلى أيامنا هذه . وتسميه الكنيسة سـلطان الملكوت الممنوح من رب السماء إلى أبناءه الكهنة علـى الأرض .في كل وقت وكل جيل .

حينما يظهر خبر جديد يكون فيه تضارب في الأقوال. قوم من الناس يصدقون وقوم وآخرون يكذبون . وكان خير الأعتراف بلاهوت الرب يسوع بالنسبة لتلاميذه كـان جديداً وأوصاهم الرب يسوع أن لا يقولوا لأحد . أنه إبن الله الذي جاءإلى العالم ليخلص العالم . الذي نزل إلى أرضنا ليرفعنـا إلـى سماءه وأصبحنا بدمه الطاهر من ملاك السماء وورثة الملكوت[16].

 من وحي قراءات اليوم

” ماذا يقول الناس في إبن البشر ”                                               إنجيل القدَّاس

(صورة الله التي نقدمها للآخرين )

+ يري الناس صورة الله في حياتنا وإنفعالاتنا أكثر من كلامنا ووعظنا ومثالياتنا

+ ويري الأطفال صورة الله في والديهم في محبتهم وتعاملاتهم أكثر من عبادتهم في البيت

إمّا أن تكون النتيجة ” فليضيء نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات ” (مت ٥ : ١٦)  أو تكون النتيجة ”  لأن اسم الله يجدف عليه بسببكم بين الأمم ” (رو ٢ : ٢٤)

ولا عجب إن كان الأبناء لا يستوعبون غفران الله المجاني إذا لم يجدوه في بيوتهم وأسرهم

+ ولا عجب أيضاً إن كان المخدوم لا يصدق نسيان الله لأخطاؤه إذا كان خادمه لا ينسي

+ وكم قدَّم آباء وأُمّهات صورة حقيقية عن محبة الله رغم بساطة إمكانياتهم وتعليمهم

+ وكم أعثر آباء أبناؤهم عن الله برغم شكل مثالية مبادئهم

+ أحياناً يرفض بعض الشباب صورة الله التي قدمناها لهم فنراهم مُلحدين بينما هم كافرون بالزيف

+ وهكذا يخر على وجهه ويسجد لله، مناديا: أن الله بالحقيقة فيكم  ” (١كو ١٤ : ٢٥) آية تُعْلِن كيف أن خشوع ووقار العبادة بروح واحد يُقدِّم صورة حقيقية عن الله

” كونوا متمثلين بي كما انا ايضا بالمسيح ” (١كو ١١: ١) آية توضِّح من أين تأتي الصورة الحقيقية عندما يكون قدوتنا المسيح له المجد

 

 

 

 

المراجع

 

١٣٤- القديس أغسطينوس – تفسير ٢صم ٢٢ – القمص تادرس يعقوب ملطي

١٣٥- كتاب عظات علي سفر أعمال الرسل للقديس يوحنا ذهبي الفم صفحة ٣٣ – ترجمة دكتور جورج عوض إبراهيم

١٣٦- شرح إنجيل يوحنا لكيرلس عامود الدين ( صفحة ٥٢٨ ) – مشروع الكنوز القبطية

١٣٧- الأب غريغوريوس (الكبير) المرجع : تفسير سفر ملاخي ( الإصحاح الثاني ) – القمص تادرس يعقوب ملطي

١٣٨- المرجع : تفسير سفر حزقيال ( إصحاح ١٩ ) – القمص تادرس يعقوب ملطي

١٣٩- المرجع : كتاب من مجد الي مجد للقديس غريغوريوس النيسي ( صفحة ١٥٤ ) – ترجمة القمص إشعياء ميخائيل

١٤٠- المرجع : كتاب مقالات القديس كبريانوس أسقف قرطاجنة الشهيد ( صفحة ٤٤ ) – ترجمة وإعداد القمص مرقوريوس الأنبا بيشوي

١٤١- المرجع : مجلة مدارس الاحد شهر نوفمبر ١٩٩٨

١٤٢- كتاب المنجلية القبطية الأرثوذكسية ( صفحة ٥٩ ) – قداسة البابا تواضروس الثاني

١٤٣- كتاب الإستشهاد في المسيحية ( صفحة ٢٠٥ ) – الأنبا يؤانس أسقف الغربية

١٤٤- المرجع : كتاب الإستشهاد في المسيحية ( صفحة ٣١٨ ) – الأنبا يؤانس أسقف الغربية

١٤٥- المرجع : كتاب ألقاب المسيح ووظائفه ( صفحة ٣٥ ) – الأنبا بيمن أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين

١٤٦- المرجع : كتاب نظم الياقوت في سر الكهنوت ( صفحة ٢١ ) – الأنبا إيسيذوروس أول أسقف لدير البراموس – مشروع الكنوزالقبطية

١٤٧- مذكرات في التوجيه الأسري ( صفحة ٤ ) – الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والإجتماعية

١٤٨- المرجع : كتاب القديس بطرس يعلمني ( صفحة ٢٣ ) – القمص لوقا سيداروس

١٤٩- المرجع : كتاب تأملات وعناصر روحية في آحاد وأيام السنة التوتية ( الجزء الثالث  صفحة ١٠٦ ) – إعداد القمص تادرس البراموسي