رموز الخلاص في شخصيات وأحداث العهد القديم في قراءات البصخة المقدسة في فكر آباء الكنيسة

 

 

[بالعهد القديم نرى أن سر المسيح ليس شيئاً جديداً ولا مستحدثاً، بل هو موجود منذ الأزل، وقد عُبِّر عنه في شكل الرمز والظل في الأحداث والأعمال التعبدية، وأيضاً في الأعياد المذكورة في العهد القديم.

وأيضاً: كان المسيح حاضراً في أحداث وشخصيات العهد القديم، وإن كان كذلك أيضاً بالرمز والمثال، وذلك بسبب ضعف السامعين] (القديس كيرلس الاسكندري)[1]

[العهد الجديد مستتر في القديم، والعهد القديم مُستعلنٌ في الجديد] (القدّيس أغسطينوس)[2]

شواهد الشخصيات والأحداث

[تك ١] آدم باكر (الخلق)، والتاسعة (السقوط ووعد الفداء) يوم الأثنين.

[تك ٦، ٧، ٨، ٩: ١- ٦] نوح ← التاسعة يوم الثلاثاء.

[تك ٢٢] ابراهيم واسحق ← التاسعة يوم الخميس (ذبح إسحق).

[تك ١٤] ملكي صادق ← التاسعة يوم الخميس.

[تك ٤٨] يعقوب ← الساعة الثالثة يوم الجمعة العظيمة (بركة يعقوب لإبني يوسف).

[تك ٤٩] يهوذا ويوسف سبت لعازر (تك ٤٩) والثالثة يوم الجمعة (تك ٤٨).

[خر ١٤: ١٣- الخ، ١٥: ١] الساعة السادسة من يوم الأربعاء (عبور البحر الأحمر).

[خر 17] باكر يوم الأربعاء.

[خر 17] موسي ويشوع ← باكر خميس العهد (الحرب مع عماليق).

[تث٨، عد ٢١، خر ١٢] موسى الحادية عشر يوم الجمعة العظيمة (خروف الفصح).

[عد٢١: ١- ٩] موسى ← الساعة السادسة يوم الجمعة (الحية النحاسية).

[يش ١] يشوع ← لقان خميس العهد.

[يون ١،٢] يونان ← الساعة الثانية عشر يوم الجمعة، وباكر سبت الفرح.

 

1- آدم كمثال المسيح له المجد

نبوة باكر، والساعة التاسعة، من يوم الإثنين

+ يقول القديس كيرلس الاسكندري: [لقد صنع الإنسان على صورة الكلمة منذ البدء، وكانت طبيعته ملائمة للقيام بكل عمل صالح وممارسة الفضيلة، لأنه “خلقنا لأعمال صالحة” .. ففي الإنسان الذي خُلِقَ أولًا كان هناك الميل الذي يحتوي قوَّة معانقة الفضيلة، ولكن ليس كذلك القوّة الدافعة لممارستها.][3]

ويقول أيضاً :

[وكما أن آدم الأول قد صُوِّر من الطين وسبَّب لنا الموت، وقيَّدنا بشباك الفساد، هكذا أيضاً آدم الثاني (المسيح) عن طريق صيرورتنا مشابهين له بواسطة الروح، خَتَمنَا بختم عدم الفساد.

وكما أنه بذاك (آدم) وُضِعَت لنا عقوبات العصيان، هكذا بالمسيح أُظهر لنا أننا نشترك -بوداعة وخضوع- في بركة الآب السماوية، لأنه يقول: “صار آدم الإنسان الأول نفساً حية وآدم الأخير روحاً محيياً” (١كو ١٥: ٤٥).

[من الواضح أنه علي مثال آدم الأول تأسس سر المسيح، ليس بالطبع بتكرار نفسه في صورة آدم القديمة، لكن بطريقة مختلفة وعكسية. لأن الأول كان من أصل الجنس البشري وهو بداية مؤدية للموت واللعنة واللوم، بينما الثاني على العكس تماماً هو بداية تعطي الحياة والبركة والبر][4]

بينما يرى القديس كليمندس الاسكندري (١٥٠ – ٢١٥م) أن هدف تجسد الكلمة أن يجعلنا بالحقيقة على صورة الله ومثاله: [على قدر ما أرى، فإنه قد خُلِقَ الإنسان من التراب، وأعاد الله خلقته بالماء، وجعله ينمو بالروح وعلَّمه بالكلمة مرشدًا إيَّاه إلى التبنّي والخلاص بواسطة وصاياه المقدسة، علماً بأنّه في تجديده لخلقة الإنسان الترابي لكي يصير إنسانًا مقدَّساً سمائياً بمجيئه، يكون قد حقق تماماً كلمات الله القائلة: “نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا” (تك١: ٢٦)] (القديس كليمندس الاسكندري)[5]

+ ويرى القديس كليمندس أيضاً أن الصورة التي خُلِقَ عليها الإنسان هو مثال الجسد الذي أخذه الكلمة، وحسب تعبير القديس كليمندس أن صورة الله هنا هي صورة الصورة (image of the image)[6]

+ وهذا ما شرحه القديس أثناسيوس الرسولي ليؤكِّد إمتياز الجنس البشري في المسيح، وفِي تجسَّد الكلمة: [لأن الله جابل الكل، وملك الكل، الذي يعلو على كل جوهر، ويعجز البشر عن اكتشافه، نظراً لعظم صلاحه، وسموه كل السمو، خلق -مُخلِّصنا يسوع المسيح بكلمته- الجنس البشري على صورته، وكوَّن الإنسان قادراً على رؤية وإدراك الحقائق بواسطة هذه المشابهة لشخصه، مانحاً إياه أيضاً أن يدرك ويعرف حتى أزليته، حتى إذا ما إحتفظ بطبيعته كاملة لا ينحرف عن فكرته عن الله قط، ولا يرتد عن شركة القدّيسين. بل إذ نال نعمته التي وهبها إياه، ونال أيضاً قوة الله من كلمة الآب، استطاع أن يغتبط وتكون له شركة مع اللاهوت، عائشاً حياة الخلود كاملة ومباركة يقيناً. لأنه إذ لا يعوق معرفته للاهوت شئ فإنه يحتفظ أبداً -بطهارته- بصورة الآب، الله الكلمة، الذي خلق هو نفسه على صورته.] (القديس أثناسيوس الرسولي)[7]

+ وعلي الجانب الآخر يضع القدّيس يوحنا ذهبي الفم مُقارنة بين التأثير الذي حدث للبشرية بسبب خطيّة آدم، وفيض النعمة التي نالتها البشرية بسبب برُّ المسيح وذلك في تعليقه على (رو٥: ١٤): [لكن قد ملك الموت من آدم إلى موسى وذلك على الذين لم يخطئوا على شبه تعدي آدم الذي هو مثال الآتي. وكيف ملك الموت؟ “على شبه تعدي آدم”. ولهذا فإن آدم هو مثال للمسيح. وكيف يقول إنه مثال المسيح؟ لأنه كما أن أولئك الذين أتوا من آدم على الرغم من أنهم لم يأكلوا من الشجرة، إلّا أن الموت قد ملك عليهم، وهكذا صار آدم سبباً للموت الذي دخل إلى العالم، بسبب الأكل من الشجرة، هكذا أيضاً فإن أولئك الذين انحدروا من المسيح، على الرغم من أنهم لم يعملوا أعمالاً بارة، إلّا أن المسيح صار سبباً للبرّ الذي منحه للجميع بواسطة صليبه] (القديس يوحنا ذهبي الفم)[8]

+ ويربط القدّيس أغسطينوس بين علاقة وزواج آدم وحواء في بدء الخليقة وبين ما حدث في ملء الزمان وإعلان الخلاص للأمم وعروس العهد الجديد التي إقترن بها المسيح بصليبه وذلك في شرحه للآية : لذلك يترك الرجل أباه وأمه (لا يترك الرجل عادة بيت أبيه في بلاد الشرق بل المرأة) ويلتصق بامرأته ويكونا جسدًا واحدًا” )تك٢: ٢٤(: [إن كان المسيح يلتصق بكنيسته ليكون الاثنان جسدًا واحدًا، فبأي طريقة يترك أباه وأمه؟ لقد ترك أباه بمعني أنه “إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله، لكنه أخلى نفسه آخذًا صورة عبد” (في2: 6) بهذا المعنى ترك أباه لا بأن نسيه أو انفصل عنه وإنما بظهوره في شكل البشر.. ولكن كيف ترك أمه؟ بتركه مجمع اليهود الذي وُلد منه حسب الجسد، ليلتصق بالكنيسة التي جمعها من كل الأمم.] (القديس أغسطينوس)[9]

 

2- نوح كمثال المسيح له المجد

الساعة التاسعة من يوم الثلاثاء

يقول العلامة أوريجانوس أن تسمية إسم نوح ورسالته تُشير إلى المسيح له المجد وإلى صليبه وخلاصه: [بصعودنا خلال أدوار الفلك المختلفة نصل إلى نوح نفسه الذي يعني (نياح) أو (بر)، فنوح هو يسوع المسيح، إذ لا ينطبق على نوح القديم قول لامك أبيه: “هذا يعزينا عن عملنا وتعب أيدينا من قبل الأرض التي لعنها الرب” (تك٥: ٢٩).. انظروا إلى ربنا يسوع المسيح الذي قيل عنه: “هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم” (يو١: ٢٩)، المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا، لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة” (غلا ٣: ٣)، وأيضًا قال: “تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم” (مت١١: ٢٨). ها أنتم ترونه بالحقيقة يهب راحة للبشرية، ويخلص الأرض من اللعنة] (العلامة أوريجانوس)[10]

نوح الحقيقي: يسوع المسيح

[وهكذا كلما اتجهنا صعوداً من خلال طوابق الشقق المختلفة، نصل إلى نوح ذاته. نوح يعني “الراحة” أو “العادل” الذي هو المسيح يسوع، لأن كلمات لامك أبيه لا تتوافق مع نوح القديم: هذا يريحنا من أتعابنا ومن عمل أيدينا المؤلم ومن الأرض التي لعنها الرب الإله، فكيف إذن نعتبره أمراً صحيحاً أن نوح القديم قد أراح لامك أو الشعب الذي كان يوجد على الأرض في ذلك الوقت، كيف كان يمكن أن يتوقف التعب والعمل المؤلم في زمن نوح، وكيف كان يمكن أن تُمحى اللعنة التي نطق بها الرب على الأرض عندما يظهر بالأحرى أن الغضب الإلهي قد تزايد وأخبرنا أن الله قال: “ندمت أني عملت الإنسان على الأرض” وأنه قال أيضاً: “سأبيد كل جسد على الأرض” وخاصة عندما يقدم موت الأحياء الدليل على النكبة الأكبر؟.

ولكن انظروا ربنا يسوع المسيح: لقد قيل عنه: “هذا هو حمل الله، هذا الذي يرفع خطية العالم”، وفِي موضع آخر: “صار من أجلنا لعنة ليفتدينا من لعنة الناموس”؛ وفِي موضع آخر أيضاً هو الذي يقول: “تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين وثقيلي الأحمال وأنا أجددكم فتجدوا راحة نفوسكم” أنتم ترون أنه هو الذي أعطى حقّاً الراحة للبشر، وهو من خلص الأرض من اللعنة التي أتت عليها من قبل الرب الإله.

هكذا إذن قيل لهذا الـ “نوح” الروحي، الذي أعطى الراحة للبشر والذي رفع خطية العالم: “اصنع لنفسك فلكاً من خشب مربع.”

الخشب المربع ← دعائم الإيمان.

لنر إذاً ما هي هذه الأخشاب المربعة .

الخشب المربع هو ذلك الطول والعرض والارتفاع: أبعاد أسرار المسيح.

بعد ذلك يذكر طول الفلك وعرضه وارتفاعه، ويعطي تلك الأبعاد بعض الأرقام التي اختصت بأسرار عظيمة.

ولكن قبل الحديث عن الأرقام، لنرى ما يقصده الكتاب بالطول والعرض والارتفاع. لقد قال الرسول في فقرة كان يتحدث فيها عن سر الصليب بطريقة سرية أكثر: “حتي تعرفون الطول والعرض والعلو والعمق” العمق والعلو هما سيان، إلا أن في العلو يبدو الفضاء محسوباً من أسفل إلى أعلى، بينما يبدأ قياس العمق من أعلى ويهبط إلى أسفل، فيُسمعنا إذاً روح الله بحق، بواسطة موسى وبولس الرسول في ذات الوقت، أسراراً عظيمة بالرمز.

أما بولس فلأنه كان يبشر بسر نزول المسيح فقد استخدم لفظ العمق حتي يبين أن المسيح جاء من المناطق العليا إلى المناطق السفلى؛

أما موسى فعلى العكس، فلأنه يصف عودة الذين ردهم المسيح من المناطق السفلى إلى المناطق السماوية منتزعاً إياهم من الدمار وهلاك الدهر كما من موت الطوفان، فلا يذكر العمق في أبعاد الفلك ولكن الارتفاع، كأنما ليشير إلى أن الأمر يتعلق بمكان نرتفع فيه من المناطق الأرضية الوضيعة إلى المناطق السماوية والمرتفعة] (العلامة أوريجانوس)[11]

 

+ ويتكلَّم القدّيس جيروم:

عن عُري نوح وكيف حمل المسيح عار البشرية بِعُريِ على الصليب:

[إن نوحا بصفته أبا البشرية الجديدة بعد الطوفان، يرمز للمسيح آدم الثاني أبي الخليقة الجديدة بعد المعمودية بالماء والروح.

وكما أن نوحا بعد الطوفان ابتدأ يكون فلاحاً وغرس كرماً، كذلك المسيح بعد قيامته أسس الكنيسة وغرسها على الأرض مثل كرمة، ودأب على فلاحتها، لأننا نحن فلاحة الله (1كو3: 9).

لكي يسكر بخمر روحها كل شعوب الأرض، لأن المقابل لخمر الكرمة والشكر بها هو الإمتلاء بالروح، كقول الرسول: “لا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة، بل امتلئوا بالروح” (أف5: 18).

أما سكر نوح من الخمر وعُريه، فقد تحمّل المسيح عاره على الصليب، هذا الأمر الذي ظل مظهرا للضعف في كرازة الرسل بالمسيح المصلوب الذي كان دائماً لليهود عثرة ولليونانيين جهالة، أمّا لنا نحن المخلصين فهو حكمة الله وقوة الله.

وكما وجد بين أولاد نوح من شهَّرَ بعُري أبيه واستهزأ به، ومَن وقره وستره، هكذا أيضاً يوجد بين أولاد المسيح من يصلبونه لأنفسهم ثانية ويشَهِّرونَهُ (عب6:6) بسبب أعمالهم الشريرة، ومن يفتخرون بصليبه ويوقرونه بحياتهم الطاهرة وشركة آلامهم معه.

سام .. الذي ولد منه المسيح بالجسد – معني اسمه “الممجد”، وهل هناك اسم أعظم من المسيح الذي شاع عبير اسمه في كل مكان، حتى أنَّ النبوّة تتغنى به قبل الوقت مشبّهة إياه في نشيد الأنشاد بالطيب المهراق؟ “اسمك دهن طيب مهراق” (نش١: ٣) أليس أيضاً في مساكن المسيح – أي في كنائسه – سكن ملء الأمم؟] (القديس جيروم)[12]

كما أنه في موضعٍ آخر يعقد مقارنة بين ما حدث مع نوح وبين الصليب، وبين أولاد نوح وبين اليهود والأمم، فيما حدث في ملء الزمان في الصليب:

[قيل هذا كله كرمز للمخلص الذي شرب الألم على الصليب، قائلًا: “يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس” (مت 26: 39). شرب وسكر وتعرَّى جسده .. فقد جاء الكبير (حام) أي اليهود وضحك، أما الأصغر أي الأمم فغطى آلامه.. وكما سكر الأب بآلامه هكذا يسكر القديسون برائحة إيمانهم، يسكرون بالروح القدس. فقد كنتم بالأمس تجمعون الذهب والآن تلقونه عنكم، أَمَا يُحسب هذا سكرٌ في عيني من لا يفهم هذه الأمور. أخيرًا، عندما حل الروح القدس على التلاميذ وملأهم وتكلموا بلغات كثيرة اُتهموا أنهم سكارى بخمر جديدة] (القديس جيروم)[13]

 

+ ويقول القديس كيرلس الأورشليمي:

[البعض يقول إنه، مثلما أتى الخلاص في أيام نوح من الخشبة والماء، ومثلما صارت بداية لخليقة جديدة، ومثلما الحمامة أتت في هذا المساء بفرع زيتون، بنفس الطريقة يقولون أن الروح القدس نزل على نوح الحقيقي، خالق الخليقة الجديدة، عندما نزلت الحمامة الروحية فوق المسيح أثناء العماد لكي تظهر أن ذاك بخشبة الصليب يمنح الخلاص للمؤمنين، إذ في المساء موته قَدَّمَ للعالم نعمة الخلاص.

وكما يقولون، فإن الروح القدس نزل على نوح الحقيقي مُنشئ الخليقة الجديدة، حينما حلت الحمامة الوحيدة الروحية عليه وقت عماده، كما يظهر لنا أنه هو هو بعينه، وبواسطة خشبة الصليب يهب الخلاص للمؤمنين، كما أنه هو أيضاً الذي في وقت المساء بموته وهب نعمة الخلاص للعالم، ولقد وُجدت في ذهن الله قبل الخليقة ومن أجلها خلق العالم] (القديس كيرلس الاورشليمي)[14]

 

+ القديس أغسطينوس يقول:

[فالفلك بلا شك هو رمز مدينة الله في رحلتها عبر التاريخ، هو رمز الكنيسة التى خلصت بالخشبة التى علق عليها الشفيع بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح.

أما عن الباب في الجنب، فبالتأكيد يشير إلى الجرح المفتوح حيث طعن المصلوب بالحربة في جنبه، إنه الباب الذي يدخل فيه القادمون اليه، المؤمنون الداخلون الكنيسة من خلال الأسرار النابعة عن هذا الجرح. على هذا المنوال تكون جميع تفاصيل الفلك رموزًا في جوانب الكنيسة.

وفي عظته على المزامير يقول أيضاً:

[اُوحي إلى نوح أن يعمل بابًا للفلك بجانبه، حتى يدخل منها الحيوانات التي أراد الله عدم هلاكها بالطوفان، بهذا الفلك الذي كان مثالاً للكنيسة، لهذا أخذت المرأة من جنب الرجل بينما كان نائماً ودعيت حواء (حياة) وإن كان حي، وها آدم الثاني يحني رأسه، وكما يستسلم للنوم علي الصليب لتنبثق من جنبه شريكة الحياة (الكنيسة)، التي نشأت على الدم المهرق من الجنب المطعون على خشبة] (القديس اغسطينوس)[15]

أمَّا أبعاد الفلك (طول وعرض وإرتفاع) يراها الآباء رمز لتجسد الكلمة وصليبه وخلاصه:

[الفلك بلا شك هو رمز مدينة الله في رحلتها عبر التاريخ، هو رمز للكنيسة التي خلصت بالخشبة التي علق عليها “الشفيع بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح” (١تي ٢ : ٥)

فإن مقاييس الفلك ذاتها من طول وإرتفاع وعرض إنما عني بها حقيقة الجسد الإنساني لذا جاء فيه “الكلمة المتجسد”، كأنما كانت نبوة عن مجيئه. فأننا نذكر أن طول الجسد العادي من الرأس إلى القدمين هو ٦ أضعاف العرض من جانب إلى آخر، و١٠ أضعاف السمك من الظهر إلى الصدر.. لهذا جاء الفلك في أبعاده ٣٠٠ ذراعًا طولاً، ٥٠ عرضاً، ٣٠ ارتفاعاً.

أما عن الباب الذي في الجنب فبالتأكيد يشير إلى الجرح المفتوح حيث طعن المصلوب بالحربة في جنبه، إنه الباب الذي يدخل منه القادمون إليه، بمعني أن المؤمنين يدخلون الكنيسة من خلال الأسرار النابعة من هذا الجرح] (القديس أغسطينوس)[16]

 

3- إبراهيم وإسحق

ذبح إسحق الساعة التاسعة من يوم خميس العهد

 

+ الأب قيصريوس:

[الخادمان اللذان أمرهما إبراهيم بالبقاء مع الأتان يشيران إلى الشعب اليهودي الذي لم يستطع أن يصعد ويبلغ إلى موضع الذبيحة، إذ لم يريدوا الإيمان بالمسيح. الأتان تشير إلى المجمع اليهودي، والكبش الموثق في الغابة بقرنيه يبدو أنه يرمز إلى الرب، لأن المسيح أوثق بين الأشواك بقرون إذ علق على خشبة الصليب وسُمر بالصليب.

عندما حمل إسحق الخشب للمحرقة كان يرمز للمسيح ربنا الذي حمل خشبة الصليب إلى موضع آلامه. هذا السر سبق فأعلنه الأنبياء، كالقول: “وتكون الرئاسة على كتفيه” (إش ٩: ٥، ٦). فقد كانت رئاسة المسيح على كتفيه بحمله الصليب في اتضاع عجيب. إنه ليس بأمر غير لائق أن يعني بالرئاسة صليب المسيح، إذ به غلب الشيطان، ودعى العالم كله لمعرفة المسيح والتمتع بنعمته] (الأب قيصريوس)[17]

 

+ العلامة أوريجانوس:

[ويقول الكتاب بعد ذلك “فأخذ إبراهيم حطباً للمحرقة ووضعه على أبنه إسحق، وأخذ بيده النار والسيف. فذهبا كلاهما معاً. أن يحمل إسحق بنفسه الخشب للمحرقة فهذا رمز للمسيح الذي “حمل بنفسه صليبه”، غير أن حمل الحطب للمحرقة هو عمل الكاهن، فقد صار إذاً هو بنفسه الذبيحة والكاهن في ذات الوقت، والقول الذي كان إبراهيم يحمل فيه النار والسكين ليذبح، لم يكن إسحق يسير خلفه ولكن معه، مظهراً بذلك أنه يقوم معه بالمثل بالوظيفة الكهنوتية.

وماذا بعد؟ يكمل الكتاب: “قال إسحق لأبيه إبراهيم: يا أبي.. ها هو فعلاً في تلك اللحظة وفى كلام الأبن صوت التجربة. أتتصور إلى أي درجة يستطيع صوت الأبن هذا الذي سيُذبَح أن يقلب الأحشاء الأبوية؟ لذلك فبالرغم من صلابة إيمانه، فقد رد لأبنه كلمة محبة وأجاب: “ماذا يا ابني؟” فقال إسحق “هوذا النار والحطب، ولكن أين الشاة للمحرقة؟” فأجاب “سيتعهد الله بالشاة للمحرقة، يا ابني”.

يذهلني هذا الرد السديد والحكيم بما يكفى الذي لإبراهيم. لست أعلم ما كان يراه إبراهيم بالروح لأنه لا يتحدث عن الحاضر بل عن المستقبل قائلاً “سيتعهد الله بالشاة”. يرد على ابنه الذي كان يستعلم عن الحاضر بالمستقبل، ذلك أن الرب نفسه كان لا بد وأن يتعهد بالشاة في شخص المسيح، لأن “الحكمة نفسها بنت لها بيتاً وهو ذاته” قد وضع نفسه حتى الموت. وكل ما ستقرأه عن المسيح ستكتشف أنه قد قام به طوعاً وليس إجباراً.

+ الكبش : رمز المسيح الكاهن والذبيحة

يقول الكتاب “وإذ التفت إلى الوراء، نظر إبراهيم وإذا كبش ممسكاً في الغابة بقرنيه” (تك٢٢: ١٣) أعتقد أننا قلنا سابقا إن إسحق كان يرمز للمسيح، ولكن هنا يبدو الكبش أيضًا أنه يرمز للمسيح.

ومن المثير للاهتمام أن نعرف كيف أن هذين الرمزين، إسحق الذي لم ُيذبح قط والكبش المذبوح يتطابقان مع المسيح.

المسيح هو “كلمة الله”، ولكن “الكلمة صار جسدًا” (يو١: ١٤)، وبالتالى هناك في المسيح شئ يأتي من فوق وآخر أُخذ من الطبيعة البشرية ومن الأحشاء البتولية. لقد تألم المسيح إذاً ولكن كان هذا في الجسد، لقد تحمل الموت ولكنه تحمله في الجسد، والذي الكبش هنا هو رمز له.

وقد قال القديس يوحنا بالمثل أيضًا “هوذا حمل الله، هوذا من يرفع خطية العالم” (يو1: 29) أما “الكلمة” على العكس، والذي هو المسيح بحسب الروح، والذي إسحق هو صورة له، فقد ظل “في عدم الفساد” (١كو١٥: ٤٢).

لذلك هو ذبيحة ورئيس كهنة في ذات الوقت.

فهو حسب الروح يقدم الذبيحة لأبيه، وحسب الجسد هو نفسه مُقدم على مذبح الصليب، لأنه كما قيل عنه “هوذا حمل الله، هوذا من يرفع خطية العالم” (يو ١:٢٩)، فقد قيل عنه أيضاً “أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق” (مز109: 4- حسب الترجمة السبعينية). وهكذا إذ كان “الكبش ممسكاً في الغابة بقرنيه” (تك22: 12)] (العلامة أوريجانوس)[18]

 

 

4- ملكي صـــــادق

الساعة التاسعة من يوم خميس العهد

+ القديس جيروم:

[من هو كاهن الله العلي أكثر من ربنا يسوع المسيح الذي قدم ذبيحة لله الآب، مقدمًا ذات الأمور التي قدمها ملكي صادق، الخبز والخمر، أي جسده ودمه؟!.. أما بخصوص إبراهيم فالبركة التي نالها إنما تخص شعبه] (القديس جيروم)[19]

 

+ القديس كبريانوس:

[هذا هو ملكي صادقنا الذي قدم الذبيحة المقدسة التي لنا. إنه هو القائل: “من يأكل جسدي ويشرب دمي” (يو٦: ٥٥)، معطيًا إيانا سره هذا على رتبة ملكي صادق] (القديس كبريانوس)70

 

+ القديس يوحنا ذهبي الفم:

[بلا أب بلا أم بلا نسب، لا بداءة أيام له ولا نهاية حياة بل هو مشبه بابن الله هذا يبقي كاهناً إلي الأبد” (عب ٧: ٣).

ولأن هذا كان عكس عبارة “أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق”، لكن ذاك ملكي صادق، مات، ولم يصر كاهناً إلى الأبد، لاحظ كيف تناول الأمر. ولكي لا يعارضه أحد ويقول له: ومَن يقدر أن يقول هذا الكلام عن إنسان؟ لم يذكر هذا الأمر. أي لا نعرف مَنْ هو أبوه، أومَنْ هي أمه، ولا متى تقلّد الرتبة، ولا متي مات.

وما أهمية هذا؟ وهل بسبب أننا لا نعرف، فهو لم يمت، أو لم يكن له أب ولا أم؟

بالصواب تتكلم، لأنه مات، وأن له أب وأم.

إذاً كيف تقول: بلا أب بلا أم؟، وكيف يقول: لا بداءة أيام له ولا نهاية؟ كيف هذا؟

يقول هذا من حيث إنه لم يحدث أن تحدث عنه الكتاب المقدس بالتفصيل. وما أهمية هذا الأمر؟

الأهمية تتعلق بأنه تماماً كما أن ذاك ملكي صادق بلا أب، من حيث أنه لا يوجد له نسب، هكذا فإن المسيح أيضاً لم يكن له أب من جهة طبيعته الجسدية .

وها هو بلا بداية ولا نهاية، وكما أننا لا نعرف عن ملكي صادق بداية أيامه، ولا نهاية حياته، لأنها غير مكتوبة في الكتاب المقدس، هكذا أيضاً بالنسبة ليسوع لا نعرف، لا لأنها ليست مكتوبة، بل لأنها لا وجود لها (أي البداية والنهاية).

ملكي صادق كان مثالاً، ولهذا لا نعرف عنه شيئ، لأنه غير مكتوب عنه: متي بدأ أو متي انتهى. تماماً مثلما أن الأمر هنا مرتبط بالصفات، لأن الصفات كانت هي ملك البر وملك السلام، إلا أن هناك (بالنسبة للمسيح) تستعلن حقيقة كل الأشياء.

إذاً هنا الأمر مرتبط بصفات، بينما هناك مرتبط بحقيقة كل الأشياء. كيف إذاً تكون له بداية؟ أرأيت أن الأبن بلا بداية، لا لأنه ليس له علة، لأن هذا أمراً مستحيل، إذ له أب، وإلاّ كيف سيكون أبن ؟ بل لأن حياته ليست لها بداية ولا نهاية.

يقول إنه: مشبه بابن الله،.وأين هو الشبه؟ في أنه لا نعرف النهاية والبداية لا للمسيح ولا لملكي صادق، فعدم معرفتنا ببداية ونهاية ملكي صادق ترجع إلى أنها غير مكتوبة، بينما للمسيح هي غير موجودة.

هنا يوجد الشبه، لكن إن كان هناك شبه في كل الجوانب، لما كان هنا كمثال وحقيقة، بل سيكون الإثنان مثال. ويمكن للمرء أن يرى هذا في الصور المرسومة، لأن في هذه الصور يوجد بالطبع شبه ما، لكن يوجد شئ مغاير أو مختلف، وبحسب الرسم البسيط يوجد شبه ما في الملامح، لكن مع إضافة الألوان يتضح الفرق جيداً، من حيث الشبه والأختلاف] (القديس يوحنا ذهبي الفم)[20]

 

5- يهوذا ويوسف

نبوة سبت لعازر

يهــــــــــــــــــــــــــــــــوذا

+ القديس يوستينوس الفيلسوف والشهيد

وقد تكلم موسى أول الأنبياء بهذه الكلمات عينها: “لا يزول رئيس من يهوذا ولا مدبِّر من بين فخذيه حتي يأتي من ذُخِّر له وهو رجاء الأمم، رابطاً بالكرمة جحشه غاسلاً بدم العنقود ثوبه” (تك٤٩: ١٠) فالأمر متروك لكم أن تبحثوا بدقة وتتعلموا إلى أي وقت كان لليهود حاكمهم وملكهم . [فقد كان لهم حاكم] حتي وقت مجيء المسيح معلمنا الذي فسر لنا النبوات التي لم تكن مفهومة بعد، كما سبق وقال روح النبوة الإلهي القدوس من خلال موسى إنه “لا يزول رئيس من يهوذا حتى يأتي من ذُخِّر له المُلك” وإذ كان يهوذا من أسلاف اليهود ومنه يتخذون اسمهم وبعد أن ظهر [المسيح]، حكمتم أنتم اليهود وصرتم أسياداً على كل أرضهم والنبوءة التي تقول “وهو رجاء الأمم” تعني أن أناساً من جميع الأمم سوف يترجون مجيئه الثاني، كما يمكنكم أن تروا بأعينكم وأن تقتنعوا بما حدث فعلاً لأن أناساً من كل الأمم يتطلعون لمنصُلب في اليهودية والذي بعد مجيئه أعطيت لكم دولة اليهود على الفور كغنيمة حرب، أما عبارة “رابطاً بالكرمة جحشه وغاسلاً بدم العنقود ثوبه” فهي إشارة لما سيحدث للمسيح وللأعمال التي سيعملها، لأن جحش أتان كان مربوطاً في كرمة في مدخل قرية وقد أمر تلاميذه أن يحضروه إليه، وعندما أحضروه ركبه وجلس عليه ودخل أورشليم حيث كان الهيكل اليهودي العظيم الذي هدمتموه أنتم فيما بعد، وبعد ذلك صُلِب المسيح لكي تتحقق بقية النبوة، لأن الكلمات “غاسلاً بدم العنقود ثوبه” كانت إشارة إلى الآلام التي كان مزمعاً أن يقاسيها مطهراً بدمه من يؤمنون به، لأن ما دعاه روح الله من خلال النبي “ثوبه” يمثل أولئك المؤمنين بالمسيح الذين يسكن فيهم بذرة الله أي الكلمة، وبقوله “دم العنقود” يعني أن الذي سيأتي سوف يكون من لحم ودم، إلا أنه ليس من زرع بشر بل من قوة الله، والكلمة هو القوة الأولى بعد الآب سيد كل الأشياء، وهو أيضاً ابنه الذي اتخذ جسداً وصار إنساناً كما سنوضح الآن، فكما أن الله هو الذي صنع دم العنقود وليس إنساناً، كذلك أيضاً فإنه من الواضح أن هذا الجسد لم يكن من زرع بشر بل من قوة الله كما سبق وذكرنا.[21]

+ القديس أغسطينوس

[لقد سبق فتُنبئ عن موت المسيح بقوله “ربض”، موضحًا أن موته كان بإرادته وليس قسرًا، إذ رمز له بالأسد. لقد أعلن هذا السلطان بنفسه في الإنجيل إذ قال: “ليس أحد يأخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي، لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضًا” (يو١٠: ١٨). هكذا زأر الأسد وتمم ما قاله. لقد أضاف إلى هذا سلطانه في القيامة بقوله: “من ينهضه؟!” بمعنى أنه يقيم نفسه وليس إنسان يقيمه. لقد قال عن جسده: “انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه” (يو ٢: ١٩). تحدث أيضًا عن نوع موته أي الصعود على الصليب، إذ قيل: “من فريسة صعدت”…] (القديس أغسطينوس)[22]

[ليس هناك أي غش أو غموض في هذه الكلمة إذا قُرِئت في نور المسيح. فإننا نرى إخوته الرسل وكل أتباعه المتصلين به يحمدونه، طالبين ليس مجد أنفسهم بل مجده هو. وها نحن نرى يديه على قفا أعدائه الذين رضخوا وخضعوا إلى الأرض بنمو الجماعات المسيحية رغم مقاومتهم لها. وها نحن نرى بني يعقوب يسجدون له، أعني البقية الباقية التي خلصت بموجب اختيار النعمة. فالمسيح الذي وُلِدَ طفلاً هو جرو الأسد، كما أردف قائلاً: “يا ابني وذريتي” لكي يبين كيف أن هذا الجرو الذي قيل عنه في مدحه:” جرو الأسد جبار الوحوش” (أم٣٠: ٣٠) كيف أنه في طفولته كان أقوى من شيوخهم. كما أننا نرى المسيح صاعداً على الصليب، وقد أحنى رأسه عندما أسلم الروح “من فريسة صعدت يا ابني”، ونراه راقداً مثل أسد، لأنه في موته لم يكن المنهزم بل الغالب، ومثل جرو أسد، لأن سبب ميلاده كان هو سبب موته. وقد نهض من الموت بذاته فلم يره أحد ولم يكن ممكناً أن يراه] (القدّيس أغسطينوس)[23]

+ القدّيس كبريانوس:

[في بركة يهوذا .. نجد هناك أيضًا رمزاً للمسيح، بأنه سوف يحمده إخوته، ويسجدون له، وأنه سوف يطارد فلول أعدائه المستسلمين والهاربين بيديه اللتين حملتا الصليب وهزم بهما الموت “يداك على قفا أعدائك”، وأنه هو نفسه الأسد الخارج من سبط يهوذا الذي ينبغي أن يجثو لينام في آلامه، ولكنه يقوم، وسوف يكون هو نفسه رجاء الأمم. ثم تضيف الأسفار المقدَّسة قائلة: غسل بالخمر لباسه وبدم العنب ثوبه”، أمَّا دم العنب فأي شئ يدل عليه سوى خمر كأس دم الرب؟] (القدّيس كبريانوس)[24]

+ الآباء القديسون[25]:

نبوءة يعقوب لبنيه

نظرة عامة:

  • [ان الشرّاح المسيحيين الأوائل وَجَدوا في (التكوين 49) أن الآيات التي تخص يهوذا جديرة بالاهتمام حقًّا، إذا ما قُرِأَت بمفهوم ماسيّاني. إن يعقوب بمباركته ليهوذا، ولأنه  كان على علْم بما سيحدث روحيًّا – قد بارك داود وهكذا المسيح المولود مِن نسل داود حسب الجسد. والإخوة الذين يمجّدونه هم مثال للرسل.] (هيبوليتوس).
  • [يبدو يعقوب ظاهريًّا كأنه يخاطب البطريرك يهوذا؛ لكن المقصود هو يهوذا الآخر: أيْ المسيح. الذي يضع يداه على قفا أعدائه (تك 8:49)] (أمبروسيوس، روفينوس).
  • [المفهوم مِن اسم يهوذا الذي تفسيره “التسبيح” أو “اللائق به الترنيم” هو إظهار أن الكلام بالضرورة يشير للمسيح.] (كيرلُّس السكندري).
  • [في (التكوين 49:9) يعدّ الـ “أسد” و”جرو الأسد” إشارة للآب والابن. في التعبير “فريسة” إظهار للجيل الذي منه يأتي المسيح حسب الجسد] (هيبوليتوس، أمبروسيوس).
  • [بتفسير آخر لهذه الآية ذاتها، فإن يهوذا مثال المسيح قد دُعي أسدًا للإعلان عن طبيعته كملك؛ وكذلك لمواجهته لعدوّنا (أيْ إبليس) والمسمّى بالأسد في الإنجيل أيضا.” (كيرلُّس الأورشليمي).
  • [يمكن أنْ يسهم الاستناد إلى علْم الطبائع في الدلالة على أن “جرو الأسد” هو إشارة إلى المسيح رمزيًّا وحرفيّا. وتعبير “الفريسة” يُظهِر أنه ولد بمعزل عن أية علاقة جسدانية وبغير زرع بشر. وهذا الكلام عينه يمكن أنْ ينسحب على الرسول بولس ولكنْ بمفهوم آخر] (روفينوس).
  • [فُسِّر تعبير الأسد الرابض بأنه رمز للأيّام الثلاثة التي فيها مكث المسيح في القبر. أما كلمة “يصحو”، فتشير لقيامة المسيح.] (هيبوليتوس، أمبروسيوس، روفينوس).
  • [القضيب المذكور في (التكوين 49:10)، هو رمز للمسيح الملك الحق؛ وهو أيضًا إشارة للأمم التي تنتظره وتترجّاه.] (أمبروسيوس، روفينوس).
  • [وبتفسير روحي، فإن الأمم تُعَدّ رمزًا لآلام النفس التي تأتي خاضعة معترفة بالمسيح.] (روفينوس).
  • [الكرمة في (تكوين 49:11)، هي رمز للمسيح الذي فيه يَثْبُت الشعب الجديد المتمثّل في الجحش أو الأتان.] (إكليمندُس السكندري، أمبروسيوس، فم الذهب، روفينوس).
  • [هذه الآية أيضًا تشير إلى الدخول المزمع للمسيح إلى أورشليم راكبًا على جحش.” (إفرام).
  • [بتفسير روحي، فإن الجحش ابن الأتان يعدّ إشارة لحواس النفس.] (روفينوس).
  • [مقولة غسْل لباسه بالخمر قد تفَسَّر كإشارة لمعمودية المسيح وآلامه. وبمفاهيم أخرى، فإن ثوب المسيح هو جسده؛ أما لباسه، فهو يُفَسَّر على أنه إشارة للأمم، أو للكنيسة] (نوفيتيانوس، روفينوس، امبروسيوس، هيبوليتوس).
  • [تفسير العينين المذكورتين في (تكوين 49:12)، هما الأنبياء، وهما كمثال لعينيْ المسيح؛ أما الأسنان، فهي تشير إما للرسل، أو للوصايا الربانية.] (هيبوليتوس، أمبروسيوس).
  • [إن كل هذه الأشياء ترمز للكلمة. بلْ والتعبير بالـ “لبن” يمكن أنْ يُفَسَّر بأنه مثال لدم الرب.] (إكليمندُس السكندري).
  • [بتفسير مختلف، قد تكون الأسنان الأبيض مِن اللبن إشارة لأعضاء جسد المسيح، تلك التي تقدر أنْ تمضغ الطعام الصلب الذي لكلمة الله.] (روفينوس)..
  • [يمكن أنْ يُفَسَّر الوصف لخبز “أشير” السمين أو الدسم على أنه إشارة للمسيح فهو خبز السماء وطعام القديسين.] (هيبوليتوس، أمبروسيوس).
  • [بالمفهوم الروحي، فإن “أشير” الذي تفسيره “الطوباوي”، يشير لمَن مِن بعد نصرته على التجارب يأكل الخبز الذي مِن السماء.] (روفينوس).
  • [“خبزه سمين” (49:20) النبي يتكلم كلامًا غامضاً. هنا يتكلم النبي بغموض: إما عن الرسل -مَن كانت لهم مهمة إعطاء وتوزيع خبز الحياة، أو عن المخلِّص ذاته؛ إذ هو يتنبأ ويدعنا ندرك المعني]! {هكذا مكتوب!} (هيبوليتوس)
  • [لقد بارك يعقوب يوسف أكثر مِن إخوته كلهم، لأنه -أيْ يعقوب- قد رأى فيه الأسرار العتيدة أنْ تُستعلَن بالتمام في المسيح.] (هيبوليتوس، أمبروسيوس).
  • [كما جعل يعقوب يوسف سندًا له بدلاً مِن راوبين ابنه البِكر، كذلك العالم أيضًا يجعل سنده المسيح عوضًا عن آدم، ذلك الابن البِكر المتمرِّد. وكما أن يوسف هو ابن شيخوخة يعقوب، هكذا أيضًا المسيح الذي أتى مؤخّرًا لعالم كاد يشيخ.] (إفرام، أمبروسيوس).

القديس هيبوليتس

[الحديث هنا ينطبق بالأكثر على السيد المسيح الذي حسده إخوته وقام ضده “أرباب السهام” أي “قادة الشعب” بمشورتهم المرة، لكن أقواسهم انكسرت وانهارت سواعد أيديهم معلنًا النصرة على الصليب ضد القوات الشريرة. أما تشبيه السيد المسيح بغصن فقد تكرر كثيرًاخاصة في سفر زكريا (زك ٣: ٨)] (القديس هيبوليتس)[26]

[من هو الابن الوفي الذي حسدوه حتى إلى هذا اليوم سوى ربنا يسوع المسيح؟ فهو موضع حسدهم بالفعل، أولئك الذين اختاروا أن يكرهونه مجاناً، إلَّا أنه لا يمكن بأي حال أن ينهزم. لأنه رغم إختياره الصليب، إلَّا أنه عاد كإله إلى الحياة، منتصراً على الموت. وهكذا يخاطبه الله أبوه قائلاً: «اجلس عن يميني»، أمّا أولئك الذين قاوموه بكل ما أوتوا من جنون فقد صاروا إلى عدم. وهذا هو ما أعلمنا به الوحي بقوله: «تآمر الرؤساء عليه معاً ولعنوه». فقد عقد الرؤساء، الذين هم قادة الشعب، مجمعهم ضده وتآمروا عليه بحنق مرير. «لكن سهامهم تكسَّرت وارتخت أوتار سواعدهم بيد عزيز يعقوب»، أي بيد الله الآب الذي هو رب القوّة، الذي جعل ابنه أيضاً مباركاً في السماء وعلى الأرض…

أمَّا «بركات الثديين والرحم» فيقصد بها أن البركة الحقيقية من السماء هي الروح القدس النازل على الجسد (جسد العذراء) بواسطة الكلمة (في سر التجسُّد) أي أنه يقصد بالقديسين والرحم بركات العذراء.

أما «بركات أبيك وأمك» فيعني بها بركات الآب التي تقبلناها في الكنيسة بواسطة ربنا يسوع المسيح…

أمَّا «بركات الجبال الآهلة بساكنيها والآكام الدهرية» فيعني بهاالقدّيسين لأنهم قد ارتفعوا فوق الأرض ولم يعبأوا بالأشياء التي تفني بل طلبوا ما فوق واتقوا بحقِّ أي الصعود نحو الفضائل الأسمي] (العلامة هيبوليتس)[27]

وضع يعقوب يديه على إبني يوسف

الساعة الثالثة من يوم الجمعة العظيمة

+ القديس أغسطينوس

[إلي هذه الدرجة أكَّد أن نفس هذا الكائن الذي قال إنه ملاك وهو بعينه الذي دعاه إلهاً،… هو الواهب لهذه البركة. وقد أظهرها يعقوب أيضاً بوضوح عندما وضع يديه على هيئة صليب فوق رأس الولدين كما لو كان المسيح هو أبوهما، مبيِّناً بذلك علامة آلامه المستقبلة وطبيعته].

+ القديس نوفاتيان

[إنه نورك يا رب الذي رآه يعقوب عندما كان هو أيضاً كفيفاً بسبب شيخوخته، إلَّا أنه بقلب مستنير ألقى نوراً على أجناس الشعوب المستقبلة ممثَّلةُ في أولاده، ووضع يديه بطريقة سرِّية على هيئة صليب فوق رأسي حفيديه من يوسف، أمَّا يوسف أبوهما الذي كان ينظر من الخارج فأراد أن يصحِّح وضعهما، ولكن يعقوب كان يرى بنورك مستقبلهما.

إنه النور الواحد وحده ، وكل من يرونه ويحبونه هم واحد فيه].[28]

+ القديس أفراهاط

[كان يوسف مضطَهدًا، وكان إخوته هم المضطهِدِين. يوسف تمجد، ومضطِهدوه سجدوا له، فتحققتِ أحلامه ورؤياه.

كان يوسف المُضطَهد رمزًا ليسوع المُضطَهد.

يوسف ألبسه والده قميصًا بألوان كثيرة، ويسوع ألبسه أبوه جسدًا من البتول.

يوسف أحبه أبوه أكثر من إخوته، ويسوع هو العزيز المحبوب لدى أبيه.

رأى يوسف رؤى وحلم أحلامًا، وتحققت الرؤى والأنبياء في يسوع.

كان يوسف راعيًا مع إخوته، ويسوع هو رئيس الرعاة.

عندما أرسله أبوه ليفتقد إخوته رأوا يوسف قادمًا وخططوا لقتله، وعندما أرسل الآب يسوع ليفتقد إخوته قالوا: “هذا هو الوارث، هلم نقتله” (مت 21: 38).

ألقى إخوة يوسف أخاهم في الجب، ويسوع أنزله إخوته ليسكن بين الموتى.

يوسف صعد من الجب، ويسوع قام من بين الأموات.

يوسف بعد أن قام من الجب صار له سلطان على إخوته، ويسوع بعد أن سكن بين الأموات أعطاه أبوه اسمًا عظيمًا ممجدًا (في 2: 9) ليخدمه إخوته ويخضع أعداؤه تحت قدميه.

يوسف بعد أن عرفه إخوته خجلوا وخافوا واندهشوا أمام عظمته، وعندما يأتي يسوع في آخر الزمان، ويعلن عظمته سيخجل إخوته ويخافون ويرتعبون أمامه لأنهم صلبوه.

علاوة على هذا فإن يوسف بيع إلى مصر بناء على مشورة يهوذا، ويسوع سُلم لليهود بيدي يهوذا الإسخريوطي.

عندما باعوا يوسف لم يجب إخوته بكلمة، ويسوع أيضًا لم ينطق ولا أجاب على القضاة الذين حاكموه.

يوسف سلمه سيده للسجن ظلمًا، ويسوع أدانه أبناء شعبه ظلمًا.

سلم يوسف ثوبيه، واحد في أيدي إخوته، والآخر في يد زوجة سيده، ويسوع سلم ثيابه وقسمت بين الجند.

يوسف إذ كان في الثلاثين من عمره وقف أمام فرعون وصار سيد مصر، ويسوع إذ بلغ الثلاثين جاء إلى الأردن ليعتمد وقبل الروح وخرج يكرز.

يوسف عال مصر بالخبز، ويسوع عال العالم كله بخبز الحياة.

يوسف أخذ ابنة الكاهن الشرير النجس زوجة له، ويسوع خطب لنفسه الكنيسة من الأمم النجسين.

مات يوسف ودُفن في مصر، ومات يسوع ودُفن في أورشليم.

عظام يوسف أصعدها إخوته من مصر، ويسوع أقامه أبوه من مسكن الموت ولبس جسده وارتفع به إلى السماء في غير فساد].[29]

 

 

٦- مــوســـى

+ القديس أفراهاط

[بالفصح خرج هؤلاء من عبودية فرعون، ونحن في يوم الصلب نخلص من عبودية الشيطان.

هم ذبحوا حملًا من القطيع، وبدمه نجوا من المفسد، ونحن خلصنا بدم ابن مختار من أعمال الفساد التي عملناها.

كان لهم موسى قائدًا، ونحن لنا يسوع هاديًا ومخلصًا.

شق لهم موسى البحر وأجازهم، وأما مخلصنا فشق الجحيم وحَّطم أبوابه، ودخل إلى الداخل وفتحها. ورسم الطريق أمام كل الذين يؤمنون به.

وهبهم موسى الماء من الصخرة، وأجرى لنا مخلصنا الماء الحيّ من صدره.

وعدهم موسى بأرض الكنعانيين ميراثًا، ووعدنا ربنا بأرض الحياة ملكًا.

رفع موسى حيَّة نحاسية، كل من ينظر إليها يبقى حيًا بالرغم من لدغة الحية. وعلق يسوع نفسه وكل من يتطلع إليه ينجو من جرح الحية التيهي الشيطان.

صنع لهم موسى الخيمة الوقتية ليقدموا فيها الذبائح والقرابين، فيطهروا من خطاياهم. وأقام يسوع خيمة داود الساقطة (عا ٩: ١٠)؛ (أع ١٥: ١٦) وقام. وقد قال لليهود: “انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه” (يو ٢: ١٩). وقد فهم تلاميذه إنه تحدث عن جسده الذي يقيمه بعد ثلاثة أيام حين يقتلونه. ففي هذه الخيمة وعدنا بالحياة وبها تطهر خطايانا.

دعا خيمتهم خيمة وقتية، لأنها تخدم زمنًا قصيرًا، ودعا خيمتنا هيكل الروح القدوس الذي يدوم إلى الأبد (١كو ٣: ١٦؛ ٦: ١٩).

أخرج موسى شعبه من خدمة فرعون، وخلّص يسوع الشعوب من خدمة الشيطان.

ترَّبى موسى في بيت فرعون، وتربى يسوع في مصر حين هرب به يوسف إلى هناك.

وقفت مريم على حافة النهر حين طاف موسى فوق الماء، وحملت مريم بيسوع حين بشرها الملاك جبرائيل.

حين ذبح موسى الحمل قتل أبكار المصريين، وصار يسوع الحمل الحقيقي حين صلبوه، وبموته مات الشعب القاتل.

أنزل موسى المن لشعبه، ووهب يسوع جسده للشعوب.

بالخشبة حلَّى موسى المياه المرة، وبصليبه حلَّى يسوع مرارتنا بخشبة شجرة صليبه.

أنزل موسى الناموس لشعبه، ووهب يسوع عهوده للشعوب.

قهر موسى عماليق عندما بسط يديه، وقهر يسوع الشيطان بعلامة الصليب.

أخرج موسى لشعبه مياهًا من الصخرة، وأرسل يسوع سمعان صفا ليحمل تعليمه بين الشعوب.

رفع موسى البرقع عن وجهه وتكلم مع الله، وأنتزع يسوع البرقع عن وجه الشعوب ليسمعوا تعليمه ويقبلوه.

وضع موسى يده عل رسله فقبلوا الكهنوت، ووضع يسوع يده على رسله فنالوا الروح القدس.

صعد موسى الجبل، ومات هناك، وصعد يسوع إلى السماء، وجلس عن يمين الآب.].[30]

+ الآباء القديسون

نبوة باكر الأربعاء (خر١٧: ١- ٧)

شفاعة موسي لأجل شعب إسرائيل

يقول القديس جيروم أن موسى النبي هنا مثال المسيح له المجد، الذي برغم مقاومة الشعب له وهياجهم عليه كان يُصلِّي من أجلهم ويشفع فيهم. (القديس جيروم )[31]

نبوة باكر يوم خميس العهد

موسى على الجبل يصلي ويشوع يحارب عماليق

[إني مندهش أنه في الوقت الذي كان فيه يشوع يحارب مع عماليق، كان موسى يصلي جالسًا بيدين منبسطتين. مع أنه كان في ظروف حرجة وكان بالحرى يلزمه أن يُصلي بركب منحنية، ويَدَين تقرعان على الصدر، ووجه منبطح على الأرض… لكنه كان ضروريًا أن يحمل رمزالصليب حتى يغلب يشوع المعركة بالصليب] (العلامة ترتليان).

[إذ رأى موسى قسوة ذلك الشعب رفع يداه في السبت، رابطًا نفسه رمزيًا بالصليب]. (الأب فيكتوريانوس)

[غلب يشوع عماليق بهذه العلامة التي للصليب خلال موسى]. (الشهيد كبريانوس)

[عندما دخلت خشبة الصليب إلى الوصية جعلتها عذبة، إذ صارت تُنفذ روحيًا، وبالتالي صارت نفس هذه الوصايا للحياة]. (اوريجانوس)

[عندما يرفع موسى يديه ينهزم عماليق، وعندما يخفضهما بعد أن يتعب ليعطيهما راحة كان عماليق ينتصر. إذن لنرفع أيدينا نحن أيضًا في قوة صليب المسيح، ولنرفع الصلاة “في كل مكان بلا غضب ولا جدال، أيادي طاهرة” (أف ٢: ٨ )، حتى نستحق معونة الله. هذا ما يحثنا عليه يعقوب الرسول قائلًا: “قاوموا إبليس يهرب منكم” (يع٤: ٧)، إذن لنبدأ بملء الإيمان فلا يهرب إبليس بعيدًا عنا فحسب، وإنما ينسحق أيضًا تحت أرجلنا، كما غرق فرعون في البحر وابتلعته أعماق الهاوية] (العلامة اوريجانوس).[32]

الحية النحاسية

[ما هي الحيات التي تلدغ؟ الخطايا الصادرة عن موت الجسد.

ما هي الحيّة التي رُفعت؟ موت الرب على الصليب. كما جاء الموت بالحيّة، رُمز له بصورة حيّة.

لدغة الحيّة مميتة، وموت الرب محيي. إذ ينظر إلى حيّة تفقد الحيّة سلطانها. ما هذا؟ إذ ينظر إلى الموت، يفقد الموت سلطانه. ولكن موت من؟موت الحياة…

بموت المسيح (الحياة) مات الموت.

موت الحياة ذبح الموت، ملء الحياة ابتلعت الموت.

انحل الموت في جسم المسيح.

لذلك نقول في القيامة إذ يتغنى المنتصرون: “أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟” (1كو 15: 54)…

يوجد فارق بين الصورة الرمزية والشيء الحقيقي، الرمز يبعث حياة وقتية، والحقيقة التي لها الرمز تبعث حياة أبدية] (القديس أغسطينوس)[33]

 

خروف الفصح

الساعة الحادية عشر يوم الجمعة العظيمة

[يمكن أيضاً الرجوع إلى شرح الآباء لخروف الفصح ومعانيه الروحية في شرح قراءات خميس البصخة].

 

+ الأب ميليتو أسقف ساردس

[يتحقق سرّ الفصح في جسد الرب…

فقد اُقتيد كحمل، وذبح كشاه، مخلصًا إيَّانا من عبودية العالم (مصر)، ومحررنا من عبودية الشيطان كما من فرعون، خاتمًا نفوسنا بروحه، وأعضاءنا الجسدية بدمه…

إنه ذاك الواحد الذي خلصنا من العبودية إلى الحرية، ومن الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، ومن الظلم إلى الملكوت الأبدي…

إنه ذاك الذي (فصح) عبور خلاصنا…

هو الحمل الصامت… الذي أخذ من القطيع، واُقتيد للذبح في المساء، ودُفن بالليل.

من أجل هذا كان عيد الفطر مرًا، كما يقول كتابكم المقدس: تأكلون فطيرًا بأعشاب مرَّة،

مُرَّة لكم هي المسامير التي استخدمت،

مُرّ هو اللسان الذي جدف،

مُرَّة هي الشهادة الباطلة التي نطقتم بها ضده…

كما يقول أيضًا :

[تأمل هذا أيها العزيز المحبوب، كيف أن سرّ الفصح جديد وقديم، أبدي وزائل، غير قابل للفساد وقابل للفساد، خالد ومائت!

إنه قديم حسب الناموس، وجديد حسب اللوغس (الكلمة الإلهي).

زائل خلال عبارات الرمز، وأبدي في عبارات النعمة.

قابل للفساد خلال موت الحملان، وغير قابل للفساد خلال حياة الرب…

هكذا ذبيحة الحملان وطقس الفصح وحرف الناموس، هذه قد تحققت في المسيح يسوع. عوض الناموس جاء اللوغوس، فصار القديم جديدًا،وصارت الوصية نعمة، والرمز حقيقة] (الأب ميليتو)[34]

 

٧- يشـــــــــــــــوع

لقان خميس العهد

القديس إيريناوس

“كان لائقًا أن يُخرج موسى الشعب من مصر، وأما يسوع فيدخل بهم إلى الميراث. كان موسى كممثل للناموس يجب أن يتوقف، أما يشوع (يسوع) فبكونه الكلمة الذي صار جسدًا فيُبشر للشعب].[35]

 

٨- يـونـــــــــــان

(يون ١ ،٢) يــونـــــــان

الساعة الثانية عشر يوم الجمعة وباكر سبت الفرح

[يوناننا يقول: إنني بالحقيقة أعرف أن هذا النوء العظيم عليكم هو بسببي، فإذ تراني الرياح مبحرًا معكم إلى ترشيش أي إلى “التأمل المفرح”، أقودكم إلى المجد، حتى حيث أوجد أنا هناك تكونون أنتم أيضًا عند الآب، لهذا يحدث غضب. العالم يبكي والطبيعة تضطرب! الموت يُريد أن يبتلعني لكي يقتلكم في نفس الوقت وهو لا يدرك أنه يأخذني كطعم، فبموتي يموت هو! خذوني إذن واطرحوني في البحر!]. (القديس جيروم)[36]

فكر آباء الكنيسة الأوائل

كان يونان أحد كتب التفسيرالرئيسية لآباء الكنيسة. في الأناجيل، استخدم يسوع توبة أهل نينوى – غير اليهود كوسيلة لتوبيخ اليهود الذين رفضوا رسالته. في متى،على سبيل المثال، قارن يسوع أيامه الثلاثة في القبر مع أيام يونان الثلاثة في بطن الحوت.

باختصار، كان هدف آباء الكنيسة أن يرواالمسيح على أنه يونان الجديد الذي أتم العهد القديم وتجاوزه، والذي عُهد إليه الآن بأهل نينوى الجدد، الأمم.

[خلص الله أهل نينوى من خلال يونان مثلما يخلص الله التائبين الآخرين من خلال المسيح] (العلامة ترتليان).

[تهدئة يونان للبحر تشبه انتهار المسيح للرياح والبحر. تشبه أيام يونان الثلاثة في بطن الحوت أيام المسيح الثلاثة في القبر] (القديس كيرلس الأورشليمي).

[يرمز بطن الحوت إلى رحم مريم، الموضع الذي منه سيأتي المسيح] (القديس أمبروسيوس).

[على هذا النحو يرمز يونان إلى نزول المسيح إلى العالم السفلي. وكما نجا يونان في بطنه، كذلك نجا المسيح من القبر] (القديس كيرلس الأورشليمي).

[قذف يونان من الحوت بعد ثلاثة أيام يرمز إلى القيامة] (العلامة ترتليان).

[كما انتقل يونان من سفينة إلى حوت، هكذا أيضاً انتقل المسيح من شجرةٍ إلى قبر. وكما لم تتحقق نبوءة يونان إلا بعد محنته، كذلك أيضاً فإن الرسالة إلى الأمم لم تدخل حيز التنفيذ إلا بعد القيامة] (القديس أغسطينوس).[37]

 

 

 

 

المراجع

 

[1]  الكهنوت بحسب تعليم القديس كيرلس الإسكندري – صفحة ١٩-  ترجمة دكتور جورج عوض إبراهيم.

[2]   كتاب شرح سفر التكوين – صفحة ١٤ – إعداد الراهب القس يوحنا المقاري.

[3]   القدّيس كيرلس الكبير – كتاب شرح سفر التكوين- صفحة ٩٧-  إعداد الراهب القس يوحنا المقاري.

[4]  كتاب تعليقات لامعة علي سفر التكوين (جلافيرا) – صفحة 39 – مقدمة وترجمة وتعليقات دكتور جورج عوض ابراهيم.

[5]   القدّيس كليمندس الإسكندري – كتاب شرح سفر التكوين- صفحة ١١٣-  إعداد الراهب القس يوحنا المقاري.

[6] Oden, T.C. & Hall, C.A. (2002). Genesis 1-11 (The Ancient Christian Commentary on Scripture, Old Testament part II). Illinois (U.S.A): InterVarsity Press. Page 27

[7]  القدّيس أثناسيوس الرسولي – كتاب الرسالة الى الوثنيين – الفصل الثاني – تعريب القمص مرقس داود.

[8]  تفسير رسالة رومية لذهبي الفم – صفحة ٢٤٧ – ترجمها إلى اليونانية دكتور سعيد حكيم يعقوب.

[9]  تفسير سفر التكوين – الإصحاح الثاني- القمص تادرس يعقوب ملطي.

[10]  تفسير سفر التكوين – الإصحاح السادس – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[11] عظات علي سفر التكوين – صفحة ٩٢- مركز باناريون للتراث الآبائي.

[12]  شرح سفر التكوين – صفحة ١٨٢، ١٨٣- إعداد الراهب القس يوحنا المقاري.

[13]  تفسير تكوين – اصحاح ٩ –  القمص تادرس يعقوب ملطي.

[14]  كتاب تفسير الكتاب المُقدَّس عند آباءالكنيسة – صفحة ٧٥ –  دكتور جورج عوض إبراهيم.

[15]  بحث آبائي عن الكنيسة في فكر الآباء – القمص متياس نصر منقريوس.

[16]  كتاب الكنيسة بيت الله – صفحة ٨٧ – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[17]   تفسير سفر التكوين – إصحاح ٢٢ – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[18] عظات على سفر التكوين – العظة الثامنة – ص ١٥٣: ١٥٨-  ترجمة: أ.مريم أشرف سيدهم، أ.مريم رشاد حليم، د.جينا بسطا) – مركز باناريون للتراث الآبائي.

[19]  تفسير سفر التكوين إصحاح ١٤ – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[20]  تفسير الرسالة إلي العبرانيين – ص ١٩٢، ١٩٣-  للقديس يوحنا ذهبي الفم –  ترجمة دكتور سعيد حكيم يعقوب.

[21]  كتاب القديس يوستينوس الفيلسوف والشهيد – الدفاع الأول – الفصل 32 – صفحة ٦٠ – ترجمة أستاذة آمال فؤاد ومراجعة دكتور جوزيف موريس فلتس – إصدار دار باناريون للنشر.

[22]  تفسير سفر التكوين – إصحاح ٤٩ – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[23]  شرح سفر التكوين – صفحة ٤٩٦، ٤٩٧ – الراهب القس يوحنا المقاري.

[24]  شرح سفر التكوين – صفحة ٤٩٦ – الراهب القس يوحنا المقاري .

[25] 1: Oden, T.C. & Hall, C.A. (2002). Genesis 12 – 50 (The Ancient Christian Commentary on Scripture, Old Testament part II). Illinois (U.S.A): InterVarsity Press. Page 27.

[26]  تفسير سفر التكوين – إصحاح ٤٩ – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[27]  شرح سفر التكوين – صفحة ٥٠٧ – الراهب القس يوحنا المقاري.

[28]  كتاب شرح سفر التكوين – صفحة ٤٨٩ – إعداد الراهب القس يوحنا المقاري.

[29]  تفسير سفر الحكمة – الإصحاح العاشر – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[30]  تفسير سفر الحكمة – الإصحاح العاشر – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[31]  Oden, T.C. & Hall, C.A. (2002). Exodus,Leviticus,Numbers,Deuteronomy (The Ancient Christian Commentary on Scripture, Old Testament part II). Illinois (U.S.A): InterVarsity Press. Pages 89 ,90.

[32]  تفسير سفر الخروج – إصحاح ١٧ – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[33]  تفسير سفر الحكمة – الإصحاح السادس عشر – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[34]  تفسير سفر عزرا – الإصحاح السادس – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[35]  تفسير سفر يشوع – الإصحاح الأول – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[36]  تفسير سفر يونان – إصحاح ١ – القمص تادرس يعقوب ملطي.

[37]  سفر يونان في فكر آباء الكنيسة الأوائل:

Ferreiro, A & Oden, T.C. ( 2003 ). The Twelve prophets (The Ancient Christian Commentary on Scripture, Old Testament part XIV ). Illinois (U.S.A): InterVarsity Press. Pages 128 – 146    ترجمة الأخ: كيرلس كامل مرقص – كنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بأبو قرقاص.