شروحات اخري للبصخة المقدسة‎‎ / المتنيح الارشيدياكون بانوب عبده

 

قراءات البصخة المقدسة

 

 ا – شكل القراءات

إن كتاب, البصخة ، المستعمل الآن في كنيستنا طبع لآخر مرة عام ١٩٤٩ م بعد أن زيدت عليه عما جاء بطبعته عام ١٩٢١ م عدة نبوات وعظات ، ثم بضعة فصول من رسائل بولس الرسول لسواعي يومى الخميس الكبير والجمعة العظيمة ونظراً لأن هذه الزيادات لا تمس الأساس الأصلي الذي تقوم عليه قراءات السواعى، بل هي بمثابة زيادات إيضاحية لنفس الموضوع ، فقد رأينا اعتمادها هنا مسايرة للطبعة الصادرة أخيرا .

أما الزيادة التي تؤخذ على طبعتی ۱۹۲۱ ، ١٩٤٩ لمخالفتها لاقدم بصخة معروفة فهي صلاة الساعة التاسعة من يوم أحد الشعانين ، وقد رأينا إغفالها هنا لمخالفتها للنظام الأساسي ، ويرى القارىء الأدلة على ذلك في البحث الخاص بأحد الشعانين . وفيما يلى كلمة عن القراءات من حيث شكلها :

النبوات : يتراوح عدد النبوات المرتبة لسواعي النهار بين اثنين وخمسة طوال الأسبوع، باستثناء يوم الجمعة العظيمة حيث عدد نبوات باكر إحدى عشرة، وعدد نبوات الساعة الثالثة . أما في أغلب سواعى الليالي فلكل ساعة نبوة واحدة . وقد ميزنا النبوات التي زيدت في بصخة ١٩٤٩ عن بصحة ١٩٢١ وكذا العظات بهذه العلامة (*) تسهيلا للباحثين .

العظات : أما العظات فمرتبة لسواعي النهار فقط ، ونظامها هو عظة لكل من باكر والتاسعة والحادية عشرة من أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس .

الأناجيل : ويختلف نظام الأناجيل في النهار والليل باختلاف الأيام ؛ ففي أحد الشعانين ، فضلا عن أناجيل دورة الشعانين ، التي سيرد الكلام عليها فيما بعد ، يقرأ إنجيل في باكر ،ثم في القداس أربعة أناجيل من البشائر الأربع بحسب ترتيبها ، وإنجيل للساعة الحادية عشرة من هذا اليوم ، وآخر لكل من سواعى ليلة الاثنين الخمس .

وفي كل ساعة من سواعي النهار والليل يقرأ إنجيل واحد وذلك ايام الاثنين والثلاثاء والأربعاء . وفي يوم الخميس الكبير يقرأ إنجيل واحد لكل من سواعي النهار حتى التاسعة ، ثم إنجيل اللقان وهو الساعة الحادية عشرة، ثم إنجيل للقداس وآخر للتوزيع .

وفي المساء أي ابتداء من ليلة الجمعة تقرأ أربعة أناجيل البارقليط في الساعة الأولى ، وأربعة أناجيل من البشائر الأربع بحسب ترتيبها في كل من ساعاته الست .

وفى سبت الفرح بعد قراءة التسابيح المعروفة بتجليس القسس في سحره ، ، يقرأ إنجيل لكل من سواعي باكر والثالثة والسادسة . ثم يعمل طقس أبوغا لمسيس ، وبعده يقرأ إنجيل واحد لكل من الساعة التاسعة والقداس والتوزيع . وسيرد كل. ذلك مفضلا في موضعه .

الطرح : وكما مر بنا يقرأ الطرح عقب كل ساعة من السواعي السابق ذكرها .

 

ب ـ موضوع القراءات

تمهيد :

إن النظام الذي تقوم عليه القراءات طوال أسبوع البصخة من حيث الموضوع هو بعينه الذي تقوم عليه قراءات الصوم المقدس ، وخلاصته أن النبوة الأولى في أية ساعة من السواعي ، وكذا العظة ورسالة البولس إن وجدتا ، ثم فصل الانجيل تدور كلها حول موضوع واحد ، وتنمم بقية النبوات موضوع النبوة الأولى .

هذا إلى أن موضوعات السواعي في كل من فترتى النهار والليل هي عناصر للموضوع الواحد الخاص بهذه الفترة ، وقد رتبت بحيث تتفق تماما والأحداث البارزة في حياة السيد المسيح خلال أسبوعه الأخير على الأرض .

قراءات الساعة الحادية عشرة : على أنه يجب التنبيه إلى أن قراءات الساعة الحادية – عشرة في كل من فترتى النهار والليل طوال الأسبوع، وإن كانت تابعة جزئيا لموضوع الفترة التي تتلى فيها ، إلا أنها في الواقع منفصلة عنها نوعا ما .

وقصدت الكنيسة من هذا الترتيب أن تكون كل ساعة من السواعي الحادية عشرة في فترة النهار وكذا في فترة الليل طوال الاسبوع حلقة من سلسلة حلقات مرتبطة بعضها ببعض ، وتتألف منها المأساه التي انتهت بموت مخلصنا ودفنه .

ونظرة إلى جدول القراءات في نهاية  هذا البحث تثبت ارتباطها منطقيا في كل من فترتى النهار والليل ، وانفصالها نوعا ما عن قراءات بقيه الساعات

الطقوس :

ونظراً لأن كثيراً من الطقوس الكنسية الجميلة تتخلل القراءات منذ بدء هذا الأسبوع حتى نهايته ، والغرض منها تمثيل أعظم الحوادث الخلاصية ، و تقريب التعاليم المسيحية إلى الأفهام ، وتعظيم الاحتفالات الكنسية ، وإظهـار مجدها في أعين الشعب، وانعاش روح العبادة بتحريك الحواس وتأثرها ، فلكل هذا رأينا شرح روعة هذه الطقوس في كل يوم على حدة استكمالا للبحث .

 

عشية الشعانين (زيارة يسوع لبيت عنيا )

تمهيد :

يقول يوحنا البشير” ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع إلى بيت عنيا حيث كان لعازر الميت الذي أقامه من الأموات فصنعوا له هناك عشاء ، (یو۱:۱ – ۲) وبما أن الفصح كان يوم جمعة فالسيد إذا جاء إلى بيت عنيا يوم السبت الذي يسبقه مباشرة وهو المعروف في الكنيسة بسبت لعازر . وأقامته في هذه القرية التي لا تبعـد عن أورشليم سوى ميلين ، إنما تدل على أنه أسلم ذاته بأيثاره حينها دنت ساعته .

وفى سبت لعازر تتلو الكنيسة على بنيها في إنجيل القداس قصة إقامة لعازر من الموت كما رواها يوحنا (یو۱۱: ١- ٤٥) ، وفي مسائه أي في عشية الشعانين تتلو عليهم قصة العشاء الذي أقيم السيد في بيت لعازر إكراما له وابتهاجا بزيارته طبقاً لرواية يوحنا (يو۱:١٢–۱۱) .

وظن بعضهم خطأ من تلاوة روايتي يوحنا في هذا اليوم أن السيد أقام لعازر في صباحه ، وأن الوليمة أقيمت له في مسائه . ولكن الواقع أن يوحنا أسقط بين الروايتين عدة أمور صنعها يسوع عقب المعجزة ورواها لوقا (لو۱۷ : ۲۱) (لو ۱۹: ۱– ۲۸) ، وأهمها شفاء العشرة البرص، ومثل الفريسي والعشار ، ومباركة لأولاد ، وقصة الشاب الغنى، وطلبة ابني زيدي ، وكلها حدثت في بيرية وهي الجزء الجنوبي من شرق الأردن ، ثم قصة زكا ، ومثل العشرة الأمناء ، وكلما حصلت في أريحا ، وهي قرية في اليهودية في غور الأردن . وقد شرحنا فصول سبت لعازر في السبت السابع من الصوم المقدس ، وإنجيل عشية الشعانين في عشية الأحد الأول من كيهك .

طقس العشية :

و يبتدىء جميع المسيحيين مساء سبت لعازر بأن يقطعوا سعف النخل وأغصان الزيتون ويزينوها بالشموع الموقدة على شكل صليب . ثم يصعدون إلى قلاية البطريرك أو المطران أو الأسقف ، والكهنة بملابسهم الكهنوتية ومجامرهم في أيديهم والشمامسـة حاملين الشموع وهم يرتلون بلحن الشعانين θτλοζΗμεποcأي مبارك الآتى باسم الرب الخ حتى يصلوا إلى الخورس ” .

ثم يبتدئون بصلوات ساعات التاسعة والحادية عشرة والستار . وبعد الهوس الرابع تقال أبصالية αρIcδλπιζιπالواطس بلحن الفرح وهي ” بوقوا في رءوس الشهور بصوت البوق ، وفي يوم أعيادكم لأنه بأمر الله . حلوا من قلوبكم أفكار الظلم والحسد والجهل وكل غش ومكيدة .

يا جميع أجناس المؤمنين عيدوا ملائكيا بمزامير و تسابيح و ترانيم روحانية داودية قائلين مبارك الآتى باسم الرب . . . عجباً ممتلئا مجداً أن الجالس على الشاروبيم في مثل هذا اليوم دخل أورشليم . . . أوصنا في العلا . أمنحنا نعمة ورحمة في يوم الدينونة كعظيم رحمتك الخ ..

وبعد رفع البخور كالعادة تقرأ ذكصولوجيات ومدائح الشعانين . ومنها المديحة التي مطلعها الجالس فوق الشاروبيم ، اليوم ظهر في أورشليم ، راكبا على جحش بمجد عظيم ، وحوله طقوس πιαττελοcالخ ، .

وبعد أن يقول الكاهن φΤπαι.ταπالمعروفة ومعناها “اللهم ارحمنا ” ، وهو رافع الصليب المزين بالسعف وأغصان الزيتون والشموع الثلاثة ، يقـال لحن الشعانين السالف الذكر , مبارك الآتى باسم الرب الخ ، ثم هــذا الطرح الواطس” إصعد على الجبال يامبشر صهيون وارفع صوتك بقوة وبشر أورشليم .

قل لمدن يهوذا هوذا ملكك يأتيك وأجرته معه وعمله قدامه الخ “.. أما إنجيل العشية الذي يقرأ فأهم ما فيه بعد موضوع العشاء الذي أقيم ليسوع في بيت لعازر هو قول الإنجيلي “فتشاور رؤساء الكهنة ليقتلوا لعازر أيضا .

لان كثيرين من اليهود كانوا بسببه يذهبون ويؤمنون بيسوع” .

ثم تكمل الصلاة كالعادة عقب الانجيل ، وإن وجدت أيقونة للشعانين فيوقدون حولها الشموع ويمضون نحوها وهم يرتلون لحن الشعانين . ويقرأ الطرح ثم قانون ραωδوهو”افرحى وتهللى يا صهيون هوذا ملكك يأتى راكبا على جحش “الخ.. ويختم الكاهن الصلاة بالبركة كالمعتاد ويصرف الشعب بسلام . هذا أهم ما رأينا إثباته من طقوس العشية .

 

أحد الشعانين ( يوم ظفر )

تسمیته :

” شعانين ” كلمة عبرانية من “هوشيعه نان” ومعناها يارب خلص ، ومنها أخذت لفظة , “أوصنا ” اليونانية التي هتفت بها الجموع الذين تقدموا والذين تبعوا يسوع وهو داخل أورشليم ، إذ كانوا يصرخون قائلين أوصنا لابن دارد .

مبارك الآتى باسم الرب . أوصنا في الأعالى ، (مت۲۱ : ۹) ، لهذا سمى هذا العيد عيد الشعانين . وكان يسمى قديما ” أحد المستحقين ”  وهم طلاب العماد . ” وأحـد غسل الرأس ” وهى عادة لهم في ذلك الزمن إشارة للتطهير واستعداداً للتنصر . ويسمى أيضا أحد السعف أو أحد الخوص “.

أحداث قراءاته :

۱ – دخوله أورشليم : وأهم أحداث هذا اليوم هي على الترتيب أن مخلصنا في غد الليلة التي أقيم له فيها العشاء في بيت لعازر قبل الفصح بستة أيام ، قرر له المجد أن يدخل أورشليم للمرة الأخيرة إتماما للتدبير ، فتقدم صاعدا اليها . ولما اقترب من قرية بيت فاجي وهي قريبة من أورشليم ، أنفـذ اثنين من تلاميذه فأتياه بأتان وجحش وركبهما على النحو الذي يراه القارىء مفصلا فيما بعد ، ويمم شطر المدينة . وكان اليهود يظنون بناء على وعود الأنبياء ، أن مجيء المسيح سيكون في قـوة واقتدار (أر ٢٣ : ٥-٦) . (زك ٩: ٩-١٠) ، وأنه سيخلصهم من تجبر المتسلطين عليهم . ولذلك لما دخل المدينة راكبا في شبه مـلك أيقنوا كلهم بملكه ، وأعلنوا أبتهاجهم بذلك ، واستقبلوه استقبالا حافلا بغير خوف من حكامهم الرومان .

ومن كان منهم يساوره الخوف كان يطمئنه غيره موضحا له قوة المسيح التي بها أقام العازر من الموت . ولما دخل ارتجت المدينة بأسرها (مت۲۱ : ۱۰) من جلال هيبته الألهية . على أن دخوله على تلك الحال كان يخالف ما اعتاده الملوك الأرضيون من أبهة الملك ومظاهر القوة والجلال ، ولكنه قصد بذلك تعريف اليهود أنه ملك روحي جاء ليخلص الناس من عبودية الخطية ، ويخرجهم من ظلمة الموت الى نوره المحي العجيب .

۲ – دخوله الهيكل : يقول مرقس , فدخل يسوع أورشليم والهيكل ولما نظر حوله إلى كل شيء إذ كان الوقت قد أمسى خرج إلى بيت عنيا مع الاثنى عشر ، (مر۱۱:۱۱).

ومن هذه الرواية عرفنا أنه له المجد لم يعمل شيئا يوم الأحد سوى أنه دخل المدينة ثم الهيكل ورأى فيه الباعة والمشترين .

أما طرده لهم فلم يحدث إلا في الغد عند عودته من بيت عنيا كنص رواية مرقس (مر۱٥:١١) .

٣ـ معجزاته بالهيكل : ويقول متى ” وتقدم إليه عمى وعرج في الهيكل فشفاهم “(مت۲۱ : ١٤) . وكان خليقا برؤساء اليهود بعد تلك الآيات الباهرات أن يبتهجوا ويقبلوا دعوته ، ولكن الحسد ملك عليهم مشاعرهم ، بل أنهم لما سمعوا هتاف الاطفال له في الهيكل ازدادوا حنقاً ، وقال الفريسيون بعضهم لبعض كما يروى يوحنا “انظروا أنكم لا تنفعون شيئا .

هوذا العالم قد ذهب وراءه ” (یو ۱۲ : ۱۹).

٤- مساعي الرؤساء ضده : ثم يضيف لوقا هنا قوله “وكان رؤساء الكهنة والكتبة مع وجوه الشعب يطلبون أن يهلكوه ” ولكنهم ” لم يجدوا ما يفعلون لأن الشعب كله كان متعلقا به يسمع منه ” (لو٤٧:١٩- ٤٨) .

٥– مبيته في بيت عنيا : ويختم متى أحداث هذا النهار بقوله ” ثم تركهم وخرج خارج المدينة إلى بيت عنيا وبات هناك ” (من٢١ : ١٧) ، أي أنه لم يقم بالتعليم في الهيكل حسب عادته ، ليطفىء نار غيظهم بالابتعاد عنهم .

قراءاته :

بداية الآلام : تدور قراءات هذا اليوم حول موضوع واحد هو . بداية آلام المخلص ، فقراءات النهار تتكلم عن دخوله أورشليم للفداء ، وسواعي الليل عن حديثه عن آلامه ، ونوجزها هنا فيما يلى على أن نفصلها في مواضعها :

ا ـ قراءات النهار : ( دخوله أورشليم ) .

(۱) انجيل القداس : دخوله أورشليم

(۲) الساعة الحادية عشرة : دخوله . للفداء ( وهى الحلقة الأولى من قضية الصليب والخلاص ) .

ب – سواعي الليـل : ( حديثه عن آلامه ) الأولى : اقتراب ساعته.

الثالثة : عنايته بتلاميذه.

السادسة : تقديم ذاته ذبيحة .

التاسعة : ارضاؤه الآب بها.

الحادية عشرة : تفوق الرؤساء عليـه ( وهى الحلقة الثانية من قضية الصليب والخلاص ) .

 

يوم الاثنين ( يوم سلطان )

أحداث قراءاته :

۱ – خروج يسوع إلى أورشليم : بات السيد المسيح يوم الأحد مساء في قرية بيت عنيا كما مر بنا ، ولأنه طوال هذا الأسبوع كان يقضى النهار في أورشليم يعلم في الهيكل وفي المساء يعود للمبيت في جبل الزيتون كما يروى لوقا (لو٢١: ۳۷ – ۳۸) ، فقد خرج في صبيحة يوم الاثنين هو وتلاميذه متجهين إلى أورشليم ، إذ كان كل الشعب يبكرون إليه في الهيكل ليسمعوه

٢– جوعـه ولعن التينة : وفي طريقه إلى أورشليم جاع ، فنظر شجرة تين من بعيد ، ولما جاء إليها لم يجد إلا ورقا فلعنها قائلا , لا يأكل أحد منك ثمر بعد إلى الأبد ، (مر١١ : ١٤)

٣– تطهير الهيكل : ولما جاء وتلاميذه إلى أورشليم دخل الهيكل وطهره من الباعة ، وهذه هي المرة الثانية التي يطهره فيها من الباعة ، واشترك في روايتها متى ومرقس ولوقا (مت۲۱ : ۱۲ – ۱۷) ، (مر۱۱: ١٥- ۱۹) ، (لو ۱۹: ٤٥ – ٤٨) . أما يوحنا فأغفلها . والمرة الأولى التي طهره فيها كانت إبان خدمته الأولى في اليهودية في عيد الفصح ، وانفرد بذكرها يوحنا . وبعد تطهير الهيكل هنا للمرة الثانية, لم

يدع أحدا يجتازه بمتاع ، (مر١١ : ١٦) .

٤- تعليمه في الهيكل : وقضى له المجد نهار الاثنين كله في الهيكل يعلم ويصنع العجائب كما يروى متى (مت۲۱ : ١٥) .

٥– حقد الرؤساء عليه : ويقول مرقس .وسمع الكتبة ورؤساء الكهنة فطلبوا كيف يهلكونه لانهم خافوه إذ بهت الجمع كله من تعليمه ، (مر۱۱ : ۱۸) .

٦- مبيته في بيت عنيا : وعلى أثر ذلك يقول متى , ثم تركهم وخرج خارج المدينة إلى بيت عنيا وبات هناك ، (مت۲۱ : ۱۷) .

قراءاته :

سلطان المخلص : تدور قراءات هذا اليوم كلها حول موضوع واحد هو “سلطان المخلص الإلهي ، الذي بدا جليا في هذا اليوم ، وتمثل في لعنه للتينة ويبسها ، وفى تطهيره للهيكل ، وفيها ألقاه فيه من تعاليم أحفظت الرؤساء عليه حتى طلبوا كيف يهلكونه، والرؤساء هم رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيون ووجوه الشعب كما يروى لوقا (لو ١٩: ٤٧-٤٨) ، وفيما يلى موجز للقراءات :

  • ا ـ سواعي النهار : ( اهتمامه بالهيكل )

باكر : سلطانه في هيكله .

الثالثة : تطهيره من مدنسيه

السادسة : غيرته عليه

التاسعة : تطويبه لرواده .

الحادية عشرة : قيام الرؤساء عليه ( وهي الحلقة الثالثة في قضية الصليب والخلاص ) .

  • ب ـ سواعي الليل : ( إنذاره للرؤساء )

الأولى: حثهم على الخلاص

الثالثة : قصاصهم العنيد

السادسة : قصاصهم المفاجيء

التاسعة : تبعتهم فيه

الحادية عشرة : موقف الشعب ضدهم ( وهذه هي الحلقة الرابعة )

طقوسه :

تعطيل القداس : نهت الكنيسة عن إقامــة القداس أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء من أسبوع البصخة لأن الرب يسوع لم يكن قد رسم سر الشكر ، ولأنه وهو فصحنا لم يكن قد قدم نفسه بعد ، ولا يخفى أن ذبيحة القــداس هي بعينها ذبيحة الصليب ويسوع لم يقدم ذاته إلا يوم الجمعة . هذا إلى أن خروف الفصح كان يبقى تحت الحفظ بغير ذبح في هذه الأيام الثلاثة ، ويذبح في مساء اليوم الرابع عشر وكان رمزاً للمسيح . أما إقامة القداس يوم الخميس فلان السيد أسس فيـه سر الشكر وأعطانا عهداً جديداً جسده ودمه الأقدسين عربونا على المجد الابدى.

 

يوم الثلاثاء ( يوم صدام )

أحداث قراءاته :

ذكر مرقس حوادث هذا اليوم بحسب ترتيب حدوثها على النحو الآتى، وذلك في (مر۱۱ : ۲۰ – ١:١٤ – ۱۱) ، واشترك معه في معظمها من في (مت ۲۱: ۲۰ – ٢٦ : ٣ – ١٦) ولوقا في (لو۱:۲۰ – ۱:۲۲ – ٦) ، وانفرد يوحنا بذكر حادثتين في (يو١٢ : ۲۰ – ٥۰) وإلى القارىء بيان كل ذلك :

ا – خروجه إلى أورشليم والتينـة التي يبست : يقول مرقس عن المخلص وتلاميذه وهم متجهون إلى أورشليم ، , وفي الصباح إذ كانوا بجتازين رأوا التينة قد يبست ، (مر ۱۱: ۲۰ – ۲۱) .

۲ – تعليمه عن قوة صلاة الإيمان : ولما لفت بطرس نظر سيده إلى التينة التي يبست ، أخذ يسوع يلقى عليهم تعليمه عن قوة الإيمان بقوله وكل ما تطلبونه حينها تصلون فآمنوا أن تنالوه فيكون لكم ، (مر ۱۱ : ۲۲ – ٢٤) .

٣– سؤال الرؤساء له عن سلطانه : وبينما هو يتمشى في الهيكل سأله الرؤساء قائلين بأي سلطان تفعل هذا ، ، ولما عجزوا عن إجابته عن معمودية يوحنا قال لهم , ولا أنا أقول لكم بأى سلطان أفعل هذا. (مر۱۱ : ۲۷ – ۳۳) .

٤– ثلاثة أمثال للتحذير : ثم ضرب لهم ثلاثة أمثال للتحذير وهى مثـل الابنين ، ومثل الكرم والكرامين ، ومثل عرس ابن الملك وجمعها كلها متى في . (مت٢١ : ١٨ – ٢٢ : ١ – ١٤)

٥- أسئلة رؤساء الكهنة له : وقد وجه إليه رؤساء الكهنة ثلاثة أسئلة عن الجزية ، والقيامة ، والوصية العظمى، وأورد مرقس إجابته عليها في (مر۱۱ : ۱۳ – ١٢: ١ –٣٤).

٦– كيف يكون المسيح ابن داود : وهذا السؤال وجهه المخلص لهم ورواه مرقس (مر١٢ : ٣٥– ۳۷) .

٧- ويلات الفريسيين الثانية : ثم نطق رب المجد بويلاته الثانية هنا على الكتبة والفريسيين ، ورواه البشيرون الثلاثة دون وحنا ، أما الويلات الأولى فقد نطق بها أثناء خدمته في بيرية من انتقاله من الجليل إلى دخوله أورشليم، وانفرد بذكرها لوقا (لو۱۱ : ۲۷ – ٥٤) .

٨– فلسى الأرملة : ثم ذكر مرقس مدح المخلص الأرملة التي ألقت الفلسين (مر۱۲: ٤١ – ٤٤) .

٩– رغبة يونانيين في رؤية يسوع : وأنفرد يوحنا بذكر هذه الحادثة في (یو ۱۲: ۲۰ – ٢٦).

١٠ – كلامه من عدم إيمان اليهود : وكذلك انفرد يوحنا بذكر هذا الكلام في (يو۱۲: ۲۷ – ٥٠) .

١١- إنباؤه بخراب أورشليم : وهنا يشترك البشيرون الثلاثه دون يوحنا بذكر إنباء يسوع عن خراب أورشليم وانقضاء الدهر (مت ٢٤ ، ٢٥) .

١٢ – تعيين يوم تسليمه : ويضيف متى هنا أنه له المجد عين يوم تسليمه بقوله , ولما أكمل يسوع هذه الأقوال كلها قال لتلاميذه تعلمون أنه بعد يومين يكون الفصيح وابن الإنسان يسلم ليصلب ، (مت ١:٢٦-٢) ، فبين الثلاثاء والجمعة يومان .

١٣– اتفاق الرؤساء على مسكه : ثم يمضى ثلاثة من البشيرين دون يوحنـا فيذكرون كيف اتفق الرؤساء على مسك يسوع بمكر ليقتلوه في غير فرصة العيـد “لئلا يكون شغب في الشعب ”

١٤ – الأمر بالأرشاد عنه : ولم يفت الكنيسة هنـا أن تبين ما سبق أن رواه يوحنا حين قال , وكان أيضا رؤساء الكهنة والفريسيون قد أصدروا أمراً أنه إن عرف أحد أين هو فليدل عليه لكي يمسكوه ، (یو۱۱ : ٥٧) .

١٥– عودته إلى بيت عنيا : ومن روايتي متى ومرقس عقب الأمر الصادر بمسكه ، يتضح لنا أن المخلص عاد إلى بيت عنيا حيث أكرمته في بيت سمعان الابرص المرأة بسكب الطيب على رأسه (مت ٢٦ : ٦) ، (مر١٤ : ٣). وهكذا تنتهى أحداث هذا اليوم .

قراءاته :

صدامه مع الرؤساء : ولما كان هذا اليوم يوم صدام مع رؤساء اليهود ، فإن القراءات فيه تدور كلها حول موضوع واحد هو الحكم الذي أصدره عليهم إزاء موقفهم العدائى منه ، وذلك على النحو الآتى :

  • ا ـ سواعي النـــهــــار :(وعيده للرؤساء )

باكر : حثهم على الإيمان

الثالثة : جزاؤهم لعصيانهم

السادسة: تفنيده لأكاذيبهم .

التاسعة : جمعة المختارين دونهم

الحادية عشرة : تهديدهم بالنار ( وهى الحلقة : الخامسة في قضية الصليب والخلاص )

  • ب ـ سواعي الليل : ( حكمه عليهم )

الأولى : غضبه عليهم

الثالثة : ضمهم للمرائين

السادسة : منعهم من عرسه

التاسعة : هلاكهم العتيد

الحادية عشرة : بحثهم عنه (وهي الحلقة السادسة في قضية الصليب والخلاص )

طقوسه :

(١)قراءة إنجيل متى : يقرأ هذا الانجيل كله اليوم كما مر بنا ويقرأونه وهم صائمون

(٢) إضافة , مخلصى الصالح ، : تضاف هذه العبارة على تسبحة ” لك القوة والمجد “، ابتداء من الساعة الحادية عشرة من سواعي يوم الثلاثاء ، لأن مخلصنا في إنجيل هذه الساعة عين ميعاد صلبه بقوله لتلاميذه .

تعلمون أنه بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يسلم ليصلب ، (متى ٢٦ : ٢) .

والسبب في إضافتها في هذا الوقت أن يسوع قيل عنه في الكتاب إنه “ضامن لعهد خلاصنا ” (عب ٧ : ٢٢) ، ومعلوم أن الضامن متى أخذ على عاتقه وفاء الدين صار المدين خالصا ودعى الضامن مخلصا .

وبما أن الشروع العملي في وفاء ما علينا للعدل الإلهي وإتمام الخلاص بدأ يوم الاربعاء الذي تشاور اليهود فيه على قتله ، وهو يبدأ . الثلاثاء مساء ، لأن اليوم كما مر بنا يبدأ من المساء إلى المساء ، لذلك أضافت الكنيسه العبارة المذكورة ابتداء من الحادية عشرة مبالغة في تمجيده .

(۳) مزمور “كرسيك يا الله” : وتطبيقا لما تقدم رتبت الكنيسة لأنجيل الساعة الحادية عشرة المذكورة المزمور المعروف وهو “كرسيك يا الله “إلى دهر الدهر ، قضيب الاستقامة هو قضيب ملكك ، وهو يرتل بلحنه المعروف و بالشامي، هنا ،وكذلك في الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة العظيمة ، وقد حقق داود فيه أن الابن إله ، وأنه دائم إلى الأبد ، وأنه ملك .

(٤) عدم التقبيل : وقد أشرنا بصفحة ٥ إلى أن الكنيسة نهت عن تقبيل المؤمنين بعضهم بعضا ، ابتداء من ليلة الأربعاء إلى آخر يوم السبت حتى لا تكون قبلاتهم غاشة كقبلة يهوذا الخائن.

 

يوم الأربعاء ( يوم تآمر )

تسميته : 

أربعاء أيوب : يعرف يوم أربعاء البصخة في الكنيسة باسم – أربعاء أيوب ،لأن فيه يتلى ميمر هذا البار الذي كان رمزاً للمسيح في تجـــاربه وآلامه الشديدة والنهاية السعيدة التي ختمت بها حياته ، كما كان اسحق رمزاً ليسوع في صلبه وقيامته ، ويونان رمزا له في دفنه ثلاثة أيام وقيامته . وقد رتبت الكنيسة قراءة ميمر أيوب في هذا اليوم بالذات الذي تبدأ فيه آلام السيد المسيح بالمؤامرة التي تم تدبيرها فيه ضده وذلك للأسباب الآتية :

أولا ـ إن كلا من أيوب ويسوع كان أكثر شخص في زمانه تعرض لتجارب الشيطان وانتصر عليها ؛ وبما أن المشورة على المخلص تمت يوم الأربعاء من قبل رؤساء اليهود بتحريض الشيطان ، إذ اتفقوا يومئذ على محاكمته أمام الوالى وطلب صلبه ، وأعدوا الحجج التي تقدم ضده ، ثم اتخذوا الاجراءات لتنفيذ الصلب وذلك بإعداد الصليب والمسامير وما إلى ذلك ، فلهذا كان يوم الأربعاء الذي بدأت فيه آلام يسوع أنسب يوم لتلاوة ميمر أيوب الذي كان رمزا للمسيح .

ثانيا ـ إن كلا منهما تخلى عنه أصحابه إبان تجربته ، فأيوب قال ” قد أبعد عنى إخوتى و معارفی زاغوا عنى . أقاربي قد خذلوني والذين عرفوني نسونى” (أى١٣:١٩ – ١٤) ، بل إنهم أساءوا إليه بدليل قوله ” يكرهونى . يبتعدون عنى وأمام وجهي لم يمسكوا عن البصق ” (أى٣٠ : ١٠) .

ويسوع قال لتلاميذه “هوذا تأتى ساعة وقد أنت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركونتى وحدى ” (يو ١٦: ٣٢) وذلك إتماماً لقول الكتاب “إنى أضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية “(زك ۷:۱۳)، (مت ٣١:٢٦) ، بل إنه لقى من رؤساء شعبه الاضطهاد ومن بطرس الأنكار ومن يهوذا الخيانة والتسليم .

ثالثاً ـ رد أيوب على صاحبه بلدد الشوحى وقال ، مشيرا ضمنا إلى المصالحة التي صنعها المسيح ، إن الله و ليس هو إنسانا مثلى فأجاوبه فنأتى جميعاً إلى المحاكمة . ليس بيننا مصالح يضع يده على كلينا ، (أى ٣٢:٩ – ٣٣) ، وقال عنه أيضا ” وإن كان من جهة القضاء يقول من يحاكمني “(ای ۹ : ١٩). وقد ردد هذا النغم من قبل عالى الكاهن ، موبخاً أبناءه الذين كانوا يضاجعون النساء المجتمعات في باب خيمة الاجتماع ، ومشيراً إلى عدم وجود شفيع فقال : إذا أخطأ إنسان إلى إنسان يصلون إلى الله .فإن أخطأ إنسان إلى الرب فمن يصلى من أجله . ولم يسمعوا لصوت ابيهم لان الله شاء أن يميتهم،(۱صم۲ : ۲۲ ، ٥) .

وقد أرادت الكنيسة بتلاوه ميمر أيوب أن تبين لبنيها أن المصالح ، الذي تكلم عنه أيوب قد وجد فعلا ، وهو المسيح الذي بدأت آلامه في سبيل المصالحة يوم الأربعاء .

رابعاً ـ إن كلا من أيوب ويسوع انتصر في نهاية حياته على التجربة ، فيسوع صلب ومات ولكنه قام حيا ، وأيوب قيل عنه , وبارك الرب آخرة أيوب أكثر من أولاه وكان له أربعة عشر ألفا من الغنم وستة آلاف من الإبل وألف فدان من البقر وألف أتان . وكان له سبعة بنين وثلاث بنـات . . . وعاش أيوب بعد هذا مائة وأربعين سنة ، ورأى بنيه وبنى بنيه إلى أربعة أجيال .

ثم مات أيوب شيخاً وشبعان الأيام ، (أى ٤٢ : ۱٢ ، ۱۳ ، ١٦، ١٧).

 

أحداث قراءاته :

١- حقد بعض اليهود : إن فريقا من اليهود من خصوم يسوع حينما رأوا إقامته للعازر ، تأججت في صدورهم نيران الحقد عليه ، ودفعتهم للمضى إلى الرؤساء والفريسيين لأثارتهم عليه ، حتى ينشطوا لإتمام قصدهم في قتله (يو٤٦:١١) ، وكان هذا الحقد هو الباعث لهم على ارتكاب الجريمة .

۲ – عقد مجمع السبعين : وعلى أثر ذلك عقد هؤلاء الرؤساء مجمع السبعين ، لاتخاذ الوسائل الفعالة لمقاومته ومنع العامة من الإيمان به . وأقترح قيافا رئيس الكهنة في تلك السنة على أعضاء المجمع ، ولم يكونوا كلهم على رأى واحد تجاه يسوع ، أنه “خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها “(يو١١: ٥٠) فاقتنعوا جميعاً بوجاهة هذا الرأي واستصوبره .

٣- تشاورهم لقتله : وهنا يقول يوحنا فمن ذلك اليوم تشاوروا لقتله (يو ٥٣:١١) ، حتى لا يؤمن به الناس ويتركوا الديانة اليهودية ، ويثوروا على الدولة الرومانية فتأتى وتستعبد الأمة .

٤ – توارى يسوع عنهم : واعتزل رب المجد أورشليم اتقاء لغضب هؤلاء الرؤساء ، وليعلمنا اجتناب المخاطر ، وقضى سحابة هذا اليوم في مدينة أفرايم و تسمى عفرة يعلم تلاميذه ، ولم يذكر عنه الكتاب أنه صنع فيه شيئاً .

ولعله قصد الوحدة كما كان خروف الفصح يستريح فترة قبل ذبحه .

٥ـ ميل الأكثرين نحوه : على أن كثيراً من اليهود الذين صعدوا إلى أورشليم قبل الفصح ليطهروا أنفسهم ، كانوا يطلبون يسوع ، ويقولون فيما بينهم وهم واقفون في الهيكل . هل هو لا يأتي إلى العيد ، (يو١١: ٥٦) .

٦ – سعى الرؤساء لمسكه : ويروى متى أن هؤلاء الرؤساء اجتمعوا في دار قيافا وتشاوروا لكى يمسكوا يسوع بمكر ويقتلوه ولكنهم قالوا ليس في العيد لئلا يكون شغب في الشعب ، (مت ٢٦: ٣ – ٥) .

٧ – اتفاق يهوذا معهم : وهنا يقول لوقا , فدخل الشيطان في يهوذا . فمضى وتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد الجند كيف يسلمه اليهم : (لو ٢٢ : ٣ – ٤) وهكذا كان دور يهوذا دور الشريك الذي بمساعدته سهل على الرؤساء وهم الفاعل الأصلى في الجريمة اقتراف جريمتهم ، جريمة الاتفاق الجنائى على قتل يسوع .

وقد فرحوا بالعرض الذي قدمه يهوذا وأعطوه ثلاثين من الفضة أي ٤٥٠ قرشا أجراً  له على خيانة سيده وسيرى القارىء ذلك مفصلا في موضعه .

۸ – تربصه بيسوع : ومن ذلك الحين وكان يطلب فرصة ليسلمه اليهم خلوا من جمع ، (لو٢٢: ٦) أي في وقت لا يكون السيد في جمع من الناس لئلا ينقذوه من يده.

۹ – انقلابه على يسوع : وقد رأت الكنيسة أن تبين لشعبها أن الوازع ليهوذا على خيانة سيده واقتراف فعلته النكراء هو محبته للفضة بغواية من الشيطان فتحت ستار الغيرة الكاذبة على سيده انقلب عليه حينما دهنت مريم قدميه بالطيب وقال ” لماذا لم يبع هذا الطبيب بثلاثمائة دينار ويعط للفقراء ” وقد فضح يوحنا الانجيل رياءه بقوله , قال هذا ليس لأنه كان يبالى بالفقراء بل لأنه كان سارقاً وكان الصندوق عنده وكان يحمل ما يلقى فيه ، (يو١٢: ٦)

١٠– اتهامه بالتجديف : كذلك حرصت الكنيسة على استكمال أركان الجريمة ببيان التهمة التي قرروا أن يوجهوها للمخلص لتبرير تقديمه للمحاكمة ، وهي تهمة التجديف التي أسندوها إليه من قبل ، حين قال مرة في عيد التجديد في أورشليم , أنا والآب واحد ، (يو ۱۰ : ۳۰) وتناولوا حجارة ليرجموه . ولما بين لهم أنه لم يعمل ما يستحق الرجم أجابوه قائلين ” لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف فأنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلها ” (يو١٠ : ٣٣)

١١- الصوت الذي من السماء : ومن أحداث يوم الأربعاء ذلك الصوت الذي سمع من السماء على أثر قول المخلص “أيها الآب ” مجد ابنك ” وفيه رد الآب قائلا “مجدت وأمجد أيضا “(یو ۱۲: ۲۸) ، وقد شرحناه في الساعة الأولى من ليلة  الاثنين .

 

قراءاته  :

المؤامرة على المخلص : تدور قراءات هـذا اليوم حول موضوع واحد هو تآمر الرؤساء على المخلص بقصد قتله وذلك على النحو الآتى .

  • ا – سواعي النهار : ( تآمرهم عليه )

باكر : تشاورهم لقتله

الثالثة : موقف الشعب ضدهم

السادسة : تآمرهم عليه

التاسعة : اتفاق يهوذا معهم

الحادية عشرة : تحذيرهم من الظلام ( وهى الحلقة السابعة من قضية الصليب والخلاص )

  • ب – سواعي الليل : ( انقلابهم عليه )

الأولى : اختلافهم على سلطانه

الثالثة : خيانة يهوذا له

السادسة : كفرهم به

التاسعة : تفنيده لتهمتهم

الحادية عشرة : إدانة كلامه لهم ( وهى الحلقة الثامنة من القضية)

 

طقوسه :

(١) انجيل مرقس : يقرأ هذا الانجيل كله ويقرأونه وهم صائمون .

(٢) عـدم التقبيل : نهت الكنيسة بنيها عن تقبيل بعضهم بعضا بسبب قبلة يهوذا الغاشة .

(٣) قراءة ميمر أيوب : كذلك رتبت الكنيسة تلاوة هذا الميمر على بنيها  ليتخذوا منه درسا وعبرة ؛ فأذا كان، أيوب وهو يعيش في ظلال الرموز العتيقة قـد صار مضرب الأمثال في احتمال الآلام والتجارب ، فأحرى بهم وهم في عهد النعمة وأنوار الحقيقة أن يترسموا خطى سيدهم ويحتملوا الآلام مـن أجـل اسمه ، عالمين أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يظهر ، ” وناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينا بالخزى فجلس في يمين عرش الله .

فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم ” (عب۱۲: ۲ – ۳)

رعرع أيوب : وجرى العرف في بلادنا أن يباع في هذا اليوم “رعرع أيوب” وهو النبات الذي استعمله أيوب للوفاء بقسمه أن يجلد زوجته مائة جلدة عقابا لها على تحريضه على الكفر بالله ليبرأ ، كما وسوس لها الشيطان بذلك .

وقد صنع من هذا النبات حزمة من مائة عود وضرب بها زوجته مرة واحدة بعد أن برئ وفاء للعهد الذي قطعه على نفسه كما جاء بالميمر المذكور .

والرعرع عشب صغير من فصيلة النعناع الأخضر وفى حجمه وشكله ، وله رائحة عطرية هادئة يحصد ويباع حزماً يوم أربعاء أيوب فقط ليستعمل في الأستحمام مع ماء دافئ لما يعتقد فيه من خاصية الشفاء .

(٤) مزمور ατδποπ: وفي الساعة الثالثة من ليلة الخميس ، وكذا في باكره بعد الابركسيس ، يقال هذا المزمور بلحنة المعروف بالشامى وهو عن يهوذا الخائن و نصه هو “كلامه ألين من الدهن وهو نصال ” (مز٥٤ :٢١)

(٥) صوم يوم الأربعاء : وبما أن المؤامرة على المخلص تمت يوم الاربعاء ، فقد رتبت الكنيسة منذ العصر الرسولى أن يصام هذا اليوم من كل أسبوع طول السنة ما عدا أيام الخمسين المقدسة ، أو إذا تصادف فيه عيـد سيدى .

وإذا جاء الميلاد ٢٨ كيهك ووافق يوم ثلاثاء فيكون يوم الأربعاء فطرا لأن اليوم الأصلى للعيد هو ٢٩ كيهك . ويصام يوم الأربعاء كأيام الصوم المقدس بغير أكل سمك .

(٦) قداسات يوم الأربعاء : وتقام قداسات يوم الأربعاء من أجل والدة الاله ، وبسبب المؤامرة على يسوع . ولأن الرسل أقاموا فيه أول قداس وحضرته سيدتنا مريم .

 

يوم الخميس الكبير ( يوم وداع )

تسميته :

خميس العهد : يعرف هذا اليوم في الكنيسة بأسم خميس العهد لأن مخلصنا أعطانا فيه عهداً جديداً إذ منحنا جسده عربونا على المجد بقوله ” خذوا كلوا هذا هو . وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم .

لان هذا هو دمى للعهد الجديد”  (مت ٢٦ : ٢٦ – ٢٨) . أما العهد القديم فيقول عنه بولس “لأن موسى بعد ماكلم الشعب بكل وصية . . . أخذ دم العجول ورش الكتاب ونفسه .. قائلا هذا هو دم العهد الذي أوصاكم الله به ” (عب ۱۹:۹ – ۲۰) ، (خر ٨:٢٤) . ورب المجد سمى دمه عهداً جديداً لبيان فضله وسموه على دم الحيوانات التي كانت تذبح في العهد القديم .

وجاء بكتاب “الجوهرة النفيسة في علوم الكنيسة ” صفحة ١٦٥ ان خميس العهد دعى بهذا الاسم لأنه اليوم الأول للشريعة الجديدة .

 

أحداث قراءاته :

١-الأمر بأعداد الفصح : لما حل اليوم الأول من أيام الفطير وهو اليوم الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح ، تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين له “أين تريد أن نرد لك لتأكل الفصح ” (مت ٢٦: ١٧) ، فأرسل بطرس ويوحنا إلى المدينة مزودين برسالة شفوية لصاحب البيت ليهئ لهما المكان لذلك .

۲ – إعداده : حمل الرسولان الرسالة إلى ذلك الإنسان، فأراهما علية كبيرة مفروشة معدة في بيته فأعدا هناك الفصح ، أي اشتريا الخروف وقدماه للكهنة ، وساعدا اللاويين على ذبحه ، ثم نقلاء إلى العلية ، وابتاعا الأعشاب المرة ، وأحضرا الخبز والخمر طبقاً للعرف المتبع وقتئذ . وكانت هذه العملية في بيت مرقس الرسول كاروز الديار المصرية ، وهي بعينها التي حل فيها على التلاميذ الروح القدس يوم الخمسين.

٣– مشاجرة التلاميذ على الرئاسة : وقبيل جلوس التلاميذ لتناول الفصح تشاجروا فيما بينهم للمرة الثالثة بسبب ” من منهم يظن أنه يكون أكبر “وهي المشاجرة الى انفرد لوقا بذكرها وحسمها المخلص بقوله “بل الكبير فيكم ليكن كالأصغر”(لو ٢٢: ٢٦)

٤– أكل الفصح الناموسى : يقول متى ” ولما كان المساء اتكأ مع الاثنى عشر ليأكلوا الفصح ” ، والواقع أن مخلصنا صنع في مساء ذلك اليوم ثلاثة أعشية أولها هو العشاء الفصحى الذي كان يؤكل فيه خروف الفصح .

أما الثاني فهو العشاء المعتاد الذي كانت تصنعه العائلات التي لا يكفيها خروف فتتناول أطعمة أخرى ، وثالثها هو عشاء الفصح الجديد وفيه رسم سر الشكر

٥– غسل الأرجل : وبعد أن احتفل السيد بأكل الفصح الناموسى ، وقبل أن يشرع في إعطاء تلاميذه سر جسده ودمه الأقدسين قام عن العشاء وبدأ يغسل أرجلهم ، لكى يعلمنا بذاك أن من واجبنا قبل التناول من الأسرار المقدسة أن نكشف للكاهن عن أوساخ نفوسنا لكى يغسلها بقانون التوبة .

وقياساً على هذا رتبت الكنيسة أن يغسل الكاهن يديه قبل أن يبدأ “صلاة الصلح ” في القداس وذلك استعداداً للمس الجسد بأيد مطهرة  .

٦-الخطاب الوداعي : ويتضح من رواية يوحنا أن السيد بعد غسل الأرجل أخذ ثيابه واتكأ : (يو ۱۲:۱۳) ، ثم شرع يلقى على تلاميذه خطابه الوداعی الأخير الذي يشغل نحو خمسة إصحاحات من بشارة يوحنا ، وقد شرحناه في الساعة الأولى من ليلة الجمعة العظيمة

٧ – أكل الفصح الجديد : عاد المخاص للمائدة للاحتفال بالفصح الجديد و تأسيس سر الشكر في الكنيسة ، وفي خلال ذلك الفصح أعلن عن مسلمه .

٨– إعلانه عن مسلمه : يقول متى “وفيما هم يأكلون قال إن واحدا منكم يسلمنی ” (مت ٢١:٣٦) ، ثم عينه بالذات بقوله ” الذي أغمس أنا اللقمة وأعطيه” ، ثم غمسها وأعطاها لهوذا الأسخريوطى ، وأخيراً حدد مصيره بقوله “ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان ”

٩- تأسيس سر الشكر : وبعد أن ذكر متى حديث السيد عن مسلمه أخذ يروى كيف أسس المخلص سر الشكر في الكنيسة فقال ” وفيماهم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك … وأخذ الكأس وشكر … وقال لهم اصنعوا هذا لذكرى ”

١٠- خروج يهوذا : ويقول يوحنا ” فبعد اللقمة دخله الشيطان ” ، ثم ” خرج للوقت وكان ليلا ” (يو١٣: ٣٠) .

١١ـ وداع أخير : ثم يختتم رب المجد حديثه عن سر الشكر بقوله “إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حين أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي ” (مت ٣٦ : ٢٩)

١٢- الخروج إلى جبل الزيتون : وبعد انتهاء العشاء الأخير يقول متى إنهم ” سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون “(مت ٢٦ : ٣٠) ، ويحدد يوحنا المكان بقوله إنه في عبر وأدى قدرون حيث كان بستان .

١٢-التنبؤ بشكوك التلاميذ : يمضى متى بعد ذلك فيقول “حينئذ قال لهم يسوع كلكم تشكون في في هذه الليلة “بسبب ما سيحل به من إلقاء القبض عليه ونظراً لما بدأ من بطرس من اتكاله على نفسه ومعارضته لسيده بقوله , وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك أبدا ، فقد قال له ” إنك في هذه الليلة قبل أن يصبح الديك تنكرني ثلاث مرات ” ، وأناجيل الساعة الثالثة تروى كل هذا بالتفصيل .

١٤- اكتئاب يسوع في جسمانى : ثم يروى متى أن السيد أجلس تلاميذه في بستان جيثمانى منفردين ، وأخذ ثلاثة منهم وابتدأ يكتئب أمامهم ، ثم انفصل  عنهم وأخذ يصلى بحرارة قائلا ” يا أبتاه إن أمكن أن تعبرعنى هذه الكأس “ويقول لوقا “وظهر له ملاك من السماء يقويه ” . ولما أتم صلاته للمرة الثالثة عاد إلى تلاميذه وقال لهم ، قوموا ننطلق ، هوذا الذي يسلمني قد اقترب ، وكل هذا ترويه أناجيل الساعة السادسة

١٥- القبض عليه : وتتحدث أناجيل الساعة التاسعة عن قبلة يهوذا الغاشة التي على أثرها ألقت الجموع القبض على يسوع ، ثم مسألة قطع أذن العبد ، وهروب التلاميذ ، والذهاب بيسوع إلى الرؤساء ، واتباع بطرس له من بعيد

١٦- محاكمته أمام الرؤساء : وتختم الساعة الحادية عشرة من هذه الليلة الحوادث بالكلام عن محاكمة المخلص أولا أمام حنان ثم أمام قيافا ، وتشير إلى الحكم الصادر بإدانته ، والاستهزاء به ثم انكار بطرس له و توبته

قراءاته .

وداع المخلص لتلاميذه : تدور قراءات هذا اليوم حول موضوع واحد هو وداع المخلص لتلاميذه ، ، فسواعي النهار تتكلم عن إعداد الفصح ، وإنجيل اللقان عن التطهر قبل تناوله ، وإنجيل القداس عن سر الافخارستيا الذي رسمه المخلص في كنيسته وهو يتناول عشاءه الأخير مع تلاميذه ، وسواعي الليل عن القبض عليه ومحاكمته أمام رؤساء اليهود .

ا – سواعي النهار : ( إعداد الفصح )

باكر : الأمر بأعداده

الثالثة : اقتراب وقته

السادسة : مكان إعداده

التاسعة : إعداده

ب – إنجيل اللقان : ( التطهر بالتوبة قبل تناوله ) وصلاة اللقان بمثابة صلاة الساعة الحادية عشرة .

ج -إنجيـل القـداس : ( أكل الفصح ورسم سر الشكر)

د- إنجيل التوزيع ( خروج يهوذا لتسليمه) وهي الحلقة التاسعة من قضية الصليب والخلاص .

هـ – سواعي الليل ( القبض على يسوع )

الأولى : تعزيته لتلاميذه

الثالثة : تنبؤه بشكوكهم

السادسة : اكتئابه في جثماني

التاسعة : القبض عليه

الحادية عشرة : محاكمته أمام رؤساء اليهود ( وهى الحلقة العاشرة من القضية ) .

 

طقوسه :

١ – يقرأ إنجيل لوقا ، ويقرأونه وهم صائمون

۲ – سحراً :يفتح باب الهيكل ، وتقرأ نبوات الساعة الأولى من يوم الخميس ثم تقال تسبحة, ” لك القوة والمجد . ” ۱۲ مرة كالمعتاد . .

 

سواعى ليلة الجمعة

تبدأ قراءة سواعي ليلة الجمعة من البصخة المقدسة كالمعتاد ، وتمتاز هذه السواعي بأن الكنيسة رتبت لكل منها ابتداء من الساعة الثالثة أربعة أناجيل من البشائر الأربع . أما الساعة الأولى فيتلى فيها خطاب السيد المسيح الوداعى الأخير لتلاميذه مقسماً إلى أربعة فصول معروفة في الكنيسة باسم أناجيل البارقليط وانفرد يوحنا بذكرها (يو ۱۳: ۳۳) – (يو ۱۷ : ۱ – ٢٦) . هذا وسبب قراءة البركة في هذه الليلة قبل انصراف الشعب هو أن يهوذا في هذه الليلة بعد العشاء خرج بغير إذن فلا يكون لنا به تشبه .

 

يوم الجمعة العظيمة ( يوم الصلبوت )

الأحتفال به : انقضت على ذبيحة الصليب الألهية التي قدمت كفارة عن خطايا العالم أجمع السنون الطويلة ، ولكن تذكارها الذي ما برحت البيع المسيحية تقيمه لها في مثل هذا اليوم من كل عام ، مازال يتجدد أمام بصائرنا وفى سويداء قلوبنا أكثر ما يكون رهبة وجلالا . وهو يوحدنا في عشرة وقوة تحت لواء ذلك العود الرطب الذي علق على الصليب والذي ومن ملئة نحن جميعاً أخذنا . ونعمة عوض نعمة . لان الناموس بموسى أعطى . أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا ، (يو ١: ١٦ – ١٧) . وهكذا تفيض قلوبنا كل عام بأحاسيس التنزه عن كل ما يدنس نفوسنا التي اشتراها بدمه الكريم ، وتنطلق السنتنا بآيات التسبيح والحمد لهذا الأله المتأنس الذي مات عن خطايانا وقام . فمستحق حقا هذا الخروف المذبوح لأجلنا أن يأخذ الكرامة والمجد إلى أبد الآبدين .

نعم أنه مات مرة واحدة ، ولكننا نحى ذكرى موته كل عام لتكون زاجراً لنا عن الخطية التي سببت موته ، فلا نصلبه مرة ثانية ونشهره (عب ٦ :٦) ، ونحي هذه الذكرى لتذكير الغافلين بمدى محبة الله الذي بذل ابنه من أجلنا فنحبه لأنه أحبنا أولا . وأخيراً نحييها لتحريض المؤمنين على الصفح عن المسيئين أسوة بمن غفر لصالبيه حتى يعيشوا فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات من أجلهم وقام .

 

أحداث قراءاته

(۱) يسوع أمام المجمع : كانت الشريعة اليهودية تحرم الحكم ليلا على إنسان بالموت ، لهذا التزم مجمع السنهدريم أي مجلس السبعين أن يجتمع في الصباح ، ليجعلوا الحكم الذي صدر عليه في دار قيافا ليلا شرعيا. وفي المجمع سألوه , أفأنت ابن الله ؟. فأجاب قائلا ” أنتم تقولون إنى أنا هو “. وعند ذلك قالوا ” ما حاجتنا بعد إلى شهادة لاننا نحن سمعنا من فمه ” .

( ۲) انتحار يهوذا : وكان يهوذا يظن أنهم سيكتفون بتأديبه وإخلاء سبيله ، فلما رأى أنهم حكموا عليه بالموت ندم على ما صدر منه من إثم ، وقال وهو يعيد إليهم الفضه ” أخطأت إذ سلمت دما بريئاً ” . ولما رفضوها طرحها في الهيكل ومضى وخنق نفسه .

( ٣) يسوع أمام بيلاطس : ولما كان رؤساء الكهنة خاضعين للرومان ، ولا يستطيعون تنفيذ الحكم بالقتل الذي أصدروه على يسوع بأنفسهم ، ساقوه إلى بيلاطس ليثبتوا أنهم ماطلبوا قتله إلا لأنه خارج على قيصر . وهنـاك ، ابتدأوا يشتكون عليه قائلين إننا وجدنا هذا يفسد الأمة ويمنع أن تعطى جزية لقيصر قائلا إنه مسيح ملك ، . وقد دفع المخلص هذه التهم بأدلة لا تقبل النقض حتى أن بيلاطس تركه في دار الولاية وخرج إلى خارجها وقال للهود “أنا لست أجد فيه علة ” ، ولكنهم ازدادوا هياجا . وحاول بيلاطس أن يحمله على الرد على شكاياتهم ، ولكنه سكت لعلمه أنهم أصروا على قتله ، وأن دفاعه لا يجدي نفعا بل يعطل أمر الصلب .. وقد دنا وقته

( ٤) يسوع أمام هيرودس : تحير بيلاطس في أمر يسوع ، ولكنه حين سمع من المشتكين قولهم عنه إنه كان ” يهيج الشعب مبتدئا من الجليل ” ، رأی التخلص من المأزق بأحالة دعواه إلى جهة الاختصاص أي إلى هيرودس وإلى الجليل، . وهذا فرح جدا حين رأى يسوع لأنه كان مشتاقاً لرؤيته منذ زمن طويل بسبب ما سمع عن أعماله ومعجزاته . وحاول بكلام كثير أن يحمله على عمل معجزة يثبت بها براءته ولكن يسوع آثر السكوت .

( ٥) إعادة يسوع لبيلاطس : ولما رأى رؤساء الكهنة سكوت المخلص فرحوا ، وأخذوا “يشتكون عليه باشتداد “آملين أن يصدر هيرودس الحكم عليه بالموت ، ولكن هيرودس خيب أملهم مما يدل على أنه لم يصدق شكواهم ، على أنه ترضية لهم أذن للعسكر أن يستهزتوا به فألبسوه لباسا لامعا ، وهو ما كان يرتديه طلاب الوظائف العالية ، ازدراء به على اعتبار أنه ادعى الملك، ثم رده إلى بيلاطس.

 

 أحداث الساعة الثالثة

( ٦) حكم بيلاطس على يسوع : وكان بيلاطس يعلم أن العامة تقدر مكانة يسوع وتجل قدره ، فأراد أن يلتجيء إليهم بقوله ” من تريدون أن أطلق لكم اراباس أم يسوع ؟ ” فقد جرت عادة اليهود أن يطلبوا في عيد الفصح إطلاق سراح واحد من المحبوسين أظاهراً بالرحمة ، وتذكاراً لاطلاقهم من عبودية المصريين، وكان باراباس اما طرح في السجن بسبب فتنة حدثت في المدينة .

فلما رأى رؤساء الكهنة والشيوخ التجاء بيلاطس إلى العامة ، تحولوا هم أيضا نحوهم وأخذوا يحرضونهم في ذلة وضراعة على طلب إطلاق باراباس .

وأملا في أن يستحى الجميع فوض إليهم بيلاطس الاختيار بين يسوع واللص ، ولكنهم أبوا في وقاحة إلا إطلاق الأخير . فعاد بيلاطس يتساءل “فماذا أفعل بيسوع” فردوا جميعاً قائلين “اصلبه اصلبه ” ، فقال بيلاطس” أنا قد فحصت قدامكم ولم أجد في هذا الإنسان علة … فأنا أؤدبه وأطلقه ” ، أي أجلده شفاء لغلكم ثم أطلق سراحه، ولكنهم أصروا على صلبه .

وهنا يقول متى إن بيلاطس لما رأى ” أنه لا ينفع شيئاً بل بالحرى يحدث شغب أخذ ماء وغسل يديه قدام الجميع قائلا إنى برىء من دم هذا البار . أبصروا أنتم ” . فرد الجميع قائلين ودمه علينا وعلى أولادنا ، ! وكان بيلاطس يريد إطلاقه لبراءته ، ولكن تحت تهديدهم بشكايته لقيصر خاف وأخرج يسوع من دار الولاية ، ثم جلس هو على كرسى الولاية وكان في الساحة أمام دار الولاية . وهنا استشاط اليهود غيظاً حينها أخرج لهم يسوع ، وصرخوا قاتلين خذه اصلبه ، فقال لهم “اأصلب ملككم فردرا قائلين ” ليس لنا ملك إلا قيصر” ومع أن بيلاطس عرف أنهم سلموا يسوع حسداً ، إلا أنه اضطر ترضية لهم أن يطلق لهم باراباس , وأما يسوع لجلده وأسلمه ليصلب ، . وكان المحكوم بجلده يعرى ويربط إلى عامود منحنيا ، ويضرب على ظهره بالسوط أربعين جلدة إلا جلدة . وكان السوط سيورا من الجلد تنتهى بقطع حادة من المعدن أو العظم تمزق الجلد واللحم أيضاً :

احداث الساعة السادسة

( ٧) استهزاء الجند بيسوع : أخذ العسكر يسوع إلى دار الولاية وشرعوا في الاستهزاء به فعروه من ثيابه وألبسوه رداء قرمزيا على اعتبار أنه ملك  وضفروا إكليلا من شوك ووضعوه على رأسه ،  وجعلوا قصبة في يمينه ، وهى بمثابة صولجان الملك ! ثم أخذوا يحثون على ركبهم أمامه سخرية منه وكانوا يستهزئون به قائلين , السلام لك يا ملك اليهود ، وبعد أن أكرموه الأكرام الملكى تهكما ، أخذوا يهينونه حقيقة فبصقرا في وجهه ، وأخذوا القصبة وضربوه بها على رأسه فدخل شوك الاكليل في جهته ورأسه فأدماهما ؛ ومع كل هذا لم يفه رب المجد بكلمة واحدة! “وبعد ما استهزثرا به نزعوا عنه الرداء ، ثم البسوة ثيابه ومضوا به للصلب”

(۸) حمله الصليب : خرج مخلصنا حامل صليبه ، واتجهوا به إلى الجلجثة ، ولأنه له المجد كان يعمل على إخفاء لاهوته عن إبليس فقد أظهر العياء عن حمل الصليب ، وحينئذ سخروا لحمله سمعان القيرواني . وفعلوا ذلك لا شفقه عليه بل مبالغة في الاستهزاء به على اعتبار أنه ملك والملك لا يحمل رحله بنفسه ! ويقول لوقا “و تبعه جمهور كثير من الشعب والنساء اللواتي كن يلطمن أيضاً وينحن عليه ، فالتفت إليهن السيد وقال : يا بنات أورشليم لا تبكين على بل أبكين

على أنفسكن وعلى أولادكن فكأنه و تفكيره لم يتجه إلى أوجاعه بل إلى الإحزان التي ستأتي على الأمة اليهودية ، أراد أن يبين لهم أنه أحرى بهم البكاء على أنفسهن بسبب ما سيصيبهم من السبى والقتل على أيدي الرومان ! .

(٩) صلبه بين لصين : ولما وصلوا إلى الجلجثة, أعطود خلا ممزوجا بمر – ليشرب ، لظنهم بأنهم يغيرون ذهنه فيخرجونه من الواجب ، ولكنه , لما ذاق لم يرد أن يشرب ، لأنه لم يحن الوقت، الذي يشرب فيه هذا الخمر . ثم صلبوه بأن القوا خشبة الصليب على الأرض وطرحوه بظهره عليها، وسمروا يديه ورجليه ثم رفعوه . وقابل له المجد صنيعهم بقوله الخالد ” يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون”. .

وكتب بيلاطس علته فوق رأسه وفيها “هذا هو ملك اليهود “. ويقول متى “حينئذ صلب معه لصان واحد عن اليمين وواحد عن اليسار ليتم الكتاب القائل “وأحصى مع أئمة ” : ثم يضيف يوحنا أن العسكر اقتسوا ثيابه ، وذلك على سبيل الامتهان ، واقترعوا على قميصه لأنه كان بغير خياطة ، وأخيراً جلسوا يحرسونه حتى لا يأتى أصحابه وينزلوه حيا عن الصليب .

سخرية اليهود منه : “وكان الشعب واقفين ينظرون، وكان المجتازون بحدفون عليه وهم يهزون رءوسهم قاتلين يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام خلص نفسك ” كذلك استهزأ به رؤساء الكهنة مع الكتبة والشيوخ وقالوا “خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن مخلصها ” ، ليظهروا للناس ضعف أقواله ! .

اللص اليمين : وكان اللصان كذلك يعيراته في بادىء الأمر ، إلا أن اللص اليمين تحول عن هذا الموقف حين سمع المخلص يطلب الغفران لصالبيه ، وحين تأمل فيما أظهره من جلد على احتمال الآلام . واقتادته قوة الروح القدس إلى التوبة فأخذ ينتهر زميله ، ثم ما لبث أن صرخ قائلا ” أذكرنى يا رب إذا جئت في ملكوتك” فأجابه المخلص على الفور قائلا ” اليوم تكون معي في الفردوس “، وهكذا جزاء إيمانه وتوبته أنعم له يسوع بغفران خطاياه ودخول الفردوس .

(۱۲) المريمات عند الصليب : وكانت المريمات واقفات عند الصليب، فاختص له المجد أمه بعنايته وقال ليوحنا . “هذه أمك “، . ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته ، حتى لا تشاهد ابنها يسلم الروح فتجزع ! .

(۱۳) الظلمة على الأرض : ويقول متى ” ومن الساعة السادسة كانت ظلمة على الأرض إلى الساعة التاسعة “، فكانت دليلا على جلالة المصلوب ، وعلى أن صالبيه القساة لا يستحقون أن تطلع عليهم أنوار شمسه بل تكون الظلمة جزاءهم العادل .

 

 أحداث الساعة التاسعة :

(١٤) صراخه للآب : وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع قائلا” ألوى ألوى لما شبقتي الذي تفسيره إلهي إلهى لماذا تركتني “، وقد صرخ مستغيثاً ليس لأن . الهيته فارقته بل ليبين عظم ما فعلوا به ، وليظهر تأنسه ، وليعلمنا ألا نلتجيء وقت الشدة إلا إلى الله.

(١٥) عطشه : ولكى يتم الكتاب كما يروى يوحنـا قال أنا عطشان فملأوا أسفنجة من الخل ووضعوها على زوفا وقدموها إلى فمه  فلما أخذ يسوع الخل قال قد اكمل.

(١٦) مـوته : ويقول لوقا “ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يديك أستودع روحي ، ثم نكس رأسه وأسلم الروح” .

 

أحداث الساعة الحادية عشرة

(۱۷) انشقاق حجاب الهيكل : يقول متى “وإذا حجاب الهيكل قد انشق “، وانشقاقه كان حزنا على صلب رئيس الأحبار ، ودلالة على أن اليهود جدفوا على الله وعلامة على خرابه فيما بعد على أيدى الرومان ، وعلى نسخ النظام الموسوى ، وإبطال كل الطقوس التي تشير إلى الكفارة ، لأن الكفارة الحقيقية تمت بموت المخلص على الصليب .

(۱۸) زلزلة الأرض : وتزلزت الأرض من فظاعة ما اقترفه أهلها في حق سيد الكل ، وهكذا اشتركت الخليقة الجمادية مع الخلائق الروحية في انفعالاتها .

(۱۹) تشقق الصخور : كذلك تشققت الصخور توبيخاً للصاليين الذين أثبتوا بأعمالهم أن قلوبهم كانت أقسى من الصخر ! .

(۲۰) قيام أجساد الراقدين : وتفتحت القبور وقام كثير من أجساد القديسين ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين . وكان من أثر هذه الآيات في نفوس الحاضرين أنهم خافوا جدأ وقالوا ” حقا كان هذا ابن الله ”

(۲۱) كسر السيقان : ,”ثم إذ كان استعداد فلكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت” ، طلب اليهود من بيلاطس أن تكسر سيقان المصلوبين ؛ وأتى العسكر وكسروا ساقى الأول والآخر ، وأما يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه لأنهم راوه قد مات .

(۲۲) طعنه بالحربة : ولكن واحدا من العسكر طعن جنبه بحربة وللوقت خرج منه دم وماء ، دليلا على أنه مات حقا إذ على موته يتوقف عمل الفداء ، وعربونا على البركة الروحية الجارية منه على الدوام .

 

أحداث الساعة الثانية عشرة

(۲۳) انزال جسده : ثم جاء يوسف الذي من الرامة وهو أحد أعضاء مجلس السبعين وطلب جسد يسوع من بيلاطس فوهبه له .

(٢٤) تكفينه : فأخذه ولفه هو ونيقوديموس بأكفان وأطياب كعادة اليهود، وسبحاه قائلين قدوس الله قدوس القوى قدوس الحي الذي لا يموت ، ثم سجدا وقالا ” الذي صلب عنا ارحمنا”.

(٢٥) دفنه : وكان في الموضع الذي صلب فيه يسوع بستان وفيه قبر جديد كان يوسف الرامي قد أعده لنفسه ، فدفن فيه يسوع ودحرج هو وزميله حجرا كبيرا على بابه ، حتى لا يسرق اليهود الجسد وينكروا قيامته

(٢٦) حضور النسوة : وكان التلاميذ قد تخلفوا عن حضور الدفن خوفاً على حياتهم، أما النسوة فيقول لوقا إنهن قد حضرن ونظرن القبر وكيف وضع فيه الجسد ثم رجعن وأعددن حنوطا وأطيابا، وفي السبت استرحن حسب الوصية .

وهكذا تمت أحداث هذا اليوم . وسيراها القارىء مفصلة في مواضعها فيما بعد.

 

قراءاته :

تدور قراءات هذا اليوم حول موضوع واحد هو صلب المخلص وذلك على النحو الآتى :

باکر : محاكمته أمام المجمع وبيلاطس

الثالثة : الحكم بصلبه

السادسة . صلبه

التاسعة : موته على الصليب

الحادية عشرة : الخلاص بموته

الثانية عشرة : تكفينه ودفنه

 

يوم سبت الفرح ( يوم رجاء )

أسماؤه :

١ – سبت الفرح : يسمى هذا اليوم “سبت الفرح ” مع أن المخلص كان فيه في القبر ، وذلك

أولاً – لاعتقادنا اليقين بقيامة المسيح التي نكرز بها قبل الصلب وبعده ، ودليل ذلك قول مزمور إنجيل باكر في هذا اليوم “قم يارب لماذا تنام … حينئذ امتلأ فمنا فرحا ولساننا تهليلا “.

ومعلوم أن السيد قال لتلاميذه “سأراكم فتفرح قلوبكم “(يو ١٦ : ٢٣) ، وما دمنا اليوم نرجو بيقين قيامته فيجب أن نكون “فرحين في الرجاء” ، كما قال بولس (رو ۱۲:۱۲) ، سيما وأنه أوصانا قائلا “افرحو كل حين ” (١تس ٥ : ١٦) .

ثانياً ـ لأنه يوم فرح وتهليل لنا ولنفوس الصديقين وسائر المفديين، إذ بشرت فيه الأرواح التي كانت في السجن طبقا لقول بطرس “الذي فيه أيضا ذهب فكرز الأرواح التي في السجن” (١بط ۱۹:۳)، وقيل فيه للأسرى أخرجوا ( إش  ٩:٤٩)، ونودى للمسبيين بالعتق وللمأسورين بالاطلاق، وكرز فيه للمستعبدين الحرية وللنائحين بالتعزية (إش٦١ : ١ – ٤) ، أي أنه صار الخلاص للذين ماتوا على رجاء مجيء مشتهى كل الامم (حج ٢ : ٧) .

وإذا كان إبراهيم وداود وإشعياء وغيرهم من الأنبياء فرحوا وتهللوا لمجرد نظرهم يوم الرب بعين الايمان والرجاء ، ودعوا ذلك اليوم الذي رأوه بعين النبوة يوم فرح وتهليل قبل مجيء المسيح بمئات السنين (مز ١١٨ : ٢٤)، أفلا يجب أن تسمى الكنيسة هذا اليوم الذي رأته بعينيها (١يو ١ : ٢) يوم الفرح .

ثالثا ـ لأن الكنيسة تبدى فيه علامات الفرح بعد خلع ثياب الحزن ، وفي ( مسانه تحتفل بعيد القيامة الذي يكمل فرحها ، فهو إذا مقدمة الأفراح . ( أنظر الآلىء النفيسة ج ٢ ص ۳۷۷ ) .

۲ – سبت النور : ويسمى هذا اليوم أيضاً “سبت النور” لظهور النور فيه من القبر السيدى الذي تنبأ عنه إشعياء بأنه يكون مجداً إلى الأبد وذلك بقوله “ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسى القائم راية للشعوب إياه تطلب الأمم ويكون قبره ممجداً ” (إش ۱ : ۱۰) وقد وردت عبارة وقبره ممجدا بهذا النص في طبعة لندن سنة ١٨٢٢ وطبعة روما سنة ١٦٧١ .

ولكنها حرفت في طبعة لندن سنة ١٨٥١ وكذا في طبعة بيروت وجعلت “ويكون محله مجداً “! ! وكان ميخا النبى يصف حال المسيح وهو في القبر حين يقول بلسانه ” فإني إذا سقطت سأقوم أيضاً وإن جلست في الظلمة يكون الرب نورا لي ” (می ۸:۷)

ظهور النور : ويروى التاريخ أن إبراهيم باشا بن محمد على باشا والى مصر حينها ملك القدس ، وشي إليه بأن النصارى يضللون العقول بمسألة ظهور النور من قبر المسيح يوم سبت النور ، فاستدعى الأنبا بطرس السابع بابا الكرازة المرقسية إلى أورشليم ليتحقق منه جلية هذا الأمر . وفي اليوم المعهود ازدحمت كنيسة القيامة بالجماهير ، ثم دخل بطريرك الروم والأنبا بطرس وإبراهيم باشا وشرع الأولان في الصلاة ، بعد أن أخليت الكنيسة من العامة ولم يبق بها إلا الأكليروس والأغنياء وفرقة من الجيش وقواده ، وبينما هما يتضرعان إلى الله أن يتمجد الرب بمجده ونوره العجيب ، إذا بالزوار خارج الكنيسة يضجون ويهتفون عاليا “النور النور ” ، فمجد الرب ملأ المكان من الداخل والخارج ، ونوره شق عمدان باب القيامة وخرج منها إلى الذين في الخارج .

ولم يمض زمن حتى تجلى نور المسيح في غرفة قبره للمجد حيث يصليان ومعهما الباشا . وللحال وقع عليه ذهول واضطراب وهتف قائلا آمنت آمنت، وكاد يسقط من شدة الخوف الذي اعتراه ، فاستند على البطريرك حتى استعاد قواه . ولا تزال شقوق الأعمدة المذكورة بادية من خارج تنبئ بوقوع الحادث المذكور . (أنظر الخريدة النفيسة ج ۲ ص ٥۰٥ ) . ويقال إنه قبل ظهور النور أجرى إبراهيم باشا تفتيشاً دقيقاً لبطريرك الأروام وللقبر وغيره.

حتى يتأكد من عدم وجود كبريت أو شمع أوغير ذلك مما قد يساعد على إظهار النـور صناعيا . ويروى حجاج القبر داخل القبر القدس بكنيسة القيامة المقدس أن النور يظهر منه في الساعة الثانية بعد ظهر يوم سبت النور ، ويكون بشكل يسمح لبطريرك الروم الأرثوذكس بجمعه بيديه من فرق المذبح ، ثم توقد منه حزم من الشمع تتكون كل منها من ٣٣ شمعة بعدد سنى حياة المسيح، ومنها توقد الشموع التي في خارج القبر بأيدي الجماهير المحتشدة .

ويروون كذلك أن هذا النور في بدء ظهوره لايحرق ، ويظل كذلك فترة قصيرة يتحول بعدها إلى نار عادية . ويقال إنه يباع في بدء ظهوره لمتعمد على سبيل البركة وهذا يتولى توزيعه على الحاضرين .

٣ – السبت الكبير : ويسمى هذا اليوم أيضا السبت الكبير تميزا له عن بقية السبوت لأن الرب كان مدفونا فيه(المجموع الصفرى ١٧٤) كما يوصف كل يوم من أيام أسبوع الآلام بهذا الوصف أيضاً فيقال الأثنين الكبير والخميس الكبير مثلا .

 

أحداث قراراته :

ا – ضبط القبر : يقول متى “وفي الغد الذي بعد الاستعداد ” أي في يوم السبت الذي يلى يوم الجمعة ، ويوم الجمعة هذا الذي صلب فيه المسيح سماه الأنجيلى ” الاستعداد “لان اليهود كانوا يعدون فيه الطعام والشراب وغيره من اللوازم استعداداً للعيد ، يقول متى إنه في هذا اليوم “اجتمع رؤساء الكهنة والفريسيون إلى بيلاطس قائلين .

ياسيد قد تذكرنا أن ذلك المضل قال وهو حى إنى بعد ثلاثة أيام أقوم . فقم بضبط القبر إلى اليوم الثالث لئلا تأتى تلاميذه ويسرقوه ويقولوا للشعب إنه قام من الأموات . فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولى ” (مت۲۷ : ٦٢ – ٦٤) ، وهكذا حتى بعد موته أخذوا يواصلون الاهتمام بأمره بدافع الحسد والشر وحب الانتقام الدفين في قلوبهم .

وبيلاطس رغبة في إرضائهم ، ومخافة أن يتحقق ما توهموه فيتهم هو أيضا قال لهم , عندكم حراس . واذهبوا واضبطوه كما تعلمون . فمضوا وضبطوا القبر  بالحراس وختموا الحجر ،

٢– نزول المسيح الى الجحيم : بعد موت السيد المسيح نزلت نفسه الطاهرة يوم السبت وهي متحدة باللاهوت الى الجحيم  وأخرجت نفس آدم وأعادته إلى نفوسهم رتبته الأولى ، ومعه جميع الأنفس المسجونة بطائلة الخطية الأصلية ومات ذووها على الرجاء (عب ۱۱ : ۱۳) ، وأصعدتها إلى الفردوس .

أما غير التائبين فبقيت في العذاب ، وإلا لخلص كل خاطىء بعد الفداء . وهذه العقيدة قررها الكتاب ، وأيدها الآباء وأخذت بها سائر الكنائس الرسولية ، وفيما يلى أدلتها :

 

أدلتها من العهد القديم :

(١) يقول داود “لأنك لا تترك نفسي في الهاوية. لن تدع تقيك يرى فسادا ” (مز ١٦ : ١) ؛ وقد أيده بطرس بقوله ” فأذ كان نبيا سبق فرأي وتكلم عن قيامة المسيح أنه لم تترك نفسه في الهاوية” (أع۲ : ۲۷ – ۳۱) ويقول داود أيضا في (مز ٦٨ : ١٨: ۱۸)” إذ صعد إلى العلا. (أي ارتفع على الصليب ) سبى سبياً ( أي سي الذين سباهم الشيطان في الجحيم ، سباهم إلى الفردوس ) وأعطى الناس عطايا ( أي عطية الفردوس ) :

(۲) وإشعياء يهتف بالروح قائلا ” لتخرج من الحبس المأسورين من بيت السجن الجالسين في الظلمة “(إش ٤٩،٧:٤٢ : ٩) ، وهو ينادي للمأسورين بالاطلاق (أش ٦١: ١)

(٣) وزكريا النبي يقول “وأنت أيضا فأننى بدم عهدك قد أطلقت أسراك من الجب الذي ليس فيه ماء . أرجعوا إلى الحصن يا أسرى الرجاء (زك۹ : ۱۱ – ۱۲)

أدلتها من العهد الجديد:

(١) يقول بولس عن المسيح “وأما أنه صعد فما هو إلا أنه نزل أيضا أولا إلى أقسام الأرض السفلى” (أف ٤ : ٩) ؛ ويقول أيضا “… أو من يهبط إلى الهاوية أي ليصعد المسيح من الأموات” (رو ۷:۱۰) .

(۲) ويقول بطرس الرسول “فأن المسيح أيضاً تألم مرة واحدة من أجل خطايانا البار من أجل الأثمة لكى يقربنا إلى الله مماتا في الجسد ولكن محيى في الروح . . . الذي فيه أيضا ذهب فكرز الأرواح التي في السجن” (۱بط ۳ : ۱۸ – ۱۹) ، ثم قال ” فأنه لاجل هذا بشر الموتى أيضاً” (١بط ٤ : ٦) ، والمراد بالموتى الأرواح التي في السجن .

والتقليد الكنسي المستند إلى أقوال آباء الكنيسة يزيد هذه العقيدة،وقد اعترفت بها الكنيستان الأسقفية والمشيخية .

وقد ورد في خدمة القداس ما يؤيد هذه العقيدة إذ يقول الكاهن ونزل إلى الجحيم من قبل الصليب ، . وقد نزل وخلص الأنفس وأدخلها الفردوس لانه كان ذووها ورثوا هذ االنعيم عند موتهم لا شعروا بفائدة موت المسيح عنهم .

على أن الكنائس البروتستنتية ترفض هذه العقيدة وتستنكرها رغم أنها مؤيدة بالنصوص الكتابية السابقة ، ويظهر أن بعض علماء الكنيسة الكاثوليكية أيضاً يرتابون فيها بقولهم ولسنا ملزمين أن نعتقد بذلك صريحا إذ المؤمنون لا يدركون بسهولة معنى هذا النزول ، ( اللاهوت الأدبي ج ۱ ص ٢٥٦ ) ولو أن فريقا آخر منهم يقول بصحتها . ولكن رغم كل ذلك وإجماع الكنائس الرسولية منعقد على الأخذ بهذه العقيدة ، اعتمادا على ما جاء بكلام الوحى الألهى عنها.

 

قراءاته :

وتدور قراءات هذا اليوم جميعها حول موضوع واحد هو قيامة المخلص المنتظرة من بين الأموات وذلك على النحو الآتى :

باکر : الفرح بقيامته المنتظرة

الثالثة : التألم من أجله

السادسه: التمجد معه

التاسعة : دينونته لأعدائه

انجيل القداس : ميراثه في الأمم

إنجيل التوزيع : رجاء تحقق قيامته

 

طقوسه :

١ – سحر السبت

۱ – مزمور ١٥١ : بعد الانتهاء من قراءة المزامير المائة والخمسين كما مر بنا الجمعة العظيمة ، يلبس كبير الكهنة بذلته وكذلك بقية الكهنة ، و توقد الشموح ، ويقفون مع الشعب أمام الهيكل ، وترتل , الليلوياه ـ المجد لالهنا ، بلحنها المعروف وهي مقدمة المزمور ١٥١ الذي يرتل بعدها مباشرة .

وعنوان هذا المزمور باليونانية هو هذا المزمور كتبه داود عن نفسه عندما كان يحارب جليات . وهو خارج عن عدد المائة والخمسين مزمورا” وهو خاص بالطقس القبطى دون الكنائس الأخرى ، ومحذوف من طبعة بيروت .

وبعد الليلوياه ، يكشف كبير الكهنة رأسه ويقرأ وهو متجه نحو الشرق هذا المزمور قبطيا أولا ، وفي أثناء قراءة تفسيره عربياً يلف سفر المزامير في ستر حرير أبيض ويحمله كبير الكهنة على رأسه ويقف به عند باب الهيكل .

وهذا نص المزمور :

١ – أنا صغيراً كنت في إخوتى ، وحدثا في بيت أبي . راعيا غنم أبي

۲ – يدأى صنعت الأرغن وأصابعي ألفت المزمار الليلوياه ،

٣- من هو الذي يخبر سيدي . هو الرب ، الذي يستجيب للذين يصرخون اليه.

٤- هو أرسل ملاكه وأخذنى من غنم أبي ومسحنى بدهن مسحته ،

٥- إخوتى حان وهم أكبر منى والرب لم يسربهم

٦ – خرجت للقاء الفلسطيني . فلعننى بأوثانه

٧- لكن أنا سللت سيفه الذي كان بيده وقطعت رأسـه ونزعت العار عن بني إسرائيل . “الليلوياه” وذلك كناية عن غلبة المسيح للشيطان والموت .

۲ – الطواف في البيعة . وبعد الانتهاء من تفسير المزمور عربيا يطوف البيعة الكهنة وهم مرتدون البرانس والشمامسة والشعب وبأيديهم الشموع موقدة كضياء النور الألهى ، وهم يرتلون بالنواقيس بلحن الفرح القطع المخصصة لذلك بلحنها المعروف وهي لبش الهوس الثاني ( واللبش اصطلاح کنسى وهو قطعة تكون ختاما للهوس ويلحن بلحن خاص) ومطلعها , فلنشكر المسيح إلهنا مع المرتل داود التي . . . إلى أن ينتهوا إلى مكان قراءة التسابيح كل بيعة كعادتها.

٣ – تجليس القسس : ثم يجلس الكهنة كطقوسهم ، وكذلك الشمامسة صفا بأزاء صف ، وبينهم الشموع موقدة على المناير ، ويتلون التسابيح الخاصة بليلة السبت الكبير . والسبب في جلوسهم أثناء تلاوتها أنها طويلة ، ولأن الشعب في آخر هذا الاسبوع يكون قد وصل إلى درجة كبيرة من الأعياء بسبب ممارسة أعمال العبادة والنسك ، ولذلك رؤى من الحكمة السماح لهم بتلاوة التسابيح وهم جلوس، ويسمى هذا الطقس ” تجليس القسس “.

 

التسابيح : والتسابيح التي تتلى هي كل الصلوات والتسابيح الموجودة في العهدين القديم والجديد بما في ذلك سفر المزامير ، ويتضح لمن يدرس نظامها بأمعان ان الكنيسة قسمتها إلى الأقسام الآنية بحسب ترتيب قراءتها :

أ-تسابيح للسيد المسيح لأنه سحق الشيطان :

۱ – تسبيحة موسى النبى الأولى : (خر١٥ : ۱ – ۲۱)

خلاص المؤمنين : يبدأ كبير الكهنة بقراءة هذه التسبحة قبطياً وعربيا مع لابشها بالناقوس بلحنها المعروف ، ومطلعها “حينئذ سبح موسى وبنو إسرائيل بهذه التسبحة للرب وقال ليقولوا فلنسبح الرب لأنه بالمجد قد تمجد . الخيل وركاب الخيل طرحهم في البحر . . . “. ومعلوم أن موسى كان رمزا للمسيح ، وفرعون الذي غرق في البحر رمزاً لشيطان الذي سحقه مخلصنا على الصليب وخلص آدم وذريته .

۲ – تسبحة موسى النبي الثانية : (تث ١:٣٢ – ٤٣)

رحمتهم : وتبين هذه التسبحة أن الله اختار شعبه إسرائيل من بين الأمم واعتنى بهم في البرية ، ولكنهم أكلوا وشبعوا وبعدوا عنه وعبدوا آلهه أخرى ، فأرسلهم ليد أعدائهم فأذلوهم ، ولم تحمهم آلهتهم ، فعاد الرب ورحمهم وانتقم من ، أعدائهم  ٣-  صلاة حنة أم صموئيل النبي : (١صم۱:۲ – ۱۰)

فرحهم : وفى هذه الصلاة تقدم حنة الشكر لله قائلة “اتسع فمي على أعدائى لاني فرحت بخلاصك والشباعي من الخبز نقصوا والجياع شبعوا في الأرض ” وفي ذلك إشارة إلى شعب اليهود الذين رفضوا المسيح ، وشعب الأمم الذين قبلوه .

ثم تقول إن الله “يعطى القوة لملوكنا ويرفع قرن مسيحه “.

ب – تسابيح للسيد المسيح لأنه أبطل عز الموت:

٤ ـ صلاة حبقوق النبي : (حب۳: ۲ – ۱۹)

رجاؤهم : ويتنبأ حبقوق في هذه الصلاة عن انتصار مخاصنا على الموت وقيامته حيا من القبر فيقولو عندما يأتي الزمان تظهر . . . يأتى الله من التيمن . . . وضوءه يكون كالنور . . . قام فتزلزلت الأرض خرجت لخلاص شعبك . . . أما أنا فأتهلل بالرب وأفرح بالله مخلصی . . . . .

(٥ ) صلاة يونان النبي : (يون۱:۲ – ۹)

طلب قيامته : صلى يونان من بطن الحوت قائلا , فلتصعد من الفساد حياتى أيها الرب إلهى عند فناء نفسى . . . فلتات صلاتي اليك ، ومعلوم أن يونان كان رمزاً المخلص ببقائه في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال وهي المدة التي قضاها رب المجد في القبر .

٦ ـ صلاة حزقيا الملك : (إش ۳۸ : ۱۰ – ۲۰)

مباركته : وحينها مرض حزقيا ملك يهوذا وقام من مرضه ، رفع هذه الصلاة إلى الله وفيها قال وعيناي فنيتا من أن أنظر إلى علو السماء . . . ليس الذين في الجحيم يسبحونك ولا المائتون يباركونك . لكن الأحياء تباركك ، ، فكأنه بلسان حال السيد المسيح في قبره يتكلم عن قيامته .

ج- تسابيح للسيد المسيح لأنه كسر شوكة الخطية :

٧- صلاة منسى الملك بن حزقيا  : (٢أي ٣٣ : ١٣)

توبتهم : ترسم هذه الصلاة توبة للخطاة ففيها يقول منسى , أخطأت أكثر من عدد رمل البحر … إغفر لى يارب ، فكأنه يعبر عن توبة البشرية إلى الله ، ثم يقول بلسانها طالبا قيامة يسوع من القبر ” في أظهر صلاحك وخلصنى لانك إله التأئبين ”

٨ – صلاة إشعياء الأولى : (إش ٢٦: ٩ – ۲۰)

رجوعهم إليه : وهنا يعلن إشعياء بلسان البشرية النائبة عودته إلى الله وذلك بقوله ” من الليل روحی تبكر إليك يا الله من أجل أن أوامرك نور ” ثم يطلب إليه قائلا ” أعطنا سلامة . . . أقتننا يارب . . . لم نعرف سواك ”

٩ – تسبحة إشعياء الثانية : (إش ٢٥ :١ – ۱۲)

خلاصه لهم : ويقرر إشعياء هنا انتصار المخلص على الموت بقوله ابتلع الموت ينزع الله كل دمعة من كل وجه، ، ثم يبدى ابتهاج البشرية بما ينالها من خلاص فيقول ” فيقولون في ذلك اليوم ما الرب إلهنا الذي توكلنا عليه فنتهلل و نفرح بخلاصنا “.

١٠- تسبحة إشعياء الثالثة ( إش ٢٦ :١ – ٩).

تسبيحهم له : وفي هذه التسبحة يتنبأ إشعياء عن تسبيح المؤمنين ليسوع على خلاصه فيقول ” في ذلك اليوم يسبحون قائلين ها المدينة الحصينة وخلاصنا يضع سوراً وسور من خارج ” ، ثم يلقون اتكالهم عليه بقولهم ” توكلنا على اسمك وعلى ذكرك ” .

١١ – تسبحة أرميا النبي : (مر٥١ : ١٦ – ۲۲)

طلب ملكوته : وبلسان المؤمنين الذين أخطأوا يقر النبي بما أصابهم بسبب خطاياهم ، ويتضرع إلى الله قائلا “أنت يارب إلى الأبد تجلس . . كرسيك إلى دور فدور . . أرددنا يارب إليك فنرتد “.

۱۲ – تسبحة بأروخ النبي :(با۲ : ۱۱ – ١٦)

طلب نعمته : ويتمم باروخ المعنى السابق فيطلب إلى الله بلسانهم قائلا “فليرجع رجزك عنا هب لنا نعمة أمام الذين سبونا لتعلم الأرض أنك هو إلهنا”.

١٣- تسبحة إيليا النبي : (١مل ۱۸ : ١٦– ٣٩)

قبول قرابينهم : وتشير هذه التسبحة إلى قبول الله لذبائح التسبيح التي يقدمونها إليه ، كما قبلت محرقة إيليا إذ سقطت نار الرب وأكلت المحرقة والحطب والحجارة ولحست المياه التي في القناة حتى أن الشعب قالوا “الرب هو الله الرب هو الله” ١٤- صلاة داود النبي : (١أي ۲۹ : ۱۰ – ۱۳)

تسليحهم له : وإزاء استجابته لصلواتهم فهم يسبحونه قائلين بلسان داود ” مبارك أنت أيها الرب إله إسرائيل أبينا من الأزل وإلى الأبد . . نحمدك ونسبح إسمك الجليل ” ..

١٥– صلاة سلمان الملك (١مل ۸ : ۲۲ – ۳۰)

طلب استماع صلاتهم : ويتضرع سلمان إلى الرب في هذه الصلاة وهو واقف أمام المذبح ويقول” اسمع تضرع عبدك وشعبك إسرائيل الذين يصلون في هذا الموضع واسمع أنت في موضع سكناك في السماء وإذا سمعت فاغفر”

١٦- صلاة دانيال النبي : (دا ٩ : ٤ – ١٩)

لجاجتهم عليه : وبلسان الشعب يلح دانيال على الله قائلا “أخطانا . . جلبت الشر علينا اصرف غضبك . . . أمل أذنك واسمع . . لا لأجل برنا . . . بل لأجل مراحمك العظيمة . . . لا تؤخر من أجل نفسك “.

د – تسابيح السيد المسيح لأنه يرسل عونه عند الشدة  :

١٧ – رؤيا دانيال النبی : (دا ٣ : ١ – ٢٣)

شدتهم : تذكر هذه الرؤيا قصة التمثال الذهب الذي صنعه نبوخذ نصر ، وسجود الجميع له إلا الفتيه الثلاثة شدرخ وميشخ وعبد نغو ، وتهديد الملك بطرحهم في النار ، وقولهم له “إلهنا في السماء ينقذنا من النار ” وأنهم حينها طرحوا في أتون النار المتقدة وهم موثقون “كانوا يتمشون في وسط اللهب مسبحين الله ومباركين الرب ” . ولا شك أنها تشير إلى سبى الشيطان لآدم وذريته كما سبى نبوخذ نصر اليهود ، وإلى مجيء المسيح الذي قدم نفسه كفارة لينقذهم من شدة السبى .

۱۸ – صلاة عزاريا وسط النار(دا ۳ : ۳۰ – ٥١)

عونه عند الشدة : وصلى عزاريا من وسط النار قائلا ” أخطأنا . . . أسلمتنا لأعدائنا . . ، لأجل اسمك لا تنقض عهدك ولا تنزع رحمتك . . . بنفس مستحقة تقبلنا إليك . . . نتبعك بكل قلوبنا . . . إصنع معنا رحمة ” . وقد زاد خـدام الملك لهيب الأتون حتى ارتفع إلى تسعة وأربعين ذراعا ، ولكن ملاك الله ” نزل مع عزاريا في أتون النـار المتقدة ونفض لهيب النار عن الأتون وجعـل وسط الأتون ريحا ذات ندا بارد فلم تمسهم النار ” ، وفي ذلك إشارة إلى مجيء السيد المسيح ملاك

العهد الجديد لخلاصنا

١٩- تسبحة الفتية الثلاثة : (دا ٣ : ٥٢ – ۱۰٠)

تسبيحهم له : يبارك الفتية الثلاثة الله في مطلع هذه التسبحة ، وفي قسمها الثاني يهيبون بسائر الخليقة أن يباركوه أيضا . أما كيفية ترتيلها فهي أن يقولا أحــد الشمامسة ويرد عليه الشعب بالمرد في آخر كل ربع . فأرباعها الأولى تبدأ بكلمة , مبارك ، فيرد الشعب قائلين , ومتزايد بركة ومتزايد علوا إلى الأبد ، . والأرباع الثانية أولا كلمة – “باركوا” ويرد الشعب “سبحيه مجديه زيديه علوا إلى الأبد” . وكل ثلاثة أرباع برد باليونانية ” باركى الرب يا جميع أعمال الرب سبحيه وزيديه علوا إلى الأبد” .. وبعد قراءتها بالقبطية تقال بالعربية بالمثل ، ثم يقال” سبحوه مجدوه زيدوه علوا إلى الآباد رحمـه ـ فوق المسبح فوق الممجد فوق المتعالى على الدهور وإلى الآباد رحمته ”

 

ثم تقال أبصالية واطس للفتية الثلاثة القديسين ، وبعدها بقية التسبحة وهي :

٢-  بقيه التسبحة : (دا ٣ : ٢٤ – ۳۰)

إعتراف الخارجين له : فلا سمع نبوخذ نصر الفتية يسبحون دهش وقال “هوذا أنا أرى أربعة ، ثم قال لهم ” اخرجوا ، فرأوهم سالمين ، فسجد للرب إذ قد أرسل ملاكه وأنقذهم . ثم أمر بأن من يتفوه ضد الههم يكون للهلاك , وبيوتهم للنهب لانه ليس إله آخر يقدر أن ينجى ، ثم أقامهم على أعمال كورة بابل .

هـ – نسابيح للسيد المسيح لأنه أعلن خلاصة لشعبه :

٢١-  تسبحة مريم العذراء : (لو ١: ٤٦ – ٥٥)

رحمته :ومنها تعظم مريم الله لأن رحمته ” إلى جيل الأجيال ” وأنه,” عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة ” والأشارة هنا واضحة للسيد المسيح الذى بخلاصـه كان رحمة لآدم ونسله

۲۲ – صلاة زكريا الكاهن : (لو ١ : ٦٧ – ۷۹)

إضاءته علينـا : وفي هذه الصلاة يبارك زكريا الله ” لأنه افتقد وصنع فداء لشعبه وأقام لنا قرن خلاص في بيت داود فتاه “، ثم يصف هذا المخلص بأنه المشرق العلاء ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت ” .

٢٣- سمعان الشيخ : (لو ۲ : ۲۹ – ۳۲)

إعلان خلاصه : وأخيراً يتضرع سمعان الشيخ إلى الله قائلا ” الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام ، لأن عينى قد أبصرتا خلاصك . . . نور إعلان الأمم ” وهكذا تنتهى هذه التسابيح .

٢٤ – قصة سوسنة :(دا ۱۳ : ۱ –٦٥)

خلاص الدم الزكي : تقال قصة سوسنة حسب اختيار القارىء ، وتتلخص في أن شيخين يهوديين فاسدين أرادا الاعتداء على سوسنة الفتاة الجميلة الطاهرة ، ولكن مؤامرتهما الدنيئة ضدها انقلبت عليهما وراحا ضحيتها ، وخلص الدم الزكي في ذلك اليوم ، وسبح والدها وزوجها الله على نجاتها . والقصة تشير إلى خلاصنا بالدم الزكي .. وبعد ذلك توقد الشموع ويرتلون بالناقوس ” نتبعك بكل قلوبنا ” بلحنها السنوى وثم طائفون البيعة ثلاث مرات، إلى أن يدخلوا الخورس ، وعند نهايتها يبتدئون بصلاة باكر .

 

قراءة سفر الرؤيا : ويبدأ الكهنة بقراءة سفر الرؤيا قبطيا ويفسر عربيا ، وبيد كل منهم نسخة يقابل بها على القارىء تفاديا للغلط . وعندما يصل القارىء إلى جملة “من له أذنان للسمع فليسمع ما يقوله الروح للكنائس” يرد الشعب بالقبطية هذه العبارة بلحن الفضائل ، ذلك اللحن السمائى القديم الجميل .

وعند ذكر الأسباط والقبائل يقولون بلحن الفضائل أيضاً, من سبط يهوذا اثنا عشر ألفاً ، وهكذا يقولون في باقي الأسباط وهي رأوبين ، جاد ، نفتالی ، دان شمعون ، لاوی ، يساكر ، زبولون ، أشير ، يوسف ، بنيامين . وكلما وصل القارى.

إلى ذكر لفظة بخور يرفع الكهنة البخور ، وعندما ينتهى إلى كلمة الليلوياه يقول المرتلون” الليلوياه ” بطريقة “الليلوياه انا صغيراً كنت في إخوتى “، ثم يكمل بالطريقة المعتادة وعندما يصل إلى ذكر أحجار أساسات سور المدينة ، يقول كبير الكهنة القطعة الآتية بلحنها “أنا نظرت إلى بناء المدينة المصفحة بالذهب والحجارة الكريمة والجواهر الحسنة” ومردها بلحن الفضائل هو”مخلصنا في وسطهـا يعطى إكليلا وكرامة للذين يحبونه “. وهذه هي الأحجار وتقال بلحن الفضائل أيضاً ، وعقب كل ثلاثة منها مرد :

الأساس الأول يشب .

الأساس الثاني ياقوت أزرق .

الأساس الثالث عقيق أبيض . ( والمرد هو “ومخلصنا في وسطها . . . . . “) . وعند الانتهاء من القراءة عربيا يقول المرتلون كيرياليصون بالكبير ثلاث مرات .

الاساس الرابع زمرد ذبابي .

الأساس الخامس جزع عقيقي .

الأساس السادس عميق أحمر (المرد) .

الأساس السابع زبرجد .

الأساس الثامن زمرد ساقي .

الأساس التاسع ياقوت أصفر .

( المرد ) الأساس العاشر عقيق أخضر .

الأساس الحادي عشر إسمنجوني .

الأساس الثاني عشر جمشت . ( المرد )

وعند الانتهاء من القراءة عربياً يقول المرتلون كيرياليصون بالكبير ثلاث مرات

تقديس زيت مسحة المرضى : تقدس الكنيسة في هـذا اليـوم الزيت الذي استعمله في مسحة المرضى وفي رشم الأصحاء أيضاً ، ولما كان كل شيء يقدس بالدعاء كلمة الله لقد رتبت قراءة سفر الرؤيا عليه مع تبريكه بالصلاة والدعاء ، ويسمى ذلك عند العامة “أبو غالمسيس ” من باب التغليب لان سفر الرؤيا يتلى عليه .

وتفضل الكنيسة هذا السفر على ما عداه لاحتوائه على ما يناسب عملها  (رؤ۲) ، ولتضمنه أموراً كثيرة عن غلبة المسيح الذي كان ميتا وهو حي إلى أبد الآبدين (رؤ۱ : ۸)، وعن نصرته على الهاوية والتنين (رؤ ۲۰ : ۱ – ۳) وفرح الكنيسة بالخلاص الذي صنعه ، والمواعيد التي نالتها بموته ، والبركات التي وعدت أن تتمتع بها يوم عشاء عرس الحمل في القيامة العامة .

(رؤ ٧ : ١٤ ،۱۹ : ۸،۷) .وتقرأه الكنيسة أيضاً لتحرض بنيها على عبادة الله وتمجيده ، والاتكال عليه والانتظار بصبر ظهور المسيح وملكوته ، كما تنتظر قيامته ، ولتذكرهم بأن الرؤيا خاتمة كل الكتب كما أن المسيح كمال الأنبياء وبموته أكمل المكتوب ، وأنه سيأتى على السحاب وتراه كل عين ويكمل كل مقاصده ( أنظر اللآلى. النفيسة ج ۲ ص ۳۸۲ – ۳۸٣) .

 

ه – صلاة الساعة التاسعة

بعد الانتهاء من سفر الرؤيا يصلون صلاة الساعة التاسعة على مثال الساعتين الثالثة والسادسة

 

قراءات البصخة :

ولما كانت البصخة وقراءاتها تنتهى بانتهاء قداس سبت الفرح ، فقد رأينا إثبات موضوعات هذه القراءات في الجدولين الآتيين تسهيلا للدارسين . هذا ولا يفوتنا أن نوجه نظر القاري، إلى ضرورة تعديل ما كتبنـاه عن “أسبوع البصخة المقدسة ” في الجزء الأول من كنوز النعمة ( صفحة ٢٥ – ٤٦ ) على ضوء ما أثبتناه هنا من تعديلات اقتضتها دقة البحث والمقارنة ، وذلك إلى أن يحين وقت إعادة طبع الجزء الأول مشتملا على التعديلات الخاصة بالبصخة وأيام الخمسين المقدسة والاضافات الأخرى .

 

 

المراجع

 

 

المرجع : كتاب كنوز النعمة الجزء الخامس صفحة 10 – الارشيدياكون بانوب عبده